Skip to main content

Full text of "بنيتو موسوليني - كريستوفر هيبرت - ت. خيري حماد"

See other formats


أسيرالك ب الْديدئ كدالعالء 





اشمرالت_المديدزفدالعال, 
بليموموسوليق 


بقلم : كرليتوفرهييرت 


تعريب وتعليق : اللمحخترى حهاد 


جد 


طارالمغارف بمطر 


مكةا 


1110111001 
تفتلن 8510 م4 
2 
ع طط111. عتعطدرمعسوتعنات 


ملعزم اللبع والنشر : دار المعارف بمصر - ١١15‏ كورئيش النيل - القاهرة ج . ع . م . 


تقدمة المعرب 0 


ما كنت أحسب فى يوم من الأيام » أنتى سأنقل إلى العربية كتاباً عن 
حياة موسوليى » فبالإضافة إلى ما أحمله من كره نافاشية كنظرية مذهبية ونظام 
حكمء لقيامها على العنصرية المغلقة » وتأليه الفرد الحاكم » كنت دائماً أحمل فى 
نفسى ء لوسولينى » حتى فى أيام حكمه » وقبل تكشف حقيقة ما كانت عليه 
إيطاليا من ضعل ف عهده » نظرة تنطوى على كثير من الاستخفاف إذ أرى 
فيه شخص الدعى المغرور ؛ الذى استطاع أن بوه نفسه وشعبه » قبل أن يوهم 
العالم » بقوة إيطاليا ى جميع اغمالات » وى مقدمتها الجال العسكرى » وأن ادعاءه 
هذا لابد أن يتكشف » تحقيقا للقاعدة التى تقول إن فى وسع الإنسان أن بخدع 
جميع الئاس بعض الوقت » أو بعضهم كل الوقت » ولكن ليس فى وسعه أن 
يخدع كل الناس كل الوقت . يضاف إلى هذا كله . أن موسوليى كان صورة 
مجسدة لأطماع الاستعمار فى وطننا العربى ؛ وق غير وطننا من الأراضى الإفريقية 
ورمزآ حيًا على فظائع الاستعمار وشروره » يتمثل فى ما كان يعانيه إخوانثا الليبيون 
فى جزء غال من وطننا العربى الكبير ؛ هو ليبيا ‏ من عنت ومظالم تفوق -حدود 
الوصف » والتسجيل » وفها تعرض له شعب الحبشة التعس عن جراتم وحشية ؛ 
يقشعر من هوطا ضمير الإنسان أثناء حربه العدوان على الحبثة فى أواسط ثلاثينات 
القرن . 

وكنث إذا ما سمعت اسم موسولييق ء عاد فكرى لتوه » إلى صوريه فى تلك 
الأيام وهو يعلو صبوة جواده الأبيض » واقفاً على حدود مصر الغربية » متطلعاً 
إلى الشرق البعيد» إلى اليوم اللى يدخل فيه على رأس جيشه المنتصر أرض الكنانة » 
ليعبر شوارع القاهرة العظيمة متجهاً إلى الأهرامات ليقف تحتها "كا وقف تابوليون 
من قبل » فأرى فيه صورة ذلك المستعمر الطامع » فى الخلول محل مستعمر بشع 
آتخر » كان جل” سمنا » نحن أبناء الأمة العربية » تحرير بلادنا كلها وف 


١ 
طليعتها وادى النبل » من كابوس سيطرته الرهيب . وكنت أرجع يفكرى أيضاً‎ 
إلى صورته » وهو يقف فى شرفة قصر البندقية » فى مدينة رومة » طب عشرات‎ 
الألوف من أبناء إيطاليا » هادراً ومزجراً » ومتادياً بالبحر الأبيض المتوسط على أنه‎ 
و بحرنا » » أى بحر إيطاليا » وكأن لا وجود لشعوب أخخرى ينها الشعب العربى‎ 
بالطبع » على شواطته » الطويلة الفسيحة + مؤكداً بذك أطماعه فى السيطرة على‎ 
. الوطن العرنى » الى كان يمهد لما عن طريق أعوانه المندسئين فى كل مكان‎ 
يغرون صغار الشبان على السفر إلى إيطاليا » ليعتنقوا الفاشية » وليصبحوا من المؤمنين‎ 
» بها » وهو ما حققه عن طريق حزب عميل » ظهر فى تلك الأيام » فى بلاد الشام‎ 
» تحت أسم الحزب القوبى السورى » وكان زعيمه » 5نذاك ؛ صورة مقلدة‎ 

لزعم الفاشية الإيطالية . 


أقول » ما كنت أحسب ؛ أنى سأنقل إلى العربية كتاباً عن موسولينى » 
وهذا رألى فيه منذ أمد طويل» لولا أنى وجدت نفسى » وقد اقترح على الأستاذ 
الكبير محمد حسئين هيكل » رئيس تحرير ١‏ الأهرام » : ترجمة هذا الكتاب 
الذى أضعه بين أيدى القراء » مدفوعاً إلى تقبل الاقتراح » رغبة منى فى استكمال 
ناحية أخرى من نواحى الصورة » التى شرعت فق نقلها إلى العربية عن تاريخ العالم 
فى الحرب الكونية الثانية » وما سبقه من أحداث ما بين الح بين العالميتين » ممثلة فى 
بعض الكتب الى عر بها وهى «هذكرات تشرشل ؛ و «مذكرات إيدن» : 
و « تاربخ ألانيا الهتلرية » و ٠‏ مذكراث ديجول » » وقد عرضضت ق هذه الكتب » 
وجهات نظر محختلفة فى تلك الأحداث العالمية الرهيبة الى عشناها » والنى أصبحت 
تؤلف الآن جزءاً من التاريخ . وكلى أمل بعد أن عربت هذا الكتاب الذى برسم 
الخانب الإيطالى من الصورة » أن أتبعه بكتاب آخر » يعرض ابحانب الروبى 
مها » وهو فق نظرى من أهم جوائبها ؛ نظراً للدور الكيير الذى لعبه الاتحاد 
السوفييى فى هزعة هتلر » وإنقاذ العالم من الفاشية . 

يضاف إلى هذا » أن إيطاليا » كانت تؤلف بين الحربين العالميتين » وق 
الفئرة الأولى من الحرب الثانية » دولة عظمى » طا وزتها وقيمتها فى الميدان العالمى » 
ويجالات السياسة الدولية . وكان موسوليى » بنظام حكمه الفائى الذى يقوم على 


7 
العنصرية المغلقة من ناحية » وعلى تأليه الفرد من الناحية الأخرى ء هو إيطاليا 
الفاشية » إذ ظل مسيطراً على أقدارها أكثر من عشرين عاماً » كانت إرادته 
وحدها فيها » هى النافذة » وهى المتحكمة . وكانت كلمته هى العليا الى ترسم 
للشعب الإيطالى » المحروم من الحرية » طريقه ؛ وتوجهه الوجهة الى تشاقها . 
وكان طبيعينًا أن تكون سيرة حياة موسولينى فى هذه الفرة » هى تاريخ إبطاليا » 
لأنه "كما قلت السيد المطلق فيها ء رغم وجود الملكية التافهة الى لا شأن ها ولا وزن » 
ورغ, وجود الحزب الواحد » المتتجسد فى صورة زعيمه » والمسلوب الإرادة والحرية . 
وكانت المكتبة العربية مفتقرة إلى صورة حقيقية عن هله الفيرة ‏ بالرغم من 
كثرة عدد الكتب الى وضعت فى اللغات الأخرى عنها والى تجاوزت العشرات 
كا يبدو من قائمة المصادر الى أوردها مؤلف كتاينا هذا » فى ذيل كتابه . يضاف 
إلى هذا » أن الصورة الباهتة , القى كانت تمثل أمام قراء العربية عن حياة موسوليى 
وتاريخ إيطاليا فى عهده » كانت محاطة بالتناقضات الغريبة ٠‏ تناقض راسميها 
فى اتجاهاتهم وميولم . سواء أكانوا من أنصار الفاشية » أم من خصومها وأعدائها . 
فبعضهم كان يصور موسوليى » على النحو الذى أراد هو أن يصوره الناس فيه » 
صورة الرجل العبقرى الفذ ؛ الذى شاء له القدر أن يبعث فى شعب ضعيف خائر 
العزيعة مفتقر إلى ا حيوية والبطولات ؛ بِيمًا كان بعضهم يصوره على أنه إنسان دعى 
تافه » مغر" بنفسه » كثير الزهو والاعتداد بشخصه » غارق فى حمأة الشبوات 
والرذيلة » يعتمد على العثيل المسرحى » فى تصوير نفسه بصورة البطل » وتصوير 
نظامه بصورة النظام الأمثل ؛ وشعبه بصورة الشعب القوى الذى يريد حقه ى 
مجالات السيطرة العالمية . ' 
وعندما قرأت هذا الكتاب ٠»‏ الذى يعتبر أحدث ما كتب عن موسوليبى 
وتاريخ عهده » إذ صدر فى عام 4 ؛ الجلت أماتى تلك الصورة الغامضة 
الباهتة ء إلى حد كبير » وتبينت فيه الكثير من الحقائق الى “كنت أجهلها بالرغم 
من قراعاتى الكثيرة » وبالرغى من حقيقة أود هنا أن أقررها » وهى أن الكتاب رسم 
صوراً دقيقة حياة موسوليى » وتاريخ حكمه » ولكنه لم يرسم مثل هذه الصورة 
للفاشية كنظرية وتطبيق » إذ لم يعابها بالتحليل والبحث العميقين . ولعل هذا 


مم 

راجع إلى أن المؤلف نفسه ء وقد يكون عقنًا كل الحق فى ذلك » لم ير أن الفاشية 
كذهب » جديرة بالدرس العميق ء لخحلوها من النظرية الفكرية الصحيحة » 
ولاسما أنه رمم لنا صورة موسوليى نفسه » فى شكل ذلك الإنسان القلب ف ارائه 
الاجماعية وأفكاره الاقتصادية » متأرجحاً بين الاشتراكية! » والتبعية للبورجوازية » 
والتنكر للتقدمية » والحملة على الرأسمالية » والعودة إلى التفكير الاشئرا كمى . وكان 
جناع ما نصل إليه من هذه الصورة المتعددة ابحوانب » والمتقلبة الانجاهات » 
هو أن موسولييى ٠‏ كان لا يؤين إلا بنفسه وسيطرته » و بشعبه ولكن عن طريق 
إعانه بذاته » على اعتبار أنه الإنسان الذى اختاره « القدروء ليؤدى دوره فى قيادة 
هذا الشعب إلى العظمة المستمدة من عظمته ؛ والحد المتجسد فى أمجاده الشخصية . 


أجل ؛ إن هذا الكتاب الذىيعتمد على مئات المصادر » والذى عانى المؤلف 
فى وضعه كل المعاناة » فقرأ عشرات الكتب «الوثائق والمقالات » بالإيطالية البى 
كان يتقنها وغير الإيطالية » واجتمع إلى عشرات الناس الذين عاشوا تلك الفترة 
التاريخية » مشتركين فى أحداما » أو يعيدين عنها ولكن فى موقف المراقب المناوئ » 
وتحدث إلى المئاث من الذين وجدوا على هوامش العهد الفائى » ولكن كان لم 
دوره فى الأحداث الى تناءها الكتاب ٠‏ مهما كان هذا الدور ثانويثًا أحياناً 
إِذ لا يعدو حد العلاقة الشخصية برسولينى كعشيقاته الكبر ع أو خدمه ع 
أو أقاربه » أو حد دون. معين أدوه فى فترة محددة » يعتبر من أصدق الكتب 
الى وضعت عن مرسولينى موضرعية » وأغزرها مصادر » وأكثرها تثبنا من النقائق 
والرقائع ؟ فهو يكشف عن أسرار مثيرة كانت مجهولة لدى معظٍ الناس » ويضع 
النقاط على الحروف ء بالنسبة إلى الكثير من الألغاز والمعميات الى ظلت تحيط 
بعهد موسوليى حبى يومنا هذا . 

ولعل موضوعية المؤلف تتمثل أكثر ما تتمثل فى هذه النظرة الحيادية المطلقة 
الى يعالج فبها موضوعه » والى تجعل القارئ' لا يستطيع أن يحدد على وجه من 
اللأكيد والتحقق ‏ موقفه من صاحب الشخصية الى أرّعها » وهل هو موقف 
العطوف المشفق » أو موقف الناقد المناوئ' » ولكن بالرغم من هذا كله ٠‏ وبالرغم 
ما حيط بموقف المؤلف نفسه من غموض أحياناً » لعله مستمد من غموض 


5 
موسوليى نفسه وتناقضاته » فإن كتابه عن موسوليى يعتبر فى نظرى أصدق صورة. 
وضعية لححياة هذا الإنسان الذى قدر له.أن يسيطر على إيطاليا مدة عشرين عاماً » 
وأن يلعب دوراً فى منتهى الأهمية والحطورة فى تاريخ العالم الحديث . 

فهو برسم لنا صورة موسوليى منذ ولد ى أسرة فقيرة فى عام 1841 فى قرية 
من قرى إيطاليا الوسطى . ويتابع هذه الصورة بأسلوبه المشوق» متنقلا بها فى مدارج 
الحياة وملاعبها » من حياة البوهيمية والتشرد ى سويسرا ؛ إلى حياة الإعداد 
الفكرى » فى صفوف الاشتراكيين » ومن معارك الحرب العالمية الأول » إلى 
زنزانات السجون فى أكبر من مكان ٠‏ حبى يصل بها إلى مرحلة النحف على رومة 
فى عام 1977 والوصول إلى مقاعد الحكم والسلطان » ليضى بعدها ىق تصوير 
عهده الطويل » حى تبايته برصاص رجال المقاومة السرية فى الثامن والعشرين 
من أبريل عام 1948 . 

أما المؤلف » 5 يستوفر هيبرت » فإنجليزى المولد والحنسية . ولد فى 
عام 1914 » ودرس فى جامعة أكسفورد » ثم اشرك فى الحرب ٠‏ ضابطاً ى 
الحيش البريطانى فى إيطاليا » حيث أصيب بالحراح مرنين ؛ وبحيث بدأت علافته 
بموضوع هذا الكتاب الذى ألفه عن إيطاليا . وله كتب عديدة منها « الطريق 
إلى تيبورن 4 و الملك موب » و 9 وولف وكوييك» وغيرها . 

وأخيراً أعود فأقول » بعيد عن الغرور » إن مكتبتنا العربية كانت فى حاجة 
إلى مثل هذا الكتاب » الذى راعيت فى تم يبه الدقة كل الدقة » دون أن أقتطع 
منه شيئاً » أو أهمل جانبآ . فهو كتاب يحسر النقاب عن أسرار كثيرة » ويزيل 
الكثير من الغموض عن الصورة الباهتة الى كنا نحملها ذا الحانب من التاربخ 
العا ىى الحديث . 

واللّه ولى التوفيق . . . 
القاهرة فى ؛ ديسمير 194 
خيرى -حماد 


عت 
كتب فيرنائدو ميزاسوما » عن موسوليى ؛ فى الأسبوع الأخير من حياتهما 

مع » يقول ... و ليس ثمة من يستطيع أن يفهمه. فهو ساذجحيئاً وماكر أحياناًء 
وهو قاس كالوحش يوماً ؛ ودمث ناعم يوم آخر » وهو مزيج من الرغبة فى الانتقام 
والميل إلى التسامح » والعظمة والوضاعة . إنه أكثر إنسان رأيت فى حيانى » تناقضاً 

وتعقيداً . ومن العسير على الإنسان أن يوضح غموضه للآخرين » . 
وقد وأضعت كتب عدة عن هذا الرجل الشاذ» تحاول عرضه على حقيقته » 
طيلة العانى عشرة سنة الى انقضت بين تاريخ الزنحف على رومة فى عام ١571‏ 
وبين نشوب الحرب الإيطالية فى عام 144٠‏ » وكان واضعوها خليطاً من الفاشيين 
المؤيدين له ء ومن الإيطاليين المهاجرين الذين فروا من ظلمه » وكان لم كل لق 
فى أن يكرهوه وأن يكرهوا الفاشية . ولكن لم يصدر أى كتاب بعد موته » يؤررخ 
حياته تأريحاً كاملا ؛ بالرغى من ظهور عدد كبير لا يعد ولا يحصى من الوثائق » 
الى كشف النقاب عنها فى السئوات الست عشرة الأخيرة . 

وقد شعرت منذ عودتى إلى الوطن من إيطاليا بعد انهاء الحرب » بالحاجة 
الماسة إلى كتاب محايد » يجيب على الأقل عن بعض الأسئلة الى طالما حيرتى . 
فقد كنت أتساءل داتماً » ترى إلى أى حد يشبه عوسولييى ذلك المهرج ايئف. 
الذى طلما صورته فيه دعاياتنا أيام الحرب » أو إلى أى حد يشبه صورة ذلك 
الإنسان القريب من الآة والمحسد للعقيدة الفاشية على حد تصوير دعايته . وكنت 
أتساءل أيضآ كيف يمكن التوفيق بين أولئك الإيطاليين الذين لم يتورعوا عن [طلاق 
النار على جثته » وهى معلقة فى ساحة اوريتو فى ميلان من قدمها إلى رأسبا » 
وبين إخوانهم من الإيطاليين الذين لا يختلفون عنهم كثيراً والذين بكوا » أحربكاء » 
عندما نقل إلهم نبأ موته١١!‏ . وكثيراً ما تساءأت كذلك ؛ ترى هل صدق 
)١(‏ أنا لا أرى داعياً لهذا التساؤل » فالأولون ه أنصار الحرية الاين كرهوا الفاشية لما تمفله من 
عنصرية بفيضةء ونزوح إلى العدوان والاستمار » 'ى حين كان الآعرون من الذين الهم الفاشية 


أمداً طويلا . وكثيراً ما مختلف المره من التاحية المقائدية مع أخيه . و المعرب 4 
١١‏ 


١ 
المستر تشرشل حقنًا » عندما قال إن « رجلا واحداً » وواحداً فقط ؛ قد أغرق‎ 
إيطاليا فى المأساة الى حلت با 00 أيضاً » كيف استطاع هذا الرجل‎ 
أن يحتفظ بسلطانه هذا الأمد الطويل » وكيف وجد » حتى ف المرحلة الأخخيرة الى‎ 
» ليك المغيب »2 » على شطئان مبرة 0 » بعد أن أصبصت المزعة مؤكدة‎ 
وموته محتوماً » أنصاراً كثيرين على استعداد لمواصلة السير معه » رغم ٠ا'حل به‎ 

من انحلال معنوى وعضوى . 

وكانلت هذه الأسئلة لا تزال تتردد ى نخاطرى ٠‏ عندما عدت إلى إيطاليا 
فى عام 145٠0‏ أحاول العثور على ردود لها فى الكتب والأوراق الى توخيت قراءتها 
عن موسوليى وديكتاتوريته الفاشية » والى لا تتوافر لدى » وأنا فى لندن » وأسعى 
إلى الاتصال بالذين عرفوه » لأتحدث إليهم » ولأكتشف أكثر ما يمكن من 
الحقائق عن سنواته الآخيرة البى لا يتوافر عنها الكثير من المعلومات الموثوقة . 
ولا كنت لا أجد نفسى أهلا للحكم على الرجل حي راو كان الحكي مكنا 
الآن » فقد وضعت هذا الكتاب ؛ فى شكل قصة تارحخية » آملا أن تؤدى روابى 
لقصة حيانه » إلى توفير الأدلة المهمة التى يمكن على ضرئبا إصدار أى حكم 
عليه . وبالرغم من أنى لم أشر فى صلب الكتاب إلى المصادر الى بنيت عايها 
ما كتبته » إلا أننى أدرجت فى نبايته تعليقاق على المواد التى اعتمدث عليها » 
وإفف لعلى يقين بأن القارئ؛ سيجد فيها المرجع الذى يريد حول المصادر الى اعتمدت 
عليها » والبيانات المنضاربة » سواء أجاءدثت فى شكل اقتباسات محددة أم أقوال 
منسوبة . 

وأجد ازامآ على أن أشكر الكثيرين للا قدموه إلى من مساعدات عختلفة » 
وأخص مهم بالذكر » بالإضافة إلى أولئك الذين آثروا الإبقاء على أسائهم 
مجهولة » كلا من الأستاذ بالديى » والصحى الفرسبى باريت » والاورد بيفر 
بروك » والسنيور بيرو بنيفائتانو » والسير نويل تشارلز » والبريجادير ( العميد) 
إيدج » والأستاذ فيتوريو جابرييلى ٠»‏ والكونتيسة هامبلدين » والسير إيفون 
كير كباتريك » «المرحوم السير بيرسى لورين » والدكتور روجر مانفيل » 
والأميرال فرانكو موجيرى » والأستاذ دون باولو ميلانو » والسنيور باوأومونيل 


١ 
والكونت أومبرتو مورا دى لافريالو » والسنيور رومانو موسوليى : والهر هانز باشترء‎ 
والكونت نوفيلو يابافافا » والسير تشاراز بيترى » واغر أوتو رينشة » والسنيور‎ 
إيرئيستورسكى ء والسئيور دينوروزيالى » والمس فرانسيس ريان ؛ والسنيور بيترو‎ 
» ساناريالى » والسيد جوان سان جورج سوندرز » والمستر سويت إيسكوت‎ 
» والعقيد هيدل فينسينت‎ ٠ والعقيد أوتو سكورزيى » والترال كورت ستيودينت‎ 
والأستاذ روبرتو ويبس » والآنسة إليزابيث ويسكمان . وإفى لمدين بصورة خاصة‎ 
إلى الآنسة ليندا بارتيلى أتانازيو » لما قدمته لى من عون فى البحوث الى أجربتها فى‎ 
رومة » وإلى المسر روى - ماكريحور  هاستى » الذى زودنى بالمعلومات عن‎ 
لماعدته إياى © فى :إعداد‎ ٠» ادرة سولق .ولق اللارال رافائيل كادورنا‎ 
» الفصول الأخيرة من هذ! الكتاب . وإ لأود أن أشكر أيضاً موظى مكتبة تندن‎ 
والمتحض البريطانى » وا معهد الثقافى الإيطالى والسفارة الإيطالية فى لندن » والمعهد‎ 
. البريطانى فى فلورنسه . وغيرها من المؤسسات الثقافية الإيطالية‎ 


كر يستوفر - هيبرت 


فرئسيسكو تؤق 1759 ى كابيلي 


قال ايو لاز ْ أسرة موسوليبى 

١‏ 0 أسلافه وذربته 
جيا كويو أنطونيو توق فى موةماجيورى 141717 :5 

9 تمت عائلة موولنى إلى أسرة قديعة فى بولونيكا كانت تعمل 
ف و أجيالا عدة فى تجارة الحرير ( المسولين) ‏ ول يتجح لوجى فى عمله 
لويجى أجوستينو جاسبارى - تزوج كاتر ينا فاسوق الزراعى » وما ؤال عدد من ذريته يعملون ى الزراعة كقلاحين 

5-7 لم يتتفعوا من عهد قرييهم) . 

| ١ | ا‎ 


أليساندرو توف فى ١4٠١‏ - تزوج راندا مالتوف ١‏ إليسيد - إلبينا ‏ فرانيسكا 


م 


بير م١‏ - ه94١‏ تزوج راشيل جيدى أرتالار مم١‏ - 1581 تزوج أوجستا بوند بوندانيى ‏ إيدفيج تروجت ميشيل ماتسيي ١581-1488‏ 


+ أ أ ا ا 











إليساندرو إيتا يكو فيتو رونا دروزيتا ماريا تريزأ ياولو جوسيميه 
١ | 5‏ 
إيدا تزوجت جالا روتشيانو ١‏ فتوريو تزوج أوزولو يوقوقف برونو تزوج جينيا رو برف رومانو أنا ماريا 
1١١15 15٠7‏ هاة ١592-1١‏ با ١‏ 1515| 
ل 1 1 ماين 
فابريزيوى رإعوندا مارزيو 8 أدريا 


144+ 1١ ١ 15 ١5١ 


العسّمالاول 


الصراع من أجل السلطان 


١ 
الثائر الشاب‎ 


١(9؟‏ يوليو 819م1ا ‏ دسمبير 1١191١1‏ ) 
د كانت ولادف فى الوسط الشعبى » الورقة الراحة فى يدى » 


١ 


انطلق فى الساعة العاشرة والنصف من مساء التاسع من مايو عام 1985 ؛ 
صوت هدير فجائى »؛ وصفه أحد الصحفيين بأنه أقرب ما يكون إلى صوت التفجر 
البركانى » من حشد يضم ما يقرب من أر بعمائة ألف إنسان . كانوا يقفون متراصين 
جنباً إلى جنب » أمام قصر البندقية فى مدينة رومة . فقد ظهر ينبتو موسوليبى »؛ 
دوتشى الفاشية » على شرفة القصر »ء مطلا” عليهم » ومتطلعاً بهدىه إلى حشودهم . 
أجل ؛ وقف أمامهم » وقفته المعهودة الى يعرفوتها وقد وضع يديه فى خاصرتيه » 
واندفع فكه الأسفل الضخم إلى الأمام » وانفرجت ساقاه . كان يرتدى القميص 
الأسود » وبزة رمادية » وقبعة مدورة سوداء » هى الرداء التقليدى للمليشيا الفاشية . 
وهكذا وقف أمامهم على الشرفة أمام النوافذ الى يتدفق الضوء من شباكاتما » 
صامتآ لا يتحرك » كشعار عهده المنحوت على الحدار اجاور له » وهو الفأس 
وقضبان الحلادين الرومان القدماء . 

ورفع يده ببطء . وخ الصمت على الجماهير الحاشدة . وكانت ملايين . 
الإيطاليين لا فى رومة وحدها » بل ى جميع أرجاء إيطاليا » يصغون وكأن على 
رؤوسهم الطير » ينتظرون صوت الزعم . وتطلعت جماهير المستمعين الذين ألمب 
التطلع مشاعرهم ٠‏ فى تلك الأمسية الدافئة من ليالى الربيع » وقد أضئى الفمر 
الساطع بوضوحه عليها صورة فيها الكثير من طابع النبوءات » بعد أن احتشدوا فى 
الميدان تلبية لنداء أجراس الكنائس وصافرات الإنذار » إلى مكبرات الصوت » 
وقد تقطعت يهم الأنفاس . 

5 


.؟ 


وانطلق صوت موسوليى أخيراً » فى تلك الصورة العميقة الرخيمة » الى وصفما 
الليدى أوكسفورد بأنها من أحمل الأصوات الى #معها فى حياتها » يقول . 


«أيبا الضباط » يا ضباط الصف والحنود . يا رجال الثورة من لابدرى القمصان ‏ 


السوداء » با يجال إيطالءا ونساءها > أيه كنم دق وطنكم » أو فى شتارجه » 
اسمعوا » وعوا . . . لقد تحقق حدث عظم ء فقد تقرر مصير الحبشة اليوم فى 
السنة الرابعة عشرة من العهد الغاثى . وقد حكن سيفنا المرهف المتأاق من أهم 
كل عقدة ؛ وسيظل الانتصار الحبثى فى تاريخ بلادنا » فى صفائه و 5اله ؛ 
كصفاء امنود الذين سقطوا فى حومة الوغى و5 الهم . أجل » أصبحت لإيطاليا 
[مبراطوريما . 

وضاعت.. كلمات الدوتشى الأخيرة وسط عاصفة هوجاء من التاف » 
والنشيد المتكرر «المتعالى . . . ١‏ دوتشى . . دونشى . . دوتشى ؛ ؛ ومن صراح 
. النساء المستيرى انمنون » ومن عبارات الب والعيادة والولاء حبى الموث . ووقف 
الدوتشى يتطلع إليهم ببدوء ء دون أن يأبه شتافائهم » وقد أمسك سور الشرئة 
الحجرى بقبضتيه » ولت تعابير وجهه الضخ, الخامد » ق وضوح المصابيح 
الكهر بائية الى أحالث الليل إلى نهار » من أى معبى . 

وانطلق صوت أحد القادة فى السلم الفاشى » يقول وهو يرقبه واقفاً وكأنه إله يطل 
من فوق قمة الأولب . . . ١‏ أنظر إليه » إنه أشيه ما يكون بالإله : . . . فرد رفيقه 
الذى يقف إلى جانبه : ولاء إنه لا يشبه الإله » بل هو إله ؛ . 

1 

كان موسوليى ف الثانية والحمسين من عمره فى ذاث اليوم . وكان قبل خسة 
وعشرين عاماً » أى فى أكتوبر عام ١151ر»‏ قد شرع فى كتابة ناريخ حياته » 
وهو يفضى فى الزنزائة رقم 84 فى سجن فورل؛ » مدة الحكم الذى صدر عليه » 
لقيامه يتحربض ١‏ الناس على الإضراب والعصيان ؛ . 

وكتب موسوليى يقول . . . 9 ولدت فى التاسع والعشرين من يوليو عام 1841» 
اق كوخ قدم يدعى 50 كوستا » يقوم على قمة الرأبية ق قرية دوفيا 
القريبة من قرية بر يدابيو . وكان ذلك فى الساعة الثانية من بعد ظهر يوم من أيام 


؟ 
الأحاد » بعد كمانية أيام من دخول الشمس ق برج الأسدع . 

وكان والده حداداً » وهى حقيقة ظل ولده يزهو بها دائماً . . . وكان كثيراً 
ما يقول . . « أنا رجل من الشعب » وأنا أفهم الشعب لأنتى واحد من أبنائه ؛ . 
وقد رفصت ف عام 1918 » لافتة » عاقت على جدار إحدى المزارع القريبة من 
قرية بريدابيو» حيث يراها المار » وقد نقش علبا . .. «فى هذه المررعة » 
عاش أسلاف مسولينى من الفلاحين وتملوا» . لكلهم لم يكويوا فى الواقم من 
الفلاحين ٠‏ وإتما كانوا ينتمون إلى طبقة قدر للدوتشى أن يحتقرها فما بعد » وهى 
طبقة البورجوازية الصغيرة . وكان جده قد ابتاع المزرعة التى ولد فيها أبوه . 
إذ كان يعمل ملازماً فى الحرس الوطنى . وكانت أمه روزا » معلمة مدرسة » 
سيدة هادئة متدينة » تميزت بالاطف والدماثة . وكان الجميع يحترمونها "كنا ذكرت 
عنها حيفة « أفكار ريمانا » الى تصدر ف فورلى » عندما توفيت «لا تمينت به من 
فضائل ٠‏ ونا اتصف به أداثها لمهمنها فى الحياة من حب وإدراك » . وكانت 
سيدة مقتصدة للغاية » وما كان أحوجها إلى الاقتصاد » إذ أن زوجها أليساندرو » 
كان بالرغم من ب اعنه فى حرفته » وهى الخدادة » وبالرتم من -حيازته لآلة دراسة » 
لايأبه كثيرا لعمله » ويقغبى سحابة يومه » فى الحديث عن السياسة » بدلا من 
العمل على سندانه . وبالرغم من أنه لم يؤم مدرسة قط فى حياته » إلا أنه لم يكن 
بالإنسان ابشاهل » بل كان فق منتتبى الذكاء . وكان يزود مختلف الصحف 
الاشتراكية عقالاته ع "كا كتب باستمرار فى الصصيفة الخلية : أفكار رومانا» . 
وكثيراً ما ذكر أولاده فما يعد » أله كان يقضبى الساعات الطوال ٠‏ يتلو على 
مسامعهم ما يقرأه فى الكتب السياسية الى لم يكونوا بعد قد شرعوا فى فهمها . 
وكان كغيره من أبناء مقاطعة رومانا ؛ ذلك الحزء االحميل رغم فقره من إيطاليا ؛ 
والواقع بين تسكانيا وإميليا » بتمساث يإصرار ععتقداته السياسية » ويدافع عما 
بحرارة وعنف . وقد أسس فى قريته فرعا محليثًا للاشتراكية الدواية .» فكان السجن 
نصيبه » كوالده من قبله » نتريجة معتقداته . وقد عمّد ولده الأكبر باسم بنيتو » 
إعراباً منه عن إعجابه بالثورى المكسيكى المعروف بنيتو خواريز (1) ؛ الذى قاد 


0010 بنيتو خواريز ( ١05‏ - الم !7 - سياسى مكسيكى . ولد فى أداسا كاء عن والدين منت 


١ 
الثورة العنيفة ضد الإمبراطور مكسمليان . كا ألحقه باسمين آخرين ثم‎ 
إميلكارى » نسبة إلى إميلكارى سير بانى ؛ الفوضوى من أهل رومانا » وأندريا‎ 

نسبة إلى أندريا كوستا أحد مؤسسى الحزب الاشيراكى الويطالى . 
وكان الفقر يخم على البيت الذى عاشتث فيه أسرة موسوليبى »© فهو منزل صغير 
متهدم » يقع على بعد ميلين من بريدابيو » ويعرف ياسم « دارة فارانو ‏ » إذ كانت 
الأسرة كلها » تعيش مكنظة فى غرفتين تقعان فى الطبقة الثانية منه . وكان على 
أفراد الأسرة » للوصول إلى هاتين الغرفتين » أن يعبروا بالغرفة الى «جعلت مما روزا 
موسولييى مدرستها ؛ والى يتتزن فيها أليساندرو أثناء العطلة الصيفية الحنطة الى 
كان قد درسبا على دراسته الى صئعها بنفسة . 
وكان بنيتو ينام مع أخيه الصغير البدين الحادئ أرنالدو » فى الغرفة الى 
تستخدمها الأسرة كطبخ ومستودع للحطب » يما كانت شقيقته إيدفيج تقوم مع 
والديها فى الغرفة الأخرى » الى تعيش الأسرة فيها أثناء الهار » وحيث يلعب 
الأطفال » ويلهون بالتطلع إلى الصور ى كتب أبيهم » وق الصحف الى كان 
يجمعها فى صندوق للكتب معلق إلى الحدار . وعندما كبر بنيتو » وأصبح قادراً 
على النفخ فى الكو لأبيه » صار يمفى إلى و محددة ث والده » حيث ينال بعض 
الصفعات على رأسه » إذا لم يبد اهيامآ كافياً بعمله » أو إذا أظهر تخوفاً من 
الشرر المتطاير ' 
وكانت الأسرة تفتقر إلى المال لشراء الغذاء . فأمه لا تكسب من عملها ى 
التعلم سوى خسين ليرة فى الشبر » أما ما يجنيه الوالد أليساندرو فكان ينفق جله 
على عشيقته . وكثيراً ما اقتصرت وجبات الطعام على حساء اللنضار ‏ وبعض الثوم 
البرى والبقلة » وبعض الكعك العادى المصنوع من الدقيق والماء . 
وكان بنيتو ولداً عصبئًا على التربية . فهو لا يطيع الأوامر ويكثر من الشجار ؛ 
ويتميز بالإذعان مزاجه وإرادته الذاتية » وكثيراً ما فقد تمالاث أعصابه إذا استفز 
ص الهتودٍ الحمر. أصبح قاضياً لمحكمة المدئية فى عام 1441 ثم حاكا لرلاية أداجاكا 1840 ؛ 
حمسن الأوضاع الإقليمية كثيراً فى فترة حكله , نفى من المكسيك فى عام 16# » ولكنه عاد إليها بمد 
ستتين وانضم إلى ثورة الفاريز , انتخب رئيساً الجمهورية عام م85١ ٠‏ وظل ف الرئاسة حى وفاته . 
كانت سياسيه المتحررة » ذات نفع كبير لوطئه . المعرب » 


رف 
وعاد إلى بيته مقطع الثياب » والحدوش تملاً وجهه » والدماء تنوف منه نتيجة 
اشتباكه مع أطفال القرية فى عراكات عنيفة » .إذا أحس ألهم لم يعطوه نصبباً 
عادلا من حصيلتهم فى عمليات الصيد المسروق الى كانوا يقومون بها . ولكن بالرغم 
من مزاجه الاستفزازى السبى* » وعناده الأكيد ؛ فقد تميز بالقدرة على الشعور 
بالحب العميق . وإثارئه عند الآخرين أيض؟ . فقد كان أخوه وأخنه يحبدانه . 
وحى أطفال قريته الذين كثيراً ما تشاجر معهم ؛ واشتيك معهم فى اللتصومات » 
ظلوا يذ كرون بعد سئوات طويلة دفء ابتساماته التادرة . وإخخلاصه الذى لا مجارى 
فى صداقاته . وكانوا يذكرون أيضا أنه بالإضافة إلى ميله إلى الشجار والمشاكسة » 
كان إنساناً حالاً » إذ كان يجلس الساعات الطوال » يرقب الطير » وينظر عبر 
الوادى الحميل الذى ولد فيه وقد وضع ذقنه بين يديه ؛ وراحت عيئاه السوداوات 
الكبيرتان تجوبان بنظراتهما كل ما أمامه » بشى' من الحم مصحوباً بدقيق 
الملاحظة . . . وكثيراً ما قال لوالدته . . . سأدهش العالم كله يوما ما . 


وازداد غروره عام بعد عام ؛ وأضحى عسير القياد . وكثيراً ما زحف فى 
المدرسة » تحت المقاعد ؛ « ليقرص : سيقان زملائه من الأطفال العارية » وف 
أيام الأحاد » عندما كانت والدته روزا تسوق أطفالها » عبر الطريق الوعر امابط 
مع التل إلى الكنيسة » وقد علقوا أحذيتهم فى رقابهم للإبقاء على نظافتها » كان 
بنيتو » يتخلف وراءهم ؛ وهو يغرب اللتصى بأصابع قدمه العارية . ول يكن 
ليطيق البقاء طويلا فى الكنيسة » إذ كانت رانحة البخور تثيره » وتدفعه إلى البىء ؛ 
بيهًا كانت ألبسة الكهنة بألوانها القائمة » وأضواء الشموع » وصوت الأرغن وغناء 
المرتلين » تزعجه كل إزعاج . وكثيراً ما اقتعد مجلسه فوق إحدى الأشجار » 
يرقب خروج أسرته » ويتلهى عن مشقة الانتظار ٠‏ بقذف الأطفال من أبناء قريته 
بالحجارة وهم فى طريقهم إلى مدرسة الأحد . 

وبعث به أبواه » عندما بلغ التاسعة من سمره » إلى المدرسة ى فاينيزا » 
وكانا يأملان فى أن يحقق نظام الآباء الساليزيين القاسى النجاح فى إصلاحه » 
بعد أن فشلا هما ى هذا الإصلاح ٠‏ وبالرضم من نزعة أبيه الإسحادية وكرهه للكنيسة 
الكاثوليكية » فقد حمل ولده ق العربة الى يجرها الحمار » ومغبى به إلى المدرسة 


1 
الدينية مبر را عمله هذا » بعجزه عن السيطرة على ولده المشا كس . 

وتذكر بنيتو فها بعد ثلاث الأيام فكتب يقول . . . ولا أذكر أنى تضايقت 
لأننى فارقت أخوى . فقد كانت إيدفيج فى الثالثة من عمرها بِيمًا كان أرنالدو ى 
السابعة . ولكتتى حزنت لأنى اضطررت إلى التخلى عن طير صغيز كنت قد 
احتفظت به فى قفص تحت نافذث . وقد تشاجرت فى اليوم الذى سبق رحيل 
مع رفيق لى » فحاولت أن أضربه » ولكن اللكمة أحطأته . وأصابت قبضى 
جداراً كان يقن أمامه » فبشمت أصابعى » ووجدث نفسى مضطرًا فى اليوم 
التالى إلى الرحيل وقد ربطت يدى إلى عنى . وإفى لأذكر أن الدموع انهالت من 
عيى فى الحظة الرحيل » . 

وإنه ليذكر كيف أن الحمار الذى قاد العربة » تعثر وهوى حارج قرية 
دوفيا » فرح وألده يسب ويشم ويلعن » معتيراً الحادث نددر سوه .كان يوماً من 
أيام أكتوبر » وقد تعرت الأشجار من أوراقها » وامتلأت الحداول بالماء السريع 
التدقق » بيها نضج العنب على أشجاره وتحول إلى الاصفرار . ووصلت مع أى 
إلى فاديئزا فى الساعات المبكرة من بعد الظهيرة . وراح أليساندرو يقرع باب الملدرسة 
الغليظ ويسلم ولده إلى ناظرها » ثم انحى ليقبله وهو يودعه » بشى ع من اللكنان 
اللى لا يخلو من الحشوئة . ومغبى الوالد فى طريقه » وعندما أوصد الباب وراءه » 
سالت عبرات الصبى . ومضى به الأستاذ إلى الفئاء حيث كان الطلبة الاتخحرون 
يلعبون » وراح بنيتو يرقبهم مهدوء » وقد وقف بعيداً علّهم فى إحدى الزوايا » تبدو 
عليه علاثم العداء . 

وكره بنيتو المدرسة ء وكره الأباء الذين يرعوها ء ولا سما أستاذ الفصل » 
الذى مير بضحكته المجلجلة الثى كانت تخيف الصى » كا كره رفاقه من 
الطلاب » ولا سما أولاد الأغنياء » إذ كانوا انين إلى مائدة منفصلة » 
ليتناولوا طعام أفضل مما يتناوله بنيتو ورفاقه من الطلاب الفقراء . وانصريف عن 
الدرس » وم يبذل أى جهد ٠.‏ وضربه ألحد الأباء ذات يوم فرد عليه الصى 
وقذفه بإحدى المحابر . ولم يكن له من الرفاق إلا صديق واحد » تميز بقوة رأسه » 
حى إنه كان يسمح لبنيتو» بأن يسلى نفسه ويضربه بالعصا على هامته . وتشاجر 


هه" 
ذات يوم مع صبى يكبره سنا » فانتضى موسوليى موساه من جيبه » وطعن به 
الصبى . وقرر اظر المدرسة » حرصاً على أخلاق الطلاب الآخرين أن يطرد هذا 
الصبى المشاكس : ولكنه ما لبث أن عدل عن قراره » وقبل الاحتفاظ به حتى 
نباية العام الدراسى . وأصابه الملل من قوانين المدرسة المتزمتة » ومن المواعظ الى 
يسمعها باستمرار » ومن المحاضرات الى تل عليه وعلى رفاقه عن اللحطيئة والفساد . 
ومضى يعترف إلى الكاهن لأول مرة فى حياته بسلسلة طويلة من الخطايا » بعضها 
يح والبعض الآخر من نسيج الخيال . وانزاح عن الاباء هم ثقيل عندما انصرف 
من المدرسة » وقال أحدهم . فها بعد » إنه لى يلق فى حياته طالباً أتعبه كوسوليى . 
وعندما مضى إلى مدرسته الثانية » وكانت تسمى عدرسة جيوسوى كاردوبى » 
نسبة إلى الشاعر الإيطالى المشهور "2 »© ويتول إدارتها قى بلدة فورعوبوبول » 
شفيق الشاعر: فالفريدو ؛ ل تكن تعاسته وميله إلى المشاكسة فيها » أقل من تعاسته 
ومشاكساته فى مدرسته السابقة . وتشاجر ذات يوم مع طالب دفع يده وهويكتب » 
فخرج على طوره » وانتضى مديته من جديد » ليطعن الصبى فى أسفل بطنه . 
وكان نصيبه الطرد من المدرسة هذه المرة أيضاً . 

وبالرغم من ثوراته العاطفية هذه » ومن رفضه الدرس للله منه أو لاعتباره أنه 
عمل لا ضرورة له » فقد اعترف مدرسوه ورفاقه » بأنه كان طالباً غير عادى فى 
ذكائه . وعادت المدرسة نفسها فقبلته فيها طالباً نهارينًا » ولم تمض سنوات ثلاث » 
وكان قد بلغ الثامنة عشرة من عمره » حبى كان مجتاز امشحاناتها النهائية » ويحصل 
على هادة مها تخوله مزاولة مهنة التعليم . ولم يكن قد فقد فى هذه السنوات » 
ذلك المزاج الحاد الذى عرف به فى صباه » أو استقلاله العنيد فى الرأى » ولكنه 
اكتشف فى نفسه نهماً إلى المعرفة » وقدرة على اكتساب العلم . ونا لديه ق هذه 
الفترة أيضاً » ميل شديد إلى اللخطابة. الحماسية . وكان يحب الوقوف على التلال 
المطلة على بريدابيو : يقرأ بصوته اللحهوورى » أشعار كاردوسبى الغنائية والوطنية . 
وقد -حقق أول التصاراته الخطابية فى مسرح فوراعوبوبولى البلدى » عندما اختاره 


)1١(‏ كاردوسى (5مم١‏ - ١109‏ ) شاعر إيطالى عشبور » وكاتب معروف . لال جائزة نوبل 
ف الآدب فق عام 19١5‏ . د المعرب » 


0 
الإنجليزية والأسبانية . وتمكن من أن يعول نفسه وأن يداوم على حضور محاضرات 
فيلفريدو باريتو فى جامعة لوزان » والدروس الصيفية فى جامعة جنيف » وذلك 
عن طريق إعطاء بعض الدروس الإيطالية وترجمة بعض الؤلغات الفلسفية 
والسياسية » يمساعدة أصدقائه وصديقاته من الروس و«البولنديين» وبكتابة المقالات: 
واقتراض المال من والدنه » ومن كل إنسان قد يقرضه . وظل حاله على هذا الشكل 
إلى أن أصدر ملك إيطاليا فى نوفيرعام 1404 » عفراً عامنًا عن جميع الهاريين 
من الخحندية يتاسية احتفاله بولادة ولده الأمير أوميرتو . 

وكان مرسوليى قد فكر بالهجرة إلى أمريكا » ولكند ما لبث أن عدل عن 
عزمه هذا » وقررئأن بعود إلى إيطاليا » ليساعد أمه بالتدريس فى مدرستها فى 
دوفيا . والتقى فى طريق عودته إلى وطنه » بأننجيليكا بالابازوف فى لرجانو » ثم سافر 
إلى إيطاليا كما ثقول » بعد أن سرى ا يحيش فى نفسه بثورة عاصفة على الأغنياء . 
وقال: لما + وفق يقن الواعة إل المطاعم والفتادق المنتشرة على طول الطريق . . . 
د انظرى الناس » يأكلون ويشربون وينعمون . أما أنا فسأسافر فى الدرجة الثالثة ع 
وآكل: أخص العلعام وأسوأه . يا * لاختريرة * العذراء!© !كم أكره الأغنياء ! 
ترق لم قَنبى على أن أحتمل كل هذا الظلم ؟ حتام” تنتظر؟ » . ووصل موسولينى 
بعد يومين إلى رومانا . وقد سبقته شبرته بالتطرف السياسى » بعد أن غدت الآن أكثر 
من مجرد شهرة محلية . فقد نشرت صحيفة 9 لاتربيونا » النى تصدر فى رومه فى الثامن 
عشر من أبريل عام 4 140 » رسالة لمراسلها من جئيش تحدث فيها عن موولينى 
ووصفه « بالدوتشى العظيم ) للجالية الاشتراكية الإيطالية الحلية . وهكذا كان 
موسوليى قد بدأ فى صياغة حياته المقبلة . 1 


ب ودر 
)1١(‏ يستخدم مرسوليى كثيراً مغل هله العبارات الت تنطق بالمروق على ديئه » وبشكل لا حياء 
فيه . وقد 1 ثرث ترجمة عبارأته بأمانة » لإظهار .حقيقة هذا الإنسان دون نمويه . د الممرب » 


إل 


توفيت روزا موسوليى فى التاسع عشر من فبراير عام 1408 » متأثرة من 
اهاب السحايا » وكانت فى السادسة والأربعين من عمرها » وغلب الحزن على 
ولدها بنيتو» "كا كتبت الصصحيفة الحلية . وأراد أثتاء تشبيع جّانها « أن يلق كلمة 
وداع أخيرة على قبرها ؛ ولكن العبرات خنقته » وعجز عن الكلام ؛ واكتى بإلقاء 
بعض الأزاهير على قبرها » . ومضى بعد وفاة والدته إلى بلدة كانيفا الصغيرة الواقعة 
فى كوميون توليزا فى جبال الألب إلى الشمال من الأوندين اتعلم فى مدرستها . 
ولم يكن من خيرة المعلمين » وهى حقيقة تبينها فى نفسه . وكان الأطفال بحبونه 
حبنًا جمساء ولكن يبدو أنه كان يجد صعوبة بالغة فى السيطرة عليهم ء ولا سها أن 
عقله كان دائماً غائباً ى أماكن أخرى . وكثيراً ما فقد السيطرة على أعصابه ؛ 
فيضرب المنضدة بقيضة يده » ويثهال عليهم بااشتائم . وبالرغي من أنهم أطلقوا 
عليه اسم 3 الطاغية 6 إلا أنهم لم يكونوا يخشونه . وخيل إلى الكثيرين منهم أنه مصاب 
بلوئة ى عقله . وكان رباط عنقه دام الاعوجاج . كما كانت ١‏ ياقة 6 قميصه 
قذرة ورباط حذائه ملولا » وشعره طويلا ومنكوشا . وكثيراً ما اجتاز طرقات 
البلدة والكيلومترين ونصف الكيلومتر بين البيت الذى ينام فيه وبين المدرسة وهو 
بقرأ فى كتاب بيده : أو يتلو بعض الشعر . وتلى بعض اللاتينية على أيدى كاهن 
الكئيسة » وشرع يدرس المساب الطندى. » ويعد ملاحظاته عن تاريخ الفلسفة ؛ 
كنا يعد دراسة نقدية فى, الأدب الألانى . لكنه على أى حال كان يقذى أوقات 
فراغه من المدرسة ومن الدروس الخاصة الى يعدا فى المنزل الذى ينام فيه ؛ 
ف احتساء الحمر » أو فى إغراق شهواته اسلسية والحنسية وإشباعها .. وقد تحدث 
هو عن العام الذى قضاه فى توليزا فوصفه بأنه « شبه انحلال خلقى؛ . وكثيراً 
ما أغرق فى شرب الحمر مع رفاقه » وعندما يقترق عنه هزلاء الرفاق » كان يمذذى 
متعثراً فى خخطاه فى شوازع البلدة المعتمة » صاتماً » ومعربداً ؛ يقرأ أشعار 
كاردوسى ؛ ويلى الحطب على نافورة المياه فى ميدان البلدة . وكان يتعاطى الحب 


م 
مع أية فتاة ترضى به » ويهدد باغتصاب كل من ترفضه . وأصيب عرف الزهرى 
وعندما اكتشف علاممه فى جسله . حشا مسلسه بالرصاص »ء قاثلا إنه سينتحر ؛ 
ولكن رفاقه تمكنوا من إقناعه بعد لأى عراجعة أحد الأطباء بدلا من الانتحار . 
وكانت له علاقة غرامية بزوجة صاحب البيث الذى أقام فيه » وعندما غادر 
البلدة مبائينًا » عاد إليها ذات يوم قادماً من بر يدابيوالتى تبعد عنها ثلاثماثة ميل » 
فى ليلة من ليالى الشتاء القاسية » لأنه أحس بشوق زائد إلى عشيقته » وقد انسل 
صاعدا السلم إلى دارها » حيث أخذها بين أحضانه بيًا كان زوجها يغط فى 
لومه فى غرفة أخخرى . 

واستضافه السجن مرة أخرى ق أواسط الصيف التالى . فقد وقف بما عرف عنه 
من عنف لا يعرف التفاهم إلى جانب عمال المياومة » أثناء أحد النزاعات اللأأوفة 
التى كانت مصدر إزعاج حياة مقاطعة رومانا » واشئرك فى جدال سياسى عنيف 
فى بريدابيو مع ظالبهم من مستأجرى الأرض . وقضت عليه المحكمة بالسجن 
ثلاثة أشهر . 

وأصبح الآن إنساناً معروفاً فى رممانا . وبدأ الناس يتحدثون عنه . كا أحذت 
الصحف تنشر أخباره . وبات ١‏ الرفيق موسولينى 6 فى الخامسة والعشرين من عمره 
قوة حسب حسابها فى المنطقة . ومضى بعد أن أطلق سراحه ثهالا إلى تورنتو ع 
وكانت آنذاك جزعاً من العسا » ليشغل منصباً نقابينًا فيها » وليغدو مساهماً دائماً ى 
تحرير الصحيفة اليسارية الأسبوعية فيها وهى صتعيفة ٠‏ مستقبل العامل » الناطقة 
باسم الجماعات الثورية والدولية. ولكنه لم يل إلى اشتراكبى ترنتينو الذيين كانوا 
يعبدون مازيى ١!‏ ناما كا كره فى الماضى الاشيراكيين السذج فى جوالتييرى . 
وكان يرى فيهم منافق « الرأسمالية البورجوازية ؛ و عباد القومية والوطنية 6» الذين 
جب أن مباجموا المرة تلو المرة إلى أن تتم 9 تعرية خحياناتهم الطبقة البر ولترتارية العاملة». 
وكان يرى أن على هذه الطبقة أن تكونة بكم تعر بفها وحتميمما معادية لاوطنية )» 
وأن تدرك أن القومية ليست إلا القناع « للعسكرية الشريرة » الى يجب ١‏ أن يلي 


)١(‏ جيصيى مازيى ١8١85‏ - ولام١)‏ - زعم تورف ويطى إيطالى , لعن حورا فى ريد 
إيطالبا . 


بم 
بينها وبين السادة» ٠»‏ وأن العلم الوطبى ليس إلا كا قال جوستاف هيرفيه 
(#سعلة عحهامس6) : ١‏ خرقة يحب أن ترفع فوق المزبلة » . 
وبالرغم من عمق كراهيته لقومية اشتراكبى ترينتينو » فقد وافق على الكتابة 
لصحيفة ١‏ البوبولو ؛ الى كان بحررها سيزا ‏ باتيسى » وهو رجل ذو اتجاهات 
يسارية » وراح يهاجم فى المقالات التى كتبها هذه الصحيفة » ولصحيفة أخرى 
ملكها باتيسى وتسمى «حياة تريتتيناء » يأسلوبه العنيف المعهود » عدداً قلف 
من الأهداف » تبدأ من العقلية المناهضضة ابر وليتارية عند الماسوثيين الأحرار » 
وتنهى عند نزوات أصحعاب الأرض » ومن التأثير السبى" للنظرية الملفوسيه الخديدة 
(مسمتصة أقحتط[342-مع]3) )١(‏ إك الروح البورجوازية التى أدت إلى انحطاط الأول 
من آيار كعيد ثورى . لكن أعنف حملاته ظهرث فى مجلة « مستقبل العامل » 
وقد اسهدفت الروح العسكرية والقومية «التأئير الكاثوليكى القوى فى ترينت 
الذى تعززه الصحيفة الكائوليكية الواسعة الانتشار « ال ترنتينو » » الى كان 
السبد دى جاسبيرى من أبرز كتابها السياسبين . وقد صدق جواديتز ميجارو ؛ 


( ؟) ظل موسوليى ليلة حياته واقعا تحت كابوس ما أسراه بمشكلة السكان فى إيطاليا . وعند ما 

اقرح عليه الكاتب الألمافى إميل لودفيج في عام ١9‏ أن الملفوسية ( النظرية الى تدعو إلى تحديد النسل 
نسبة إلى مالفس ( 1755 - )١884‏ العام الاتتصادي والسياسى الذى دعا إلى تسديد السلم » 
أكثر ضرورة لإيطاليا منها لأى بلد آخر ف العام » انفجر مسولينى غاضباً . وقد وصف لودفيج هذا 
الموقف بفوله . . . « :لم أر موسولينى قط من قبل أو من بعد » فى مثل هذا الموقف اللى فقد فيه السيطرة 
على نفسه , وكان يتكلم بسرعة تبلغ ضعف سرعة حديثه العادى » وينبال على بأقراله كالصواريخ وهو 
يقول . . , مالثوس ! مالفوس | إن نظريته » خطيئة اقتصادية وجريمة أخلاقية . فالحد من النسل بحر فى 
أعقابه الفاقة . فمند ما كان عدد سكان إيطاليا ستة عشر مليوناً ليس إلا » كائت البلاد أكثر فقراً ئها هى 
عليه الآن وقد يلغ تعداد سكانها 4١‏ مليواً . 

وظل يكرر دائماً » أن على كل أسرة أن تعجب لحمسة من الأطفال , وستدفع الدولة إلى الآتياء الذين 
ينجبون عدداً كبيراً مز( الأطفال ء أجوراً أعل من تلك الى يتقاضاها زبلائم , وأمر بأن تعطى الأمهات' 
اللا ينجين عددا كبيراً من الأطفال » العضوية الفخرية فى الحزب الفائى , 

وحدث أن أمر بترقية أحد قادة اميش فى الصباح » ولكينه عاد فى المساء فألفى أمر الأرقية لأنه 
اكتشئ أن المارال » من العزاب . و راح يقول . . . دعل كل جترال أن يكون أول من يدرك أن الفرق 
العسكرية تحتاج إلى رجال : . وكان فى إمكانه أن يقول إن زيادة عدد السكان تؤين الرجال اليش » 
والمبرر الممتاز لطلب المستعبرات » وللإبقاء على الأجور اللفيضة . 3 المؤليف 0 


4 
مؤرخ حياته عندما قال بأن -حملاته العنيفة على الكنيسة الكاثوليكية البى وصفها 
« بالحثة العظيمة الهيتة 6 » وعلى الفاتيكان الذى وصفه ١‏ عغارة التعصب وعصابات 
اللصوص :؛ وعلى المسيحية نفسها القى وصفها « بالأثر الإنسافى الداتم للخرى والعار » » 
هى الى أدت إلى اعتقاله وطرده من الفسا ء وإن هذا الطرد لم ينشأ عن تلك 
الحملات العارضة الى شنها أحياناً على القومية الغسوية » أو تلك المفالات الى 
أيد فيها حقوق الإيطاليين الذين يعملون .تحت السيطرة الفسوية . ولا ريب فى أن 
الحملات ؛ هى الى مكنت مؤرخى حياته اللاحقين من الفاشبين من إيراد عبارات 

من أقواله كدئيل على ميوله اليسارية . 

واعتقل ف العاشر من سبتمير عام وو السادس والعشرين منه طرد من 
الفسا » ما سبق له أن طرد من مقاطعى برن وجنيف فى سويسرا . وعاد فى الشهر 
التالى إلى وطنه حيث مضى إلى أبيه الذى كان قد تخلى عن مهنة الحدادة فى 
دوفيا وارتحل مع عشيقته الطويلة والنحيلة والحشنة الطبع آنا جويدى ء ومع أطفالها 
الخمسة إلى فورلى » حيث ابتاع خان بير سالخحيرى . وكانت راشيل صغرى 
بنات 1 نا » فتاة جميلة فى السادسة عشرة من عمرها » ذات شعر أشقر متموج » 
ومزاج استفزازى وعنيد . وقرر موسوليى الزواج من الفتاة . وكان قد وقع فى الماضى 
فى غرام شقيقها الكبرى أوجستا » ولكنها أوجست خيفة من عدم استقراره » 
وآثرت الزواج برجل ذى عمل منظم يشتغل حافراً للقبور . لكن موسولينى سرعات 
ما تحول بعواطفه وحبه إلى راشيل . وكان يعكف فى الأمسيات بعد أن يغسل 
الأقداح » وملا الحرار فى اللحان على كتابة القصص القصيرة وعلى استكمال 
كتاب كان قد شرع. فيه عن حياة جون هوس المصلح البوديمى » كما بدأ فى كتابة 
قصة طويلة أذ ينشرها فى حلقات فى صميفة البوبولو » التى كان رئيس تحريرها 
قد اقترح عليه موضوعها . وقد ترجمت هذه القصة الى أسماها : كلوديا بارتيسيلا » 
إلى الإنجليزية فى عام 1478 تحت عنوان ؛ عشيقة الكردينال» ؛ وهى قصة 
تخلو حما من الط افة والحيوية . وقد وصفت مرجريئا سارفاق هذه القصة كغيرها 
من القصص الى وضعها موسوليى ١‏ بالخليط البليد الذى لا يعرف رأسه من ذنبه ؛ 
والشريط السريع لأحداث طويلة » . لكن راشيل » أعجبت بالقصة » وذلك لآن 
إحدى شخصباما الرقيقة وهى خادمة البطلة » قد ضحت محياتها من أجل سيدتها ؛ 


فيا 
وقد أسماها بنيتو باسم حبيبته راشيل . 
ووصفت راشيل الليلة الأولى الى مضى بها بنيتو إلى المسرح » وقد عاد بها 
إلى اللحان » وطلب السهاح له بأن يعيش معها , وأكن والده ووالدة الفتاة رفضا 
قبول طلبه . وسرعان ما انتضى مسدسه وهددهما بقتل نفسه وقتلها إذا لم يحقق أمنيته . 
وأخيراً أذعن الوالدان لرغبته » ولم تمض أيام حتى كان يستأجر خ فتين فى منزل 
رطب وسهدم فى شارع ١‏ مير يندا ؛ . وكتبت راشيل فيا بعد تقول . . . ١‏ وانتقلنا 
إلى المنزل ذات مساء . وإلى لأذكر كر كان سعيداً رغ ما يبدو عليه من جهد ؛ 
إذ لم يكن وائقآً من موق » نظراً لعدم استكمال أوراق الزواج . ولكنى فهمت 
موقفه وقدرئه . فأمابى يقف الرجل الذى أحبيت » وهو ينتنظر ممبى أن أمنحه 2 
لهبة الوحيدة الى تستطيع الحياة أن تمنحه إياها » وهى حى . وكانت اللخطوط 
قد بدأت فى الظهور على وجهه الى نتيجة ما يعانيه من جهد فى كفاحه اليوى . 
ول أتردد سلحظة واحدة . ومضميت معه إلى آخر الشوط » . 
وعاشا معأ ى ذلك المنزل الحقير فى شارع ميريندا ثلاث سئوات . وولدت 
لهما طفلهما الأونى إيدا » فى نبهاية العام الأول من الزواج أى فى الأول من سبتمبر 
عام 141١‏ . ومضى مرسوليى يبتاع لا سريراً عاد إلى البيث يحمله على كتفه » 
وقد كلفه هذا السرير خمس عشرة ليرة ؛ أى نصف أجره الأسبوعى . مما اضطره 
إلى أن يعيش مع زرجته بقية ذلك الأسبوع على الكرنب . وكان يعمل الآن 
سكرتيراً لاتحاد فورلى الاشتراكى » ويتقاضى مرتباً سثيلا كان ينفق القسم الأكبر 
منه على الصحيفة الأسبوعية التى أسسها وهى ١‏ الصراع الطبى 6 » والى كان يقوم 
بنفسه بتحرير معظ المواد الى تضمها صفحاتما الأربع . وكان قد بات ا 
اشترا كينا مخلصآ . وكان يحتسى الحمر أحياناً مع أصدقائه » ولكنه لم يعد يشرب 
حتى السكر ء وبات لا يقبل فتاة جميلة إلا نادراً » إذ ظل وفيا لزوجته راشيل 
وكان قد انصرف الآن نحيويته كلها وبطموحه الناتى المتزايد إلى السياسة » وإلى 
العمل فى صحعيفته الى غدث الآن أكر تأثيراً من معظ الصحف الاشيراكية 
الأسبوعية الإيطالية من نوعها » إذ دأبت صعيفة « أفانبى ٠‏ اللسان الناطق ياسم 
الاشتراكية على الاقتباس من كتاباتها . وكان لا يعود إلى منزله إلا قليلا » إذ كثيراً 


5 
ما رآه الناس يذرع شوارع البلدة فى طريقه إلى اجماع عام » لا يرفع هامته عن 
الأرض » وقد وضع يديه فى جيبى سرواله » شاحب الوجه » طويل الذقن ء 
مهلهل الثياب رنها » يتحدث إلى نفسه . أما الساعات القليلة الى يقضيها ىف 
المنزل ء فتنقضى فق العمل كتابة أو قراءه » يرجم كرو بوتكين ويعد تخطبه . 
وكثيراً ما توقف فجأة عن العمل » بعسك قيثارته » الى تعلم مئذ صباه العوف 
عليها متتلمذاً على عازف متواضع . ولم يكن موسوليى بالموسيق الكبير » ولكن 
عزفه كان قويا وعالياً » وكان يريح أعصابه المجهدة . وهو يعزف بيها يحول فكره 
فى المواد الى يضمنها مقالاته وخطبه . وكان يمضى أحياناً إلى المسرح مع زوجته 
راشيل » وأمها الغريبة الى تشبه الساحرات » ولكنه 'كان حبى أثناء وجوده هناك » 
ينتقل بفكره » كما ذكر فيا بعد » إلى خخطبه » فيصبح متله؟ إلى العودة إلى 
منزله » ليسجل الأفكار الى طافت يخاطره . وكان إذا ما تأخر العرض عن البدء 

فى موعده » ينتزع حذاءه من قدمه ؛ ويهدد بقلف المسرح بها . 

وكان قد غدا الآن من خيرة الحطباء » قوئ الصوت »؛ مَؤْدٌ أ على سامعيه . 
وكانت حملاته فظة قاسية » وحقائقه الى يوردها حافلة بالأخطاء » وآراؤه كثيرة 
التناقض ومعظمها محفوظ عن ظهر قاب . وكانت مواقفه مسرحية + ولكن لم يكن 
ثمة من ينكر عليه ما فى صوته من جاذبية طاغية » وما ى إياءاته من عنف 
واستفزاز وتكراز » وما. فى مواهبه من قدرة على استخدام التعبيرات المسرحية 
والإشارات الغامضة » والاستعاراث القوية رغم لا معقوليتها . وقد أنمى لديه قدرة 
عظيمة على إثارة العواطف عن طريق المبىء بسلسلة من احمل المتقطعة» الى يلقيها 
فى تدفقات حماسية ولكن فى نغمات صوتية متباينة يؤكدها بإعماءات مدروسة 
وتحسوبة » لينسجم كل الاتسجام مع البو الحماسى الذى يحيط به . وكان قد 
أنغى فى نفسه أيضاً تلك القدرة الى باقت تمثل لديه فها بعد عبقرية خطابية 
فى فرض المزاج الذى يريده على جماهير سامعيه ؛ ثم ينطلق مع سجيته » فييخرج 
كلامه إلييم عن حدود الحطابة إلى حدود الحوار » أو ما يشبه الدعاء غير المحفوظ » 
يشيرك فيه المستمعون بتلاوة ردودهم على أسئلته الملحة » م ينثر ما يقولونه فى عبارة . 
مبسطة يعيدها على مسامعهم ليتفجر العكاسهم » منطلقاً فى صورة تشجيع عاطق 


.4 
يؤكدون فيه وحدتهم. وراءه . وكان قد أتقن أيضاً الإفادة من مجموعة من الحتافة 
الذين تنطلق هتافاتهم بالموافقة عند إشارة معينة أو إيماءة متفق عليها » 
فتسرى عدواهم إلى الجماهير . وأدرك فوق ذلك كله » الحاجة إلى جماعة من 
المعجبين الخلصين حوله » يستطيعون أن يؤلفوا نراة أتباعه المستعدين للسير وراء 
زعيمهم 

فقد تبين الآن فى نفسه صورة الزعم فى مرحلة الانتقال والتحول » وقد اعتمد 
الآن على أفكار تفتقر إلى حد كبير إلى الأرابط ء وإلى الفهم » التقطها من هنا 
وهنالك . من نيتشه » وشو بهاورء وبلانكى»: وعيجيل » سوريل » واقرضها من 
البلاشفة الروس» وبات يؤمن» بالعقيدة الى قد ر لها أن تسيطر على حياته كلها » 
وهى وجوب الإطاحة بالنظام القائم على أيدى صفوة من الثوريين يعملون باسم 
' الشعب » ويثتول هو قيادهم ه 

لكن العنيفين فقط من رفاقه الاشتراكيين كانوا على استعداد لأسير معه ) 
وتبى آرائه المتطرفة والعنيفة فى حملاته الى لا روية فيها ولا هوادة » على توراق 
و بيسولافى وتريفيز وغيرهم من المعتدلين فى الحزب . وعلى أية فثة داغمل الحزب 
أو خارجه تتختلف معه فى الرأى . وكاك فى الواقع رجلا بار زا + كا أكد] كير 
الاشتراكيين التقليديين . ولكلهم رأوا فيه رجلا خطراً بل لا يقل ى خطورته عن 
لازارى . وكانوا يستمعون بكثير من الفزع إليه وهو يخطب مدافعاً عن العنف 
كسلاح صالح إذ يصفه « بالضرورة الى لا مناص مها أو النى تشبه الحديد فى 
صلابها » وإذ يتحدث عن الحاجة الملحة إلى استتخدامه كأداة جراحية بائرة » . 
وكانوا يقرأون بكثير من السخط المصحوب بالعصبية عن أساليبه فى فور ) 
وبصورة خاصة عن تلك الحادثة الى يحف فيها على قاعة اللمدية » يتبعه حشد 
ضحم من الناس ٠»‏ مهدداً بقذف رئيس البلدية من النافذة » إذا لم يعمل على 

وأظهر مرسولينى مدى خطورته عندما قررت حكومة جيوفافى جيولبى ى صيف 
عام 141١‏ » أن ترسل القوات الإيطالية إلى برقة وطرابلس محتجة بحماية ممتلكات 
الرعايا الإيطاليين » وهادفة فى الواقع إلى مهش هاتين المستعمرثين من تركيا . 


43 
وقد اشتد غضبه عندما رأى المؤمر الاشتراكى القوى الذى عقد فى ميلان ؛ والذى 
شهده كندوب عن فورلى يرفض بحث مناهضة النزعة العسكرية » ورأى فى المؤتمر 
جماعة من : المنافقين الاشتراكيين ه ء على استعداد لتأييد عدوان الحكرمة . 
وقد علق جيوليى بشىء من الرضى على ذلك بقوله . . . « لقد استبعد ماركس 
إلى الطبقة العليا من المكان » . وأوضح موسولينى كل الإيضاح عدم استعداده 
بأى حال من الأحوال » وذلك فى المقالات الى نشرها فى ٠‏ الصراع الطب ؛ وى 
خطبه » لتأبيد الحرب . وراح يبتف بشىء من الغضب الثائر . . . 9 ما زالت 
العسكرية الدولية » تحتفل بطقوسها فى التخريب واموت . وف كل يوم يمر » 
برتفع الرم الذى يبى من جثث ضحايا الحروب ؛ ليقف ” مارس “ إله الحرب 
على قمته » ينتظر بنظرته الجهنمية وفه الفاغر شفتيه » لا يشبع ولا يرئوى » المزيد 
من الضحايا . . . وما دامت هنالك أوطان » فستظل العسكرية قائمة . . . وليس 
الوطن إلا شبحاً . .. فهو كالإله » وهو يشيببه فى قسوته وطغيانه ورغيته فى الثأر... 

علينا أن نظهر أن الوطن غير موجود ٠‏ كا أن الله غير موجود ؛ . 

وفررت بان الاتحاد العام العمل » الاحتتجاج على هذه الحرب المفجعة » 
وقر رأسبا على اللإضراب العام » وأعدث احتتجاجا عنيف اللهءجة . لكن هذه الخطوة 
لم تكن كافية لموسوليى . وراح يصرخ ف سمال فورلى » طالب إليهم الى ء لحضور 
الاجماعات السياسية لا بأذرع خالية تمتد إلى جوائيهم » بل بأذرع تحمل السلاح ؛ 
وانغم إلى الجمهورى الشاب بيثرو ذينى )١(‏ » فى دعوته ابلحماهير لا إلى الإضراب 
فحسب © بل إلى الثورة أيضاً . ومضى يقود بتفسه زمرة من الرجال ء تمكنها 
بعد يومين من الفتنة فى فورل © من إشغال أنفسهم باقتلاع قضبان ٠‏ الترام ه فى 
البلدة بفؤوسهم . . ول تمض بضعة أساريع حى كان يظهر أمام امحكمة مدافعاً عن 
نفسه بخطاب عرض فيه عرضاً رائعاً قدرته على التلاعب بالألفاظ . ولكنه أصبح 
نزيل السجن للمرة الحامسة . 

وأطلق سراحه بعد خمسة أشهر » وعاد إلى منزله قى شارع مير يندا وقد حزم أمره 
أكثر من أى يوم «نضى » على أن يغدو زعم الاشراكيين » وأن يحوم إلى حزب 


030 بيتدو ثيى » الزعيم اخالى الحزب الاشترااكى فى إيطاليا . و ألمرب, 


م 
ثورى جمهورى . وراح يطلب إلى الاتحاد الاشتراكى فى فورلى » بعد أن فشل 
فى السيطرة على اللؤمر القوى الاشيراكى فى ميلان » إعلان انسحابه من المزب 
ولكن بعد أن بدأ الرأى داخل الحزب يتجه إلى جانبه ؛ راح يصرّ على عودة اتحاد 
فورل إلى حظيرته » وأطاعه الاتحاد طاعة كاملة» وعندما عقد المإتمر التالى للحزب 
فى ريجيواميلياء جاء إليه » المبعوث النازى الحديث ممثلا لفور بى. ولم يكن الكثيرون 
من المندوبين قد سمعوا به من قبل » بيما تذكره البعض منهم فى مؤر ميلان 
الآخير وهو يفتقر إلى الانساق فى الفكر فى خطبه . وراح يشن حملة عنيفة على 
خصرمه من أعضاء الكثلة البرلانية لالحزب تميزت بالاندفاع والبلاغة والحقد السام » 
من أمثال لبونيدا بيسولاق » وإيفانو بونوى وأنجيواو كابريانى © وهم هن أواب 
الطبقة الوسطى الاشيراكبين الذين عرضوا أنفسهم ؟1 قال ١‏ لامبامات خطيرة من 
الحزب 6 » عندما هئأوا بشكل مكشوف الملك على نجاته من المحاولة التى قام بها 
فوضوى من عمال البناء لاغتياله . وأضاف موسولينى أن من الواجب تطهير الحزب 
من أمثال هذه الحثالات . وعليه أن لا يعرف سبيلا إلى التفاهم مع المنظمات 
المناهضة للطلائع العمالية ( البروليتارية) . وكان خطابه قويئًا » حقق له النصر » 
وتأثر به حتى أنصار بيسولاى وتوراق . وكتب أحد هؤلاء وهو زوج 
مرجريتا سارفاق إلى زوجته يتحدث عن ظهور ١‏ شاب رائع » مقدبر له أن يسيطر 
على الحزب » وراح يضيف أنه « بالرغى من قوامه النحيل » يتميز بالقسرة والمزاج 
الناربى » والابتكار في الطلاقات البلاغة » » وأله الرجل الذى ينتظره مستقبله 


. 2١7 العظم‎ 


)١(‏ وعرضت مندوبة أخرى اشتركت ف المزبمر » هى الفوضوية الروسية ؟ نا كوليشوف » الى سبق 
لها أن تصنت فى عام ١85‏ مع قيليبى توراق » عند مااشتركا فى الاجبّاعات الثورية الى عقدت فى ميلان » 
صورة مختلفة عن هله الصورة للشاب النارى الحديث . . . فقد كتبث تقول : « إنه ليس من الماركسيين . 
بل إنه ليس من الاشارا كيين على الإطلاق ع ولا من الساسة أيضاً + و ]نما هو ذواقة عاطق الشعر ؛ أكثر من 
قراءة نيتشه » . وظهرت صورة أخرى أقل ساسة له فى صحيفة م يعد الراحة » فوصفته بأنه يكثر من حركاته 
وتعبيراته حيث يبدو كالصينيين . أما صحيفة : الكورسييرى ديلاسيرا » فقد تبنت رأى زوج مرجريتا وكتبت 
تقول : « خطب مسوليى بكثير من الصراة والإخلاص ف الإثارة , وقد أحبه المؤمر فى نحوله ومرارته » 
وتفجره ى الحديث انخلص ؛ وأحس أنه يضم بين أعضائه شخصاً قادراً على التعبير عن مشاعره » . ١‏ المؤاف ع 


4 

ثّ دسمبر عام [ذاحاءة © أى بعد ستة شير من المؤكر الاشيرا كى 2 
اعترفت اللجنة التنفيذية للحزب » الى سيطر عايها الحناح اليسارى الآن ع 
بالمواهب المذهاة ع لالصحى الشاب 6 وأعلنت 6 قررت بالإجماع 
تعيين الأستاذ ( البروفيسور ) » بنيتو موسولييى من أهل فورل ٠‏ رئيس لتحرير 
صحيفة الحزب ( ”أفانتى “ .٠‏ وعندما وصل موسولرى إلى مكتبه الحديد فى ميلان راح 
يقول نخرريه ... «قررت أن أتول بنفسى كتابة كافة المقالات السياسية » . 
وم بمض شبران » حبى كانت مواهبه العظيمة “كصححى » وابتكاراته الطباعية 
الحريئة » قد ضاعفت توزيع الصحيفة ٠‏ وارتفع مم التوزيع عندما اننهى تعمله 
كرئيس لتحريرها من 8 ألفاً إلى نحو من ماثة ألف . 

وقد ذكر أحد ارر ين الشبان فى الصحيفة . . . دلا أدرى ما أفعاه ببل) 
الشاب الغربب موسوليى ؛ ولكنتى أعرف أنه سيصل إلى منزلة ما . . . ؛ 


1: 


5 
الداعية إلى التدخل. 


من أكتوبر 191 إلى 74 مايو ١41١6‏ 
لا مكانة يايد 


وطد موسولييى فى أكتوبر عام 1418 أقدامه كرشح عن منطقة فورللى » 
بين مرشحى الحزب الاشراكى لعضوية البرلان الإيطالى » وشرع يلى سلسلة 
من اللحطب الانتخابية » معلناً فيها استنكاره للتزعة العسكرية والقومية العسكرية 
والقومية والإمبر يالية » ومى ببزيعة ساحقة ف المعركة . وبالرغي من التخابه بعد فثرة 
قصيرة عضرا فى مجلس مديئة ميلان » إلا أنه عزا هزعته وهزبة المتطرفين أمثاله 
إلى ١‏ روح الشعب البورجوازية » » البى لا تجد الشجاعة ولا الهروية للنضال من 
أجل مطالبهاء والبى تحتاج إلى حادث من النوع الجائح لتوعيتها بقدرها ومصيرها . 
وفى:ذات بوم » وبعد قبادته للهجوم على خطوط ارام فى فورلى » كان يلثى خطاباً 
ف نحو عشرة لاف من العمال »؛ فى حديقة اللمدية . وارتق عدد من الصبية 
المنصة » وراحت « قباقبيهم 6 الخشبية » تفرع ألواحها » محدئة صوتاً أشبه ما يكون 
بوقم حوافر الحياد . وتحولت اطنافات البى كانت تنادى بالثورة إلى صيحات 
فزعة تقول ... « جاء الفرسان » . وسرعان ما انطلقت الخماهير هاربة من 
الحديقة . . . ونظر موسوليى إلى أحد رفاقه وهو يقول غاضياً . . . و إنه شعب من 
الحبناء . [مهم أضعض من أن يناضلوا » . وهكذا أحس. يخيبة الأمل من جديد . 
وأعلن الإضراب العام ى مستهل عام ١414‏ » فى كل من رممانا ومارش ء 
وسرعان ما أصبحث الملطقة كلها تفور بالاضطراب . وقامث مظاهرات معادية 
للكنيسة وإلنزعة العسكرية » "كما أعلنت عدة جمهوريات عن قيامها بين عشية 
وضحاها . وأعلتت ألكونا نفسها كوميوناً مستقلا » وارتفع العلم الأحمر على قاعة 
البلدية فى بولونا . واندفع موسولييى فى مدينة ميلان حرث أللف الاشتراكيون 
والسنديكاليون جببة واحدة وبخنة مل مشتركة » هرة ثانية إلى الشوارع ء يأمر 


ب 
العمال باحتلال الميادين العامة » ولكنه رأى بنفسه عماله وهم يْبزمرن أمام هجوم قام 
به الفرسان فى ميدان دوومو . وعئدما قام رتل من القوميين يهدد باحتلال البناء الذى 
تقوم فيه مكاتبه » لم تلق صيحائه : إلى السلاح ؛ يا رفاق » استجابة حماسية . 
وشجعته مرجريتا سارفاتى ء وكانت محررة الصفحة الفنية فى حيفته 7 نذاك » على 
المناداة بالمقاومة العنيفة » واقترحت استخدام مقصات الخررين كتخناجر ومدى » 
ولكن المحررين الاحرين » كانوا أقل إصراراً ونصميماً » وبدا عليهم الارتياح 
عندما عدل القوميون عن مهاجمة الدار . 
ولم نمض بضعة أسابيع حبى كانت العْسا تعلن الحرب على بلاد الصرب » 
لتكون الشرارة الأولى فى الحرب العلمية . وانطلق صوت موسوليى يرعد من مكائب 
« ألافاننى » بقوله « لتسقط الحرب : ء» مكرراً نفس الشعارات الى استخدمها ى 
مهاجمة القوميين ف. تربنت . . . وارتفع صوته يبئف . . . 9 ليسقط السلاح 
ولنحى الإنسانية » . وكان من الحتمى أن تنشب ثورة العمال فى إيطالياء لو أن 
الحكومة الإبطالية » اشتركت فى الحرف إلى جانب العسا وألانيا » شريكتيها فى 
التحالف الثلاثئى الناقص فعليئًا . وكان التدخل إلى جانب فرئسا » مفجعاً أيضاً . 
وحم الواجب على الاشتراكيين فى الواقع » أن يناضاوا ليضمنوا حفاظ إيطاليا 
على سياسنها فى ١‏ الحياد الصارم » . وبعث يستفى رفاقه الاشتراكيين يسألم تأكيد 
موافقتهم على هذا الموقف الذى لا يلين » وسرعان ما تلق ردود أتباعه المعجبين به ؛ 
يؤيدونه كل التأبيد . وعندما أعلنت الحكومة اعتزامها على الاحتفاظ يحياد إيطاليا » 
وراح السنديكاليون يعلنون أن هذا القرار خاطى؟ » وأن على البلاد أن تشرك ى 
الحرب » هاجمهم مرسوليى يعنف ووصفهم بأنممبمخونة هدامون ٠‏ لقضية 
الطبقة العاملة . 1 
ولكن آراء مغايرة كل المغايرة » كانت تتولد الآن فى عقل موسولينى » وراء 
هذه الحملاث الصريحة على دعاة التدخل فى الحرب . فى اليوم الذي صرع فيه 
الأرشيدوق فى سيراجيفو'! : كان يقضى إجازة له » فى كاتوليكا » مع زميل 


)١(‏ مقتل أرشيدوق النسا فى مدينة سيراجيفو فى صرييا » وكان الحادث شرارة انفجار الحرب 
العالمية الأول . ( المعرب 5 


3 
صحصى » يدعى ميشيل كامبانا » وعندما انطلقا فى طريق العودة إلى ميلان » اعترف 
موسوليى لرفيقه بخيبة أمله المتزايدة من زملائه الاشتراكيين ؛ وراح يقوك له .. . 
١‏ أريد أن أقود الحزب بطريقة ذكية بارعة » موجها إياه 15 يجب أن يوجه عبر 
الأحداث العظيمة الى تنتظرنا » . لكنه كان فى شلك من أن الحزب سيسير وراءه . 
ومضى موسولبى بقول . . . ١‏ علينا أن نفهم هذه الحقيقة ممثهى الوضوح . 
باجم دولتا الوسط إنجلترا وفرنسا عن طريق بلاد الصرب . ولابد من أن يتحول 
القتال إلى حرب عامة . وستكون فرنسا أول ضحايا هذه العرب»ء إذا لم تبادر الدول 
المتمدئة إلى الاتحاد لإنقاذها » وتعبى هزيعة فرنسا » الضربة القاضية على الحرية 
فى أوربا . وعلى الحزب الاشتراكى أن لا يتجاهل احيّال التدخل إلى جانب 
فرنسا إذا ما جرت إلى الحرب جرًا . ولكن هل يفهم قادة الحزب هله الحقائق ؟ : 
وراح رفيقه كاميانا يذكره بالحطاب الذى ألقاه فى المؤثمر الاشتراكى الأخير 
ف ريجيو اميليا » عندما.تحدث بمتهى العنف والقوة مهاجماً القومية وأوللك 
السنديكاليين ( النقابيين ) » الذين أيدوا الحرب الليبية ضد تركيا . . . 
ورد موسولبى بسرعة قائلا . . «الموقف يحتلف ٠:‏ . كانت الحرب الليبية 
حربآ عدوانية . أما هذه فقد يكون فيها إنقاذ إيطاليا . وفى وسعها أن تحل مشكلة 
ترينتينو وتريستا » وإنشاذهما من قبضة العسا الى اعتبرها اليساربى سيزار روسى » 
عدوة الحرية » ها قد تقرب من يوع الثورة الاشيراكية . وبالإضافة إلى الإيمان 
بأن على الاشتراكيين أن يفيدوا من الحرب » لإثارة الاضطراب والقلق + وتحطم 
النظام البورجوازى فى الباية » فقد كان نمة يمان آخر » يدفع موسولينى إلى تغيير 
وجهات نظره . فقد رأى أن الناس بدأوا يستمعون إلى النقابيين ( السنديكاليين) 
الذين يقودهى السيسى دى امبريزوء والقويى العنيف فيليبو كوريدؤى » فى دعوتهما 
إلى الحرب ء ويقابلون آراءهما بالإجلال والعطض » وانتابه لوف من أن يؤدى ذلك 
إلى إضاعة السبطرة على ضمائر الاشراكيين ٠‏ الذين كانوا يرددون القاعدة الى 
وضعها كارل ماركس » والقائلة بأن الثورة الاجماعية تتبع الحرب عادة » وأن ليبس 
نمة من شلك فق أن هذا الوضع قد ترله أثراً عميقاً فى عقل مرسواييى . 
وقد جاء ذكر هله القاعدة الى أوردها كارل ماركس ٠‏ بكل تأكيد فى 


58 


حديث مهم جرى للموسوليى فى ميلان مع فيليبونالدى : صاحب صعيفة ١‏ ريسيودى 
كارلينو ؛ الصادرة فى بولونا » والى كانت تدعو ف الماخى إلى موقف محايد عيل 
إلى امسا والمانيا ثم تحولت إلى الدعوة إلى التدخل إلى جانب فرنسا . وقد أعاد 
«وسوليى على «ساءع الدى » ما كان قد سيو له أن ذكره لكامباناء من أن رفاقه 
الإشيرا كيين لن يوافقوا على تأييد سياسة التدخز ٠‏ وأنه لا يستطيع والحالة هذه 
كرئيس لتحر ير صميفة «أفانتى» أن يؤيد هذا الاتجاه تأريدا فلعينًا . وهنا اقرح 
عليه نالدى » أن يستقيل عن تلاك الصحيفة » وأن يصدر صحيفة خاصة به ؛ 
ووعده بتمويلها . 

واستفال مرسوليبى فق السادس والعشرين من أكتوبر من رئاسة تحرير 
ألافاننى » وظهر العدد الأول من صحيفة 3 البوبولو ديتاليا) فى الرابع عثير هن 
توقبر . وحملت الصحيفة على صدر صفحتما الأول وإلى جانب اسمها شعارين 
عكن اعتبارتما » بمثاية إعلان مواد الفاشية » أواما لبلانكى يقول « من يلك الحديد 
يلك الحبز » . «الثانى لنابوليون يقول . . . ١‏ الثورة فكرة عبرت على حرابما ٠»‏ . 
وظهر على صفحتها الأول مقال حمل توقيع رئيس التحرير »© بنيتو موسوايبى » 
وعنوانه « الحرأة » » . ش 

وجاء فى هذا المقال قوله . . . « أوجه كلمتى الأول إليكم يا شباب إيطاليا » 
ويا فتيامها فى مصانعكم وجامعاتكم . إليكم يا من تمثلون الفتوة فى أعماركم وأرواحكم » 
ويا من تنتمون إلى جيل شاء القدر له أن يصنع التاريخ . . . إنها كلمة ما كنت 
أبنأ إلى النطق بها فى الأوضاع. العادية » واكى أجد نفسى مرغماً اليوم على 
النطق بها مجهاراً وعلانية » وبمنتهى الوضوح والإخلاص . إنها كلمة الحرب بما فيها 
من بعث للرعب ء وللاسهواء : . 

وعندما عقد الحزب الاشتراكى فى ميلان اجاعه بعد عشرة أيام » اقترح 
بعضهم وسط هتافات « الحائن » والأأجير » وبائع الضمير « طرد ٠وسولببى‏ هن 
الحزب» . ولتقدم من المنصة وقد علا الشحوب وجهه » وكل جارحة فيه ترئعد فرقاً ‏ 
ليرد على ناقديه . كان يرتدى نفس البدلة السوداء الرية الى طالما ارتداها » ولاسظ 
أحد المندوبين أن ١‏ بنطلونه ه كان قصيراً إلى ما فوق رسغ قدمه . وبدا أنه لم يحلق 

















و ا 


بتعا 


م 


المبارزة 


با لا 


حَ 














موس وليبى 


والوزير لبر يطانى ! 


ه 
ا 


سان لشميرا 


لن فى ذ 


- 


كله رنسة 














«وسوليى 
مكلليه 


ف قصر 


إ 


ظ 
| 


5 


5 








شيين القاشيبي:' دتعلمائه 
لبى يرود أحد الصحفيين الفاشيين بتها. 
موسوبى .+ 


الاحتفال السنوى بل كرى الزحف على رومة 


_- 4 . رودي ايمر 4 
با ليه عدي دونو [* 
وسوابيى مع لال 








4 
ذقنه لا فى ذلك اليوم. ولا فى اليوم الدى سبقه . وارتى المنصة » وقد علا انناف 
ضده » وارتقع صراخ الحاضرين . وشرع يتكلم » واكن أحداً لم يستطع نماع. 
ما يقوله واهالت على المنصة قطم النقود وكرات الورق وبعض المقاعد يقذفونه بها » 
وهو يصرخ متجهاً إلى المندوبين الغاضبين ؛ فى حديثه ‏ لا ليدافع عن. نفسه '»' 
بل ليهمهم بروح البورجوازية الصغيرة الى كان يراها أعظم إهائة يستطيع: 
توجيبها . ْ ْ ا 
وراح يصرخ فى وجوههم .. . ١‏ أقول لكم إنكم' تضيعون صراخكم فى 
الهواء » وستجدون أنفسكم جميعاً مرغمين على دخول ا خرب . . . وليس ف سعكم 
الحلاص مى . فأنا اشتراكى » سأظل اشتراكيًا ٠‏ وإذا ما قرعت ضدى » 
فإن اقتراعكر لن يعنى شين على الإطلاق ٠‏ . وكان يتفجر ببذه العبارات بصنوت 
يقرب من الحنون » وذكر بعض: الذين شهدوا الاجماع فها بعد ء أن عينيه كائتا 
مغرورقتين بالدمع . وراح يقول بشىء من اليأس » وهو يستخدم. إبحدى تاك 
الأحاجى الى تبدو معقدة فى ظاهرها ولكها تعنى التأكيد الذى يجد ما يبرره ع 
واللى ل يمل قط من استعمالها فيا بعد ...7 إلكم تكرهونى) .. . أجل أنم 
نكرهونى لأنكر ما زلم تحبونى.» . 
ولك نأقواله هذه لم نجده فتيلا . فقد تفرركا قال هو عن نفسه » مصيره 
من قبل »ولم يمد جدرى من محاولة [سماع. صوته إلى أناس كانوا قد حزمواء أمرهم 
على رفض كل ما يقوله . وراح يغادر مسرح الشعب ومعه نفر مغير من «ؤيديه 
متجهاً إلى مكاتب صعيفته . ا 
وكان غضب الاشتراكبين عنيفاً » وحافلا بالحقد . فالأضدقاء القدامى , 
والمعجبون به » وجدوا آماللم تنهار » وتحولت خحيبات أملهم إلى كره شلذيد . واضطرز 
إلى أن يبارز أحد كبان المعجبين به السابقين ويدعى سيكوق »ع وكان هذا قد 
أشار إليه ذات يوم بأن ف له دماغ: إنسان' جاء من صبلب سقراط » . واعثيره البعيض 
وبينهم أنجليكا بالابانوف » أشد خائن خطرا على الاشتراكية . ول يقتصر الهامهج 
إياه على خخيانة الاشتراككية ومثلها ٠‏ ورإنما اتهموه أيضناً بقبول المال من فرفسا 
عن طريق المعهد الثقاى الفرنسى فى ميلان . ليسير فى هذا الطريق: الل سان 


55 
فيه 2١‏ . وأكن لم يحل مطلع عام هوا حتى كان يكسب بعمله هذا أنصاراً 
يفرقين ف عددهم أولتك الذين خسرم . وقد ااجتلب إلى «جانبه معظم أولئك الذنين 
وافقوه على أيه » فى أن وطن الإنسان يجب أن ممتل المكانة الأول فى الهاية » وأن 
الاشتراكيين الألمان بتأييدم للفيصر قد عملوا على انبيار احركة الاشتراكية الدولية» وأن 
الحرية معرضة لأشد الأخطار . وانضم إلى تأبيده تقابيوكور يدون » وفوضويو ليبيرو 
تانكريدى » ويساريى سيزار باتيسى » والاشتراكيون العينيون من أنصار بيسولاق » 
الى كان موسولينى قد عمل على طرده من الحزب بعد الحجوم على طرابلس » 
وتببى العمال. الوطنيون آراءه ء كا تبناها القومرون وألوف الشبان الذين عنت الحرب 
مغامرة مسرحية » وعدد من المثقفين والكتاب من أمثال جابربيل دانوزيو") 
الذين آمنوا بأن الاشتراك فى ارب سيساعد إيطاليا فى سيرها نحو تححقيق الوحدة 
الكاملة » وضيان سرادها الحقة فى البحر الإدرياتيكى » ومنطقة نفوذها فى أوربا . 
. وشجع هذا التجاح المتزايد موسولينى » كما شجعته استقالة جيوليبى هن اللحكم 
وتعبين الانهازى أنطونيو سالاندرا ف رئاسة الوزراء » إذ أن هذا الانتهازى » جعل 
من التدخل فكرة أكثر تقبلا » واحهالا . ولذا بات موسوليى يزيد من إلحاحه 
وإصراره على الحرب » بالخاً فى دعوته هذه حد الحماسة . واشيرك فى مبارزة مع 
اشتراكى إضلاحى يدعى كلوديو تريفيز » كان فى السابق حرا لصحيفة 
« أفاننى : . وقد اعتقل بعد الجاع عنيفه لدعاة التدخل فى روبة » واشتبك ى 
معركة مع ضباط الشرطة الذين فرقوا أحد اجماعاته فى ميلان . وأخيراً أعلنت 
إيطاليا الحرب فى الرابع والعشرين من مايو عام 141 » إرضاء تاماك ٠‏ واليساريين 
وأعضاء الحركة المستقبلية ( حركة فنية فى إيطاليا) » والماسونيين «وسولبى . 
لكن دعاة التدخخل الذين رحبوا بإعلان الحرب بحماسة صاحبة لم يكونوا يمثلون البلاد 
فى جموعها فى الواقع » وقد سجل موسولينى فيا بعد والفرح يستبد به كيف أنمم 
)١(‏ بالرشم من أن المال الذى قدمه فبليبو نالوى .» لإسدار صحيفة البوبولو ديتاليا لايبدو صادراً 
عن الفرنسيين » إلا أن ثمة دلائل قوية تشير إلى أن موسوليى تلى عند ما وقعت الصحيفة ى ضسائقة مالية ى 
عام 14160 » مساعدات من «٠‏ الرفاق الفرنسيين لمساعدة حملة التدخل و . والمعرب» 


(؟) جابرييل دانوترير :م١‏ - حم9#١)‏ - شاعر إيطاليا وقصصيها وكائبها المسرحى . 
كان قائد حملة فيوين ف عام 916؟ ١968 ٠5-‏ . م المعرب » 


اء 
أظهروا بصورة مؤكدة » أن فى وسع الأقلية القوية أن تفرض وجهات نظرها على 
الجماهير . وكان هذا درساً لم ينسه موسوليى . 
ولاح يكتب فى صيفته « البوبواو ديتاليا.» ... « أصببحنا سجميعاً منذ 
البوم ء إيطاليين ولاثنىء غير إيطاليين . أما وقد بات على الفولاذ أن يلقى: الفرلاذء 
فإن صرخة واحدة تنطلق من قلوبنا جميعا » وهى ” عاشت إيطاليا “؛ . . . 
وكانت بذرة الفاشية قد زرعت فى أرضها . . . 


ىه 


ع 
الفاشى ف دور التكؤين 


من أغسطس 1118 إلى ١8‏ أكتوبر 19477 


و أوثر من ناحيى غسين ألف بندقية عل حمسة ملايبن صوث » 


١ 


كان موسوليئئ جندينًا ممقازاً » ول يتطؤع كغيره من أتباعه» منتظراً استدعاءه فى 
كير أضسطسن ليعمل مع الكتيبة الحادية عشرة للرماة » ورإنما رفض اقتراح قائده 
العقيد فى أن يعمل.ى: مقر قيادة الكتيبة فى إعداد يوميات الحرب » وآثر أن يحضى 
فى غضون أسابيع إلى الحبية ليقائل ى صفرفها الأولى . وكان قد قضى منذ عودته 
من: سويسرا فى صاى ١9٠8‏ و 1905 ٠‏ تسعة عشر شهراً فى الخدمة العسكرية » 
أثبت أنه بالرغ من ثوريته المشهورة » فإن فى وسعه أن يكون جنديًا منضبطاً كل 
الانضباط . وكان قد أظهر آنذاك » كنا أظهر الآن » طفة على عرض قدرته 
على العمل الشاق والحماسة » وسعا إلى إرضاء هذه اللهفة . ونا كان قد حزم أمره 
على أن لا يبدى أى نقص ف عمله » فقد دأب على أداء واجباته يد وإخلاص » 
دون إغراق فى اصطناع البطولة » واكن فى ححماسة كانت كافية » لأن يذكر 
اسمه ف التقارير الرهمية كجندى ؛ يتميز بسلوك نموذجى » وبروح هى حفمًا روح 
جنود 3 الرماة ) . وسرعان ما رق إلى رتبة « عريف » . وقد تتحدث فى الرسائل الى 
بعث بها إلى أسرته فى هله الأونة عن الأخطار والمتاعب الى يتعرض ذا جنود الأشاة 
فى حياتهم فى الحنادق » “ما تحدث عن تعرضه لانيران المتصلة أسابيم كاملة » 
وعن المرات العديدة الى تعرضت حياته فيها الخطن . وقد عاد إلى بيته فى إنجازة 
من الحنادق الى كان يعمل فيها عند نهر إيسونزو » وقد ظهر عليه التعب والتهدم » 


ول 

وقد استعاض عن الأزرار فى سترته بأسلاك تشد العرى إلى بعضها١2.‏ . 

وكان يشهد ذات يوم فى شهر فبراير عام /1911 + عرض مدفع جديد من 
مدافع الحاون + فوقع انفجار مرعب مخيف » أدى إلى قتل خمسة رجال كانوا 
يقفون إلى جانبه ؛ إِذ أصابهم الشظايا المتطايرة .من القنبلة » كما طارت « ماسورة » 
المدفع فى المواء . وقد سقط هو أيضاً فاقد الوععى : على الأرض ٠‏ وخلوه إلى مركز 
الإسعااف حيث أخرجوا من -جسمه أكثر من أربعين شظية من هذه الشظايا . 
وتعرض المستشى الذى نقل إليه فها بعد فى رونشى إلى قصف مدفعى عنيف » 
وأصيب بأضرار خطيرة »> حى اضطرت السلطات إلى إخلائه من المرذى 9 

وعندما تحسنت صعته بعد بضعة أسابيع » وبات قادراً على العودة إلى ميلان » 
مضت مرجريتا سارفائى لزيارته . وقد كتبت عن هذه الزيارة تقول . . . « لن أنسى 
أبدأ كيف .ذهبت لزيارته , كان متعياً إلى الحد الذى بات عاجزاً فيه عن الكلام . 
واتفريجت شفئاه عن ابتسامة ظهرت عل ومجهه الشاحب » بيها كانت عيناه 
فاثرتين . ولم ينبس ببنت شفة ؛ وى وسع المرء أن يرى مدى ما عاناه من ألم . 
وسأله أحد » عما إذا كان يود أن يجد كتاباً يقر » فرفض وقال مشيراً إلى ديوان 
شعر لكاردوس . . . ” أنا لا أقرأ إلا هذا لأنى أعرفه . فلا أستطيع قراءة شىء 
مجديك “0 . 

وم يكن موسوليى ذلاك اليجل الذى يسمح هذه الفرصة كبحندى جريح 0 
بأن تمر دون أن يفيد منها . وكتب يقول بعد أن أبل من جراحه وبات قادراً على 
الإمسالك بالقلم بشىء من العثيل المسرحى الذى تميز به ٠...‏ إفى لأفخر بأننى 

)١(‏ تقول إنجليكا بالابانوف » وهى كاتبة متحيزة ضده ؛ إن موسوليني لم يكن مجرد إنسان 
وقم فحسب » بل كأن جباناً سوداوى المزاج ويصاباً بالهستيريا . لكن معاصريها لم يؤيدرا هذا المكرء 
حب ولو كانوا من أولعك الكتاب من أعداء الفاشية من أمثالهاء الذين عرفره ؛, فى تلك الأيام» ركان لهم 
كل ها يبرر مها جمتهم له اكسخائن لميادهم ومثاهم . وقد تحدث رجلى اأتقيت به فى ميلان فى عام ١5146‏ : 
وكان كا ياعى عريفاً مع موسولينى فى كتيبة الرماة » فقال إنه و كان داتم التظاهر » يكثر من الحديث » 
ولكنه على أى حال » شاب متاز . وكنا نحبه جميعاً . وم يكن قد تعرض كيرا للثار 3 ولكته عند ما 
كان يتعرضس لها » كان يسلك سلوكا طيباً » . «المؤلف» 


54 
صبغت الطريق إلى تريستا بدى وأنا أؤدى واجبى الحطر كل الخطورة » . وكتب 
أيضاً فى تاريخ حياته » بشىء من الحهد الس يقول . . . ١‏ كنت أواجه ألا 
لايحتمل . أجل ؛ كان أل لا يوصف . وقد مررث مجميع العمليات الحراحية 
الى تعرضت لا دون أى مدر . وقد أجريت لى سبع وعشرون عملبة فى شهر 

واحد : وكانت جميعها باستئناء اثنتين مها بلا مخدر » . 

وكان يدرك قيمة جراح الخندى فى مثل هذا الوقت » ولذا عاد إلى مكتبه 
فى صفيفة « البوبوو ديناليا» » متكا على عكازتيه الاتين ظل يستعملها مدة طويلة 
بعد انقضاء الحاجة إليبما . وأحس كجندى خخاض الحرب » بالقدرة على مهاجمة 
الاشتراكيين ع والكهنة السلاميين والحياديين الذين اعتبرهم مسئولين عن كارثة 
كابوريتو » وانطلق فى هجومه » متحصناً بصفته ابخديدة » وبصورة ما كان 
ليستطيعها لو ظل مجرد صعى مدنى . وكواحد من أولئتك الذين أخذ يشير إليهم 
١‏ بالناجين » من الحرب » .راح يلح على إشراك انود العائدين فى .حكم إيطاليا 
الحديدة » بحكومة يحب أن تتصف بالقوة وعدم التساهل . وأخذ فى مسهل شور 
فبراير من عام 1418 ينادى بظهور الديكتاتور الذى « يتميز بالقسوة والحروية 
لتطهير البلاد تطهيراً شاملا » . وراح يو ف خطاب ذاع صيته » ألقاه فى هدينة 
بولونا بعد ثلاثة أشور بأنه قد يكون هذا البجل . 

وكان يوجه هذه التطلعات بصورة خاصة إلى أولئك الذين اشتركوا ق الحرب » 
وكان يحد ى صفوفهم العرن الحمامى الذى يأمل فيه . وتببى الذين حاربوا ف 
جببة كارسو » جميع المطالب الى صدرت عن مرسولرى بهم فيوبى وساحل دماسيا 
إلى إيطاليا بالإضافة إلى منطتيى ترينتينو وفينيسيا جروليا الاتين أقرت «عاهدة 
سان جرمين ضمهما إلى إيطاليا . ولقيت حملاته على الثورة الروسية وعلى جماعية 
لينين استجابة ضخمة لدى -جميع أولئك الذين ربطوا بين ثورة أكتوبر والبلاشفة 
وبين الحزب الاشتراكى الإيطالى المعرض للاتهام . ولم يعد يعتبر نفسه اشتراكينًا 
حى ف الاسم . وكان يقول إن الحزب لم يكتف بمعارضة الحرب فحسب » وإئما 
عارض التصر أيضاً » وكان على استعداد للتخلى عن ثماره » وأضاف أن هذا ادرب 
بدفاعه عن مبادئ البلشفية الدولية قد فقد الحق حبى فى اعتبار نفسه المدافع 


م6 
عن الطبقة العاملة الإيطائية . ولا كان يدرك أن آراءه ان تنجح إلا إذا تمكن ٠ن‏ 
إضعاف الروابط الى كانت تربط بصورة تقليدية بين العمال وبين الحزب 
الاشتراكى ء فقد حرص على أن يظهر فى 'مقالاته وخطبه على أنه ما زال صديقهم 
والمدافع عنهم . وكان يؤكد ل » أنه ما فنى' بالرغم من أنه لم يعد من. الاشارا كيين 2 
غير مثهاون فى عدائه للبورجواية والرأسمالية . 
ولكن بالرغ, من أنه لم نبق الآن نمة شكوك فيا يقف موسوليى ضده من آراء ؛ 
فإن الشك كان لا يزال كبيراً حتى فى ذلك الحين أى فى عام 1418 ٠‏ فى حفيقة 
ما يدافع عنه . وعندما انتى فى الثالث والعشرين من مارس » وبدعوة منه علد من 
الناس فى إحدى غرف مكائب اتحاد التجار وأصعاب الحوائيت فى ميدان سان 
سيبواكرد فى ميلان » ليؤلفوا قوة جديدة فى السياسات القومية » كان الشاث 
لا يزال يلف يحقيقة السياسة الى ينادى بها . وكان مؤيدوه خليطاً عجيباً من 
الانشتراكيين الساخطين والنقابيين والحمهوريين والفوضويين والثوريين اللامصنفين » 
والحنود القلقين اللين كان الكثيرون مهم قد سملو ى وحداث الفداثيين 
المقدامة ق الحيش الإيطالى » بالإضافة إلى عدد من المطلوبين لرجال 
الشرطة 2١”‏ . وقد شكلوا ما أسماه موسولينى باجموعة المناضلة » الى تربط أفرادها 
عرى وثيقة كتلك الى كانت تجمع بين قضبان الخلادين فى عهد الرومان كروز 
للسلطة الرومانية. :وكان الاسم الإيطالى الذى أطلقوه على أنفسهم امم « فاشيوميلان ؛ 
وباستثناء البيانات الصريحة المؤيدة المشاعر القومية » الى كانت تصدر عنهم 
م يكن فى وسع هؤلاء أن يقدموا شيئاً إلى الرأى العام غير المتأثر بهم » والكثير 
التشكلث بكل ما يسمعه » بحيث يصدق هذا البرنامج السياءيى الذى وضعوه واحهال 
تطبيقه » وهو البرنامج الذى بنطوى على فرض غبريبة تصل حدود ( )8١‏ فى آلائة 
على أرياح الحرب ؛ وجزية على روس الأموال ٠‏ ومصادرة أملاك الكنيسة » 
)١( 3‏ / يعرف عدد الرجال الذين شمدرا هذا الاجبّاع » ولكنبم كاترا عل أ حال آقل من 
مائتين . لكن موسوليى الذى أراد أن يؤكد أهمية الأقلية أمخلمة المؤيتة » ذكر بأن عدد الذين وقعوا عل 
البرنامج كان حمسة وأربعين رجلا . ولكن ظهر بعد انتصار الفاشية فى إيطائيا » أن هناك مثات من الرجال 


أطلقوا على أتقسبم امم و سانسيبو كلريستى » تسبة إلى المكان اللى دار فيه الاجماع الذى كائرا قد 
حضر ره . وقد اعتير و| أيشاً الصفوة الفاشية . مولت » 


آم 
وضم دالماسيا » وإلغاء البورصة » وتسلم الإدارات الصناعية إلى العمال . ولم يزد 
عددد مؤيدى الحركة الحديدة كثيراً طيلة عام 1914 . ولكن سرعان ما انضم إليها 
عدد آخر من الحنود المسرحين ومن الاشتراكيين الخائبين ى آمالم والنقابرين 
الشبان الساخخطين والملكيين المحافظين » ومن ضباط الحيش السابقين من أمثال 
سوزار ماريا دى فيشى والحئرال إميليو دى بونو . ولكن هذا الخلبط الهجين 
ف طبيعة الحركة » والتناقضات الموجودة بين هوسوليى الذى كان لا يزال يعتير 
نفسه كا ذكر المسئر دئيس ماله سعيث « لينين إيطاليا » ء وبين العناصر المحافظة 
الى اعتبرت آراءه فى احتلال المصانع أكثر بلشفية من البلشفة نفسها » كان السبب 
ا خرابها . ولم يئل الفاشيون عندما قدموا بعضهم ‏ كرشحين لانتتخابات مجلس 
النواب فى أكتوبر عام 19419 » أكثر من أربعة آلاف صوت » ونال خصوعمهم 
الاشتراكيون أكثر من أربعين ضعفًا لهذا الرق » كنا انتعخب مائة من الديمقراطيين 
المسيحيين نواباً فى املس . وأعلنت «ألافانتى » بشىء من الزهو » أن موسولييى 
غدا جثة سياسية » وإن جمانه يطوف شوارع. ميلان » تحيط به الشموع » 
وترافقه جموع المتظاهرين ينشدون الآ حان الحنائرية » ليحرقوا ابلحمان بعد ذلك 
فى ميدان دوومو . واقتحمث الشرطة بعد بضعة أيام من هزيمته الانتخابية الساحقة 
مكاتئب صعيفته . فقد انزعج فرانسيسكو نيتى رئيس وزراء إيطاليا هن تأييد موسولرى 
الصريح للعمل المسرحى والنارى الى قام به الشاعر دانونزيو باحتلاله فيوبىي بام 
إيطائيا » وأمر باعتقال موسولينى بنهمة التآمر المسامح على الدولة . وبدا أن نمة كل 
ما ييرر هذه التبمة . فقد كانت مكاتب البوبولو ديتاليا الحقيرة أشبه ما تكون 
باترسانة!) . وعثر الشرطة فى الحزائن والأدراج على عدد كبير من القنابل 
والمتفجرات » وعثر رجال الشرطة على سبع قنابل فى موقد غرفة موسولرى . ووراء 
مرآة الحدار وفى أدراج مكتبه ٠‏ كنا عبر على مسدسه » وخنجره فوق ٠كتبه‏ ) 
وخلف علم مطرز بالحرير لوحدات الفدائيين . ولكن السلطات ما لبثت أن أطلقت 


)١(‏ ( يستطم مصولينى قط أن يتغلب عل رغبته العنيفة ى حيازة الأسلحة . وقد ظل يمرض 
بعد وصوله إلى لمكم بأمد طويل » وعلى منضدة فى الغرفة اللحارجية لمكتبه ى قصر البندقية صنديقاً يهم عدداً 
من المسلسات و يعض الرماح . « المؤلت و 


باه 
سراح موسوليى بالرغى من جميع هذه المظاهر الى تدل على العنف » فقد قيل 
لرئيس الوزراء نيبى إن الفاشية ما زالت -حركة وليدة » وأن ليس نمة ما يدعو إلي أن 
يخلق شهيداً من قائدها الذى لا يعدو أن يكون و -حطام إنسان مهزوم ا ْ 
' ولكن لم يحل مطلع يونيو المقبل ء حى كان هذا الوصف أكثر انطباقاً على 
نيى ) نفسه منه على موسولينى . وأدى فشله فى مواجهة تحدى الإضرابات والفئن 
الثورية » وش حل مشاكل البحر الإدرياق » وضعفه فى مقاومة مطالب الاشتراكيين 
والشيوعيين » إلى الإسهام كثيراً فى تزايد نفوذ الفاشية وقوتها . واستقال نيتى للمرة 
الثالثة فى غضون ثلاثة أشهر فى السادس من يوقيو عام 197١‏ » ليخلفه فى اله 
جيوفافى جيوليتى . ولكن هذا بالرغم من مهاراته وحساباته » لم يكن أكثر قدرة من 
نيق نفسه فى مواجهة ما اعتبر تزايداً فى الحطر الباشبى على أمن الدولة وسلامها » 
ولم تؤد محاولاته لإرضاء العين واليسارفى وقث واحد إلى إرضاء أحد » وعندما سمح 
للاشيراكيين فى شهر سبتمبر: بتسلم منظمة احتلال العمال للمصائع » بالرغم. من 
إظهاره ضعف العمال المضر بين ٠‏ وافتقارهم إلى الفاعلية » سحسر تأريد الطبقة 
الوسطى الى رأت فى رفضه التدخل » تساهلا مستمرًا مع الفوضى وخرق القوانين . 
واتضحت الحقيقة » وهى أن الوضع القوى فى البلاد لم بعد سبلا بحيث تستطيع 
السيطرة عليه حكومة لا تقدر على الاعهّاد على غالبية من العمال فى برئان لم تعد 
له قيمته . وتزايد التضخم من بجراء المعونات المالية الحكومية الى عجزت على أى 
حال عن التخفيف من آلام بلد فقير فقراً شديداً » بات مديئاً بمليارات الليرات 
عندما توقف حلفا فجأة عن تزويده بالمساعدات الاقتصادية . وساءت حالة البطالة 
ف الوقت نفسه كل السوء من جراء تسريح الألوف من الحنود » برها ارتفعت نسبة 
الحريمة من جراء وجود ما لا يقل عن ماثة وخفسين ألفاً من الحنود الحاربين من ابلدندية 
منذ الحرب ء والذين ألفوا مثل ذلك البين العيش بطرقهم الخاضة . 
وسرعان ما أدرك موسوليى وفاشيوه مدى الفرصة الضخمة المتاحة لم © والى 
قدر لها أن تغدو مصدر اعتزاز الفاشية بأنها قد حققت سلطالما بعد نضال مرير 
مع الشبوعية » منكرة بللا الحقيقة الواقعة وهى أن الفاشية قد استمدت قنْها من 
ضعف الاشيراكيين . وقد تقبل موسولييى بعد انتخابات عام 1114 2 هزكته 


مه 
الانتخابية كدليل على عجز الفاشية عن كسب تأييد الطبقة العاملة وانتزاعها من 
قبضة الاششراكيين التقليدية » وراخ يعمل بمنهى اللاامبزامية على التخلى عن 
آرائه اللينينية » وتببى. لغة ومواقف أصبحت مندذ ذلك الحين أساسية فى الكيف 
الفاثى . ْ 

وعندما انتشرت الإضرابات والقئّن احتجاجاً على ارتفاع مستوى الحياة » 
وإزدادت "كنا وكيفاء وتعرضت القطارات والدكنات والمصارف والأبنية العامة للمءجوم 
فى أرجاء إيطالبا طولا وعرضا » وتحولت مناطق بأسرها إلى أيدى الشيوعيين » 
حيث قامت مجالس : سوفييتيات0 مملية » وعجز الاشتراكيون ذوو القيادة السيئة 
واليمقراطيون المسيحيون عن الوصول إلى سياسة مشتركة تضمن وجود البديل عن 
الشيوعية » .راح الفاشيون يتقدمون إلى الأمام كنفذى البلاد » والفوة الوحيدة الى 
تستطيع كبح جماح الشيوعية ومنعها من الانتشار . وانتشرت فصائل من الفاشرين 
مسلحة بالمدى والمراوات والمسدسات «البنادق الى حملوها معهم من الخرب ؛ 
تحث ستار القول بأن العنف لا يقابل إلا بالعنف + “باج الشيوعيين وأنصارهم ( 
بشىء من العنف والتنظم ما ليثا أن خلقا شيتاً يكاد يشبه الحرب الأهلية . وتبين 
فيا بعد أن نحواً من ثلاتمائة فاشى وأكثر من ثلاثة آلاف من خخصوعهم قد قتلوا 
فى هله الفيرة الواقعة بين أكتوبر عام 17١‏ وتاريخ النحف على رودة . وبالرثم 
من أن الإحصاءات الفاشية تعكس هذه الأرقام » إلا أن مجموعها صمح على 
الغالب . 

وكان الفاشيون وهم يرتدون القمصان السوداء التى جعل منها عمال رومانا 
وإميليا شعارهم » والزى الموحد للفوضويين ٠‏ ويحملون أعلام الفدائيين » يمضون 
فصائل وحماعات » ينشدون الأناشيد الوطنية ء ويرفعون الشعارات القومية إلى مهاجمة ٠‏ 
أعدائهم » وقد تألفت هذه الفصائل فى مجموعها من الرجال الذين اشتركرا فى 
الحرب الماضية وين الشبان الذين كانوا يتوقون إلى أن بقوى عودهم ليحاربوا » 
ومن المحضرمين الذين كانوا بلهبون بالحماسة الوطنية » مما دفعهم إلى الاشيراك 
تمتطوعين جاءوا من جميع أرجاء إيطاليا فى حملة دانونزيو على فيوى متحدينًا 
حكومات أوونا كلها ء ومن المغامرين ال#رمين الذين كان دانوازيو : قد 


6 
استهواهم أيضاً . وكانت تلق التأييد أيضاً والإعجاب من ألوف الإبطالرين انين 
كانوا على استعداد للتسامح معهم ى أساليبيم » اعتقاداً منهم » بأن إرهاب 
000 ؛ ودفعهم إلى تحية الع الى كل عل إيتالوبالبو ق فيرارا » وقتلهم 
أو تلطيخهم بائزيت » هو السبيل الوحيد لوقف وباء البلشفية الدواية عن الانتشار 
وإنالته . وكانوا يرون أن الاشتراكيين الذين كان الكثيرون همهم لا يتمرزون عن 
الشووعيين يلجأون إلى أعمال الإرهاب والقتل ٠‏ وأن الرحمة مع الذين لا يرحمون » 
سخافة ما بعدها سخف . وهكذا كان الفاشيون مثلا » هم الذين وجهوا المظاهرات 
بولونا فى نوفبر عام 197١‏ » عندما تفجرت الاضطرايات فيها ٠‏ ضد مجلسها 
البلدى الذى يسيطر عليه الشيوعيو » وهم الذين نظموا المقاوءة ٠‏ واهتبلوا الفرص 
للظهور إلى -جانب الحرية ضد الطغيان . وليس ثمة من شلك فى أن تخاذل الحكومة 
قد أعامهم ى بولونا كما أعانهم فى غيرها من المدن ء إذ لم يقى -جيويى » باستدعاء 
اليش أو الشرطة أو الدرك ٠‏ للعمل ضدم وقتام » كالم تفعل ذلك أيفياً 
الحكومات الليبرالية الى أعقبت حكيمته . وهكذا سمح لسرطان الفاشية بالانتشار . 
ونحولت بعض النقابات .العمالية وقد خاب أملها فى تدخل الشيوعيين بعد أن خيرت 
نكلهم وده إلى الفاشية » وسيطر الفاشيون على عدد مها .وعلى بعض مجالس 
المدن التى احتلوها . ورأى الكثيرون من الليبراليين وااكائثولياك » وغالبية الصحف 
ذات النفوذ الكبير فى البلاد » أنه بالرغم من هذا السوء فى مظهر الفاشيين » ويبلهم 
إلى العنف الذى يكرهه .جميع أعدائه » فإنهم أكثر فاعلية ولا شلك من نيى أو 
جيوليى أو أنصارهما فى إنقاذ البلاد من الفوفى . 
وكان هناك وراء هذه الغوغائية » ووراء هذه الوحشية الوضيعة ؛ وهذا الإخلاص 
المتعالى » والسخيف للفضائل العسكرية التى لا يحبها هؤلاء اللربرالرون » خيط عن 
الحماسة الوطنية والمثالية . وكان هناك أيضاً أولئك الذين يؤيدون الفاشية لأسباب 
ذائية خاصة » كالصناعيين » وستغلى الحروب » الذين رأوا مصائحهم وزؤس 
أمواهم مهددة ؛ والذين مالوا إلى استخدام. الفاشية ضد الاشتراكية اسحقها » 
وبينهم رئيس الوزراء جيوليتى » وكذلك أصعاب الأراضى الذين تطلعوا إلى 
الوحدات الفاشية مماية ممتلكاهم » (الفلاحين الذين تطلعوا إلى استخلاص 


)و 

الأرض من مزارعيها الاشتراكيين » والحنود الساخطين المتلهفين إلى انتزاع حقوقهم 
من أولئك الذين تخلفوا عن الاشتراك فى الحرب ٠‏ والقتع بهار الثورة الاشتراكية 
البى جاءت بها الحرب » وذلك بالإضافة إلى الانتهازيين الذين رأوا المستقيل باسماً 
لم في دولة فاشية » يحصلون فى عهدها على المال والسلطان اللذين يعجزون الآن 
عن الحصول عليهما . وأكن الحركة شملت أيضاآ عدداً من المثاليين الواهمين . 
فقد أيدها مثلا بوشينى » كما رشح توسكاسنينى نفسه على مبادثها فى انتخابات 
عام 1414 . ونخيل إلى بنديتو جروشى » أن وصول الفاشية إلى الحكم » سيكين 
خيراً من الفوضى الراهنة » واعتقد "كنا اعتقد -جيوليتى » أن فى الإمكان تحويل 
الحزب إلى الدستورية . وأيدئه أيضاً جماعات من الكائوليك + لأنهم رأوا فى 
الفاشية » الوسيلة الوحيدة القوية للدفاع عن الدين ضد إلحاد الشيوعية . وهكذا 
لم تحل مباية عام 147١‏ ء حبى كانت الفاشية معتمدة على المصادر السيئة والطيبة » 
قد حققت لنفسها » بنياناً كبيراً من التأييد السياسى . وعندما جرت انتخايات مابو 
عام 1؟19 » الى تحالف فيها الفاشيون مع -جيوليتى ضد الاشتراكيين » مما أثار 
حفيظة اللببراليين على رئيس الوزراء العجوز » وأخذوها خطيئة عليه لم ينسوها قط » 
فاز الفاشيون بخمسة وثلائين مقعداً فى مجلس النواب الخديد » وكان موسولبى 
أحد النواب الخد . وتبينُ الآن الفرص الواسعة المتاحة له » وشرع فى هذه الفوضى 
والاضطراب فق الحياة السراسية الإيطالية مجمع حوله تماما "كما فعل لينين والبلاشفة » 
عدداً من الثوريين المتحمسين ؛ المستعدين لاغتصاب الحكم بام العمال » سواء 
وجدوا تأبيداً من العمال أم لم يجدوه . وقرر أن يتولى هو قيادهر . وكان قد شهد 
الاشتراكيين وهم يفقدون نفوذهم قبل اشتراك إيطاليا فى الحرب » وتعخلى عن لزب 
الذى أدرك عجزه عن قيادته إلى الحكم والسلطان . ولكنه آمن أن فى استطاعته قيادة 
الفاشية إلى الحكم » وهو الأمر الذى استهواه » وظل يسّهويه ويثير محماسته حتى 
الهاية . وقد اعترف بعد سنوات طويلة » دون إحساس بالعار أو الدتجل » 
يقول .. . 0'أجد نفسى واقعاً تحت سيطرة هذه الرغبة الملحة الساعرة » الى 
تحرق وجودى كله . فأنا أريد أن أترك أثراً.فى الحقبة الى تعيشها بإرادق » تمامآ 
كنا يفعل الأسد بمخالبه . أريد أن أترك أثراً كهذا ! ١‏ ثم راح بمنتهى البحشية ع 


51 
يخدش بأظافره الغطاء القماشى لمقعد يجلس عليه من أوله إلى آنخره . واعترف بأنه 
ما كان ليتورع عن عمل أى شبىء لتحقيق مطامعه . فالغاية عنده تبرر الواسطة 
دايماً . وم تكن سياسة تأليف الفصنائل الفاشية مثلا إلا الحهد المدروبى الاتعود لإثارة 
القلق وتتحريك مشاعر الحيبة . وقد تمكن عن طريق هله الفضائل » ويظهورها 
بمظهر الخماعات الوطنية المعادية للباشفة » من خلق وضع فوضوى يساعد الناس 
على تقبل الحكم السلطوى الذى رمت الفاشية إلى فرضه عليهم » وتوسيعه . 
وهكذا بات موسولينى رئيس تحرير الصحيفة اميلانية » بعد انتخابات مايو 
عام 141١‏ ء وبعد أقل من سنتين من هزبمته كثورى مهان لا أصدقاء له » 
شخصية قومية ؛ والزعم الشاب الذى لم يتجاوز السابعة والثلاثين الحزب سياءرى » 
يتسع نفوذاً ويزداد عدداً شهراً بعد شهر . وكانت قيادته الى تمكن من الحفاظ 
علها » العرة الواضحة لمواهبه السياسية » إذ أن الفاشيين باأرغم *ن أسالييهم 
العسكرية ؛ ومن عفيدسهم الوحدوية الى ينادون بها ». كانوا لا يزالون فى الواقع 
جماعة مفسخة أشد التفسخ . وكثيراً ما اضطر موسولينى إلى تعديل إعلان سابق لهع 
وتغيير موقف كان قد صرح بأنه لا يقبل التبدل » ومناقضة نفسه فى سجهوده لاسيطرة 
على هذه الفضائل الفاشية المهورة المجنونة » مع ظهوره فى الحطب التى يلقّيها » 
وف مقالاته الى يكتبها بمظهر الثورى الرومانى » المتقد -حماسة . وهكذا ثراه : 
رغبة منه فى توسيع قاعدة التأييد الفاشى ٠‏ يشير مثلا » إلى الدور العظم الذى لعبته 
أسرة سافوى المالكة ء والذى تستطيم أن تلعبه فى تاريخ البلاد » بالرغى من أنه “كان 
يكثر؛ من قبل الحديث عن « الول الحمهورية للفاشية» . ورغبة منه أيشياً فى 
الحصول على تأييد نجيوليتى .ف إدخال المرشحين الفاشيين فى قواتمه الانتخابية ؛ 
كان على استعداد لتأبيد معاهدة رابالو التى. أقرت تنازل إيطاليا عن مطابها فى 
الساحل الدمامى . ورغبة منه كذلك فى ذمان تأييد الصناعيين وأضماب المعاىل » 
الدين ألف الآن الاغماد على عوتهم المالى » راح يعلن فى إحدى خطبه النادرة فى 
مجاس النواب ٠»‏ بأنه يحب العدول عن أية محاولات أخخرى لاحتلال المصائع ٠‏ » 
وهى محاولات كان قد أيدها قبل زهاء ثمانية عشر شهراً . ومع هذا كله فقد مضى 
فق شهر أغسطس من عام الاقلا )2 بعيداً فى الاتجاه الما كس 2 وواع مع 


1 
الاشتراكيين اتفاق هدنة وسلام معلنا أن من ١‏ المضحك حقذا التحدث عن الطبقة 
العاملة » وكأنها تسير مسرعة. فى طريق البلشفية » » وإنه على استعداد كلى 
الدفاع عن هذا الاتفاق بكل قواه . وراح يضيف قائلا ... « ولو تقاعست 
الفاشية عن السير ورا فى التعاون مع الاشتراكيين » فلن يكون نمة من يرغمى 
على السبر وراء الفاشية » . ولكن لم تمض ثلاثة أشبر » -حجى اتضح أن الفاشية 
ليست على استعداد للسير وباءه فى هذا الموضوع » وأن الاتحادات الفاشية غير 
راغبة فى قبول إنذار موسوليى بأن الرأى العام يبتعد عن الفاشية » وأن من الضرورى 
لتثبيت أقدامها » وتأكيد نجاحها » عقد هذا التفاهم البرلانى مع الاشتراكيين . 
وهكذا ثم العدول عن الاتفاق . وبالرغم من أنه كان بعيد المرة تلو المرة » طيلة هذا 
اثوقت الإصرار فى الاجماعات الفاشية الى يعقدها على وجوب القيام بانقلاب 
للإطاحة بالبمان والدولة الليبرالية» وعلى أن هذا الانقلاب يجب أن يكون قريب جدااء 
نراه » فى الوقت نفسه يكبح جماح زملائه المندفعين من أمثال إيتالو بالبى وديئو 
جراندى ورؤبرتو فاريناشى » وبمنعهم من وضع أى خطط لتنفيل هذا الانقلاب . 
فققد كان فى الواقع أقل ثقة منهه” بأن الفاشية قوية إلى الحد الكافى لضمان النجاح » 
وكان أكثر لمفة منهم » على أن يتحةى وصول الفاشيين إلى الحكم ٠»‏ بتأبيد عام إن لم 
يكن جماعيا . وكان كثيرون من النواب الفاشيين قد وصلوا إلى مقاعد النيابة 
مساعدة ختاجر أعانهم ويؤيبهم » وأقض العدد الؤايد من حوادث القت يوم 
الانتخاب مضجعه . وقد تحدث أحد رفاقه من القئلة بشىء من الصئلافة ذات 
يوم فقال . . . ١‏ لعل المشكلة مع موسوليى أنه وريد التأبيد والبركة من كل إنسان » 
ولذا فهو على استعداد لتغيير ثوبه عشر مرات فى اليوم لتحقيق ذلك » . 
وانضحت لوسوزينى فرصته بوضوح فى أغسطس عام 1971 » أى بعد أشهر 
طويلة من الردد والشك . فقد دعى فى ذلك الشهر إلى إضراب عام » تلبية لسخط 
الشعب المتزايب واللائب الأمل . وأعلن موسوليى » أن الفاشيين سيمنعون الإضراب 
إذا تقاعسث الحكومة عن منعه . وهكذا أتيحث له ثانية فرصة التدخحل بالعنف 
تحت ستار حماية القانون والنظام . وهاجمت الفصائل الفاشية فى ألكونا وليجهورن 
وجنوا أبنية الاشتراكيين وأحرفها وهدمنها ٠.‏ كما حطمت فى ميلان مطابع 


3 

صينلهم « ألافانى : : ْ 

ويبدو أن تأثر موسوليبى قد بلغ مداه بعد شهرين عندما اجتمع مؤثمر الحزب 
العام. فى مدينة نابولى » وتبين له إصرار أكثر من أربعين ألفاً من الفاشيين على العمل. 
وإذا انطلق يتكلم ويعد ؤيتوعد » بصورة تفوق نهديداته فى أى بوم مضى : 
وراح مخطب المؤمرين قائلا . ... «وكل ما نتطلع إليه » هو أن ندخل فى هذه 
الدولة اللببرالية البى أدت مهمتها واستنفدت أغراضها جميع قوى الحيل الحديد التى 
انبثقث عن الحرب والنصر . . .. ولذا إما أن تستسلم الحكومة لنا » أو أننا سنستولل 
عليها بالنخف على رومة ؛ . : 

وانطلقت حناجر الألوف تصرخ هاتفة .. . رومة » رومة . وتناقلت هذا 
المتاف ألوف أخرى حملت الشعار. 


5 


وكان ممسولييى قد بحث موضوع الزحف على رومة مع أربعة من أيرز 
الفاشيين أصبحوا يحملون فيا بعد اسم « مخلس الأربعة » » وهم ميتالو بالبو الثشاب 
الأنيق الذى لا يتجاوز السادسة والعشرين من عمره » وإلذى يتولى قيادة الفصائل 
الفاشية » والحرال إميليو دى بونو القائد السابق للفيلق الإيطالى التاسع ٠‏ وسيزار 
ماربا دى فيشى » عضو مجلس النواب الفاشى' » وميشيل بيانشى السكرتير العام 
للحزب . وقد روى بالبو فيا بعد » أنه كان وبيانشى اللذين أصرا على الزنحف على 
رومة » وأن مرسولييى كان حذراً ومتردداً » بحيث وجدا نفسيهما مضطرين » إلى أن 
يبلغاه بأن الفاشيين سيزرحمونٍ على العاصمة ؛ وافق أم لم يوافق ٠.‏ لكن رواية موسولينى 
تختلف عن هذه القصة 'كثيراً » وليس ثمة من شلك سواء أكان تردذه مصطنعة 
أم لا » فى أن هذا الأردد مكنه من الحفاظ على اتصالاته بخصومه . الذين لم يكن 
أى منهم » واثقاً حتى اللحظة الأخيرة » من أن الضررة تقضى بالتعاون مع 
موسولبى : بدلا" من اصطباغ الثورة بالصبغة الفاشية وحدها . ولعل من المؤكد 
أيضاً أنه اقتنع عند عودته من مؤتمر نابول فى شهر.أكتوبر » بأن الوقت قد حان العمل 
وأن حكومة لويجى فاكتا الى خلفت حكومة إيفانو بونيى » وهى الى نخلفت 


54 
بدورها .حكومة جيوليتى » عاجزة وغير مستعدة لمقاومة أى عمل صادق وحازم . 
وانفجرت الاضطرابات الفاشية فى السابع والعشربن من أكتوبر فى عدد من المدن 
الإيطالية » وراح مجلس الأربعة يطالب .حكومة فاكتا بالاستقالة . ولم يحل الصباح 
التالى » حى كانت أربعة أرتئال تطبق على العاصمة » زاحفة عليها . واندفعت 
الحكيمة إلى العمل فى اللحظة الأخيرة » وأعلنت عن عزمها على فرض الأسحكام 
العرفية » ولكن الملك وقد نخشى أن يعنى هذا نشوب الحرب الأهلية » وبات 
مستعدً! لتقبل أية .حكومة فاشية على أى حال » رفض توقيع المرسوم بإعلاتها » 
فرك حكومته عاجزة عن أن تفعل شيثاً » وأدى البأس من إخماد الثورة » ولاسها 
أن الأرئال الفاشية قد اقتّريت من العاصمة » إلى عرض عدد من المقاعد الوزارية؛ 
فى حكومة ائتلافية ينية برئاسة أنطونيو سالاندرا على عدد من قادة الحزب . 
واقرح جراندى ودى فيشى على موسوليى قبول العرض ؛ واكنه رفض . فقد بات 
السلطان كله على مرأى منه الآن » ولم يعد راغباً فى الحلول الوسط » وإن كان 
التخوف من أن يكون قد مضى بعيداً فى تطرفه » قد أرقه واستبد به . 
وكان لا بزال قابعا فى مديئة ميلان » وأحاطت وحدات من الحيش والشرطة 
يمكتبه ء وظل يتطلع من النافلة بين آونة وأخرى » وبيئف هنا أو هناك » عن 
طريق الحاتف » متسقطا الأخبار الى يتلهف على تلقبها . وبذل -جهد الحبابرة 
للاحتفاظ بهدرثه الظاهرى » «سيطرته على عواطفه » اكن تأثره كان قد بلغ حد 
الحنون . وعندما اندفعت مجموعة من الدبابات عبر الشوارع متجهة إلى مكتبه فى 
« البوبولو ديتاليا ؛ » خرج من البناء يحمل بندقية فى يده » ويبتف هتافات 
لا رابط بينها ولا انسجام . وكاد أحد أعوانه الذين لا يقلون عله حماسا » يقتله 
نتيجة الحطأ . ولكن لم تكن هناك ف الواقع أية مقاومة للزحف الفاشبى على رومة » 
إذ كان الحيش والشرطة على استعداد للوقوف بمنأى ٠»‏ تاركين لابحف أن يسير 
ف طريقه . 
وجاءته رسالة هائفية أخيراً من رومة » تستدعيه إلى هناك للتشاور مع الماك . 
فرد قائلا باقتضاب > وقد استعاد هدوءه وثقته . . . « أريدها رسالة خطية » . 
وبعد وقت قصير »© وصلته برقية عاءجلة تقول . . . « عاجلة للغاية ‏ موسوليبى ل 


م6 
مملان . يطلب إليك جلالة الملك » أن تتجه فوراً إلى رومة ؛ لأنه يعتزم عرض 
مسئولية ا حكم وتأليف الوزارة عليك » مع احيراى . التوقيع ارال جيتاديى ؛ . 
وغادر مبلان فى ذلك المساء » متجها بالقطار إلى رومة . ورغب كنا يبدو ؛ 
وها قال أحد الصحفيين الذين أو فى ذلك اليوم » فى أن يبادو بقميصه الأسود » 
أكثر هنداماً » فوضيع على رأسه قبعة سوداء » وعلى -حذائه غطاء أسود . وعندما 
مثل أمام الملك » راح بعتذر عن لباسه غير المألوف فى مثل هذه المناسبات قائلا ... 
١‏ أرجو أن تغفر لى مظهرى » . وراح يكمل حديئه بلهجة مسرحية » توحى بما يريد 
أن يفعله » وتبدى غروره المتناهى قائلا . . . 9 فقد جئت من ميدان المعركة ؛ . 


15 


5 


رئيس الدكومة 
من 7١8‏ أكتوبر 1477 إلى ١"‏ يناير 191715 


وتحب الماهير الرجل القوى . فالحمهور كالرأة تماماً . 
ريتوقف كل شىء على قدرة المره على التحكم فيه كفنان أصيل . » 


دكات فى وسعى أن أحيل هذه القاعة الشاحبة » إلى معسكر مسلح لذهى 
0 السوداء ؛ وأن أجعل مها معرضاً للجئث . بل كان فى إمكانى أن أقفل 
أبواب البرلان بالمسامير ٠‏ » ببله العبارات اسهل موسولييى خخطايه الأول 3 جلس 
النواب ٠‏ بعد قبوله تكليف الملك إياه بتأليف الحكرمة الحديدة ٠.‏ 

وبالرغ, من أنه "كان فى سع قرات اليش أن تتغلب على أنصاره الذين لم 
يتجاوزوا فى زحفهم على رومة » نقطة تبعد أربعين ميلا عن رومة » لو أن الملك 
وافق على استخدام هذه القوات » إلا أن تبجحه هذا » لم يكن يفتقر كلية إلى 
الأساس الصحبح . لكن الشىء الثابت أن موسولينى وقد وصل إلى السلطان عن 
طريق اللهديد باستخدام القوة » راح يمارس هذه القوة دون تحفظ أو قيود . ققد 
أصدر أمره فى اليوم الذى تلا اجاعه بفكتور عمانوئيل » إلى خمسة وعشرين ألفا . 
من أفراد الفصائل الفاشية » كانوا لا يزاثون يعسكرون خارج العاصمة » يدخولها 
فى قطارات خخاصة » ليقوموا بعرض كامل فى ساحات الكير ينالى » م ليعودوا بعد 
ذلك بهدى إلى أماكلهم . وأنزل عقوبات صارمة جميع أولئلك الذين اقترفوا 
جرم عنيفة ء وكان راغباً كما يبدو الآن فى أن لا يظهر بمظهر الزعم الفاثثى 
فحسب » بل ف مظهر رئيس الحكومة الإيطالية أيضاً . وقد تضضمنت الوزارة 
الى ألفها ى غضون سبع ساعاث رجالا من مختلف اللحماعات السياسية باستثناء 
تلك المناهضة للقومية »ووزع مقاعدها على الديمقراطيين الالجماعيين ( الاشتراكيين ) 
والكاثوليك والأحرار . ولم يكن من الوزراء الفاشيين إلا أربعة فقط . 

وليس ثمة من شك على أى حال » فى أنه لم يأت إلى رومة ليرأس حكومة 
اثتلافية ) بل ليحكم حكما دكتاتوزيًا وشخصيًا عن طريق حزبه وقد احتفظ 


3 

لنفسه بوزارى الخارجية والداخلية بالإضافة إلى رئاسة الوزارة » وطلب من مجلس 
النواب سلطات استثنائية كاملة لمدة عام واحد » لينفذ ى. غضينه الإصلاحات 
الى.رآها ضرورية وحيوية . وقد منح هله السلطات بأغلبية ه/ا/ا صوتاً مقابل 4١‏ . 


وأكب على العمل بحيوية وتصمم لم يستطع حتى أشد ناقديه إخفاء إعجابهم 
بهما . وكان يصحى من نوهه باكرا ويقوم يبعض المرينات الرياضية العنيفة » إلى 
أن يتصبب العرق من صدره الذى يغطيه الشعر الكثيف » ثم يمضى بعد أن يتناول 
إفطاره المؤلف من الحليب والفاكهة إلى مكتبه الذى يصمله فى الثامنة صباحاً » بعد 
أن يكون قد قرأ بمنتهى السرعة عددا من الصحف الإيطالية والأجنبية » البى تكتظ 
بها غرف منزله . وكانت وجبات طعامه متفرقة » إذ أن القرحة الى قدر ها أن 
تضايقه وبصورة متزايدة بقية حياته ». كانت قد بدأت فى التشكل فى معدته . 
وكثيراً ما اقتصر غداؤه أو عشافه » على بعض المكرونة ( الاسباجبى ) » مع 
قليل من الخيز والحضار والفواكه الطانجة وفى مقدمته! ‏ السباانخ » و العنب الأسود . 
وكان يشرب يات كبيرة من الحليب وعصائر الفواكه ؛ وقليلا من التبيذ بسبب 
القريحة » كا انقطع عن التدخين منذ الحرب . وكان فى يوم ما مغرماً بالطعام 
والشراب » أما اليوم فلا يأكل إلا مسرعاً ودون أية لذة » زاهياً بمائدته الاسبارطية 
المتقشفة » وبامتناعه المتزمت عن الأكل فى المآدب الرسمية ؛ حاملا على مكثرى 
الطعام والشراب ء لاهماكهم فى هذه الملذات الحسية المنحطة . وكان يقول إن 
لذته الوحيدة هى فى العمل ٠»‏ ولعله كان صادقآ فى قوله هذا فى هذه الأوئة إلى 
حد كبير . وكان يتلبى دروساً فى المصارعة والملاكمة ويقبل على السباحة ولعب 
كرة المضرب . ويقول الذين علموه هذه الرياضات أو الذين لعبوا معه » إنه لم 
يكن يارسها » رغبة منه فى القتع بها » وإنما لأنه كان متلهفا على صمة البدن » 
وعلى أن يكون له جسم قوى خخشن١١!‏ . وكان جسمه قد بدأ يميل إلى البدانة » 
واكتنزت أصابع يديه الناعمتين » وكان جلد فكه الأسفل» يترهل عندما يشبى 


)١(‏ كان يخْثى من الماهات اللسدية » ولم يكن بحس بأى عطف عل المرضى . وقد قابل ذات 
على الفور » . ن المعرب » 


1 
أن يدفع به إلى الأمام . وكان يبدو عليه أنه أكبر من سنه الحقرقية التى لم تكن 
تعدو التاسعة والثلائين آنذاك » إذ أن التجاعيد كانت تحيط بعينيه الكبيرتين 
السوداوين + وكان الصلع قد انتشر فى مقدمة رأسه ؛ بِيما كان الشيب قد وندط 
عارضيه وما تبى من شعره . لكن حيويته كانت من الطراز الذى لا يكل ولا يمل . 
وقد تميز بالقلق وكثرة الحركة ونفاد الصبر ء واتروية والعصبية وبدا وكأنه لا يتعب 
ولا سترحى . وكالت حيويته الحنسية لا تزال قوية آسرة . ولذا كان بفيرس 
ما يعئرض طريقه من نسوة كن .يفدن إليه فى الغرفة الى حل فيها ى أحد الفنادق » 
م فى الشقة الى ارتحل إليها فيا بعد » والواقعة فى الطبقة العليا من قصر فى شارع 
راسيلا »ع بكثير من العاطفة المتدفقة الى كانت تفزعهن وثثيرهن فى أن واحد . 
وكان نافد الصبر مهن ومن وزرائه » ولذا كان يمبنبن كما يمبن القائد المنتصر 
غبيده الأمرق: + وكان يبدو يانه إل هذة الطريعة آي #انت شقعه , وتكات 
ذوقه متميزاً بالشمول إلى حد كبير » إذ لما كان فى سبى شبابه » كان يواع بالمرأة 
الذكية » وكان له ذوق خخاص بمعلمات المدارس . أما الآن فققد بات يحب كل 
امرأة » دون تمييز » شريطة أن لا تكون شديدة النحول » وأن تكون رانحنها قوية 
نافذة » إما عطراً أو عرقآ . ولم يكن يكثرث بالنظافة كثيراً » ولطالما أغرق نفسه 
بالكولونيا مستعيضاً بها عن الاستحمام . ولا كان معروفاً بإغراقه فى حب ذاته ع 
فلم يكن يكارث قط براحة عشيقاته » أو لذمهن » إذ طالما آثر الأرض على السرير 
لإشباع شبواته » دون أن يملع ملابسهء ومنتبياً من مغامراته الغرامية فى غضون 
دفيقة أو دقيقتين 2١١‏ . وقد تحدئت الكثيرات ممن عرفن موسولينى فى مباذله » 
من الصحفيات غير المتروجات » وزوجات أعوائه من الفاشيين والنبيلات والحادمات 
والممئلات والزائرات الأجنبيات » عن علاقاتمن به وتجاربين » دون نسم بل 
بكثير من الاعتزاز . وقد ذكرت إحداهن وكانت قد تألمت من مداعباته الثقيلة 
لصدرها أول مرة » أنها عادت إليه ثانية » لأنها وجدت أنبا لا تستطيع ١‏ رقف 
رجل له مثل هذه المكانة ؛ . وكانت هناك أخريات لم يكترثئن ؟كانته أو أعمرته » 
وإما أسرهن بعواطفه الحنسية القوية » ولا سيا عندما تتحول وحشيته وشتائمه 


)1١(‏ آثرت ترجمة هذه العبارات المكشوفة بوجهها الصحيح » أمانة فى النقل من ناحية » و إظهاراً 
لنزعاته ألخيوانية من الناحية الأخري . « المعرب » 


14 
القاسية فى اللحظات الداسمة إلى لعومة ورقة » بعد إرضاء نز واته . وقالت الكثيرات 
منهن إن هوسوليبى كان قادراً على الحب قدرنه على العشرة » وعلى الملاطفة قدرته 
على الشهوة . وذكرت إحداهن أنه كثيراً ما كات ينهى مغامرته معها بالعزنف على 
كانه ألحانا ناعمة . وأجمعت عشيتاته على القول بأنه بالرغم من قسوته وأنانيته البى 
لا يقطعها إلا نحات عابرة من العطف » كان هناك فى موسوليبى ما يأسر اارأة 
الى تعرفه » وهو رفضه الانصياع إلى أية قاعدة من قرواعد السلوك . 
وقد نقل هذا العصيان لقواعد السلوك إلى اللحياة العامة , فلم يكن يحلق فى 
ميلان ذقنه فى كل يوم . وهو لم يكن يفعل هذا أيضاً فى الأشهر الأولى من حواته 
ف روبه . بل 'بات يحضر بعض الحفلات الرمية كتلك الى أقيمت فى كرستانزى 
تكرعاً ملك إسبانيا وملكتها دون أن يحلق ذقنه . وكانت الملابس الى ألف ارتداءها 
فى مثل هذه المناسبات مذهلة للغاية . فقمصانه ليست نظيفة دانم » وحذائه 
لا يصبغ إلا نادراً . لكن هذا الحذاء لم يكن يظهر إذ اعتاد تغطيته بشكل لم يعد 
مألوفاً فى عصره . وم يكن لبهم أبدا ٠‏ بالموضة ؛ » ولا يفهمها » ولا يعرف اللياس 
إلا إذا سد له حاجته دون أههام بطرازه أو بشكله . ولم يكن يعرف السبب فى عدم 
جواز وضع الياقة السوداء مع البدلة الرمية ( الفراك) ء ولذا » فقد دأب على مخالفة 
العرف . ولم يكن يرغب ف أن تضايقه أربطة المحذاء ولذا استعاض عنها بالمطاط . 
وقد ابتاع بدلة رسمية ( بونجور ) لارتدائها فى مكتبه فى الصباح ء إذ أنه كان 
يستلطفل السروال المخطط » واللداكتة السوداء الطويلة ء وأكنه كان يظهر فيها 
فى منتهى الضيق » وكثيراً ما كان رباط عنقه فى غير موضعه » كما دأب على رفع 
أكام قميصه المنشاة إلى مرفقه . وعندما وصلت زوجته راشيل إلى رومة للإقامة فيها 
تحسن منظره وهندامه بعض الثىء . لكن قدومها إلى رومة جاء متأخراً 
إذ اثرت البقاء فى ميلان مع ابنتها إيدا ومع واديها فيتوريو الذى. ولد فى عام 21915 
وبرونو المولود ف عام 1414 . أجل لم ترغب راشيل فى انجىء إلى رومة » لأنما 
كانت تعرف أن مظهرها وحديئها هما مظهر فلاحة من رومانا وحدينها » وما 
ستحس فى رومة بالتعاسة والانكماش . ولم تيغب فى أن نشترك مع بنيتو فى محيانه 
العامة » بل أرادت أن تبى زيجة له وأمّا لأولاده » وأن هذا هو كل ما يترقعه 


دا 
ويريده منها . ويذكر أصدقازه » أمهم عندما كانوا يذهبون إلى زيارته فى منزله فى 
شارع مبريندا فى ميلان قبيل الحرب » كانوا يحدون راشيل » تغسل ملابس الأسرة 
فى باحة الدار . 

وراح أحدم يسألها ذات يوم . ... أهو فى المتزل ؟ 

-لا إن السيد فى الخارج . . . وكان هذا التعبير صورة لما تقوله المرأة الرومانية 
عن زوجها . 

ب ترق أين ذهب ؟ 

دلا أدرى . فلم يألف أن يخبرنى بما يفعله .. 

أجل؛ إنه ل يكن يخبرها قط بما يعترم عمله . لكلها لا تغضب » فهلما شأن 
الرجال دائمآً . وهى سعيدة ف زواجها منه . وكانت تعرف أن زوجها «زير نساء » » 
. كما اعترفت فيا بعد » أنها كانت تعلم بأن له عشرين خليلة » واكلها لا تكترث » 
لأنها تعرف أنه يحب أسرته . وأمثاله من الرجال. يحبون نساءهم دائماً . وللدا فهى 
لا تليمه . إنها تعمل كثيراً فى بيتها » سيدة مخلصة » طيعة وفية » وربة بيت لا تعروف 
المزاح » وإن كانت تثور. أحيانآ لأسباب تافهة . لكلها دائمة العبوس . وبالرتم 
من سذاجتها إلا أنها كانت تتمتع بمكر .الفلاحين , ولم تكن تفهم إلا القليل 
عما يفعله زوجها ٠‏ وأقل من ذلك عن عمله » كانت تثيره دائماً عندما تحاول 
أن تتقدم إليه بنصيحة أو تحذير ء وهو ما حدث علها نادراً . ودأبت بعد انتقاذا 
إلى رعة على تسلم رسائل لا يفصح كانبوها عن هوياتهم » وتلقى مكالمات 
هاتفية ورسائل من صديقاها » لتنوسط فى موضوع أو قضية » فإذا ما نقات 
إلى زوجها ما سمعته » بادرها يقول . . ٠٠.‏ إنك لا تعرفين شيا عن هذا » . رحتنا 
كانت لا تعرف شيئاً » ولذا فإن قوله هذا لم يكن يسيثها . . . وعندما نقلوا إليها نبأ 
مره تالت : «لتمد كان أبا ممنتازاً وزوجا طيباً» . ولا ريب فى أنها كانت 
صادقة فى قرفا هذا . 

ويقال [مبم عندما أبلغوها نبأ تعيينه رئيساً لاحكومة » هتفت: قائلة وقد بان 
السرور والاعتزاز والدهشة على وجهها : «'ياله من شخصية »'. 

وكان رأى الذين عملوا معه » لا يختلف كثيراً عن رأى زوجته فيه . فقد كان 


0/١ 
. عبقريدًا عند البعض » ويجنونا عند البعض الآخر » راكنه بارز فى كلا الأيين‎ 
ولا ريب فى أنه كان داعية ممتازاً » ولم يكن يتورع عن استخدام عبقريته الدعائية‎ 
لا فى إبراز شخصيته فحسب ء بل ى خلق صورة لها عند الناس بعضها صميح‎ 
والبعض الاآخر خيالى : لرجل من رجال القدر » يتصف بالدهاء الأصيل » دا‎ 
الغزير . ومن الواجب أن يقال على أى حال » إن لفته على إبراز ذكائه » كانت‎ 
واضحة وق منببى الغرابة . ولقد رسم له إميل لودفيج الكاتب الألمانى الذى تحدث‎ 
إليه موسوليبى فى عام 1917 فى سلسلة من المقابلات ضمها كتابه 9 موسولنى قال‎ 
لى » صورة إنسان واسع الاطلاع ميق المعرفة » وافر التتجربة ؛ يوحى الإنسان‎ 
ف نفس الوقت » بأنه طراز ذلك اليجل الذى لا يضيع فرصة يستطيع فيا الظهور..‎ 
» يسمح لإنسان بأن يسخر منه . ولعل من الطريف‎ ٠ ولم يكن بوصفه عاشقاً لذائه‎ 
أن نفكر فى الأعمال الكثيرة التى قام مها فى حياته » والتى نشأت عن رغبته فى أن‎ 
يثأر من أولنك الذين اعتبرهم ملنبين بمثل هذه الإساءة أو ما يشاببها . واكن لما كان‎ 
قد عند ايشا بالسذاجة فى بعض أعماله » فقد أتاح الفرصة لاكثيرين لاسخرية‎ 
ولم يحاول قط أن يصحح أخطاق أثناء حديى إليه‎ ٠.. . . منه . ويقول لودفيج‎ 
بالإيطالية . ولكن عندما حدث ذات مرة » وأسأت لفظ امم فرنبى » أطلت‎ 
. منه شخصية المعلم القديم » وراح بصوت خفيض ينطق الاسم "كنا يجب أن ينطق‎ 
وعندها أراد ذات يوم الحديث عن ” تقيم أحسن القم * بالآألمانية وراح يقترف‎ 
هفوة صرفية رغم معرفته الكاملة بلغتنا » سارع إلى تصحيح هفوته بنفسه مضيفاً‎ 
أنها نشأت عن الخلط بين المفرد والجمع'؛ . وكان يكثر من القول عند للحديث‎ 
إلى أعضاءحكومته وغيرهم 00 رجو أن تغفروا لى عباراق العلمية ) . وقد سجل‎ 
» أولريخ فون هاسيل الذى غدا فيا بعد سفيراً لألمانيا فى روية وفيليبو أنفسر‎ 
الدبلوماتى الإيطالى » هذه اللهفة من «جانب الدوتئى » لظهور ي#ظهر العاروف‎ 
لأكثر نما يعرف . ويروى لنا أنفوسو قصة الحديث الذى دار ذات يوم بينه وبين‎ 
. الرائعة بالإغريقية‎ )١( مؤسوليى وأسرته » .حيث تحددث الدوتشى عن معرفة نيتشة‎ 
وهنا قاطعه أحد أولاده بصوت رقيق قائلا . . . « واكننك لا تعرف الإغريفية‎ 





, تحدثنا عن نيتشه فى هامش سابق‎ )1١( 


ف 
يا ألى » . وعندما تظاهر أبوه بأنه لم يسمعه » عاد الولد يكرر ما قاله . ووجد 
موسوليى نفسهء مضطرًا الخروج بضيفه من الغرفة . وروى هاسيل بشىء من 
الازدراء »ء كيف أن مرسوليى أمر ذات يوم المصورين بتصويره وهو يفوز 
فى مباراة للشطرنج » مع أنه كان لا يعرف شيئاً عن هذه اللعبة . وشك هاسيل أيغساً 
كنا شلك غيره كثيرون » فى عة ما اشهر به من ذاكرة قوية » وقال إنها لم تكن 
أكثر من نمدعة » فقد كان يحفظ بعض الأرقام والإحصاءات قبل أية مقابلة » 
ليؤثر على سامعيه » عندما يأذ فى ذكرها وكأنه يخرجها من أعماق ذاكرته . لكن 
لودفيج خدع ببذه الحيلة التى خدع بها أيضاً كثيرون من وزرائه » الذين كان 
يسلك معهم سلوكا يتعمد أن يوحى للم عن طريقه بالمهابة والإعجاب . وكان 
بدو أعانا فظنا إل لحف الغراية + ينا تندواى آخانين أخرى فى تين الدماتة 
واللطف » فهو متناقض الشخصية إذ يبدو متعجلا حبناً ومغرقاً فى الأناة حيناً 
آخحر . عنيفاً ى غضبه تارة ومتساعاً كل التسامح تارة أخرى . وم يكن وزرائه 
يعرفون موقفه منهم » وهل سيظلون فى مناصبهم أو يستبدل مهم غيرهم دون سابق 
إنذار ؛ ودون أى سبب يفهمونه » وإن كان كثيرا ما يكون شعوره بتزايد نفوذهم » 
ما يؤلف. نحطراً على مركزه فى قمة السلطان الذى كان قد حزم أمره على الاحتفاظ 
به . وكثيراً ما هتف فى الصباح إلى أحد وزرائه » صارخاً ميجر » منهالا عليه 
بتعلماته وأوامره » ثم لا تمضى ساعة أو ساعات » حتى يعود فيبتف إليه ثانية » 
متحدثاً إليه وكأنه من أقرب أصدقائه . أجل ؛ كان عسيراً على الفهم» حاد الطبع » 
نابضاً بالحيوية » معتزنًا بإدراكه لاسلطان الذى يماككه . وكان قادراً على أن يبعث 
الخوف والفزع فى رفاقه أثناء غضبهم ؛ وأن يحملهم على التفاق فى حبه نتيجة 
صفحه وغفرانه . 

وم تمض شهور على وصوله إلى اللحكم » حتى كان نجاحه قد بات مضمرفاً : 
وتحول الحيشان والفوضى ق إيطاليا إلى حالة من اليرقب المعجب الحذر . وعاد 
العمال إلى مصانعهم » وزاد إنتاجهم » وخلت الشوارع من التظاهرات وهدأت » 
واب الطلبة إلى معاهدهم ودراساهم . ولم يكن لديه برنامج سياسى غحدد عندما وصل 
إلى الحكي ء وكان جل همه » أن يضمن التوازن ف الموازية » ويضمن الوضع العادل 


0 
الطيب للعمال » وأن يسير بساسة البلاد الحارجية بمنتبى التصمى والاحتفاظ 
بالكرامة . وكان يقول دائاً . . . «سننجح لأننا نريد أن نعمل ؛ . ومكن بعبقريته 
الدعائية من إيبام: الشعب بأنه يعمل كثيراً » لا فى مكتبه فحسب ٠‏ بل ى 
المصانع والمزارع أيضاً » حيث كان يقوم بتشجيع العمال والفلاحين وحتهم على 
العمل . وكثيراً ما نشرت الصحف صوره وهو يحمل « الطوب 6 بيديه » أو يطرق 
الحديد بإصرار وتصهم فى المصانع » أو يحصد القمح » وقد بدا صدره كا يريد 

هو أن يبدو عارياً » متألقاً فى ضوء الشمس . ش 


وسار الإيطاليون على خطاه . كان أصغر رئيس اوزراء » عرفوه ى تاريخهم » 
وكثيراً ما أظهر العديد مهم زهوه به . وقد قبلوا عن طيبة خاطر » عودتهم إلى , 
العمل ثمانى ساعات فى اليوم » كا ارتضوا ما أجراه من تتخفيضات ف موازنة النفقات 
الحكومية ٠‏ الى 'كانت قد ارتفعت ارتفاعاً هائلا فن ظل اللدكومات السابقة » حيث 
قدر العجز فى عام 1١9171‏ 197 بنحو من 59٠١‏ مليون ليرة إيطالية : 
بالإضافة إلى قبولم إحالة الألوف من الموظفين على التقاعد » أو نقلهم إلى أعمال 
أخرى . ول بض عامان على .حكمه حبى كان العجز البالغ حمسمائة مليون ليرة فى 
الخدمات البرريدية قد تحول إلى وفر قدره 47 مليوناً حسبب اللإحصاءات الفاشية 
لتى ظهرت صما ء كما تحول العجز فى السكك الحديدية والبالغ ١4٠0‏ مليون - 
لبرة إلى وفر قدره ١75‏ مليوناً . وبات الإيطاليون يزهون بالقول بأن القطارات 
أصبحت تسير فى مواعيدها المقررة . 

حا شرع الإيطاليون يزهون بأشياء كثيرة ٠.‏ وبدا م أن الفاشية ناجمحة 
فى عملها . ونعم موسوليى بتأبيد الشعب له » وكان يحرص أشد الحرص » على تنمية 
الانطباع لدى مواطنيه بأنه قد أنقذهم من الفوضى «البلشفة . وكانت خيية أمل 
العمال فى قادتهم الاشيراكيين » واستياقهم من دعاة الإصلاح الاجهاعى + 
وعجز الشيوعيين الإيطاليين عن الاتفاق على سياسة واحدة مشيركة » عوامل أدت 
إلى إنقاذهم من البلشفة . وقد أدرك موسوييى هله اللتقيقة » وقاده إدراكه هذا إلى 
السخطة على أولئك الذين اكتشفوا الحفيقة وأذاعوها » وهى أن الفاشية ليست 
إلا الثورة المضّادة لثورة لم تقع فى إيطاليا فط . وكان قد أعلن بشىء من المبالغة البى 


7 
لها ما يبررها قبل أمد طويل من الزحف على رممة أن البلشفية :مانت فى إيطاليا » . 
لكن الادعاء بأن الفاشية قامت فى إيطاليا لإنقاذها من البلشفة أسطورة من 
الأكاذيب التى حاكت الفاشية نسيجها . ولعل الأكذوبة الثانية » الى 
انيئقت عن الأولى » لتغدو فى النبهاية الظاهرة المميزة للعقيدة الفاشية ») هى أن 
الزعبم هو الإنسان الأأكل ( السوبرمان) » وإنه ليس مجرد قائد الفاشية الكلى القوة 
والحكمة والذى لا ييخطئ؛ أبدا فحسب » بل إنه كذلاث » إله أو شبه إله » يتميز 
بالعدل والرحمة والإحسان . وبالرثم من أن أنبياء الفاشية » كانوا قد أعلنوا فى 
البداية » أنها نمثل حركة لا عقيدة » وبالرغم من أن موسولييى نفسه كان قد ذكر 
بأن « برنامجنا هى العمل » فليست لدينا عقيدة جاهزة : » إلا أنبا أخذت تعرض 
الآن نفسسها كقوة خلقية بالإضافة إلى كونبا قوة سياسية » وكثيراً ما قال الدوتشتى 
بأن الفاشى الصادق جب أن يتميز بالنزعة السلطوية والحيوية والصرامة والاتعجاه 
القوى » وأن ( يعتدر نفسه التابع الأمين لعقيدة تقوم على الانضياط الكامل . . 
وأن يزمن بأنه الحليفة الشرعى لقيصر . :. » وذكر الأستاذ ألفريدو 2 2 
وهو من أوائل مثقنى الفاشية ع 0 فلسفة الدوتشى العسيرة على الفهم ع 
والقامة على الاستنتاج » أن الفاشية 9 ترفض النظريات الدربمقراطية للدولة » وترى 
أن امجتمع لا يوجد من أجل الفرد » وإنما يخاق الفرد من أجل الجتمع » ولا تلغى 
00 ألغى الأفراد وجود الجتمع فى بعض العقائد البدائية؛ وإنما تخضع 
لفرد للمجتمع تاركة إياه ا فى تنمية شخصيته فى نخطوط يفيد منها مواطنوه ؛ . 
وقام روكو وجنتيل وغيرجما من المدافعين عن الفاشبة بمحاولإات عدة » 
ليظهروا أن النظرية الفاشية لا تتناقض بحال من الأحوال مع ١‏ الاتجاهات 
الأساسية للتاريخ الإيطالى » . وكانوا يحاولون إظهار جاريبالدى20 ومازينى 
عظهر الميالين إلى النظرية الفاشية ف صمي فؤاديهما . لكن مثل هله امحاولات 
لإيضاح الفاشية فكريًا وتاريخيًا ؛ لم نترك أثراً ملحوظاً لدى الشعب الإيطالى» وقد 
اعترف موسوليى نفسه ذات يوم بأن القصد مها هو التأثير على الأجانب لا على 
الإيطاليين . وكان يقول إن على الإيطاليين أن لا يحاولوا فهم الفاشية وأن عليهم 


. من أبطال الوحدة الإيطالية ى القرن التاسم عشى‎ )١( 


: ب 
تجربتها ليس إلا . فعلييم أن بحسوا لا أن يفكروا . ولعل الرغبة فى التأثير عليهم 
بطبيعها العاطفية هى الى دفعت مرسوليى وسحبه إلى إظهارها عظهر ١‏ الرؤيا 
الصوفية الباطنية ؛ البى تعتمد الرموز والطقوس ٠‏ والقواعد الدينية » وأساليب الرقص 
وأحانه » والتعاويذ الورائية » وزتحارف القرون الوسطى ٠‏ والاتصال ١‏ بالروح 
التقليدية لرومة القدجمة » . وقال ناقدو الفاشية عنها إنها البديل الزائف بل الاصطناع 
الفكرى والسياسى على حد تعبير إيجنازيو سيلو » وإن كان ممرسوليى قد أعجب 
بهذا الزيف والاصطناع .. وفى وسع الفاشية فى رأيه أن تحل محل الحفيقة واحرية 
والفن والفكر والاشتراكية والديمقراطية » وأن تؤمن له وهذا هو الأهم » الحاجة إلى 
القائد وإلى النى . 


وعيرت الفاشية ى شخص ممسوليى على هذا القائد والننى . وراح ينمى ى 
الحطب الى يلقيها فى جميع أرجاء البلاد بعد أن يحهد فى إعدادها » وإن تظاهر 
بإلقائها ارتجالا » مضمناً إياها عبارات وكلمات سحرنة يصعب حفظها » تزا» 
القدرة الخطابية الرائعة والبليغة على الاتصال بالجماهير » الى ماسها منذ عهد طويل 
فى وفمانا . وكان أسلوب الحوار الذى يتبعه » والذى طلما سحر اللتماهير فى 
مسقط رأسه » وكان الطريقة التى اتبعها دانوززيو نفسه فى مخامرته ى فيو » 
يأسر ألباب الشعب كله » فيحس بأنه قد أفاق وبعث » لمضى إلى «ستقبل زاهر 
جديد » بقيادة اليجل الذى لا بعجز عن تحقيق أى شىء . وكانت اطتافات 
المتكررة التى لا معنى ا من أمفال دايا » ايا » الا لا » الالا» ء التى ابتكرها 
دانونزيوأيام الحرب » واللى أصبحث جزءاً لا يتجزا من الطقوس الجنونة لاتظاهرات 
الفاشية » تزيد ى أوهام البحدة والسلطان عند الشعب الإيطالى » وتدفعه فى الطريق 
إلى حمى عبادة الفرد . 


ومع ذلك » كان يقال للشعب » إن الدوتشى بالرغم من عبقربته الى 
اس 5 ماقف ١‏ لديل إلا رسا يبيط ولا ١‏ افرع لجال أن جيه 
عندما يتحدث إلى الفلاحين الجياع فق الخنوب » وعندما يرى ماي علي بن ششاء 
وذبول ونحول . وكان يفول لهم . . . ٠‏ سأعتى بكر كل العناية » فقد عرفت نقمي 


فى 
معبى انوع ؛ . وكان هذا القول موضع تصديقهم » لآن قائله حل ثقتهم 1). 
وكثيراً ما قيل لم إنه رجل متواضع . فعندما كرمته مدينة فلورنسة باخقياره 
مواطن شرف فيها » سمعه الناس وهو يقول ... «لا أرى نفسى جديراً ببذا 
الشرف » . وهو لا يرغى بأن ينال شهادة فخرية فى القانون من جامعة روية » 
إلا إذا قدم لا أطروحة ٠‏ تبرر حصوله على هذه الشهادة . وقد رفض وشاح 
أنونزياتا » أرفع الأئمة الإيطالية شأناً » عندما قدم إليه أول مرة » ولم يككن رفضه 
تاجماً » كما اعرف حبى خصومه » عن نخخطة ملدروسة ء وإنما نشأ عن عزوف 
أصيل فى نفسه عن الاههام بمثل هذه الأمور . وقد روى وزير سخاريجيته بعد 
سنوات طويلة » أنه كان قد طلب إلى الدويّئى الإذن بتقدم القلادة العظمى من 
وسام سان موريزيو » إلى بالدور فون شيراخ. ؛ الألمانى » فرد موسولرى قائلا » 
وقد ظهرت عليه علاثم نفاد الصبر . . . :أجل » وف وسعلك إذا شئت » أن تعطيه 
كل أسمتى الخاصة أيضا : . وتحدث شيانوعن واقعة أخرى أيضاء عندما وجدت 
وزارة الفنون الحميلة مشقة بالغة ى العثور على تحفة فنية تصلح كهدية 
لماريشال الرايخ جورنج بمناسبة عيد ميلاده الحمسين » فقال .. د وكانت لدى 
الدونشى فى منزله . قطعة فنية وأحدة » هى الصورة الشخصية الى رسمها مالسرى ... 
وعندما سمع بأن هدية ستقدم إلى -جورنج . . . راح يفكر على الفور » بالتحفة 
الموجودة فى بيته . وقد تطلب منى إقناعه بالعدول عن هذه الفكرة أمداً طويلا . . . 
ولا ريب فى أن عدم اهام الدوتشى بمقتنيانه اللاصة شىء عجيب حقًا » . 
وقرر إثر محيئه إلى رومة » ألا يقبل «رتباً » لا كرئيس اوزراء » ولا كوزير 


)١(‏ هناك قستان تعرضمان غيادة مثات الألوف. بل الملايين من الإيطاليين المهلة لشخص 
الدوتفى . فعتدما ثار بركان إتئا فى الحنوب » وراح موسوليى يزور المناطق المهددة : ساد الئاس إيمان 
شامل » بأنه نجم من حيث فشل كانيوت ( ملك دا نماركى يقال إنه عمل المعجزات فى القرن الحادى عشر ) 
فى كيم جماح قوى الطبيعة © وقد نقلت إحدى الصحف هذا الإبمان كحقيقة واقعة . ومند ما قامث إحدى 
الإيطاليات بزهارة ضريح أو رفيينو الإيتر وبسكانى »؛ وقيل لهاإن الكتايات المنقوشة على الضريح لم تفهم بعد 
لأنها مكتوبة بلنة مجهولة » قالت بكثير من الإبمان : ٠‏ لعل السبب فى هذا أن موسوليى ل يزر هذا السريح 
بعد ؛ ولكنه عند ما سيزوره فسيعرف ما كتب عليه » . ول تكن هذه الثقة الغريبة مقعصرة على هذه السيدة 
وسيذها . «المؤلت م 1 


اب 
أو نائب » معتمداً فى معاشه على الأجر الذى يتقاضاه من المقالات الى كان 
يكنيها إما لصحيفة البوبواوديتاليا أو بعض الصحف الأمريكية١١».‏ وكان تقر 
احتقاراً كلينًا وعميقا أولئاك الذين لا هم للم إلا جمع الثروات . وكثيراً ما أطلق على 
هذه الرغية انم الحنون أو ال هوس » واصفاً إياه ء بأنه مرض ٠»‏ معزياً نفسه بالتفكير 
بأن الأغنياء لا يكونون سعداء إلا نادراً » مشيراً دائماً إلى روكفلر الذنى عاش 
وعلى اليب والبرتقال طيلة السستة عشر عاما الأخيرة من حياته » . واكن بالرغم 
من أنه لم يكن صاحبه ثروة خاصة » ولم يرغب قط فى جمعها » فإنه لم يكن 
متخشناً فى عيشه » وإن لم يعن هذا أنه كان أبيقوزينًا يعيش على ملذاته . فعشيقاته 
لم يتلقين منه ثمين الحدايا » وكان جل ماتناله الواحدة منون زوجا من الخوارب » 
أو زجاجة من العطر . أما أولاده » فقد تاقوا العلم فى المدارس السعية » وعاشت 
زوجته حياة بسيطة . وكان هو يقضى الأسابيع فى ارتداء بدلة واحدة وإن كان 
لم يتورع قط عن إرضاء أية نزوة من نزواته محجة التوفير أو الاقتصاد . وكان قد 
تلبى دروساً فى الطيران فى ميلان » وأصبح طياراً مجازاً » فقد اقتنى طائرته الخاصة » 
وأصبح يطير بها كلما شعر بميل إلى الارتقاء ى الى . وأحب قيادة السيارات » 
ولذا فقد ابتاع سيارة سباق حمراء وتميئة . وعشق ركوب الخيل » وسرعان ما حشد 
عدداً من خيرة الحياد فى إسطبلاته . وكان يحب عرض الحيوش والأساطيل ثم هرى 
العروض اللحوية » وكثيرآ ما اهمه خصيمه » بأنه كان يأمر بإجراء هله العروؤس 
الباهظة التكاليف ليرضى بها ميوله الشخصية . وأحب الحيوانات » وعندما توافرت 
لديه الأماكن لاقتنائها » أصبح لديه ما يقع فى حدود حديقة حيوان خخاصة نضم 
الحيول والكلاب والظباء والقرود والنسور والوعول والغورة والقطط ؛ ابى. كان يؤثرها 
على سائر الحيوان . واقتى فى قفص فى غرفتهء حيوان ( البيومة ) الأمريكى الأصل . 
وأكن هذا الحيوان » اقتدحم جدران قفصه ذات ليلة وراح يحول ف الدار » باعئاً 
الرعب والفزع لدى خدمه وموظفيه . وكان يحب الأفلام السيهائية » ولا سما أشرطة 
(1) ظل موسوليى لا يكثرث بالمال حى النباية . وقد وجد المسثولون صعوبة كبرى ف إقناعه بقبول ' 
مرتب كرئيس للجمهورية الاشتراكية فى عام ١448‏ . وعند ما جاءه أحد سكرتريه » بحمل مرسوباً أعده 


أحد الوزراء بتخصيص عرتب قدره ( 17 ) ألف ليرة إيطالية فى الشبر » رفضس أن يوقعه رهو يقول . . . 
دوا حا إلى كل هذا المال ؟ م . وأكريتء 


م/ 

الأخبار الى كانت تعرضه وهو يخطب الجماهير » مؤثراً عليها » بأفلام لوريل 
وهاردى الغزلية : ولذا فقد أقاموا له داراً خاضجة للسيئا . وكان له بيتان بالإضافة إلى 
دارته على شاطئ البحر » أوهما دارة تورلونيا فى رومه » وبانييما « روكاديلا 
كامينائى » فى رومانا » وقد قدمت له مقاطعة فورلى هذا البيت هدية منها له . 


تقع دارة تورلونيا » وهى منزل كبير جميل لطيف المناخ » ذو منظر 
كلاسيكى رائع ؛ وراء أسواز عالية وسط حديقة غناء فى شارع نومينتانا القاثم 
وراء ميدان « بوربًا بياة . وكان صاحب هله الدارة الأمير جيوفانى ثورلونيا » 
وهو أحد أصعاب المصارف الكبيرة فى رومة » قد وضعها نحت تصرف الدوتشى 
للمدة الى يشاؤها . وقد قبل موسوليى الذى أعجب بفخامة الدارة وبأسوارها الصفراء 
العالبة الى تضى على بيوت رومة القديمة جمالا لا يضاهى » العرض شاكراً » 
إذ أحب العيش فى مثل هلا المنزل المريح » ولكنه كان كثيراً ما يحب الفرار إلى 
بيته الآخر » وهو قصر إقطاعى منييث يقوم على قمة رابية عالية » يستطيع أن يرى 
منها أمامه » اثريف الذدى قضى فيه أيام صباه ليصل بنظره إلى جبال الأبنين 
فى الحنوب » وإلى شطتان البحر الإدزياتى البعيدة فى الشرق . وكان هذا القصر 
مهدماً عندما أهدىّ إليه » ولكن مبالغ ضخمة من المال أنفقت عبر السنين على 
ثرميمه وتجديده »وأصبح حاشداً بالحدايا الى كانت تهال على الدوتثى من كل مكان 
فى العالم » بحيث أضحى إذا ما استثنينا مكتبه الخالى من الذوق فى أثاثه » والمرصعة 
جدرانه بالصور الى تعرضه الكثيرات مها ى أوضاع نشاطاته الختلفة كالرياضة 
والطيران ورعاية الأسرة وإدارة الحكي » أشبه ما يكون بالمتحف لا بالمتزل . وقد 
أفضى فى أخريات أيامه إلى الطبيب الألمانى الدكتور زاخارى » بأنه كان يأمل أن 
يحول منزله هذءا إلى محف . وأخبره أيضاً أن تحفه تضم صورة مرسومة على الخرير » 
أهداها إليه [مبراطور اليابان ء وتعتبر أجمل تحفة من نوعها فى العالم » وأن أحد 
أصراب الملايين من الأمريكان « أثاره عندما عرض عليه عدة ملابين من الدولارات 
نا لها . واستطرد موسوليى يقول لصناحبه » إنه لم يستطع بيعها » لأنها ليت ملكا 
خاضًا به » وإنما هى ملك لإيطاليا كلها . 

وكان هذا الربط بينه وبين بلادهء قد غداء ولاسما فى الاونة الأخيرة» الكابوس 


افو 


المسيطر عليه ؛ بحيث بات يعتبر كل حملة تتعرض لا إيطاليا » وكأنها إهانة 
شخصية موجهة إليه » ولا ريب أيضاً فى أنه: كان بجزءاً من السر فى هله السيطرة 
الى كانت للدوتشى على ولاء شعبه وحياله . وكانت قومية الدونشى المتعجرفة 
والمزهوة تمثل أعظ إهام منه فى حركة بعث إيطاليا فى عيون الوطنبين الإيطاليين من 
أبناء اليل الحديد الذى اقتحم الحياة ى عشرينات القرن . ولكنه بدا فى عيون 
الغالبية الخالبة من أيناء الشعب الإيطالى كله » فى هله الحقبة المبكرة من تاريه 
لا فى عيوت أبناء الحبل الحديد وحدهم » القدرة الذى لا يجارى ٠»‏ والمثل الذنى 
يصعب الوصول إلى تقليده ء فهو لا يخطئ أبداً . وكان يحرص على أن يسير بيطء 
للغاية فى البداية » وأن يعمل بعيداً عن الأضواء » حبّى إن بناء الدولة الخديدة 
اللاليبرالية كان يم دون أن يلاحظه أحد . فلم يكن صاحب سياسة مقررة » 
وإئما كان يتببى الأفكار والسبل » كنا تتراءى له » حالا المشاكل حلا عارضا 
عند بروزها » مضفياً على عهده صورةٍ «فاشية تقدمية » على حد تعبير قانون 
المحارف الذى أصدره جنتيل فى عام "1958 » ويعطياً إياه -حينآ آخر صورة 
وقوراً ومحارمة » نتيجة موقف الإجلال الذى وقفه من شدة حاسية المقترعين 
الكاثوليك والكنيسة . وكان اضطهاده المتزايد ااحرية » الى :وصفها فى خطاب عام 
ألقاه » « بالالمة المتعفنة » » هو الطريق الى خطت فيه الفاشية » والذى :لا بد 
أن تعود للسير فيه بهدوم المرة تلو المرة إذا تطلبت الفرورة » » علٍى اعتبار أنه 
ضرورة لا بدمنها إذا أرادت إيطاليا أن تغدئ قوية وأن تزيح عنها انكماشات 
التفرقة الى ' كانت تتسلل إلبها منذ سنوات طويلة . ولم يأسف ملايين الإيطاليين 
على تحول براتهم » إلى مجرد مجتمع للعجزة » لأمبم وافقوا على ما وصفه به موسوليى 
من أنه «مجمع القواقع القديمة » . وقد قبلت غالبية الشعب الغالبة » -حرمان الصحافة 
المتدرج من حريها » وإقامة حرس وى فاشى معظمه بهم نحراً من مائى ألف 
رجل ليحل مخل الفصائل الفاشية السابقة والسيئة التنظم ء وليجمع أفرادها إلى 
صَقّوفه » وحل فرق الحرس الملكى الذى لم يلق إلا مقاومة ضعيفة » وامتداد السن 
والشرائع الفاشية إلى كل درب من دروب ا حياة الإيطالية يصلح لسريان العدوى » 
والعقوبات العنيفة الى تنزل بالنقاذ الذين يجهرون برأمهم فى نقد النظام » #تطلبات 


الى 

أولية لابد منها لقيام إيطاليا الحديدة الى وعدوا بها . وقد أعلن موسوليى نفسه فى 
شهر يوليو عام 1474 ...«لح يطلب إلى الشعب فى المرات العديدة الى قابلته 
فيها وجها لوجه . وتحدثت إليه فيها عن كثب . . . تحريره من الطغيان الذى 
لا يحس به لأنه غير قائم . كان كل ما يطلبه الشعب متى المزيد من السكك 
الحديدية » والمنازل وانجارى والحسور ومياه الشرب و«النور والطرقات . ولا ريب 
فى أن قوله هذا صادق إلى حد كبير . فقد شعر الناس بفوائد الفاشية بحيث هانت 
علهم أخطاقها وعيوبها . 

وكان مرسوليى نفسه يبرأ دائمآ من التحريض على عمليات ضرب خصومه 
الوحشية والدموية . ومن الى أن يقال إنه بالنسبة إلى الآدلة المتوافرة » لم يكن يأمر 
بها » .وكان يحرص أشد الحرص » على عدم الظهور كمحرض علبيها . ولم يظهر 
اشتراكه فى مثل هذه الأعمال إلا نادراً , كاهالة الى اكتشفت فيها إحدى الصحف 
الفرنسية » بقايا برقية بعث بها موسوليى إلى مدير شرطة تورين ما لبنت الصحيفة 
قله فقا برو بأد فل بسر1 دربا ور يوق اعدو لعزن لاقيف وان 
لا يطاق » ء وقد نفذ المددير أمر الدوتشى » وضرب الرجل ضرباً عنيفاً فى تورين 
حتى إن أضلاعه المحطمة » خخرقت إحدى رثتيه . ويقول سيزار روسبى » الذى "كان 
رئيس لدائرة الصحافة الفاشية فى تلك الأيام إن مراكز الحزب الرئيسية فى فلورنسة 
وميلان وبيزا ومونزا وغبرها من المدن الصغيرة » تلقث فى يوليو عام 1١95717‏ » 
٠‏ تعليات من موسوليى بتدمير المكاتب النحلية للنوادى والاتحادات الكاثوايكية . 
وتلى وزياء الشرطة في جميع المدن البى وقعت فيها المظاهرات المعادية لأكاثولياك فى 
الوقت نفسه » برقيات من موسولييى هذا نصها . . . « بالنظر إلى ما أثارته 0 
الأخيرة المعادية للكاثوليك من ردود فعل سيئة فى الفاتيكان » فقد ا 
المفيد أن يقوم القادة اخليون فى الاتحادات الفاشية الإقليمية رسميًا» بزيارة الممثلين 
البابويين لتقدم أسنهم على ما حدث » وتأكيد إجلال الفاشية لاكنيسة من 
جديك ) . 
لا ربب فى أن المحاولات التى قام بها المؤرنعون الفاشرون + لتبرئة موسوارنى 

كلية من مهم الاشتراك فى جراثم من هذا الطراز » أو لإذكار وجودها كل الإنكار » 


١م‏ 
مغرقة فى الرياء والخداع . ند أصبحت الصحافة نخاضعة لاسيطرة الفاشية لم تعد 
تنشر شيئاً عن هذه الأحداث » أو لم تعد تنشر عنها إلا امختصر الموج . واكن 
الشىء الثابت هو أن هذه الحوادث استمرت أمداً ما » وأن الدوتشى كان قد أعان 
أكثر من مرة لأساط حزبه إيمانه بأن بقاء الفاشية يتطاب أن يظل أعداؤها فى 
حوف وقلق دائمين ه 
ولكن الملايين من غير الفاشيين ٠‏ الذذين كانوا على استدداد اتغاذوى عن 
مساوئ العهد الكبيرة» أملا أن تكون هذه المساوئ العن الذى تدقعه البلاد الحصول 
على مستقبل شريف » فوجثوا فى صيف عام 1914 » بما هزه, هزر عنيفا أثار 
سخطهم وهياجهم » مما تعذر نسياله ؛ واستتحال تلطيفه إلى أمد بعيد . ولم يكن 
موسوليبى هو الذى أصدر أمره ما اقرف » كنا م يعرف بالخطة الى دبرت » 
ولكن مسئوليته عنه لا نقل عن مسكولية هترى الثانى عن مقتل توماس بيكرت .)١7‏ 
لكن مرسولييى اختلف عن هترى ٠‏ فى أنه لم يذهب إلى قبر الضحية معلنآ ندمه 
وأسفه » وطالباً الصفح والغفران . 


)١(‏ قصة شميرة فى التاريخ الإنجليزى . كان توياس بيكيث ( 1114 )١190-‏ رئيساً لوزراء 
إنجلترا » ورئيساً لأساقفة كثثر برى . ونشأ اللملاث بينه وبين الملك الذى كان راغباً فى تحطيم سلطة الكئيسة 
ما أرغيه على الفرار إلى فرنسا فرومة . سوى الهلاف بيئبما فى عام ١1١7٠١‏ »> وماد بيكيت إلى إنجلارا حيث 
أستقبله الشمب اسعقبالا حافلا . ما لبث الغلاف أن عاد واشتد فقام أربعة من فرسان الملك بقتل رئيس 
الأساقفة فى مقره الرسمى . « ال معرب 0 


م 


6 
الديكتاتور 
من 18 يوليو 1١ 1١9175‏ يونيو 1١1149‏ 
_ ا ا ل 0 
وهى كوسيلة » يجب السيطرة علها وبراقبها ه 
١‏ 

أعد موسولينى فى صينف عام 1471 مشروع قانون عرف فيا بعد باسم ١‏ القانون 
الانتخانى الفج » » إذ أقر تقسم إيطاليا إلى خمس عشرة دائرة انتخابية » يطلب 
إلى المقترع فيها أن يقترع إلى جانب الحزب الذى يختاره . ونص القانون على أن 
الحزب الدى يحصل على العدد الأكبر نسبيًا من الأصوات ٠‏ شريطة أن لا يقل 
عن ريع مجموع أصوات الناخبين المقترعين » ينال ثلى المقاعد فى المجلس » 
بيها وزع الثلث الباق على الأحزاب الأخرى » على أساس النسبة العددية للأصوات 
الى حصل كل حزب عليها . وبالرغم من أن هذا المشرؤع قد لبى معارضة من 
الاشتراكيين والأحرار ( الليبراليين ) والكائوليك على السواء » إلا أن معظ. التواب 
لم يكونوا قد فقدوا ثقتهم حكومة موسوليى وكانوا على استعداد لتأيبدها » أوللامتناع 
عن القصويت على القانون على الأقل . وأقر مجلس النواب: » الذى شبد عدد 
كبير من ذوى القمصان السوداء جلسته فى شور يوليو من شرفات المجلس » 
المشروع بأغلببة كبيرة » وعاد مجلس الشيوخ فأقره بأغلبية أكبر فى شمر نوقبر . 
وجرت الانتخاباث فى أبزيل من السنة التالية » ومضت جماهير المقترعين إلى 
صناديق الانتخاب » تراقبها عيون الحرس الوطى الفاشئ ( المليشيا) . وكان فشل 
اللتارمنة ق الاق عل سيائنة مت + والرصه الى نزل بالشتحق النارقية » 
السبب فى استجابة البلاد تانداء الذى وجهه موسوليى إليها لتأييده فى مواصلة العمل 
الذى شرع فيه » والذى حقق فيه الكثيز » فانتصر نصراً كبيراً » وال حز به 
(8:58) ف المائة من مجموع الأصواث » باستثناء تلك الى أعطيت للمرشحى 
الأقلية الذين أعلنوا عن استعدادهم لتأييد الحكومة . كان النصر طاغياً » إذ مثل 


يم 

أتكبر أغلبية ناللّها أبة حكومة إيطالية منذ أيام كافور ٠‏ وقد تحقق » كنا ادعى 
الفاشيون زهواً وحيلاء » دون أى ضغط أو إكراه » إلا فى بعض اللمالات الشاذة 
المتفرقة . ْ 

وهكذا أكدت الفاشية البى وصبلت إلى السلطان عن طريق مبديد القوة ع 
سلطانها الآن بإرادة الشعب . وأراد موسولينى الذى تعزز مركزه كل التعزيز 
بهذا التجاح أن يعود إلى الأوضاع السياسية العادية » بل فكر فى شكل من 
أشكال التعاون مع الاشتراكيين » وراح يعلن فى السابع من يونيو بعد أن اقترع 
لمجلس اللتديد على الثقة بالحكومة بأغلبية (851) صوتاً مقابل )٠١(‏ »؛ 
أنه على استعداد لإدخمال عضوين اشتراكيين ف وزارته . 

ولى تمض أيام ثلاثة » حهى كان أحد النواب الاشتراكيين واسعه سجياكومو 
ماتيوق » وهو ملاك غنى من روفيجو كان ممسوليى يصفه بأنه من أصضماب 
الملايين » يختى من مدينة زومة . وكان هذا النائب من أشد خحصوم الفاشية 
وأكثره جرأة » وكان المعتقد أنه يعترم نشر بعض الوثائق الى تكشف عن بعض 
الأعمال اللامسئولة » والوحشية البى قامث بها العصابات الفاشية . وفى الثالث عشر 
من يونبو »6 علز على جثته مدفوئة فى قبر صغير على بعد عشرين كيلومراً من 
العاصمة . 

ووصل نبأ مصرع الرجل انخترم الشجاع إلى عناوين جميع الصحف فى طول 
العالم وعرضه . وابيما أشار إليه المدافعون عن الفاشية واصلفيه بأنه مهبج « تافه » 
وشرير » يعتبر مصرعه على أى حال 3 حادثا مؤسفا » » راح الأحرار فى كل 
مكان يتحدثون عنه كبطل من الأبطال » وشويد من شبداء الاشتراكية » سيظل 
امه مع الحالدين إلى الأبد . وهكذا وفعت الواقعة . وظل الناس يذكرون 
أن مرسولينى هو قائله . ولا ريب فى أنه كان قاتله ولكن ليس على النحو الذى 
يصر خصوم الفاشية على تأكيده . ويعرب كارلو سيلفيسترى » الصحى الإبطالى 
المناهض للفاشية والذق اجتمع كثيراً بموسولينى فى الأشمر الأخيرة من حياته » 
عن ثقته بأن موسوليى لم يعرف شيئاً عن مؤامرة الاغتيال » وأنه غير مسئول علها . 
واقتنعت السيدة ماتيوق أزملة الفقيد بأن موسوليى لم يكن على علم بالمؤامرة » 


45 
وأنها أزعجته كل الإزعاج . واتضح فى نحا كلة الى جرت فى عام 1441 » لإعادة 
النظر فى القضية ويماكنة الأحياء من المهمين السابقين » أن موسوليى لم يكن على 
علم بالحادث » وأن القئلة » وهم من غلاة الفاشيين قد اضطربوا من اتعجاه موسولررى 
الظاهر إلى الإبقاء على الحياة البرئانية وأرادوا أن يضربوا ماتيوق ضبرباً مبررحاً ؛ 
كنا كانوا بضربون أنصاره » ول يكونوا يعتزمون قتله » واكنه مات بين أيديهم متأثراً 
نتكنة لبي ريسن أمة حق كلداى أن سلولةبموتبراني يقد الخافلف »ل يكن 
سلوك القاتل أو الشريك ف القتل . وقد ذكر متبجحاً فى سيرة حياته البى كتيرا ... 
ل أشعر لهظة واحدة بالشك أو بثبوط العزيمة ؛ . اكن الواقع يقبت عكس هذا » 
فقد صرم أسابيع عدة فى حالة من القلق الذى بلغ حدود الحنون . وكتبت 
مرجريتا سارفاق تقول ... «وبدت حماته » وقد تحطمت كل التحطم 6 : 
وظل مختفظاً بشجاعته أمام الناس » لكن تعاسته فى حياته اللخاصة » كانت 
تستثير الإشفاق . وف ذات يوم أبلغ سيلفيسترى بأنه يفكر فى تقدم استقالته . 
وعندما حاولت إحدى صديقاته التسرية عنه » مظهرة له عطفها عليه ء» انفجر 
باكياً وهو يقول . . . وما كان فى وسع أشد أعدالى خطراً أن يؤذوق » كما فعل 

أصدقانى و . 


وراح النواب الاشتراكيون بعد يرمين من اكتشاف ابثة » ومعهم حلفاهم ) 
بقيادة جيوفانى أمنيدولد » الذى قاطع موسوليى وهو فى عنفوان ثورته الوحشية 
الغاضبة » خطابه الشجاع الأخير » مديناً عهد موسولييى ٠‏ سبعاً وعشرين مرة ع 
ينسحبون من الجلس » ليؤلفوا جبهة معارضة -حققت درجة كبيرة من التأريد لم يكن 
أحد يتصوره قبل أسبوح واحد . وقد أطلقت هذه الحبية على نفسها “م « نوراب 
أفينتينو » نسبة إلى عامة رومة الى انسحبت ف أيام رومة القدكة إلى تل أفينتين » 
احتجاجاً على طبقة النبلاء » وأحذت تذكر البلاد حملات ميسولرى الأخبرة على 
ماتيوق ؛ وبما كتبته صغيفته البوبولو ديتاليا قبل أيام قائاة « لو أن رأس ماتيرق قد 

» فإن السبب ى ذلك بربجع إلبه وإلى عناده ؛ . وعلقت الحببة آماذا على أن 
يقتنع الملك المتخاذل باستخدام نفوذه تأبيداً الحكم البرلافى ؛ وطالبت بوقف جميم 
أعمال العنف الى يقوم بها الفاشيون » وبحل الحرس الفاشى . وشرع مرسوايى » 


م 
يري امامه فى كل مساء » وهو يغادر مكتبه ى قصر شيجى 3 متجهاً إلى منزله 2 
جماعات من الناس » تقف صامتة وكأن على رؤومها الطير » تنظر إليه مويمة 
عاتبة » بيما ظهرت ألوف المناشير المعادية للفاشية على جدران المنازل فى العاصمة . 


واعتل أر بعة من كبار الفاشيين بهمة الاشيراك فى عملية القتل » وهم 
جيوفانى مارفييلى » السكرتير الإدارى للحزب ٠»‏ «فيليبو فيلبيلى ؛ رئيس تحرير 
صغيفة ١‏ الكوربيرى إيتاليانو ) » وسيزار رودى » رئيس الدائرة الصحفية الفاشية » 
وفيليبو نالدى . لكن الضجة لم تنته عند حد الاعتقال . وبدأت صحف المعارضة 
التى لم تكن قد انطوت تحت جناح النفوذ الفائى » تعلن آراءها جهاراً » قبل انتهاء 
الشهر » وأصدر موسوليى فى الثامن من يوليو مرسوماً » يموله وف أية مطبوعات 
أو صف » تواصل نشر ما يفسر على أنه مادة مهيجة أو مثيرة للاضطراب والعنف . 
وهكذا ثم انتزاع صحيفة كورييرى ديلاسيرا » الميلانية » وهى من أكثر الصحف 
نفوذا فى إيطاليا » من صاحبها الشيخ البرتبى المناهض للفاشية » وسلءت إلى مخرر 
كان على استعداد لتأبيد موسوليى . وأرغمت صف ليبرالية ودمقراطية أسخرى 5 
بينها صعيفة ولاستامبا » ء على التحول إلى إيدى الفاشيين » اككن إحدى هده 
الصحف وقد تمكنت من الإفلات من قبضة الفاشيين مؤقت وهى [يلموندو لصباحبها 
إمندولا » راحت تنشر فى نباية شهر ديسمير وثيقة كانت نباية الأشبر الستة *ن 
المعارضة القلقة للفاشية . وكانت هذه الوثيقة » بياناً من سيزار رسبى » الرئيس 
السابق للدائرة الصحفية الفاشية» والذى اعتقل بعد سحادث القتل» ينهم موسوليى 
بالاشتراك فى المؤامرة . وفقد الدوتشى كل أمل فى التفاهم مع اللببراليين . وراح 
يقبل نصيحة رويرتو فارينائى الكاتب السايق فى السكلك الحديدية واغانى الحديث» 
وأحد العنيفين من قادة الفاشية » وزعماء الفصائل السابقة الى احتشدت الآن فى 
زد ادم ثقة الدوتشى المتزعزعة + وراح يعلن فى مجلس النواب ء بعد خسة أيام : 
من نشر مزاع رزوى ؛ بأنه قد رفع يديه عن خصومه الشريرين » رغية منه فى 
تبدثة أنصاره الذين نفد صبرم . وأضاف أن الوقت قد حان الآن للعمل . ثم قال 
( وها أنا أعلن أمام هذا امجلس ٠‏ وأمام الشعب الإيطالى كله » بأنى وحدى الذى 
أتحمل المئولية السياسية وا حلقية والتاريخية عن كل ما حدث ٠»‏ فإذا كانت 


م 
الكلماث الى أمىم نقلها كافية لشنق إنسان؛ فإلى اللتحم إذن بالمشنقة والحبل . 
وإذا كانت الفاشية قد تحولت إلى شىء بغيض كريت اللدروع: » أو المراوة » 
ولم تعد عاطفة نبيلة زاهية تجيش ق صدور خيرة شباب إيطاليا » فإن الاوم 
يحب أن يقع على" يحدى : لا على غيرى . وإذا كانت الفاشية قد تحولت إلى 
مؤامرات إجرامية » وإذا كان العنف قد نشأ عن أجواء سياسية وتاريخية وخلقية 
معينة » فإن المسثولية تقع على وحدى : لأنتى أنا الذى خلقت عامداً متعمداً هذا 
الحو . إن ما تريده إيطاليا هو السلام والهدوء » والعمل » والطمأنينة . وسأمنح 
إبطاليا ما تريده بالحب إن أمكن » وبالفوة إذا اقتضى الأمر » . 

وكان هذا الحطاب فى الثالث من يناير عام 1978 ٠‏ وهو أحد التواريخ 
الرئيسية ى قصة الفاشية وتاريخها . 

ولم تعد بعد الآن أية فرصة فى تفاهم ء أو أى احهال فى تكوص . وبالرتم 
من أن مصرع ماتيوق قد أثار موجة واسعة من رد الفعل العنيف ضد الفاشية » 
فى بلاد حاب رجازها فجأة » فإن مصرعه أيضاً قد أظهر مدى ضعف خصوم 
الفاشية وتشتهم 3 وعدم تنظيمهم ؛ وقلة عدد المبتعدين منهم لمقاومبا مقاومة فعالة . 
ومكن مسولينى فى غضون خخس منوات وعساعدة روبرتو فاريناتشى » السكرتير 
العام الخديد الحزب » من تحقيق هدفه الذى أعلن عنه » وهو تحويل إيطاليا 
كلها إلى الفاشية . وتعرضت البقية الباقية من الصحف الحرة إما لطر الإغلاق » 
أو للتحول إلى السيطرة الفاشية . وقد بقيت بعض الصحف المستقلة » وأككنها ظلت 
بلا لون محيث لا تلى من الدولة إلا الامتهان » لا تلى من خصوم الدولة 
إلا التجاهل والإعمال . وحلت جميع أحزاب المعارضة » وانمى عهد الانتخابات 
الحرة . ولم يعد مجلس النواب بمثل أكير من مجرد أداة » لإلباس المراسم الفاشرة 
هالة من التأييد القوى . وبات مجلس الشيوخ مليئاً بالشيوخ المستعدين لارتداء 
القمصان السوداء إذا ما طلب إليهم ذلك » وأن يشتركوا فى إنشاد الأناشيد الفاشية . 
وقد أدرج المجلس الفاشسيئ الأعلى ؛ الذى تولى موسوليى رئاسته ء مع الصلاحيات 
المطلقة لتحديد جدول أعماله » وتعيين أعضائه ؛ فى الدستور لبكون بمثابة كاببح 
للاستقلال اللى قد يبدبه أى فرد من أعضاء الوزارة . وحل رؤساء معينون محل 


لام 
رئساء المجالس البلدية المنتخبة فى نظام أوتوقراطى الحكم أذ يتجه إلى المركزية 
الشديدة . وحل النشيد الرسم الحزب الفاشى « جيوفيئيزا » » محل النشيد القوى 
الإبطالى» فى جميع الاستعراضات والحفلات الصاخبة الى كان الدوتشى مولعآ بها : 
وذلك لأن الحزب أصبح الأن مرادفاً الدولة . وأعلنث الإضرابات والتوقف عن العمل » 
مظاهر لا تتفق مع النظام التعاونى ابلحديد الذى أدخله مرسوليى والذنى تيز 
بالفساد » بالرم من وصف موسوليى له: بأنه سيكون. « المسد الحضارة القرن 
العشرين 4 . وكان من المقرر فى ظل هذا النظام التعاو الذى كان دانونزيو قد 
أدخل شكلا مبسطأً منه فى فيو 2 بأن تحل -جميع اللعلافات العمالية » عن طريق 
إحالها إلى حاكم عمالية » نكون ملحقة بمحاكر الاسئناف » وتؤلف من مثلين 
لأصعاب الأعمال والمستخدمين . ولا كان الحزب هو الذى يعين موظى بجميع 
الاتحادات النقابية الى نشمل الفثات الاثنتين والعشرين تلضف المهن والحرف ؛ 
فإن النظام التعاونى تجول فى الوقت المناسب إلى قناع صالح لإحفاء الديكتانورية 
وكانت القوانين الى وجهت كمد الماسونية وضد الإيطاليين المناهضين للفاشية » 
والذين يعيشون خارج البلاد » والقوانين الى وسعت من صلاحيات رئيس الحكومة ) 
أكثر يعدا عن الليبرالية بشكل جلى واضح . 

وقد عبى بالشييبة عناية خاصة » كما هى الحالة فى «جميع النقلم الجماعية . 
وتقرر إدخال الأطفال من سن الرابعة فى منظمات الطفولة الفاشية » الى كانت 
تزودهم عسنسات من اللعب وقمصان سوداء . ولم ثير هله الإنجراءات الى 
قصد من كل مها أن يفرض طبيعة فاشية واضحة على الدولة وأنظمئها ومواطنيها ) 
وآن يضمن على غرار الموذج البلشى الروسى » سيطرة الدولة على جميع ألجهزة 
الإعلام » معارضة كبيرة لدى -جماهر الشعب الإيطالى » الى تعبرض على عزم 
الحكوبة الذى أعلنت عنه مراراً وتكراراً على التسامح بل الترحيب بالمعارضة 
المستولة » وعلى عدم السماح للمعارضة الشريرة واللاقومية والمثيرة ثلفكن والمنافقة 
والمشاغبة . وبالرغ, من جماعية هذه القوانين فقد قبلها الشعب ) إذ أنه قبل مع 
القوانين الفاشية المعتدلة المبكرة » كثمن لا بأس به لقرام إيطاليا الحديدة الى كان 
ظهورها قد بدأ يثير دهشة العالم . 


84 
واستقر النقد الإيطالى أخيراً وبعد سئوات من الأزمات الاقتصادية المتكررة . 

وغدث البلاد تتمتع براء كان شاملا أوريا بأسرها » وإن عزى نجىء الفاشية 
وتصميمها على تحقيق الاكتفاء الذالى عن طريق الاقتصاد الموجه . وبالرغم من أن 
موسوليى لم يفهم قط مشاكل الاقتصاد والتجارة » إلا أنه تقبل بسرعة الفضل قى 
فرة الإبلال الاقتصادى الى كانت قد بدأت ف البلاد » قبل مجيئه إلى الحدكم 2 
تماما كا سارع فيا بعد إلى تقبل الفضل فى إبلال البلاد ؛ من الأزءة الى كانت 
سياساته إلى حد ما هى المسولة عنها . ولم يبد هذا الفضل فق غير موضعه فى 
الظاهر . فقد حمله تصميمه على تسوية دين البلاد الهائل للولايات المتحدة إلى 
الإحار إلى واشنطن » ومعه وكبل وزارةٍ خارجيته » ديئو جراندى » حيث عقد 
اتفاقاً ضمن إجراء تخفبض كببر فى الدين الأصلى . وزاح نتيجة تصميمه على 
كسب ما أسماه ومعركة القمح » » يطوف أرجاء البلاد » ملقيآ الحطب على 
( الفلاحين الشجعان الذين يحاربون فى خط القتال : » وهكذا راح المحصول » 
يرتفع سنة بعد أخرى . فقد بلغ المحصول فى عام 19478 نحواً من أربعة وستين 
مليون قنطار » مقابل 45 مليوناً فى السنوات الى سبقت الحرب . وراح نثيجة 
تصميمه على أن يجعل من إبطاليا دولة حديثة وقوية على النحو الذى تصوره ء 
يضع برناجاً للأشغال العامة » لم يسبق له مثيل فى أوربا الحديثة كلها . وأقيمت 
الحسور والقئوات والطرق » وشيدت المستشفيات والمدارس ومحطات السكلثك 
الخديدية وبلاجئ الأيتام » وجففت المستنقعات » واستصلحت الأراضى ورويت ؛ 
وزرعت الأحراج » وافتتحت الحامعات . ولم تحل نباية الثلاثينات حبى كانت 
مشاريعم ضخمة كثيرة قد أكلت ء لا على الأرض الإيطالية وحدها بل فى 
جزيرى صقلية وسردينية أيضاً » وكذللك فى ألبانيا وإفريقيا » برها وضعت اللطط 
لتتفيذ مشاريع ضحم » اننهى التفكير فى تنفيذها . ؤوكان رجال الإحصاء من 
الفاشيين يزهون بأن ما لا يقل عن مائة ألف عاءل » أصبحوا يعملون فى الأشغال 
العامة » ولم يحل صيف عام ١914‏ » حبى كان نحو من ماثة وسبعين ألف رجل » 
بعملون فى الطرقات وى مشاريع الرى فى ألبانيا وحدها . وقد أنفقت وزارة الأشغال 
العامة بين عامى ١9477‏ و ١947‏ نحوأ من (4*,"") ملرون ليرة إيطالية فى 


34 


مثل هذه المشاريع ع تمويل أعمال التنقيب عن الأثار ى محاولة لتبصير 
الشعب بذ كريات 37 اليد . وتحدث موسوليى إلى مجلس مدينة رومة فقال .. 
ويحب أن تبدو هله المدينة فى غضون حمس سنوات » فى مننهى الروعة أمام 7 
كله . وأن تغدو عظيمة ومنظمة وقوية تماماً كا كانت فى أيام الإمبراطورية اليل 
فى عهد أوغسطس . ويجب تطهير مسرح مارسيلوس وكامبيدوليو والبانثيون عن كل 
ما ظهر حينها إبان عصور الانحطاط . وقبل مرور خمس سنوات » يجب أن يبدو 
تل البانثيون واضحاً عبر طريق رئيسى يمتد إليه من ميدان كولونا ... ويجب 
أن تمتد رومة الثالثة فوق التلال الأخرى على ضفاف الهر المقدس ٠‏ لتصل إلى 
شواطيء البحر التبرالى 6 . 

وبالرغ, منْ أن الكثير قد ثم تحقيقه » وهو فى متبى الأهمية والبروز ؛ 
إلا أن المنجزات فى ميدان الأشغال العامة كنا فى التنمية الاقتصادية والتصنيع 
بل ف معظل أميادين العمل الفائبى » كانت أقل من الخطة المقررة . وكان العمل 
يبدأ ؛ م يتوقف دون أن يكتمل ؛ وتتفق "كميات ضخمة من المال على مشاريع 
ضخمة لا تتحقق » أو تتسرب إلى -جيوب ال موظفين الرتشين والفاشيين من ذوى 
الرتب العالية » التواقين إلى جمع الثروات قبل أن تتبدل الأوضاع . واككن وراء 
هذه الصورة الى أتقن الإعلان عنها من مشاريع التعصير » والخدمات الالجماعية ؛ 
ما يربو على نصف مليونٍ إنسان لا يزالون يعيشون فى فاقة تثير الإشفاق . وكان 
رجال الشرطة يمخلون الشوارع من المتسولين للإبقاء عليها نظيفة فى عيون السائحين » 
أكن الفإقة لا تعالج بإخحفائبا . وتحصصث الأوسمة والمساعدات المالية للفلاحين 
لداع مدن ا تستورده البلاد. من الحنطة » وذلاك لفيان النصر ق 
« معركة القمح » . كن أحمال الزراعة تأثرث تأثراً بالغ » ببذا التركيز على الحبوب 
التى لم نكن فى يوم ما من المنتجات الزراعية الاقتصادية ى إيطاليا . وهجر الأرض 
أليف إمن صغار المزارعين ومن الفلاحين الساخطين » بِيما لم ب بم الحكم بأى إنجراء 
لتوزيم الإقطاعيات الزراعية الكبيرة الى كان وجودها 0 رئيسيا من مصادر 
0 والثقمة . وظلت الأجور وأوضاع العمل فى المدن فى الآرياف على حالها 
من ,السوه » رثم انقضاء السنوات واحدة إثر أخرى » ولم يصل حدود التحسن فيها 


4 
حتى حدود المنتويات المفيضة الى وصلت إليها بلاد أوربا الغربية . 

ع ذلك فاللوم لم يوجه إلى الدوتشى . وبالرغى من إدرالك الناس لم فى الفاشية 
من نقص ء إلا أن مؤسسها كان لا يزال بمثل ربجل القدر للشعب الإيطالى . 
ومن المحتمل أن يكون قد وجد فى إيطاليا فى تلك الأيام مناهضون للفاشية » 
ولكن لم يكن نمة إلا عدد قليل للغاية يناهضون موسولييى . فليس ثمة من يسأله 
أو يحاسبه . وهو لا يبدو ديكتاتوراً فحسب ٠»‏ بل هو المعيود أو الإله . والناس 
بقطعون صوره من الصحف » وبلصقونها على جدران ألوف المنازل » بِيها تكتب 
عبارات إطرائه ومديحه بالدهان الأبيض فى كل مكان . واحتفظ” الئاس بالأقداح 
الى شرب بها أثناء جولاته الواسعة » وبالفؤوس الى استعمله فى العمل مع 
الفلاحين. كاثار مقدسة . ووصلت شعبيته إلى آفاق أسمى وأرفع فى عالم 19178 عندما 
حل تلك المشكلة الى ظلت تجزئ إيطاليا منذ عام 1810٠‏ 2 ووقع مع الفاتيكان 
الاتفاق ديد المعروف ١‏ بالميثاق الحانى » . ونسى ناقدوه السابقون من الكاثولياك 
كل ما سبق له أن قاله من بيانات مناهضة لاكنيسة » وغفرول" له هجماته 
الالحادية على ١‏ المسيح الصغير التافه » ٠‏ ورأوا فى هذه الاتفاقات بداية علاقات 
جديدة ومرضية بين الدولة والكنيسة .. وسرعان ما غطى الموقف الفاشى الرنجمى 
الحديد الذى يظهر الدوتشى كاثوليكيًا يؤدى واجباته الدينية على موقفه الملتبس 
السابق من الكثلكة والمسيحية » الذى كثيراً ما قاده إلى التحدث عن نفسه أحيانآ 
١‏ ككاثوليكى متدين . ومسيحى مخلص ) وأحياناً أخرى » عن ا ككافر 
لايؤين بشى» .. ٠‏ 

ولم يكن فى الواقع ف أى يوم + أكثر من كائوليكى غير مستقر . فهو دائما 
كثير الإيمان بالحرافات » ولا يستحى من الظهور بهذا المظهر . وكثيراً ما شاهده 
الناس » وهو يضع يلده فى جيبه لعسلك بها خصيته » متبعاً التقليد الإيطالى المعرويف » 
ليقيه ذلك من عين الحسود . وتقول مرجريتا سارفاق » إنه كان يمن بأشيّاء فى 
منوى الغرابة 17 القمر «'وعن تأثير ضوئه اللدافت على الناس والأتحداشٌ « 
والخطر من السماح لأشعته بإضماءة وجه الإنسان وهو نائم'1 . وكان يفخر بقبرته 


)١(‏ يبدر أنه ورث اععقاده بالتأثير الشرير لأشعة القمر عن والده أللى يبدو أنه اعتيرها مساثولة 
عن مرض و اهرب ع اللى أصابه ذات يوم ؛ عند ما كان ينا فى عام ١+9‏ َ نه المؤلف ع ٍ 


41 
على تفسير الأحلام : والنذر » وف قراءة العلوالم عن طريق ورق اللعب ١‏ الكوتشينة ) 
كا كان يحب أن يقرأ الاتخرون له طالعه » ى كفه » أو فى غير كفه . وكانت 
هناك قارئة للطوالع © تنبأت بمصرع ماتيوق قبل وقوعه » مما دفع موسولبى إلى 
الإعان بها » وإلى. استشارتها دائماً عن طريق رئيس شرطته » كلما واجه مشكلة 
يرى من الصعوبة بمكان حلها . وقرأ ذات يوم فى صعيفة ‏ التايمز » اللندنية عن 
الكنوز الى اكتشفت فى مقبرة توت عنخ آمون » وعن لعنة الفراعنة الى تنزل يكل 
من يزعجهم فى سباتهم الأخير » وسرعان ما هرع إلى الحاتف ؛ يأمر برقع مومياء 
كانت قد أهديث إليه » وكان قد وضعها فى صالات داريه » من مكانها فورا . 
وكانت أدراج؛ مكتبه مليئة دائماً بالأحجبة السحرية والتعاويذ الدينية والرق » 
الى كان يتلقاها من المعجبين به » والى لم يحرئؤ فى يوم من الأيام على التخلى 
علها . وظل يحمل حى آخر يوم من حياته » فى عنقه حمالة جلدية » تضم 
حجاباً » كانت أمه قد أعطته إياه » وقطعة نقدية أثرية كانت الملكة مررجريتا 
والدة الملك قد طلبت إليه الاحتفاظ بها ليذكرها داثماً » إذ أنها كانت من أصدق 
المعجبين به . وكان يقول إن هذه التعاويذ تقيه من الموت على أيدى أعدائه . 


وجرت انحاولة الأول من الحاولات الأربع لاغتياله » فى الرابع من نوفير 
عام 1 » عندما اعتقل النائب الاشيراكى السابق ثيتو زانيروثي ء الذدى وصفه 
موسوليى ابأنه كان مدمنا على المخدرات يعمل الحساب تشيكوسلوفاكيا » فى غرفة 
فى أحد الفنادق القريبة من دارة شييجى » حيث كان قد اعتزم إطلاق النار على 
الدوتشي' وهو يمخرج من منزله ليعرض قوة عسكرية : وجرت المحاراة الثانية بعد 
خسة أشهر » عنلما أطلقت عليه سيدة إيرلندية تدعى فيوليت جييسون النار وهو 
فى طريقه لزيارة طرابلس . لكن موسوليى لم يبدأ فى أبة إجراءات انتقامية إلا بعد 
احاولة الرابعة الى .جرت فى بولونا فى "١‏ أكتوبر ١975‏ » وى قام بها صبى 
ما لبت الجماهير أن مزقته إرباً » وإن ظل مسوليى على اعتقاده ببراءة الصبى 
حت اللبساية . وكان الناس قد أطروا تساعحه فى البداية غاية الإطراء » أكنهم 
اعتيزوا الآن إجراءاته ضيد الماسونيين والاشتراكيين عادلة كل العدل وأعجروا 
بسبالته وهدوئه فى كل ححادثة من هذه الحوادث . وعندما أصابت قذيفة الفاة 


41 
الإبرلادية طرف أنذفه فخدشته . راح يقول 3 المدوء » ون أن يبدو عليه أى 
اث لقان ديع وتصوونا بحاي 'لفتوزرا “6 فئاة تفعل' هذا » . بعك أن 
أسعفوه بالعلاج ‏ وربطوا أثفه الخربح » راح ييئف بمن حوله من الموظفين . 
( إذا تقدمث فاتبعينى . أما إذا تراجعت فاقتلونى وإذا مت فاثأروا لى » . وتابى بعد 
إحدى الحاولات مباشرة زيارة من السفير البريطالى » الذى. كان يجهل أمر 
الحاولة » وظل يجهلها مدة طويلة أثناء اجماعه إليه » إلى أن ثناهت إلى مسامعه 
عبر النافذة » أصوات الناس هم يشكرين الله فى الشوارع ددا . 

ووقف سكرتير الحزب » يمخطب الحماهير الى وصل نافيا إلى عنان السهاء 
ويقول . . . « عناية الله تحرس الدوتثشى » فهو أعظٍ من أنجبته إبطاليا من أبتاء ‏ 
إنه خليفة يولوس قيصر ) . 

وردث الحتماهير' ببزيم كالرعد . . . ديا دوتى » يا دوتثى ,. نحن معك 
حتى الهابة ؛ . ٍ 

ومضت الشرور » وتضاعفت الانتصارات » وأسةطت النكسات من اللساب » 
واستبعدت » واخترعت الأساطير ونشرت » وشوهت ال حقيقة وخنقت » وارتفعت 
صورة الدوئغى >الإنسان الأكل » ورجل الفير + تحلق فى عخيلة كل إنسان . 
أما تقلبه وعدم استقراره » وتصنعه وريائه » وغروره أمام الجماهير » وإيمانه الخطر 
بأنه يستطيع أن يسيطر على كل مشكلة وأن يحلها بسرعة وحزم ودقة : وطرده 
المتواصل لوزرائه وسكرتيرى حز به وكبار موظفيه » إن ارق أى منهم إلى رتبة يصبح 
فيها منافساً خخطراً له ٠»‏ كنا حاول بالبو أن يفعل ذات يوم ء وحقارته الى دفعته 
ذات يوم إلى أن يصدر أمره إلى الصحفيين الإيطالبين بأن يقاطعوا هيلاسلاسى 
أثناء إلقائه ختطابه ف عصبة ة الأثم نياية عن الليشة بلاده ؛ وأن دسكتوه 6 وت ركيزه 
السلطات فى يديه بحيث يات فى يوم من الأيام » رئيساً اوزراء » ووزيراً للخارجية » 
ووزيراً الداخلية » ورئيسا للمجلس الأعلى » ووزبراً اتعاون . وقائداً أعلى للمليشيا » 


(ؤ) سلك الملك فيكتور عمائوئيل أللى كان لا يقل عنه جرأة وشجاعة ٠‏ سلوكا نماثلا عند ما بساول 
شاب اغتياله فى تيرانا ( عاصمة ألبافيا فى عام ٠ ١94١‏ وباح الملك يقول مدر إل رئيس وزراء أليانيا 
الذى كان يملس معه فى نفس المربة . . . ٠‏ إن الصى إنسان بائس . أليس كذلك ؟ , و امول » 


اه 
ووزيراً البحربة والحرابية والطبران » فكلها أمور كان الناس ينسونها ويغفروها له » 
ولا يتحدثون عنها ء ولا ينشروها . 


وكان هناك المنشقون بالطبع » والأصوات المعزولة الى تنادى بادرية وانلتلاص 
من هذا الوضع السبى“ » ومن هذا الرخص الفكرى والمادية الضحلة الاين تتميز 
ببما الفاشية » اكن الناس لا يأببون لهم ؛ وإنما يقابلونهم بالزراية والاستخفاف . 
وبدا النجاح » والاحترام أفضل عند الناس من الحرية السياسية » وبدت الأأجور 
المضمونة خيراً عندهم من الحق فى الإضراب فى أية صناعة فقيرة . وكان عدد 
أعداء القاشية الذين يعملون ضد الدولة من خارج إيطاليا او داخملها » واللين 
يتميز ون بالذكاء واحرأة من أمثال إجنازيو سياوى » صغيراً » ولم يكونوا يستطيعون 
لتأثير على شعب » يتعرض للتضليل أكثر من تعرضه للقسر والإكراه » ويدفعه 
الخداع إلى الانسجام مع العهد . وكان الفاشيون يقولون إن الحرية لا تعنى شيئا 
للفلاح الذى: مخشى عودة امجاعة ء أما أولئلك المثّفون والكتاب وغيرهم من 
المهيجين السياسيين والاجماعيين الذين كان الدوّشى واحدآ مهم ى يوم من 
الأيام » والذين ظلوا يحتجون ويذكرون الشعب بأخطار الخنوع » فقد تعرضرا 
إما للإبعاد أو الحد من الحرية » أو استخدمت الرشوة فى حملهم على اللمضوع » 
وعلى تأيبلا سياسة كان موسوليى يشير إليها دائماً بكثير من الصراحة الشريرة 
بسياسة «أغصن الزيتون واهراوة » . وكان هناك عدد آنحر من الكتاب والفنانين 
والعلماء آثروا الصمت » وكان فى وسعهم أن يأملوا فى أن تنتبى التزعة الاستبدادية 
ذات يوم » عندما تنبى حالة الطوارئ » أو فى أن يم إصلاح الفاشية هن داخلها . 
وكان ف وسعهم اتا شيروا إل آم ما بثىء من الرغى إلى اللين المتبع مع المنشقين 
على الصف النائبى” . وكانوا يقارنون الإبعاد إلى الحارج أو إلى جزر البحر الأبيف 
المتوسطذ وقرى كالابريا » والاعتقال فى بعض الحتقلات الى لا تتميز بالسيء : 
بما ينؤظر المنشقين من موت فى غرفة التعليب أو من أشغال شاثة مؤبدة فى 
معسكرات الاعتقال » أو من أعمال السخرة سنوات طوالا فى المناجم » فى ظل 
الديكتائو ريات الأخرى » الأقل تساععاً . وكانت الحملات التأديبية التى تشنها 
الوضابات الفاشية اللحلية » واتى لا سبطرة للشرطة عليها » حيث تقوم هذه 


1 
العصابات بإذلال خصوبها » عن طريق إرغامهم على أن بشربوا علناً زيت الخروع . 
أو يأكلوا الضفادع وهى ١حية‏ من أبشع الأمور الى تتفزز مها النفس » ولكن 
فى الإمكان مقارنما بالحرية النسبية الممنوحة لبعض| خحصوم الفاشية ابلتديدة من 
أمثال بنديتو جرسى . وكانت فرق مكافحة بحصوم الفاشنية الساهرة ( الأوفرا 
مده ) » أقل أذى بكثير من قرة البوليس السرى السوفياق ( الأوجي و20 06») 
أو الحستابو فى عهد النازية . وكان قائدها أرتورو بوشينى » مجلا" خبيفاً» ولكنه 
لم يكن بالرغم من سبعته السيثة » رجلا شريراً . ولم يحل عام 1991 + حتى كان 
الدونشى » وقد وثق من نجاحه » ووعى كل الوعى الحقيقة الوافئة وهى أن الثاس 
قدد نسوا قصة اغتيال ماتيرق » قد أصبح قادراً على إبلاخ « محافظيم » فى الأقالم » 
بأنه لم تعد ثمة ضرورة للفصائل الفاشية ٠‏ وأن/ « عهد الانتقام والعنف ‏ قد 
الهو 

وم يكن الذن قد ساور مسوليى فى أى يوم » بأنه رجل ظلم . وقد سأله 
إميل لودفيج ذات يوم عن تجاربه فى السجن » فقال وهو يحى جذعة إلى الأمام » 
ليقع ضوء المصباح الكهرباك الرتفع على وجهه » وليتكئ بمرفقيه على المائدة ع 
وذلك شأنه دائماً إذ يحاول إيضاح أمر » أو سرد قصة . . . ١‏ تقد ذقت مرارة السجن 
فى بلاد عدة 6 . وبمضى لودفيج فيروى قصة هذا الحديث قائلا . . . « ويكون 
الدويّشى فى مثل هذه الحالات فى منتبى الوداعة » وقد أبرز فكه الأسفل » 
وانفيجت شفتاه بعض الانفراج » حاولا [خفاء مزاجه الحادئ » وراء تقطيب 
حاجبيه 6 . . . وما لبث موسوليى أن قال . . . « أجل لقد ذقث مرارة السجن ى 
بلاد عدة » إذ سجئت إحلدى عشرة مرة . . . وكان السجن بمنحى داعا الراحة 
الى لم أكن أستطيع الحصول عليها فى خارجه . . . ولعل هذا هو السبب فى عدم 
حقدى على سجانفى . وفد قرأت فى إحدى فترات سجى قصة دون كيشوث » 
ووجدث أنها قصة مسلية للغاية » . ْ 

وقال لودفيج ساخراً وهو يبتسم . ...9 بلعل هذا هو السبب فى أنك تضع 
خصوءمك السياسيين فى السجن ؟ ولكن ألا تحملك ذكرياتك المريرة عن الننهجن 
على التفكير أحياناً فى هذا قبل أن تفعله ؟ ؛ 


6 
فرد موسوليى قائلا . . . زلا . لا أبدا . فأنا لا أتردد . لقد بدأرا هم بزنجى 
فى السجن » وها أنا أسد لم دينهم الآن , بنفس عملهم ) . 
وكان من العسير على المرء أن يصدق » أن هذا الرجل » ,أقراله على هذا 
النحو من الزيف وإلرباء » كان قادرأ على القيام بأعمال اللقسوة المتطرفة الى تصدر 
عن الديكتاتور . وإ يكن رجلا فظيع؟ » كا تقول البياذات عنه . حقنًا كان دائم 
العبوس ٠»‏ وكان فى مكنته أن لا يعرف الصفح والنسيان » بل كان أحياناً شريراً » 
ومتعجرفاً » ولكنه كان يخى وراء صورة الطاغية » والحمود الرخاتى الدى كان 
يحاول أن يظهره فى وجهه الضخم » .كثيراً من العطف والإشفاق . وتروى مرجريتا 
سارفالى قصة منجه أوسمة « نجمة العمل ؛ ؛ إلى عدد كبير من الرجال الطاعنين 
فى السن . وكان يبدأ بمعانقة الرجل العجوز الواقف فى أول الصف ولكنه لا يكاد 
يصل آآخره » بحى يكون قد انسجم مع طبيعته وراح يداعب كل واحد أمامه ع 
ويتحدث إليه حماسة حى ليخيل إلى من محدثه ١‏ أله وجد فيه أخاً ضالا ٠‏ , 
ويروى ماكارتى مراسل « التايمز ‏ اللندنية فى رومة فى الثلاثينات قصة حادثين 
آخرين : وقع فيهما الدوتشى تحت سيطرة عواطفه . وكان اللحادث الأول عندها 
مع بوفاة أخبيه » بعد أن حمل له التبأ الأمبرال الكونت كونستاترو تشيائو والد 
وزير الخايجية . وانهار مرسوليى نمام الابيار وراح يجهش بالبكاء دون تسحفظ 
على كتف الأميرال . ويقول ماكارتى إنه امبار أيضاً عندما قدمت إليه 1 دمية ع 
فى حفلة استشيال أقامها رئيس اتحاد الصحافة الأجنبية للمراسلين الأنجاب 
فى رومة .: وكانت الدمية هدية لابنته الصغرى آنا ماريا الى كانت تبل 5 نذاك 
من مرض ألهاب النخاع الشوكى الذى توقيت أمه متأثرة منه . . . ويقول مراسل 
الديل ميل الذى كان يشهد الحفل . . . « وقد تساقطت العبرات من عينيه وحمل 
الدمية فى يده لحظة » وتنحنح وكأنه يعترم الكلام » ثم راح يقول ببمسة مغتصبة 
إلى السنيور ألفييرى » وزير الصحافة . . . ولا أستطيع الكلام . أرجو أن .تقول 
شيثاً » ! وحطا الدوتشى نحو النافذة + وقد أدار ظهره. للئاس » وراح يتطلع إلى 
المخارج . وبكى مرة ثالثة فى نوبة عنيفة من نوبات الألم » عندما قتل ولده الثاني 
برولوبى الحرب . وعنددما جاءت أرملته لتتسا المدالية الذهيبة التى منحت لزوجها 


55 
ف .حفل رسبى ؛ وقد حملت انها مارينا 6 حفيدة موسوليى الى هلتك ذراعيها 
إلى جدها ع رأى تشيانو فى عينيه ١‏ بريقاآ » فضح كل ما حاوات إرادته الحديدية 

إخفاءه » بشعر بأنه قريب من قلب حميه وأحزانه ». 


وكان مولعاً أشد الولع بأطفاله الخمسة . وكان يحب اللعب معهم » وتعليمهم 
الألعاب الختلفة . وكانت صوره معهم تظهر بانتظام فى الصحف لمحلية » الى لم 
نكن تعرضه على الشعب كرياضى عظم فحسب ٠‏ وإعا عرضته كفارس من خيرة 
الفرسان وطيار من أمهر الطيارين » ورب أسرة من خيرة النامن» بل المثل الرائع 
ترجل الأسرة فى إيطاليا كلها . لكن الناس لم يكونوا يعرفون كثيراً أله « زير نساء » . 
وكانت بعض الصحف الأجنبية تنشر أحياناً قصة من قصص مغامراته الغرامية ؛ 
ولكن الأى العام الإيطانى » ظل يجهل إلى حد غربب © فجور زعيمه » الذى 
كان هو يعمل جهده على إنعفائه . وكانت من أولى خليلاته على سبيل المثال امرأة 
غريبة الأطوار تكاد تكون مجنونة ندعى إيدا دالسر » وقد ولدت منه طفلا ذا عاهة 
وضبعيف العقل » ظل مصدر إزعاج له مدة طويلة . وعندما قطع موسولى علاقاته 
بها بضورة نبائية » تحولت فى ثورتها إلى غمرة هالجة » مما أجيره على حبسها ى 
إحدى المصحات للأمراض العقلية . وكانت تصر على أن موسوليى لان يعدها مئل 
عام ١9411"‏ بالزواج منها » أو أنه كان قد تزوجها فعلا ء وأنه لا يستطيع شراءها 
بالراتب الضئيل الذى خصصه لا . ويقول سيزار روسى ؛ إنها كانت'تزوره دانماً 
فى مكتبه فى صيفة البوبولو ديتاليا فى ميلان ء وإنا عندما جاءت ذات يوم وقد 
حملت طفلها فى حجرها » راحت تصرخ مهددة موسوليى بالتزول إلبها إذا. استطاع » 
أنه مغى إلى النافذة لبهددها بمسدسه . وقد اعتفلت مرة أخرى » بنهمة إثارة 
الاضطراب فى ترنتينو عندما أشعلت النيران فى فراش غرفها فى فندق بريستول » 
صارخة بصورة جنونية بأنها زوجة الدوتثئى . وقد مانت فى مستشى الأمراضى العقلية 
فى البندقية فى عام ١46‏ » ومات ولدها بنيتو فى مستشى ممائل آخر على مقربة 
من ميلان فى عام 1947 . لكن الشعب الإيطالى » باستثناء عدد قليل من الأأفراد » 
كان يجهل كل هله الحقائق . وتورط موسوليبى بعد موت إيدا دالسر بفاضيحة 
غرامية لم يكن من الممكن إخفازها . فقد جاءت المثلة الفرنسية ماجدة كوراييف 


0 
وكان اسمها المثيل » فونتانجيس إلى رومه فى عام ١191"/‏ لتجرى مقابلة باسم 
صحيفة ١‏ ليبرق : مع الدوتشى . وراحت تجهر علنا » بأنها لن تعود إلى باريس 
قبل أن تصبح لها علاقة غرامية بالدونشى . وراحت تزهو فما بعد قائلة ... « وأقمت 
فى رومه شهرين . وكنت خليلة الدونشى فيهما عشرين هرة » . وظهرت أسرار من 
هذا الطراز وبلغة مكشوفة فى الضحافة الأجنبية » وأبلغ موسولدرى دوائر الأمن 
الإيطالية » والسفارة الفرنسية ى رومه » بأن إيطاليا لن تقبل الآنسة فونتانجيس 
فى ربوعها . وكان رد فعلها عنيفاً فقد حاولت الانتحار بالسم » ثم أطلقت النار 
على السفير الفرنسى الكونت دى شامبرون وأصابته براح ؛ لأنه كان السبب 
كنا قالت فى حساربمها «الحب أعظٍ رجل ف العالم » وعندها اعتقلها رجال الشرطة 
وجدوا فى شفنها أكثرمن ثلاثمائة صورة لموسولينى )١١‏ . وكان الدوتشى فى غضون 
هله الفترة الى لها فيها ببذه الفتاة الفرنسية » قد شرع فى علاقة عاطفية أشد عمقاً 
مع امرأة شابة أخرى ؛ لم يكن يشبع قط منها . 
وكانت هذه المأة هى كلاريتا ببتاتئى ابنة طبيب إيطالى » وزوجة ضابط 
بعرتبة ملازم فى السسلاح الحوى الإيطالى » وهو الرجل الذى حصلت على طلاقها منه 
فيا بعد من محكمة مجرية . ويقال إن موسولييى رآها لأول مرة وهو فى طريقه إلى أوستيا 
فى عام 1687 . فقد كان يجلس ف المقعد اللخلى من سيارته ذ الالفاروبيوة عندما 
مر بها وكانت تلوبح بيديها ونبتف « دوتشى دوتشى » . وقد بدت رائعة جميلة فى 
حماسم! فاستوقفت أنظاره . وأمر سائقه بالوقرف . ونحرج من السيارة متجهاً إليها » 
فارتجفت من وقع المفابجأة » وأحست بشعور طاغ » كا ذكرت » وهو يتحدث 
إليها لأول مرة . ْ 
كانت فتاة -جميلة » ذات عيئنين خضراوين » مساقين طويلتين وملفوفتين » 
وصدر عامر من الطراز اللى يحبه مرسوليى فى أبة امرأة . وكان ف صوتها بحة 
جنيلة . وكانت ملانسها زاهية الألوان بلا ذوق ٠‏ بيها سسحت شعرها أيضاً 
بصورة تافهة . وكانت شفها العليا قصبرة » وأسنانها صغيرة » محرى إذا ما ابتسمت 


000 حك عليها بالسجن سنة واحدة بنهمة الاعتداء على السفير وإصابته بجراح . كا فضت مدة 
أخرى فى السجن بعد الحرب بنّبمة التجسس للسحور » وقد انتحرت بالسم فى جنيف فى عام 1550 . 


4 
بانت لشباء وظلت على هذه الصورة حتى تعلمت الابتسام دون أن تفترق شفتا 
كثيراً . وكانت كرعة » وفى عقلها لوثة » كا كانت مغرورة ومشبوبة العاما 
وكثيرة التبلد . وكان إخلاصها لموسولينى كاملا وقوينًا . وكانت تشكو دائما . 
أوجاع حقيقية ووشمية : وعندما ألجهفضت ذات مرة ؛ كادت تموت من التزيف 
وواظب موسوليى على زيارتما » فتأثر والداها بإخلاصه الواضح » وقلقه عليبا 
دأصراره على أن يشهد عمليتها . وكانت تذهب إليه فى العادة إلى قصر البندقية 
وتدخخل من باب جانى . وتستقل المصعد إلى شقة فى الطبقة العليا من القصر حي 
يوافبها الدودئبى » ليقفى معها أحياناً بضع دقائق بين مقابلة وأخرى من مقابلا: 

الرعية . 


وكان موسولينى كأى زير نساء آخعر » ميالا إلى العزلة . ولم يكن له إلا عد 
قليل جدا من الأصدقاء . ولم تكن له صلات وثيقة بالناس » وهى حقيقة كاد 
دانم الزهر بها . وكان يقول دائماً بشىء من التفاخر . . . لو أن الأب الأقدسر 
جاعلق ليقول إنه صديى » لرفضت عرضه مهددا بقبضة يدى » ولو أن والدى 
عاد إلى هذه الحياة » لما وضعت ثقتى فبه » . وقال ذات يوم بصورة أرق فى 
أخريات أيامه . . . :لم أعرف قط فى حياق دفء الصداقة الحقيقية » وإن كنت 
قد أحبيت عدداً كبيراً من 'التساء . ولكننى لا أعنى هذا » وإنما أعنى الرابطة 
القوبة الى لا تنفصم والحب الوثيق بين رجلين . وين المؤسف أننى لم أعرف مثل 
هذه الرابطة منذ مات أخى أربالدو » . 

وقد مات أرنالدو ف ديسمير عام 111 » توكتب موسوليى تخليداً الذكراه » 
كتاباً لم يضمنه عواطفه تجاه أخيه فحسب » وإنما ضضمنه أيضاً حبه لوالديه » 
بكثير من الإخلاص /التأثر . ويتضمن كتابه هذا وحياة مع ساندرو وأرنالدو » : 
على التقيض من تاريخ نحيائه الذى كتبه » ومن الفقرات الواعية الشديدة الإحساس 
فى كتابه الآخر ‏ حديث مع برونو » الذى كتبه بعد موت ولده الثانى فى سحادرث: 
الطائرة فى الخرب ؛ صفحات عدة فى متهى الحمال والروعة . وذكر جروقانى 
جنتيل بعد أن قرأ هذه الصفحات الى تحدث فيها موسولريى عن أسرته وعن الريف 
التميل الذى عاش فيه ' يقول : 5إنه ليس فى إمكان طاغية أن يكتب يمثل هذه 


516 
الرقة ؛ . وقد يكون فى هذا القول الكثير من المبالغة » ولكنه صمح إلى ححد كبير 
وف وسع الإنسان أن يفهمه . فلاريب فى أن موسولينى قد كتب ما كتبه من صمم 
فؤاده » إذ أنه كان يفتقر إلى القدرة على تبين اهمال وتذوقه فى أى عمل من أعمال 
الفن . ٠‏ 

وتصف مرجريتا سارفاق » حادثاً وقع لها عندما كانت فى صغبة مرسوايى » . 
وهما ينظران إلى ما ى متحف الفاتيكان من طنافس فنية . لم يكن الدوتشى قادراً على 
تمييز الحمال فى هذه الطئافس . فقد ذكرت الكاتبة أنه قال لها . . . ؛ ترى 
ما الذى تعنيه هذه الطنافس على أى حال » سوى أنها مجرد أشياء » . وأضافت 
مرجريتا أن بناء الفاتيكان نفسه لم يكن يؤثر عليه كثيراً » سوى من ناحية ضخامته . 
وكان يقول كأى طفل صغير يلج قصراً منيفاً . . . دما أكثر ما فيه من غرف » 
وما أوسعها . كانوا يعرفون فى الماضى كيف يبئون 4 .' 

ولاأحظ هتلر أيضاً افتقار موسوليى إلى تذوق الفنون المنظورة وقد هاله ما رآ 
على الدوتثئى من ضيق وتبرم أثناء الزيارة الى قاما بها مع لمعرضى بيى وأوفيزى فى 
فلورنسة فى عام 1918 . وعاد الدوتشى فأذهل الفوهرر من عدم اكثرائه بالصور 
الى أخذه لمشاهدتها فى مدينة نابول فى تاربخ لاحق .. ويقول هتلر عن هذه 
القصة . . . : وبعد أن شاهد ثلاث صور » أحس بالملل والضيق » ولم يعد فى 
سعه أن بنظر إلى صور أخرى . وكانت النتيجة أننى لم أره بدورى أى صور 

منها . ولم يكن فى وسع موسوليى أبداً أن يشترك مع الإيطاليين فى زهوهم برام 
0 ؛ ولم يستطع فهم ما أثاره تصرف الحكومة الفاشية فى [هدائها تمثال « المنتقم ‏ 
من صنع ميرون ( ومعوكة 2١١)‏ طتلر عندما أعجب به إبان زيارته لرومة من فز 
وسخط . وقد رفض أيضاً أن بحس مع الإيطاليين بالحوف من أن تدمر الطائرات 
البريطانية والأمريكية بقنابلها » 5 ثارهم الفنية العظيمة » أثناء لت : 
ولكن بالرغم من عدم أثْره بالرسم والنحت » وجميع: الفنون والزوائع الأخرى ) 
وحيرته فى أمرها » وبالرغم من أنه كثيراً ما كان ا الأوبرا "كنا ذكر وده 
)١( 0‏ يرون نسات إغريى . عاش فى القرن المامس قبل اميلاد على سحدود أتيكا . وكانت تمائيه 


كلها من البرونز تقريباً . ويعتير تمثال المنتقم من أعظلم القاثيل الأثرية لأنه المثال الحقيق الأى صتعه 
مير ون . . وهناك نسخة فيها بعض اللطأ من نفس القّثال فى المتحف البر يطاف ‏ 


5 
فيتوريو ظل الأدب يفرض عليه طيلة حياته .جاذيية مسيطرة » كان صادقاً 
كل الصدق فيها ء مزهواً دائماً بذوقه الأدبى وإن ظل بميل سر! إلى قراءة القتصص 
الحنسية الرخيصة!١)‏ . وكثيراً ما قال فى أخريات أيامه إن ما يؤسيه ويقله كل 
الأسى والألم أن الفاشية لم ننجب شاعراً عظيماً واحداً » أو كاتبا واحداً يستحق 
. القراءة . 

وكثيراً ما قال . . . دما كنت لأشكو » لو كان هناك كتاب فاشى رائع 
واحد . واكن ماذا نجد أمامنا ؟ نجد كتبا تافهة سيئة الكتابة ؛ تمتدحى وكير كنت 
أوثر لو وجدت كتاباً جبداً هجو وينقدف » . وقد يكون موسولينى صادقاً فى قوله 
هذا » بالرغم من عجائب الرقابة الفاشية الى حظرت كتب روبرت جريفز 
(ع623 امعط م8) ؛ وأكسيل مونى (مطاصد3 امعة) : وغيرهما ع ومنعتها من العرض 
فى المكاتب العامة . 

وتحدث ألبرتو مورافيا فى مقابلة صحفية أخيرة عن كتابه النقدى المشرور 
للفاشية « المسخرة ؛ والذى صور فيه كابرى فى عام 154٠‏ فقال : 

« كنا فى غمرة الحرب » بما حملته من فاشية طاغية ومن رقابة . وكان علينا 
أن نقدم ما نكتيه من مخطوطات إلى وزارة الثقافة الشعبية للحصول على موافقتهاء 
وكانت هذه الوزارة مكتظة بمعلمى المدارس الابتدائية الذين يتقاضون ثلاثمائة ليرة عن 
كل كتاب يرانجعونه . وكانوا رغبة منبم فى الاحتفاظ بالمظاهر عندما يجدون إلى ذاك 
سبيلا » يصدرون أحياناً أحكاما سلبية . وقد قدمت ذات يوم مخطوطة إلى الوزارة » 
ولكن الذين قرأوها فى البداية عزفوا عن اتخاذ قرار بصددها » فأحالوها إلى مساعد 
وكيل الوزارة . وتعرض المساعد لامتحان عسير أمام ضميره » فأحالها إلى الوكيل 
)١(‏ لاشك فى أن إيجنازيى سيلو يعارض فى هذا الرأى بالطيع . فهو فى كتابة الرائع والمعادى 
للفاشية - « مدرسة الديكتاتورين 8 - يردم صورة أحد الأبطال معلقاً عل ما قاله 
موسوليى من أن والدء كان يتلو على مسابعه كل مساء سبت ؛ من كتاب الأمير لمكياقل بقوله . . . 
١‏ لعل معرفتنا بوالد موسوليى تجملنا نرى أن آغر ثىء يمكن أن نصدقه هو أنه كان قادراً على أن يتلو أى 
شىء على مسامع أى إنسان مساء يوم السيث . وكان هدف موسوليى الوحيد من نشر مثل هذه القصص أن 
يرك أنطياعاً حسياً عند سامعيه . ولعل جل ما استطاع أن يفعله مرسوليى طيلة حياته كلها أنه كان لا يقرأ » 
إلا الصحف . ولكنه 'كصحى موهوب ٠‏ كان قادراً على أن يتحدث وأن يكتب يثىء من الفرور عن كلل 
ثىء » حي عن الأمور الى كان لا يعرف شيئاً عنها . د المؤلف » 


٠١ 

للخلاص من هذا الامتحان ء الذى أحالما بدوره إلى الوزير ووصلت امخطوطة 
أخيراً إلى موسولينى ٠‏ . 

وسأل الصحى مورافيا  :‏ إذن أفترض أنك نعرضت إلى التحقيق . . ؟ ؛ 

لاء أبداً . فقد أمر موسولينى بطباعة الكتاب . 

حقًا !! 

أجل » إنه لم يكن رجلا مريئاً . 

سننشر هذا الحديث فى الخارج » حيث ينظر إلى موسوليى بمنظار آخر . 

- ولكننا ثفهم -حقيقة موسوليى أكثر من غيرنا » وآمل أن لا يستنتج الناس 
من هذا أننا من الفاشيين . ولعل أسوأ أخطائه »ع جهله المعيب بالشؤون الحارجية , 
ولو كانت له سياسة خخارجية, ذكبة كسياسته الداخلية » لظل عل الغالب فى 
مكاله حى اليوم . 


5 
بالرغم من أن من الشائع اهام اغخالفين للعهد الاشتراكى الوطبى فى ألمانيا 
بالاشتراك فى أعمال هذا العهد » إلا أن الدولة الفاشية فى إيطاليا كانت فى نباية 


عام ١9‏ » قد غدت المكان الذى بات الانحراف فيه عن البادئ] الفاشية 
أمراً مألوفاً . وقد بذلت عحاولات ضخمة ومتعبة وسخيفة أحباناً لإرغام الإيطاليين 
. على الارتفاع إلى المثل الفاشية فى النظام والواجحب © وفرض سلوك يتميز بالصرامة 
والغردية علبهم 2 ثم غرابته على طبيعتهم » وعدم السجامه مع الشعار الفاثفى 
المبكر . . ١‏ أنا ل أكترث قيد شعرة ؛ .. وكان الدونشى لا يمل من تكرار القول » 
بأن الوقت قد حان لأن تجعل الفاشية مستوليتها التاريخية والتقليدية » المراعاة 
الدقيقة الصارمة للنظام الفائى » كما أن واجب الفاشى أن يقدم المثل الذى يحتدى 
للكفاية » والحزم فى العمل » والدينامية » بدلد مما تميزت به الحياة الإيطالية قبل 
الفاشية من تراخ » وكسل ٠‏ 'وخلافآ للحياة فى الديمقراطيات الغربية الى يصورها 
موسوليى بالترهل والاسترخاء » والتقليد والبورجوازية » والانحلال . ولم تكن أقوال 
الفاشية من أمثال . . . عش ححياة خطرة » » و ١‏ انظر إلى الحياة نظرة .جدية » » 


0 
مجرد شعارات » وإثما كانت خختصائص جوهرية فى العقيدة الفاشية . وكان موسوليبى 
مولعاً دائماً بأن يقول . . . « لقد تحول الثوريون فى البلاد الأخرى بصورة متدرجة 
إلى موادعين هادئين » لكننا هنا فى إيطاليا » نزداد يوماً بعد آخبر » تطرفاً وعنادا 

واصراراً ه . 

وكان على الفائبى أن يحذر دائماً من خطر الاسترحاء والعودة إلى عاداث الماغى 
التكاسلة من معنوية وخلقية . وعليه أن يكون « رجل عهد موسوليى الحديد؛ » 
متقد الحووية والنشاط » -حازماً فى قراره » مخلصاً فى ولائه » قادراً على التتخلى عن 
ملذائه » وعللى إذابة شخصيته فى نخدمة المثل العليا الصارمة للأخلاق الفاشية . 
وكان موسولينى يقول . . و نحن المدافعون عن الأهمية الجماعية للحياة » ونحن 
نريد تنمية هذا الاتجاه علىسصاب التفردية (صدنلهبة»تقدن . وكان على الأعضاء 
المسجلين فى الحزب » والذى بلغوا فى مارس عام ١9/‏ » أكير من مليوئين ؛ 
ف سبيل تحقيق هذا المدف » أن يضعوا معياراً متزمتا لاسلولة ٠‏ يتحتم على جميع 
الإيطاليين السير عوجبه . 

وقد أطلق على السنوات اللحمس الى سيقت نشوب الحوب العالمية الثانية اسم 
«حقبة سترائى 6 » نسبة إلى اللتهود المتكررة الى ظل يبنطها سكرثير الحزب » 
أخيل ستراشى » لصب الإيطاليين جميعاً فى قالب الطاعة بحيث يكونون كالإسبارطرين 
فى حمل الشعارات وامثل الموسولينية . وكان, ستراشى هذا مطيعاً الدوتئى طاعة 
عمياء ومتفانية فى الإخلاض » يفتقر إلى سعة الأفق والذكاء » وعكروهاً » بصورة 
خاصة من أبناء الشمال » لأنه نجئولى جاهل وتافه » من ذلات الطراز من الموظفين 
لذين كان مرسوليى يحب دائها أن يعهد إليهم بمراكز المسئولية فى السلم الفاثى . 
وذكر تشيانو فى يومياته » أنه لم نحل نباية الثلاثينات حبى ظهرت موجة شعبية 
عارمة من السسخط على القيود التافهة البى فرضها سكرتير الحزب . وقد اقترف هذا 
اليجل الحطأين الكبيرين والحطيرين الاذين يمكن للإنسان أن يقترفهما عندما 
يتعامل مع الشعب الإيطالى . فقد خلق جوً. من الإرهاب ٠»‏ وأزعج الإيطاليين 
بألوف المسائل الصغيرة التافهة ذات الطابع الشخصى . فالإيطاليون يحون من 
حكامهم أن يمحكموا حكماً عاطفينًا . وقد يغفرون الحاكم إذا أساء إليهم » ولكنهم 


١ 
. » لا يغفرون له أن ينكد عليهم عيشهم‎ 


وكان ستراثى . مكروهاً من -جميع مواطنيه » محتقراً منهم َ لأسياب ععدة 
منها حبه للمظاهر والأوعة » وإصراره على أن تحل التحية الرومانية القدديمة محل 
المصافحة باليدء وإخخلاصه للشعارات ونفاقه المتلهف الواضح ف تبنى كل ما يصدر , 
عن الدوتشى من فكر أو رأى . وعندما تببى مرسولينى فى عام 198 آزاء برونو 
سيكوجئانى (تعمصعمء01 مصتحط) » الذدى كان قد كتب مقالا ى حيفة الكورييرى 
ديلا سيرا » يهاجم فيه الاستعمال المضحلك لضمير « أنث » الشائع (نع.) فى 
الأحاديث المهذبة » كضمير المخاطب ف الكلام جما يتعارض مع التقاليد الأدبية 
الإيطالية القديمة والنجيدة » ويتناق مع الكرامة الشخصية » بادر ستراشى إلى تبى 
الحملة » ضد هذا ١الضمير‏ 6 بعنف شديد ء وأصدر منشورات حزبية بطلب 
فييا على الفور وبصورة إلزامية استعمال الضمير القدم « أنتى (نه,) بدلا من ذلك 
( الضمير » المأليف . ولا ريب فى أن حملاته المفرطة والعنيفة على هذا الفسمير ع 
عمقت مشاعر الازدراء الى يحملها له الشعب الإيطالى . ودفعت خصوم العهد إلى . 
الإصرار على استخدامه دائماً كرمز على تحديبم للعهد الفائبى . وراح بنديتو 
جروش © الذى تحول الآن إلى خصم قوى وكشوف للفاشية يستعمل الضمير 
الألوف فى أحاديته مع أسرته وأصدقائه بدلد من الضمير التقليدى » الذى كان 
داثم الاستعمال له من قبل . وكثيراً ما خرج ستراشى على -حدود المأليف » وسحلود 
ما يرضى به موسوليبى » حاولته مرة » فرض قاعدة معينة » وهى إنهاء -جميع 
المراسلات الرسعية بعبارة ٠‏ عاش الدونشى 6 . وسمع موسوليى لأول مرة بهذه القاعدة 
اللديدة » عندما رآها متشورة ى الصحف كأمر من الحزب ؛ وراح يستدعى 
سكرتئير الحزب إلى حضرته وهو فى ثورة غضبه . وعندما دخل ستراشى مكتب 
الدوتشى » راح موسوليى يمل على سكرنيرته أمامه . . . قائلاً . . . سيدق ... 
أبعث إليك ببذه الرسالة لأبلغك أن ولدك العريف فى كتيبتنا » قد سقط عن 
جواده » وتبشم رأسه . عاش الدوتشى 4 . . . ١‏ وسيدى العزيرز . . . نبعث إليك 
بهذه الرسالة لنبلغك أن الرغبة فى التخفيض فى عدد الموظفين فى الشهر القادم 
ستؤدى إلى فصلك من' وظيفتك . عاش الدوئشى ١‏ . ومضى موسولبى على مجموعة 


0 
من أمثال هذه الرسائل الوشمية قبل أن يستدير غاضباً إلى سترائى . ليطرده من 
حضرته » متهمآ إياه فى سورة غضبه » بأنه قد نجح فى أن يجعل من الدوتشى 

أضحوكة فى طول إيطاليا وعرضها . 

وكان ستراشى كسكرتير الحزب مسشولا أيضاً عن التدخخل المتزايد للأفكار 
والعقيدة الفاشية فى الرياضة » مما أدى إلى أن تصبح احتكاراً للدولة ؛ تمارس عليبا 
دوائر الدعاية فى الدولة إشرافها السخيف الموذجى » كأن تقرر مثلا أن يرتدى 
فريق التنس الدولى الإيطالى القمصان السوداء » وأن يرفض أفراده مضافحة من 
يلعبون معهم مكتفين بالتحية الرومانية » وأن تمنع الصحف مئلا من نشر صورة 
بطل الملاكة الإيطالى ٠‏ بريموا كارنيرا » وهو يبزم ى الحلقة فى مباراة البطولة 
العلمية . وبع أن المنظمة اللى حملت امم دبعد العمل؛ (ممدجهاهمه0) ؛ قد عملت 
الكثير لتأمين الألعاب المسلية والرخيصة للعمال » وامتاعهم بعطل وأجازات لاتكلفهم 
كثيراً » إلا أن هؤلاء العمال » غضبوا من الإصرار على ١‏ الطراز الفاشى » ف الرياضة 
. وألعاب التسلية » واعتبروه تدخخلا فيه الكثير من الا دعاء والتظاهر , وكان النظام 

الذى أدخل وبات يسمى «١‏ يالسبت الفاشى » كالعطلة الأسبوعية الى حلت 

محل ونباية الأسبوع ؛ وكل ما انطوى عليه هذا النظام من مظاهر :د بث روح 
الثورة » » تموذجاً هذه الحقيقة . وكان يطلب إلى العمال والكتاب سواء أكانوا 
فى خدمة الدكومة أم لاء أن يقضوا أوقات بعد الظهيرة يلعبون الألعاب » أو يشتركرن 
فى القارين العسكرية والاستعراضات . أو يحضرون بعض الندوات والمناقشات 
السياسية . 

وقد كتب مؤرشا العهد الفاشى لويجى سلفاتوريالى وجيوفانى ميرا فى كتابهما 
« تاريخ إيطاليا فى العهد الفائى » يقولان إن . . . 

«الميول الطبيعية للشعب والمقاوبة السلبية الى أبداها » هبطت بالبرنامج الفاشئى 
إلى الحد الأدلى » وبات ١‏ السبث الفاثى 6 فى اللهاية مخرد وقت للراحة والمتعة » 
أى كالسبت الإنجليزى . ولم تظهر المقاومة للأنضباط الستارائبى ى هذه الصورة 
وحدها . . .. فالتباين المقبول بين ما هو مطلوب ؛: وبين ما هو واقع »© أو بين 
النظرية والتطبيق وبين المظهر والواقع فى مبدان الانضباط الفائى ٠‏ أسهم من ناحية 


مدا 

فى -حماية الإيطاليين من الاستعباد المطلق والانحلال الروحى » كما خلق من 
الناحية الأخرى » تلك النرعة لاحيرام القانون » وعدم النظلم من الأنظمة ؛ وذللك 
الافتقار إلى الضمير الاجماعى » وهى جميعها عيوب كانت وما زالت خطيرة ق 
الشخصية القومية كت ترجه إلى العيد 
الفائبى أهمية 6 .. 

وكان إيتالو بالبو 1 الأربعة من أعضاء مجلس الأرزبعة » والذى كان 
موسولبى يحشى من شعبيته ويقور على انتقاداته العلنية » ولذا فقد بعث به الدونفى 
ليكون حا كا عامًا فى ليبيا . وى يكن هذا الرجل يجهل هله الحقيقة » إذ أنه 
قال فى صيف عام 1918 .لم يعد هناك مع الأسف طم للإخلاص فى 
إيطاليا . 


القسمالثشاق 


الإسراطورية واخحور 


١ 


الدبلوماتى 
6 أكتوبر ٠١19177‏ يوليو ١441‏ 
دعل الألمان أن يسمحوا لى بترجييهم » إذا أرادوا تجنب الأخطاء 
الى لا تنتفر . وليس مة من يشلك فى أننى أكثر ذكاء ودهاه من هتلر 
ف الشئؤون السياسية ه : 


١ 


١‏ كان من رأ دائماً » أنبى وقد حطمت كبرياء البلشفة » يجب أن تغدو 
الفاشية الحارس الأمين لسياستنا الحارجية 0 . . . هذه هى العبارة الى صدرت عن 
موسوليى قبل الشروع ف الزحف على رومة . ولعل هذا الوعد الدى كان يكثر 
من ترداده » هو الذى دعاه إلى أن يحاول قيادة إيطاليا إلى مركز أكثر اسحتراماً 
ف أوربا » وإلى أن يحظى بتأبيد قوى من جانب الشياب فى بلاده . فقد راح 
فى أول خخعطاب ألقاه فى مجلس النواب بعد انتخابه نائباً » يعرب عن تطلعاتهم 
الملحة » وقد لى التشجيع فى مرقفه هذا مما دعاه إلى أتخاذ موقف التحدى . 
الذى أوصل البلاد إلى شفير الحرب فى غضبون سنة واحدة من توليه الحكم : 

فى السابع والعشرين من أغسطس عام ١948#‏ » اغتال بعض اليونانيين 
الجنرال الإيطالى إيتريكو تلليبى » رئيس اللجنة الدولية لتخطيط الحدود بين ألبانيا 
واليونان مع ثلاثة من الحنود الإيطالبين ء لانهامه بمالأة المطالب الألبانية . وم 
بمض بومان حهى كانت إيطاليا توجه إلى اليونان إنذاراً لبائينا مطالية بتعويض قدره 
خسون مليون ليرة إيطالية . وعندما ألكرت اليونان مسئوليتها عن الحادث » أرسل 
موسوليى الأسطول الإيطالى إلى جزيرة كورفو فاحتلها . واشتكت اليونان فى الأول 
من سبتمبر إلى عصبة الأثم » وكان رد إيطائيا الإصرار على أن العصبة لا تمك 
الصلاحية فق معالحة القضية . وسرعان ما تعرضت اليونان الضخط الشديد لتلبية 
مطالب إيطاليا » ودفع التعريضمات الكاملة وجلا الإيطاليون عن كورفو . 


م 


ل 
وأفزعت الحرب الوشيكة موسوليى . ٠‏ وبالرغم من أنه لم يعترف بلمه الحقيقة إلا بعد 
سنوات طويلة » إلا أنه راح منذ ذلك الحادث » يسير بمنتهى الحشير والحيطة فى 
سياساته الحارجية وفى هذا الميدان الحطر من سياسات القوة . وبدا فى الواقعم فى 
السنوات العشر الأول من حكمه ٠‏ وكأن لا مطمح له فى أوربا وأفريقيا » 
وكان قائعاً بأن ينفى كل طاقاته ى الرفع من شأن دولته الفاشية وتعزيز الرشعاء 
فيها . وقد بدا فى الحالات القليلة الى ظهر فيها خارج إيطاليا » فى أوزان وف لندن 
أثناء مؤمرات عام 1977 » وف لوكارنو فى ديسمبر عام 19488 © ليوقع نيابة 
عن إيطاليا المعاهدة المشهورة بهذا الاسم » برباط عنقه الذى يجعله على شكل 
الفراشة » وبحذائه المغطى بالقماش » وقبعته العالية » وقفازيه الأبيضين » وسرواله 
الى ينقصه الكى » شخصا يختلف كل الاختلاف عن صورة ذلك الثورى العنيف 
الذىكان يسمه فيها الصحفيون الأجانب . وكان الناس يدهشون من ضآلة جسمه » 
إذ لم يعد طوله خس أقدام وست بوصات » ما يبدو فى ابتسامته غير المتوقعة من 
دفء . ول يكن ثمة ما يدعو أحدهم إلى الفزع هنه . وقد علق اللورد كيرزون على 
شكله بثىء من الازدراء الأرستقراطى قائلا . . . و حقنًا إنه شخص غريب 1١‏ . 
وبدت آراه معقولة » بل أكثر انطباقاً على العقل فى الواقع من تلك الى 
كان يحملها كثيرون من ساسة أوربا ى عهده » وكانت الطب البى يعرض 
فيها هذه الأراء إذا ما قورت بانفجاراته اللاحقة » من النوع الإيجانى الموادعة 
والتوفيق . أقام الدليل على تساعحه الواضح » بتلك السلسلة من الاتفاقات الى 
عقدها مع يوجوسلافيا » والى كانت من ل المصلحة الإيطالية » أقل بكثير 
ما كان يتوقعه الكثثيرون من القوميين الإيطاليين . ولا كان قد رأى فى « المراجعية » 
فرصة لاستغلال ما تحس به أوربا من مرارات هى فى صالح إيطانيا » فقد واصل 
الث على ضرورة تعديل معاهدة فرساى وراح فى عام 1575 يقول . . . ( ستؤدى 
هذه السخافة المسماة بفرساى ع لا إلى الثورة فى أمانيا فى يوم ما ع 1 إلى الحرب 
أوربا أيضاً » . وقد أعاد هذا الإنذار المرة تلو المرة . وبالرغ, من استمراره 
)١(‏ أهاد موسولينى الإهانة لكير زون . فقد كره كير زون » ولندن معه : لأنها بدت فى عينه 


عاشدة بالناس من أمثال كيد زون » وقد قرر بعد زيارته القصيرة للندن أن الماصمة البر يطانية تمثل 
كابوساً لكل من يفد إلما من إيطاليا . وأعرب عن أمه فى أن لا يز ورها مرة ثانية . و المؤلت » 


ل 
فى الإخلاص لخلفاء إيطاليا فى الحرب » ومن تأبيده هم عامة فى بجهودهم للعثور 
على حلول سلمية لمشاكل أوربا ؛ فإنه لم يستطع الموافقة داثماً » على أن حلفاءه 
يعالحون هذه المشااكل بطريق واقعى » ولذا فقد دأب دائماً على السير على سياسة 
مستقلة بل مناقضة لسياساتهم أحياناً » متابعاً كما قال اللورد هاليفاكس!) ع 
فها بعد « الدور التقليدى لإيطاليا فى الموازنة بين ألمانيا والدول الغربية » . ووقف 
3 جانب تلك البلاد الى أحس بأنها عوملت معاملة خطرة ومجحفة فى معاهدة 
فرساى ع وراح يلحف على وجوب اتخاذ مواقف أكثر عملية وعطفاً من مشاكل 
أعداء إيطاليا السابقين » ويطلب بصورة نخاصة » أن تتخذ فرنسا مرقفاً أكثر 
واقعية » ولا سها أنه لم يستطع أن ينسبى قط معارضتها لطلباته فى مؤئمر لندن فى 
عام 19١‏ » لتكون لإيطاليا المساواة البحرية مع فرنسا . واقترح فى عام ١988‏ , 
عقد ميثاق رباعى يضم فرنسا وبريطانيا وزيطاليا وألمانيا » آملا فى أن نؤدى ١‏ إعادة 
النظر السلمية ؛ عن طريق قيام إيطاليا وبريطانيا بدور الوسيط بين فرنسا وألمانيا » 
إلى وضع أفضل تستطيع إيطاليا عن طريقه الإفادة من حركة بعث ألانيا فى 
الحصول على تنازلات جديدة من فرنسا . لكن الفرنسيين وقد شكوا فى -حوافزه » 
وقفوا موقف التحفظ من اقتراحه » ثم أقئعته الأحداث التى وقعت فى الفسا فى العام 
التالى » بأن الفرصة فى تحسين مركز إيطاليا فى أوربا عن طريق العطف على 
مطالب ألمانيا المشروعة قد ولت وأنتبت . وكان ما يراد الآن » كما يعتقد اتخاذ 
موقف صلب من الأطماع المتزايدة لله الدولة الى بدأت تدرك أن فى وسعها أن 
تأخذ كل ما تريده + رعم إنكار جاراتها المعاديات لما عليها ذلك . 

وسرعان ما عدال موسولييى سياسته البى تدعو إلى قيام جببة قوية مناهضة 
لآألمانياء وما أعقب هذه السياسة من توثيق لعلاقاته بفرنسا وبر يطانيا ؛ تعديلا جذرينًا 
ووقع فى عباية عام 1484 ء صدام بين الحنود الإيطاليين والأحياش على الحدود 
بين الخبشة والصوبال الإيطالى . ولم مض عشرة أشبر انصرمت ف التأهب والشائعات .. 
والهديد والوعيد والإنذارات والتردد حبى كانت إيطاليا تغزو الحبشة فى أكتوبر 





)١(‏ اللورد هاليفاكس ٠‏ كان وزيراً لحارجية بريطائيا مدة طويلة فى عهد حكوبة تشمبرلين 
قبيل الحرب العالمية الثائية وبعد نشوبها ثم فى وزارة تشرشل »؛ وعين فى عام ١541١‏ سفيراً فى واشنطن 
حيث ظلل عناك حى توق بعد بضمع سنوات . « المعرب ه 


١ 
بالطبع إلا الذريعة‎ ٠ عام ه148 . ولم يكن الصدام الذى وقع على آبار « وال وال‎ 
الظاهرية . فقد ركز موسولينى نظره على هذه البلاد الوحيدة الى لم تستعمر حى‎ 
ىباوسو٠ تلك اللحظة ف أفريقيا منل أمد طو يل» ويقول الخترال دى بوؤو إن‎ 
قرر غزوها منذ عام 19175 . ويالرشم من نخوفه منذ البداية من تدخل بربطانيا‎ 
منعه من تحقيق غايته . فإن ديئو جراندى + سفيره الآن فى لندن » راح يبلغه‎ 
أنه علم من ندصوم إيدن ف الوزارة البريطانية أن بريطانيا لن تحارب دفاعاً عن‎ 
الحبشة . وسرعان ما تأكد من هذا الثبأ من رسالة محصلتعليها الابرات الإيطالية.‎ 
» وأمل هتلر فى أن يؤدى انشغال إيطاليا ف أفريقيا إلى تحقيق مطامعه هو فى الغْسا‎ 

فراح يشجع «وسول.رى على القيام بمغامرته . 

وسمع العالم بأسره بقصص الأحباش العزل من السلاح الذين تحصدم مدافع 
الإيطاليين الرشاشة » وتخنقهم غازاته السامة الى سلطها علييم » فاشتد سخطه 
وغضبه . لكن هذه الأمور فسرث للإيطاليين فى صورة أخرى . وعندما انبت 
الحملة السريعة القصيرة » كان موسولينى قد وصل إلى ذروة شعبيته وسلطاله 
فى بلاده . 

فقد تحدى العام بأسره وانتصر فى تحديه . ومثل انتصاره لكثبرين من 
الإيطاليين مكافأة عادلة » كنا مثل تحديه للعالم » موقفاً كرعاً » وشريفاً ؛ 
وذلك لمهم لم يروا ى عزمه على إفامة إمبراطورية فى أفريقيا عملا من أعمالا 
الوحشية والسلب . وكان البر يطانيون والفرنسيون قد بنوا [مبراطور يهم بنفس السبل 
والوسائل » ولكن محماية الاتفاقات الدولية » ولذا لى يكن هما حق فى هذا الرياء 
الزائف فق استتكار الطلباث المشروعة لدولة أوربية أخرى تكتاد تموت اختناقاً » 
وتتطلب فراغاً لإبواء عدد متزايد من السكان . وكانت بر يطانيا وفرنسا تحتجان 
باسم الإنسانية » لكن غداءهما كان نابعاً فى الواقع عن رغبهما فى الإبقاء على 
إيطاليا بعيدة عن أفريقيا » وعن تصنميمهما على حزمانها من المنفل الاقتصادى ع 
ومن إمكان التوسع الإفليمى. وكان من السدف ف رأى الإيطاليين التحدث عن 
الحبشة كدولة مستقلة ذا تسيادة ».إذ أنها لم تكن فى الواقع أكر هن جرد مجتمع 
لقبائل مغتلفة اهنس والعنصر » يسيطر عليها عدد'من الشيوخ القبليين البدائيين» 


1 
وى مقدمنهم هيلاسلا سى » الذين لا يحترمهم خصوم إيطاليا وأعداؤهاء إلا لأنهم 
يعتنقون مذهباً من مذاهب المسيحية . وكان من السخف أيضاً إنكار اسأقرقة 
الواقعة » وهى أن نفوذ إيطاليا فى الحيشة سيكون نفوذاً طيباً '. وكانت بريطانيا 
نفسها قد اعترضت على قبول هذا ١‏ الدولة المتوحشة ») عضرا فى عصبة الأم » 
عنلمأ اقترحت إيطاليا إشراكها فيها لمنع بريطانيا من التدخل فى شؤونمه! . وسرئدى 
غزو إيطالءا لها إلى وقف الخروب الداخلية وتجارة الرقيق » كنا سينعم الشعب 
بالفوائد الاجواعية العظيمة١!).‏ وكانت النهمة البى ذشرها بريطائيا وفرنسا على 
نطاق واسع من أن اللحيش الإيطالى قد استخدم الغازات السامة فى فتل الألوف 
من الإفر يقيين الأبرياء » فى نظر الإيطاليين عرد دعاية شريرة ليس إلا. وكانت 
الغازات المسيلة للدموع هى, الغازات الوحيدة الى استعملت » بالإضافة إلى وغاز 
الحردل » الذى لا يميت ولايصيب بعاهات دائمة . أو لم جد برنارد شو نفسه مبررات 
لاستخدام هذه الغازات؟ وكان الدوتشى نفسه قد قال لأحد الصحفيين الإنجليز : 
دإذا أردتم الحديث عن الفظائع » فسأر يك صوراً لما فعله الأحباش يجنودناء رهى 
فى منهى البشاعة » بحيث تشمثز أية صحيفة من نشرها . ونحن لم نستخدم قط 
سحب الغازات التى استخدمت ف الحرب الكبرى » أما غازات اللردل '؛ الى 
كنا نقذف بقنابلها فى الشقوق «الوهاد ابحباية الى كان الأحباش يزحفون إليبا 
لمهاجمة رتل يطالى معز ول » فلم تكن ف الواقع إلا إجراء إنسانيا للحيلولة دون ضياع 
أرواح أخرى ؛. 

وهكذا كانت ضمائر الإيطاليين مسرعة لما تفعله حكومتهم . ول يكونوا قل . 
أحسوا با حاجة الماسة إلى الإمبراطورية كما أحس بها الدوتشى »ولذا لم تكن حماستهم 
شديدة لضيان وجودها عن طريق القوة . وقد تحدث كثير ون من الفاشيين القفياديين 
)١( 0‏ / تكن هله الادعاءات الإيطالية وها شاببها من أقوال جديدة عل الاستعار العالمى . 
فقد أسعخدم الاستماران البر يطائى والفرثيى أمثالها فى تبرير استمارهما للقارتين الأفريقية والآسيوية » 
كا بهأت إلها الدول الاستمارية الأشرى كأسبائيا واليرتغال وهولندة ويلجيكا » فالشعوب المستعمرة 
لا تستحق الحياة الحرة لأنها متأخرة » بعلى « الرجل الأبيضس : أن يثدى رسالته « المزعوية ه فى نشر 


الحضارة الى م تكن ف الوائع إلا استغلال ثروات هله البلاد واستمباد أهلها » وتسخيرها فى غعدمة 
البلد الاستبارى وشمان رخائه وازدهاره . ١‏ د الممرب » 


14 
إلى الأمير ستارهميرج نائب مستشار الفسا » وقائد جيشها » وكان صديقاً شخصبئًا 
أوسولبى »2 فبينوا له معارضنهم للحرب الحبشية » ول يكونوا يوافقون الدرتثى فى 
إيعانه بأن الفاشية ستتعزز فى الداخخل وعلى المسرح الدولى » بعرض من عروض 
اللقوة » وأن هذا العرض يفرض من الاحترام أكثر ما تفرضه أية مناوراتسياسية 
مهما كانتاجحة ؛ ول يتبينوا أيضاً » افتراض الدوتذى العاطى .بأن سلطة إيطاليا 
فق أوريا « وتقدم اللحاق الفاشى المقبل » يتطلب الثأر من معركة عدوة ؛ » وهى 
المعركة الى هزم الأحباش فيها » قبل نحو من أر بعين عاماً » الإيطاليين هزيمة 

منكرة ومذلة » أضحكت العالم بأسره على إيطاليا . 


أما الآن فقد ثبت بطلان هذه التحفظات ٠»‏ وأخرست الأصوات المطالبة 
بالحذر وضيط النفس . وكان موسولينى قد أعلن قبل بضع سنوات . . . « أن هدق 
فى مننبى البساطة » فأذا أريد العظمة لإيطاليا » وأريد من الدول الأخرى أن تحترمها 
وأن تخافها » . ونم يعد فى وسع الإيطاليين أن ينكروا أنه حدق هذه الغاية . 
وكان هناك بالطبع بعض الإيطاليين الذين شكوا فى أن يكون عمل [يطاليا متفقاً مع 
و أخلاق ١‏ القرن العشرين » والذين خخافوا من أن تكون غيرة موسولينى من نجاح 
هتلر المتزايد فى أوربا » ورغبته فى أن يظهر أن إيطاايا » دولة فوية أيضا ع 
هما السب فيا حدث . ومع ذلك فقد وجدوا أنفسهم مضطر ين إلى الإعجاب 
بالسرعة الى اننبت فيها حملة الحبشة خلافاً لتوقعات الخبراء العسكريين ى 
لندن ورومة » وهى سرعة يرجع الفضل فيها إلى الدوتشى وحده » ملاحظين » 
وكأن ملاحظهم هذه مدعاة للتبجح والزهو » بأنه ظل يمطر قائده فى الميدان 
بتعلياته المستمرة » البى وصلت فى بعض الأيام » إلى أكثر من مامة برقية عاجلة » 
تعائج كل ذاحية محتملة من ذواحى العمل العسكرى . لكن النجاح العسكرى لم يكن 
إلاجزءا فقط من الاصر الذى حققه الدوتشى . فقد نخلفت الحرب أثراً أكبر 
أهمية » وهو الروح الدائمة للوحدة القومية النى خلقنها . ويمكن أنطرنى إيدن الوزير 
البريطاى لشؤون عصبة الأمم بعد الاجماع العاصف الذى عقده فى رومة مع 
موسوليى ؛ والذى حدد الشكل النهاتى لرأى كل من الرجلين فى الآخر» من الفوز 
بتأبيد عصبة الأم لسياسة ‏ العقوبات ؛ الى اقترحها » وقررت الجممعية العامة 


١ 
لعصبة الأم فى العاشر من أكتوبر عام ه199 + بأغلبية سين صوتاً ضد صوت‎ 
واحد » القيام بإجراء جماعى ضد إيطاليا . لكن نتيجة القرار كانت فى صالح‎ 
إيطاليا إلى حد كبير . فقد أعلن ستائل بلدوين رئيس وزراء يريطانيا ى تاك‎ 
الأيام » جرياً على القاعدة المقبولة نذاك للدبلوماتية البريطاذية» رفضه دعم عصبة‎ 
» الأم إلى الحد الذى قد يؤدى إلى خطر الحرب » كا رفض أن يتخلى عنها‎ 
» بإعلان صفحه عن عمل موسوليى . وراح يؤكد أن العقوبات تعبى الخرب‎ 
. وأنه مص ثانياً ؛ كا ذكر ونستون تشرشل فيا بعد « على أن لا تقع هناك حرب‎ 
وإنه عازم ثالثاً على تأييد العقوبات . وكان من الواضح أن التوفيق بين هذه‎ 
الأهداف الثلاثة أمر مستحيل » . وأدرك بيير لافال وزير خارجية فرنسا الذكى‎ 
منذ البداية استحالة التوفيق بين هذه الانجاهات الثلائة » ودعا إلى‎ ٠ والشرير‎ 
مساومة موسوليق . وعثدما أقرت العصببة قرار العقوبات » راحت تعمل بتشجيع‎ 
من بريطانيا على أن لا تضم قائمة الصادرات الممنوعة إلى إيطاليا » أيآ من المواد‎ 
. اللى قد تشعل حرباً أوربية » كالز يت مثلا‎ 
وهكذا لم تحل الدبلوماتية الغر بية بين موسوأيبى وبين مهاجمة الخبشة واإحتلاطاء‎ 
وكان كل ما فعلته على النقيض من ذلك » هو أنها أعطته الفرضة أتوحيد شغبه‎ 
» فى ظل الفاشية وحمايتها ضد ما يقوم به العالم المعانى دآ من أعمال » وإساءات‎ 
وراح يعلن قائلا ... « ستواجه إيطالي) العةوبات بالا نضياط » والاقتصاد‎ 
: واتضحية ؛ . وهذا ما فعلته حقنًا . وكنا التغت الدول الأعضاء فى عضية الأثم‎ 
الساخطة على موسوليى » حول “أتطوثى إيدن » راح الشعب الإيطالى ,المعز ولء‎ 
الذى لقنت غالبيته » مشاركة موسوليى فى كراهيته لإيدن » يلتف -ول‎ 
الدوتثى . وانهالت عليه التبرعات من كل مكان » فالسيدات العجائز يبخين‎ 
إليه بحليهن لمساعدته فى الإنفاق على الحرب » وأعلن شياب إيطاليا أنهم على‎ 
, استعداد للتضحية بأرواحهم فى غارات جوية انتحارية على الأسطول البريطافى‎ 
واشترك كثيرون من الأحرار ( الليبراليين ) السابقين فى تأييد الحرب » ولم تعترض‎ 
الكنيسة عليها . وآب إلى البلاد عدد كبير من أعداء الفاشية السابقين الذين كائوا‎ 
يعيشون فى منافييم الاختيارية بعيداً عنها » ليساعدوها فى أوقات محتها . وقد قال‎ 


15 
موسوليى فى إحدى خطبه البى كانت تفرح الإيطاليين من فاشيين وغير فاشيين ... 
إن الشعيب الإيطالى جدير عصبيرة العظم 1( . وعثدما استقبل الشعيب البريطاق 
بم دشبة اللعر اتفاق طور لافال لعام ه19 : والذى قفى بتقسم اسدبشة 
بين إيطاليا وبين الإمبراطور » اعتبر الإيطائيون هذا الاستقبال مناهضاً لإيطاايا » 
وعندما اضطر السير صموول هور إثر الفسجة العتيفة الى أثارها نشر الاتفاق إلى 
الاستقالة من وزارة الحارجية ليذلفه فيبا أنطوى إيدن الذى يكرهه الإيطاليون » 
اعتبر هذا التبدل فى بريطانيا دليلا على اتباع سياسة أكثر صرامة وفسوة مع إيطالياء 

ما أدى إلى ارتفاع شعبية موسولينى فى بلاده إلى ذرى جديدة , 

وكان ثمة نتيجة أخحرى » أكثر أسمية لانتصار موسولينى » فقد راقب هتلر 
نجاح صديقه الإيطالى فى نزاعه مع عصبة الأنم الى كان هو قد انسحب مها 
بصورة تميزت بالضجة والعنف فى أكتوبر عام 14# » وببى على ضوء هذا 
النجاح استنتاجاته الاديدة . وهكذا مثل تصدع العصبة » أكثر هن جرد تكريس 
لفلسفة القوة ء ومن عرض جديد لانحلال الدمقراطية » إذ مثل نباية ماسمى 
جبية ستريزا وبداية عهد التحالف الألمانى ‏ الإيطالى . 


"7 


مر ع وقت كان فيه مثل هذا التحالف يبدو مستحيلا . فقبل سنتين ليس إلا 
توارت العلاقات بين البلدين إلى الحد الذى هددها بالانقطاع . فقد كان 
موسوليى فى حرصه على حماية المصالح الإيطالية فى الأو ربيتين الوسطى والحاوبرة » 
مصمماً على منع هتلر من تحقيق أطماعه المعروفة فى العْسا . واشترك مع بريطانيا 
وفرنسا فى السابع عشر من فبراير عام 144 » فى إصدار إعلان عن الحاجة 1ل 
احافظة على استقلال الهسا . وراح بعد شبر من هذا التاريخ يؤكد تصنمم 
إبطاليا على الحيلولة دون توسع ألمانيا باتجاه حدودها الحنوبية والمرقية عن طريق 
التوقيع مع المسا واغجر على اتفاقات رومة ؛ الى نصت على الشاور المتبادل فى حالة 
وأوع أى خطر يبدد هله البلاد الثلاثة . وعتدما حاول النازيون فى يوليو من العام 


1١1 
» نفسه » الةرام بانقلاب فى العْسا عن طريق اغتيال مستشارها إينجليرت دولفوس‎ 
» فى الوقت الذى كانت فيه زوجة المستشار وأولاده فى ضيافة موسولرى فى إيطازا‎ 
كان رد فعل الدوئشى فوريدًا وعنيفا » إذ أبرق إلى الأمير ستارهمبرج + المستشار‎ 
بالوكالة » واعداً إياه بمساعدة إيطاليا » ثم بعث بثلاث فرق إيطالية إلى اللددود‎ 
الفسوية للتأكيد على جدية الوعد المذكور . وعندما أدرك هتلر أن أنصاره فى الغسا‎ 
قد شطوا يعيداً فى أعماللم وجد نفسه مرغماً على التراجع . وتحولت غيرة موسوليبى‎ 
الى كان بتقن إخفاءها » من الرجل الذى تحدث عنه بكثير من الازدراء يعد‎ 
. اجماعه الأول به واصفاً إياه د بالمهرج الصغير انون » » إلى ما يشبه الكراهرة‎ 
. وقال الأمير ستارصمبرج إن هتلر هو فاتل دلفوس » وهو المسئول عن كل ما حدث‎ 
» وراح ينعته بأقبح النعوت ويصفه « بالخلوق المنحل م إلى درحجة محينة‎ 
و : بانجنون الحطر ؛ . وكان فى رأيه الزعيم الطبيعي للاشتراكية الآلانية وهى صورة‎ 
مزوقة ومتوحشة للفاشية » و نظام بربرى منوحش » لا يعرف إلا القتل والهب‎ 
والابتزاز » . وعندما وقعت عمليات التطهير العنيفة فى ألانيا ى يونيو عام "191 ع‎ 
وصفها موسولينى « بأنها الأزمة الحتمية لمثل هذا النظام السيابى الكريه : . وراح‎ 
يقول لصديق آخر له ء هو الصحى ميشيل كامبانا: » « يسرنى غاية السرور‎ 
أن يكون هتطر قد أعلن ثورته على طريقتنا . ولكنه يقود الألمان » وسيتبى بهم‎ 
المطاف إلى تحطم فكرتنا . فا زالوا هم برابرة تاسيتوس وعصر الإصلاح الدبى‎ 
.  ةمور الذين يصطرعون اصطراعا أ بديًا مع‎ 


وى وسع الإنسان أن يفهم السبب فى .غضب مرسولينى . فتهديد استقلال 
المْسا بالحطر ء يعبى تعرض إيطاليا نفسها نخطر إضاعة ضمانات أمنها » وضياع 
ثلمائة ألف من الإيطاليين' خماضعين لحكم العسا فى منطقة ٠‏ التوأديج ليصبددورا 
عبيد القومية الألمانية . ووجد نفسه مغمطرا إلى التخلل عن سياسته ( المراجعية 6 
ليتخذ موقفاً أكثر وددًا من فرذسا الى يحتاج الآن إل دعمها , وكانت هذه هى 
الأفكار الى سيطرت عليه عنما الهم إلى جببة ستريزا المعادية لأاانيا فى الحادى 
عشر من أبريل عام ه148 » إذ اتفق مع بريطائيا وفرنسا على استنكار أية محاولة 
تجرى لتغيير الاتفاقات التعاهدية عن طريق القوة . 


18 
وقد شهد موسوليى هذا المؤمر مع فولفيو سوفيتش ٠‏ وكيل وزارة الدولة 
لاشؤون اللخارجية ومستشاره الرئيسى فى القضايا الخارجية » وهناك بين أن إصراره 
على كبح جماح المطامع الألمانية لم يكن السبب الأول فى حضوره المؤمر . وكان 
لتنفاهم مع فرنسا وإنجلترا » كفيلا بأن لا يحفظ لإيطاليا مركرها فى أوريا 
فحسب »2 بل أن يساعدها أيضاً فى تسيع نفوذها فى البحر الأبيض المتوسط 

وأفريقيا . 

وكان قد أشار فى خبطابه إلى البيان الها للمؤمر الذى أدان أى « رفض من . 
جانب واحد للمعاهدات قد يبدد سلام أوربا» . وكان الدوتشى قد أورد كلمة 
أوربا؛ ؛ بشىه من التأكيد الواضح » ثم توقف طويلا قبل أن يواصل كلامه : 
قائلا إن ممثلى وزارة اللخارجية البريطانية أدركوا لتوهم » مايفكر فيه » وتشاوروا 
فها بيهم فى تلك الليلة » ليقرروا ما إذا كانوا سيحذرونه من اهجوم على الحبشة 
أم لا. وقد قرروا أن تأييده لموقفهم ضد ألمانيا » هام جد بحيث لا يستطيعون 
المنامرة به . ولذا فقد امتنعوا عن تحذيره . وغادر موسوليى سير يزا معتقداً بأنه قد 
حقق غايته . وعندما وقعت المعاهدة البحرية الإنجليزية ‏ الألمانية ى شهر يوندو ؛ 
تأكد موسوليى من يقينه الثابت من أن بربطانيا لا مم حقنًا بما بقع فى العالمطاما 
أن مصاخها ف نجوة ٠ن‏ المهديد . 

وبدأ غزو الحبشة بعد أربعة أشهر . وعندما تحولت أوربا الغربية ق ذلك 
الحريف ضده » بتلك الصورة اللأفعالة » طرأت على تفكيره فكرة جديدة » 
وهى أن يتحالف مع الدولة القوية الوحيدة البى لم تعاده علناً حى الآن » واستولت 
على جماع تفكيره . 


- 
قام هتلر بالحطوة الأولى » إذ كان معجباً بالدوتشى طياة حياته السياسية ع 
كا كان متأثراً تأثراً عمية] بكثير من مفاهي الفاشية المذهبية وأساليبها المتقلبة . 
وكان فى عام 1175 ؛ قد كتب إلى رومة » يطلب إلى الدوتشى .صورة موقعة 
منه . وقد بعت وزارة الحارجية الإيطالية برد ى منتهى البرود إلى سفارتها فى برلين 


حل 
تقول ... « أرجو أن تشكروا السيد المشار إليه على عواطفهء وأن تبلغوه بالطريقة 
الى تستنسبونها » بأن الدوتشى لا يرى من المناسب إجابته إلى طليه » . 
وبالرغم من وجود بعض الأدلة الى تشير إلى أن النازيين كانوا يتلقون معونة 
مالية من إيطاليا منذ عام ١98!‏ ؛ إلا أن الدوتشى نفسه » لم يرغب ق تشويه 
سمعته الرائعة » عن طريق الاتصال علناً بذلك « المغامر التافه النتن » الذى يتولى 
قيادهم . ولم يتخفف موسوليى من شكوكه واحتقاره لمتلر » حتى بعد وصوله 
إلى الحكم فى عام “1481 » وهو التطور الذى فجأ موسوليبى وباغته . وكان يقول 
فق هذه الآونة » إنه جعل من الفاشية » "كنا يعتقد » شيئا يحترمه الناس ويععجبون 
به ولد لم يكن راغباً فى تشويه سمعنها وتلوينها عن طريق الارتباط بالاشتراكية 
الوطنية التى وصفها بآأمها « ثورة القبائل الألمانية اأبى ما زالت تعيش فى غابات 
ما قبل العصور الوسطى ومجاهلها ؛ . ولم يكن مة أدنى شلث على الإطلاق » فى أن 
أوربا وأمريكا كانتا تنظران إلى موسوليبى نظرة أكثر احتراما من نظرئهما إلى 
هتلر . وكانت عبارات الإطراء البى اهالت عليه بسخاء وحماسة من الكتتاب 
الحافظين » ومن الشخصيات العامة فى عشر ينات القرن ومسبل ثلائيناته » كثيرة » 
وقد صيغت فق عبارات واضحة » حبى إنه وجد نفسه معتقداً دون أية صعوبة بأنه 
أعظم ساسة العالم فى عصره . 
وقد أشار إليه السير أوستين تشمبرلين » وزير خارجية بريطانيا عندما زار 
رومة فى ديسمبر عام 1974 » بأنه «رجل عظم . . . يعمل ليضمن العظمة 
لبلاده » . وكثيراً ما ظهرت السيدة تشمبرلين فى السئوات الثالية » وقد وضعت 
الإشارة الفاشية على ذراعها . وقام ونستون تشرشل بزيارة رومة فى عام /1؟!9١‏ » 
وروىعنه أنه قال إبان هذه الزيارة . . . و لو أننى كنت إيطالرءًا لما ترددث لحظة 
واحدة فى ارتداء القميص الفاشى الأسود » . وقد صرح فى مؤتمر صحى أشيرته 
صحيفة التاعز الاندنية بقوله . . . م أستطع أن أمنع نفبى 2 كا عجز كثير ون 
غيرى » عن أن أقع تحث تأثير ما فى شخصية السنيور مودوايى من اسمبواء ولطيف 
وبساطة ء وأن أعجب بما يبديه من هدوع وكرامة » بالرغى 16 يواجهه من أعباء 
وأخطار كثيرة . وفى وسع كل من يلقاه أن يرى أن خير الشعب الإبطالى على الندو 


ل 
الذى هو يراه » هى الفكرة المسيطرة عليه دائماً ع وأنه لا مهم فيد أملة ؛ بأى 
موضوع آخر . . . ولو كنت إيطالينا ٠‏ لكنت معكم مجماع عواطق وقابى منل 
البداية حزى النباية » فى نضالكم الظائر ضد غرائز اللينينية المتوحشة واندفاعامها 
العاطفية » . وراحت صصيفة التايمز الاندنية فى اليوم التالى مهبى' المستر تثمرشل ١‏ لأنه 
تفهم الروح الحقة للحركة الفاشية » . وأعلن أويد جورج اتفاقه مع موسوليى 
فى أن النظام التعاوفى هو : التطور المبشر بالحير العممم » . وراحت صحيفة الدتى ميل 
تنشر فى عام 1498 ٠»‏ بكثير من الحماسة والثأ كيد » ما أعلنه صاحها الاورد 
روذرمير ؛ من أن موسولينى » هو أعظم شخصيات العصر ؛ . وذكر كاتب 
بريطاق آر خ حياة موسولينى فى كتاب طافح بالثناء والإطراء » نشره فى عام 1917 + 
بأن موسوليبى دو « أعظ سياسى فى عصرنا » » وهو رأى اعترفت المانشستر جارديان 
حى فق يناير عام 144 بأنها تحمله أيضضاً . ولم تكن هذه الآراء نادرة أو شاذة . 
فقد كان يؤثر تأثيراً طاغياً على جميع الدبلوماتيين والزائرين الأجانب من رعيين 
وغير رتمبين الذين يقابلهم ى مكتبه الغنم فى قصمر البندقية » ولم يكوؤوا يترددون فى 
الإعراب عن إعجابهم به . وقد أحس المستّر ريشارد واشبورن تشايلد السفير 
الأمريكى فى رممة بين عامى ١99١‏ و ١474‏ » نحو الدوتشى بإجلال يكاد 
يقرب من العبادة » وراح يكتب فى المقدمة الى وضعها لسيرة حياة موسوليى 
كا كتبها صاحبها بقوله . . . و ولم يكتف بالقدرة على الاحتفاظ بتعلق الناس 
جميعاً به فحسب » بل قام ببناء دولة جديدة على أساس مفهوم جديد للدولة . 
ولى يكتف بإحداث انقلاب فى ححياة الناس » بل أحدث انقلاباً #اثلا فى عقوم 
وقلومهم وأرواحهم ؛ . ثم رابح يتحدث بعد ذللك عن إنسانية الدوئثي وحكمته 
وقوته وحيويته الداتعة الحركة ء ثم قال (٠‏ إنه أعظم رجال العصر » وعندما يغلق 
الإنسان الياب وراءه وهو يفارقه » يشم ملابسه إلى جسده » محاولا الاحتفاظ 
بشىء منه فى قرارة صدره » . ٠‏ 

وقد رويت قصص كثيرة عن غروره » وعن تليلياته » وعن سأوكه الدعى” 
وإعاءاته السخيفة » لكن معظ, زائريه اكتشفوا فيه منطقاً وجاذباً » كا رأوا 
فيه» وهذا يثير الدهشة حقنًا » رجلا حيينًا » بتميز بشىء هن الافتقار الواعى إلى 


1١ ٠ 
الثقة بنفسه . وكثيراً ما قيل لم » بأنهم سيجدونه عند ذهايهم إلى زيارته » جالساً‎ 
وراء مكثيه الفحم فى ثلك القاعة الفسيحة والكثيرة الزخارف » مختلس النظر‎ 
» الهم » وهم يتقدمون إليه عبر القاعة المرصوفة بالفسيفساء » الممعدة ستين قدمآ‎ 
لينشغل بعد ذلك كلية عنهم فى مواصلة الكتابة . وكان يقال لم أيضاً : إن عليهم‎ 
عند مقابلته أن عروا بصفرف من اللوناجر » ياتضيبا عدد من اليجال المقطى‎ 
. الوجوه من ذوى القمصان السوداء . لكن هذه المناظر لم تكن تحدث إلا نادراً‎ 
وكان المنظر المألوف هو ذاك الذى وجدة داف كوبر عزدمأ زاد روعة ف‎ 
فقد كتب لول . . . الم أجد تمثيليات على الإطلاق » ولم أجد‎ ٠» 6 عام‎ 
. نفسى مضطرا كما قبل لى » إن السير عبر قاعة طويلة من الباب إلى مكتبه‎ 
فقد اسةتبلبى عند باب القاعة » ورافقنى إليه عند اذنهاء المقابلة . وقد اتفقنا على‎ 
أهمية إعادة التسليح » وضحلك كثيراً » عندما قلت إن من الخطأ الظن بأن التسلح‎ 
, يؤدى إلى الحرب ء كا أن من الخطأ بل ابدئون القول بأن المظلات. تألى بالمطر‎ 
أجل ضحلك طويلا لنكتنى » وخيل إلى أنه رجل يحب المزاح » وكنت على‎ 
استعداد لأن أتصور وجود مزايا أخرى عظيمة فيه . . . حقنًا إنى تأثرت بمقابلى‎ 

له غاية الثأثر . . 6 


كان هذا هو الانطباع العام . ولكن كان هناك حقنًا آخخرون لم يعجبوا به . 

فقد كانوا يصابون بالفزع منه وهو يتقدم إليهم يخطى قافزة كخطوات القطط ؛ 
مرحباً ودوداً » وعئدما كان يوحى بالاتطباع » ما أوحى إلى الاورد فانستيارت» 
بأنه رجل ويسر بالغ السرور لصحبة الآخرين » ء كان يذكر زائره بأنه أقرب 
ْ ما يكون إلى الملاكم الذى يرتدى ملابس زاهية مصافحاً نفسه أمام نظارته ه » 
وكان يبعث فى نفس زائره » 9 شيثاً من السرور الذى يحس به هو ؛ . وقال عنه 
فانستيارت أيضاً . . . « إنه على أى حال ليس بالإنسان التافه » ولا بالمهرج الى 
يقئله الحسد : . فهو يتحدث فى صوت هادى سفيض ٠‏ وكانت مواهبه فى 
الديث رفيعة الدرجة . فهو طلق اللسان » مؤثر ى حديثه الذى لا يخاو من سرعة 
البديبة واللمكاء أحياناً » وكانت تعليقاته مفعمة بالإشارات غير العادية » والقدرة 
الواضحة على العصرية فى حديثه . ولقد ذكر وزير خارجيته عنه ذات يوم ٠...‏ 


فك 
١‏ عندما يشرع الدوتشى فى الحديث ٠»‏ يبدو إنساناً ممتعاً . ولا أعرف رجلا 
يستعمل مثله الاستعارات الرائعة والأصيلة » . فهو كع المحدثين الممتازين » 
لا مسن الاسهاع ء وكثيراً ما قطع على محدثه كلامه » ناهضياآ من مقعده » لينقل 
المبادرة بالحديث إليه » فيخطو فى الغرفة جيئة وذهاباً » وهو يتحدث , لكنه كان 
يبلل جهدا بالغآ للتغلب على هذه العادة عند مقاباته لزائريه من الأجانب » 
وبالرغم من أنه كان يجد من الصعوبة بمكان » بسبب القرحة الى كان يشكو 
منها » أن يظل قابعاً فى مقعده » فإنه كان يتظاهر بالإصغاء لمحدثيه » ودو جالس 
إلى مكتيه منتصب القامة » وقد جمع أطراف أتامله إلى يعغضيًا . ركان نادو 
الفمحلك ؛ ولكئه عندم] يضحلكت » فإن ضحكته تبدو وكأنها صادرة عن الازدراء» 
أو ضحكة ذلك الإنسان الذى يحس بضرورة إبداء المرح ؛ دون أن يكون مرح فى 
الواقع . لكن البسمة البى تحمل طابع الموافقة » كثيراً ما أضاءت وجهه الذى يغلب 
عليه العبوس . وقد تحدث عنه أريستيد بريان ( وزير خارجية فرنسا) فقال . . . 
١‏ إنه ليس بالرجل العظى فحسب » بل إنه رجل طيب أيضاً ؛ . . وقد وجد 
فرانز فون بابن فى عوسوليى عندما ذهب إلى رومة ى صيف عام 147 لتوقيع 
الاثفاق مع الفاتيكان ١‏ رجلا يحختلف كل الاختلاف عن هتلر . فهو قصير القامة . 
لكن علاثم السلطة تبدو على محياه . وتوحى هامته الضلخمة لناظرها بما فيها من قوة 
شخصية ؛ وهو يتصرف مع الناس تصرف الرجل الذى ألف مهم أن يطيعوا 
أوامره » ولكن مع كثير من اللحاذبية . . . وبيها يتمرز هتلر دائماً بثىء قايل من 
عدم اليقين والثقة » فيسير وكأنه يسبر أغوار طريقه » كان موسولرى يبدو دائرا 
ف منبى الهدوه » والاعتزاز » ولثقة بالموضوح الذى يتحدث فيه . . . ودو يبيد 
الفرنسية والألمانية » . 

ولم يكن إطراء موسوليبى فى أمريكا أقل منه فى أوربا . وأا شبهه الأورد 
دوذرمير بنابوليون » نرى رئيس جامعة كولومبيا » يقارنه بكرومويل . ويمضى المذكور 
قائلا . . . « ولا ريب فى أن الفاشية طراز من الحكم من الدررجة الأول فى الصلاح 
التفوق ؛ . وقذ اتفق معه أوتوكان » رجل امال المعروف» وراح يصف موسولينى 
فى خطاب ألقاه على طلبة جامعة ٠‏ ويزليان؛ بالإنسان العبقرى . وأيد الكردينال 


١+ 


الأمريكى أوكونيل ٠‏ هذا القول .. . إذ نجاء على لسانه . . . ولا شك فى أن 
مسولينى عبقرى فى ميدان الحكم » وقد منحه الله لإيطاليا ليساعد شعبها على 
ارثقاء ذري انمد بسرعة لتصل إل قدرها المحيد» . وعاد رئيس أساقفة شيكاجو 
من زيارته لرومه » فذكر أنه يرى فى موسولينى رجل العصر . وأعرب فيوريلو 
لا جوارديا : رئيس بلدية نيويورك عن أطيب منياته الدوتئى بالنجاح منؤكداً 
أن ليس مة سبيل للمقارنة بين هتلر وموسوليى . 

وقد رفض موسولينى رفضاً قاطعآ مصحوبآً بالغضب الأقوال الى تشير إلى وجود 
شبه بينه وبين هتلر . وقد اضطر إلى الإقرار بأن الاشتراكية الوطنية نشبه الفاشية فى 
تسلطها » وجماعيها » وعداثها للنظام البيلاى » ولادعقراطيها » ومناهضما 
للببرالية » ولكنه رفص الى إلى أبعد من هذا . أما بصدد النظرية الى تقوم عايها 
الفلسفة النازية » وأعنى بها وجود «العنصر السيد» ٠‏ فقد رفضها موسوليى رفضاً 
قاطعاً وقال : وإنا سخئ مطلق » بل بلادة وجمود » . وكان يقول إنه لو صحت 
نظريات هتلر فى التفوق العنصرى ٠‏ فإن ١‏ الشعب الإيطالى يحب أن يصير أمى 
شعوب الإنسانية رتبة » . . . وواح يقول فى خطاب ألقاه ذات يوم من أيام شهر 
سبتمير عام 9*4 ق مديلة بارى . . . « هناك ثلاثون قرناً من التاريخ المجيد ؛ 
تحملنا على أن ننظر بشىء من الإشفاق المتعالى على بعض العقائد الى تعلم على 
الحانب الآخر من جبال الألب من ذرية ذلك الشعب الذى كان يعيش قى 
ظلمات الأمية » عندما كانت رومة تزهو بأمثال قيصر وفرجيل (لنعتم 7 
وأوغسطس » . ووصط اللاسامية فى حديث له مع إميل لودفيج فى عام 1117 . 
و بالرذيلة الألانية » . ومضى يقول . . . «وليس خمة مشكلة يهودية فى إيطاليا » 
ولا بمكن أن تقوم مثل هذه المشكلة فى بلاد تتمتع ينظام حكر سلم ‏ . 

و يجتمع ببتلر للمرة الأول إلا فى الرابع عشر من يونيو عام 114 . وقد 
كرهه بعد هذه المقابلة » بنفس القوة البى كان يتوقعها . وقد «جرت المقابلة البى 





(1) فرجيل فرجيليويس ( )١9 - ٠*٠‏ ق. م. شاعر الروبان الكبير . ولد قرب مائتز . 
ودرس فى كر عونا (ميلان) وتابول . طاف فى أنساء الإمبراطورية الروبائية . أهم روائعه الإيتيادة 
وهى ملسمة شعرية قصصية تف على قدم المساواء مع إلياذة هوبر . ن المعرب 6 


4 1 
أعدها الدبلوماتيون الألمان أمل منهم فى أن يتمكن مرسولييى هن حمل هتلر على 
الاعتدال فى موقفه من العسا * فى الدارة الملكية فى سترا » على مهر برنيتا على مقر بة 
من بادوا . وبدأ هتلر الذى استصحب ععه عدداً من ريجال -حرسه النازى اللحاص » 

ومعهم سيب دياريش » عصبى المزاج » نافها . ولاحظ موسوليى. بوجه خاص ع 
شعره المسترسل وغير الممشوط » وعيئيه الشاحبتين ؛ فتمتم قائلا . . . « أنا لألحب 
رؤيته » . وكان يرتدى معطفاً من الحلد » وسروالا مخططا ؛ وحذاء مفتوحا من الخلد » 

ويشد إلى رأسه قبعة رمادية من الفلين » كان يلوكها دائماً فى أصابعه » ويدا 
وكأنه كا قال أحد الصخفيين الفرنسين ء وسباك ثافه » بمسك ببده آلة 
غريبة » . أما موسولينى فقد وصل إلى مكان الاجياع أيضاً فى ملابس مدئية : 

ولكنه ما لبث أن استبدل بها على الفور » بدلة عسكرية زاهية » يبدو اللدنجر: على 
جانيها » وبحذاء أسود » له أزرار من الفضة . 


ونم يكن حديتهما الأول قد اننهى عندما كون موسولييى رأيه فى هتلر . وعندما 
ابتعد عن مائدة الامجماع فق فترة راحة قصيرة متجهنا إلى النافذة راح نمم وقد 
بد على محياه علام الاحتقار . . . ؛حقنا إنه رجل مجنون ؛ . ولم يكد يحل المساء ع 
حى بدا وكأن الرجلين لم يفقدا احهالمما فصب » بل كأنهما على وشلك التشاجر . 
اتفقا على أنبما يكرهان معآ كلا من فرنسا وروسيا ؛ لكلهما لم يستطيعا الاتفاق 
على شىء آخر . ولا سيا فى موضوع الفسا » حيث بين موسولينى أن على النازيين 
أن يوقفوا حملاتهم الإرهاببة فيها . وظل البعيض يثز طيلة تلك الليلة الى قضاها 
مرسولينى دون أن يستطيع النوم . إذ أنه بالإضافة إلى البعوض » تذكر ما كان 
يوصف به فى الماضى من أنه مهرج سخيف » ٠‏ وكابوس شبح نابوليون الذى 
لم يفارقه ْظة وإحدة ‏ إذ قضى ليلة متعبة فى مديئة سارا أيضاً .0 واقترح عند 
الصباح أن ينتقل الاجماع إلى البندقية . 

وكان ابحو هنا أكثر توتراً أيضا . وقد استقبل أهل البندقية الدونشى بهنافات 
عالية مدوية ؛ بيها استقبلوا ضيفه بما يكاد يشبه الصءت . وعندما تحدث الرجلان 
فها بعد عند ملعب الحولف ف البيرنيف . دون أن يشترك فى محادئاتهما أى من 
ويجاطما ؛ سمح أفراد الحاشيتين » وكانوا يقفون على منأى مهما » الصراخ الصادر 


)ا 
علهما والذى شببه قسطنطين فون نوراث وزير خاجية أمانيا 5 نذاك ‏ بعواء كليين 
من كلاب الدرواس الكبيرة 0 . ولم يعرف إنسان الموضوع الذى كانا يتناقشان 
فيه » كالم يكشف القناع فيا بعد عن سره . كانا يتحدثان بالألمانية » ولا ريب 
فى أن هذه الحقيقة أضعفت من موقف مرسوليى » إذ بالرغم من رفضه لخدمات 
بول شميدت ١‏ ترجمان » وزارة الخارجية الأمانية . فإن تملكه لناصية الاغة لم يكن 
كبيراً كنا كان يفارض فى نفسه . وقد ذكر عنه كورت فون شوشنييج » خليفة 
دولفوس ق منصب مستشار الأسا أنه كان يحب التحدث بالألانية » ولكنه كان 
يعانى جهداً فى التحدث ببا » وكان هذا اللحهد يظهر فى بطثه فى الحديث وق 
دقته فى النطق بكل كلمة من الكلمات . ولا ريب فى أله كان يبذل جهداً 
أكبر فى تفهو لهجة هتلر الفسزية القوية » وما يخالطها من تعبيرات يافارية . 

وبالرغم من أن موسوليى لم يذكر قط شيئاآ فيا بعد عن موضوع هذا النقاش 
الحاد الذى وصل حدود الشجار » إلا أنه أشار فيا بعد ء إلى حالاث أخرى» 
ببى اليجلان فيبا وحدهما أثناء المؤتمر ؛ عندما راح هتلر 9 بدلا من مناقشة مشاكل 
محددة »؛ يتلو على مسامعى » عبارات يحفظها عن ظهر قلب من كتابه كفاحى » 
ذلك الكتاب الممل الذى لم أستطع قراءته قط ه . وعندما اقتربت الزبارة من 
ايها » وكان موسولينى قد أذ ضيفه فى زورق يخارى فى نزهة فى ١‏ حيرة البندقية »» 
راح هتلر » بدلا من الصمث والْتع بسحر الطبيعة وجمانا ». يلى على مسامع 
مضيفه خطابآ مطولا عن نظرياته العنصرية . وقد ذكر سوفيتش لستار هيمبرج 
أنه و قضى الوقت كله 6 متحدثاً عن ثفوق العنصر النوردى 6 ومنهما جميع شعوب 
البحر الأبيض المتوسط » وى مقدمّها الشعب الإيطالى » بأن دمها قد اختلط بالدم 
الزنجى الذدى يسرى ق عروقها ؛ . . . وكان مرسولييى قد بئس من مناقشة ضيفه » 
فجلس صامتاً يصغى إليه » وقد. ظهرت عليه علاثم السخرية . وسثل موسولرى, 
فى اليوم التالى لعودة هتلر إلى ألمانيا » عن رأيه فى الرجل» فقال » وهو يوي بما يفسر 
على أنه زراية واستخفاف عله إنه « راهب ثرثار 0 . 

لكن موسوليبى سرعان ما أحس » رغم احتقاره لحتلر » يمحاجته إلى صداقته . 
وراح يقنع نفسه بأن من الخير لإبطاليا أن تتحالف مع ألمانيا » وأن تحالفها هذا 


شل 
يفيدها أكثر من التحالف مع الديمقراطيات الغربية١'2‏ . وكان العداء الذى أظهرته 
فرنسا وإنجذرا لإيطاليا إبان حرب الحبشة » قد فضى على كل فرصة فى عقد اتفاق 
بين الدول الثلاث مناهضص لألمانيا » وإن كان لم يدفع إيطاليا إلى الاقتراب كثيراً 
من هتلر » الذى كان يخرص كل الخرص » على ابتزاز كل ما يمكنه من مزايا من 
الصراع » وكان قد اتزعيج كل الاترعاج سس احيال إمباثه ٠»‏ بحل وسط من النوع 
الذى اقترحه اتفاق هور ولافال7') . فقد ظلت المعاهدة الإنجليزية ‏ الألمانية 
الى عقدت فى عام ه191 » تقغى على موسوليى مضجعه » 5ا كانت مشكلة 
استفلال المْسا وخحطر ضمها إلى ألمانيا ( الانشلوس ) » الموضوع الذى يشغل 
فكره كثيراً . وكان من المتعذر الوصولٍ إلى تحالف بين إيطاليا وألمانيا » طالما أن هذه 
المشكلة ما زالت قائمة . لكن هثلر كان بحس بالحاجة الماسة إلى صداقة موسواينى 
الظاهرة » بصورة تفوق إحساس موسوليبى بحاجته إلى صداقة هتلر » ولا ربب ى 
أن هذه النظرة من جانب هتلر » والرغبة ى ا كتساب صذداقة الدوتئى هما العاملان 
اللذان دفعاه إلى توقيع الاتفاق الفسوى ‏ الألمانى فى يوليو عام 195 + يموافقة 
مرسوليى وإقرارة . و بالرغم من أن هذا الاتفاق قد سوى فى الظاهر » الحلافات 
بين الفسا وأماذء يابشكل يرضى البلدين » إلا أنه أعطى هتلر الفرصة » ليقتطع شيئاً 
من استقلال العْسا . "كما أتاح له الفرصة الحقيقية الأولى » التى كان يتطلع إليها ؛ 
التفاهم مع إيطاليا . فلم يعد فى وسع موسوليى الذى بات الآن فى متأى عن الدول 
الغرببة الدفاع عن استقلال العْسا بنجاح » وكان لا بد له من أن بحمد هذا الاتفاق 
إبقاءه على استقلال الغسا ولو بصورة شكلية . وقد تحققت الفرصة الغوذجية لإقامة 
علاقات أوئق بين ألانيا وإيطاليا بعد شبر واحد » عئدما الدلعت نيران الخرب 

(1) يكثر الكتاب الغربيون هن التحدث عن الدول الغربية » واصفيها بالدمقراطية » 
لكن هذا الوصف المستمد من المفهوم البورجوازى الدمقراطية » لا ينطبق على الراقم والحقيقة » 
إذ أن معقلم هذه الدول » أو بعشبا على الأقل » بعيدةعن الدرمقراطية فى معناها الاشتراكى الصحيح » 
بعد الأرض عن السباء . فبالرشى من أنها تشير على نظام القَثِيل البرئافى » إلا أن الطبقة الممثلة هى فى القالي 
من الفئات البورجوازية والرأجالية » الى تمكها سيطرتها الاقتضادية من تحقيق السلطان على الصعيد 
السياسي الثثيل ؛ اللى لا يعبر عن إرادة الشعب »؛ الغاقد إرادته وقدرته على التعبير » بالإضافة إلى ما يسود 
مين عله الدول من تغرقة عنصرية تتنافى مع أبسط مفاهيم اللديممتراطية الحقة . 

(؟) لسبة [ليسمويل هور وزير خخارجية إنجائرا ولإافال وزير شارجية فرنسا آنداك . : ا معرب م 


١ 
» الأهلية فى أسبانيا » وراح موسولينى عن طريق إسراعه إلى مساعدة فرالكو‎ 
أملا منه فى تعلق دولة فاشية الثة فى أوربا » وف الحصول على بعض القواعد‎ 
البحرية فى أسبانيا لبديد فرنسا عن طريقها . يزداد نأياً عن أعداء ألانيا وسرعان‎ 
ما تبين أولربخ فون هاسيل.» سفير ألمائيا 1 نذاك فى رومه أهمية « الحرب الأسبانية‎ 
بالنسبة إلى علاقات إيطاليا بكل من فرنسا وإنجلترا » . وأبرق إلى وزارة الحارجية‎ 
الألمانية » مشيراً إلى أن دور هذه الحرب يمكن أن يكون مماثلا و لدور الحرب‎ 
ومنع إيطاليا من الوقوع فى‎ ٠ الحبشية فى عرض المصالح المتعارضة للدول الكبرى‎ 
شباك الدول الغربية ؛ . وحققت الحرب الأسبانية هدفاً آخر » فقد تمكن هتلر‎ 
عن طريق السماح لإيطاليا حمل العبء الأكبر من المساعدات النازية  الفاشية‎ 
لفرانكو ؛ تحت ستار الادعاء بأن أسبانيا من بلاد البحر الأبيض المتوسط » أى‎ 
أنها تقع ضمن منطقة النفوذ الإيطالى » فى إيجاد بديل عن الحرب المبشية » يقوم‎ 
بامتصاص قوة إيطاليا » ويحول بيها وبين الوقوف موقفاً صلباً من المشكلة العسوية‎ 
الى كان قد حزم أمره على تسويتها بالشكل الذى يريده!3 ؛‎ 
ومهد هتلر طريق التقارب مع موسولييى ؛ بإعرابه عن استعداد ألمانيا للاعتراف‎ 
٠ بالإمبراطورية الإيطالية . وكانت قضية الاعتراف من القضايا الحساسة اغاية‎ 
الذى ترفض معظٍ الدول‎ ٠ بالنسبة إلى موسولينى إذ أنه إقرار بوضع إيطاليا الحديد‎ 
كا توقع فون هاسيل » غاية الفرح‎ ٠ الاعتراف به » ولذا فقد فرح الدوتشى‎ 
لحطوة هتلر » الى لم يستطع إنكار جميله فيها . وأوفد هتلر ى سبتمير من ذلك‎ 
العام » إلى موسوليى وزير عدله الذي يتحدث بالإيطالية » هانز فرانك » ليوجه‎ 
الدعوة إلى الدوتشى لزيارة ألانيا . وأصغى موسوليى بكثير من التحفظ » إلى‎ 
ما وجهه إليه فرانك من إطراء بالغ » وإلى ما أعرب عنه من إيمان الفوهرر‎ 
رغم‎ ٠ بالحاجة إلى المزيد من التعاون بين البلدين . وقد غر هذا الإطراء موسولينى‎ 
تظاهره بالصلابة فى موقفه » ولم يكد يفرغ من اجماعه مع مبعوث هقلر » حتى‎ 
تعبيراً‎ ٠ راح بلبى خخطاباً ف ميدان دوومو فى ميلان » استخدم فيه للمرة الأول‎ 


)١(‏ تفسر هذه الحقيقة ظاهرة غريبة أذهلت ابلسهوريين الأسبان فى تلك الأيام » وهى أمهم كانوا 
يتلقون فى وقت واحد مع أعدائهم من الفاشيين السلاح من ألمانها . 


8 
قدر له أن يحمل فيا بعد معبى الدمار لبلاده . فقد أشار إلى التنفاهم الأفضل بين 
ألانيا وإبطاليا » واستعار تعبيراً مجازينًا مسرحينًا كان رئيس وزراء اجر كومبوس ء 
قد استعمله قبل عامين ى وصف هذا التفاهم . وراح الدوتشى يقول . .. 
«خلق محور برلين ‏ رومه » وهو احور الذى تستطيع -جميع الدول الأوربية 
انحبة لاسلام » الدوران حوله ». وطرب الألمان لهذا الإعلان الواضح عن الصداقة » 
وقرأوا فى اللحطاب أكثر مما عناه صاحبه بالفعل » وتولد لدى الشعب الألمانى 

الانطباع ما ذكرته صحافته » بأن سياسة مشتركة قد تم إرساؤها بين الدولتين , 


وكان وزير خارجية إيطاليا الحديد » الكونت جاليازو تشيانو» بمهد الطريق 
فى غضينٍ ذلك » للزيارة الرسمية » الى تقرر أن يقوم بها الدوتشى عما قريب 
لأمانيا . وكان هذا الوزير نجل الأميرال الكونت قسطنطين تشياذو أحد أبطال 
الحرب العالمية الأولى » قد التحق بالسلك السياسى وهو فى الثانية والعشرين من 
عمره » بعد أنعمل أمداً ما فى الصحافة فى رومة . وراح بعد ثلاث سنوات » أى ف 
الرابع والعشرين من أبريل عام 19٠‏ » ييببى بإيدا موسواينى »+ كبرى بنات 
الدوّثى ؛ وأقربين "كا كان يعتقد إلى قلبه . ويدأ منذ تلك اللحظة صعود تشيانو 
سلم الحكم والشهرة » بسرعة تكاد تشبه سرعة الضاروخ . ولم بض شهران » حتى 
كان تشيانو ء يعين قنصلاعاما فى شانجهاي » ليصبح بعد فيرة قصيرة » وزيراً 
مفوضاً لبلاده فى الصين . وعاد إلى إيطاليا فى عام 1١978‏ »© ليصبح رئيس 
لدائرة الصحافة » ثم عمل طياراً إبان الحرب الحبشية » ليصبح بعد ذلك وزيراً 
للخارجية . وكان يتصرف فى هذه السنوات الأولى » تصرف الحوارى المخلص 
لأستاذه الذى خخلقه ؛ واللى لم يعد يعامله كصهر قريب إلى قلبه فحسب » بل 
كصديق يثق فيه كل الثقة . وكان تشيانو إنساناً مغروراً » عبنًا لذاته » مغرقاً فى 
حبه لها » طموحا » دعينًا » وكثير التقلب » وكان يحاول أن عى بشىء من الدناءة 
المصطنعة ؛ ما كان محمله من إعجاب حقيق بالدويّئى . وقد حاول حبتى فى 
اليوميات الى دأب على كتابنها بعد أن أصبح وزيراً للخارجية » إخفاء ما يحمله 
من عبادة لموسوليى » كان فى أحاديثه مع أصدقائه يسعى إلى عدم إظهارها مطلقاً . 
لكن هذه المحاولات المكشوفة » كانت تظهر على حقيقاها فى بعض الألحيان » 


خالا 


عند ما يكتب ف يوميانه بشىء من الصراءحة ء إذ يقول . . . ١‏ أطرى الدوتشى 
جهودى اليوم عدة مراث . .. وقد أسحسث بالضيق من هذا الإطراء البالغ » 
حى إنى عجزت عن شكره . ولا ريب فى أن هدق الأول من عمل 2 هو أن 
أرضيه . ولا ريب أيقاً فى 'أن نجاحى فى إرضائه » هو غاية ما أنشده وأتمناه » . 
وذكر فى عام ١988‏ »: بعد أن أبل من مرض أصابه ٠‏ أنه عند ما سمع صوت 
الدوتشى ينطلق من جهاز الإذاعة ١‏ راح يركى وكأنه طفل صغير ؛ . 

وكان هذا الإعجاب الشديد البالغ بالدوتشى » يبدو واضحاً فى شتى الصور » 
التى أظهرته أحياناً فى مواقف تثير الهزء والسخرية . فهر بقلده بصورة لا واعية . 
وهو يقتبس منه مواقفه » وتصرفاته العامة واللخاصة عبل حد سواء . وكان محذو 
حذوه ف التحدث بسرعة وبصوت عال » وبصورة تنطوى على التأكيد » كنا كان 
يقلد مواقفه ا#امدة » عند ما يوشلك أن يسمع أنباء كان ينتظرها بفارغ الصبر . 
لكنه لم يكن إنساناً تافهاً يثير السخرية . فقد كان ببازاً للفرص » ذا مرهبة كبيرة 
فى هضم المعرفة » ووطنية صادقة . ولم يكن مولعاً بكم الأسرار » بل كان أحياناً 
قاسياً فى صبراحته » وكثيرا ما وضع بلاده » فى أوضاع -حرجة » ودفعها إلى مغامرات 
لا خلقية وتافهة . وقد تيز بالكسل الشديد » حتى إنه كان برفض قراءة أية 
مذكرة » إذا تجاوزت الصفحة الواحدة ٠‏ وكان يقضى جل أوقاته فى لعب 
الحولف » أو فى حضور الحفلات الى يقيمها أصدقاؤه من رجال المجتمع فى 
رومة » أو الحلوس متكاسلا” فى مكتبه فى قصر شيجى . وكان يفتقر إلى الشعور 
بالمسثولية » فقد ذكر رافائيل كوا ريجليا » سفير إيطاليا فى باريس بين عانى ١‏ 
و 144١‏ ء أن التعلمات الوحيدة الى تلقاها منه طيلة تلاك المدة » كانت تقضى 
بالنعية عن مويه درنبية للق . لكنه كان يتمتع على أى حال » ببعض المزايا 
الى ندر وجودها عند كبار الفاشيين . فقد كان إنسانآ ذكينًا » ويقظاً وشجاعا » 
ولا يفتقر إلى الإحساس » 15 كان جذابآ رض مواقفه الثثيلية وادعاءاته المغرورة . 
وكان ولد بارا » وأخا رفيقاً بإخوائه » نمب أطفاله ؛ وبالرغم من وفرة عدد أصدقائه 
من رجال ونساء ؛ إلا أنه لم يفقد قط حب زوجته له . وقد ذكر عذه اللورد 
فانسيتارت الذى ليه لأول مرة فى عام 198"4 » أنه : إنسان داعر ؛ » لكن الدعارة 


ا 

لم تكن تعتبر خطيثة فى تلاك الأام . فقد أحب النساء » وتعشق العظمة » وكان 
يبز غيره فى إرضاء شهواته . فقد محياه الله بشكل جميل الصورة » وطبيعة طيبة ؛ 
وإحساس عارض بالنكتة الطريفة . وكان يقضى وقتآ طربا لاحتمل التعرض لأى 
إزعاج » ولا ريب فى أن كراهية المغرق فى ملذاته لاحرب » تكون أقوى من 
كراهية الإنسان ذى النزعة السلامية » لأنها أكبر اتصالا” بالعملية والواقع » . 


وقدر لديئو الفيرى » سفير إيطاليا فى أماليا » أن يعرف تشيانو معرفة وثقة » 
ولذا فقد رسم له صورة ممائلة ء وإن كانت أكثر زهواً وإطراء . . . فقال . 


١‏ وبالرغ, من تقلبه وافتقاره إلى الاستقرار » وما صفتان كانتا تثيران الدهشة 
والخيرة فيمن يعرفه » فإن تشيانو كان رجلا” طيبا وكريماً . وكان بمب دائماً 
خدمة أصدقائه » وبحس بأقصى السعادة » إذا تمكن من إبلاغهم تبأ طيرا . 
وكانت تعبيراته تحمل الطابع ١‏ التوسكانى » ٠»‏ ا كان حديثه يتصف بالحروية » 
ولغته بالدقة والاخمتصار . وكان يبدو أحياناً فى منتبى الحد والذكاء » والرغبة ف 
السخرية الى تصل فى حالات معيئة محدود الدناءة . . . لكنه كان بطبيعته » 
إنساناً مرح » يتعلق بنزواته » كثير الفضول والسخرية » مغرقاً فى الاستجابة 
لعواطفه » وكان سريع الخاطر ء سحاد الذكاء » -حاضر النكتة » ساخخر الكلم » . 


لكن الآخرين لم يوافقوا الفيرى على ما رآه فبه من سرعة بديبة » وجاذبية » 
وإن كان معظ الناس لم يكرهوه » ول يجدوا فيه إنساناً تافه؟ . لكن الألمان لى حبوه 
على أى حال . وكان حرص دائماً على القول فى مذكراته الرسمية » بأنه على خير 
ما يرام من التفاهي معهم . لكنه لم يكن فى الواقع متفاهما معهم » إذ كانوا يرون فيه 
الإنسان المتصنع » المغرور » الراغب فى تأكيد وجوده » بحيث يتصرف تصرفات 
فى منتبى السوء والسخف . وقد وصفه ويليام شيرر » الصحى الأمريكى 27 ع 
أثناء زيارته فى إمحدى المرات لبرلين بأنه كان ٠‏ مهرج تلاك الأمسية . فقد كان 
يكار » دون أى مناسبة ع من صفق قدميه ع وأداء التحية العسكرية . فلم يكن 


)١ (‏ وردت هذه العبارة فى الكتاب الضحم اللى وضعه ويليام شيرر » عن تاريخ المانيا المتلرية » 
والذى توليث تعر يبه فى أر بعة مجلداث . 1 د المعرب » 


١ 

فى سع إنسان ألا بلحظ شدة عصبيته » فهو نحرك فكيه باستمرار » دون أن بمضة 

وسع فهو بحرك فكيه باستمرا عضغ 
قليلك من اللبان » . 


وكانت زيارته الرسمية الأول لبرلين فى شبر أكتوبر عام كول ء أى بعد 
شبر واحد من زيارة هانز فرانك لرومة . وقد نجحت هذه الزيارة نجاحا كاملا » 
إذ لم يكن ريبنتروب الذى دأب على كراهية تشيانو » قد حل بعد حل نوراث 
فى وزارة المتارجية الألمانية » بها عامله هتلر » الذى كرهه فما بعد أيفضاً » عند 
استقباله له فى برختسجادن » معاملة تنطوى على الكثير من الاحترام الزاتف . 
وقد سر هتلر طبعاً بالرسائل الودية الى حملها تشيانو معه . وتحدث الفوهرر عن 
أيه فى موسوليى إلى صبره » حديثاً » أطرب تشيانو » فقد وصفه بأنه « أعظم 
سياسى ف العام » ولا يستطيع أي سياسبى آآخر ؛ أن بقارن نفسه به لا من قريب 
ولا من بعيد ؛ . وانطلق بعد ذلك يتحدث بسرعة عن الونع الدولى » وعن خطر 
البلشفية المتزايد » وعن سرعة أمانيا فى تسلحها . وكتب تشيانو فى يومياته عن هذه 
القابلة يقول . . . : كان هتلر يعرض كل موضوع عرضاً مطولا » يصل منه إلى 
استنتاجات يكررها مراراً وتكراراً » وبعبارات مختلفة » . واستخلص تشيائو من 
هذر محدثه ورئرته » أن هتلر لم يكن قد حزم أمره بعد بالنسبة إلى بريطانيا » 
وأنه لى يكن حتى تلك اللحظة » يستبعد احمال شكل من أشكال الاتفاق معها . 
أما موسوليى فكان ساخطاً أشد السخط على بريطانيا لآنها وجهت الدعوة إلى 
هيلاسلامى الحضور حفلات تتويج ملكها -جورج السادس » وكان يْشى من أى 
تقارب ألمانى - بريطانى » ويعمل على إحباطه » بكل وسيلة ممكنة . وقد سر غاية 
السرور عندما سمع من تشيانو » أن مثل هذا التقارب غير محتمل بالرغم من اعتدال 
هتلر فى موقفه » وأله نقل إليه قول الفوهرر بأن فى وسع ألمانيا وإيطاليا » إذا 
واصلت بريطانيا العمل ضدهها » أن يبزماها »ع إذ أن القوة ستكون متوفرة لدبيهما 
للقيام بذلك . ومضى الفوهرر يقول لضيفه . . . « وستكون ألمانيا مستعدة لذلك 
فى غضين ثلاث سنوات . أما بعد أربع سنوات فستكون أكثر من مجرد مستعدة . 
وإذا أتبح لها أن تستعد الحمس سنوات فإن فى ذلك الجير كل الحير . . . ويرى 
الإنجليز أن هناك بلدين فى العام » يقودهها مغامران غ شما ألمانيا وإيطاليا. 


١ 
لكن المغامرين كانوا يتولون أيضاً قيادة بريطانيا عندما قامت إمبراطوريئها . أما اليوم‎ 
فبحكمها ضعفاء عاجزون: . ولم تمض بضعة أشبر » حهّى كانت بريطانيا‎ 
تضيف سيئة أخري إلى مسارئها تجاه إيطاليا » وذلك عندما وقعت فى ابجتاع نيون‎ 
ء اتفاقاً جديداً مع فرنسا » لحماية السفن‎ ١98 فى العاشر من سيتمبر عام‎ 
» اللتجارية الفرنسية فى البيحر المتوسط » حيث كانت الغواصات الأسبانية فى الظاهر‎ 
والإيطالية فى الواقع تقوم فيابة عن فرانكو « بأعمال القرصنة » ضد السفن الفرنسية‎ 
فيعلن تأييده للوسواينى‎ ٠ والبريطانية . وراح هتلر يستغل هذه الفرصة من جديد‎ 
وعطفه عليه » ويبين أن محاولة الدبمقراطيات الحديدة ليست إلا سعيا مها للاتحاد‎ 

ضد احور النامى والناهفض . 

وكا كان مرسولينى متلهفآ على ألا يقع اتفاق بين بريطانيا وأمانيا » وهو 
الاتفاق الذى لى يغب لحظة واحدة عن تفكير هتلر فى هذه السنوات كلها » كان 
الفوهرر بدوره » متلهفا أيضاً على أن تجدد إيطاليا وبريطانيا علاقائهما الودية 
على حساب ألانيا . وقام سعيا وراء هذا الهدف » وتأكيدا منه لتضامنه مع إيطاليا 
فى انحور ؛ بإيفاد عدد من البعوين إلى رومه فى عام ١911/‏ » فى زيارات بدت 
ف ظاهرها بقصد تأكيد الود والصداقة . لكن أينا من هذه الزيارات لم تنجح نجاحآً 
بارزا وملحوظا . وعندما وصل جورنج فى مطلع العام . وعقد اجماعين مع موسولييى » 
كان الحو ى الاجماعيين فى منهى التوّر . وكان موسوليبى قد قرر لنفسه 
أنه لا يحب جورنج منذ اجماعهما لأول مرة . فقد رأى فيه شخصاً : سريع الغضب 
كثير الادعاء؛ © ولم يعجبه منه إعجابه الشديد ببالبو . وعندما أشار -جورنج 
فى إحدي هاتين المقابلتين إلى الاتحاد مع المْسا » كأمر حتمى » هز موسولينى » 
كنا روى المترجم بول شميدت ؛ رأسه ممتعضاً » وبعنف شديد . 

لكن الأسا لم تكن إلا مشكلة واحدة من مشاكل مرسولينى » وقد قادته 
أطماعه الى الم تتحقق فى أوربا والبحر الأبيض المتوسط ٠‏ وحقده على 
الدول الغربية » إلى الإيمان يأنه بات عاجزاً عن مقاومة إغراءات هتلر وملاطفاته . 
وراح يعلن أنه سيزور ألانيا فى شهر سبتمبر بعد أن قبل الدعرة الموجهة إليه » 
مشترطأ أمرين » أوهما أن لا حمل معه ملابس السهرة الرسمية ‏ وثانبهما أن لا تقتصر 


تفل 
اجماعاته على زعماء البلاد » وأن يسمح له بمقابلة العاديين من الناس »© ولم يكن 
تواضعه هو الذى حفزه على التقدم ببذين الشرطين . فقد أراد أن يظهر » أن ى 
وسعه حى بلغة أجنبية بالنسبة إليه » إثارة «جماهير برلين » بنفس الحماسة الى 
يثير فيها شعبه » كنا أراد أن يضمن عدم الظهور بالملابس المدئية الى لا يبدو فها 
فى صورة مقبولة . ١‏ 
وقد ارتدى بزة رسمية رائعة » صئعت مخصيصاً لله المناسية » كم سافر كن 
ألمانيا ف الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1988 » ترافقه حاشية كبيرة » ترتدى 
أجمل الملابس أيضا كلاسه . وأصدر متلر » اللى لم يرغب فى تفوق مرسوليى 
عليه أمراً أن يرتدى أفراد لحئة الاستقبال» الذين كالوا سيستقباونه على الدود 
البزة الرسمية أيضاً » بيمًا ارتدى هو القميص الببى والسروال الأسود » لياس النازى 
الرنمى » منتظراً ضيفه فى مونيخ الى اصطف الحنود على جانى شرارعها » والّى 
الدانت مبانيها بالأعلام ترحيباً بمقدم الدوتثى . 
وكانت ألمانيا تعد العدة منل أسابيع هذه الزيارة ء لا للترحيب بالضيف 
وإيلائه ما يستحقه من ا<يرام فحسب » بل لعرض قوبمها عليه بصورة دقيقة 
ومدروسة © يتين فيها حسن التنظم 'وروعة الانضباط ٠‏ بحيث لا ينسى عوسوايى 
ذلك طيلة حياته . ولم ينس موسوليبى بالفعل هذه الزيارة , فقد ظل طيلة حياته » 
رغم خيبة أمله بالآلمان فيا بعد » يؤكد أنه لم يتخل يومآً عن إعجايه بكفايتهم 
وإخلاصيم » وجدهم العسكرى العنيف . وبدا عليه التأثر منذ اليوم الأول 
للزيارة . وكان له مطلق الحمق فى هذا التأثر . فقد كانت هتافات الحماهير تشق 
عنان السماء » رغم الأمطار الغزيرة الحاطلة » وبدت الصفوف الى لا نباية ها من 
الحنود من ذوى الوذ الفولاذية جامدة بلا حراك . وأقيست المآدب على شرفة فى 
مونيخ »؛ والمناورات العسكرية فى مكلينبرج ٠»‏ كما أعدت له زيارات لمصانع 
الروهر ؛ وعروض عسكرية للجنود يمشون مشية الأوزة فى كل مكان . واحتشد 
أكثر من تسعماثة ألف إنسان فى برلين » قبيل نماية الزيارة » ليستمعوا إلبه وهو 
طبهم ١‏ وهناك ؛ وبالرشم من أن جورنج كان قد أثار أعصابه بالسماح للبؤئه 
الصغيرة بأن تقفز على حضن الدوتشى » متشاغلا عنه باللعب بقطاراته الكهر بية 


ول 
حبى اللحظة الأخيرة . وبالرغى من العاصفة الهوجاء الى هبت عنيفة على الميدان 
حيث كان يخطب » قاطعة عليه خطابه » وميللة أوراقه » ومخربة مكبر الصوت » 
فإِن تأثره كان بالغاً بهذه المناسبة . وقد انتظرت اللجماهير تحت المطر المبمر » 
وكأنها ف عرض عسكرى » لهتف له فى نهاية خطابه » الذى ل 'يعد فى وسعها 
الإصغاء إليه » والى صعب عليبا أن تفهمه منذ بدايته . وعاد الدوتشى فى السرارة 
إلى مقره » وقد أغرقه البلل » ولحق به الإجهاد » ولكن معنوياته ظلت عالية . 
فقد رأى بأم عينيه « أقوى أمة فى أوربا الحديثة » وهى تسمو فى طريقها إلى امد 
والعظمة ؛ . وكان نجاحه فى ثلث البلاد منقطع النظير . وكتب تشيانو معتزًا به فى 
يومياته يقول . . . ١‏ أسرت جاذبيته» وصوته » وفتوته» وحيويتهء خيلة الجماهير 
الألمانية تمام الأسر » . ولم تكن قد أتيحت له الفرصة لرؤية هتلر على انفراد أكثر 
من بع دقائق » لم يدر إبانها حديث فى أى موضوع هام » ولم تذكر قضية المسا 
كا قال لشو شنيج فها بعد » لا فى قليل ولا فى كثير . ولكنه كان قد حزم أمره 
بالنسبة إلى ألمانيا 2 فقد راح صر بأعلى صوته عندما تعطل جهاز تكبيز الصوثت 
ق ميدان متيفيلد ليسمع الناس قوله ؛ م المياه المنصبة كالقرب من المماء . 
قائلا” : ١‏ وعندما يكو ألفاشية صديق » فستسير مع ذلك الصديق حى النهاية 4 . 
وكان هذا الوعد القاطع يالولاء » بداية الحبوط نحو الكارثة . وكان هذا الوعد 
أيضاً بالنسبة إلى كثيرين من الإيطاايين بداية خيبة الأمل المرة . فقد كانوا يرون 
فق الثورة الغاشية حرى هذه اللحظة شيئاً نافعاً ونظيفاً . وبالرغم من نزوعها إلى الحكم 
السلطوى ؛ وإلى بعدها عن الليبرالية » كانوا يرونها شيئآ راثهآ إذا قارنوها 07 
الاشيراكية الألمانية ااضخمة . وكانوا يحسون بالسعادة عندما يسمعونالناس يصؤون 
الألمان بالغلظة » وار بالوحش السياسى » انون » والذى يقلد غيره » والغريب 
الأطوار . ل؟ 5 الآن أن يقرأوا قصة مغايرة . فقد أشار الدوتشى 
نفسه إلى الألمان 0 بأمهم « الشعب العظم ذو التقاليد الكربمة والمستقبل 
العظم ١‏ . ول يعد هتلر عنده « المهررج6 » بل صوره ق حطاب ألقاه ؛ ونشر على 
نطاق واسع فى إيطاليا على أنه « العبقرى » بل أحد أولثلك العباقرة القليلين الذين 
يصنحون التاريخ » ولا يسيرون فى ركابه » . ول بمض شهر واحد على هذه الزيارة 


ايل 
حتى كانت إيطاليا توقع فى السادس من نوقبر عام 1491 على ميثاق مكافحة 
الشيوعية الدولية . ونص هذا الميغاق على أن تقف إيطاليا وألمانيا و جنا إلى جنب 
ضد نهديد البلشفية وخطرها ؛ . 
وسرعان ما انضح ذفوذ الألمان على الفاشية . وقد تأثر موسوليى تأثراً بالذا » 
ينطوى على الإعجاب الذى لا مزيد عليه برؤية هذه الألرف من اللحنود المدربين 
تدريباً صارما وهم طون أمامه فى مشية الأوزة » وأحذيتهم الغليظة تضرب الأرض 
بإرقاع موسيى رهيب » مارين بتلاث الشوارع البى غسلها مياه الشتاء » مما دعاه إلى 
أن يفرر إدخال هذا المظهر الحووى الذى يدل على النشاط فى الحيش الإيطالى 
والحرس الفاشى . وراح يصدر أمره » جاهلا أو متجاهلا » ما يثيره هذا التقليد 
المحط من موجات الاستياء والسخرية » بأن تصبح مشية الأوزة ؛ المسيرة الجديدة 
للجندى الإيطالى . وأطلق عليها اسم ١‏ الخطوة الرومانية » » واصفاً إياها بأنها د اللخطوة 
الثابتة الصارمة الى كانت الفيالق الرومانية تخطرها . والتى كانت كل واحدة منها 
تقود إلى الفتح والنصر ‏ . وكان النازيون قبل عشر سئوات قد جعلوا من التحية 
الرومانية ؛ تحيبهم الرسمية » وها هى ذا موسولديى الوم »رغم إنكاره العنيف لظاهرة 
التقليد » يدعى أن الأوزة طائر رومانى لأنها هى الى أنقذت الكابيتول”')؛ وينقل 
عن الألمان مشية الأوزة دون أن يعرف بفضل النقل » تماما كا نقل هتلر من قبل 
التحية الرومانية عن دالونزيو . وكانت هله المشية صعبة عسيرة على الأداء » 
وكانت فى من البشاعة ؛ إذا لم يتقنها القائمون بها . وقد ثار موسولينى على ما وجه 
إليه من نقد فى هذا اجال » وعلى تسمية المشية الإيطالية الخديدة بالصورة المقلدة 
مشية الأوزة . وعندما حاول الملاك أن بمشى عشية الأوزة» راح موسوليى يعلق بشى ء 
من الزراية لتشيانو قائلا” . . . : ليس الذنب ذنى إذا كان الملك لا يعدو من 
الناحية العضوية أن يكون نصف إنسان» قمىء القامة . وون الواضح أنه لا يستطيع 
تأدية الحطوة دون أن يثير الهزء والسخرية . وهو لا .حب هذه المشية » لنفس السبب 
)١(‏ إشارة إلى قصة قديمة من التاريخ الروماق ذكرها تيتوين لي فى كتابه « تاريخ روية» , 
وكان الرومان يؤبئون بالفؤول والعرافة » ويكيفون خططلهم الحربية على ضوء ما يقوله لهم رجال الطير . 


وقد نجا الكابيتول من الحريق بفشمل أوزة فى الحرب البوئية الى وقمت فى القرن العالث قبل الميلاد . 
3 المعرب » 


١ 
الذىيكره من أجله امتطاء اراد » إذ يجد نفسه مضطرًا إلى استخدام سلم للصعود‎ 
من‎ ١ : إلى ظهر ابحواد » . وراح يقول فى مناسبة أخخرى بعد أن جرب ألشية بنفسه‎ 
الوإضح أن ذلك الإنسان القمىء الشى لا يستطيع أداء المشية ى الاستعراضات‎ 
العسكرية » لكن هذا لا يهم على الإطلاق . فسأعيل على الدلاص منه . وكثيراً‎ 
وقد اشتدت نقمة موسوليى على الملاك من‎ . ٠ ما تغير سير التاريخ. ى ليلة واحدة‎ 
جراء المقيقة الواقعة » وهى أنه كان يكره الألمان » ولم يكن يتردد فى إبداء هذه‎ 
. الكراهية هم » والتعبير عن قلقه من جراء تون عرى الصداقة بين إيطالها والرايخ‎ 
. وقرر موسولينى وهو ساخط : أن (الملكية قد غدت نظاماً لا ضرورة له»‎ 
وعندما قيل له إن المللك قد اعترض على إدخال التحية الرومانية فى اليش » انفجر‎ 
إننى احتملت فوق ما أطيق لجر هذه الملكية‎ ١ . . . موسولينى غاضباً » وهو يقول‎ 
المتعبة معى . وم أت حى الآن بعمل يلزع العهد يبقاء الملكية . أنا ما زلت أنتظر‎ 
وأعتقد أن الوقت فى مصلحتنا » لأن الملث قد بلغ السبعين من عمره » وكلى أمل فى‎ 

أن تمرع الطيرعة لمساعدق فى هذا الصدد ؛ . 

وكانت هناك نتر.جة أخرى أكير إثارة تلرعب والفزع لصداقة موسوليى اللعديدة 
لأمانيا » وأكثر مدعاة لازراية والاحتقار من إدخال مشية الأوزة والتحية الرودانية 
فى الحيش الإيطالى ؛ وهى إقحام اللاسامية على الذياة القومية الإيطالية . لكن هذا 
الشر لم يتعمّقى جذوراً قط فى هذه الحياة . واستقبل البيان الذى أصدره بعض 
أساتذة الجامعات المشبورين ؛ والذدى نشرته الصحف الفاشية فى يوليو عام 1918 
من أن الإيطاليين من العنصر الآرى النوردى الذى لم يمختلط دمه بغيره منذ غزوات 
اللومبارديين » بكثير من الاستخفاف الذى يستحقه . ولكن لم تمض ثلاثة أشبر حى 
كان المملس الفاشى الأعلى » يقر برناجا للتشريع العنصرى . وقد حظر هذا التشريع 
الزواج بغير الآريين » وهو تعريف لم محدد قط » إلا بإذن من وزارة الداحلية » 
وقرر طرد البود الأجانب أو أولئك الذين جاءرا إلى البلاد بعد الأول من يناير 
عام 89 : كما حرم على اليهود أن يعملوا فى التعلم والمحاماة والصحافة والمصاروف 
وأن ينتموا إلى عضوية احزب اافاشى ؛ وأمر بفتح مدارس ابتدائية خخاصة للأطفال 
اليبود . ونص القانون على معاقبة من يتروجون من أفريقيات أو حبى من يقيمون 


اا 

علاقات جنسية معهن بالسجن . وقال الدوتشئى . . . : إن هذه الإجراءات كلها 
ستز يد من كراهية الأجانب لإيطاليا . حسناً فليكن » . 

وقد زادت هذه الإجراءات أيضاً مما تلقاه الفاشية من معارضة » ودفعت هذه 
التطورات موسوليى إلى الحملة حملات عنيفة ومتكررة على من أسماهم « بالحبثاء 
فى إيطاليا الذين أثر عليهم مصير البهود » . وكان الماك أحد هؤلاء الحبناء . وقد أثار 
إعرابه عن اعطفه اللامحدود على اليوود ؛ موسوليى » ودفعه إلى القول بأن :من الواجب 
معاملة هذا « امْحْدّث » كما يعامل اليهود . وكات موسوليبى حبى قبل زيارته لألمانيا قد 
أطلق عبارة ساخرة ضد أمريكا نقلها تشيانو فى يومياته فوصفها « ببلاد الزنوج » 
والييود » وسما القوتان اللتان تعملان على انحلال الحضارة ؛ . وتثبأ بأن الشعوب 
الى ستلعب دوراً عالميا بارزاً فى عام ( )7٠٠١‏ » هى الشعب الإيطالى » والألمانى 
والروسى «اليابانى » ومفى يقول . . . « أما البلاد الأخرى » فسيحطمها ما يحدثه 
“الحامض” اليهودى من تاكل فى بنياهها . والبود يرفضون التكاثر عن طريق التناسل. 
لأنه يسبب الألم ؛ ثم لا يدركون أن الألم هو العامل الخلاق الوحيد فى حياة الأثم » . 
وراح يقول فيا بعد ء إنه يقر بلا قيد أو شرط » العمارات الثأرية الى قام بها 
النازيون ضد اليهود » بعد مصرع السكرتير الثالث للسفارة الألمانية فى باريس على 
يد موودى بولندى ء متخذين من اللحادث مبر راً للمز يد من أعمالم اللاسامية , 

ومع ذللك » لم يكن الدوتشى يتابع باههام واضح » الطريقة الفجة والاتفافية البى 
كانث تتبع فى إنفاذ تشريعاته العنصرية » بل جميع تشريعاته الفاشية الأخرى . 
وروى أحد موظق السفارة الألمانية فى روءة لصديق له » أن الصورة الحقيقية 
للدوتشى » « هى أنه ينبح كالكلب المسعور » ولكنه لا يعض ؛ . وقد استبدل 
بطبيب أسئانه الرودى طبيباً آخر » كنا أمر أحد الزعماء الفاشيين ياستبدال 
سكرتيرته اليودية بأخرى » لكن «ثل هذه الإجراءات » لم تقنع الألمان بأنه جاد 
فى موقفه من المشكلة البهودية . ولم تصدر الأوامر قط للحزب الفاشى ٠‏ بأن يتأكد 
من تنفيذ التشريعات العنصرية » كا أن بوشوى + سكرتير الحزب نفسه » عرف 
بأنه لا يحمل الموضوع على حمل احد . فقد كان موسولينى وظل حتى اللهاية » 
مخيباً لأمل هتلر فى موضوع العداء للسامية . وعندما ذهب إليه أحد العلماء 


١ 
الإيطاليين يشكو من المعاملة الى يلقاها بعض أصدقائه من اليهود » رد عليه‎ 
قائلا... «إنى على وفاق مم ما تقوله على طول الخط . فأنالا أومن‎ 
. 6 قيد شعرة بنظرية اللاسامية السخيفة » وإن كنت أطيقها لدوافع سياسية مجردة‎ 
وليس فى وسع إنسان أن بتحرر من الانطباع » بأنه كان ينفذ هذه السياسة‎ 
ْ . إرضاء لرغبات الألمان‎ 
ولحق الوهن فى مستهل عام 1978 ؛ يحماسة موسوليى لألانيا » فقد أدرك فى‎ 
ذلك الشتاء أن هنالك خطراً قريباً عن اعتداء الألمان علىاستقلال الهْسا » دون أن‎ 
. يكلف هتتلر نفسه ء عناء التحدث إليه » أو الإفضاء إليه يخططه ومشازيعه‎ 
وقام شوشنيج ؛ مستشار العْسا الذى كان منل توقيع اتفاق يوليو عام 19175 مع‎ 
ألمانيا » يحاول كسب الوقت + وإرضاء الألمان . ليتجنب وقوع انقلاب نازى‎ 
فى بلاده » بزيارة برختسجادن فى الثانى عشر من فبراير عام 1988 » لإجراء‎ 
» محادثات مع هتلر . وقد انمهال عليه الفوهرر عند لقائه به بالإهانات والسباب‎ 
عنذراً متوعداً . وقدم إليه الآلمان مطالب واسعة شاملة » لم يكن الإيطالرون قد أبلغوا‎ 
بها مسبقاً . وأدرك شوشنييج أن عليه أن يذعن إذا كانت مهديدات هتلر ستؤدى إلى‎ 
الحرب » وعندما اتخل بعد شهر خطوته الحريئة والخطرة » بإعلان ضرورة استفتاء‎ 
الشعب المسوى ى موضوع الوحدة مع ألمانيا ( الانشلوس ) » علق موسولينى على‎ 
إعلانه هذا ) بأنه. خطيثة كبرى . لكن ستلر رأى فى هذه الحطرة أكر من مجرد‎ 
خخطيئة . وكانت اللخطوة كا وصفها أى . جى . فى . تيلور 3 أشبه من يمس عصباً‎ 
مصاباً عند إنسان متأم » . وراح هتلر محدد يوم السبت فى الثانى عشر من مارس‎ 
» موعداً للزحف عبر الحدود » وبعث قبل يومين من الموعد ؛ برسالة إلى رومة‎ 
ليسلمها إلى الدوتى شخصينًا » الأمير فيليب هيمر » الذى لم يكن يحظى‎ 
» بالتقدير والاحترام فى رومة » كرسول من الأمراء » اشبر بالشذود المشبى‎ 
ونحطاط الخلق من ناحية » وكصهر للك إيطاليا » إِذْ كان متروجا من ابنته‎ 
. الأميرة مافالدا‎ 
وكان هتلر قد كتب فى رسالته إلى موسوليبى يقول .. . و حزمت أمرق‎ 
الان على إعادة النظام وحكم القانون إلى نصابه فى وطى . وأود أن أؤكد لفخامتك‎ 


م 
بكل إخلاص وصدق » كزعم لإيطاليا الفاشية بأنى ١(‏ ) أعتبر هذه الحطوة مجرد 
دفاع قوى عن النفس و (؟) كنت قد برهئت للك فى ساعات إيطاليا الحرجة على 
صدق عواطى » وأرجو أن تتأكد بأن أى تبدل لن يطرأ على موقنى هذا فى المستقبل» 
و (") مهما كانت نتائج الأحداث المقبلة » فقد رمت حد"! نبائينًا بين ألمانيا 
وفرنسا » وهأنذا أرسم أيضا » حدا نبائينًا بين أمانيا وإيطاليا . إنه مر بريثر . 
وإن يكون هذا القرار فى المستقبل موضع نقاش أو تبدال » . 


وبالرغم من أن هتلر » كان متلهفاً على ال#صول على موافقة موسولينى بعدم 
التدخل فى الموضوع “كا فعل فى عام 4" : إلا أنه قرر أن - على العْسا » 
مهما كان موقف إيطاليا . وبيها كان أمير هيسى لا يزال فى طريقه إلى رومة » 
صدرت أوامره بالشروع فى عملية « أوزو » . وكان موسوليبى على عل بهله الحقيقة 
عنده| تسلم رسالة هتلر . وقد أدرك أن معارضته لن تجدى فتيلا » وكأن قد تبين 
منذ زيارة شو شنيج لبرحتسجادنت » أن المعارضة قى هذا الصدد » لا تتفق مع 
الفراهة السياسية . وكان كل ما بأمل فيه الأن » هو اللحصول على فائدة نتيجة 
استعداده للاعتراف بتعرض هتلر للااستفزاز . وقبيل الساعة العاشرة والنصف من 
ليلة الشمعة » كان الأمير فيليب ينقل إلى هتلر عن طريق الحاتف » رد الدوتشى 
على رسالته قائلا” . . . د هأنذا قادم من قصر البندقية » وقد قبل الدوتشى الموضوع 
كله بروح ودية صديقة مطلقة . وهو يبعث إليك بخالض احيراءه . , . ) 


وسر هتلر ببذه النتبجة سروراً بالغآً . فقد كان يعرف أن موسوليبى سبق له أن 
أعلن بشىء من الاندفاع العاطى بأن إيطاليا لن تسمح قط بأن تغدو العْسا 
القلحة المدافعة عن الحضارة المتوسطية » فريسة للدعوة ابحرمانية القومية ؛. وها هوذا 
يتأكد الآن من تأيبد الدوتشى » الذى لم يكن مقتنعاً فى أى يوم مضى » بأنه 

وراح يقول لرسوله . . . « أرجو أن تبلغ موسوليى بأننى إن أنسى له هذا 
الفضل أبداً , . . ) 


أمرك 8 سيدىي . 


14 

أجل لن أنسى له هذا الفضل أبداً . . .'أبداً . . . مهما حدث . 
وعندما ثم تسوية المشكلة الغسوية » فسأكون على استعداد للمضى معه جنباً إلى 
جنب » فى السراء ؛ واأضراء » مهما حدث من تطورات . 

أجل يا سيدى الفوهرر . 

-سأوافقه على كل ما يريده ... وف وسعاث أن تبلغه ٠»‏ يأننى أشكره 

أجل يا سيدى الفوهرر . 

.ان أنسى له فضله مهما حدث . واو حدث واحتاج إلى عون ؛ أو تعرض 
إلى خخطر » فى وسعه أن يثق بأننى سأكون إلى جانبه » مهما حدث » حتى وأو وقف 
العام بأبرة ضله . 0 

أجل يا سيدى الفوهرر» . 

وبعد يوبين » كان هتلر يكرر تأكيداته هذه واعترافه بفضل الدوتشى مدى 
الحياة فى برقية بعث يبا إليه فى العمسا الى كانت قد غدت بصورة رسمية م إحدى 
مقاطعات الريخ الثالث » » قائلا” . . . « لن أنسى للك هذا الفضل » . 

ورد عليه موسوليبى فق برقية جوابية يقول .. . «قررت الصداقة بين 
بلدينا الى بحسدها احور » موقنى هذا ؛ . 

ولكن تحتم على موسولينى على أى حال ؛ أن ووضح هذا الموقف للشعب 
الإيطالى الساخط » الذى كان قد استمع قبل بضعة أشبر إلى الدوتشى © وهو 
يعلن بأن ١‏ استقلال العْسا الذى مات دولفوس من أجله » سيظل أحد المبادى الى 
حاربت إيطاليا » وستحارب ف المستقبل من أجلها 6. ولم يكن فى وسعه إيضاح 
موقفه هذا للإيطاليين على النحو الذى أوضحه إلى تشيانوفى حديثه معه » عندما 
وصف الغسا بأنها د كلية غامضة مهملة كان لابد من زوالها من خارطة أوريا ؛ . 
وقد حاول فى #لس النواب » إسكات المعارضة بأسلوب يتطوى على المراوغة 
واللتداع » عندما راح يؤكد فى خطاب ملىء بالتبجح والادعاءات ٠‏ بأ إيطاليا 
لم يسبق لها أن تعهدت بصورة مباشيرة أولامباشرة » وخطيًا أو شفويًا » بالتدخل 
لإنقاذ استقلال الفسا : . ولكنه كان يكذبفى قوله هذا » وكان الشعب الإيطالى 


1.١ 
يعرف أيضاً أنه يكذبفق إدعائه . وساد الشعب الإيطالى » لأول مرة بعد مصرع‎ 
وبالرعم من أن المحور قد استطاع‎ ٠ ماتيوش » شعور عام وعميق من نحيبة الأمل‎ 
. البقاء بعد « الانشاوس : » إلاأن شعبية موسوليى المؤكدة قبلها » لم تستطع البقاء‎ 
وم يكن ف وسع أى مراقب ذكى للأمور ء أن يتجاهل الأخطار الى ينطوى‎ 
عليها بالنسبة إلى إيطاليا المماح لدولة قوية وحار بة كألمانيا بتوسيع حدودها إلى جبال‎ 
الألب » بالإضافة إلى ما فى هذا العمل الذى قام به الدوتشى من تبدل وضيع‎ 
» وفجاثى فى سياسته لإرضاء حلييف مقيت ومكر وه . ولا ريب أن هذا التبدل‎ 
. كان مناقضة صريحة لنظرية السياسة التارجية الإيطالية التقليدية كلها‎ 
ومشّل نصر الفسا لحتار نصراً كبيراً » بل وتحقيق أحد مطامحه الرئيسية . لكن‎ 
. هذا الضم كان فى الوقت نفسه ذقطة وثوب . باتجاه إمبراطورية أوسع فى الشرق‎ 
وكان منك نوقير عام 0 » قد تحدث فى اجماع سرى عقد دار المستشارية‎ 
فى برلين » عن عزمه على احتلال تشيكوساوفاكيا . وها قد بات الآن على استعداد‎ 
لتنفيذ خطته. ولم يحمل تأكيد الحكومة الفرنسية لضماذائها السابقة لتشيكوسلو فا كياء‎ 
على مل الحد . وقد أحس بتلك الحاسة السادسة الفامضة الى كان قد شرع‎ 
» يمن بصدقها عنده » بأن فرنسا كإنجاترا » لا ترغب فى الدخول ى حرب‎ 
وأن ف وسعه أن يتجاهل ادعاءانها واحتجاجاها . ولكنه رغبة منه ف التأكد من أن‎ 
الليوف سيدفع فرنسا إلى الانكماش » قرر قبل أن يقوم هذه اللحطوة الجاسعة أن‎ 
. يعمل على تعزيز احور وتقويته‎ 
وكان موسوليى قد وجه إليه الدعوة ى سبتمبر الماضى نزيارة إيطاليا. وف‎ 
الثانى من هايو عام م19 ء غادر الفوهرر برلين قاصداً رومه » وهو عازم‎ 
كا روى أحد سكرتيرىالسفارة الإيطالية فى ألمانبا » على إشباع غرور الإيطاليين‎ 
وإرضاء كبريامم » والتأكيد لهم بأن احور حقيقة واقعة . وكان قد فقد الكثير‎ 
. عند الإيطاليين نتيجة ضمه الئمسا » وتحم عليه أن يستعيد الأرض الى فقدها‎ 
وم يكن هؤلاء قد نسوا حادث المْسا » وك ذت مخاوفهم قد تجددت من المطامع‎ 
الاديج . يضاف إلى هذا أن الحكومة البر يطانية » أرادثت‎ ١ الألمانية فى منطقة‎ 
اهتبال فرصة ما تصورته من خيبة أمل الإيطاليين فق ألمانيا بعد موضوع العسا ؛‎ 


1١57 


وأن تحول دون مزيد من التوسع من جانب هتلر » فراحت تسوى مشاكلها مع 


موسوليى . 


وقد رحب تشمهرلين » .هذه التسوية الى اقترحها تشيانو » بالرغ من معارضة 
إيدن الشديدة لحا وهو العدو الا كيد لإيطاليا » "كا أسماه وشو 2 ودار نقاش 
حاد بين الرئيس البر يطانى ووزيره بحضور الكونت ديئو ج+راندى سفير إيطاليا ى 
لندن » أسفر عن الاستقالة الى قدمعها وزير اللخارجية إيدن » بعد يومين اثنين » 
وطرب موسولبى لاستقالة إيدن ٠‏ البى اعتبرتها الصحافةالإيطالية نصراً لإيطاليا » 
بالرغم من التعلمات الى وجهت إلى رؤساء تحريرها . بالحدمن الهليل نما عنافة 
تحول إيدن إلى « شهيد » عند الرأى العام البريطانى » وراح يقبل التسوية . بثبىء 
من السرور الممزوج بالتبرم . وكان يعرف أن أعمالهتلرى أوربا » قد عرزت 
من قليرته هو على المساومة » ومكن عن طر يق وعود غامضة وغير حاسية قدمها 
بالنسة إلى أوضاع أوريا الوسطى ٠‏ من الصو على |قرار بريطانيا بالق توحات 
الى قام مها فى الحبشة » وبتدخله فى أسبانيا » بالإضافة إلى ما حصلعليه من 
ضمانات مرضية ق' البحر الأبيض المتوسط . وكتب تشرشل ساخطً إلى إيدن 
يقول ... ٠.‏ لا ريب فى أن الاتفاق الإيطالى ٠‏ نصر كامل لموسولييى © . 
كان اها هذا هو عين رأى تشيانو أيضآ ؛ إذ ُ يستطم إخفاء احتقاره الملطف 
للإنجليز » لتخلييم عن الكثير من المواقع لإيطائيا. وراح يعلق على الاقتراح الذى 
قدم إليه لتوقيع الاتفاق فى عيد الفصح لأنه يصادف عيد ميلاد هاليفا كس وزير 
اللخارجية البريطانية الحديد بقوله . . . «حقءًا إنه اقتراح رومانطيق». وكتب ى 
#وميائه بشىء من الحماسة يقول . . . « لا ريب فى أن ممال الاتفاق واسع كل 
السعة . فهو يمثل بداية عهد جديد فى علاقائنا مع بريطانيا العظمى . إنها الصداقة 
على قدم المساواة » وهى الطراز الوحيد من الصداقة الذى يمكن أن نقبل به 
لندن أو مع غيرها» . وأضاف فى يومياته يقول . . ٠.‏ سيرحب الرأى ُ 
الإيطالى هذا الاتفاق » ترحيباً حماسياً » إذ أنه سيرى فيه به ويسياة ممكنة للتحلل من 
ارتباطاتنا ببرلين © . وحتقنا قوبل السفير البريطانى اللورد بيرث » عند مغادرته قصر 
شيجى بعد توقيعه على الاتفاق فى الأول من أبريل عام 1978 » من الشعب 


١1 

الإيطالىمقنابلة حماسيةء إذ تعالت له المتافات» كا نكررت هذه المقابلة الحماسية 
لتشيانو وهو يغاهر القصر إلى قصر البندقية » ليقدم تقريره إلى الدوتشى . ولح تكد 
تحل الساعة الثامئة من ذلك المساء » حبى كانث الحشود المتجمهرة قلا بلغت 
حدًا كبيراً أمام قصر البندقية » مما أرغم موسولينى على الخروج إلى شرفة القصر » 
لتلى هتافات هذه الجماهير . 

حقنًا لقد كان الاتفاق 5 نصراً » علىالنحو الذىوصفه فيه تشرشل . لكنه كان 
بالنسبة إلى البريطانبين شيئآً لا قيمة له البتة . فوسوليى لم ير فيه حظة واحدة . 
الخطوة الأولى فى سياسته للتحلل من التزاماته تجاه أمانياء» وإنما رأى فيه مجرد 
اعثراف آخرء بنفوذ إيطاليا المتزايد » وسلطانها النانى . وقد أرضاه غاية الرضى 
فى الواقع » أن ألمانيا قفسها اعتبرت الاتفاق من جانب واحد ء وكانيهذا الاعتبار” 
من جانيها أكثر إرضاء” له من الفوائد اأنى ستجنيها إيطاليا منه. ويبدو أنه لم يدرك 
الآن ولا فها بعد الفرص العظيمة الى أتيحت له فى اتباع السبيل التقليدى الؤسط 
بين ألمانيا والديمقراطيات الغربية » كالم يدرك أن شر يكه فى اخحور ؛ لابد وأن يزيد 
من توقيره له » بشكل يفوق احرامه له لو أنه كان واثقاً كل الثقة فى إمكانه . 
الاعهاد عليه . لكن موسوليى كان متلهفاً فى الواقع إلى التأثير على الأمان بصرامته » 
وبأن فى وسعه أن يطرح جانباً هذه الفرصة الى أتيحث له لاتباع سياسة دبلوماتية 
أكثر براعة وذكاعاً . 

وكانت هذه الرغبة فى التأثير على الألمان » قد نمت لديه بشكل واضح 
منذ زيارته الأخيرة لآلمانيا » وأضحت العامل المؤثر فى جميع سياساته . وكان 
اللورد بيرث قد احتج فى المراحل الأولى من المفاوضات لعقد الاتفاقالإنجليزى - 
الإيطالى » لدى تشياذو على الغارات ادوية الإيطالية على المد نالأسبانية . لكن 
الدوتشى م يازعج قط ع » كما قال تشيانو فى يومياته »من ملاحظات السفير 
البريطانى » وإتما « سر فى الواقم » لأن يعرف بأن الإيطاليينيثيرون الفزع فى 
العالم » بهذا التبدل الاستفزازى العدوانى الذى طرأ عليهم » بعد أن كاذوايسحرونه 
بمهارامهم فى العزف على القيثار » وكان يرى أن هذا سيرفع من أسهمنا فى ألانيا » 
حيث بحب الئاس فيها الحرب الشاملة الى لا تعرف الرحمة ؛ . 


145 
وقرر موسوليى أن نكون زيارة هتلر المقبلة لإيطاليا » مؤثرة بالقدر الذى حققته 
زيارته لألماأيا هو . وبدأ الإعداد لازيارة قبل موعدها بستة أشبر » وحرص تشيانو » 
على أن لا تفهم هذه الإعدادات » كما قال فى ييمياته د شبئاً عادينًا ٠‏ وريفيًا » 
ورخيصا : . ولذا فقد عنئ أشد العناية بتزيين الشوارع ؛ وبالرغ من أن الكثيرين من 
أضعاب الحوانيت رفضوا أن يرفعوا على حوانيهم صورة هتار » فإنهم أرغموا على أن 
يبدوا هذه الحوانيت فى صورة رائعة تنطوى على الرحيب . وقغى الدوتشى ساعات 
طوياة » وهو يشرف على الإعدادات: الى تجرى للعروض العسكرية » ويدرس 
بنفسه تفاصيلها . ويبدو أن جهوده قد حققت النجاح ؛ فقد كان أخيل ستارائى » . 
خم جميع أخطائه » مدير مسرحينًا رائعً . وكتب تشيانو يقول . . . 9 وكانت 
العروض' العسكرية فى منتبى الروعة , ولا ريب فى أن الألمان المين كانوا يشكون 

قدواتنا العسكر ية » سيغادرون بلادنا بانطباع حتاف تمام الاضتلاف » 


وليس ثمة من شك فى أن هتار قد تأثر فعلا . وبالرغم من أنه كان قد شهد 
عروضاً أكثر خبرة فى ألمانيا . وكان قد عرف بأن إيطاليا لا يمككن أن تحسب قوة 
عسكرية ضخمة » فقد أدرك -أن إيطاليا » حليف لا يمكن أن يتخلى عنه على 
الإطلاق . وبرهن مرسوليى ختلر » على أن من حقه أن يعتبره الزعم الوحيد فى 
العالى » الذى يستبحق المقارنة به . وسلك الفوهرر من ناحيته ساوكا ممتازاً . ولم يعد 
ذلك « المهرج الصغير السخيف 6 » الذى كان عليه عند زيارته السابقة للبندقية » 
وكان الغيب الوحيد الذى رآه الدوتثشى فيه هذه المرة أنه يبدو وقد صبغ وجنتيه 
وبالحمرة» » ليخى شحوب وجهه . وقد هتفت له الجماهير حماسة فى رومة 
وفاورنسه وابول » وخطب الحشود الحاشدة ببراعة واعتزاز . وراح بعان ها عزمه 
على عدم المطالبة بعودة التيرول الجنولى قائلا . . . « وإن إرادف الى لا تتحدول 
ولا تتبدل » ووصيتى البِى لا تتغير للشعب الألمانى ء هى أن يعترف بأن حدود 
الألب » “التى أقامتها الطبيعة بيئنا » ستظل دائماً وإلى الأبد دون أى تبدل » 
وسجل تشيانو انطباعاته عن هذه الزيارة بقوله . . . ولا ريب فق أن الفوهرر » 
حقق نجاحا شخصياً عظيماً » . وقد أفلح كل الفلاح فى إذابة الهليد الذى كان 
يحيط به . . . وأكسيته اتصالاته الشخصية مزيداً من الحب » ولا سما عند النساء ) 


١ 
ونم تحطر الصورة السخيفة الى ظهرت له وهو يغادر دار أوبرا سان كارلو » فى‎ 
ملابس السهرة والقبعة العالية » الانطباع الناجح الذى تركه عند الشعب الإيطالى‎ 

لكن الملك فكتور عماتوثيل » لم يكن راضياً » بالرغ من رضى القيادة الفاشية 
ققد كره هتار منل النظرة الأول » ولم يستطع أن يكسب ثقته » وكان بادى التبرمء 
عندما استضافه فى قصر الكيرينالى . وراح يقول .لوسولرى إن هتلر » طلب فى ليلته 
الأول فى القصر » امرأة ى غرفته . وأثار هذا الطلب موجة عارمة من السخط » 
فى القصر الملكى » ل بدأ إلا عندما فسر رجال حاشيته » طلبه بأن هتلر لا يستطيع 
النوم » إلا إذا رأى امرأة تعد له سريره . وقد تساءل تشيائو فى يومياته دهشا عن 
صحة هذه القصةٌ » معرباً عن شكه فى أن تكون أكذوية اترعها الملاك للتعبير 
عن كراهيته » مصيفاً إليها أن هتلر « يحقن نفسه بالحقن المهيءجة والمنومة » 
وأضاف تشيانو أن جو القصر كله . كان متعفنآ » إذ لا يعقل أن تحب أسرة 
مالكة يرجع تاريخها إلى ألف سنة » إلطريقة الى يعبر بها عهد ثورى عنذاته . 
ولا ريب فى أن هذه الأسرة » تؤثر ملكا صغيراً نافهاً على حثلر ٠‏ الذى تعتيره 
من محدلى النعمة . 

وقد كره هتلر الملك فكتور عمانوثيل ء ككره الملك إياه » وظل طيلة حياته 
كلها » يحمل حقداً وضغينة على أسرة سافوى الالكة وكانت هذه الكراهية 
التبادلة » تبدو واضحة عليبما فى الخالات الى كانا يظهران فيها مع فى 
الحفلات العامة . -لكن الود بدا هن الناحية الثانية جلينًا بين الفوهرر 
والدوتشى . وقد ظهر: التأثر علهما بجلاء فى المحطة : عندما وقفف مرسولررى يودع 
ضيفه أثر انئهاء زيارته » وبدا الفوهرر وهو ينظر إلى مضيفه نظرة حب وإخلاص 
كتلك الى تبدو على الكلب وهو ينظر إلى سيده . وقال الدوتشى موجها حديثه 
إلى ضيفه » ١‏ لن تستطيع قوة فى الأرض بعد اليوم » التفريق بيننا » . واغرورقت 
عينا هتلر بالدمع وهو يستمع إلى هذا القول . 

وعاد هتلر من إبطاليا » وقد وق من أن الدوتشى لن يتدخل فى الخطط الى 
رسعها لتشيكوسلوفاكيا . وبالرغ, من أنهلم يشر إلى الموضوع إلا إشارات غامضة أثناء 
الزيارة » إلا أنه كان يعرف أن موسولييى لا يحب التشيكبين وكان يشير إلى بلادهم 


145 
كا أشار من قبل إلى العْسا بألا « نقطة غامضة على الخارطة الأوربية ؛ . وراح 
الدوتئى يعهد الحو لتقبل الشعب الإيطالى » الحل الذى تراه ألمانيا للمشكلة 
التشيكية ع فأخذ يتحدث فى خخطبه عن ضرورة مواجهة المشكلة التشيكوسلوفاكية » 
و وحلها بصورة عامة» ... وقال فى إحدى طبه ... «وإذا كانت 
تشيكوسلوفاكيا تجد نفسها اليوم فى موقف دقيق » فإن هذا الموقف ناشى؛ عن أنها 
لا تضم التشيك والسلوفاك وحدهم ٠‏ وإتما تضم التشيلك والألمان والبولندبين وانجريين 

والروثنيين «الرومانيين والسلوفاك أيضاً» . 

ولى يكن قلق الدوتشى منصرفاً إلى أن الألمان سيحلون هذه المشكلة إذا تطلب 
الأمر بالقرة » بل إلى خخوفه من ان لا يبلغه الألمان بموعد عمليتهم مسبقاً؛ . فقد 
تلى برفاردو اتوليكو » سفير إيطاليا فى برلين التعليات أكثر من مرة » بأن يسأل 
ربينتروب » خليفة فون نوراث فى وزارة الخارحية الألمانية أن و يبلغه مسبقاً» الموعد 
التقريى للعمل الذى تزمع المانيا القيام به ضد تشيكوسلوفاكيا ؛ . ولكن عندما كان 
موسولينى يرى أن دبلوماتية هتلر » قد تستفز حرباً عالمية » وأن لهديداتها قد تخلق 
أزمة دولية » كان ينتكمش متراجعاً ؛ ومعيداً النظر فى موقفه » متسائلا” عما إذا كانت 
المصلحة تقضى بأن يواصل تأييده لمتلر » بلا قيد أو شرط . ويقول تشيانوء 
إن تشمبرلين كان أكثر اههاماً من الدوتشى بالوصول إلى اتفاق سلمى . لكن 
الدونشى أخد يحس ف الواقع بأن هتلر يقترب من شفير الحرب » وشرع يدرك 
خطورة السماح لبلاده هو » وهى على ما هى عليه من اتقار إلى الإعداد » بأن 
ترغم على الدخول فى الصراع » ل فى ذلك من تعريض ١‏ لبلفته؛ الدعية مخطر 
الانكشاف . وراح يسر إلى وزير خارجيته تشيانو قائلا” . . . 9 لو قددر للحرب 
أن تنشب فى ألمانيا وبراج وباريس وموسكو » فسألترم جانب الحباد ؛ . 


وبدت الحرب ف الثامن والعشرين من سيتمبر » حتمية الوقوع . وكان من 
المفرر أن تنتبى مهلة الإنذار الذى قدمه هتلر إلى التشيكيين ى جودسيرج 
قبل أربعة أيام فى الساعة الثانية من بعد ظهر ذالك اليوم . وتِلى مقر وزارة الحارجية 
الإيطالية فى قصر شيجى فى ذاك الصباح » محادئة هاتفية عاجلة . فقد تطلع 
البريطائبون من جديد إلى مرسوليى ٠»‏ ليؤثر على هتلر ويحمله على الاعتدال . 


١217 


وتساءل السفير البريطانى اللورد بيرث » عما إذا كان فى مكنته أن يل الكونت 
تشيانو على الفور . وسجل تشيانو فى يومياته أنه استقبله على الفور » وأن السفير 
أبلغه بكثير من المياج العاطى ٠‏ بأن تشمبرلين يناشد الدوتشى + أن يتدخعل تدخحلا” 
وديا فى «هذه الساعات الحرجة الى يعتبرها آخر فرصة لاقيام بعملى ما لإنقاذ 
السلام والحضارة ٠‏ . 

وطرب موسوليى لهذا التطور . واعترف بأن من الخير له أن يبدو كصانع 
للسلام » على أن يغامر فى الانجذاب إلى حرب . لم يستعد للحوضها . يضاف إلى 
هذا أن أعين العالم بأمره » قد شخصت إليه . وراح يأمر تشيانو » ,بأن يطلب 
برلين هاتفيآً » وعندما بات سفيره اتوليكو » على الحانب الآخر من اللحط » 
تناول الدوئشى مماعة الحائف وأمره بأن بمضى لتوه إلى هتلر » ليؤكد له وقوف إيطاليا 
إلى جانب أمانيا » وليقترح عليه تأجيل التعبثة العامة أربعاً وعشرين ساعة 
وأضاف قائلا” . . . «أريد الرد قبل الظهر » . 

كانت الساعة قد تجاوزث الحادية عشرة . وهرع اتوليكو مببط سام السفارة 
راكضا » ليقفز وقد تقطعت أنفاسه بى أول سيارة أجرة . وعتدما وصل إلى دار 
المستشارية » كان. هتلر مجتمعاً مع اندريه فرانسوا بونسيه »سفير فرنسا ى برلين» 
الذى جاء حمل إليه » وف اللحظة الأخيرة » عرضاً من الحكومة الفرنسية . وانطلق 
ضابط من ضباط الحرس التازى » إلى مكان الاجماع . ليعلن للفوهرر » أن 
اتوليكو » قد وصل حاملا رسالة إليه من الدويّشى . وسرعان ما فارق هتلر زائره » 
ليجتمع بالسفير الإيطالى . وقرأ رسالة الدوتشى الى كان اتوليكو قد ترجمها إلى 
الألمانية » فتردد لحظة واحدة ثم أعلن للسفير » قبوله » بوجهة نظر موسوليى . 
وقد اعترف هتلر فها بعد بخورنج » بأن رسالة موسولييى جعلته حائراً فى أمره » 
ولم يستطع التأكد هما إذا كان رفضه اقتراحه » لن يثدى إلى أن بتخلى الدوتشى 
عنه ليضى فى طربقه وحيداً . وبعد بضع ساعات ٠»‏ كان اتوليكو ؛ يقول للسفير 
البريطاى فى برلين » ثيفيل هندرسون إن « الشيوعيين قد نحسروا فرصهم اليومء 
إِذْ لو قطعوا أسلاك الحاتف بين رومة وبرلين » لكانت الحرب العالمية قد نشبت 4 . 

وأعلن نفيل نشمبرلين » رئيس وزراء بريطانيا فى مجلس العموم فى الساعة 


14 
الثالثة من بعد ظهر ذاك اليوم » موافقة هتلر على التأجيل . . . ومفى رئيس 
الوزراء يقول وقد استبدت به العاطفة »ء عندما تلى وهو يلق كلمته ؛ رسالة جديدة 
قرأها بعد أن قطع خطبته . . . وهذا ليس كل مافى الأمر . فلدى الآن ما أضيفه 
المجلس الموقر . فد تلقيت الآن دعوة من المر هثلر  »‏ للاقاته غداً صباحاً ى 
مونيتح . وقد وجه دعوة ممائلة إلى كل من السنيور موسوليى والمسيو ديلادييه 
وقد قبل الستيور موسولينى الدعوة » وليس لدى من شلك فى أن المسيو ديلادييه 
سيقبلها . وغنى عن القول » أننى سأرد علها بالإيجاب أيضاً » . ش 
لكن موسوليى » رأى هن ناحيثه إن سرور تشمبرلين واعتزازه كانا ق غير 
موضعهما . وعندما هتف له تشيانو ليبلغه قرار هتلر . علق عليه بشىء من الرضى 
قائلا . . . و لن تكون هناك حرب » ولكن هذه هى مبهاية مكانة بريطانيا وهيبها » . 
وعندما مضى فى طريقه إلى أمانيا فى تلك الليلة » راح يفصل رأيه هذا قاثلا 
بشىء من النكتة والمزاح. . . « عندما ترى بلادا تعبد فيها الحيوانات إلى الحد الذى 
يقيمون ها فيها مقابر ومستشفيات ومساكن . وتحمل الرسالات إلى الببغاوات 
تنقلها » فى سعك أن تتأكد بأن الانحلال قد دب فيها . وهذا الانحلال عوامل 
عديدة » من بينها تركيب الشعب الإنجليزى نفسه . فهناك يزيد عدد النسوة أربعة 
ملايين على عدد الرجال ! أجل أربعة ملايين من النسوة اللانى لا يجدن النرضية 
الحنسية » فيخلقن مجموعة مصطنعة من المشاكل » لإثارة غرائزهن أو إطفائها . 

وهن عندما يعمجزن عن عناق رجل واحد » نحاولن معائقة الإنسائية جمعاء ) . 

سضى ف مثل هذه الأحاديث حتى ساعة متأخرة من الليل . أجل كان 
فى نشوة روحية عالية . فقدا آمن أن نفوذه وحده » هو الذى حقق مثل هذا 
الاجماع . فهو وحده القادر على مناقشة هتلر » وكان تبنيه لفكرة الحادثات هو 
الدى أمّن للفوهرر السبب الذي يغطى به تراجعه» وقبوله التفاوض . ول يوافق هثلر 
على الدخول فى أية محادثات إلا إذا كان الدوتشى -حاضراً لها شخصياً . وقد أوكل 
إليه فوق ذلك كله ء اختيار مكان الاجماع ٠‏ إذ اقترح هتلر فرانكفورت أو مونيخ » 
وهو الذى اخختاو ثانيتهما . 

وتوقف القطار » فى كوفشتاين » أى قبل وصوله إلى مونيخ بسبعين ميلا » 


144 
ليستقله هتلر ومعه أمير هيسبى » فقد كان الفوهرر جد تواق للتحدث إلى الدوتشى 
على الفراد » قبل بدء الاجماع . ودعاه هتلر إلى عربته حيث عرض عليه بعض 
الخرائط المكبرة » للبلاد الى يعتزم ابتلاعها . وكان يصر على أنه سيفرض حله على 
تبشكوسلوفاكيا بالقوة فى حالة فشل المؤتمر . ووجد الدوتشى صعوبة بالغة فى إقناعه 
بأن لايحكم على المؤتمر بالفشل قبل الشروع فيه » ولم تبد على هتلر علائم الرضى + ' 
إلا عندما وعده الدوتشى بأن تقوم إيطاليا بمساعدة ألانيا فى حالة فشل المؤآتمر . 
ومضى الفودرر يقول . . . « لا ريب فى أن اللحظة الى سنحارب إنجائرا فيها جنياً 
إلى جنب . قادمة عما قريب » . ولح يرد موسوليى على هذا القول » وظل هتلر 
فى حيرة من أمره ومن مدى قدرته على الوثوق كساعدة إيطاليا وعونها . 
وأعاد الفوهرر ظاهرة عناده من جديد » عندما التأم شمل الاجماع بعد 
بضع ساعات ق دارة الفوهرر قى كوينجر بلائز . وقد هبط درج الدارة 
لاستقبال ضيوفه وقد بان اللإصرار والتصمم على وجهه . وحيا الوفد الإيطالى بشىء من 
من الحرارة « الموزونة 6 بيها صافح بمنبى البرود وابحمود كلا من تشمبرلين وديلادييه. 
وراح يعلن زائريه على الفور » بكلمات متسارعة تطبعها الإثارة واللحماسة ء إنه 
أبلغ العالم بأنه يعترم العمل ضد تشيكوساوفاكيا » ولكن قيل له بأن عمله هذا حمل 
طابع العنف » ومن هنا كان من واجب المجتمعين أن « يلوا العمل من مثل هذا 
الطابع ؛ لا سها وأن العمل يجب أن يقع على الفور ؛ . 
ولكنه بالرغم من هله العبارات القاطعة الخاسمة » بدا عصبى المزاج » وغير 
واثق من نفسه . وعندما اننهى من حديثه ؛ نأى عن الآخخرين » ووقف إلى جانب 
الحائط وقد بان عليه القلق » يتطلع إلى موسولبى ٠»‏ الذى بدا على النقيض من 
زميله فى منهى الثقة . وى صورة الوصى على ا#تمعين » يمخطو فى الغرفة جيئة 
وذهاباً » وقد وضع يديه فى جيبيه متحدثا بفرنسية طليقة إلى ديلادبيه . ويأمانية دقيقة 
إلى ريبثر وب » وبإنجليزية صعبة وإن كانت سليمة إلى تشمبرلين . وراح تخرج 
من جيبه مذكرة تضمنت كل الاقتراحات الألمانية الى نقلها إليه سفيره اتوليكو 
هاتفياً قبل مغادرته رومه » بعد أن أدخعل عليها تعديلات طفيفة . وقبل الآخرون 
المذكرة على أنها من وضع موسولينى » وإن الألمان على استعداد لتقبلها كأساس 


م١‏ 
مرض للبحث + وأعربوا عن استعدادهم لدرسها بدقة وعناية . وأعدت مسودات 
أخرى ونوفشت . ولكن مذكرة موسولييى هى الى ألفت أساس الاتفاق الذى 
تم التوقيع عليه فى الساعة الثانية من صباح الثلاثين من سيتمبر . وكان موسوليبى 
قبل التوقيع بساعات قد أدرك أن هتلر قد فاز بكل ما أراده تقريباً » وأن المناقشات 
التى استطالت » كانت فى الواقع دون أى جدوى . ولم يشترك تبعاً لذلك فى هذه 
المناقشات ونجح فى أن يوحى لتشمبرلين بالانطباع بأنه د رجل هادئ كل الحدوه ؛ 
ومتحفظ بالغ التحفظ ٠‏ إلى الحد الذى بجعله يبدو وكأنه نخائف من هتلر » 
وخيل إلى ايفون كيركبا تريك الذى شبد الاجماع أيضاً » بأن مسوليى كان 
بالرغ من ثقته الظاهرة بنفسه » خائفاً من هتلر» وإنه بدا وكأن «حملا” ثقيلا” 
قد أزيح عن منكبيه نتيجة الاجماع ؛ . 

وأحس تشيانو بالارثياح أيضا للنتيجة » وظل يرقب الدوتشى وهو يقف مترفعاً 
على الآخرين» مما أثار إعجابه » وراح يكتب فى يومياته قائلا”. . . د كانت روحه 
عالية دائماً سباقة للأحداث والرجال » وكانت قد استوعبت فكرة الاتفاق » 
وبيها كان الآرون يحهدون أنفسهم فى مناقشة بعض القضايا الشكلية » كان هو ء 
قد فقد كل اهيّام بالمناقشة . فقد اننهى الموضوع بالنسبة إليه » وراح فكره يحول فى 
فواح أخرى 6 . 

وبالرغى من أن هتلرظل فيا بعد يعرب عن عدم رضاه عن اتفاق مونيخء إلا 
أنه بدا فى ذاك اليوم بشارك نشيانو إعجابه بالدوتشى . وقد ذكر فرانسوا بونسيه 
أنه ظل يرقبه باستمرار 3 وقد بدا عليه الإعجاب الذى يلغ حد السحر . فلو ضحلث 
الدوقشى . ضححلك لضحكه ؛ ولو عبس » شاركه عيوسه 6 . 

وهللت إيطاليا للدور الذى أداه الدوتشى معتبرة إياه نصراً عظيماً . وجاءه الملك 
من فلورئسه إلى دارته الريفية ى سان روسورى » لببنثه على ما فعله » وعندما وصل 
الفطار الذى يقله مدينة رومه » احتشدث جماهير غفيرة من الناس » جاءت 
لتحييه بحماسة لم يكن لها مثبل على حد تعبيره هوء منذ أعلن قيام الإمبراطورية 
الإبطالية . لكن هذه الهماسة لم تعجبه وم ترضه ٠‏ إذ أن لقب « ملاك السلام : 2 
الذى سمع الناس يبتفون له به مصحوبا بلقب ١‏ الدوتشى » » ل يكن من الألقاب 


1١ 


الى تعجبه . وعندما رأى قوسا من أوراق الزيئون وقد أقهم عبر شارع ١‏ ناسيوفالى ؛ 
الذى مر منه موكبه » لم يستطع أن يكبت غضبه » فانفجر قائلا ١...‏ ومن 
المسئول عن هذا الكرنفال ؟ 6 وكان يرى أن الواجب يقضى يعدم السماح للشعب 
الإيطالى بأن يتعلق بأهداب السلام 2 وأن ( القتالك » جب أن يصوغ طبيعته 
وشخصيته ) . وحزع أمره على عدم السماح لشعبه بأن يرى فيه صورة أخرى 
لتشمبرلين و صانع السلام » » لأنه رأى فى هذه الصورة ما نحط من قدره »؛ 
وقرر أن يحتفل بعودته إلى إيطاليا بساسلة من الحطب الى يرغمه فيها » ولا سيا 
البورجوازيين من أفراده » الذين كانوا فى حاجة إلى « من يبقر لمر بطوتهم ؛ » 
على تقبل أمانيا المعتدية كصديقة م وحليفة بدلا من فرنسا الى يجب أن ينظرءا 
إليبا كعدوة . وكان يقول لنفسه . . . ولا يمكن لإيطاليا أن تتحول إلى بروسيا » 
ولكننى لن أسمس للإيطاليين بأن يعيشوا ى سلام إلى أن أموت » . وكان قد تحدث 
إلى تشيانو قبل بضع سنوات بقوله . . . «إننى أعد للإيطاليين مفاجأة مذهلة » 
فعندما ننتبى من أمر أسبانيا سأذيع عليهم بياناً تاريخي؟ . وكان وزرائه قد ألفوا أن 
: يقبلوا منه مثل هذا الوعيد إليبم بشىء من التحفظ » ولكنهم لم يستطيعوا إلا أن 
يتبينوا هله المرة أنه جاد فيه . وراح فى السادس والعشرين من سيتمير ؛ يبلغ 
تشيانو » بأنه قد حزم أمره على إعلان التعبئة العامة فى اليوم التالى » لإرسال قوات 
إلى ليبيا » مما حمل تشيانو على الاعتراف فيا بعد بأنه كان قد صدق ما قاله 
الدوتشى . وأفضى تشيانو إلى صديق له فيا بعد » يأله خشى حقا فى أن يمفى 
الدوتشى إلى الحرب ٠»‏ لإثارة البورجوازيين الذين يكرههم ٠‏ والذين كانوا لا ينفكون 
عن إظهار فزعهم من مغارم السياسة الفاشية » ومن البيروقراطية الضخمة الى كان 
الفاشيون قد أنشأوها . وأظهرت أرقام الإنفاق الحكوى الى نشرت » وجود عجز 
يتزايد باستمرار © إذ ارتفع من نهو ألى مليون لير إيطالى فى عام ١974‏ ه191 
إلى ما يربو على أحد عش رألف مليون فى عام /2198-195 وما يزيد على تمانية 
وعشرين ألف مليرن فى عام  !988‏ 1440 » وقد عزا موسولييى » انسجاماً منه 
مع طبيعته » هذا القلق المتزايد عند أفراد الطبقات الوسطى إلى اهعامهم الأنوى 
بمصالحهم الخاصة ورخائهم » وإلى رفضهم الاعثراف بالمصلحة القومية » أو على 


0 
حد تعبيره المشبور والدعى . . . ١‏ بالتوجيه التاريى والكلا سيكى 2 للأساليب 
الفاشية 1 . وكان الأغنياء أيضاً مترددين فى تأييدهم إلعهد ٠‏ وقد سرت الهم أيضا 2 
عدوى الأفكار البورجوازية . وقال إن من الواجب ضربهم باهراوات » لإرغامهم 
على عدم الأثرة والانضباط ء وعهد إلى سترائى بأن يدرس إمكان القيام بإجراءات 
ضد البورجوازية 2١‏ . وعلى قادة الحزب أن يكونوا قدوة فى الأخلاق الفاشية 
المناهضة للبورجوازية بعدم ارئداء الياقات ١‏ المنشاة : » وأم النوادى الليلية » واحتساء 
القهوة . وراح يدرس فيا بعد إغلاق البورصة » وإلغاء الدرجة الأول فى القطارات » 

ومنع رياضة الولف واستيراد الجلات والملابس والكتب الفرنسية . 

وكان قد شرع فى حملته على فرنسا منذ عدة أشهر . وتحفل يوميات تشيانو 
فى شهر مابو عام ١488‏ بالإشارات إلى هذه الحملة . فى الثالث عشر من مابو » 
وصف الوزير زعيمه بأنه « أتحذ ييل شيئاً فشيئاً إلى إظهار عدائه لقرنسا ؛ . 
وكان يصف الفرنسيين بأمهم شعب « حطمته الحمر والأمراض السرية والصحافة » . 
وراح فى اليوم التالى يلى خطاباً فى جنوه وقد تحدث عنه تشيانو بقوله : « كان 
خطاباً عنيفاً فى عدائه لفرنسا . وراحت الماهير تصفر هازثة يفرنسا » ونضحك 
من اتفاقها مع لندن » . وعندما حل السابع عشر من مايو ©» كان لا يزال يوجه 
حملاته العتيفة إلى فرنسا . وبل به الإجهاد والعنف يعد يومين مداهما . ونقلت 
إليه برقية بعد يومين كان السفير الفرنسى قد بعث بها إلى حكومته » وقد تضمنت 
ملاحظات مهيئة له ء» فثار غضبه إلى -حد اللحتون 4 . 

واستمرت الحملة بعد اجمّاع مونبيخ إلى أن أصبمحت المظاهرات العدائية 
لفرنسا فى مستبل شهبر ديسمبر أمراً مألوفاً . وراح موسوليى يسر فى التاسع من 
ديسمبر إلى تشيانو » بأن الأمور قد جاوزت الحد فى الوقت الحاضر » وأن من 
الواجب تلطيف املة المعادية لفرنسا بعض الثئىء »ع ومضى يقول ..« ولو 
استمرت الحملة على هذا النحو فسنضطر إلى أن نحمل المدفم على الكلام ) 

)١(‏ لعل من الحقائق الثابتة أن الناس يلون إلى أن يستتكريا يمنتهى العنف ٠‏ كل ما مخشونه 
أشد الفشية » ويكرهونه بالغ الكره . وكان موسوليئى الشاب بالرغم من بوهيميته المفرطة » يعى بأن توعد 
صوره » وهو مريّد ثياباً مقبولة جميلة » وقد أعد بطاقاته وقد حملت لقب « الأستاذ» » وهو االقب اللى 
كان تحمله وهو يزاول مهنة التدريس . «الإلف» 


ول 
ولكن الوقت لم يحن بعد لحديث المدفع . ولم يكن القصد من شن هذه الحملة منذ 
البداية أن تكون مقدمة إلى الحرب » وإثما كان القصد مها إعداد الرأى العام لتقبل . 
التحالف العسكرى اللحطى مع ألمانيا . 

وكان ريبنتروب » هو أول من اقترح هذا الحلف » أثناء الزيارة الى قام بها 
هتلر لرومه فى شهر مايو الماضى » لكن موسوليى بالرض من رضاه على الفكرة 
بادئ ذى بدء » راح يصدر تعلياته إلى تشيانو » بالبرب من الحديث فيا . 
وعاد ريبنتروب فأثار الموضوع من -جديد ف مونبخ »إذ دون تشيانو فى يومياته بقول . 
إنه يصن الحلف بأنه أعظم شىء ف العالم . لكن هذا الرجل ميال إلى المبالغة 
دائماً . ولا ريب ف أننا سندرس موضوعهء عنتهى العناية » وقد نؤجل البحث فيه 
مدة منالزمن » . حقنًا كانت هذه هى إرادة موسوليى وتوجهاته له . 

وم يكن وزير سخارجية ألمانيا » أكثر نجاحاً فى هذا الصدد عئدما زار رومه 
فى شبر أكتوبر . وقرر تشيانو الآن بعد أن انجلت فورة الحماسة المبكرة . 
إنه لا يحب هذا الرجل ولا يستلطفه » ومع ذلك » فقد ظل يصغى إليه » ومو 
يتحدث عن إنجلترا » كا تتحدث العشيقة المهجورة عن «صديقها الحائن » » 
ويقول للدوتشى بلهجة الأستاذ لتلميذه » إن الحرب قادمة لا ريب فيها » وإن 
الضرورة تقفى بتحويل ميثاق مكافحة الشبوعية إلى حلف عسكرى يضم اليابان 
أيضاً . وكان موسولينى كيساً فى حديئه إلى زائره» إلا أنه رفض أن يعده بشىه ؛ 
وقال إن الرأى العام الإيطالى لم ينبي بعد لهذه الخطوة الى لا بد وأن تلى معارضة عنيفة 
من القادة العسكريين ويمثلى الطبقة الوسطى » بالإضافة إلى معارضة الكنيسة الى ساءت 
علاقاتما كل السوء بالحكومة الألمانية » وإلى مقاومة الملك الذى يكره الألمان أكر 
من كراهيته للفرنسيين » وأكثر من نشهيه الاسترلاء على كورسيكا الفرنسية . 

لكن الخصومة مع فرنسا كانت قد أرغمت ملق © كا .شي لا أن 
أرغمته إبان الحرب الحبشية » على الإكثار من الاعماد على دعم ألائيا ومساعدتا . 
وقد استبد به القلقش » عندما سمع أنه فى الوقت الذى كان يطالب فيه علناً بكورسيكا 
وئيس وتونس من فرنسا » كان ريبنتروب يزور باريس ع وبوقع مع حكوهما رغبة 
منه فى إيقاع الفرقة بينها وبين ' بريطانيا » إعلاناً رما بضمن فيه الحدود الراهنة بين 


164 ' 
فرنسا وألانيا . واشتد قلقه وتعاضم . عندما وصلت إلى مسامعه شائعات الاتفاق 
العسكرى بين بربطانيا وفرنسا . وشائعات أخرى تقول إن أمربكا تعترم تقدم 
المعدات الحربية إلى الدول الديمقراطية إذا اقتضى الأمر ذلك . يضاف إلى هذا : 
أنه كان بأمل على الغالب * فى أن يصبح فى حالة توفيعه ميثاقاً عسكرياً مع 
أكانيا » أكثر قدرة على التأثير على سياسات ألمانيا . وتوصل فى نباية عام ١996.‏ 
إلى الاستنتاج » بأن التسويف والمماطلة لم يعودا ممكنين . وراح تشيانو يبلغ سفيره 
انوليكو ف الثالث من يناير » بأن ينقل إلى الألمان استعداد الدوتئى عما قريب 
لتوقيع معاهدة التحالف . ودون تشيانو فى ,ومياته فى هذه الأونة يقول . . . 
١‏ وكان اتوليكو فى الماضى معاديا لفكرة التحالف مع ألمانياء ولكنه بات الآن .ويد 
لا كل التأييد ٠‏ وراح يقول إن؛ الأجازة الى قضاها أخيراً فى إيطاليا » قد اقنعته 
بأن ليس ثمة ثىء نال تأبيد الشعب الإيطالى . أكثر من الحرب مع فرنسا » . ول 
يحض يومان حبى كانت التعليات قد صدرت إلى أخيل ستراشى . فالدعاية ضد 
فرنسا يجب أن تستمر وتتسع » بحيث يمكن إعلان توقيع الحلف فى اللحظة التى 
يبلغ فيبا العداء لفرنسا ذروته » وإن عليه أن يعد العدة لإقامة مظاهرات عدائية 
لفرنسا فى اللحظة الى يعلن فيها عن توقيع الحلف . لكنهذه التعلماث سرعان 
ما أتيعت بطلب التأجيل إذ أن رئيس وزراء بريطانيا سيزور رومة قريبأ » وإن من 

اللجير الريث فى الشروع فى الحملة حتّى تنتهى هذه الزيارة . 

وكان تشمبرلين هو اللى اقترح هذه الزيارة . ؤكان قد آمن بأنه قد توصل 
إلى تفاهم مرض. مع هتلر » وأن عليه أن يتأكد الآن من صداقة إيطاليا أيضا . 
وكان على استعداد كغيره من ذوى الإدراك العديدين فى بريطانيا ؛ لنسيان المغامرة 
الخبشية ؛ ولإقامة علاقات جديدة مع إبطاليا على أساس اها فات مات ؛ على 
حد تعبير ذافف كويراا) . وكان الكثيرون من أعضاء سحز به (؟) » قد امتنعوا 
عن استدكار اهجوم الإيطالى على الحبشة فى نحينه ؛ وكانوا على استعداد 5 ذكر 
المسر مايكل فوت فى كتابه الرائع والساخر ٠‏ ااغفران والنسيان . وهكذا مذرى 

)١(‏ من وزراء المحافظين + وكان قد استقال من حكوية تشمبرلين فى عام ١5#‏ استجاسا على 
مبياسة الترضية ألى اتبعتها مع هعلر , 

(؟) يعى حزب أنمانظين . نه المرب » 


و ة+ 
تشمبرلين إلى إيطاليا » وكله أمل فى أن يتمكن من استغلال هذه الحقيقة » 
أما إذا أفلح فى خلق شقاق بين رومة وبرلين » فهذا عين الصواب . وراح يكتب 
إلى روبة » بعد أن حصل على موافقة متبرمة من الحكومة الفرذسية » مقترحآ عليها 
أن يقوم فى شهن يناير بزيازتها مستصحاً معه » وزير خارجبته الاورد هاليفا كس . 
لكن الزيارة فشلت كل الفشل » بل كانت مصدر ضيق شديد » بالرغم 
من اللحهود الخائلة الى بذها تشمبرلين لإنجاحها » والظهور بمظهر مرض . فقد 
ذكر موسولينى بأن ١‏ الإنجليز يحملون عقوم فى أقفيتهم 0 » وراح يقول لزرجته 
إن «تشميرلين وبظلته سيصلان إلى رومة» . وبالرغ من اعترافه فها يعد بأن 
أحاديث رئيس وزراء بريطانيا كانت ١‏ أكثر مرحا من أن تصدر عن إنجليزى ؛ » 
فإن تأثره به فى هذه الزيارة ء كان أقل من تأثره عندما التقاه أول مرة فى مونيخ . 
وكانت التعلمات قد صدرت إلى ستراشى بأن لا يكون استقبال تشمبرلين وهاليفا كس 
حماسي ورائع . وقد نفذت هذه التعلمات تنفيذاً دقيقاً . فقد استقبل الضيفان 
الإنجليزيات بمنتهى الدمائة المتحفظة . وبالرغم من لطف موسولبى فى لقائهما » 
ومن تظاهره بالسرور عندما قدم إليه الرئيس البريطانى صورته وقد وقع عايها » 
إلا أنه كان يتحدث عنبما فى غيابهما بكثير من الامتبان الذى يبلغ حد الزراية . 
وراح تشيانو يسجل ى ييمياته » يعد أن سافر الضيفان » وبعد أن رأى عبى 
تشمبرلين تغرورقان بالدمع عندما تحرك به القطار » وهو يستمع إلى بعض أفراد » 
الخالية البريطانية فى رومة ينشدون . . : «حقاً إنه رجل مرح طيب » . . . ما نصه . 
دما أبعدنا عن هزؤلاء الناس » [مهم يعيشون فى عالم آخر » . وقد كنا نتحدث عن 
هذا الموضوع بعد العشاء مع الدوتشى ؛ وقد تحلّةنا فى زاوية من القاعة ... وتمعت 
الدودئى يقول .. وإن هؤلاء الناس من معدن يختلف عن معدننا » بل وعن معدل 
فرنسيس دريك 2١١‏ » وغيره من المغامرين العظام الذين خلقوا إمبراطورية بريطانيا . 
إنهم الأحفاد الجهدون لحلقة طويلة من الأجداد الأثرياء ولا بد من أن يضيعوا 
إمبراطوريتهم ) . وقد أعرب الدوتشى عن نفس هذا الازدراء » بعد بضبعة أسابيع » 
)١( 0‏ السير فرانسيس دريك (1644-+104) - مكتشف إتجليزى مشهود وين أشبر قادة 
الأسطول البر يطاف » إذ إليه يرجع الفضل فى قهر أسطول أسبائيا الحظيم (الأرماده) » اللى أعدته أسبانيا 
لغزو إنجلارة , « المعرب ٠‏ 


ل 
عندها عرض عليه اللورد بيريث » خطابآ كان المستر تشمبرلين يعتزرم إلقاءه فى 
مجلس العموم » لبنال موافقته عليه . وراح الدوتشى يقول . . . ١‏ أعتقد أنها المرة 
الأول فى التاريخ . حيث يقوم رئيس للحكومة البريطانية بعرض مسودة خخطاب 
يعترم إلفاءه » على -حكومة أجنبية . حقاً إنها نذير شوم لهم  »‏ وقال فى »ناسبة 
أخرى » إن من الطبيعى أن مخْثى الإنجليز الحرب وفكرتها خشية كبيرة . 
فهذا أمر متوقع من شعب يعيش حياة الدعة والاسترخاء ٠‏ ويجعل من الاعب 
والأكل . ديانته الى يثمن بها . وكانت العقيدة الفاشية معادية كل العداء 
هذه الفكرة . فقد كتب فى مقال مشهور وبتوقيعه الصريح ؛ فى دائرة المعاروف 
الإيطالية (انسا يكلو بيديا ايتاليانا » » يقول إن « الفاشية لا نؤمن باحهال دوام 
السلام ولا يجدواه . . . فالرب وحدها هى الى تستثير طاقات الإنسان كلها 2 
وتضعغ طابع الثبل على أولئك الدين يجدون الشجاعة لمواجهتها . 6 وكانت هذه 
فلسفة ولا يستطيع الإنجليز حى أن يشرعوا ىق فهمها » . وراءح يتساءل فى خطاب 
لاحق ألقاه ؛ ضمنه هده المقاهم الخاطئة عن الحياة الإنجليزية بشكل مهول 
يستثير إعجاب سامعيه قائلا . . . ( ولكن ماذا ينتظر على أى ,حال » من شعب 
يرتدى أفراده ملابس السورة » إذا ما أقبلوا على تثاول الشاى بعد الفلهر » . 

وتحدث تشيانو هاتفياً إلى ريبنتروب » بعد اتتهاء زيارة تشمبرلين ؛ ليؤكد له 
أن اجماعه بمرسوليتى لم يسفر عن شىء » ثم قال « كان اجتاعا فاشلا ولا أهمية 
له على الإطلاق » . وهكذا مغى العمل قى إعداد صبغة الحلف العسكرى . 
لكن صدمة أصابت المحور قبل توقيعه » كادت تودى به إلى الانبيار . 

فى الرابع عشر من مارس عام 1989 » عبرت اللحيوش الألمانية دون استشارة 
موسوليى المسبقة » الحدود التشيكوسلرفاكية » ليصل هتلر إلى يراج بعدها بروم 
واحد . واشتد غضب موسوليى عنلما نقلت إليه هله الأنباء . وراح يقول بعد أن 
زاره الأمبر فيليب هيسى مبعوث هتلر الشخصى » ليشكره كالعادة على تأريده .. 
« عودنى الفوهرر » على أن يبعث إلى برسالته » بعد أن يحتل بلدا ما » . 
ثم مفضى يقول فيا بعد . . . ولا شك فى أن التحالف مع ألانيا سخف مطبق » 
لا ترضى به حبى الحجارة الى تقم صرحه ؛ . لكن غضبه مرعان ما تحول إلى 


١6/ 
أبى . فعندما علق تشيانى بثىء من البكم » قائلا 3 إن انحور يعمل لمصلحة أحد‎ 
علينا‎  . . . يقول فيه‎ ١١ جانبيه ليس إلا ؛ » رد مرسوليى ببيت من شعر داننى‎ 
أن نتجنب إثارة غضب الرب بأعداء الرب 6 . وأضاف يقول » علينا أن نقبل‎ 
خداع الألمان» برحابة صدر . وكان قد توصل الآن إلى الاستنتاج بأن هتلر‎ 
غدا أقوى من أن يستطيع أحد وقفه عند حده » وإن على إيطاليا أن تظل إلى جانيه‎ 
مهما عاملها بصلف وغرور . وكان أشد ما يقلقه توسبع النفوذ الألمانى عبر البلقان‎ 
» الذى كان يود أن يعتبره منطقة نفوذ إيطاايه » وارتضى بشىء من الشاث الواضح‎ 
» تأكيدات هتلر له بأن ألمانيا ستتخلى لإيطاليا عن البحر الأبيض المتوسط‎ 
وبحر الادرياتيك » ولم برض على أى حال بقصم انحور » قائلا” . . . 3 لن تستطيع‎ 
. » تبديل سياستنا اليوم » فنحن على أى حال لسنا من عواهر السياسة‎ 
وأعلن الدوتّئى فى الحطاب الذى ألقاه عشية الواحد والعشرين هن مارس ى‎ 
المجاس الفائبى الأعلى » والذدى وصفه تشيانو . . 3 بالروعة وقوة امحجة وسلامة‎ 
الولاء المطلق‎ ١ المنطق » والتصمم «البطولة » » قراره التاريخى » فقد تحدث عن‎ 
للمحور ؛ كحاجة حتمية للسياسة :الحخاريجية الإيطالية والمفهوم الفاشى عن الصداقات‎ 
الحقة . ونا كان المجلس قد ألف الطاعة دون نقاش © فقد قبل قرار الدوقثى دون‎ 
» أى اعتراض . ويبدو أن جراندى وبونى وبالبو » كانوا غير راضين عن القرار‎ 
فلما مى نبأ ذلك إلى الدوتشى تجاهلهم واصفاً إراهم « بالبلداء » . وقال إن بالبو‎ 
النى يصف اليقاء فى احور بأنه ولعق لذاء الألمان 4 » ليس إلا « خنزير‎ 
دبمقراطى » ء كان الدرتثى قد قرر مستقبله عندما أعلن « يأنه لا يستطيع أن‎ 
عجوز أحمق خرف : ء يقول لوق قيادة‎ ٠ يضمنه 6 . أما ديبوزو فليس إلا‎ 
.  ةيشملاهذه الحزب وأعضائها فى مقرهم ... «أعلن الدوزفى مشيئته » ولا مرد‎ 
ويبدو أن شخصنية موسولينى بالإضافة إلى سياساته » قد تأثرت نتيجة اشئراكه‎ 
مع هتلر . فقد بات يتكل عليه بشكل متزايد ؛ وإن كات هذا الاتكال مصحوبا‎ 
بالتردد ء كما أذ الإعجاب المتبرم مصحوباً بالغيرة الكامنة » تلان مكانة بارزة‎ 
كات الس رودو مع - أعظ شعراء إيطاليا » وين رجالات الأدب العالمى‎ 
خلد أسمه بملسمته الشعرية د الملهاة الإلهية - الكربيديا الإلهية » وقد وصف فيها طيقات الححيم © ولعيم‎ 
» المياء فى سفرة وهمية قام بها مع عشيقته بياثريس  « المعرب‎ 


١ 
.» فى تصرفاته . وبالرغ من أنه كان يستمع فى الماضى إلى المشورة » وأحياناً إلى النقد‎ 
فقد بات الآن مباجم يكثير من اللحقد المرعب » كل من يجرأ على التقدم بنصيحة‎ 
أو على مناقشة إحساسه السيابى . ولا كان قد حزم أمره على أن الإيطاليين فى‎ 
حاجة إلى الخشونة وإلى التكيف مع نلك الروح الثى طبعت انتصارات ألمانيا العسكرية‎ 
فقد راح يرتم وزراءه » وقادة الدزب الفاشى » على أن يكونوا قدوة للشعب فى أداء‎ 
والإسهام فى الرياضات انجهدة . وسع مسهدفاً‎ ٠ بعض القارين القاسية والحطرة‎ 
» نفس الغاية » فئات الموظفين » الذين كان ينتظر منهم أن درتدوا البزة العسكرية‎ 
وأصدر مراسيم غاينها فرض الأنظمة الى تلغى المصافحة باليد ء والطريقة المهذبة‎ 
فى الحديث »؛ وألز م القادة العسكريين وكبار ضباطهم بالحرى بدلا" من المثى‎ 
فى القرينات العسكرية . وكان يغرم بالقول دائماً » بأن على « الإيطاليين أن‎ 
يتعلمرا الحشونة والصلافة » وتجنب الاين » واحهال كره الئاس لم » . وكثيراً ما قال ش‎ 
 هعسو عن نفسه بأنه يؤثر أن يرهبه الناس على أن يحبك . وكان يعمل ما فى‎ 
لفرض هذه الرهبة عليهم . فقد أسرت قوات فرانكى قبيل انتهاء الحرب الأسبانية‎ 
عدداً من الشيوعيين الإيطالبين الذين كانوا يحاربون فى كاتالونيا » وعندما سثل‎ 
0 عما يراه فى أمره, قال على النحو النى سجله تشيانو فى يومياته . . . 9 أعدموهم‎ 
. » فالميل لا يتحدثون‎ 
أما بالتسبة إلى اليهود » فقد أعد مصيرا لم أكثر ابتكاراً . وعندما عرض‎ 
عليه مشروع لتحويل جزء من الصومال الإيطالى » إلى أرض لابوودية العالمية قال ع‎ 
ميجويرتانيا » هى المكان الأفضل ؛ للا فيها من هوارد أولية يستطيع الببود‎ ١ أن‎ 
استغلانها » وبينها صبد كلاب البحر » الى تستطيع أن تعيش فى البداية على‎ 
. لحوم الببك‎ 
وأصبحت اللاسامية الآن جزءا رئيسينًا من السياسة الفاشية . وبالرغم من أن‎ 
المراسم الى صدرت لتطبيق هذه السياسة » لم تنفد تنفيذ صارماً ودقيقاً قط‎ 
إلا أنه لم تحل نباية عام 1918 ء حبى كان عدد من اليهود البارزين قد فصلوا‎ 
. من مرا كزهم الرئيسية ى الخدمة العامة » وأرغم الكثيرون منهم على مغادرة البلاد‎ 
وكان يقال إن حملة‎ . ١94 وانتشرت مصادرة متلكات اليبود فى ربيع عام‎ 


١ 


مكافحة السامية الى بدأها موسولييى . كانت تهدف إلى أن يفرض على البورجوازية 
«المتخاذلة والامبزامية ٠‏ » والميالة إلى الأجانب » على -حد تعبيره » طرازاً أفضل من 
التفكير الإمبريالى » وأنْها كانت بجزءاً من إإجراءات اقتصادية استلزمها الكالة 
التعسة الى يعيش فيها الاقتصاد الإيطالى . وكثيراً ما قيل أيضاً » إن موسوليى 
أراد عن هذا الطريق اكتساب ود العرب!!) + ولككن ع يكن هناك من شلك 
على الإطلاق » فى أن تأثير هتلر عليه فى هذه الناحية » كان كبيراً للغاية ‏ 

وليس ثمة من يشك أيضاً فى أن توقيت أول عمل عدوانى ضح قامت به 
إيطاليا منذ غزو الحبشة . كان تحت تأثير احتلال هتلر لتشيكوسلوفاكيا أيضاً . 
وباللغم من أن موضوع الحجوم على ألبانيا كان قد درس منل بضعة شهور » 
وحدد أسبوع عيد الفصح كالوعد المقرر له منذ مستهل شبر فبراير » إلا أن 
الدوقثى لم يحرم أمره فى هذا الصدد إلا ى أواسط شهر مارس . وقد انقضت 
أسابيع على تردده » يعد فيها بالأوامر دون أن يصدرها . وينذر إبانها بالضربات 
القاصمة دون أن يوجهها . وكان كعادته فى الحالة الى يفتقر إبانها إلى الئقة 
بما يجب أن يعمله . يِئْرا وح بين حالات من الإثارة الحنونية » والكتابة الصامتة . 
يتحدث فى يوم عن التوسع الذى لابد منه للإمبراطوزية الإيطالية » وهو فى اليوم 
الثانى » يرفض الحديث فى أى موضوع مهم على الإطلاق . وكان تباهيه بنفسه 
يصل فى حالات ارتفاع معنوياته إلى .حدود الحنون والنشوة . وقد تحدث بوسببى 
ذات يوم إلى تشيانو » فقال: ٠‏ إن على الدونشى أن يعالج نفسه علاجا جذريً 
من الأمراض الزهرية التى يعانى مبا » إذ أن قلقه قد بات واضحا الآن لدى 
جميع زملاته هو . 

وراح يعلن فى إحدى نوبات تفاخره . وق جلسة للمجلس الفاشى الأعلى » 
)١( 0‏ كافث الحملة الى شنها موسوليى عل اليهود . وهى حملة لم تكن عنيفة بحال من الأحوال » 
جزء من القلسفة الفاشية نفسها الى تقوم على المنصرية » كا كانت جزاً من حملته على البورجوازية الى 
كان الود يؤلفون جزءاً “كبيراً منها . واعتقد أن المؤلف بالإضافة إلى مبالفته فى الحديث عنبا » قد اخطأ فى 
تفسيرها » "كا اخطأف القول » بأنبا صدرث عن رغبته فى التحبب إلى العرب ٠‏ إذ أن العرب لم حبوا فى أى 


يوم من الأيام » إنزال الاضطهاد باليهود فى دول العالمى » وهم يعرفون أن هلا الاضطهاد ذريعة سياسية 
تستخدعها السهيوفية فى استغارة العطف العالمى عليها لفرض إطماعها السياسية فى فلسطين . د المعرب ع 


0 
« الأهداف الفورية للحركية الفاشية » » فالبانيا يحب أن تغدو إيطالية والبحر 
الأبيض المتوسط » يحب أن يصبح منطقة أميئة لإيطاليا عن طريق احتلال تونس 
وكورسيكا » والحدود الألبية يحب أن ترجع إلى الوراء لتشمل منطقة « الغار؛ . 
ومضى بعد ذلك بقول . .. «وإلى لأتطلع أيغاً إلى تيسيتو » فقد فقدت 
سويسره قوةٍ تلاحمها ؛ وأصبح مصيرها كغيرها من الدول الصغيرة حتمياً » 
إذ لابد للتفسخ من أن يصل إليها . هذا برنامجى » ولكنى لا أستطيع تحديد 
أوقات التنفيذ . وكل ما أعمله الآن هو تحديد الخطوط الى يحب أن نسير عليها . 
وكل من يبوح بما فلت الآن » كلا أو جزءآ » سيحاكم بنهمة الحيانة » . 
وقد توسعت هذه المطالب المغالية فى اليوم التالى لتشمل جيبوق وحصة فى قناة 
السويس . ولكن لم بمض يوبان » حى بدا وكأنه قد فقد كل اهام بالموضوع ء 
فقد وجده تشيانو فى الثالث من مارس راغباً فى « أن يدع الأمؤر تسير سيرها 
الطبيعى ى موضوع ألبانيا . ولم يحل الثالث والعشرون من الشهر حبى كان قد قرر 
الإسراع ف العمل )١(:‏ . 

وجاء احتلال هتلر لتشيكوسلوفاكيا فوضع حدا لشكوكه وتخاوفه . ولم تكد 
تصل إلى مسامعه أنباء الغزو الألمانى محتى طار فكره إلى د احا توجيه الضربة إلى 
ألبانيا » . ولكنه ما ليث أن أعلن عن عاوفه فى أن يقدى احتلال ثلاث البلاد الفقيرة » 
النى غدت ف الواقع تابعة له دون احتلانها إلى « مقارنته عند الرأى العام العالمى » 
باحتلال الرابخ لبوهيميا الى تعتبر من أغى بقاع العالم» . وكر كان ألم تشيانو الذى 
كان منذ أمد طويل يلحف بضرورة الشروع فى المغامرة الألبانية كمحركة 
مسرحية تخفف قليلا من « أتساع هيبة الرايخ الذى لا ترضى عنه إيطاليا ؛ وحمل 
على رفع معنوية الشعب الإيطالى) » عند ما رفض موسوليى أن يصدر أوامره 
على التو » بالشروع فى العمل . ولكن عندما نقل إليه أن الملك عاد وكرر 
١( 3‏ لم تكن هله التقلبات المفاجئة فى أوضاع موسوليى وتفكيره » بالرثم من صلها الماسة 
بتزدى حالته السحية » ظاهرة من ظواهر هذه المرحلة فى سياته فقا » إذ كانت سال دائة ممه 
منذ أمد بعيد » وتقول مرجريتا سارفاق إن مرسوليى أبلغها عشية يوم الانتخابات فى عام ١415‏ 
أنه عدل عن ترشيح نفسه » ولكته ما لبث فى اليوم التالى أن أعلن أن اسمه يحب أن محمل مقدمة قائمة 
المرشحين فى ميلان . د الؤلف ع 


1 
اعتقاده » بأنه لا يرى ضرورة للمغامرة فى الحرب من أجل « الاستيلاء على أربعة 
صخور ؛ » راح يحزم أمره ويقرر الشروع فى العمل  »‏ فور الاننهاء من موضوع 
أسبانيا » . 
وأطربته أنباء سقوط مدريد فى الثامن والعشرين من مارس . وكان قد شلك 
فى يوم ما فى أن يتمكن فرانكو « بقيادته الواهنة » لاحرب » من أن يصل إلى 
النصر ء وذكر لتشيانو فى الصيف' الفائت » بأنه يريد منه أن يسجل فى يووياته 
تنب ببزيعة فرانكو . واكن ها هى الحرب المضنية ء تشهى أخبيراً » وها هو العالم 
يشهد الدليل على « نصر عظم وجديد للفاشية ) . وعاد الدوتشى إلى »كتبه هن 
شرفة قصر البندقية » -حيث كان قد حرج إلبها لتحية اللجماهير الحاشدة الى 
جاءت لتحتفل بهاية الحرب الأسبانية » وأشار إلى خارطة أسبانيا فى الأطاس 
الفتوح أمامه وهو يقول ... « ظل الأطلس مفتوحاً على هذه الخريطة ؛ 
منذ ثلاث سنوات . وكانت هذه المدة أطول من الكفاية . وإكنه يجب أن يفتتح 
الآن على صفحة أخرى ٠‏ . ولم تمض عشرة أيام » حت كانت القوات الإيطالية 
تبط أرض ألبانيا . ولم تقع أية معارك » أو قتال عنيف . وبالرضم من أن الصم.دافة 
الإيطالية وهى تعكس المصاعب الكامنة فى تفسير ‏ الحركة الفاشية » ٠»‏ والدعوة 
إليها » لم تتفق على ما إذا كان عدم القتال » يعنى قرة الحيش الإيطالى » أو ترحيب 
الألبانيين به لإنقاذه من حكر ملاك مكروه ء إلا أن إيطاليا حققت على أى حال 
نصراً من نوع ما . ولم يحل المساء حهى كانت إيطاليا قل فازت » على سد تعبير 
هتلر » « بقلعة تستطيع عن طريقها فرض سيطربها الفوية على البلقان ؛ . 
وكان تردد الدوتثى قبل بضعة أيام ؛ قد اخصى ليحل محله إيمان وتصدم . 
وكتب تشيانو فى يوميته للخامس من أبريل يقول . . . د إنه هادئ . أجل هادئ 
إلى حد يثير اثلبيف » . وعندما انتبث العمليات فى القامدى غشر من أبريل ») 
ووصل إلى رومة وفد ألبانى ليقدم تاج البلاد إلى فيكتور عمانوثيل » كانت الاقة 
مسيطرة على نفس موسونى . وكانت ردود الفعل على الصعيد العالمى تافهة . 
وكانت الاحتجاجات البريطائية على حد تعبير تشيانو ١‏ للاسبلاك الداخلى أكثر ١‏ 
منها لأى شىء آخر 6 . وعندما تلى موسوليبى رسالة الرئيس روزفات الى يقرح 


5 
فيا هدنة لمدة عشر سنوات » رفض فى بادئٌ الأمر قراءتها . ولكنه ما لبث أن 
قرأها » ثم نحاها جانباً عنه وهو يقول . . . 9 إنها ثمرة تفكير شلل الأطفال » . 


3 


وصل بجورنج إلى رومة فى ذلك اليوم . وكان هتلر قد أوفده ليسرد على مسامع 
موسولينى أوضاع الإعداد الألمانى للحرب » «الثقة البى تواجه بها الحكومة الألمانية 
موضوع «وحل المشكلة البوئندية : . وكان حل هذه المشكلة التى قدر لها أن تقود 
إلى الحرب » قد بات وشيكا » وكان الفوهرر متلهفآ على أن يعلن إلى العالم » 
أن ألمانيا وزيطاليا تقفان معأ » ويرابطهما حلف عسكرى ؛ وذاك قبل الشروع 
فى الخطرة الى لا يمكن إصلاحها . وكان يعرف أن إيطاليا لم نصبح بعد قوة 
عسكرية قوية * بالرغم من أن الحئرال فون رينتيلين » ملحقه العسكرى فق رومه 
كان قد خدع بتبجحات الدوتشى » وأعتقد يأنها أقهى من حقيقها . ولكن هتلر 
كان فى حاجة إلى تأييدها السياسى » وكان يأمل فى أن يؤدى إعلان الحلف بين 
ألانيا وإبطاليا إلى منع الديمقراطيات الغربية من الوفاء بالتزامانها إلى ,رأئدة . وأصدر 
أمره إلى ريبنتروب ليجدد عواولانه حمل إيطاليا على توقيع الحلف ء واكن تشيانو 
متردد ولا يريد توقيعه . فهو يشى أن يتجاوز الألمان الحدود فى يولنده » وأن يقوبرا 
مخطوات تترك آثاراً مفجعة . ولم مض خسة أيام على محادثات جور نج مع موسوليى ؛ 
حى كانت رممه نتلى برقية من اتوليكو سفيرها فى برلين » يقولٍ فيها إن العمل 
الأمانى فى بوئنده بات وشيك الوقوع . وانتاب القلق تشيانو » الذى كان قد لاحظ 
أثناء زيارة جؤرنج » أنه يتحدث عها على نفس النحو الذى كانوا يتحدثون فيه 
فى الماغضى عن النسا وتشيكوسلوفاكياء فهرع يحمل برقبة السفير إلى قصر البندقية » 
ليطلع الدوتشى عليها . لكن مرسولبى لم يكن فى حالة نفسية طيبة . فقد جدد 
النصر الذى حققه فى أسبانيا وألبانيا أطماعه فى التوسع وطرب عندما أبلغه تشيانو » 
أن سفير هولندة فى رومة زاره فى قصر شيجى » ليعبر له عن قلق بلاده من الأنباء 
القائلة بأن ألمانيا وإيطاليا قد اتفقتا على اقتسام أوروبا بنهما . وراح مرسولبى وكأنه 


س1 
يؤكد !وف السفير ال مولندى يقول . . . : إنى فى الواقع أدرب إيطاليا على الحرب ) 
ولكنه رغر هذا المراج ميال إلى الحرب : كان بعيد النظر أحياناً وفى أوقات اتزانه 
فى موقف إبطاليا » فيرى ألها ليست متأهبة للحرب بعد . وطلب إلى وزيره تشيانو 
أن يمهد لاجماع يعقده مع ريبتثروب » ليتبين المدى الذى يعتزم الألمان الوصول 
إليه » والموعد الذى -حدده للشروع فى العمل » وأن يؤكد لريبنتروب ف الوقت 
نفسه » ضرورة استمرار السلام لإيطاليا ثلاث سنوات أخرى على الأقل . 

وعندما اجتمع الوزيران فى ميلان فى السادس من مايو » راح ريبروب 
بقول . . . و وليست ألانيا أقل اقتناعاً من إيطاليا » بضرورة استمرار السلام فيرة 
أخرى لا تقل عن أربع سئوات أوخمس » . 

وكان ريبئروب فى متتبى الدماثة والكياسة فى هذا الاجماع . وسرعان ما حلت 
بينه وبين تشيالى » الذى كان قد وصفه قبل بضعة أشور : أى فى شهر أكتوبر 
المنصرم » بأنه « رجل دعى وأحمق وثرئار ومفتثر إلى الكياسة » » والذى كان 
قد أرغناه ما سمعه عنه من الدوتشى » عند ما قال بأن « نظرة واحدة إلى رأس 
هذا الرجل كافية الحكر على صغر ما فيه من عقل ؛ . وراح تشيانو يبتف إلى 
الدوئئى بعد مأدبة العشاء الى أقامها لضيفه فى فندق الكونتيننتال » ميلغاً إياه » 
أزه بالرغم من تصميم هتلر الواضح على وجوب استعادة دانزيج » فإن الألان 
يؤكدون ضرورة الحفاظ على السلام لعدة سنواث مقبلة . وارتاح موسوليى إلى هذا 
اللأكيد المطمئّن ء وثار للأنباء الى وصلته عن عدم استقبال شعب ميلان 
لريبنتروب استقبالا وديا » فراح يأمر تشيانو » بأن يعلن إلى العام » أن اهلف 
العسكرى الألمافى - الإيطالى قد أصبح حقيقة واقعة . 

ووصل تشيانو إلى. برنين فى الواحد والعشرين من مابو لتوقيع معاهدة الحلف 
الى أراد موسولينى أن يطلق عليها فى البداية اسم وميثاق الدم ؛ » ثم ما ليثنت أن 
حملت اسم و ميثاق الصلب ) الذى اشهرت به ق: العالم . وقدم تشانو فى اتفال 
جرى ذلك المساء فى دار السفارة الإيطالية ى برلين إلى ريبشروب وسام ١‏ انونزياتا » 
الرفيع الشأن . وكان جوزنج » الذى شبد الأدبة » قد مغى إلى قاعة الطعام 
لاستبدال بطاقته ببطاقة ريبنترؤب » ليضمن الحلوس إلى مين المضيف الإيطالى . 


1 
وعندما عاد إلى قاعة الاحتفال ؛ رأى وزير الخارجية الألمانى وقد أحاط به الضيوف 
. بعربون عن إعجابهم بقلادة الوسام الى منحها وابى تخوله الحق بأن يعتبر نفسه 
ابن عم للك إبطاليا . وأحس جورنج . أن التكرمم كان يجب أن يوجه إليه ُ 
لآنه هو الذى نجح أثناء زيارته لرومة فى إقناع مؤسولرى بتوقيع املف »؛ وراح 
يعرض » والدموع ف عينيه » منظراً مربكا » فقد أصر على أن تكون القلادة له » 
ولم يتمكن تشيانو من إقناعه بالبقاء فى الحفل إلا. بعد جهد جهيد . ولم يكن 
جورنج قد أبل من الصدمة بعد فى اليوم التالى » عندما .جرى -حفل التوقيع على 
الحلف فق دار المستشارية » وكان يشيح بوجهه جانبآ كلما رأى ريبنتروب أمامه . 
أما هتلر » فقد بدا فى أسعد حالاته وأكثرها مرحاً وحبوراً . فهو يكثر من الحديث 
إلى الحد الذى يبعث الضيق عند سامعيه » واكتشف تشيانو أن الفوهرر » يبدو 
جهداً وقد شاخ ء نظرأ لأن النوم قد فارق -جفنيه فى الاونة الأخيرة . وكانت هناك 
أيضاً شائعات نتحدث عن ولعه الشديد بفتاة فائقة الحمال فى العشرين من عمرها : 
صاحبة 9 جسم رائع » تدعى سيجريد فون لاباس .. كانت تستأثر بأوقاته كلها . 
ولكن بالرغي « من الغضون العميقة الى بدث على جفنيه » » فقد بدا . "كما قال 
تشيانو » دفى أحسن حال ء وأهدأ بال 4 . وكان من عحقه أن يرضى وأن يطمين . 
فالميثاق الذى وقع . أكثر بكثير من ذلك الحلف الدفاعى الذى كان مرسولينى 
قد اقرحه فى الشتاء المنصرم . وقد سجسدث مادثه الثالثة محقيقة طبيعته إذ نصتث .. 
« ولو حدث وتورط أحد الفريقين المتعاقدين » خلافاً لرغبات الفريقين المتعاقدين 
وآمالحما » فى حرب مع دولة أو أكثر » فإن الفريق المتعاقد الثانى » يسارع فوراً 
إلى الويف إلى جانبه كحليف » وبمده بكل ما لديه من قوى عسكرية فى 
البر والبحر والحوة . ولم يكن هناك نص فى هذه المادة أو فى غيرها من مواد 
الميئاق » على أن لا يكون العون العسكرى شرط فى حالة الحجوم العدواى من أحد 
الفريقين . وكان من الواضح متلر أن ميثاق الفولاذ » مقدمة فعلية للحرب . 

وف نفس يوم التوقيع ء دعا هتلر كبار قادته العسكريين إلى اجمّاع سرى 
عقده فى مكتبه فى دار المستشارية ليقول لم بصراحة ما نصه . . . 


وليست دانزيج فى الواقع هى هدف أعمالنا ؛ وإنما الهدف توسيع مجالنا 


هلكا 


الحيوى فى الشرق . . . وليس ثمة محال للتفكير فى نجاة بولندا . فأمامنا قرار واحد 
وهو أن نباجم بولنده » فى أول فرصة م#كنة . وليس فى" وسعنا أن نقبل تكرار 
ما حدث فى تشيكرسلوفاكيا . فستكون هناك حرب . . . وعلينا أن نحرق سفننا . 
وم تعد القضية موضوح خطأ أو صواب » . 

لكن موسولينى وقد أفزعه ما استطاع استنتاجه لا ما سمعه » واصل الدعوة إلى 
الأخذ بالأناة والحيطة . وراح يسلم الحثرال كافاليرو . الذى اختير ملا لإيطالءا 
فى اللجنة العسكرية ليثاق الفرلاذ » وهو فى طريقه إلى ألمانيا للقيام بمهمته » 
مذكرة سرية أكد فيها التحذيرات الى كانت قد صدرثت عن تشيانو » فى ميلان. 
أثناء اجماعه الآخير بريبئتروب . وقد أوصى هتلر فى مذكرته » بأن يقضى 
السنتين أو السنوات الثلاث القادمة » فى إجهاد الدول الديمقراطية وإباكها بإثارة 
الحوف فى نفوسها . لا باستخدام القوة الفعلية » وراح يؤكد له » أن إيطاليا تحتاج 
إلى السلام حتى نهاية عام 1447 على الأقل » وعلى كل حال . واقترح موسولرى 
أن تكون حرب الأعصاب هى السياسة الانية للمحور . 

وكان موسوليى نفسه قد شرع فى مثل هذه الحرب فعلا . فقد شجع الناس 
على الاعتقاد بأن ميثاق الفولاذ موجه ضد فرنسا ويريطانيا » وراح يتحدث متوعدآ 
عن يوجوسلافيا واليوزان ؛ «بمنع الدبلوماتيين الأجانب من الوصول إلى تيراذا ( عاصمة 
ألبانيا) » وضاعف من عدد الرسائل المغفلة الى تحمل أنباء مفزعة ؛ والتى كان 
يأمر بإرسالها إلى سفارات الدول غير الصديقة فى رومة » مكثراً من الإشارة فى 
خطبه إلى ١‏ مفهوم الولاء والإخلاص عند الفاشية؛ . وروى تشيانو » أن موسوليى 
كان فى منبى الغلظة » عندما قدم إليه السير برسى لورين سفير بريطانيا الحديد 
وخليفة اللورد بيرث لأول مرة ف السابع والعشرين من مايو . وراح يقول للسفير 
إن من حق الإنسان أن يتساءل » نظراً لسياسة التطويق الى تتبعها بريطانيا بشكل 
واضح ضد إبطاليا » إذا كان ثمة مجال للاعتقاد بأية جدوى فى بقاء الاتفاق 
الإنجليزتى - الإيطالى . وفوجئ لورين بهذا الهجوم المباغت » واحمر وجهه أشد 
احمرار » وتردد طويلا قبل أن يجد العبارة المناسبة لارد على الدوقشى . وكتب 
تشيانو عن هذه المقابلة يقول . : . « وبدا الدوتشى الذى عرفت عنه الدماثة واللطيف 


15 
متجهم الوجه » لا يستطيع الم أن ينفد إلى ما يخفيه وراءه + وذ كيت 1 
من آلطة الشرق » قد من الصخر ؛ . وعندما قام لورين بزيارته الثانية لموسوليى » 
راح هذا يقول له بمنّهى الوضوح . . . « أبلغ تشمبرلين » أنه إذا كانت انجلا 
على استعداد للقتال دفاعا عن بولندة » فإن إيطاليا ستمتشق سام دفاعاً عن 
حليفتا ألمانيا » » وقد أعاد مرسولينى على مسامعههذه العبارة مرتين 237 , 

ولكن بالرغ من أن الدوتشبى كان يحرص الآن على أن لا يترك ممالا لاشك 
فى أنه سيقف إلى جانب ألمانيا » فإن الألمان لم يعاملوه كالحليف الموثوق الصادق ع 
الذى كان يود أن يكونه . وكانت المادة الثانية ى ميثاق الفولاذ قد نصت على 
المحادئات المسبقة ى جميع القضايا الى نمم الفريقين المتعاقدين ٠‏ إلا أن هتلر 
قال لمستشاريه ى مكتبه فى اليم الذى تلا توقيع الميثاق . . . 9 علينا أن نخى 
حقيقة هدفنا عن إيطاليا'" » . لكن مموسوليى رفض أن يصدق رغ تحليرات 
اتوليكو المستمرة » أن هتلر قد يشرع فى العمل دون استشارته . وكان تشيانى 
نفسه يشك فى أن هتار قد يقدم فجأة على العمل بعد ١‏ هذه التحذيرات المذكررة 
عن حاجة إيطاليا إلى السلام » . وواصل ريبنتروب التأكيد له » بعدم وقوع 
تبدل فيا تم الاتفاق عليه فى اجماع. ميلان » مكرراً عزم ألمانيا على أن تضمن 
لتفسها فتْرة من السلام لا تقل عن ثلاث سنوات . لككن تحذيرات اتوليكو ظلت 
تنهال على قصر شيجى » كا نفل فى العشرين من يوليو أنباء ؛ تحركات عسكرية 
على نطاق واسع فى تشيكوسلوفاكيا » . واعترف تشيانو فى يوميته البى كتبها فى 
فى الثاى من أغسطس بأن «إصرار اتوليكو يدعيفى إلى التساقل . فإما أن يكون 
سغيرنا قد جن ّ أو إنه يرى ويعرف أشياء ‏ غابت عنا تماماً » ع 

. أيلفنى السير برسى لوريئ أن وصف تشيانو لموقف موسوليى ينطوى على كثير من المبالفة‎ )١( 
. وأاف أن موقفه كان بارداً » ولكنه لم يكن على هذا النحو من العنف‎ 

(؟) يبدو أن إصرار هعلر المستمر عل رفض الكشف مسبقاً عن خططه للإيطاليين » ره 
إصرار أثار غفب موسوليى وألمه » لم يكن ناشئاً عن العجرفة وألغرور بقدر نشويّه عن تخوفه من عدم 
الاستفاظ بسريها » وقد تحدث إليه جو بلز ذات يوم فقال « إن جميم الإيطاليين يترئرون كالفجر » . 
وطلب هتطر من الاميرال ريدر فى يناير عام 1447 © أن يحرص كل الحرص من عدم تسرب المعلوبات 
المتحلقة باغطط البحرية الألمانية إلى الإيطاليين . وكان يقولٍ . . . « هناك اسمال كبير فى أن تكون الأسرة 
المالكة تنقل المعلويات إلى بريطانها » . دالمؤلف » 


1 

وقرر تشيانو فى ذلك الأسبوع أن يمضى إلى أمانيا ليتأ'كد بنفسه .ءن حفيقة 
ما هو دائر هناك . فقد رفض ريبتروب الفكرة الى نادى بها الدوئذى والى 
أيدها اتوليكو كل التأييد بعقد مؤتمر دولى . وطلب الألمان تأجيل الاجماع الذى 
اقترح الإيطاليون عقده بين هتلر وموسوليى . كن ريبنتروب وافق فى التاسع 
من أغسطس على أن يمجتمع بتشيانو بعد يومين فى سالزبرج . 

وليس ثمة من شك فى أن جل هم موسولييى كان منصيفاً فى هذه الأونة 
لإنقاذ إيطائيا من الحرب . فهو فى حاجة إلى الوقت لتثبيت الوضع فى ألبانيا 
وأفريقيا الشمالية والحبشة » ولتخفيف القركز الصناعى فى حوض نهو البو عن 
طريق نقل بعض المصانع وأجهزتها وآلانها إلى ابلمنوب » وللوصول بالأسطول والقرة 
الحوية والمدفعية والفرق الآلية إلى كامل قوتّها » ملإرجاع ملايين الإيطاليين الذين 
يعماون فى فرنسا » ولتتحسين موجودات إيطاليا من النقد الأجننى عن طريق المعرض 
الدول الضتم الذى كانت الاستعدادات قائمة على قدم وساق لإقامته فى رومة فى 
عام 1447 تخليدا للذكرى السنوية العشرين للنحف على رومه . وكانت هذه 
الأسباب كلها » وف مقدمها فكرة المعرض الدولى الى استيدت عرسواينى فرق كل 
تصور » هى الى -حملته على التلهف على الاحتفاظ بالسلام لأمد ما على الأقل » 
وعلى أن يحتج عن طريق التعليات القاطعة الى أصدرها إلى تشيانو » بأنه بريد 
وأن يصبح قادراً عندما تقرر ألمانيا تعبئة قرامها عند منتصض الايل » على تعبثة 
قوات إيطاليا قبلها حمس دقائق » . 


وطلب الدوئئشى من وزيره قبل أن يمفى إلى اجماعه مع ريبنتروب فى 
سالزبرج » أن ١‏ يبرهن للأللان بالأدلة المادية والخطية ». على أن اندلاع نيران 
الحرب فى هذه الاونة » عمل -جنرنى أحمق » وأن استعداداتنا ليست من النوع 
الذى يحملنا على الثقة من أن النصر سيكون حليفنا . فالفرص الآن لا تعدو أن 
تكين متعادلة . . . أما بعد ثلاث سئوات فستكون بنسبة أربعة إلى واحد » . ودوّن 
تشيانو فى يوميته بتاريخ العاشر من أغسطس يقول . . . « أوصانى الدوتشى قبل 
سفرى ٠‏ بأن أبلغ الألمان بمنتبى الصراحة أن علينا تجنب الاصطدام مع بولنده » 
إِذْ من المتعذر حصر الحرب فى هذه الحالة كحرب محلية » كا أن نشوب حرب 


8 
عامة ‏ يكون يمثاية كارثة للجميع . ولم يسبق لى أن سمعت الدوتشىي يتحدث عن 
الحاجة إلى السلام بمثل هذه الحرارة والصراءحة » كحديثه اليوم 6 . 

ونقل تشيانو فى سالزبرج آراء الدوتشى بحرارة لا تقل عن حرارنه » لكن 
ريبتاروب لم يكن ميالا إلى الإصغاء إليها قط . فقد كان كنا اكتشف تشيانو 
ما أرعبه وأفزعه -- مصمماً على الحرب » وعازماً على أن يكون السب فى اندلاعها . 
وراحتشيانو يدون فى يومياته بعد أمد بعيد . . . ( وكنا نتأهب لاحتلال مقاعدنا على 
مائدة العشاء عندما .حدثى ريبنتروب عن تخطيط ألمانيا لإشعال نيران الحرب 
فى أوروبا » وكان وهو يلبى على مسامعى ببذه العبارة الرهيبة متفظاً بردوئه » 
وكأنه يتحدث عن إجراء إدارى عادى لا وزن له ولا نتائج » . 

وبمضى تشبائو قائلا .. . وورحت اسأله ونحن نسير معاً فى الحديقة بعد 
العشاء ... محسنتاً يا ريبنتروب » ما الذى تريده؟ أتريد الممر البولندئ أودانزيج ,؟ 

فرد وهو يتفرس فى بعينيه اللحامدتين الياردتين .. . (لا هذا و ذاك . 
لثما نريد الحرب © . 

لكن ريبنتروب ٠‏ رفض على أى حال » الإفضاء بشىئ؛ إلى الإيطاليين » 
عن الطريقة الى يربد إشعال الحرب يواسطها . وقال مزهوأء وهو يستخدم بشىء 
من الحدوء الذى يستفز الأعصاب » وإحدة من تلك الاستعارات القدعة المهجورة . 
الى تجعل حديئه ملا . . . 3 إن -جميع القرارات ما زالت مغلقة ف صدر الفوهرر 
الذى لا يمكن النفاذ إليه » . ومضى تشيانو يقول . ... . « ورفض ريبئتروب أى 
حل قد يرضى ألمانيا ويجنبنا الحرب والصراع . وبت على ثقة من أن الألمان 
لو أعطوا أكثر بما يطلبون » فإنهم سيمضون إلى الحرب على أى ,حال » لآن 
شيطان التدمير كان قد سيطر عليهم . وتوئر جو الحديث بيننا فى بعض الأحايين . 
وم أكن لأتردد فى التعبير عن أفكارى عنتّبى الصراحة القاسية » ولكنه لم يتأثر » 
ولم يتحول عن موقفه . وتجلد الهو بيننا » وامئدت برودته حى إلى سكرتيرينا 
وسساعدينا . وجلسنا إلى العشاء » فلم نتبادل عبارة واحدة . . . وانضحت لى حقيقة 
واحدة » وهى أن الألمان ينظرون إلينا نظرة الامتهان والزراية » . 

وزاد يقين تشيانو من هله الحقيقة فى اليوم التالى » عندها مضى إلى مقابلة 


ل 
هتلر فى عش النسر 6 . وبالرغم من أن الفوهرر كان فى منتهى الود والكياسة » 
إلا أنه لم يكلف نفسه عناء إخفاء الحفيقة الواقعة » وهى أنه قد حزم أمره » ولن 
حول عنه » مهما كان رأى الدويشى . وكانت الحرائط منتشرة على مكتبه » إذ كان 
قد شرع فى العمل فى الحطط العسكرية . وراح يعيد على مسامع تشيانو ما قاله 
له ريبنتروب بالأمس من أن فرنسا وانجلترا لن تخوضا الحرب ٠‏ مضيفاً أمهما 
حبى لو فعلتا ذلك ء فسيكون في مكنة ألانيا بعد احتلال بولنده الذى لن يستغرق 
منها وقتآ طويلا” » أن تحشد و نحوا من ماثة فرقة على اللحدار الغرى لخوض الحرب 
العامة » . وأضاف أنه بالنسبة إلى إيطاليا » فلن يكون فى موقف « يحتاج فيه 
إلى مساعدتها بموهجب الالتزامات الراهنة » . 
وقد أراد هتلر أن يفهم تشيانو » «بأن الألمان يرون فى حلفهم مع إيطاليا 
وسيلة لإرغام العدو على الاحتفاظ يعدد من فرقه أمامنا . مما يخفف الوضع على 
الأللان فى جبهات قتالهم ... وهكذا لم يكن يبمهم فى قليل أو كثير المصير 


الذى قد محيق ينا » . 
وقد انطوت هذه الملاحظة من جانب تشيانو على شىء من التكون الصادق 


وعندما عاد تشيانو إلى فندقه فى ذلك المساء » أصدر أوامره إلى مرافقيه محراسة 
طائرته اللماصة حراسة دقيقة ء مخافة أن يقوم أحد رجال الخابرات الآلمانية يعمل 
شبىء فيها يحطمها فى طريق العودة » ليظهر الحادث وكأنه اتفاق عرضى . وعندما 
جاءه اتوليكو تلك الليلة تيباحثه فى الوضع »: مقبى معه إلى الحمام » على اعتبار 
أنه قد يكون المكان الوحيد الذى لا يخى فيه الألمان مكبرامهم الصوتية لمعرفة كل 
ما يدور معه من أحاديث . وبدا الوضع وكأنه قد تحول إلى عدو للألمان . 

وعندما كان يجرى محادثاته مع الفوهرر فى عش النسر » تظاهر الألمان عمد 
بوصول برقية إلى هتلر سلمت إليه أثناء الحادثات . وقد سمح لتشيانو بأن يعرف 
بأن البرقية صادرة عن موسكو » وأنها تعلن موافقة الحكومة السوفياتية » على أن 
تقوم ألمانيا بإرسال وفد إلى العاصمة السوفياتية اتفاوض فى عقد ميثاق يضمن هزيعة 
بولنده » ويؤكد حياد رسيا مما يقضبى على الأمال البى طالما علقتها فرنسا وانجلارا 


197 
على تعيئة العون السوفياق الحد من توسع ألانيا . ولم تغب عن ذهن تشيانو أهمية 
هذا الاتفاق ولا الأممية الى يعلقها هتار عليه . ولم يكلف نفسه فى اليوم التالى » 
حى عناء الدخول فى مئاقشات على الإظلاق» وكان كل ما سأله عن هتلر » تحديد 
موعد امحجوم . وراح هذا يؤكد له بن القضية كلها ستنتهى قبل منتصف أكتوبر . 
وعاد تشيانو إلى رممه فى الثالث عشر من أغسطس وقد « اشمأزت نفسه كل 
الاشمتزاز من الألمان ومن فوهررهم » وين طريقتهم فى تصريف الأمور . » وراح 
يكتب ف يومياتهدء بشىء من العاطفة اللامألوفة فيه ... انهم خانونا » وكدبوا 
علينا . وها هم يجروننا الآن إلى مغامرة لا نريدها إذ قد تؤدى إلى تحطم بلادنا 
وعهدنا الفاشثى كله . ولا ريب فى أن الشعب الإيطالى سيصاب با يشبه الذعر : 
عندما تصل إلى مسامعه أنباء العدوان على بولتده » بل وقد يكون تواقاً إلى محاربة 
الألمان أنفسهم » . فلم يحب الشعب الإيطالى ميثاق الفولاذ ى أى وقت من الأوقات » 

ولكن هذا العمل سيستثير كراهيته المطلقة له , 


لكن ماوفه هذه وشكوكه قد اننبت الآن . فلم يعد يمر بلحظات يعتقد فيبا 
بصحة رأى الدويشئى فى أن من واجب إيطاليا الإصرار على البقاء إلى جانب 
ألمانيا حوى الهابة . وكان اتوليكو قد توسل إليه فى حمام سالزبرج أن يبلغ الدوتثنى 
أن فى وسعه الآن أن يعتبر نفسه متحللا من التزامات .حلف الفرلاذ نظراً لقيام هتار 
بصلفه وغروره » بتفسيره إباه على النحو الذى يراه . لكن تشيانو لم يكن على ثقة 
من أن على إيطاليا أن تمضى إلى هذا الحد . وعندما كان فى طائرته عائداً إلى رومه » 
صدن بلاغ رسمى أذاعته وكالة الأنباء الرسمية الألمانية يعلن أن اجماع سالزبرج 
قد انتبى بأتفاق إيطاليا الكامل مع ألمانيا فى آرائها وتطلعاتها . أجل اتفق هتلر 
وريبشروب . وثل هذا البلاغ لتشيانو الإهانة الأخيرة . فقد طلب مهما أن 
لا يذاع أى بلاغ رسعى فى الوقت اللخاضر ء وقد أقرا بوجهة نظره » وها خم 
يبراجعان عن اتفاقهما . ومضى إلى الدوتى ليقول له بمنتهى الصراسة إن « الألمان 
خونة وتفادعون وإن علينا أن لا نتردد فى التأى عنهم » .. ودون فى يومياته ما يلى . . . 
١‏ ولن أتردد فى أن أثير فى نفسه كل شعور معاد للأللان ؛ بكل وسيلة تمكنة فى 


طاقى » فقد قلت إن مكانته قد هبطت » وأنه يؤدى دور الشريك التابع . ثم 


١/١ !‏ 
عرضت عليه فى الهاية وثائق تقم الدليل على أكاذيب الألمان علينا فى القضية 
البولندية . وأكدت له أن حلفنا معهم يقوم على وعود يتكرونها هر الآن ؛ . 

وكان رد فعل موسوليى الفورى » تموذجا من الشكولك والخاوف والمراوغات 
المفاجئة البى تميز بها ى هذه الفيرة » و«الى كادت أن تصل بوزرائه.فى غضون 
الأشهر العشرة التالية إنى حد الحنون . وكتب تشيانو فيا بعد متذكراً ما سحدث 
يقول . . . ١‏ وقد وافقى على رأف بادئ ذى بلءء ء مم عاد يقول إن الشرف يقغضى 
عليه بالسير إلى «جانب ألانيا » ثم قال أخيراً » » إنه يريد .حصته من الغنيمة ‏ . 

ولم يكن رد فعله الأول غريباً أو غير متوقع . فقد كان فى تلك الأيام ااتى 
كان يعرب فيها عن استعداده لدحي حلفائه دون تحفظ » قادراً على توجيه النقد 
إلههم بعبارات قاسية لا تقل فى عنفها عن النقد الذى يوجهه إلى الإنجلوز أو حى 
إلى الإيطاليين أنفسهم . وقد قال عنهم ذات يوم بلهجة تنطوى على الكثير . من 
الامئهان والزراية . . . د إن الألمان مجرد سجنود وليسوا بمحاريين محف اله 
ما يكفهيم من «السيق» بره والجعة واعطهم سيارة صغيرة » مم انظر كيف 
يريو لقي ري » للكت جا لنقد اك شعور اتسينا لا لسع لاد + 
فهو يرخى فكه الأسفل » ويتخذ صورة الحدية المطلقة الى تظهر فى وجهه الذى 
يبدو وكأنه قد من الصخر ٠‏ ويظل يتحدث ساعات وساعات » نحبى بعد أن 
يفارقوه ٠‏ عبهم بكثير من الإعجاب «مطرياً روحهم العسكرية الرائعة » 
و ١‏ فلسفهم البطولية » . ولكنه لا يلبث أن يرتد عن هذا الموقف مفسحا لمجال 
لشكوكه من جديد . ' 

ونقم يوميات تشيانو فى هذه الأيام من شر أغسطس عام 1984 الدليل 
الصحبح على حالة موسولى العقلية المتأرجحة والمتقلبة . فهو فى الرابع عشر من 
الشهر يرفض الاستقلال فى العمل » وأكنه يعود فى اليوم التالى فيعرب عن يقينه من 
أن على إيطاليا أن لا ( تسير مسيرة العميان مع ألمانيا » . ويشرع فى السادس عشر 
من الشبر فيعرب : عن سخطه على سلوك ألمانيا تجاهه » واقعاً فى الوقت نفسه تحت 
كابوس اْخاوف من أن تتمكن ألانيا من الحصول عبل نصر رخيص يحرم هو من 
نتائجه . وتلق تشيانى فى العشرين من أغسطس وكان فى زيارة إلى دورازو »؛ 


فل 
برقية عاجلة من كبير سكرتيريه فيليبو انفوسو » تستدعيه إلى رومة لآن الدوتشى 
قرر فجأة « تأييد المانيا مهما كان لعن فى الصراع الذى بات وشيك الوقوع 6 . 
وطار نشيانو عائداً إلى رومة سحيث وجد الدوتشى : مصراً على أفكاره بعناد وتصمم 0 
وشبد اتوليكو الذى كان قد عاد إلى زومه دون استدعاء » لشد أزر تشيانو فى 
موقفه » مقابلته مع الدوتثيى » ثم غادرها وقد « ثبطث عزائمه وأحس بحزن عميق » . 
لكن تشيائو الذى كان يعرف طبيعة زعيمه » كان لا يزال يأمل ى تح<ول ى 
موقفه ء وقد أفلح فى اليوم الثالى بالفعل فى إفناعه بتغيير رأبه من -جديد . ووافق 
على أن يقوم تشيانو باستدعاء ريبنتروب للمجئ إلى ممر بريئر ليلقاه هناك » 
وليؤكد له حقوق إيطاليا كشريكة ف احور . 

لكن ريبنتروب كان منشغلا بقضايا أهم من لقاء تشيانو . فقد كانت 
موسكو ترئقب وصوله إليها فى الصباح التالى لتوقيع ميثاق عدم الاعتداء بين ألماني 
والاتحاد السوفياق . ورد بأنه لا يستطيع المْجِئ إلى بربئر » واكنه يستطيع توفير 
ساعة واحدة أو نحوها للقاء تشيانو فى اينزبروك . وعاد التردد يسبطر على 
موسوليى . ورأى أن على تشيانو أن لا يمفى إلى اينزبروك » فشاعر العداء لألمانيا 
عند الشعب الإيطالى آخذة فى الازدياد . وبالرغم من أنه لا يستطيغ أن بكم 
إعجابه 9 بضربة المعلم ؛ الى حققها هتلر » إلا أن الشعب الإيطالى لا يشاطره هذا 
الإعجاب . وكان ستراشى على سدق عندما سحذره من أن الشعب الإيطالى سيتظاهر 
ساخطا . لو قام العهد الفاشى بتأبيد هجوم هتلر على بولنده . يضاف إلى هذا 
أن ضباط اليش لا يصلحون للعمل العسكرى ٠‏ وكان عتاد اليش قلعا 
سرخا . وعلى إيطاليا 1 أن ترقب تطور الأحداث وألا تفعل شيئاً » . 

ولم تمض ساعات على وصول موسوليى إلى هذا القرار حى كان يستقبل 
جيوسيى باستيانيى ٠‏ سفيره السابق فى بولنده الذى وصفه أله كان « عنيفاً فى 
ميله إلى الحرب » . وكان لا يزال فى هذا المزاج » عندما جاءه تشيانو إلى قصر 
البندقية فى ذلك الصباح . حيث بذل جهد الحبابرة لإقناعه بتأجيل التدخل إلى أن 
تكون إعدادات التعبئة قد استكملت . وارتاح تشيانو إلى هذه النتيجة الى توصل 
إليها » وغادره عائداً إلى مقر وزارته » عندما تلى دعوة عاجلة أخرى من الدوئثى . 


/ 
ودون تشيانو فى يومياته يقول بكثير من الألم واليأس . . . « عاد فغير رأيه . 
إنه يخشى لوم الألمان . وهو يريد التدخل فوراً . وكان من العبث أن أختصم معه ع 
فأذعنت ع . 
وتلى موسوليى بعد ظهر ذلك اليوم » رسالة من هتلر » يبلغه فيها أن العمل 
العسكرى ضد بولنده » سيبدأ فى وقت قريب للغاية ويؤكد له فيها أنه ولو كان 
فى موقف كرقفه . فإنه » أى هتلر » سيقدر هذا الموقف كل التقدير ويفهمه 
كل الفهم ؛ . ورأى تشيانو فى هذه الرسالة فرصة جديدة لإثارة شكوك الدوتشى 
فعاد إلى قصر البندقية » حيث تمكن من إقناعه بأن يبعث برسالة إلى هتلر 
يبلغه فيها » إنه ما لم تتلق إيطاليا على الفور معدات حربية وبعفى المواد الأولية من 
أمانيا » فإن تأييدها لما سيقتصر على ١‏ الناحيتين السياسية والاقتصادية ؛ . وأضاف 
الدوتشى يققول فى رسالته وكأنه جمع بين الاعتذار وبين التأنزيب ... و كان 
تصورنا فى لقاءاتنا مع أن الحرب ستنشب بعد عام 1447 » -حيث أكون مستعدا 
فى البر والبحر وابدو » طبفآ الخططنا المتفق عليها » . 
وأفقدت هله الرسالة هتلر زمام التحكم فى أعصابه مزقناً » فقد كان يعتمد 
على تأيبد أكثر تحديداً من هذا من جانب إيطاليا . وكانت الأنباء المزعجة قد 
وصلته بعد ظهر ذلك البوم عن توقيع ميثاق العون المتبادل بين بريطانيا وبوائدة فى 
لندن » فقرر تأجيل الغزو الذى كان من المقرر أن يبدأ فى الصباح التالى . 
وعندما اطلع على قائمة المعدات والمواد الى تطلبها إيطاليا » اتضح له عجزه عن 
تأمينها . وكان ماكينزن سفير ألمانيا ى روهمه » غير راغب فى الحرب » فاقترح 
على تشيانو أن يعجز ألمانيا بقائمة طوياة يعجز ١‏ الاور عن .حماها ٠‏ على سحد تعبيره . 
فقد انطوث القائمة على سبعة ملابين طن من الزيت وستة ملابين من الفح ومليونين 
من الصلب ومليون من ا لحشب » وسبع عشرة ألف سيارة ومائة وخسين بطارية من 
المدافع المضادة للطائرات . . . وعندما قدم اتوليكى هله القائمة إلى الألمان » راح 
ريبنتروب يسأله بكثير من الككر عن الموعد الذى تريد فيه إيطائيا أن يقدم لها 
الآلمان محتويائها . ورد اتوليكو على الفور دون أن يستشير -حكرمته . . . : قبل 
الشروع فى العمليات الحربية » . كانت هذه هى المحاولة الأخيرة من جانب 


1 
اتوليكو للحفاظ على السلام ولكلها كانت غاولة فاشلة . فد استعاد هتلر زمام 
السيطرة على أعصمابه . وكان على استعداد الآن على حد تعبير جيزيفيوس الأانى » 
نا كان فى مستبل أغسطس « للقذف بأى خخترير يحاول القيام بدور الوساطة ؛ 
من أعلى السلم فى دارته » حتى ولو اضطر إلى ركله بقدمه فى بطنه أمام المصورين 6. 
وتقبل على الفور استحالة تحقيق المطالب الإيطالبة » وطلب من الدوتئى أن يقدم 
إليه عونه السياسى ليس إلا » أن لا يعلن قراره بالوقيف على الحياد إلا عندما 
تقتضى الضرورة » بأن يواصل القيام بإعداداته العسكرية لإرهاب الفرنسيين 
والبريطانيين » وأن يبعث إليه فى ألمانيا بالعمال الزراعبين والصناعيين من الإيطاليين. 
وراح يكتب إليه قائلا . . . د أنا أحترم أبها الدونشبى الدوافع «التأثيرات الى 

. فرضت عليك هذا القرار . وعسى أن يكون فيه الخير » . 

وبالرغم من حالة الحدوء الى سيطرت مؤقتاً على الدوتشى بعد أن حزم أمره 
أخيراً على الموقف الذى رآه » إلا أن هذا الحدوى لم يطل . فقد عدبته الفكرة الى 
سيطرت عليه » وهى أنه قد نان حليفه » وأن هيبته أصيبت فى الصمم» وراح 
يليح على اجماع آخر » كاجماع مونيخ » كالوسيلة الوحيدة الى يمكن تجنب 
الحوب عن طريقها » والى تؤمن له الفرصة لاستعادة مركزه المتفوق على هتلر » 
كما تحمى كذبته بوجود ١‏ الملابين المستعدة من الخحراب» من الانكشاف . لكنه 
لم يصر على دعوته علىأى حال بكثير من التصمم والقوة . فقد أدرك تمام الإدراك 
تفاهة مركز إيطاليا لألمانيا كحليفة محاربة » وإن كان لم يدرك بعد القيمة الى 
يحتلها ى نظر هتلر كحليف سياسى . 

وراح يكتب بكثير من اللطض فى السادس والعشرين من أغسطس إلى 

هتلر قائلا” . . . و اسمح لتفسى بالإصرار من بجديد ؛ على احهال الل السيانبى 
الذئْ ما زِلِت اعتقد بإمكان الوصرل إليه . بأنا لا أفعل هذا مدفوعا باعتبارات 
سلامية غريبة على طبيعى وروجى »© وإئما باعتبارات تتعلق عصااتح شعبينا 
ونظامينا ) , 

وكان لا يزال يلحف بكثير من الحياء حتى الواحد والثلاثين من أغسطس على 
ضرورة الأخذ بوجهة نظره فى عقد اجماع كاجياع مونيخ . ومضى اتوليكو عشية 


١ 

ذلك اليوم إلى دار المستشارية فى برلين يعرض وساطة موسوليبى . ولكن هذه اللخطوة 
جاءت متأخرة » إذ كان هتلر قد مغبى بعيداً . 

ورد هتلر بشىء من الحدة على اتوليكو. . . « أنا لست على استعداد لأسمح 
لبولنده بلطمى فى وجهى الرة تلو المرة ٠‏ كا لا أريد أن أضع الدوتئبى فى موضع 
غير لائق؛ . 

وراح اتوليكو يسأله » إن كان هذا يعنى أن كل شىء قد الهى ؛ فرد هتلر 
بالإيجاب . لكن موسولييى عاد بعد يومين فكرر غخاولته لآخخر مرة » ولكن غزو 
بولنده » كان قد بدأ بالفعل . 

ورد هتلر برسالة إلى الدوتشى على وساطته الآخيرة » متكهناً بكارثة إيطاليا 
لمقبلة بقوله . . . « بالرغم من أن طريقينا قد افترقا الآن ٠‏ فقد كنت على يقين 
دائماً من وحدة المستقبل لنظامينا . وليس لدى شلك أيها الدونشى فى أنلك تشاطرق 
نفس اليقين » . 


أثارت الانتصارات الرائعة الى حققنها اللحيوش الألمانية فى بولندة اضطراب 
موسوليى من جديد . وبالرغم من إعلانه فى اللكلسة الى عقدها المجلس الفائثى 
الأعلى فى الأول من سبتمبر أن إيطاليا :لن تشترك فى الوفت الحاضر فى العمليات 
الحربية » » إل أنه حرص على أن يضيف موجهآ كلامه إلى أولتك اللين بدوا 
مرتاحين من أعضاء المجلس لقراره هذا » يقوله . . . 3 اكن هذا لا يعنى يمال هن 
الأحوال اتخاذ موقف الحياد ه . وراح يعلن فيا بعد » أن إيطاليا ؛ اتخذت موقفاً 
لنفسها من نفسها » تتميز فيه القرارات الواضحة » وخخطوط العمل . ولعل هذا هو 
السبب الذى يلعونا إلى عدم الحديث عن الحياد . فاللمايد هو الذى يكتق 
بالوفوف موقف المتفرج » لأن مصالحه لا تتعرض ناخطر ٠‏ ولأن الصراع الدائر 
لا يهمه فى قليل ولا فى كثير . لكن هذا الصراع يبمنا كثيراً » على العكس 
ولا يمكن تصوير مرقفنا الآن بأن ليس لدينا ما نقوله » فنحن نحتفظ يحفنا فى أن 
نقول كلمتنا فى اللحظة المناسبة » وبلغتنا » وأسلوبنا . فنحن نرقب بمنتهى لدوم ء 


3 
سائرين بتصمميمنا ى طريق التصمم الكامل 4 . 

لكن موسوليى كان أعجز من أن يظل مراقباً للأوضاع ,بده . فقد كان 
فى كل هرة تمتد يده إلى تقرير سرى » أو إلى إحدى تلاك البرفيات الى كانت 
تسرق بانتظام من ملفات السفارات الأجنبية ف رومه ء ليرى فى التقرير أو في 
البرقية » ملاحظة غير مستحبة عن حياده » كان فى كل مرة » يقرأ فيها تعليقاً 
ناقداً أو مطرياً فى إحدى الصحف الأجنبية ولا سما البريطانية مها على قراره » 
يسارع إلى اللحديث عن عزمه على دخول اللحرب . وقد كتب تشيائو فى يومياته 
يقل ...د وكان ى كل مرة يقرأ فيها مقالا يقارن كاتبه فيه بين موقفه الوم 
وبين موقف إيطاليا فى عام 1414 » يسارع إلى الرد بعنف معلنا تأبيده لألمانيا . 
وقد سر كثيراً لمقال صدر فى صعيفة إنجليزية » يؤكد فيه أن الشعب الإيطالى لابد 
أن يحارب إلى جانب ألمانيا » متأثراً بدوافع الشرف . فقد كانت هله هى وجهة 
نظره أيضاً . ومن امحتمل أن تنطلق ألوف الأصوات معاكسة رأيه » وينطلق صوت 
منعزل وحيد من إنسان مجهول » يقره على موقفه » فيسارع إلى تببى ذاك الصوت » 
متجاهلا أصوات الألوف ع ومنكراً علبها آراءها » . وبالرغر من أن فوائد الحباد 
أو .. غير امخاربة » كما كان يصر على نسمية مرقفه » قد انضحت على الفور » 
فى ارتفاع أسعار البورصة» وأسعار الأسهم الإيطالية ى الأسواة ق الخارجية » ولا سيا 
فى أسواق البلقان » الى استولت عليها إيطاليا الآن لتحل محل أللانيا » وى عشرات 
البواخر الإيطالية محملة بالصادرات . ومبحرة من كل ميناء » إلا أن موسولرنى 
ل يكن راضياً أو مهتماً ببذه التطورات » وكانت أنباء الانتصارات الألمانية 
هى الى تسيطر على خياله وتلهبه . وراح يقول لزوجته بكثير من نفاد الصبر : 
ومن انال © أن نبى على إيطاليا فى منأى من الحرب ؛ بل ولعل ما هو أكثر 
استحالة وخطورة » أن لا ندخلها إلى جانب ألمانيا » فقد جعل الميثاق الألمانى ‏ 
السوفياق » من أمانيا قرة لا تغلب لا من دولة ولا من مجموعة دول » . وكان يتعتم 
أحياناً مكرراً ما أكثر هن ترداده منذ عام 6و من أن « أى إنسان لا خب 
الحايدين 6 . 


لكن أخطار الاشتباك فها كان لا يزال يبدو كصراع طويل الأجل » 


ارا 
كانت لا تزال تكبح جمااحه . وكان يرتهى فى اللحظات الى يكاد فيها صبيره 
يفرغ » الحفيقة الى تقول إن على إيطاليا أن تدخل الحرب » عندما ترى أن النصر 
بات مؤكدا وقريباً . وعندما سقطت وإرسو » واجتمع ريبنتروب إلى سعالين فى 
الكرملين ليتفقا على اقتسام بولنده؛ وليقرا السماح لروسيا بمطلق الحرية فى جمهوريات 
ايستونيا ولاتفيا وليتوانيا على بحر البلطيق » رأى موسوليى الفرصة متاحة له » 
للخلاص من هله المعضلة الى تحيره . وقرر القيام بمحاولة جديدة لإقناع هتلر 
بقبول ساطته . فالتسوية الى يم التفاوض عليها » لا تسمح لإيطاليا بتتجنب 
الحرب الى لم تنهيأ لها بعد بما فيه الكفاية فحسب ٠»‏ وإما تقذ احور من الوضع 
الثانوى فى الأمية الذى هبط إليه » بعد انصراف هتلر بكل -حواسه إلى التتحالف 
النازى - السوفياق أيضاً » وتؤمن السبيل لنبدثة الشعب الإيطالى » الذدى ثار .من 
مرأى حكويته الفاشية تقنف مورقف التفرج الراغمى كا يبدو عن قيام دواتين 
ملحدتين وسفاحتين باقتسام بولنده الكائوليكية بمنبى الوحشية . ولذا فقد يحب 
دوين كلك الترحاب بالاقتراخ الذى جاءه من هتلر » عارضا أن يقوم تشيانو 
بزيارته فى برلين . 


واكتشف تشيانو فى زيارته أن هتلر كان فى مثهى الثقة بنفسه . وبالاخ 
من أن الصحافة الألمانية يحبت كل الأيحيب بالبلاغ المشترك الذى صدر عن 
مادئاث رييتروت ممولوترف » والذى جاء فيه . . . 2 إن مما يخدم المصنالح الحقة 
لجميع الشعوب » وقد تمت تسوية المشكلة البولندية تسوية مبائية ء الوصول بالخرب 
القائمة بين ألمانيا من ناحية وبين إنجليرا وفرنسا من الناحية الأخرى » إلى باية 
سلمية » فإن تشيانو رأى أن هتلر نفسه لا يؤمن كثيراً بالحلول السلمية » وإنه 
لا يريد فى الواقع مثل هذا ال حل . وكان فى منتهى النشوة وقوة الإقناع ء عندما أبلخ 
تشيانو أنه يعتزم إلقاء خخطاب فى الرايشستاج عما قريب ٠»‏ يضمنه محاولته السلامية 
الأخيرة مع الغرب مضيفاً إلى ذلك قوله . . . ١‏ أما إذا كانت إيطاليا راغبة فى السير 
معى على الفور » فسأمتنع عن إثقاء هذا الحطاب » واستعيض بالقرة عنه » واثقاً 
من أن إيطاليا وأمانيا تستطيعان مبشم فرنسا وإنجلرا فى وقت قصير ونسوية حساباتهما 
معهما مرة واحدة : . وراح يؤكد لتشياذو » أن على إيطاليا أن لا تخشى كثيراً من 


1 
افتقارها إلى المدافع المضادة للطائرات . إذ أن خرف العدو البالغ من انتقام المانيا 
سيحول بينه وبين الإغارة على إيطالها . 

لكن موسوليى لم يتأثر بهذا الفول على أى حال . ولم بعد يخى الحقيقة الواقعة 
وهى أن موقض هتلر بات يثير أعصابه . ولم تعد الغمزات والنصائح الى يقرقها 
فى الصحافة الحارجية » تحمله على الرغبة فى الاشتراك إلى جانب ألمانيا فى الحرب » 
بل أصبح مالا إلى أن يبين لاعالم ٠‏ أنه لم يكن الرجل الذى يتهلى عن أمانيا 
بل إن أمانيا هى التى تخلت عنه . وشرع يأمل فى هزيمة ألمانيا » كنا أمر نشيانو 
بأن يوصل إلى سفارق بلجيكا وهولنده فى روبه . بأن الغزو الألمانى لبلاديهما بات 
قريباً » وموضوع توقيت ليس إلا . ومح لتشيانو فى السادس عشر من ديسمبر 
بإلقاء خطاب فى مجلس الثواب الإيطالى » أثار دهشة العالم . 

وبالرغم من أن الخطاب انطوى على حملات عنيفة على بريطانيا وفرنسا 
لإحباطهما غاولة الوساطة الى قام بها الدوتشى » إلا أن الفكرة الأساسية فيه » 
كانت إبراز شيانة ألانيا لحليفتها . فقد بين تشيانو ى خطابه أن ألانيا تنكرت 
لسياستها المعادية للشيوعية الدولية ( الكومنترن) » ورفض.ت نصيحة [يطاليا بأن فرنسا 
وإنجلترا ستحاريان دفاعاً عن بولنده » واندفعت إلى الحرب متجاهلة تعهدها 
لحليفها بأن لا تخوضها قبل انقضاء ثلاث سنواث . وكان إعلان الدوئشى عن 
موقف : الدولة اللاعماربة و أكثر مما كان يحق تار من التاءحية القاذونية أن يتوقعه » 
بعد أن رفض الاسياع إلى موسوليى . وهلل الشعب الإيطالى بأسره ذذا الخطاب 
معتبراً إياه « اللحن الحنائزى » فى موكب تشييع الور إلى مقره الأخير . وتلقت 
الصحف الإيطالية » التعليات بأن تنشر اللتطاب فى صفحائمها الأول » ولى تمض 
أيام ثلاثة » حبى كانت الأوامر قد صدرت إلى هذه الصحف بنشر أنباء الحرب 
دون أى تحيز . ولكن موسولينى عاد فبعث فى الثالث من يناير عام ١94٠‏ برسالة 
إلى هتلر يؤكد له فيها أن كل ما قاله تشيانو » لا يعبر إلا عن وجهة نظره وحده 
أدق تعبير . وكانت هذه الرسالة من أقوى السائل الى كتبها الفوهرر فى ححياته : 

و ليس ثمة من يعرف أحسن مبى » وقد انقضى .على أربعون عاماً من التجارب 
السياسية » إن أية سياسة ولا سما إذا كانت من الطراز الثورى » تتطلب بعض 


اا 

المتطلبات التكتيكية الخاصة بها . فقد كنت من أوائل من اعترؤوا بالاتحاد السوفياق 
فى عام 1474 . وقد وقعت مع السوفيات فى عام 1917/64 معاهدة صداقة وتجارة . 
ولذا فأنا أفهم » ولا سيا بعد أن بان خطل توقعات ريبنتروب فى أن بريطانه! وفرنسا 
لن تدخلا الحرب » بأنلك فى حاجة ماسة إلى تجنب الحرب فى جبهتين . لكنك 
دفعت المُن غالياً بسماحك لروسيا » دون أن تطلق عياراً واحداً » بأن تغدو 
المستغل الأكبر فى بولندة ويحر البلطيق . 

ولكنى وأنا الثائر » الذى ُ يطرأ أى تغيير على تفكيره الثورى » أستطيع 
أن أقول لك » بأنك لن تتمكن من التضحية بصورة دائمة بمبادئ ثورتك ى 
سبيل المتطلبات التكتيكبة » إلا لفترة مرحلية . . . وعلى أن أضيف أيضاء أن أية 
خطوة أخرى فى علاقاتك مع موسكو ستيرك آثارا مفجعة فى إيطاليا » حيث 
لا شك فى إجماع الشعب على المشاعر المعادية للبلشفية » متميزة بالصلابة والإصرار )١(‏ 
أرجو أن أسمع منك أن هذا لن يحدث على الإطلاق » . 

وقد سلم اتوليكو هذا التوبيخ القاسى لحتلر » فقرأه : باهيام شديد ؛ .» وعندما 
غادر السفير الإيطالى مكتبه » راح يستدعى «جورنج وريبنتروب ليبحث معهماوهو 
فى ذروةٍ غضبه فى أمر هذه الرسالة . وأصر هتلر على وجهة نظره فى أن إيطاليا 
لن تدخخل ادرب إلا فى جالة نحقيق « انتصارات ألمانية عظيمة ولا سها على 
فرنسا» ‏ وآن اسيامها'ق الذرب:ق. مكل تهلله الحالة لا لض ولا يقيد 1 يفرضه 
من إتاوات باهظة على ما لدى ألمانيا من مواد ومخزونات . 

وطال الأمد على موسوليى ٠‏ وهو ينتظر رد هتلر على رسالته » لكن موقفه 
كان قد شرع فى التعرض للتبدل من جديد . وراح يلى فى مسهل شهر فيراير ١‏ 
خطابآ أفاضت الصحف فى نشره والتعليق عليه » أعلن فيه أن الإيطاليين يكادون 
يتحرقون شوقا إلى القتال « الى لابد من وقوعه » . وانتصف الشهر وهو لا يزال 
يتتظر رد هتلر » وراح يقول إن ليس فى وسع إنسان أن يفترض بأن ما تعانيه إيطاليا 
من نقص ف المعدات الحربية » يصلح مبرراً لتغييها عن القتال . ودون نشيانو 
ف يوميته فى الواحد والعشرين من فبراير يول ... «يعتزم الدودئى إرضاء 


)١ (‏ تطوع ألوف الإيطاليين الحرب ضد الاتحاد السوفياق دفاعاً عن فتلتدة . 


ل 
الألمان » . وكات موقف املك المعادى للألمان .» حافزا أيشبا أوسولينى على التلهيف 
على الحرب إلى جانبهم . وعندما وصل إلى سمعه ذات يوم أن الملك حمل على 
الحلف مع ألمانيا ويقارن بين ١‏ استقامة » البريطانيين وبين داع » حلفائه 
الطبيعيين » استشاط غضباً » وراح يصرخ قائلا . . . « كيف يجحرؤذاك القزم 
القِمئْ على أن يبين لى ما يحب أن أفعله ؟ أليس من الأفضل لتللك ١‏ السردينة » 
الصغيرة البليدة أن تشغل نفسها بهوايئها فى .جمع النقود الطغيرة . هذه هى هوايته 
وهلا هو الثبىء الوحيد الذلى يفهمه ١‏ . وراح يقول» إنه عندما تنهى الحرب ء 
فسيشير على هتلر بالقضماء على هذه المساخخر التافهة الى تحمل زى الملوك )» , 
ومضى يقول لتشيانو . . . :يريد الملك منا أن ندخل الحرب » عندما تغدو المهمة 
جرد جمع الصحاف المهشمة . وكلى أمل أن ل تتحط هذه الصحاف 
فوق رؤوسنا قبل أن نشترك فى الحرب . سحقاً من الإذلال أن يظل المره مكتوف 
اليدين بها يصنع الاخرون التاريخ . قد لا يبمنى كثيراً من يربح . فخلق الشعب 
العظم ؛ بتطلب الرج به فى أتون المعركة » -حتى ولو اضطر إلى ركل أفراده ى 
أقفيتهم ليدفع بهم إلها» . 

وكان البابا يتصرف فى رأى موسولييى بطريقة تثير الأعصاب ماما كالطريقة 
الى يتبعها الملك . لكن البابا الحديد لم يكن فى نظره » خالياً من العقل والمنطق 
كذلك ١‏ العجوز المستبد الصعب القياد ) بدوس الحادى عشر »© اللى لم يوفر 
لحظة واحدة » دون الهجوم فى أحاديئه على القومية المتطرفة » والمذاهب العنصرية » 
عندما ١‏ وقعنا .حلف الفلا ذ ‏ ء مما دعا موسوليى إلى التعليق بقوله إنه على استعداد 
( لتكسير بعض اطراوات على أقفية رجال الدين » . وقال مرسوئينى إن هذا لن 
يكون عسيراً عليه » فالإيطاليون ليسوا متدينين ولكهم يؤمنون بالحرافات . وه يستقبلون 
بسهولة فكرة العيش بدون الفاتيكان . ولكن بالرعم من أن الكردينال باشيل الذى 
خلف البايا ببوس المادى عشر فى كرسى البابوية فى مستهل عام 1988 » لم يظهر 
فى البداية عناداً ورغبة فى التدحل فها لا بعنيه كسلفه » إلا أنه شرع الآن فى تمثيل 
دور المزعج المضايق لاحكومة . فقد كان قاصداً رسولينًا فى أللانيا » وكان يحب 
الألمان » لكنه يرى أن واجبه يدعوه الآن للعمل بكل ما فى سعه لمنع إيطاليا من 


كما 

الخرب إلى جانبهم . وكان يواصلعن طريق الأب اليسوعى ببيترو ناثبى- فينتورى» 
الذى مثل البابا لدى قصر البندقية منل توقيع الاتفاق بين الفاشية والكنيسة » إذ جاء 
يقدم النصح لموسولبى بضرورة بقاء إيطاليا على امياد . ومبلغاً إياه رغبته فى السلام . 
ونشرت صعيفة الفاتيكان «اوبزر فاتورى رومانو» » هذه النصيحة مع بعض 
التعليقات السياسية الى كانت تخى بصورة ماكرة وإن كانت سهلة على العبيز 
مشاعر العداء للفاشية . ونشرت فى شهر عايو عام 194٠‏ » رسالة العطف الى 
وجهها البابا إلى ملك البلجيك وملكة هولندة وجراندوقة لوكسمبورج . وارتفع 
توزيع الصحيفة بسرعة البرق 2 نشاط العصابات الفاشية الى كان أفرادها 
يرهبون الراغيين فى شراء هذه الصحيفة عن طريق إحراق نسخها فى الشوارع » 
وضرب أصعاب الأكشاك الى تعرضها للبيع . واضطر موسولينى فى اللهاية إلى إبلاغ 
الفاصد الرسولى بأن على الصحيفة التوقف عن نشر التعليقات السياسية الى تفسر 
على أنها معادية للفاشية وإلا فسيجد نفسه مرغماً على إيقافها . وأحست الصحيفة 
بضرورة الحضوع . 

وكان من الأخطاء الخطيرة الى أخذها عليها موسولينى ووجد من العسير 
عليه أن يتسامح بها » معارضيتها للسياسة الفاشية الرسعية الى أيدتها بقوة ضحيفة 
( العهد الفاثى» الى يتولل روبرتو فارينائى إصدارها » وهى أن ليس فى إمكان 
إيطاليا أن تغفر لتلك البلاد الى أيدت فرض العقوبات عليها إبان الحرب الحيشية . 
وكانت هذه الفكرة تستبد بذهن موسوليى باستمرار . وقد لالحظ سمثرويلس(2)1 
عند اجماعه فى فبراير عام 144٠‏ بمرسولينى أن هذه الفكرة تؤلف كابوساً «سيطراً 
على موسولبى . ٠‏ 

وكان الرئيس روزفلت قد أوفد سمئرويلس إلى أوروبا » ليرى إذا كان ى 
وسع موسوليى أن يفعل شيثاً لعقد الصلح بين بريطانيا وفرنسا من ناحية والمانيا 
من الناحية الأخرى . وقد وصبل ويلس إلى رومه فى الحامس والعشرين من فيراير 
يحمل رسالة شخصية مطولة من الرئيس الأمريكى إلى الدوتشبى . وقد استقبله 

)١(‏ كان يشفل رمعياً منصب وكيل ونارة الخاريجية الأمريكية ولكن “م روزقلت كان يعتمد 
عليه كثيراً » ويوفده فى مهمات رسمية بالغة اللطورة . المحرب ى 


4 

موسوليى فى البداية استقبالا” بارداً كالثلج » واكن هذا البرود ما لبث أن ذاب » 
عندما أنحيا الزائر الأمريكى الآمال الكامنة فى نفسه فى الوصول إلى تسوية عن 
طريق التفاوض ٠‏ مقترحاً أن يطير روزفلت نصف الطريق عير المحيط الأطلسى 
مقابلته » وعقد. اجماع لابد وأن يترك آثاراً مدوية فى طول العالم وعرضه . وعندما 
غادر ويلس رومة فى التاسع والعشرين من فبراير كانت الامال العريضة تساوره . 
واكن لم يحل العاشر من مارس » -حى كان موسولينى قد عاد سايماً إلى المعسكر 
الألانى . فى ذلك اليوم بالذات وصل إلى رومه ريبنتروب متوخياً معاكسة أية 
تحفظات من جانب مرسولى تجاه حلفه مع ألانيا » قد تكون ناشئة عن تأثير 
المبعوث الأمريكى على أفكار مرسوليى أثناء محادثاتهما الأخيرة . ولم يكتف 
ريبروب فى هذه الزيارة الى حمل فيها رد هتلر الذى طال انتظاره على رسالة 
الدوّئى المؤرخة ف الثالث من يناير المنصرم » باستصحاب عدد كبير من 
سكرتير به وتراجمته وموظى وزارته » بل استصحب معه أيضاً حلاقه » ومدلكه » 
ومدربه فى ألعاب الحمباز وطبيبه . وعندما أكد له ريبنتروب بمنتهى الثقة والاطمثنان» 
أن ألمانيا توشك على تحقيق نصر عظم وحاسم » رد موسولينى ٠‏ بأن تدسحل إيطاليا 
فى الحرب الآن أصبح يقينآ » إذ أنها لا تستطيع البقاء حبيسة الحصار الذى تفرضه 
بريطانيا عليها فى ما أسماه الآن وى نص إعلانه الحرب فيا بعد ء «يجرها» . 
وعندما قرر هتلر بعد ثلاثة أشههر احتلال الداتمارك والأروج ء وبعث كعادته المألوفة 
بماكتزن حاملا رسالة إلى الدوتشى يخبره فيها بأنه شرع فى العمل فعلا » لح يبد 
الدوتشى أى انزعاج » وإنما قال على النقيض من ذلك إنه : يوافق على العمل من 
صمم فؤاده » . وبدا لماكنزن أن الدونشى لم يعد قادراً على أن يصبر على عدم 
دخول الحرب مدة أطول ء وقد زاد نفاد صبره عندما وصلته الرسائل المطولة من 
الفوهرر ء متحدثة عن الانتصارات الرائعة التى حققنا اللروش الألمانية . ولم يكن 
يستطيع أن ينصور كا ذكر تشيانو فكرة احهال كسب ألمانيا الحرب وحدها . 
لم يحل الواحد والعشرون من أبريل حبى كان الدوتشى قد غدا ١‏ متلهفاً على الخرب 
ومؤيداً للألان أكثر من أى يوم متمى 4 . 


وكان البريطانيون لا يزالون بشاركون الأمريكان أملهم فى إءكان الإبقاء 


م 
على إيطاليا خارج الحرب . ورغبة منْهم فى إظهار أثر الحصار البريطانى على تموين 
إيطاليا بالفحم الألمانى » عرضت الحكومة البريطانية على إيطاليا تزويدها بمانية 
ملايين طن من فحمها لتستعيض به عن الفح الألمنى. وخول الاورد لويد بوصفه 
رئيس المجلس الثقافى البريطالى » رغبة من الحكومة فى إظهار عدم وجود خلاف 
جوهرى بينها وبين الفاشية » بأن يصدر كتيباً حمل مقدمة تعليقية من الاورد 
هاليفاكس » تتضمن الملاحظات التالية . 

١‏ تطورت العبقرية الإيطالية فى النظ الفاشية التوذجية التى يمثلها عهد مغرق 
فى السيطرة لكنه لا يبدد على أى حال الحرية الدينية أو الاقتصادية » ولا يبدد 
أمن غيره من الدول الأوروبية الأخرى . ومن اللحدير بنا أن نلاحظ هنا » أن هناك 
فروقاً جوهرية بين بنيان الدولة الفاشية ومبادتها وبين بنيان الدولتين النازية 
والسوفياتية ومبادمهما . ويقوم النظام الإيطالى على صخرتين متينتين: » أولاهما الفصل 
بين الكنيسة والدولة » وتفوق الكنيسة لا ى قضايا الإيمان وحدها . بل وى قضايا 
الأخلاق أيضاً » ويانيهما حقوق العمالة . ويقوم الحهاز السياسى للفاشية فعلا 
على الحركة النقابية » بيمًا يقوم الحهاز السياسى للدولة الألمانية على أنقاض الحركة 
العمالية الألمانية م , 

وفى السادس عشر من مارو عام ٠ 194٠‏ أى بعد ستة أيام من تولى ونستون 
تشرشل دفة الحكر فى بريطانيا » بععث رئيس الوزراء » وكان يعرف أن عليه أن 
«يفعل كل ما فى وسعه للإبقاء على إيطاليا بعيدة عن الصراع » » برسالة إلى 
موسوليى الذى كان يتوقع منه هما ذكر للرئيس روزفلت فى اليوم السابق « أن 
يسارع لأخذ نصيبه من غنيمة الحضارة ؛ . وراح يكتب إليه بثلاث التعابير المتناهية 
فى البلاغة » والعزيزة على قلى الكاتب والمكتوب إليه » يقول . . ١‏ ترى هل فات الوقت 
على وقف خبر الدم من الانسياب بين الشعبين البريطانى والإيطالى ؟ ليس ثمة من 
شك فى أن الواحد منا يستطيع أن ينزل بالآخر . أكثر الأضرار بعنآ للألم , 
وأن يدقه بمنهى الضراوة والوحشية » لننزل بالظلام معآ نتيجة صراعنا على البحر 
الأبيض المتوسط . فإذا كانت مشيئتك أن يقع هذا » فلتكن مشيئتك » واكنبى 
أريد أن أعلن لك » أننى لم أكن فى يوم ما معادياً لعظمة إيطاليا . ولا خصما فى 


1644 
فؤادى للشعب الإيطالى الذى منح العلم قوانينه . . . وإنفى لأتوسل إليك » أن تؤين 
بأنى لا أكتب إليك ما أكتبه ؛ ولا أوجه إليك هذا النداء اللعدى الذى سيسجله 
التاريخ » نتيجة ضعف أو خخوف . ولا ريب فى أن النداء بأن لا يق الوارثون 
المشركون الحضارتين اللائينية والمسحية موقق العداء وجهاً لوجه فى صراع قتال » 
سيظل عير القرون والأجيال » مرتفعاً فوق كافة النداءات الأخرى . أتسمع هذا 
النداء ! أرجوك بمنتبى الإجلال والتقدير أن تسمعه قبل أن تصدر الإشارة اللخيفة . 

على أى حال لن نككون نحن الذين نصدرها » . 

وكان رد مرسوليى قاسياً » واكنه كان كنا اعثرف السير ونستون فها بعد 
( متميزاً بالصراحة على الأقل » : ْ 

وكتب الدوتشى يقول . . . : أبعث إليك لأرد على هذه الرسالة التى بعشت بها 
إلى » لأقول لك ء يأنك تعرف ولا شك الأسباب الخطيرة ذات الطابع التاريخى 
وال تفاى الى فرضت على بلادينا أن يقفا فى معسكرين متعارضين . وقد لا أجد 
نفسى مضطراً للعودة بذاك إلى ناريخ بعيد فى القدم » وإنما أرى أن أذكرك , 
المبادرة الئ قامت بها حكومتك فى جنيف فى عام 1410 » لتنظم فرض العقويات 
على إيطاليا المنشغلة فى تأمين مجال صغير حيانها نحت الشمس الإفريقية » دون 
أن تلحق أى أذى مهما ضْوْلٍ » بمصاحكم رأراضيكم ٠‏ أو بمصالح الآخرين 
وأراضيهم » وأود أن أذكرك أيضاً بوضع العبودية الفعلى والواقعى الذى تجد إيطاليا 
نفسها فيه فى بحرها!!) . وإذا كانت «حكومتك قد أعلنت الخرب على ألانيا لتشريف 
توقيعها والحفاظ على كلمتها » فإنك ستفهم ولا شك أن نفس الإحساس بالشرف 
وباحترام الالتزامات البى أكدتها معاهدة التحالف بين إيطاليا وألائيا هى الى 

توجه السياسة الإيطالية الرؤم وغداً مهما كانث الأحداث الى ستواجهها» . 

)١1(‏ ليس من الغريب أن تصدر مثل هذه الأقوال الاستمارية عن زعيم الفاشية الى تمثل ذروة 
امين الاستماري والأمبر يالى ‏ فهو لا يعرف شيئاً عن حقوق الشعب الحبشى الى أهدرها واغتصبها وداسجا 
بأقدامه ٠‏ وهو لا يرى على البحر الأبيض المترسط إلا صورة إيطاليا وحدها » الى تعتبر هذا البحر يحرها » 
وتعتبر الامبريالية البر يطائية معتدية عليها فيه . فهو فى أفريقيا لا ينظر إلا إكى وجود مصالم أمبر يالية 
لبر يطائيا أو غيرها من الدول الاستمارية . أما مسالح الشعوب الأفريقية صاحية البلاد والحقوق فلا قيمة لها 
عنده على الإطلاق » وكذلك لا قيمة الشعوب المتوسطية أو سقوقها فى البحر الابيض المتوسط .2 و المعرب » 


ل 

وكان السير ونستون يظن ١‏ أن الحكمة والروية تفرض على موسولينى أن يرقب 
انجاه سير الحرب » قيل أن يلزم نفسه وبلاده باتجاه لا يستطيع التراجع عنه ؛ . 
ولكنه بعد أن تلق هذا الرد » ل بعد لديه أدنى شك فى أن الدوتشى قد قرز الدخول 
فى الحرب إلى جانب ألمانيا . وتوصل الفرنسيون أيضآ فى نفس الوقت إلى عين 
النتيجة . وقد أعرب سغيرهم فى رومة » فرانسوا بونسيه عن إيمانه بأن موسولييى 
يريد أن يسرق « من ستالين مجد الضرب فى عدو هوى على الأرض ؛ . 

أما أن هذا العدو قد هوى » فلم تعد فى ذلك ذرةٍ من الشلك الآن . فقد شجعت 
الانتصارات فى الأروج هتلر على أن يشن هجومه على فرنسا والبلاد المتخفضة 
( هولندة وبلجيكا ) فى أوائل شهر مايو . ولم تحل باية الشهر محتى كان الحلفاء 
قد أرغموا على التراجع إلى دانكرك . وقامت اللتكومة الفرنسية فى الثالث من يونيو 
بعحاولة أخيرة ومحمومة لمع إيطاليا من مهاجمها فى اللحنوب » فأمرت سفيرها 
فرانسوا - بونسيه » بأن بحاول رشوة موسوليى بالتنازلك له عن بعض الأقالم » 
وهو عرض سرعان ما رفضه موسوليى رفضاً قاطعاآ . إنه لم يعد يكترث بالمفاوضات 
السلمية » وهذا ما قاله تشيانو بكل صراحة للسفير الفرنسى » إذ أنه قزر ختوض 
الحرب . 

وكان قد أعان لتشياذو رأيه قائلا . . . ل يعد فى وسعنا أن نننظر -لحظة واحدة. 
فالوقت يفوئنا . . . وقد سيق لى أن قلت قيل بضعة أشهر إن الخلفاء قد خسروا » 
وها أنا أقول الآن إنهم خسروا الحرب والنصر معآ» . وكان يصر على أن الشعب 
الإيطالى الذى لى من الإذلال والامهان ما فيه الكفاية » على استعداد للحرب 
الآن » بل وهومتلهف على القتال » وهو حْشى خشية شديدة من أن يضيع فرصة 
قد لا تلوح له ثانية . وراح يروى -حديثاً هاتفيدًا دار بين صعفبين والتقطته له أجهزة 
مخابرائه » قال فيه أحدههما إن « الأللان يلهمون كل شىء »2 . سشسقط حى 
نيس نفسها ف أيديهم الآن . فرد عليه الآخر قائلا . . . دلا تقلق » فالدوتشى 
يفكر فى كل شىء . والموضوع الآن ليس بموضوع حرب أو قتال » وإنما هو 
موضوع عدم التغيب عند افتسام الغنيمة » . لكن الشعب الإيطالى لم يكن فى 
الراقع » "كا أدرك معظ. الزعماء الفاشيين وإن لم يحرأوا على التعبير عن إدراكهم » 


5 
مستعداً لقتال أو متلهفاً عليه . فقد تحدث بوشينى إلى أصدقائه سحديثاً طافحاً 
بالأسى ٠‏ وإن كان هؤلاء الأصدقاء قد شكوا فى أنه أعاد على مسامع الدوتشثى 
آراءه المتشائمة » عن الوضع الداخلى السى' » والفاقة المنتشرة فى البلاد » والهبوط 
فى مكانه العهد وهيبته » وقلق الشعب من الاشتراك فى الحرب » وهذا هو الأهم . 
ولم يكن نمة شك فى أن الشعب قد هلل لفصل عدد من الفاشيين الميالين إلى 
الحرب من مناصب الحزب القيادية فى أكتوبر المافى »© إذ أن البلاد كانت تحس 
بالقلق اليائس من احهال دخوطا فى الحرب « وكان تبليله أشد لاستبدال سترائئى 
الذى كان دى بونو يلقبه « بالمهرج الشرير » ى سكرنيرية الحزب العامة » بايتورى 
مش » صديق تشيانو . والرجل المقبول والأقل دعوة إلى الخرب . وكان الشعب 
بأسره » ابتداء بالملك الذى منح قلادة « انونزياتا » الرفيعة الشأن لتشيانو لكسبه 
إلى صفه فى سياسته الحيادية وضمان تأييده له ضد عداء موسولرى المترايد للماكية » 
وانهاء بالفلاحين الفقراء والعمال الصناعيين » ضد اشتراك إيطاليا فى الحرب إلى 
جانب ألمانيا . ولم يكن ميثاق الفرلاذ قد اكتسب شعبية فى البلاد فى أى يوم منذ 
توقيعه » فجاء غزو الألمان لبوإنده » وجعله مكروهاً إلى النفس مقيع . وكانت 
فكرة جر البلاد إلى الحرب تحزن الكاثوليك الذين كانوا يحشون اضطرارم لقتال 
تأييدا لعهد كان يناوئ الكثلكة مناوءة مكشوفة وصريحة » كنا كانت تزعج ذوى 
الميول الحرة الذين خافوا بأن تضع الحرب نباية لأماهم فى بعث اللترية واستعادتها . 
وأحزنت الفكرة أيضاً الوطنيين الإيطاليين الذين فزعوا من أن يؤدى نصر الألمان 
إلى نباية استقلال إيطاليا » كا أثارت الفاشيين الأوسم تفكيراً والأكثر إطلاعاً » 
إذ أنهم كانوا يعرفون أن البلاد مفتقرة كل الافتقار إلى الاستعداد لالحرب » 
بالرجم من بيانات الحزب عن الإنفاق العام وإدعاءات الدوتثئى بوجود : عدد من 
ملايين الحراب ؛ . ولم يسبق لسمعة الفاشية أن هبطت إلى مثل هذا الدرك الذى 
هيطت إليه الآن . فقد شرعت تفقد دع حى ألنك الماليين الأثرياء من أمثال 
الكونت فولبى ٠»‏ الذى عمل فى الماضى كثيراً لمد يد العون إلبها فى أرقات ضائقها . 
وف مثل: هذا الحو من التقزز والانحلال المعنوى . أعلنت إيطاليا موقفها : اللامارب» 
فأحست البلاد يشىء من الارتياح أزاح عن صدرها الهموم . وى هذا يقول المؤرخ 
الإيطالى اوبجى سالفاتورى . . . وقد لا يكون من اليسير عرض صورة واضحة 


١ ام‎ 


عن مشاعر الرضى العامة وإلعميقة » وأحاسيس الاتفراج والراحة » الى عمت 
الشعب بأسره من جراء إعلان موقض اللانعازبة » بما ف ذلك الفاشيون أنفسبم ؛ . 

لكن الحقيقة المحزنة تظل قائمة » وهى أن الشعب الإيطالى » عندما اتضح له 
أن هذه المرحلة فى السياسة الإيطالية قد مرت » وأن يلاده تقترب من الحرب » 
قابل ذلك بشبىء من الاستسلام المتخدر الكربه » إذ كان هذا الشعب قد بات 
فى منتبى الكسل والترهل بعد سيعة عشر عاماً من بث العقيدة الفاشية . فقبل ثلاثة 
أعوام :' صدر كتاب مدربى » فرضت الدولة قراءته على الأطفال فى المدارس 
الرسمية .. وتقول إحدى العبارات السفسطائية فى هذا الكتاب : « إن الطفل الذى 
يتساءل بالرغي من عدم رفضه الإطاعةء عن السبب » يشيه حربة مصنوعة من 
الحايب . فقد قال الدونشى وهو يشرح أسباب الطاعة » إن عليكم أن تطيعوا » 
لآن الطاعة واجبة عليكم ؟ . 

حقنًا لقد كان تفسيراً » نشأ الأطفال على قبوله . وقد أدرك موسولى قبل 
بضع سئوات » أن من الواجب عرض كل ما يقوله » وكأنه حقيقة لا تقبل النقض 
او الشلك . فن الواجب عدم السهاح للملكات الناقدة عند الشعب بالعمل 
ولا ريب فى أن أكثر القواعد البى يضعها الديكتاتور فاعلية » هى أكثرها غموضاً » 
بل وهى أكثرها ء وفى أحايين كثيرة نخلواً من المعبى . 


5 


كان هتلر قد اقترح فى نباية شهر مارو عام 194٠‏ » أن تشن إيطاليا 
هجوبها بعد ١‏ تصفية المعاقل الإنجليزية والفرنسية البلجيكية » وبعد أن يكون 
الآلمان قد باتوا قادرين على القذف بكل ثقل قوائهم على مدينة باريس . وقد رافق 
موسولييى على ذلك الاقتراح وكان يدرس فى ثلك الاونة فكرة الشروع فى التدخل 
فى نباية يوندو . وأكن عندما بدا اليش البلجبكى على رشك الاستسلام » قرر 
موسولييى أنه لم يعد فى وسعه الانتظار' مدة أطول . وقد شجعه على ذلاك ما اعتيره 
حماساً مفاجتاً من جانب الشعب الذى يريد و كالعواهر » أن يكون دائماً إلى 
جانب الظافر المنتصر . وأحس حتى تشياتو » بأن مزاج الشعب قد تبدل » وقد 


144 
دهش من أن يرى الناس يستقبلونه استقبالا .حماسياً فى كل محطة مر بها القطار 
الذى كان يستقله عندما قام فى شهر مايو برحلة إلى الساحل الشرق حيث سمع 
١‏ أصواتاً كثيرة تطالب بالحرب » . وجاءت ايدا فىنفس الشهر إلى قصر البندقية 
لترى والدها » ولتنقل إليه أن البلاد باتت تريد الحرب الآن » وإن مواصلة السير 
على سياسة الحياد « محطة بشرف إيطاليا» . وأيد الماريشال رودلفو جرازياق » 
الفاتح الإيطالى للممتلكات الأقريقية » والمؤيد للألمان وجهة النظر هذه . 

وعندما وصلت إلى مسامع موسوليى أنباء استسلام اليش البلجيكى ى 
الثامن والعشرين من مابو » راح يستدعى ماريشال القوة الحوية ايتالو بالبو ورئيس 
أركان حرب القوات البزية الماريشال بيترو بادوليو » ليبلغهما أنه قرر إعلان 
الحرب فى الخامس من يونيو . وروى بادوليو أنه قال للدوتشى إن إعلان الخرب 
انتحار . ورد موسوليى بشى؛ من الصلافة . . . لست أيها الماريشال فى وضع 
كاف من الحدوء حيث تستطيع فيه الحكر على الموقف . وف وسعى أن أؤكد اك 
أن كل ثىء سينتهى قبل شهر سبتمير » وأن كل ما احتاج إليه بضعة ألوف 
من القتلى لأنجلس إلى مائدة الصلح كرجل اشترك فى الحخرب» , ' 

وكان وهو ينطق بهذا الحديث ٠‏ واقفاً وراء مكتبه وقد وضع يديه فى 
خاصرئيه » متطلعاً بصرامة إلى الماريشالين القلقين . وكان الناس يرون أنه فى 
مثل هذه اللحظات يكون على استعداد للتحول فى رأيه فجأة من ثاحية إلى الناحية 
المعأاكسة » واتسخاذ القراراث المتناقضة الى يعدها ببدوه ويستوحيها بمكر » وكانيا 
يقواون عن هذه الللحظات إنما سلتظات الإهام اللمادع » الى يبدى فيبا براعة 
غريزية فى اتباع أسالبب مكيافلى . ولكن الشىء الثابت ٠‏ أن بادوليو كان فى 
اليوم التالى » كنا قال تشيانو » يعد للحرب راضياً هادثاً . 

تقرر بناء على طلب من هتلر ؛ تأجيل موعد دخول إبطاليا الخرب » عدة 
أيام أخرى . وأخيراً » راح موسوليئ فى العاشر من يونيو بعد أن أعد العدة لتعيين 
نفسه قائدا أعلى للقوات الإيطالية فى الميدان مغيراً ضيق الملك » بذلك » ولكن دون 
أن يستفزه هذا الضيق على الاحتجاج » يخرج إلى شرفة قصر البندقية » حيث أطل 
على الجماهير الحاشدة الى ارتفعت هتافاتها ٠‏ ولكن بشكل آلى » وقال بصوته 


164 
الحهورى المرتفع 00 

ديا أيها المحاربون فى الأرض «البحر وابدو . يا رجالنا من ذوى القمصان 
السوداء ومن أبطال الثورة . يا رجال الفرق المتطوعة ؛ يا رجال إيطاايا ونساءها» 
ويا يجال اعيبر اطوريتنا وملكة أليانيا ونساءهما , اسمعوا وعوا ... فقد دقت ساعة 
المصير فى سماء بلادنا . أنبا ساعة اتخاذ القرارات الى لا رجوع عنها . فها نحن 
ندخل قائمة المحاربين. ضد البلوتوقراطية والديمقراطية الرجعية فى الغرب . اللتين 
طالما أعاقتا طريق تقدمنا وتآمرتا على وجود الشعب الإيطالى نفسه . . 

«سبق لى أن قلت فى أجماع خالد عقدناه فى برلين إن قواعد الأخلاق 
الفاشية » تقضى بأن يسير الصديق مع صديقه حتى النباية . وقد فعلنا هذا وسنفعله 
مع ألمانيا وشعبها » وقواتمها المسلحة الظافرة .. . 

د وها هى إيطاليا الفاشية البروليتارية تقف للمرة الثالثة على قلعيها قوية متكبرة 
وستحدة » بصورة لم يسبق لها نظير فى أى يوم عضى . وهناك كلمة سرية واحدة 
مفردة وقاطعة تر بطنا جميعاً . وقد راحت هذه الكلمة تحلق فى الأجواء » وتلهب 
الحماس فى الأفئدة من جبال الآلب حبى المحيط الحندى » داعية إلى النصر . 
أجل سننتصر . وستقدم لإيطاليا أخيراً عهداً طو يلا من السلام المصحوب بالعدالة » 
مع عهد ممائل لأوربا ولعالم . يا أبناء إيطاليا ... هيا إلى السلاح . اظهروا 
شجاعتكم وصلابتكم وجدارتكم باغيد » . 

وكان مرسولييى قبل بضع ساعات من هذا الحطاب قد نقل إلى السفيرين 
البريطانى والفرنسى » نواياه بصورة أقل تمثيلا ومسرحية . 

ويقول تشيانو إن السير برسى أورين »؛ تلنى ذللك ١‏ دون أن يُطرف له جفن: 
أو يتغير لون . واكتى بأن يدون نص العبارات الى استخد:ها » سائلا إياى 
عما إذا كان سيعتيرها يرد معلوهمات مسبقة أو إعلاناً ميا للحرب . وعندمنا عرف 
أنبا تعى إعلان الحرب » راح ينسحب بكبرياء وكياسة . وتبادلنا عند الياب 
مصافحة طويلة ودية ) . 


ولم تكن المقابلة مع فرانسوا بونسيه » أقل وداً وكياسة . 


14 

وقد فاجأه تشيانو وكأنه يعتذر له بقوله . . . « أتوقع أن تكون قد فهمت 
السبب دن استدعاق إياك ...6 

فرد فرانسوا ‏ بوئسيه 3 وكأنه يبت.م . 221 فأنا لست مغرقاً فى الذكاء . 
أما الآن ء فلعلى قد فهمت الوضيع » . وكان كزميله السير برسى لورين * قد 
أدرك منذ حين 6 أن الخرب واقعة لاريب فها ع وآن ميسوايق كان قل قرر مصير 
بلاده , 

وتلا تشرانو على مسامعه إعلان الحرب . 

وعلق فرانسوا ‏ بونسيه » والألم حر فى نفسه . . . 9 إنها ضربة خنجر توجه 
إلى ظهر رجل هوى » لكن الشكر لكي لأنكم استعملم قفازاً من الخرير ى حمل 
الخنجر ؛ . 

وأضاف قبل أن يغاهر القاعة » تحذيرآء كان على تشرانو أن يذكره . 
و ولكن الألمان سادة قساة » ولا ريب فى ألكم ستعرقون هذا » . 


7 


وحم جو من الصمت الحزين الرهيب على مدينة رومة فى تلاك الليلة . ومو 
مراسل ١‏ التايمر » وهو ق طريقه إلى بيته حزم أمتعته » بطريق أوميرتو و بميدان 
سيانا دون أن برى راية واحدة قد ارتفعت . وجاءه عدد من أصدقائه الإيطاليين 
يودعونه » مارين بالشرطى الذى يقف حارساً على مدخل داره ٠‏ ووقفوا يتمتمون 
يجانبه ثم صافحوه يشيى ء من اللحزن وكأ نهم يعتذرون إليه . 

وسبق لكافور(١!‏ أن قال . . . وإن الحهتافات ف الميدان لا يمكن أن تعتبر صورة 
للرأى العام : 


)١(‏ كافرر - مياسى إيطالى » كان رئيساً لوزراء ملكة سروينيا الإيطالية فق النصف إلثانى 
من القن التاسم عشر ؛ لعب دوراً يارزاً فى تحقيق الوحدة الإيطالية . والبرتة 


15١ 


؟ 
القائد الأعلى 
من ٠١‏ ونيو ١948‏ حرى 58 أكتوبر ١147‏ 
...كانت لدى كرومويل فكرة دائعة . . . وهى السلطان المطلق ى 
والدولة »عدم الحرب , . ١‏ 

سارت الحرب منذ البداية سيراً سيثاً بالنسبة إلى إيطاليا . فقد اتضح على الفور 
وبصورة مؤلة' » أن البلاد غير مهيئة وض حرب رئيسية بالرغم من الحقيقة 
الواقعة »ء وهى أن أكثر من نصف انفاق الدولة كان يصرف فى السئوات العُان 
الأخيرة على الأهداف العسكرية ليس إلا . وكانت الحرب الأسبانية الطويلة » 
قل استنزفت الكثير من الموارد الا<تياطية العسكرية غير الكافية » وهى الموارد الى 
كاذت الحرب الحبشية قد أضعفها » وهبطت بها إلى مستوى خفيض للغاية . ومع 
ذلك فإِن السياسات غير المنسقة والمتناقضة البى اتبعها دوائر الحكومة التلفة قد 
سمحت بتصدير مخزونات قيمة للغاية إلى إنجليرا حمى بداية عام 194٠‏ » وكتللك 
إلى فنلنده الى تضمنت الصادرات ليها أعداداً من الطائرات بعد هذا التاريخ (21. 
وكانت «عظم معدات اليش إما من الطراز القديم أو من الطراز المنسوخ 
الذى بطل استعماله . ففرق المدفعية تستخدم مدافع كانت تستعمل منذ 
عام 1914 »2 وكانت الفرق المدرعة المزعومة » مفتقرة إلى السبارات » حى أن 
كارمين سينيز ٠‏ رئيس الشرطة » قال إمها كانت تقترض بعض سياراته للقيام 
بالعروض العسكرية . وكان السلاح ابلدوى أيضاً مبىء الإعداد للغاية » كالم تكن 
لدى الأسطول ٠‏ حاملات طائرات ؛ أو سلاح جوى . وأثبتت التعبئة العامة التى 
جرت أيام غزو البانيا فى أبريل عام 1484 » أن أعددا من الوحدات المسجلة 
كفرق على الورق ؛ لم تكن فى الواقع أكثر من مجرد بضعة أفواج » وعندما حلت 
)١(‏ هناك مثل آخر على تناقضات السياسة الفاشية وارتباكاتها » وهو أنه عند ما تم الترقيع على 
هيثاق مكافسة الشيومية مم اليابان : كانت هناك باخرة تحمل بعض المُوينات إلى الصين ء ورغبة فى 
تجنب الحرج ؛ صدرت الأرامر إلى قبطانها بإغراقها على مقربة من الساحل الصيثى .2 « الولف م ' 


4 
نباية صيف ذلك العام » اضطر موسوليتى نفسه إلى الاعثراف » بأن عشر فرق 
فقط من مجموع السيعين فرقة الى كان قد زع أن اخيش الإيطالى يملكها » 
صاحة للعمل . وكان رئيس أركان حرب الحيش فد ادعى فى مسببل عام 1918 ؛ 
أن عنزونات اليش وإنتاج المعدات والنشائر » ستكون فى نهاية الربيع المقبل » 
كافية لحرب واسعة النطاق ,. لكن الخنرال كارلو فافا جروسا وكيل وزارة الإنتاج 
الحرلى » أعلن ف الواقع قبل نشوب الحرب بستة أشهر » أنه لو استطاع تأمين 
جميع المعدات الى يحتاج إليها » ثما يتطلب تشغيل المصانع فى ذوبتين ( ورديتين ) » 
فإن أقرب موعد ء يمكن للبلاد أن تكون متأهبة فيه الحرب » سيكون ف أكتوبر 
عام 1447 . وكان ابكنرال فال ٠‏ وكيل وزارة الطيران قد قال إن لدى [يطاليا 
أكثر من ثلاثة لاف طائرة صاحة للعمل » بيها كان مجموع ما لدبها » لا يعدو 
ف الواقع ألف طائرة . وكان اللمترال باريانى وكيل وزارة الحرب » قد أقنع 
موسوليى بأن فى إمكانه تعبثة تمانية ملايين رجل فى غضون بضع ساعات » بيما 
م يكن ف الإمكان فى الواقع تعبئة أكير من نصف هذا العدد فى غضون عدة 
أسابيع » مع تحقيق ذلك على حساب الصناعة والزراعة بشكل مفجع . وحاول 
الأميرال كافانارى وكيل وزارة البحرية » أن يظهر الحالة السيثة البى تسود تلن 
الدوائر والوزارات لا وزارته وحدها والى تجعلها غير مستعدة للحرب » ولكن 
الدوتشى "ا روى الأميرال » ل يتأثر على الإطلاق بأقواله » ولم يكن يقبل النصيحة . 
وحاول دى بوزو ذات يوم ء أن يحذر موسولينى من تصديق أقوال فال و الأحمق » 
وباريالى : الخائن » » ولكن موسوليى لم يصغ إليه » ثما جعله يقول . . ٠.‏ إنه 
لا يصدق إلا ما يريد أن يصدقه » . وكان رافائيلو ريكاردى » وزير التجارة » 
دائم التحذير له من المتاعب الاقتصادية الى تواجهها البلاد » ولكنه كان يرد 
بمتبى البلادة » أن الحكومات لا تبوى بسبب المتاعب الاقتصادية » وكان يؤثران 
يستمع إلى ثاؤون دى ريفيل وزير المالية » الذى كان يقول له إن كل شىء 
على ما يرام » وأن فى مكنة إيطاليا أن تصبح ثرية من بيع روائع الفن . وكثيراً 
ها تساءل الوزبر . وقد مل عن موقفه . . . « ترى ما الذى يصنعه الدوتشى ؟ 

إنه ا يبدو غارق فى شؤونٍ التدريب ليس إلا ؛ . 


لل 
ولكن بالرغم من أن قدرته على خداع نفسهء كانت بلا حدود كنا يبدو ) 
لم يكن ثمة شلك فى أن موسولينى كأن يعرف تمام المعرفة أن بلاده غير مستعدة 
للحرب . وقد اعترف ببذه الحقيقة بعد اهيار إيطاليا الهالى ى حديث له مع 
الأميرال ميجيرى ء قائلاة إن إيطاليا كانت أفضل استعداداً قبل اهرب العالمية 
الأول » مها قبل الحرب العالمية الثانية . فقد اشغل وزارات القوى الحربية الثلاث 
مذ عام 6 ححى اللهاية ولم يتخل عنها إلا فرة قصيرة بين عانى 1554 و"19819؛ 
وباارغم من رغبته فى أن يصدق ما بريد أن يصدقه ليس إلا » بأن يتجاهل 
ما وسيثه » وفى أن يدفم بالعمل إلى مساعديه من غير الأكفاء » وأن يشخل نفسه 
ب؟كشية الأوزة أو وعد تبديل الملابس الشتوية بالملابس الصيفية أكثر من انشغاله 
بالقضايا المهمة والملحة حقاً » وأن يضحى بالحقيقة على مذبح الدعارة ووبااواقع على 
مذبح الأعل » إلا أنه كثيراً ما وجد نفسه مرغماً على أن يدرك ؛ بأن ما يقدم إليه 
من معاومات وأرقام ؛ لا تفتقر إلى الدقة فحسب » بل ومضللة كل التضليل أيضاً . 
وكتب تشيانو فى أبريل عام ١94‏ يقول . . . : وهو يعتقد أن وراء الظواهر 
الى يحافظ الجميع عليها إلى حد كبير » ليس ثمة إلا القليل » . وتلى بعد خسة 
أشبر أى ف الثامن عشر من سبتمير » تقريراً من جرازيانى يبين أن هناك عشر 
فرق ليس إلا متأهية للقتال » لا تلك الأعداد الضخمة التى كثيراً ما نباهى يوجودها 
كقوى تصلح للخط الأول . أما الفرق الحمس والثلائون الأخرى » فرقعة » وغير 
كاءلة » وسيئة الإعداد » . وذكر تشيائو « أن الدوتشى اعترف ببذه الحقيقة» 
وأطلق بعض العبارات الى تنطق بالمرارة عن الوضع الفعلى للجيش » الذى كان فى 
هذه الآونة فى منهى السوء ع . وبعث الحثرال فافا جروسا فى اليوم الذى سبق 
اعلان الحرب مباشرة إلى موسولينى بتفرير قاتم للغاية عن افتقار إيطاليا إلى 
الاستعدادات مؤكداً بوجه خاص على نقن سائل الدفاع ضد الطائرات . 
لكن موسوليبى كان مصمماً على أى حال على المشى إلى اهرب لا و لأن 
الأخلاق الفاشية تتطلب ذلك » فحسب » بل ولأنه كان على دين من أن الصلح 
سيتحقق قبل أن نتكشف حقيقة الادءاءات الفاشية الزائفة . وتبينت ثقته عن أن 
الحرب ستدهى قريباً » من الحقيقة الواقعة » وهى أنه لم يصدر أية أوامر برقف 


144 
عمليات البئاء فى مكان المعرض الذى تمتد مساحة أرضه مثات الأفدنة : والذى 
كان من المقرر أن يدهش العالم بأسره ى خريض عام 1947 © كا أن عمليات 
التسريح سارت على قدم وساق قى خريف عام 154٠‏ بعد اهيار فرنسا » ربعد 
أن اتضح أن الغزو الألمانى لإنجاترا بات شيل الوقوع . ولا كان مهتم بالغ 
الاههام ؛ بأن حقق جيشه تقدماً رمزيا على الأقل وراء جبال الألب » قبل أن 
ينبى الألمان الحملة كلها » فقد أصدر أمره بالمجوم فى غضون ثلاثة أيام بالرغم 
من أن مستشاريه كانوا قد نصحوه بأن الحيش فى حاجة إلى ثلاثة أسابيع على 
الأقل » لإعداد العدة لمثل هذا الحجوم . وعندما طلبت فرنسا الهدنة بعد أقل من 
أسبوع واحد من إعلان الخرب » وقبل أن يحقق أى نصر رمزى + أحس بالقلق 
والفزع » وراح يسافر إل المانيا ليجتمع إلى هتلر » ليبحث معه فى الششروط الى 
يحب فرضها على فرنسا » واعياً تمام الوعى » وبحزن بالغ على حد تعبير تشيازو » 
إلى أن رأبه لن ييحمل أكثر من « الطابع الاستشارى » . ومضى تشيائو فى يومياته 
يقول ... وفقد كسب هتلر الحملة كلها دون أى إمهام عسكرى فعلى من 
جانب إيطالها » وستكون ختلر بالطبع » الكلمة الأخيرة فى الموضوع . ولا ريب 
فى أن هذه الحقيقة أحزنت موسولينى وأزعجته . وكانت آراقه فى الشعب الإيطالى » 
ولا سها فى القوات المسلحة فى متتتهى امرارة . . . ويحتنى الدوتشى فى الواقع ع 
أن تكون ساعة الصلح قد دنت » وهويرى أن ذلك الحلم الذى عاش حياته كله 

دون أن محققه » وهو أحد فى حومة الوغى أخذ ممتتى من أمامه من جديد » ' 


وازداد تذمر موسوليى من الشعب الإيطالى مرارة وشدة مع ورود الأنباء إليه 
عن الطريقة المفتقرة إلى الحماسة »الى كان هذا الشعب وض الحرب فيها . وكان 
تذمره من دول الحرب أصلا ‏ ولاريب فى أنه مع بهذا التذمر بالرغي من بياناته 
العامة المتكررة ؛ قد أوصله إلى حدود المياج الغاضب . وكان شتاء عام ١974‏ 
الشديد البرودة قد أثلج صدره . وكان يرقب الثلوج وهى تتساقط فى شبر 
ديسمبر ويقول ... «لا ريب فى أن هذه الثاوج «البرد الذى يفوق الحد » 
مناسبان لنا تماماً . فيهذه الطريقة يمكن تحسين الشعب الإيطالى الذى لا يصلح 
لشىء ؛ والذى يمثل دون الوسط فى درجته . وكان من أه الأسباب الى 


ل 
دعتى إلى الآمر بتحريبج جبال الايبنين » أنى أرغب فى أن يصبح طقس 
إيطاليا أكثر برداً وثلوجاً » . وعندما وقعت أزمة خطيرة فى موجودات الفح فى 
شهر يناير » سر غاية السرور من جديد » إذ أن من امير تعريض الشعب نحن 
تجعله يطرح عن نفسه كسل القرون القديمة العقلى ٠‏ فعلينا أن نببى على انضباط 
الشعب » وأن نجعل أفراده يرتدون البزة العسكرية ليلا ونهاراً . آه لو كان فى 
إمكاننا أن نضر بهم ونضر بهم ونضر بهم ١‏ , 

وكان يشكو دائماً ويقول ... «إنى بحاجة إلى المادة الخام لأصنعها . فقد 
كان ميشيل انجيلو فى حاجة إلى الرخام ليصنع تماثيله منها . ولو افتقر إلى الرخام 
ولم يحد إلا 'لصلصال بين يديه ء لما أصبح إلا مجرد صانع للخزف . فالشعب 
الذى قضى ستة عشر قرناً مثل دور ااسئدان » لا يمكن أن يصبح مطرقة ف غضون 
بضع سنوات ١‏ . وكان يطلق على الإيطاليين اسم و شعب من الأغنام » . وى تكن 
الكانية عشر عاماً الى انقضت على العهد الفاشبى كافية لتغيير طبيعة هذا الشعب . 
وظل طيلة أيام الحرب يتحدث بهذه اللغة . فكل هزيمة مبى بها بل وكل نكسة » 
تع مسئوليها فى رأيه الغاضب على هذا الشعب ١‏ الناعم الذى لا يسوى شيئاً ؛) . 
والذى جعل منه الفن شعباً هشا قابلا” للكسر » بها ظل كل نصر يحققه الألمان » 
يثير ى نفسه لحفة حزينة على فرص تقليده ووسائله . وكان تفكيره يقبل كل 
إيماءة إلى نصر إيطالى ركأنها حقيقة واقعة لا تلبث الصحافة أن تتحدث عنها » إلى 
أن غدت الحيالات حقائق ووقائع » وباتت التقدمات الطفيفة انتصارات ضخمة 
ولم بكد شبر واحد يبمضى على نشوب الحرب » حتى ‏ كان يصر إصراراً أحمى 
على تصديق جميع الأنباء المتألقة البى تلقاها عن القرة ابدوية الإيطالية » وعلى أن 
الأسطول الإيطالى قد « أزال من الوجود نصف القوة البحرية البريطائية الموجودة فى 
البحر الأبيض المتوسط » . ركان يرضى عن الأنباء الطيبة الى يتلقاها من جبهات 
القتال » ويثور أشد الثورة عندما يمخيب أمله أو تصله أنباء مزعجة » ما دفع 
الكثبرين من قادته العسكريين إلى إخفاء الأنباء الى قد تثيره عنه » مكتفين 
باطلاعه على الأنياء الى ترضيه » ومهولين فيها ى معظم الحالات . ويبدو أن 
المسثولين فى حكومته قد أخفوا عنه الحقيقة الرهيبة ٠‏ وهى أن موازنة الدولة لعام 


14 
4٠‏ 1441 ع تعرضت لعجز قدره ثمانية وعشرون ألف مليون ليرة إيطالية . 

ولا كان قد فشل فى توجيه ضربة قاصمة ورانة إلى فرنسا . فقد ظل يتطلع 
بفارغ الصبر إلى هدف آخر . وراح يدرس فكرة توجيه هجوم ضخ على مصر 
من ليبيا حيث تعزز الحيش الإيطالى تعزيزاً كبيراً » 15 درس فكرة الهحجوم على 
ييجوسلافيا . وكان قد ذكر للماريشال جراز يافى فى توجيه حرلى وجهه إأيه ؛ 
قبل إعلان الحرب . . . 3 عليئا أن نجبر يوجوسلافيا على الركوع على ركبتيها . 
فحن فى حاجة إلى المواد الأولية » وعليتا أن نحصل عليها من المناجم اليوجوسلافية ) 
وقد حذره الألمان من الحجوم عليها » نخافة إثارة عدد كبير من « الكلاب » ف 
أوربا الشرقية » بِيها نصحه جرازيانى بعدم القيام بهجوم على مدير لأنه يمثل 
«شروعاً خطيراً » لم تكن الإعدادات له مهيأة على الإطلاق ؛ . لكن موسواهى 
أصر على رأيه » بأعلن فى الجلسة التى عمّدها مجلس الوزراء قى السابع من 
سبتمبر ؛ إنه مالم يقع اهجوم فى يوم الاثنين التالى ) فإن جراز يافى سيستبدل بقائد 
آخر . وبالرغم من أن جميع القادة الذين كانوا يعملون تحت إمرة جرازيانى هذا » 
كانوا ضد فكرة الحجوم ؛ كا قال قائدهم ‏ فقد اضطر إلى الإذعان » 
وأصدر أوامره بالشروع فيه . وعلق تشيانو فى يوعياته على ذلك بقوله ... «لم يسبق 
لآية عملية عسكرية أن وقعحت ضصد رغبة القادة المسئولين علها كهذه العملية » . 
لكن الواقع أن جرازيانى وبادوليو » ما كانا ليجرءا على الإصرار على وجهات 
نظرهما ق حتبور الدوتشى . 

وبدأ المجوم ف الثالث عشر من سبتمبر . ولم نمض أيام أربعة » حتى كانت 
ست فرق » وثمانية أفواج من الدبابات » قد تقدمت مسافة ستين عيلا إلى سيدى 
برانى » ويقول تشيازو إن « الفرح الغاءر استيد بموسوليى ؛ . ولم يسبق أن شبد 
الناس الدوتشى ى مثل حالته من ١‏ الفرح الطاغى » والمزاج المرح 6 » هما شهدوه 
فى الرابع من أكتوبر . لكن الحيش الإيطالى توقف عند سيدى برانى » وظل 
جرازيلى ثلاثة أشبر » يرفض التقدم . بها يصر موسوليى على القيام بجوم خاطف 
على المواقع البر يعلانية فى مرسى مطروح . 

وى هذه الأثناء » اختار موسوايبى ضحية جديدة له » ليظهر امتعاضه » 


١4/ 
. كا قال أحد جترالاته » هن قادته العسكريين : ولبعرض استقلاله عن هتلر‎ 
» فنذ بداية شبر يوليو » كان ارال دى فيثى » الخاكم العام ف الدوديكانيز‎ 
قد بعث ببرقية يقول فيها إن طائرات البريطانيين وسفنهم تجد الملجأ والوقود والمؤن فى‎ 
: مطارات اليوئان وعوانثها . وأخذ يعد العدة منذ ذلك اللبين هجوم على اليونات‎ 
وراح يعان فى الثانى عشر من أكتوبر أنه وصل إلى قراره النهاتى . فقد اعترف دون‎ 
أى من وخز الضمير : بأن احتلال هتار غير المتوقع لرومانرا دو الذى دفعه إلى‎ 
قراره هذا ؛ وراح محدد موعد الحجوم بجاية الشهر . وذكرته حركة هتلر ضد‎ 
ما زال‎ ١ . . . رومائيا » بتكتمه السابق فى عملياته السابقة فى الغرب » وراح يقول‎ 
هتلر يصر على أن يواجهوى دائما بالأمر الواقع . وسأدفع له هذه المرة دينه » بنفس‎ 
العملة الى يستخدمها . وسيترأ ى الصحف أنى احتللت اليوئان . وسنعيد بذاك‎ 
هما ذكر » إلى اتفاق مع‎ ٠ التوازن إلى رضعه السابق » . ولم يكن قد توصل بعد‎ 
بادوليو » ولكن او أن أحداً فكر فى معارضة الحجوم » فزن عليه أن يقدم‎ 
استفالته هن الحنسية الإيطالية » . وكتب إلى هتلر فى الثانى والعشرين من أكتوبر‎ 
يطلعه على نواياه » وكان هذا فى طريقه إلى : هيندالى.» ليقوم باهذولة الفاشلة فى‎ 
إقناع فرانكو بالدسخول فى الحرب . وقد أرّخ موسوليي رسالته بتاريخ سايق هو‎ 
التاسع عشر من أكتوبر » وحرص أشد الحرص » على أن لا يتسلمها هتار‎ 
, إلا بعد أن يكون الوقت قد فات على إثارة أية اعتراضات‎ 
وأبد تشيانو هذه المرة الدوتشى فى فكرته لأنه اعتبر أن الحجوم الإيطالى على‎ 
اليونان » يحد من توسع النفوذ الألمانى فى البلقان » لكن القادة العسكريين » عارضوها‎ 
أشد المعارضة . فقد وقف رؤساء القوات المسلحة الثلاث ضدها » مشيرين بشبىء‎ 
من الإحجام إلى متاعب الحرب الحبلية وصعوباها فى مثل هذا الوقت المتأخر من‎ 
العام . لكن قرار موسوليى كان فوق قرارهم . ونقات الغخابرات العسكرية معاوات‎ 
مزعجة ولكلها دقيقة عن القوة احتملة للمقاومة اليوزانية » فاعتبرها موسوايبى معاومات‎ 
مغرقة فى تشاؤدها إلى حد السخف . وبعد أن غير موسوليبى هوعد اهجوم أكثر‎ 
من مرة » بل حمس مرات فى ريع ساعة ء كا يقول الخترال أرميلربى » حزم‎ 
الدوتثى رأيه أخيراً » واجتازت الحيوش الإيطالية حدود اليونان تغزوها فى الثامن‎ 


14 

والعشرين من أكتوبر » أى فى موعد الذكرى السنوية لازنحف على رومة . 
ومضت ستة أسابيع » اضطر موسوليى إبانما » إلى قبول استقالة بادوايو 
امجهد » من رياسة أركان حرب القّوات الإيطالية المسلحة » وإلى الاعتراف 
فى جلسة عقدها مجلس الوزراء بأن الوضع فى متهى الخطورة ٠‏ بل وبأنه 
قد يصبح مفيسها . وقرنتوبوليل :أن هذا الوضع يقم دليلا جديداً على 
أن الحبش ولا سما كبار ضباطه » بمثلون مصدر عار لإيطاليا . فقد فشل 
هذا اليش مق ايان فشلا ذريعاً . وراح يشكو بثورة وحشية . . . إن 
المادة الإنسانية الى يتحم على" العمل معها لا تساوى شيئاً ». وعندما عاد سترائى 
من جببة القتال » راح يؤيد نظرة موسولينى هذه مصدراً و حكماً قاسيا على سلوك 
قواتنا وتصرفها » إذ أنها لم تحارب أبداً » وإن حاريت ٠»‏ فى »نتبى السوه » . 
وقرر الخئرال أوبالدو سودو وكيل وزارة الحربية الذنى كان موسوارى قد بعث 
به إلى البانيا ليرى بنفسه حقيقة ما هو حادث هناك » عند عودته فى الرابع من 
ديسمبر » أن الوضع اعسكرى يائس لافاية » ولا يمكن إصلاحه » وأنه يقطاب 
( عملا سياسياً لتعديله ‏ . واستدعى +وسوليى وزير خارجيته تشيانو إلى قصر البندقية 
وواجهه فور وصوله بقوله . . . ولم يعد فى وسعنا أن نفعل إلا شيثاً واحداً » رغم 
بشاعته وسمخافته . لكنبها حقيقة مرة » وعلينا أن نواجهها . أجل عليئا أن نطاب هدنة 
عن طريق هتلر ؛ . ول يسبق لتشرانو أن رآه من قبل » على نحو ما كان عليه ف 
فلك اليوم من يأس . 


وكان ئمة كل ما يبرر يأسه . فقد سبق لتلر أن نصحه أشد النصح بعدم 
غزو اليونان » لأن هذا العمل ء سيئر الاضطراب ف البلقان » وكان قد قصد إلى 
إيطاليا على الفور بعد اجماعه بالماريشال بيتان فى مونةوار ويغرانكو فى هرندانى ء 
ليحاول اقناع موسوليى بعدم القيام بهذا المجوم المفجع . ولكن الأنباء وصلته » 
وهو فى قطاره المتجه إلى فلورنسه للاجماع بالدوتشى » وقبل ساعتين عن وصوله . 
أن الوقت قد فات ٠‏ إذ أن القّوات الإيطالية قد اجتازت حدود اليونان تغزوها . 
وبالرغ من أن هتار قد كبت عواطفه تمام الكبت . ومفىى إلى حد وعد إيطاليا 
بتأبيده الكامل فى الكخملة اليوزانية » فقد عاد ٠وسوليى‏ إلى رومة » مقتنعاً هن أن 


59 


عمل إيطاليا قد أزعجه كل الإزعاج » مخافة التأثير على خخططه المقبلة وشلها . 
وراح يتلى من أمانيا بعد ثلاثة أسابيع من هذا اللقاء » وبعد أن بدا الفشل اللحتمى 
والزى نتيجة هذه الحملة » تأكيداً لانطباعه هذا . ونم يكتف هتلر ف رسالته 
هله ء يتذكير حليفه » بأن حملة اليونان ستدعو يوجوسلافيا وبلغاريا وفيثى 
وتركيا إلى المزيد من التردد فى [قحام نفسها فى الحرب إلى جانب المحور ٠‏ كما 
ستؤدى إلى قلق روسيا على البلقان » الذى قد يثير مهديداً جديداً من ناحية 
الشرق » فى الوقت الذى تمكنت بر يطانيا قيه من الحصول على #واعد فى اليونان 
تستخدمها ى قصف.رومانيا وجنوب إبطالها من ادو . وأضاف أن نتائج المغاءرة 
اليوزانية ستؤدى إلى تأجيل العمليات المقررة فى الصحراء ضد مصر » وإلى أن 
تبعث ألمانيا بقوات إلى تراقيا نحاربة البريطانيين فيها » بالرغم عن أن أى إجراء فى 
هذا السبيل لن ينم قبل حلول العام الحديد . وعلق موسوليى على هذه الرسالة بكثير 
من الأسى قائلا . . . لقد ضربى الفوهرر هذه المرة على أصابعى عقابآ لى و(1), 

وها هو وكيل وزارة حربيته » يأتيه مقترحا عليه طلب الهدنة من اليونانيين 
ولكنه راح يسمح فى الاية لتشيانو بإقناعه بأن الوضع لم يبلغ بعد هذا الحد من 
السوء»وإن ف الإمكان تثبيته بمساعدات المالية فوربة وكبيرة . واستصحب تشيانو 
معه إلى قصر البندقية » دينوالفييرى » سفير إيطاليا فى برلين » الذى كان يقضى 
فبرة النقاهة من مرض أبل منه فى رومه . . . وكتنب هذا يقول . . . 

« وجدت الدوتشى غارقاً فى أعماق وجومه ويأسه . ول يسبق لى أن رأيته قط 
فى مثل هذه لحالة من انحطاط المعذويات . وكان وجهه شاحباً ونحيلا ؛ بين 
كانت أسارير وجهه تنطق بالأمى وال هموم . وزاد من مظهره البشع هذا » أنه كان 
يرتدى قميصا ذا قبة مقلونة واسعة . وكانت ذقنه طويلة لم تحلق منذ يومين على 
الأقل . وراح يلاطفنى بدماثة غير معهودة فيه » ما دلل على اضطراب تفكيره » 

)١(‏ تقول وثائق هتلر - بوربان ألى نشرت ف عام ١551١‏ ؛ إن هتطر أعتير شطأ موسولينى أكبر 
عمل أدى إلى فشله فى الحرب » ولاديب فى أن هتلر » اعتير فى أخريات أيامه ء أن تحالقه مع إيطاليا » 
كان العقبة الرئيسية ى طريق نجاحه . وقد حال هذا التسالف أيضا بينه وبين التقرب إى العرب 
«الأفر يقيين عن طريق رفع شار مناهضة الاستهار . لأن حليفته إيطاليا كانت من الدول الاستعارية , 





.؟. 
إذ عرف عنه أنه كان يضع على وجهه دائماً مم مرءوسيه » قناعاً من الحمود 
والسلبية » وأخذ يسألبى عن أحوالى الصحية » وعما إذا كنت قد أبللث من سقاتى . 
ا 0 خطوات قصيرة » يشغل ذهنه تفكير حميق ى 
فكرة سيطرت عليه » وراح يتحدث عن برقية سودو حارلا أن يسير أغوار الأسباب 
الى دعت اللمرال إلى الهويل ف خطورة الوضع . وظل عسلث بيمئاه » وبعصبية 
بينة ذقنه ووجهه ء متنقلا بنظره بينى وبين تشيانو » وكأنه ينشد التأبيد لنظرياته 
ولتبريرات آماله عنا » . 

لكن آماله كلها » كانت سراباً فى سراب . ولم يرغم على طلب الصلح 
من اليونانيين ولكنه أرخم على الاعلماد على مساعدة ألمانيا » لإنقاذه من الورطة الى 
وقع فيها . وكان هذا مر المذاق على كرامته وهيبته . وبيما ظلت برقية سودو تؤرق 
عليه مضسجعه » وتبعث فى نفسه الأسى » مما دفعه إلى التفكير فى تأليف جيش 
المستقبل من سكان وسط إيطاليا وشهاها » تاركاً بقية البلاد لتؤلف ٠‏ جيش 
الأرستقراطية المعادى » » جاءته رسالة هتلر » تحمل الطمأنينة » وتخلو من 
التأنيب » وإنلم تخل من معى فرض الوصاية » تقول إن الترتيبات تعد الآن » 
ليتدخل الألمان فى حرب اليونان . وقامت مجموعة من الضباط اليو+وسلاف » قبل 
الانباء من أمر هذه اليرتيبات » بالقلاب ضد حكومها الى كانت قد وقعت 
قبل أيام على ميثاق يشد يوجوسلافيا إلى الخور . وكان رد فعل هتلر فى منتهى 
العنف . فقد أصر على وجوب سحق بوجوسلافيا « دون رحمة أو إشفاق ؛ » 
وعلى الشروع فى عملية « ماريتا » ضد اليونان فى الوقت نفسه . ولم تمس عشرة أيام 
على القلاب بلجراد » حى كان هتلر فى الحامس من أبريل ». وبعد أن كان 
قد طلب إلى «وسواءبى وقف العمليات فى ألبانيا لبضعة أيام » ليتمكن من نشر 
قواته الإيطالية على الحدود الووجوسلافية » قد أبلغ حليفه » بأن هجوم القوات 
الآلمانية على يوجوسلافيا واليونان سيبدأ فى اليوم التالى » واقترح أن تكون 2 
القوات الإيطالية » نحاضعة لأوامر القيادة ا ظ فأقر مودوايى "١‏ هذا الطاب 
دون أاستشارة قادثه العسكريين : 


وبدأ العجوم اللالى فى المادس , دن أبريل: + كان" ل متي اياوه 


0 
فحقق نصراً كاملا فى بضعة أيام . فى السابع عشر من أبريل » استسلمت 
يوجوسلافيا ولم نمض عشرة أيام حبى كان الألمان قد احتلوا أثينا . وقبل الألمان 
استسلام اليونان وخططوا حدود يوجوسلافيا دون مشاورة الإبطاليين . وبالرغم من أن 
هتلر حاول فى الاطاب الذى ألقاه فى الرايشستاج تخفيف وطأة الضربة الى 
وجهت إلى كبرياء مرسوليى فوصف التدخل الألمانى بأنه «إجراء احتياطى نم 
البريطانيين من تثبيت أقدامهم فى البلقان : وى أنه كان 
يقصد مساعدة الإيطاليين ضد اليونان » » إلا أن أحد * وف المقدمة موسولييى 
نفسه 0 م يشك لحظة واحدة ى الحضيض الذى هوت إليه مكانة إيطاليا فى 
عيون أانيا بل والعلم كله . ووجد الفييرى نفسه فى برلين مضطراً إلى الاسماع 
إلى انتقادات هتلر الموجهة إلى العمل الإيطالى » وإلى سلوك القوات الإيطالية , 
وروى الفييرى هذا فيا بعد أن « الفوهرر كان يتحدث بلهجة استفزازية عنيفة » 
م يألى حلا لبه عن ابا مهري 0 
ولم نكن أحداث اليونان ويوجوسلافيا هى وحدها الى كشفت عن موقف 
التبعية الذى تقفه إبطاليا . فقد وصلت الأنباء فى العاشس من ديسمبر إلى رومة عن 
الهجوام الذى وقع على مراكز الإيطاليين ىق سيدى برالى . وقد أذهل مرسولييى 
وزيره تشيانو » بموقف المدو وعدم الاكتراث الذى وقفه مركزاً آماله على أن 
يتمكن الملريشال «جرازيانى من الصبمود فى ووجه هجوم العدو . ولكن هذه الآمال ع 
سرعان ما ابارت كغيرها من آماله قى ذلك الشتاء . ففى مساء نفس اليوم كان 
البريطائيون قد أسروا ما لا عد له ولا حصر »؛ من الخحنود الإيطاليين . وروت 
قيادة فوج حرس مجولد سار مم البريطاى فى تقريرها أن و عدد الأسرى من الضسياط 
يملا خسة أفدنة من الأرض ومن انود مائتى فدان» . 
وروي تشيانو فى يومياته . . . «فى مكتتنا أن نقول إن أربع فرق قد دمرت 
عن بكرة أبيها » . واعترف موسوليى فى اليوم التالى أن إيطاليا قد منيت بهزيمة 
شنيعة . وعند ما حل مطلع شهر يناير » كانت « البردبة ؛ قد سقطت ٠‏ واضطر 
الحيش الإيطالى المترنح » وكانت بعض وحداته قد قائلت ببسالة تثير الإشفاق 
ضد قوات تفوقها قياداً وأعداداً » إلى التقهقر إلى طبرق . واحتفظ موسولينى بهدوئه . 


ا 

بل كان كما وصغه تشيانو « هادثاً بشكل يفوق طاقة البشر 6 وذلك فى الخلسة الى 
عقدها مجلس الوزراء فى السابع من يناير » إذ قال » أن لكل -جواد كبوة » 
ولكل جيش هزية . ولكنه وجد من العسير عليه أن يخى مشاعر الذعر من 
الإجراءات الى أعدها هتلر لمساعدته . ققد أدرك أن رمل » قائد 
عسكرى لامع » إلا فى حالات أزمانه القاسية » ولكن كان من المؤلى له أن 
يقبل الحقيقة الوافعة » وهى أن هذا الضابط الأللانى وحده » ومعه حفنة صغيرة من 
القوات الألمانية » قد تمكن ى غضون بضعة أسابيع قليلة من وصوله إلى أفريقيا 
الثهالية » من تغيير صورة الوضع الحربى كله فى المنطقة . وكان يقارن بشىء من 
الأسى بين رومل الذئ لا يكاد يفارق دبابته المكشوفة على رأس أزتاله المهاجمة 
وبين جرازيانى الذى ظل « يقبع فى قبوه الروماى الذى بببط إليه يسبعن درجة 
تحت الأرض » » فيرى أن الانتصارات الى تحققت فى الصحراء » انتصازات 
ألانية لا إيطالية . وأمر بمثول مجرازيانى أمام محكمة للتحقيق » فقضت بلوم ذلك 
البجل الذي لم يعد بمس تجاهه إلا بالازدراء على تصرفه . وأرضت النتائج الى 
توصلت إليها المحكمة » بادوليو غاية الرضى » إذ كان يكره من صمم فؤاده هذا 
الزميل ذا الشعبية الواسعة » لكنه كان يعرف ء كنا عرف موسوليى نفسه » أن 
الذئب ليس بذنب جرازيانى وحده . فقد حصلت الخابرات الإيطالية » وهى 
من أنجح أجهزة الحيش الإيطالى » على رسائل مسرية أمريكية تظهر الحيش 
البريطانى فى أفريقيا الشمالية فى منّهى الضعف ف العدد والعدة . وكان ى مكئة 
أى قائد حتى ولو كان أقل كفاية من جرازيانى أن يوقف البريطانبين برجال 
دربا تدريبآ صميحا على القتال » لو كانت لدبهم الرغبة فى -القتال » وكانوا 
مزودين بالمعدات اللازمة له . وراح جرازيانى يتساعل فى رسالة بعث بها إلى زوجته .. 
١‏ ولكن ماذا يستطيع الإنسان أن يفعل . هل يستطيع تحطم الدروع يرؤوس 
الأظافز وحدها » فبادوليو الذى تولى رئاسة أركان الحرب منذ عام ١495‏ والذى 
كان مسثولا عن نخطط أركان الحرب والبحوث الخاصة بالتسلح » أكثر من خمسة 
عشر عاماً » ومسولينى الذى أغمض عينيه عن عجز بادوليو الفاضح » لا بد أن 
يشتركا أيضاً فى المسؤولية عن ضعف الحيش وفشله . ولكن فى الوقت الذى كان 


"٠ 
فيه بادوليو «جرازيانى يتبادلان الهم بالمسؤولية كان موسوليى يوجه الملامة إليهما‎ 
معاً .. ويعرب عن سخطه بانعكاسات غاضبة يتصور فبها انتصارات الألان المذهلة.‎ 
وعندما أصدر هتلر أمره بترقية رومل إلى رتبة الماريشال » تذمر موسولينى من أن‎ 
هذه الترقية كانت وسيلة و لإضفاء الصبغة الألمانية على المعركة »؛ وراح يرد على ذلاك‎ 
بترقية ابخترال الكونت أوجوكافاليرو خليفة بادوليو فى رئاسة أركان حرب القوات‎ 
المسلحة إلى رتبة المشير ( الماريشال) . وإن كان رأيه فيه لا يزيد على رأيه فى أى‎ 
. من جترالاته الآخرين . ويقول دى بونو ... 3 يتميز كافاليرو بالتفاؤل‎ 
ولعل هذا هو السبب الوحيد الذى جعل الدوتشى يؤثره على غيره » . وكان‎ 
بالإضافة إلى ذلك مفرطاً فى خضوعه على حد قول تشيانو » وكان « فى إمكانه أن‎ 
.)1(» ينحى إلى المراحيض العامة خضوعاً لو أنه عرف أن ترقية تكون عن طريقها‎ 
وبالرغ من سخط مسوليبى وغله » فقد ظل هتلر » يقف منه شخصياآً‎ 
» : لدوتشيهم‎ ١ موقف الود والتفهم . فهما كان رأيه فى الإيطاليين عموعا» فإن احترامه‎ 
كان لا يزال على حاله من القوة والوضوح . وكان حتى فى شبر نوفبر » عندما كان‎ 
الوضع على أسوأ ما يكون من الاضطراب فى بجيبة اليونان » قد آثار عواطف‎ 
تشيانو » عندما بادره قائلا والدموع تترقرق فى جفنيه . . . « من هذه المدينة فيينا‎ 
مديئة الوحدة مع ألمانيا ( الانشلوس ) » أبعث إلى الدوتشى بيرقية أؤكد له فيها ألنى‎ 
لن أنسى ما حيبت مساعدته » وإنى لأؤكد له اليوم أننى أقف إلى جانبه يكل‎ 
ما لدى من قوى : . وعند ما اجتمعا فى يناير فى عش النسر بعد كارثة أفريقيا‎ 
الشهالية » كان هتلر فى مشهى الود لموسوليى . وكان موسولينى » خجلا كل التجل‎ 
عن فشل بجيشه » حى أنه سافر إلى ألمانيا وهو فى حالة من ثورة الأعصاب واللحشية‎ 
من الانجماع . وكان تك طلب تأنجيل الامجماع مرتين » أملا فى ورود أنباء أفضل‎ 
. من الحبيات عن القوات الإيطالية » كا قام بنصف عاولة لإلغاء الزيارة كلياً‎ 
لكنه اتخذ طابعاً وديا إلى الحد الذى دعا تشيانو » إلى وصف وضع مرسوليق‎ 
كان ثشيانو منسيزاً فى رأيه فى هله القضية كما فى غيرها أيضاً . فقد كان عل أحسن‎ )١( 
. العلاقات مع ابئة كافالير و » وهى زوجة فرانسيسكو جا كويونى » ؛ حاكر أليانيا » حى قيل إنبا مشيقته‎ 
وكان الممروف ف روبة فى تلك الأيام أن تشيانو » أيد اهجوم عل اليونان لأنه كان ميم اهام شخصيا‎ 
» بتوسع ألبائيا , والمؤلف‎ 


6 
النفسى بعد انهائه بالانتعاش » : كرد فعل طبيعى على لقائه بهتلر 1 . وعندما 
وصل الوفد الإيطالى إلى غطة بوتش وجد الفوهرر فى انتظاره على الرصيف والثلج 
يتساقط على معطفه الخلدى الطويل » وقد انسدلت قبعته على أذنيه . وترقفت 
عربة «البيلان؛ الى يستقلها مسوليى أمام الفوهرر مباشرة » وهبط الدوتشى 
مها ببطء متجهاً إلى مضيفه » ليصافحه وقد أنخذ الواحد منهما يتفرس ى وجه 
الآخر . وكان موسوليبى قد قال قبل لحظات من وقوف القطار . . . :لا أعتقد أن 
فى عروق قدراً كافياً من الدم ٠‏ بحيث يصطبغ وجهى حياء منه عندما أراه» . 
ونطقت أساريره بصورة جامدة قاسية على حد تعبير السفير الإبطالى » وعندما 
شرع ف تثبادل الاديث مع هتلر ؛ انطلقت على وجهبهما ابتسامتان مصطنعتان . 
واجتمع السفير إلى موسولينى وحده الحظات قبل الشروع ف الاجتاع الرنمى ع 
وأبلغه أن هتلر على استعداد تام لتلبية أبة طلبات قد يتقدم بها للحصول على معونة 
أمانيا . وقاطعه موسوليى بشىء من الخشونة قائلا”. . . « ليس لدى ما أطلبه منه» . 
وحفنًا لم يطلب موسوليى شيئاً » فقد سمح لخطر يأن يحتكر معظ الحديث » 
مكتفياً بالملوس فى مقعد وثِير مريح » من المقاعد الى تكنظ بها قاعات الانجتماعات 
الألمانية » وبالتعليق بين آونة وأخرى ٠‏ بها واصل الفوهرر عرض معرفته الشاملة 
بالمشاكل العسكرية » وتحديد خططه خلها » بذكاء ترك انطباعات عميقة فى 
نفوس الفييرى وتشراذو ؛ والحرال القصير البدين الفريدو جوزؤى القاثم بأعمال 
كافاليرو فى رئاسة أركان الحرب ٠»‏ نظراً لغياب الأخير ى أفريقيا الثهالية . 
وكان هتلر بادى الرغى والانشراح ٠»‏ إذ كان تفكيره منصرفاً إلى الهجوم المقبل 
على روسيا » وهو الحجوم الذى نكم فى نخططه وتفاصيله تمام التكم مع 
الإيطاليين . لكن كبرياء موسوليى تأثرت بالغ التأثر » بما تصوره من مهانة 
لحقت ببلاده » من جراء إصرار الألمان » على وقف محاولاته لتحسين علاقاته 
مع موسكو ع وإشارائهم الواضحة إلى أنه بالنظر إلى عجز إيطاليا عن تأمين 
الحنود القادرين على الحرب ع فإن عليها أن نؤمن مزيدا من العمال الصتاعيين 
لأثانيا وذلك حى يتجاوب مع حب هتلر وثقته المطمثنة . وقد اضطر إلى 
الاعتراف للسفير الإيطالى بأن الفوهرر كان ١‏ مهذباً وودودا ومتفهماً » ولكنه 


١ 

أفرط فى ذلك كل الإفراط . ولا ريب فى أنه مصاب بشىء من اللحئون . فعندما 
حدئى قائلا” بأن ليس ثمة من عاش أكثر منه معى فى آلانى » وأحزانى » كانت 
عيناه تغرورقان بالدمع . لا ريب فى أله كان يغالى ى كل هذا » فقد حرص 
أشد الحرص » على أن يحملنى على الشعور بلطفه وكرمه ١‏ وقوته وتفوقه » . 

وكان موسوليى يبدو أثناء وجبات الطعام منكباً على طعامه » يأكل من 
الصفحة الى أمامه ؛ وقد وضم « فوطته » إلى صدره . فكان يأكل قليلا وبسرعة 
بالغة . وكان يصغى إلى حديث هتلر بذلك الطراز من التركيز الذي يتى فى الواقعم » 
ضيقاً شديداً » وعندما كان يحاول الاشتراك فى الحديث » كان التلعم سيطر 
عليه وكأن الألانية لغة نسبى الحديث بها . وأثار منظره عند تناول الشاى فى اليوم 
الأول الإشفاق » عندما كان يحاول أن ينأى بمقعده عن النار الشديدة الخرارة 
المشتعلة فى الموقد محتسيا قدحا من الشاى » بيها كان هتلر يلم "اية ضخمة من 
البسكويت والفطائر امحشوة بالمرنى » وكان جورنج » مزهو! ببزته الرائعة ابخديدة » 
يتحدث ويتحدث . 

وقد تكررت صورة هذا الاجماع من سجديد بعد ستة أشبر أى فى أغسطس 
عام 144١‏ » عندما قام موسوليى بزيارة الفوهرر فى مقر قيادته فى الحببة الشرفية » 
ليقوم نجولة ف ميادين القتال . ويقول السجل الإيطالى الرسمى عن هذا الاجماع ... 
١‏ وقد وجد الدوتشى أن من المناسب السماح للفوهرر بالحديث عن اقتراحاته يمنتهى 
الحرية والصراحة . وقد اهتبل هتلر الفرصة » وظل يتحدث بلا توفف ساعتين 
ونصف الساعة . ولم ينقذ موسوليى من الاسماع إلى ثرثرته ء إلا مغادرتهما المكان 
متجهين إلى اللببة ؛» . 

ونم يتلق الإيطاليون اشعاراً بالهجو م الألمانى على رسيا إلا فى الساعة الرابعة 
والنصف من صباح الثانى والعشرين من يونيو . فقد استدعى السفير الإيطالى 
الفييرى » إلى دار وزارة الحارجية حيث أبلغه ريبنتروب » أن ايوش الأللانية 
عبرت فى الساعة الثالثة من صباح ذلك اليوم الحدود زاحفة على روسيا . وكان 
موسوليبى لا يزال فى فراشه عندما رن جرس الماتف فى دارته فى ريسيرنى » فردت 
زوجته راشيل ؛ ونقلت الرسالة إلى زوجها . وذكرت راشيل فها بعد الصحى برونو 


لل 

داجوستينى أن زوجها استقبل النبأ بتأئر بالغ ع ثم قال لا . . . «اسمعى يا عريزق 
راشيل . . . إن هذا يعى أننا خسرنا الحرب » . ولكن لم تمض بضع ساعات حى 
كان تشيانو ينقل إلى الفيبربى عن طريق الهاتف رسالة من الدوتشى إلى الفوهرر . 
ِقَولٍ فيها إن إيطاليا تعتبر نفسها ى حالة -حرب مع روسيا منذ الساعة الثالثة من 
ذلك الصباح » ثم طلب من السفير أن يعمل « كل ما فى وسعه لإقناع الألمان 
بالموافقة على اقبراح الدوتشى بإرسال حملة إيطالية للاشراك فى حرب رسيا »217 . 


وبالرغم من أن برلين لم تستقبل هذا العرض بإرسال القوات الإيطالية 
بالحاب » إلا أن موسولينى كان مصرًا على أن يبعث يبا » مؤكداً فى مجالسه 
الخاصة أن القضية لا نتعلق بكبريائه الشخصية وحدها . فعلى إيطاليا أن تسهم 
فى تحقيق نصر مسريع . وكان يرى أن روسيا إن لم مهزم فى الأشبر الستة الأول فلن 
تجزم أبدا . وأخيراً تم إرسال مائثى ألف «جندى إيطالى كان فى وسعهم أن يغيروا 
مجرى الحرب فى أفريقيا الثمالية »ع بالرغم من نصيحة بجميع اللترالات الإيطاليين 
المسثولين ٠‏ إلى اببية الشرقية لقتال إلى جائب الألمان . وكان ما أصامبم هنا من 
رعب من معاملة الألمان الفظيعة للمدنيين الروس ء وما وجدوه هي من سوء معاملة 
بعد ابيار ستاليتنجراد حيث احتكر الألمان جميع سائل النقل "كا فعلوا فى شمال 
أفريقيا فى عام ؟944 ع٠‏ من الأسباب الكثيرة التى أدت إلى إضعاف الحلث 
العسكرى بين أمانيا وإيطاليا . 

وظل موسوليى يراقب تحركات قواته فى روسيا باهام كان يشغله آناء الليل 
وأطراف النبار . وكانت الصحافة تنقل دقائق كل ما يقومون به من نشاط مهولة 
من أنباء انتصاراهم فى الوقت الذى تقلل فيه من قدر الانتصارات الألمائية . وطرب 
موسوليني عندما نمث إلى مسامعه أنباء المقاومة العنيدة الى وانجهنها جيوش الألمان 
فى مينسك . وكثيراً ما مع يقول . . . :إن كل ما آمل فيه شىء واحد » وهو أن 
يفقد الألمان فى حربهم فى الشرق » الكثير من ريشبم » . وقد اتضح مرقفه هذا 

)١(‏ كان موسوليتى ‏ قد أصر أيضاً على إشراك حملة إيطالية مع القوات الألمالية فى غزو إنجلتراء ى 
عام 14٠‏ . وكافث إيطاليا قد عرضث عشر فرق وثلاثين سرباً من الطائرات « تلبية لرغبة الدوتشى الملحة » 

» المؤيف‎ ٠ 


1 
أثناء طوافه بالحبية الشرقية . وعندما استعرض فرقة تورين الى يقودها ابلكترال 
ميسى » انزعج أبما إزعاج » لرؤيته الرجال نظيى الثياب ء حليى اللحى + وهم 
يحرون به فى شاحناهم المصادرة من الروس » والى تسير فوق الطرق الى تغطيها 
البحول . ولم يستطع إخفاء خيبة أمله » فى أن هتلر لم ير فيهم الحاربين الذين تركت 
المعارك آثارها فى وجوههم وأجسادهم . وكان امنود الألمان يبدون على النقيض من 
ذلك جفاة غلاظا » وعندما مضى هتلر إلبهم يحدتهم ويثير ضحكهم بالتكات 
الى يطلقها ٠‏ واللى يصغرن إلا بدافع الواجب » كان موسوليى يظل واقف على 
منأى متحدثاً إلى الماربشال « فون رونشتادت . وكثيراً ما اشتكا فما بعد إلى الفييرى 
بشىء من الرارة بقوله . . . «١‏ كان فى وسع هتلر » أن تاغل ميد وهو يتحدث 
إلى جنوده » بدلا من أن يخلفنى مع رونشتادت العجوز . أرأيت ما أبعد الفوهرر 
عن روح الخندية وهو يتحدث إلى رجاله ؟ 1 ١‏ 
وأراد فى وقت لاحق من ذلك اليوم أن يظهر لختلر أنه يستطيع أن يفعل 
شيثاً لا يستطيع هتلر أن يفعله » فى إلى باور قائد طائرة هتلر الناصة : 
وبعد أن تحدث إليه بعض الحديث وطرح عليه بعض الأسثلة عن الطائرة الى 
كان يستقلها مع الفوهرر » أعرب عن رغبته فى أن يتولى قيادتها بنفسه . وعندما 
مضى إلى هتلر » يسأله إذا كان يستطيع قيادة الطائرة » تطلع الفوهرر إلى من 
حوله بقلق » فهو لا يريد أن يرفض طلب ضيفه ولكنه يود أن بيجد أحد مرافقيه 
عذراً لرفض الطلب دون أن يحرح عواطف الدوتشى . ولح باور نظرة زعيمه فأحنى 
رأسه » مشبراً إلى أنه فهم قصده وأن فى وسعه أن يطميُن . ووافق هتلر آئذاك على 
أن يتولى الدوتشى قيادة الطائرة » ولكن هتلر ظل بفية الرحلة معلقاً أنظاره بظهر 
باور ؛ ليطمئن » وخيل لالفييري أن انتباه هتلر لم ينصرف لحظة واحدة عن النظر 
يل الدونشى . 
وصدرت على إثر انباء الزيارة بلاغات رسمية حددت فيها دول الور أهدافها 
الحربية ونظامها الحديد لأوربا » كرد على ميثاق الأطلسى الذى كانت بريطائيا 
وأمريكا قد أصدرتاه مؤخراً » وضمن موسولينى هذه البلاغات قدرته كطيار إذ قال 
لسفيره الفيرى » وهو يوجهه بالبيانات اللازمة لوكالة ستيفانى الإيطالية الرسعية 


58 
للأعبار » . . . وول وسعك أن تضيف حسب تقديراق أنى قطعت "#٠٠‏ ميل 
فى القطار و ١79٠‏ ميلا فى الحو وسبعماثة ميل بالسيارة . ولعلك ثتبين أن فى وسعى 

أن أقوم من جديد بنفس الرحلة ٠‏ . 
ويقول الفبيرى . . . « وكان وجهه ينطق بالابتسام » وهو يحدثئى بهذا 
الحديث » ويتفرس فى بشىء من الرضى الصبياى ‏ . 


لكن هذه الزيارة لهتلر » كانت الأخيرة ى زياراته السعيدة . فى مستهل يناير 
من العام التالى ؛ وصل -جورنج إلى رومة » وقد ارتدرى "كا قال تشيانو ١‏ معطفاً ارائعاً 
من فرو السمور » هو وسط بين ما كان يرتديه راكبو الدراجات الثارية ى 
عام 5 وبين ما ترتديه عاهرات الدرجة الأول فى أيامنا هذه : وقد اقترح 
أن يقوم موسوليى برحلة أخرى إلى ألمانيا . وكان هتلر يريد أن يبعث فى الدوتشى 
روحاً جديدة » بعد أن فقد الكثير من معنويانه فى تلك الآيام الحزينة من ذلك 
الشتاء » فدعاه إلى شلوس كليشام . ودون تشيانو فى يومياته » وصفا حانقاً لحلا 
الاجمّاع فقال . . . « وكان هتلر يتحدث ويتحدث ويتحدث . وكان موسوليى 
يعانى الكثير من ذلك » فقد ألف هو نفسه على أن يكن المتحدث دائماً وأن 
يصغى الآخرون إليه » ولكنه بيجد نفسه مضطراً الآن للإصغاء . وحل اليوم الثانى » 
وكان الحديث قد نضب بيئهما » وما كادا يتناولان الغداء » حتى انطلق هتلر 
من جديد يتحدث لمدة ساعة وأربعين دقيقة بلا انقطاع . ولى ينس فى حديثه أى 
موضوع من المواضيع » إذ تناول ارب والسلام والدين والفلسفة والفن والتاريخ . 
وظل موسوليى يرقب ساعة يده » متطلعاً إليبا بين الفينة والأخرى . وكنت مشغولا” 
فى بعض القضايا الى -همبى ٠»‏ بيما كان كافاليرو وحده . وهو فريد فى استخذائه 
وتبعيته » يبدو مصغياً لكل كلمة يقولها هتلر بشغف » يوز برأسه بعلامات الموافقة 
والتأييد . وكان الألمان على أى حال أشد خشية منا من هذه المحنة الى يعانونها » 
فقد تحم على هؤلاء المساكين أن يحتملوها فى كل يوم ) ولست أشك فى أنهم لم 
يحفظوا عن ظهر قلب كل كلمة يقونما » وكل إيماءة تصدر عنه ٠‏ ووقفة 
يقفها . وظل الحترال يودل يكافح طويلا قرة احماله » ثم أغرق فى سبات عميق 
على مقعده . أما كايتل فقد ظل يتثاءعب ولكنه أفلح فى مقاوية الإغفاء » . 


1 
وراح هتلر بعد ذلك يقارن نفسه بنابليون » ثم أسر إلى الدوتشى بأنه يعيش 
وى حمى العناية الإلهية » . وعلق موسوليبى وهو فى طريق العودة إلى إيطاليا على 
كل ذلك بقوله . . . ولا أدرى حقا ؛ لم طلب مى الفوهرر أن أمضى تلقائه ع . 
وكان فى وسعه بعد ثلاثة أشبر أن يوجه مثل هذا السؤال بالنسبة إلى كافاليرو 
هله المرة . وكان قد انقضى أكثر من عام عليه » وهو ينتظر فرصة مواتية لزيارة 
أفريقيا الشمالية » إذ أصدر أوامره إلى اخئرال كافاليرو » بأن يبرق إليه مستدعياً 
إياه بعيارة واحدة » عتدما يصبح على يقين من أن ابليش الإبطالى قد شرع ى 
زنحفسيوصله إلى قناة السويس . ووصلت البرقية فى السابع والعشرين من يونيو ) 
عندما كان الأمل سائداً فى أن هجوم رومل المضاد الذى دحر البريطانيين إلى 
ما وراء حدودٍ مصر + سيستمر ق قوئه واندفاعه . ولكن عاصفة بجوية حالت دون 
رحيل مرسوليى لمدة يومين » وعندما وصل أخيراً إلى ليبيا كان البطء قد حل محل 
سرعة النحف » ليتوقف أخبراً عند العلمين !١(‏ واشتد سخطه على القائد العسكرى 
الذى عرضه لهذه السخرية » إذ استدعاه إلى الحببة فى مرحلة غير مواتية غ كما وقع 
عند غزو اليونان » وقضى ثلاثة أسابيع تعيسة فى ليبيا يطوف فيها مؤيخرة ابلحببة 
وبعه عدد من ابدرالات الإيطاليين الذين هبطت معنوياهم ٠»‏ غاولا تشجيعهم 
بالوعود يغدقها عليهم » فى أن كل بجهد ممكن سيبذل » للؤصول بالمإن عبر البعحر 
الأبيض المتوسط » وأن قافلة بحرية لابد وأن تعبر البحر عما قريب . وأكد لي أن 
الخطط تعد الآن لاحتلال -جزيرة مالطة » وآنذاك ستظل الطرق البحرية مفتوحة 
على مصراعيها » لكن سامعيه لم يستطيعوا إخفاء شكوكهم فى صعة ما يقول . 
وعاد موسوليى إلى روية فى العشرين من يوليو عام 1945 . وكان يبدو فى 
غاية الإجهاد والمرض . وأعلن بيان رنعى أن ما أصابه من إجهاد نتيجة الواجبات 
الى يؤديها قد عرضه للإصابة بالإسهال الأميببى . ونقل إلى دارته الريفية فى 
روكاديل كامنياق » وسرعان ما انتشرث الشائعات » فى رومة بأنه نقل إلى هناك 
يموت فى دارته . وقال أحد وزرائه . . . « من المحتمل أن بككون فى طريق الموث » 


)١(‏ بين موسوليى فى كتابه د قصة سنة ع اللى أعده بعد عامين » أن الثامن والعشرين من يونيى 
هام 1145 © كان نقطلة التحول فى الحرب » وق تأريج حيأثة . 


5 


ولكن لا بفعل الإسبال ( الدوزنطاريا» » فهذا مرض مألوف لا يقئل » وإنما 
بفعل ما أصابه من إذلال 4 . 


وكان تشخيص هذا الوزير معقولا . فقد مضى إلى ليبيا تستثيره آمال النصر 
فى أفريقيا الثمالية » حتى إنه شرع فى إعداد تفاصيل خطته ناحكم العسكرى 
الإيطالى ‏ الألمانى فى مصر » ثم وجد نفسه يواجه وضعاً لم يستطع حتى كافاليرو 
المغرق فى تفازله وثقته إلا أن يصفه « بالخطورة : . ووجد نفسه مضطرًا أيضا إلى ' 
تقبل فكرة التخلى عن الحطط الموضوعة لاحتلال مالطه ٠‏ بعد أن أبلغه هتلر 
أن تنفيذها بنجاح بات مستحيلا بسبب هبوط الروح المعنوية الإيطالية هبوطاً كبيراً . 
وكان عليه أن يقبل يخفض كبير فى شحنات الفحم والزيت من ألمانيا ورهانيا ) 
إلى بلاده » إذ أن الحكومة الألمانية لم تعد ميالة إلى تسلم « الزيت المي إلى أيد 
' سيئة » على حد تعبير أحد الملحقين فى السفارة الألمانية فى رومة ٠‏ بالرغم من كل 
ما فى تعبيره من قسوة وخشوفة . وتِحم عليه مع مضى أيام تلك السنة القاسية » 
أن يقرأ وأن يسمع تفاصيل قيام الوحدات الألمانية بمصادرة وسائل النقل على الحببة 
الشرقية لاستخدامها فى نقل قواما الممراجعة مخلفة وراءها » الوحدات الإيطالية » 
لتترااجع وسط الثلوج مشيا على الأقدام . وكان عليه أيضاً أن بواجه الحقيقة 
الواقعة » وهى أن الألمان لم يشرعوا فى فقد تُقّهم فى عزيمة الإيطاليين على الحرب 
فحسب » بل وأخذوا يقومون بالحطوات الفعلية أيضا الحماية أنفسهم من النتائج 
امحتملة لامبيار إيطاليا . وقد عين الملحق العسكرى الألمانى فى رويه و ضابط 
ارتباط ‏ لدى القيادة العامة الإيطالية » كنا وصلت عدة يحدات ألمانية إلى إيطاليا 
حجة ١‏ التدريب » ء وأوفد الماريشال كيسارينج إلى إيطاليا ليصبح قائداً أعلى 
فى الخنوب . وكانت هناك أيضاً أنباء مزعجة عن تشكيل خلايا ألمانية فى المدن 
الإيطالية الكبيرة » وعن خطط تعد لاحتلال البلاد عسكرينًا » وعن إقامة -حكومة 
تابعة من ( الدمى » برئاسة روبروفاريناتشى ذى امول الموالية للألان والعبد لإرادمهم . 

وأعذت العلاقات تسوء بين ألانيا وإيطاليا شبراً بعد شبر . وكانت هناك 
مواضع عدة أثارت تذمر موسولينى وشكاواه ء وينها معاملة العال الإيطاليين 


"1 

السيئة فى معسكرات العمل الألمانية » وتذمر الشعب الإيطالى من تصدير عدد 
كبير من الروائع الفنية الإيطالية إلى الرابخ ٠»‏ ورفض الإيطاليين أن يكونوا على 
حد تعبير «جوبلز أكثر من مجرد 1 مفرطين ف التراخى » » واستياء الألمان من 
د معاملة الإيطاليين للبهود » » وتردد هتار المستمر فى الموافقة على اتباع سياسة 
أكر ' تشددا مع فرنسا » البى كانت ممتلكاتها فى البحر الأبيض المتوسط » 
تؤلف مصدراً مستمرا من مصادر الاحتكاك فى العلاقات بين دوليى احور . 
وكان مرسولينى يكثر من القول بأن ألمانيا اتبعت سياسة بعيدة عن الذكاء تجاه 
فونسا لأنما لم تقر ١‏ باحتلالها كلها وقت المهدنة ه . وكانت هناك أيضاً شكاوى 
دائمة ومتزايدة من جائب الألمان ولا سها من جانب بجورنج » الذى كانت أقواله 
تثير غضب مرسولينى » م ما لبث أن تبناها هتلر الذى ضمنها رسائله الحطية ؛ 
مؤكدا أنه لو لم تباجم إيطاليا اليونان ٠‏ لدخلت أسبانيا الحرب » ولسقط «جبل 
طارق فى أيدى انحور . ولا ريب فى أن سجميع هذه الخلافات خلقت توتراً ف 
العلاقات بين البلدين ؛ وهى العلاقات التى لم تكن فى يوم ما منسجمة » مما يؤدى 
إلى اقتناع موسولييى فى الهاية من أن استمرار الأمور على هذا النحو سيؤدى إلى أن 
تجد إيطاليا نفسها و فى حالة حرب مع الألمان تنفيذاً لإملاءات الشرف والواجب 
التاريخى » . وأصبحت مثل هذه الاقوال مألوفة من جانب موسولينى . فقد أضحى 
يثور على الألمان الذين سرت إليهم عدوى « جرائم الانبيارة ٠‏ لا يقومون به من 
أعمال بربرية تخلو من كل منطق وعقل » » وعلى شعبه هو للا يظهر فيه من 
ورحمة مستخذية) » وأصبحت ثوراته هذه المشيرة إلى مزاجه السبى؟ ٠‏ شيئاً 
مألوفاً » تماماً كالتحولات فى طبيعته ومزااجه . فهو ينتقد فى ألحد الأيام فرانكو 
على نكرانه للجميل » ليعود فيطريه فى اليوم التالى على صموده قى وجه الضغط 
الأللنى . وهو يتحدث ف المساء » بكثير من التشاؤم مطلقا نبودائه السوداء عن 
سير الحرب © ليعود فى الصباح فيقبل التأكيدات الى تصدر عن مستشاريه 
الأكر طمأنينة وثقة »ء وليتحدث كما قال تشيانو «فى شكل ينبض بالتفافل » 
عن الانتصارات ؛ واحالات الحجوم » واستعادة الموقف فى أفريقيا : ٠‏ ولم يعد 
ذلك الإنسان الحائر » فى أفكاره فحسب » بل بات ذلك الإنسان الذى يقف 


1" 
مواقف غير مستقرة عن وعى وتصدم . فقد هدد بالحرب ضد ألمانيا » ولكنه عاد 
بعد بضعة أيام فأكد تصميحه على السير مع ألمائرا جنا إلى جنب حتى اللهاية ٠‏ . 
وهر يرى ق رومل حيئاً إنساناً و مجنونا » » ولكنه لا يلبث أن يراه فى وقت آآخر » 

و أحد عظماء قادة العصر العسكريين 6 . 

وم بعد موسوليى يظهر بصبدورة هَ عامة بعد صيف عام ١2‏ إلا فيا ندر . 
وكان الناس ينظرون إليه » إذا ما ظهر أمامهم بكثير من العف المتذهل » وكان 

لا يزالك يدفع فكه الأسفل إلى الأمام إذا ما وقف أمام المصورين » ويفتح عينيه 

على سعهما » لكن وجهه كان قد فقد نلك الايوية التلقائية الى جعلت منه ى 
يوم ما وجهآ يأسر المتطلع إليه . وكان سمثر ويلز قد وجد فيه قبل ثلاث سنوات 
رجلا و يبدو أكير من عمره الحقيق وهو 5ه عاماً » مخمسة عشر عاماً على الأقل . 
فهو دام التفكير وقد تحول إلى ابحمود من الحركة والحيوية . وبات متثاقل الحطى 
كالفيل » وكأ مدل ايد ضخماً فى كل 0 ناوا كد التزهل قد 
كالثلج : . وبعد شبر من زيارة ونلز » أصيب السكرتير العام الحديد الحزب 
الفاشى » ايتورى مو بالذدهول من صورة الإجهاد وكبر السن فق وجه الدوتشى . 
ولحق القاق. بتشيانو أيضاً» لكن هذا كان يعزى نفسه بالتصور بأن الخالة الى يعانى 
منها الدوتئى ٠‏ مؤفتة لا تلبث أن تزول . 

ولكن تشيانو كان جد مخطىئ' فى رأيه . فبى صيف عام 1447 + كانت 
سنتان من الحرب . قد ألحقتا الآمبيار بحالة موسوليى الصحية » حبى أن أحبٍ 
أطبائه » بدأ يشك فى احتال بقائه أمداً طويلا على قيد الحياة . ورأته إحدى 
السيدات فى دارة تورلونيا ى نباية ذلك الصيف فقالت, . . . الم يعد الدوتشى 
يبدو إنساناً حقيقيا على أى حال . إنه صورة كاريكاتورية لما كان » بل بجثةة:: 
تكاد تكون هامدة ع . 


العسمالثالث 


سقوط العملاق 


0 
الخرب تسير سراً سياً 
من 98 أكتوبر 1447 إلى 73 ينابر “141417 


ه القدر . . . إن الساسة لا يتسدثون عنه إلا عند ما مخطثون . . . « 


عندما حل خريف عام ؟144 ٠‏ وكان قد انقفى أكثر من عامين على 
الحرب الكريبة » كانت المعارضة للألمان وللعهد النائبى » قد انتشرث فشملت 
إيطاليا كلها . وتكائرت الاعتقالات اليرمية للمثقفين فى رومه وميلان والعمال فى 
ابولى وصقلية .)١(‏ وانتشرت الإغرابات » وشرعث الشرطة فى إطلاق النيران ى 
حالات كثيرة فوق رؤوس الحماهير الغاضبة » كالطريقة الوحيدة الى تلجأ إليها 
لتفريق التظادرات . وبدأ الاشتراكيون فى جنوه والشيوعيون ى جنوه يوزعون 
المنشورات السربة ويمزقون المنشورات الفاشية المعلقة على الحدران ويفسعون علها 
منشورات تطلب الرية والسلام . وأخذت الصحف غير الفاشية تؤيد المعارضة 
بصورة حذرة » وتلهب مشاعر النقمة عن طريق الإشارة إلى النقص ف المُوين 
وصفوف الواطنين الى تنتظر التوزيعات » بالرغم من حظر نشر مثل هذه الأمور 
إلى أن قامت السلطات بإغلاق عدد منها وبِينها صحيفة أوجى . وتم تقنين جميع 
المواد الغذائية بها فيها اللحبز والليضبار والاححم والأوز والبيض » ول تعد الشرطة تتدخل 
فى السوق السوداء الى !تسعت مجالاتم! وتعقدت وأصبحت عسيرة على السيطرة » 
إذ أن الحكومة أصدرت مرسودأً يتم بالعجز قررت فيه دون أية إجراءات أخرى 
خفض أسعار جميع السلع بنسبة عشرين فى الاثة . 

وبات ألوف الفلاحين فى اللخنوب فى خطر اللجاعة » واضطر الفقراء فى طول 

(1) تجمم المصادر عل أن الحكر ألفائى الذى لل يفيض على ناصية السلطة فى البلاد بيد من 
حديد نحواً من عشرين عاما » بدأ يتقلس ويضحعف نفوؤه فى السنة الثالئة من الحرب بعد أن اهارت 


المعنويات الإيطالية من جراء الغزاثم الى منى بها أبفيش الإيطالى ‏ 
33> 


15" 
البلاد وعرضها إلى امزيد من حزم بطونهم بعد أن جاعوا ٠‏ إلى الثقب الآخير 
ف أحزمتهم وقد أطلةوا عليه اسم ٠‏ ثقب موسولينى ٠‏ . فقدكانت الحرب : حربه 
الخاصة ء وهو الذى قادهم إليها » وكان هؤلاء الألمان الذين يسيرون فى كل مكان 
وكأنهم جنود قرة محتلة » أصدقاءه لا أصدقاء الشعب الإيطالى . وهم لن يفعاوا 
شيئاً لإنباء الحرب . وهذا ما كان الإيطاليون يحدثون بعضبم بعضاً به » مكررين 
نكتة شعبية بلهجة ساخرة » من أنْهم سيحاولون كسيها كآخر إجراء . ولكنهم 
كانوا فى الواقع قد توقفوا عن التفكير فى النصر ٠‏ وظلو ينتظرون بكثير من 
الاستسلام الشفوع بالأمل » وقوع المزيمة » مصغين إلى إذاعات لندن وإلى أبة 

إشارة قد تصدر عنها . 

وتقبل موسولينى هذه الامهزامية وذلك اليأس من جانب شعبه كدليل جديد 
على عدم جدارته بأن يعتبر أكثر من0 شعب ثافه لا يصلح لشى ء 6. وإنه دلا يعرف 
إلا الغناء وتناول المثلجات ٠‏ . وكان يقول إن إيطالييى عام 19114 كانوا أحسن 
منهم ؛ لكنه لم يكن قادراً على أن ينكر أن هذا كان نتيجة للعهد الذى أقامه . 
أما االحيش ١‏ فلا نفع فيه » » وأما قادته » فجميعهم من ١‏ المشلولين ؛ . ولم يكن 
أمراء البحر أحسن من قادة اليش حالا . أما البورجوازيون فهم فى الحقيقة 
١‏ منحلون وأنائيون » وهم : أسوأ الإيطاليين قاطبة » . وبالم من أنه كان يسمح 
لنفسه بمثل هذه المجمات المتكررة والمتعددة الى ييجهها إلى شعبه . فإنه كان يثور 
أشد الثورة إذا حاول الألمان تأييد آرائه هذه . 

وسلمته مخابراته ذات يوم نص حديث هاتى جرى بين أحد ضباط الأركان 
ف مقر القيادة العامة للقوات الألمانية فى إيطاليا ء وبين ضابط ألانى آر فى 
برلين » وصف فيه الأول الإيطاليين بأنهم «شعب المكروئة » "كا أشار إلى وجوب 
احتلال إيطاليا فى وقت قريب . وانصرمت أيام طويلة » وهو لا ينفك عن تكرار 
الهديدات الى دأب مؤخراً على توجببها » والى لم بحس قط بالتعب من ترديدها 
معيذا على مسامع تشيانو ما سبق له أن قاله له » من أنه يعد ملفا عن جرائم الآلمان 
وإهاناهم ؛ وإنه ة سيستخدمه عندما تحين الادحظة المناسبة » . 


وكان فى غضون ذلك » قد قيئّد نفسه بالتحدث ق كثير من الحالاات وق 


1 

المناسبات العامة عن فضائل اليابانيين وانتصاراتهم ؛ راهيا من ذلك "كما هو واضح 
إلى الاستهانة بالمانيا . وراح فى إحدى خطبه يعلن أنه و أشد نصير لليبابانيين فى 
العالى» ء ثم أنبى خطابه معلنآ : أن جنود إيطاليا واليابات سيسيرون جنبا إلى جنب 
نحو النصر مع الحيوش الأخرى لدول الحلف الثلانى » دون أن يذكر امم 
ألمانيا . وراح فى مناسبة أخرى يتلو تقريراً تلقاه عن المعاملة السيئة الى يلقاها العمال 
الإيطاليون فى معسكرات العمل الآألمانية » حيث لا يعاملون كعبيد أرقاء مكروهين » 
ولا يضن عايهم بأى مظهر من مظاهر الحفاوة فحسب » بل وحيث يحلدون فى 
حالات كثيرة عقاباً على التمرد أو الكسل » ويوكل إلى الكلاب الشرسة عراقيتهم ؛ 
م الفجر ساخطأً يقول . . . وولا ريب فى أن مثل هذه الأمور لابد وأن تلق 
كرهاً داماً فى صمم فؤادى . ولابد لى فى الهاية من تصفية الحساب . فقد انقظر 
هذه التصفية سنوات طويلة» ولكنى لن أسممح لكلاب : الهون »7 “المتعطشة للدماءء 
بافتراس أبناء ذلك الشعب الذى وهب الإنسانية قيصر ودانى '"" وميشيل انجيلو ؛ . 


ولم يقدم احتجاجاً مباشراً إلى الألمان على هذه المعاملة على أى حال » مؤثراً 
الاعماد على عادة الألمان فى الاسماع إلى. المحادثات المائفية بين رومة وبرلين + 
إذ ظل سنوات طويلة يرى فى هذه الطريقة الأسلوب المقبول لنقل شكاواه إلى 
ألمانيا . وأصدر تعلماته إلى تشيانو بأن يثير الاوضوع مع ماكنزن » السفير الألمانى » 
وكأنه بقوم بذلك من نفسه » ودون أبة أوامر من الدوتشى الذى يجب ٠‏ اعتباره 
وكأنه لا يعرف شيئاً عن هذا الموضوع » . ولاريب فى أن هذا الأردد فى 
التدخل شخصياً كان طالع ذلك الموقف العقلى الذى وقفه من الألمان » والذى 
أنزل الكوارث المفجعة بإيطاليا . فهم فى رأيه « برابرة أفظاظ » ٠‏ يحاولون أن 
يتسلطوا على إيطاليا لتنفيذ أهدافهم ؛ وه الآن كما كانوا فى عام ١45‏ 
منحطون بداثيون لا ذوق حم ولا فكر ؛ . فهم فى رأيه و كلاب قذرة يأخذون | 
من إيطاليا » ولا ييركون ا إلا العظى » » بل هر « نصابون لا يوق بهم » وعلهم 
أن يتركوا الإيطاليين وشأنهم ٠‏ وكثيراً ما سمع وهو يقول . . . ؛ عامهم أن يذكروا 





0010 قبائل الهون من قبائل اهرمان البرابرة وهو اسم يطلق على الألمان . 
( ؟) دان اللبجييرى - شاعر إيطاليا المشبور وصاحب الكوميديا الإلهية . 


1" 
أننا فقدنا إمبراطورية بسببهم . وهناله شوكة نحز فى فؤادى» فقد أضعنا [مبراطوريتنا 
بيما ما زال الفرفسيون المهزومون يحتفظون بإمبراطوريهم . وقد نكون راغيين ى 
إعطاء الألمان قمصاننا » ولكلهم يريدون حبى جلودنا » . وكان يعترف فى مجالسه 
الخاصة بأن الأمل الوحبد لإيطاليا يقوم ى حل وسط لاحرب يقوم على التفاهم » 
فينقذ استقلال إيطاليا ء عل أن تكون الحرب طويلة إلى اللحد الذى يجهد الألمان 
وبقطع أنفاسهم . ولكن بالرغم من هذه الأحكام القاسية » وتلك الحملات المقذعة 
الى كان بوجهها إليبم » فقد ظل يحمل لم شيثاً كثيراً من الإعجاب الطاغى . 
وكان يغار كل الغيرة من انتصاراتهم العسكرية » حى إنه كان لا يخ سروره 
عندما سمع بنكسة ألمانيا على اللحببة الشرقية » وكان يمشى من أن يعطبهم مجالا 
للإدلال عليه بكبريائهم » هما منعه حتى من أن يوجه إلى هتلر رسالة تنطوى على 
الذلة » يطلب فيها بعض القمح الذى يعينه فى [إطعام الملايين من شعبه التائم . 
وكات يثور لكل نبأ جديد يصله عن استبدادم وقسوهم ولا سها ى منطقة 
( الاديج ) على ساحل الادرياتيك بحيث توقع « صداما حتمياً بين إيطاليا وألمانيا » 
ولكنه بالرغم من ذلك كله » ظل يذعن لما ق سلطاتهم وقوتهم من جاذبية طاغية » 
وكان لا ينى إعجابه بكفايتهم وحزمهم » إذا ما اجتمع بقائد أو دبلوماتى ألمانى 

أو كان قى حضرة زعيمهم هتلر . 


ولم تمض ساعات على اجواعه بالماريشال كيسلرنج » القائد الألمانى العام فى 
إيطاليا » حبى كان يتحدث عن جنرالاته بكثير من الامتبان والازدراء . 
وكان لا يحب إلا واحدا متهم » على حد قوله ٠‏ وهو ذلك ابلفئرال الذى تحدث 
إلى جنوده فق آلبانيا بقوله ... 3 نمى إلى مسامعى أنكي رجال طيبون من أرباب 
الأسر . وهذا حسن هناك فى الوطن » أما هنا فلا . وليس فى وسعكر هنا أن تغرقوا 
فى أعمال السزقة والقتل والاعتداء على الأعراض ؛ . وراح موسولينى يعان وهو فى 
ذروة غضبه وهياجه . . . « سأبلا أيضاً إلى أسلوب الرهائن ؛ . وقال إنه أصدر 
أوامره بأن يقتل إثنان من الرهائن مقابل كل إيطالى يجرحه الثوار الكرواتبون . 
وأن يقتل عشرون من هؤلاء للرهائن مقابل كل إيطالى يقتل . لكنه كان يعرف » 
كما قال تشيانو » إنه عاجز عن تنفيل هلها الوعيد . فهو يتوعد دائماً بالقتل والعقاب »؛ 


5 

ولكنه لا يتجاو ز فى الواقع -حدود الوعيد . 
وراح فى تصميمه الأأكيد على أن يجعل من شعبه قساة منضبطين وأقوياء 
وصابرين على الألم كاللمان » يتبع إجراءات اعتبرها الإيطاليون فى منتهى السخف . 
وكان راضياً عن تعرض مدينة نابولى» كنا قال » لعدد كبير من الغارات احوية؛إذ أن 
هذه الغارات ستشد من أزر اليل الحديد وتقوى عزائمه » وتجعل من أهل نابولى » 
عنصراً 9 نوردي 2١‏ » وراح يصدر أوامره ؛ بإطلاق صافرات الإنذار من الغارات 
الحوية فى مدينة رومة أيضاً » فى كل مرة تتعرض فيها نابول لغارة فعلية » وأن 
تغتم أجهزة الدفاع أول فرصة لإطلاق ليران المدافع المضادة للطائرات ع لتوهم 
أهل روعة بتعرضهم للخطر ٠‏ فتجعلهم يعيشون فى جو من الإثارة واللخروف 
والمسرحية . وسرعان » ما راح يعلن وقد وضع هذه الغاياتك نصب عينيه » عن 
صلاح فئات أخرى من المدثبين للتعبثة العامة » وعن فرض عقوبات أقدبى على 
الحراكم السياسية والأخطاء العسكرية . وصدر الأمر لصحف بأن تنشر دون اكتراث 
بالحقيقة أو تحر عنبها ء أنباء تؤذى إلى الهاب المشاعر الوطنية والولاء لالفاشية والكره 
للعدو . وكان يقول لتشيانو إن هتلر بحأ إلى استعارات ضخمة اتأثير على الناس 
كتصويره « روزفلت بالحمار » . وإذا كان الألمان يشحنون بلاغانهم الؤعية 
بالأكاذيب ؛ فن حقه هو أيضاً أن يفعل ذلك . وقد أقدم على الكذب دائماً . 
فق اليوم الذى هاجم فيه الأسطول البريطانى أسطول إيطاليا المحارب فى الحادى 
عشر من نوقبر عام 194٠‏ فى ميناء تورلةو » معطلا عن العمل نصف وحداته 
وبيها البارجة الحديدة ‏ ليتوريو ه صدرت الأوامر إلى الصحف الإيطالية 
بالتقليل من قيمة هذه الهزية الساحقة » وأن تنشر عوضاً عن ذلات تعليقات خيالية 
عن الغارة الحوية الى قام يها السلاح اللبوى الإيطالى ع بإلحاف من مرسولينى 
فى نفس اليوم على قافلة بحرية بريطانية فى « ميدواى » » وهى الغارة الى لم تلحق 
فى الواقع كبير إذى بالقافلة » وكلفت الإيطاليين تمانى طائراث هن قاذفات 
القنابل » ومس طائرات محاربة » وكانت الغارة الأولى والأخيرة » الى قامت ها 





)١(‏ العنصر « التوردى » هو المنصر الثمالى فى أوربا الذى يمت إليه الألمان » والذى جعله هتلر 
ف المرتبة الأول ف فلسفعه المنصرية . و المعرب » 1 


فق 
الطائرات الإيطالية على بريطانيا . وعندما هبطت سرية من المظليين الإيطاليين ىف 
إحدى جزر البحر الأيونى » لا يزيد عدد أفرادها على مائة وخحمسين: رجلا » 
واحتلت الحزيرة » أمر موسوليى بأن يتضدن البلاغ الرسمى القول بأن فرقة إيطالية 
قد هبطت فق الخزيرة . 

لكن الإيطاليين لم يتأثروا على أى حال بمحاولات الدوتقى تضليلهم . 
وصياغهم فى شكل الشعب الذى يريدهم أن يكونوا فيه » وإرغامهم على الظهور 
بخصائص ليست لم على الإطلاق . وبدأ موسوليى مع مرور الشهور ؛ واستطالة 
الحرب ٠‏ وتبين استحالة النصر ء يفقد ببطء ولكن باستمرار ٠‏ تأييد حى 
أولثك الذين تقبلوا بحماسة ف البداية إعلانه الحرب » وغفروا له الكوارث الى حلت 
ببلادهم ف السنتين الأوليين . وكان الناأس لا يزالون يبتفون له طبعاً »ء إذا ما رأوه 
فى بعض الحالات النادرة الآن » وكانوا لا يزالون يتحدثون عنه بشى" من الإعجاب » 
ويعاملونه بذلك الإجلال الذى يحمل طابع العبادة والذى بات يعتبره حقنًا من حقوقه» 
لكن تلك التلقائية فى التفانى وذلك الطغيان فى الإعجاب اللذين تحكما ى شعب 
بأسره تلك المدة الطويلة ء كانا قد ذهبا الآن إلى غير رجعة . فقد بات المتاف 
آلية » وبات الإجلال إكراهياً لا طوعياً . 

وكانت ثمة أسباب أخرى » غير الحرب المقيتة والتحالف الكريه مع الألمان 
هى الى أدت إلى هذا التطور . 

فقد بات موسوليى الآن مريضاً لاغاية . ول يعد منظره متألقاً ونابضاً بالحركة 
كا كان دافاً . وكان قد فقد القسم الأكبر من حيويته ااسابقة اابى لا تعوف 
الكلل » ول يعد مزاجه الدائم التقلب ء محرد أمر عارض بل غدا صورة الشرود 
والحيرة . ويقول أعدازه إن مرض الزهرى الذى كان يعانى منه هو السبب فى هذا ع 
إذ أنه لم يعالج منه معاحة صصيحة فى شبابه » وكان قد دخل الآن مرحلته النهائية » 
عدثاً عنده حالاث من الهياج المحموم © والخلوسة . ويقول جيسيبى بوتاى » 
وزير الثربية الوطنية إنه سمع فى تلك الأيام من الماريشال بالبو قوله إن موسولييى 
كمرة من تمار مرض الزهرى » وإنى كنت أعارضه رأبه هذا . ولف لأتساءل 
الآن » عما إذا لم يكن حكمه هذا صائياً وصحيحاً ٠‏ أو قريباً من الحقيقة على 


1" 
الأقل . فقد انحطت قوى الدوّشى البدنية والفكرية . ولم تعد شخصيته تسهوينى . 
إنه لم بعد رجلا نشيطاً . وكل ما بى منه ادعاؤه وطموحه » ورغبته فى أن يعجب به 
الناس ويتملقوه » وخدعوه ٠‏ . 
وعندما حل شهر أكتوبر عام ١941‏ »الم يكن موسولييى يسير فى طريق 
الانبيار فحسب » بل وكان يشكو آلامآ مبرحة » وكان طبيبه الدكتور بوزى » 
يقم إلى جانبه ياستمرار إما فى دارة تورلونيا أو فى روكاديل كاميناتى . فقد عادت 
الحراح البى أصيب بها فى عام ١4317‏ إلى التفتح من جديد . يضاف إلى هذا أن 
القرحة البى كان يعانى منها دون انقطاع منذ سنوات . أصبحت تؤله أشد الألم » 
حى باث من المتعذر عليه ى كثير من الحالات » وهو فى مقابلاته الرسمية » أن 
يجلس هادثاً » فكان يستدير عمقّعده : ووجهه ينطق بالألم المبرح » وكثيراً ما اضطر 
إلى وضع يده على ذه ليخنق صيحة مكتومة من الألم الشديد . دروى كونيتو 
ثافارا حاجبه الشخصى فى قصر البندقية أنه كثيراً ما استسلم لآلله » فراح يقذف 
نفسه على الأرض . متقلباً عليها ذات الهين وذات الثمال » ين أثينآ صارخحا . 
ولم يكن فى وسع أحد أن يذكر عليه شجاعته الشخصية ولكنه لى يكن ذلك الشخص 
اللى يق ألله » دون شكوى ع وقد أكب الآن ويصورة متزايدة على الاعماد على 
العقاقير الخدرة » والحقن المسكنة للألم » الى دأب الدكتور بوزى على إعطائه 
إياها . 


وكتبت إيدا تشيانو فى مبهابية شهر سبتمهر إلى زوجها فى وزارة الخارجية تقول ... 
ولا تعرف أنى معى النكتة أبداً ع فهى تقول وتفعل أشياء فى مننبى الغرابة . لكن 
هذا ليس على أى حال » السبب فى هذه الرسالة الى أبعث بما إليك » إن والدى 
مريض للغاية . فهو يشكو من آلام المعدة الى لا تطاق » وين اياج لأى سبب » 
والانحطاط ثى ابمسم وغير ذلك من العلل . وترسم والدثى صورة قائمة » وأنا أعتقد 
أنها القرحة القديمة عادت إليه ثائية» فحياته الخاصة فىالسنوات القليلة الأخيرة» 
تبعث الرء على القلق من آثارها . حسن . علينا أن لا نتحدث عن هذا . وقد 
أنحذوا له مجموعات من الصور بالأشعة » ولكنها كانت سلبية جميعها . ومع ذللى 
فهم لا يستدعون إخصائينًا . . . أرجوك أن تفعل شيئاً . . . يضمن فحص والدى 


1" 
شخصاً بحا . أرجو أن تتصل بوالدق وأن تساعدها . ولم تتعد الإجراءات التى 
اتخذت حى الآن حدود الكفر والشتاتم . 


واستدعى الأستاذ سيزار فروجى » وهو من أشبر أطباء إيطاليا أخيراً لفحصس 
الدوتئى » وجاءت نتيجة فحصه ممائلة لرأى ابنته ايدا » وهى وجود قرحة فى 
الاثنا عشرى . وسرعان ما فرضت عليه حمية قاسية لا يتناول فيها إلا السوائل ‏ 
فأصيب بفقر الدم ( الأنيميا ) . وعثر أحد الخدم » عليه فى مايو عام 1447 وهو 
يتلرى من الألم على أرض غرفته فى روكاديلا كاميناق » فهرع إلى غرفة زوجته 
راشبل صارضاً . . . «إن الدوتشى يموت : . وجاء الدكتور بوزى على الفور : 
وأبلغ الزوجة بأن على الدوتشى أن يبى فى فراشه وأن يستريح . ونصح باستدعاء 
خبير آخدر لاستشارته بالإضافة إلى الأستاذ فروجونى والأطباء الثلاثة الآخرين الذين 
استدعوا لعيادته . لكن راشيل كتبت ف يومياما تقول . . . 8 إن فكرة استدعاء عدد 
كبير من الأطباء تخيفنى » . وكان الواحد مهم يناقض الآتعر على أى حال 
وكان فروجونى الذى شحخص المرض فى البداية بأنه نتيجة قرح فى الاثنى عشرى 
مهما زميلا آخر له بالسخض لأنه تحدث عن ١‏ الإسبال» عاد فأقر بأن 
و الإسبال الحاد» هو الذى يعقد الحالة الصحية . وعاد فأعرب عن رأيه فى أن 
الدونشى يعانى من حالة سرطان متقدم » لكن الأستاذ سيزار بيانثى » عارضه 
عل الفور فى رآبه . 


لكن تشيانو وفيتوريو نجل موسوليى الأكبر كانا يعرفان السبب الحقيئى فى 
امرض » وأنه مرض ناتج عن حالة عاطفية "١7‏ . فبالرغم من أن الدوتثبى كان ينام 
نوما ثقيلا” ء فإنه كان يقضى أيامه فى حالة دائمة من القلق » والمياج . ول يكن 
من المنتظر أن يبدأ له بال » أو يقر قرار » طلما أن الحرب تسير سيراً سيئاً 
لإيطاليا . وكان كلما وصلته أنباء كارثة جديدة فى أفريقيا الشهالية وى البحر 
6 شرت حيفة أفانى الإيطالية فى شهر مايو عام ه54١‏ مقالا ألقث فيه ضوءاً على حتقيتة 
هرمس موسوليى ؛ كتبه شخص يدعى استرف » ذكر فيه أن الطبيب اللى قام بتشر يح جثة موسولينى بعد 
مويه » لم جد إلا أثرأ بسيطاً لبققايا قرحة . أما قلبه وشرايينه فكاذا فى حالة سليمة . ولا ريب ف أن ممرفة 
أحوال غدده تحسر الثقاب كثيراً عن حالته الصسية , و الؤلف » 


ون 
الأبيض اللمتوسط » كان يصاب بنوبة عاطفية حادة ؛ وهو حمل على اليش 
الذى يحارب 3 بهدوء امْحترفين وعدم اكثرامبم » لا بحدة المتعصبين وإيمائهم ؛ وعلى 
الأسطول الذى كان يتوق إلى أن يبعث إليه برسالة كتلك الى بعث بها تشرشل إلى 
اميرالاته » » ولكنه لم يتح له الفرصة لكى يفعل هذا فى غضون عمانية عشر شهراً » 
وعلى الشعب الإيطالى الذى لم يخلق للجرب كالشعب الألمانى أو اليابالى والدى لم يكن 
قد وصل درجة من النضج والاستقرار تكفيه لاحمال مثل هذه الحنة الحطيرة 
والحاسمة ه ء وعلى الإنجليز الذين أقسم « على كرههم إلى الأبد» ٠‏ لأنهم أخدوا 
إمبراطوريته منه ولأثهم قاموا باحتلال الحبشة » ليثأروا منه شخصياً؛ » وعلى 
روزفلت الذى كان محتقظ له بكراهية تكاد تكون لدبه حالة مرضية . وكان يقول 
دائما حقد دفين ... هلم يسبق فى التاربخ أن سمحت أمة لمشلول بقيادتها . وقد 
كان هناك ملوك من الصلع » أو ملوك على جانب كبير من البدانة أو الحمال 
أو البلادة » ولكن ل يكن ثمة قط ملك كان يتكئ على غيره عن الناس وهو فى 
طريقه إلى حمامه أو غرفة طعامه 4 » وثار فى عيد الميلاد على الحدايا التى 9 يستخدمها 
الأغنياء حجة يبررون بها حظوظهم فيعيون الفقراء ». وكثيراً ما ثار أيضاً على الأعياد 
التقليدية » فكان يقول . . . وما أهمية عيد رأس السنة على أى حال ٠‏ سوى أنه 
البوم الذى ثم فيه ختان المسيح » أى الاحتفال بطفس عبرى » جاءت الكنيسة 
فألغته ؛ . ولاذا يشكو الئاس كثيراً من الأمية ؟ فحبى لو وجدت الأمية » فهل يهم 
هذا كثيراً ؟ فى القرن الرابع عشر » كان جميع سكان إيطاليا من الأميين » 
لكن هذا لم يحل دون ظهور دانتى الليجييرى . والآن وكل من فى إيطاليا يجيد 
القراءة والكتابة » من لدينا من الشعراء ه إنه الشاعر جوفونى 1 ! ! 
وقد علق تشيانو بكثير من السخرية فى يومياته بقوله . . . ٠‏ كان موسوليى 
فى الواقع يثور على كل شىء وعلى كل إنسان عندما نسوء الأوضاع . وكانت 
ثورته تصل أحيانآ إلى التبسجم على الله جل شأنه 
وبالرغم من تزايد الميل لديه للقدح بالناس » فقد غدا موسوليى الآن أكثر 
خولا » حى فى تلك الأيام ابى تبدو فيها ححته فى طريق التحسن . ولم يعد حديثه , 
يتميز بقوة الإقناع وسرعة البديبة ء كالم تعد تعليقاته الساخرة مثيرة للإعجاب » 


قف 
بل جرد انعكاسات مزاج سبى” . وكثيراً ما ناقض نفسه بنفسه » وثار لأقل استفزاز » 
ودفع نفسه إلى دفقات من النشاط المجهد ء ليعود بعدها فيغرق ى سبات طويل من 
شرود الذهن والعخاذل . وأصبح أكثر تصريحاً بحزازاته منه فى أى يوم »ضى 
وقد طرد رجلا ذات يوم من أفراد حاشيته لآنه كان صاحب ذقن » كان يعتيرها 
«شيثاً سخيفاً» ع ويعتبرها قناعاً يختى وراءه النصايون والانتبازيون من الدرجة 
الثانية . ورفض أن يستخدم رجلا آلعر لأنه لم يعجب يمخطه وكتابته » وذلك لأنه 
كان كغيره من الذين يؤمنون بالخرافات يعتقد أن خط الإنسان يدل على شخصيته » 
وكان يعتز دائماً بخطه الطبيعى الثابت . وسمعه البعض يقول ذات يوم . . . 9 أستطيع 
أن أحكم على خلق إنسان وشخصيته من رؤية خطه » تمامً "ها أحكم عليه من 
رؤية وجهه : . وكان يقضى الساعات الطوال مشغلا نفسه بتفاصيل الدملاات 
الدعائية :» الى كانت فى الغالب تافهة وخالية من كل معبى . فهو الذى يقطع 
بعض الأنباء والمقالات من الصحف الأجنبية الى يقرؤها بافتئان واضح » وهو 
الذى يعيد كتابة العناوين ى صحف بلاده . ويعيد كتابة المقالات السياسية الخفية 
العجز » ويغير أسلوب البلاغات الحربية اليومية وتحتواها قبل إذاعها » ساءتاً بنشر 
خر ومضيفاً إلى أهمية خير آخر ومقللا من أهميته وهكذا كان بجهد نفسه 
فى أعمال كان ق وسع 5 تق ذى تجربة أو موظف من وزارة الإرشاد 
الى أن يقوم مها . وكان كرئيس لتحرير ١‏ البوبولو ديتاليا؛ يسلى نفسه بقطغ 
بعض الأنباء المسلية » والكاذية من الصحف الأخرى وإلصاقها على جدار فى 
0 تحت عنوان ١‏ عمود كريه 6 ء أما البوم وكتقليد لهذا الإجراء فقد راح 
يقضى وفنا طويلا” فى البحث عن الأنباء الكاذبة والغريبة فى الصحف الأجنبية 
وقصبا » تقليداً لما ألفه فى السابق ‏ ليأمر بعد ذلك بنشرها فى الصحف الإيطالية 
تحث عنوان « شمود سخيف » . وكان من المعروف عنه قبل الحرب » أئه كان 
' يصدر نحواً من ستة أوامر فى اليوم إلى 00 موعزاً ا بكيفية التصرف فى 
الأنباء » أما الآن فقد ارتفع هذا الرقم إلى عشرة ة أوامر فى اليوم على أقل تقدير . 


وكان رجال الصحافة يدعون فى الأيام الأول من الحرب إلى دارة تورلونيا » 
ليقدموا صورة للشعب عن الحياة المتقشفة والنابضة بالحباة الى يعيشها الدوتشى 


1 
وليرسموا صورته وهو يقفز من فراشه عندما يستيقط فى الصباح وحمامه البارد 
قبل قراءة بريده » واملاءه بسرعة آل الطباعة « التليبرينتر » وآليئها » م توقفه 
الفجائى _لمارس رياضاته فى ركوب الخيل والسباحة ولعب كرة المضمرب »© ووجباته 
البسيطة » وعزوفه عن الراحة » وإقباله المتحمس و«العنيف على العمل . أما الآن 
فقد تغير كل شىء » إذ باتت الوجبات البسيطة . أدوية يشربها ٠‏ وحيل بينه 
وبين ممارسة الرياضة بأمر الطبيب ء واقتدمرت رياضته على تقطيم الاشائش وقصها 
فى حديقته » وخحبث الحدوية ء وهدأت السرعة . وكان الضوء يظل مير ى مكتبه 
حبى ماعة متأخرة من الايل . ولكن بقصد إيهام الذين عرون على مقربة من 
نافذته البّى أسدلت الستائر عليها » بأنه ما زال يعمل برها يكون المكتب فى الواقع 
خالياً . ولى يعد الدوتشى يظهر الآن فى الواقع إلا فيا ندر . 
وتسلط عليه كابوس منخشية المزيمة والفشل ومن الشكوله والوساوس ؛ وطغت عليه 
عليه الفجارات فجائية من الغضب الى تعقبها أيام طوياة من اليأس » وأحس 
بوجنتيه الغائرتين » ورقبته الى نحات » وعيئيه الاتين أحاطت برما التجعدات 
السوداء » فراح يعرف شيئاً فشيثاً عن الظهور أمام الناس » وعاش "كا قال يومًا 
حيوسيبى بوتاى » فى قصر البندقية و حياة منعزلة » يصطر ع يها مع مثا كله » 
ويقررها وحيداً بنفسه » . 
ولاحظ يوتاى فيا بعد » أنه كان من الأفضل حقاً » أو أنه عاش حياة 
منعزلة هناك ء ولكن كلاريتا بيتائى » ظات ق معظم الأمسيات. .» تقبع ى 
الحناح الخاص المقام فى الطبقة العليا من قصر البندقية » تنتظر مجيئه ولم يكن 
بوتاى. على أى حال » الإيطالى الوحيد » الذى رأى ,ان الزيارات المتظاءة ااتى 
كان يجحد نفسه مضطراً إلى القيام بها نخليلته » كانت مسؤولة إلى حدما عن صمته 
المتدهورة . لكن هله الزيارات » كانت فى الواقع قد غدت أقمير أمداً » وأتل 
تكرراً من الأيام الماضية » وكانت كلا ريتا » نظل الساعات الطوال » مستلقية 
على الأريكة فى غرفة الحلوس » تتطلع إلى الرسوم المنقوشة بالذهب فى سقف 
الغرفة الأأز رق » وتستدم إلى بعض الاسطواناث تعزف الأغانى العاطفية والآلحان 
الراقصة » معيدة إياها المرة تاو المرة . وكثيراً ما كانت تشغل نفسها برسم : الموضات ) 


فى 


الابسها الجديدة » و رم صور عاطقية للطيور والأزاهير »ع وبقراءة بعض 
القصص الغرامية » أو صباغ أظافرها » متطلعة إلى نفسها ف المرآة » أوعبر النافذة 
إلى الصهريج المقام فى باحة القصر . وملأت دفتراً صغيراً كانت تكتب فيه أحياناً 
ذكرياتها عن الأيام السعيدة الحوالى البى قضبا معه » يتزحلقان على الثلج فى 
تيرمينيلو » أو يسبحان فى رعيتى » أو يتنزهان فى المزارع الملكية فى كاستيل 
بوزيانو »ع مضمنة إياه أيضاً شكوكها المحزئة فى المستقبل . فقد كان حبيبها » 
يفد إليها فى هذه الأيام فاقد الحيوية » يثور لأقل شىء » ويتفجر غاضباً من أقل 
إشارة . وكثيراً ما انتظرته ليالى طويلة حبى العاشرة مساء » دون أن يأتى إليها ع 
وتأصلت فى نفسها » إبان وحدئها هذه » روح النقمة على أولئك الذين يوجهون 
إليها الوم » ويلقوتها بالزراية . وراحت تصرخ ذات يوم فى وجه أحد الخدم » 
وقد انتظرته عبثاً أكبر من حمس ساعات . . 9إنهم جميعا أعداق ٠‏ وم يحونونه 
خس عشرة هرة فى اليوم الواحد » . فالفاشيون فى نظرها و خونة » » والقادة 
العسكريون ١‏ حمق رفون متبلدون ٠‏ » ولا سما ذاك الأحمق المهزوز دى بونو 
وتساءلت ذات يوم غاضبة . . . «ولاذا يدعى الفضيلة » وهو يرتكب الإثم مع 
تلك الكونتيسة العجوز على أربكة مخملية سوداء ؟ 


وبدأث تحس بالطبع . إن الدوتشى لا يتعرض إلى خيانات الآخرين 
فحسب » بل وإنه ونها أيضاأ , وتسلط عليها كابوس من التخوف من أن يكون 
فد عير على عشيقة أخرى » أو أن يكون قد عاد إلى إحدى خليلاته السابقات . 
وراحت تتصور أن مرجريتا سارفاق أو انجيلا كيرق » تحاول استعادته منها . 
بالإضافة إلى وجود امرأة أخرى تدعى ايرما » 6 تحاول أن تجعل منه بقايا إنسان » . 
وكثيراً ما تبرمت قائلة . , . د يظن الناس أننى أنا الى استنزف قواه . ولكها ايرما . 
أجل إنها إيرما » . وإذا حدث وشككت إليه من غيرتها » وهواجسها متحدثة إليه 
عن عشيقاته الأخريات » فإنه كان يسخر منها » وكثيراً ما أهانها » دافعاً بها إلى 
البكاء الذى كان يستفز غضبه أكثر من أى شىء آدر . ولذا فقد دأبت على أن 
تبعث إليه برسائلها وقد حشها بتوسلاما واتباماتها وخوفها من أن تفقده . وراحت 
تسأل ذات يوم عشيقة أخيها زبتاريتوسا » عن الطريقة التى تستطيع التأكد فيها 


"1 

من أنها لن تفقده . ونصحها زيتا بأن الطريقة الوحيدة للاحتفاظ به » هى أن 
لا تبى رغباته عندما يشنبيها . وراحت تقول لصديقما . . . « ولكننى لو فعلت 
ذلك » فلن يكثرث لى » وسيبجرنى ؛ . وقد يكون فى قبها هذا الكثير من البق . 
نقد يدل فى هذه الآرزة جيدا حقيقياً لإنباء هذه العلاقة الى طالت سبع سنوات » 
وكانث أطول علاقة غرامية فى حياته . وذكرت الأميرة الصقلية دى جانجى » 
إنه اعرف لا فى هذه الأيام » بأنه أخل « يتقزز » من عشيقته . وجاءت كلارينا 
بعد ظهر أحد الأيام من ربيع عام 1947 إكى قصر البندقية » فأبلغها الشرطى 
القائم على حراسة مدخل القصر من شارع « استالى » » وهو يتلعتم » بأن الأوامر 
قد صدرت إليه » يعدم السماح لما بالدخدول . وفقدت سيطرتها على زمام أعصابها ؛ 
ونحت الشرطى جانباً واندفعت إلى الداخل » لنرى الدوتشى فى ملهى البرود متطلعا 
إليها » بنظرة تخلو من الحب » ولتسمعه يقول ا بلهجة متعالية أعيرفت فيا بعد » 
أنها قد أرعبتها » لأنها كانت قد سمعت منه فى الماضى ٠‏ أنه كان يستخدمها فى 
الخلاص من عشيقاته السابقات . . . « أعتقد أن الدورة قد البت » . ولكنه 
ما لبث أن استسل لها . وقام بعدة عحاولات أخرى للخلاص منها » ولكنه كان 
يستسلم فى أعقاب كل محاولة . فد كانت العبرات تنهال من مقلتيها على وجهها 
مختلطة بالمساحيق الى نغطيه » وتروح ترجوه أن يعفوعنها » وأن يعردها إلى قليه ؛ 
فيستسلم لبكائها . ولكنه لا يلبث أن يعود فيتدم على تراجعه ع ويبتف ا قائلا 
إن عليها أن لا تذهب ثانبة إلى قصصر البندقية » مهيا حديثه الاتتى . . . بقوله . . 
١دعيى‏ شأنى . فالحرب تسير سيراً.سيئا . وقد ينتقدنى الناس على ضع » . 
وكثراً ما سمع وهو يقول . . . : هناك امرأة واحدة » دفعتى إلى القيام بأعمال فى 
منبى البلادة » وأنا عازم على الخلاص منها ؛ . ولكنه كان يعود إليها . وكان 
يبينها » ويتشاجر معها » ويسلك معها سلوكا ينطوى على التجاهل وعدم الاكتراث 
وكأن امرأة أخرى ‏ قد انتزعت منه » كا كان يقول » كل شىء . وكان بتشاجر 
معها فى موضوع أسرتها متحدثآ عن مضاربات أخيها المالية المشبوهة » وعن تلك 
الذكرة السخيفة الى بعث بها إليه عن الطريقة الى براها لكسب الحرب . 
وعن أمها الطويلة ذات الأنف المعقوف » الشغوفة بالحسابات » والى 


4 
كانت تبجحاتا الخطرة عن حمايته لها » قد أ:كسبتها ازدراء رومة كلها واحتقارها 
وضمربها ذات يوم ى شجاره معها -حرل أخيها » ضهربة عنيفة » أنقدتها وعيها » 
ولم تستفق إلا بعد « حقّنة 4 منببة من والدها . ولككن كانت هناك أيام ينسيان فيها 
الحقوام والمشاجرات . ويجدان الراحة فى الب وق ذكريات سعادتهما ء فروح 
تملا بعدها » مفكرتها ساردة أتفه التفاصيل الى تناولاها فى حدي.هما . و“مسث 
فى أذنه ذات يوم تقول . . . « لن آفى إليك فى وضح النهار بعد اليوم . بل سآاتى 
بعد هبوط الدنجى لراك لبضيع الحظات وأقبلك . فأنا لا أريد أن أسبب اك الفضائح 


والمتاعب 0 . 


ولكها كانت فضيحة حقآ » وكانت تنزل بالدونشى على ححد تعبير ضابط 
كبير من ضباط الشرطة » ١‏ أذى يفوق ما تنزله به خسارة لس عشرة معركة » . 
وأقر تشيانو ‏ وهو يتحدث إلى صديقه سيران سونير وزير ختارجية أسبانيا » بأن 
هناك كثراً من اللغط حول هذا الموضوع حقاً . فقد تكون للإنسان عشيقات 
كثر » ولا يعترض أحد + أما هذا التركيز على واحدة » وعلى أسرتها » ففضيحة 
خطيرة . وذكر انجيلو سيريكا وهو من كبار ضباط « الككارينييرى ؛ أن 3 أسرة 
بيتانشى تتدخل ق كل شىء » وتضى اللدماية السياسية على الناس »© وتوجه 
الهديدات من عل» وتحرك الدسائس من أسفل ؛ . وتساءل تشيائو بكثير من اليأس 
والقنوط « ولكن ما عسى المرء أن بصنم لتحذير الدوتشى » لا سيا وأن اثنين 
أقرب زملائه إليه » وها سكرتيره الخاص دى سرزارى » ووكيل وذارة 9-0 5 
جيدو بوفاريبى ‏ جيدى ٠‏ يجنيان الأموال الطائلة من « هذه الخحياة السرية » . 
وأصرت شقيقة موسولينى ايدفيك » على أن أحداً يجب أن ير ؤعل التحدث إليه 
فى هذا الموضوع . وقد يكون صحيسا ما يقوله أخموها فى معرضن التبرير لاليساندرو 
بافوليبى وزير الإرشاد الشبى » من أن جميع العظماء فى عصر النبضة الإيطالية » 
كانوا يعشق » وكانت لم خليلاتهم » وأنه لا يعطى كلارينا شيئاً سرى بعفى 
الهدايا التافهة بين آونة وأخرى » مع خسمائة ليرة إيطالية فى بعض الأحايين + 
لابتياع ثوب جديد » ولكن الشعب الإيطالى الذى يراها وهى ترتدى أغلى الثياب » 
وتفوح مها الروائح الغالية » البى يزودها بها التجار الإيطاليرن ورجال الأعمال » 


4 ؟ 
طمعاً فى وساطة أو عمل » لا يصدق ما يقوله موسوليينى ٠‏ ويتهامس أبنائه » بأن 
الضرائب الثفيلة الى تبتز منهم ننفق على ترفها وتبذيرها . ولا يمكن للإيطاليين 
أن يعرفوا أن اللناتم الماسى الكبير الذى تضعه فى أصبعها » هدية لها من صاحب 
مصرف كبير » اعتقد أن الفضل فى عقد صفقة ناجحة قام بها يعود إلى تدخلها » 
وأن معطفها القرمزى » هدية من صديق لأحيبا حصل على التزام مربح من 
وزارة الأشغال » وعندما يتحدث الناس » على أى حال . وهم بتحدثون الآن جهارا 
وبصورة مستمرة عن ١‏ فضيحة بيتاتشى» » فإمم كانوا يشيرون إلى ما تقوم به 
الأسرة من أعمال مشبوهة » أكثر من إشارتهم إلى كلاريتا نفسها . وكانوا يعرفون 
أن والديها بنيا قبل الخرب دارة عصرية جميلة » حماماتها من الرخام الأسود فى 
منطقة كامياوكيا الأرستقراطية الى ترتفع فيها أتمان الأرض » وكانوا يؤمنون أن 
موسولييى هو الذى دقع تكاليف هذا اليناء » أو تكاليف غرفة نوم كلاريتا 
الفاخرة على الأقل » إذ غطيت جدرانها بالمرايا » وكان السرير الضحم المرثثى 
بالحرير فيها مرتفعاً وكأنه عرش على منصة . لكن موسوليى ل يدفع شيئاً من هذا » 
وإن كانت والدمها صاحبة السلطة عليها قد طلبت إليها أن تسأل موسولييى دفع 
هذه التكاليف . لكن كلاريتا رفضت ححتى إثارة هذا الموضوع ٠»‏ وعنبما شبد 
الدارة لأول مرة » وسأله أصعابها المعتزون بها عن رأيه فيها » وهل أعجبته» رد بشىء 
من الاشونة . . . لا . لم تعجبنى كثيراً . 


وكان أشد أفراد الأسرة مقتاً من الناس » شقيقها مارسيلو » الذى يعمل طبيباً 
فى البحرية » وكات يقال إنه جمع ثروة هائلة من تهريب الذهب فى الحقائب 
الدبلوماتية » ومن الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى » وكان يستعخدم علاقته 
الى يعلن هو عنبا ء» بالدوتشى ف عقد الصِفمات والاتفاقات المريحة » وتحديد 
المواعيد اشجرية . وبالرغم من أن الدوتشى لم يساعد مارسياو قط » فى جتى الأرباح 
اللامشروعة » كالم يساعد أى إنسان آخر حبى نفسه فى جمع المال » إلا أنه كان 
على أى حال » على درجة كبيرة من عدم الاكثراث والإهمال » بحيث سمح 
للشكوك بأن ننتشر . وكانت الحقيقة أن الدوتشى لم يكن يتم بالمال على الإطلاق » 
ولم يكن يوليه شيئاً من تفكيره على الإطلاق . وكان فى الواقع بريثاً كل البراءة 


رف 

من هذه الاتهامات ٠‏ على حد تعبير كلاريتا إذ أنه راح يسأنها ذات يوم » عن 
كيفية تمكلها من الحياة على هذا النحو الباذخ » ثم قال » وهو يرغب رغبة صادفة 
فى أن يعرف شيئاً لم يكن قد خطر فى باله ذات يوم . . . « هل يكسب والدك 
كثيراً؟ ٠‏ . وكان من السخض حقاً » بالنسبة إليه » أن لا يتبين الحقيقة » وهو 
يرى كلاريتا » ترتدى أغلى الثياب » وأجملها » وتتعطر أن الروائح وتوزع 
الأموال على الفقراء . ودون تشيانو فى يومياته أن مدير وزارة الصحة العامة أبلغه 
بأن جيدو بوفارينى - جيدى ٠‏ وكيل وزارة الداخلية » كان يعطيها مائتى ألف 
ليرة فى الشبر من المخصصات السرية » وكان من الطبيعى ٠‏ أن يقول الفقراء الذين 
كانت توزع عليهم القسم الأكبر من هذا الحعل الشهرى بأن ما تدفعه ليس 
إلا تكقير الضمير من عاهرة فاسدة . 


وكان من السخف أيضساً من موسولينى أن يفترض أن اختياره لأصدقاء أسرة 
بيتاتشى ومحاسيببم » لإملاء الوظائف الشاغرة فى الحكومة » لن تثير موجة عارمة من 
السخط . وليس لنا أن نشك فى, دة ما كان ينتابه من دهشة » عندما يسمع 
بالثورة على اختياراته » وإنه ظل جاهلا فى الواقع حقيقة هذا السخط . فلم يكن 
هناك كثيرون اعترضوا على الطلب الذى وجهه إلى حيفة المساجيرو » لتعيين 
والد كلاريتا » مراسلا طبيآً لها » فقد كان الدكتور بيتاتشى على أى حال 
من أكثر الأطباء كفاية . .ولم يعترض أحد على سعيه لتأمين مستقبل ناجح ى 
الححياة السيهائية لميريام » شقيقة كلاريتا » فقد كانت ممثلة لا بأس بها . لكن 
الناس ما كانوا ليتساعنوا » مع المحالات الأخرى لمحسوبياته المتعددة » ولا سها اختياره 
لالدو فيد وسونى ؛ الشاب الذى لم يتجاوز عمره السادسة والعشيرين ربيعاً » وصديق 
أسرة بيئاتقى » لمنصب هام » كسكرثير الحزب الفائى » ما أثار موجة عارمة 
من الأسى . ولم يفلح تيريره » ى أنه اختار هذا الشاب لهذا المنصب ٠»‏ ليفرض 
شيثاً من التأثير النافع على شباب البلاد المتراخى والمتردد فى إقناع أحد من الناس . 
وقد فزع تشيانو نفسه من هذا الاختيار لرجل وصفه فيتوريو ابن موسولرى بأنه 
صورة مجسدة « للحمق واللخهل والخبث ‏ » وتعيينه فى مثل هذا المنصب الام . 
وأعرب الوزير عن فزعه هذا » ولكنه لم بجر ؤعلى التحدث به إلى الدوتشى نفسه . 


ا" 
وتقدم عدد من كبار الفاشيين إلى تشيانو » وأبلغوه أن واجبه يحم عليه بوصفه 
صبر موسولبى وأقرب مستشاريه إليه » بأن ينقل إليه مشاعر أعضاء الازب الساخطة 
على هذ التعيين » بالإضافة إلى ما يع البلاد من ثورة آخحذة فى التزايد على نفوذ 
آل بيتاتئى » لكن تشيانو لم بجر ؤعلى نقل آرائهم هذه إليه . ولم يرز أحد أيضاً 
على أن يذكر أمامه » تلك الشائعات الخيفة الى أخذث تنتشر فى رومة عن 
النفوذ الذى بات لمهندس سبىء السيرة إلى حدما يدعى باترعلى الدوذا راشيل » 
زوجة موسوليى » الى كانت كنا ذكرث ابنتها ايدا » مر فى هله الآونة فى 
مرحلة المراهقة الثانية . ويقول بوتاى ... « إن هناك حقيقة واقعة » وهى أن أحدآ لم 
يحرؤ على أن يتحدث إلى موسوليينى فى أى موضوع من هذا النوع ». وعندما جاء 
أحد أصدقائه إلى تشيانو قائلا له إن الدوتشى يبدو معانيآ لآلام مبرحة تثير الفزع 
على حياته » وأن من الواجب عمل شىء فى هذا الصدد » رد تشيانر قائلا . . . 
ولكن ما العمل . . . ؟ أهناك من يجرؤ على التحدث إليه فى قغسية خاصة ؟ 


وهل كان هناك كما قال بوتاى » وها أكد تشيانو أيضاً من بجر ؤ على الحديث 
إلبه فى موضوع لا يسره ؟ فعندما أعدت وزارة الداخلية تقريراً مدعنا بالوثائق » 
عن الوضع الداخلى المزعج فى إيطاليا وعن اشتداد الشعور المعادى للفاشية » ل يحرؤ 
وكيلها بوفارينى ‏ جيدى » على أن يعرضه على الدوتشى . وعندما تجاوز سخط 
رافائيلو ريكاردى وزير التجارة حدوده فى الباية على صفقات آل بيثاتئى 
اللامشروعة قى مرريب الذهب » وحمله على التغلب على تردده وإحجامه والتحدث 
إلى الدوتشى ف الموضوع » بدا موسولييى ساخطا للغاية » يل وأحس كا خخيل 
لريكاردى بشىء من « الذلة والمهانة ه . لكن تشيانوء أدرك أن مستقبل الوزير ى 
الحزب . لم يعد لامعاً ولا مشرقاً » وراح يعلق بشىء من اللحبث قائلا . . . :من 
الحطر كل الحطرء عند موسولينى ٠‏ أن يعتقد إنسان أن فى وسعه أن برق على 
مستوأه ؛ . وقد وافقه بوفاريبى ‏ جيدى على رأيه وقال إن رد فعل الدوتشى على 
حديث الوزيرلم يكن نابعاً عن السخط ولا عن الإحساس بالذلة كما خيل إليه » 
وإا نشأ عن الغضب من ريكارديى » لأنه تجرأ على مواجهته بمثل هذا الاتهام . 
ولم يعرض الكونت كافاليرو نفسه للخطر الذى تعرض له ريكاردى . فقد علمته 


ا 
التجارب أن' من الأسبل عليه » أن يحظى برضى الدوتئى ٠»‏ إذا أخنى عنه الأنباء 
الى لا تسره . وعندما طلب إليه موسولييى أن يزوده بقائمة عن المعدات الحربية 
الى تصنع فى إيطائيا » راح يمول عامداً متعمداً فى أرقام المدافع المضصادة للدبابات . 
وبالرعم من أن موسوليبى كان يتقبل عادة الأنباء الطيبة الى تصل إلى مسامعه 
دون أن اول التغبت من ها عن طريق الاستقصاء » غافة أن تخيب الحقيقة 
آماله » فإنه راح يسأل كافاليرو هذه المرة عن صحة هذه الأرقام العالية التى عرضها 
عليه . ورد الكونت بأن هذه الأرقام تمثل احهالات نظرية للإنتاج » أكثر منها 
أرقاماً واقعية » وراح يغيرها بقلم الرصاص الذى بحمله . 

ولم يكن هذا الإخفاء المدروس للمعلومات عن الدوتشى بالتطور ابحديد 
بالطبع. فى المحافل الفاشية ,. قد كان الاعتقاد السائد فى إيطاليا منل .سنوات 
طويلة » بأن المسئولين عن الحكم يخفون عنه الحقائق الصحيحة . وكان مثل هذا 
الاعتقاد فى الماضى فى مصلحة مرسوليى نفسه . فعندما كان ينهم أحد المسئولين 
الفاشيين بالرشوة أو القسوة أو الشر ء أو عندما كان يبدو أحد المراسيم الفاشية قاسيا 
أو غير متسامح » كان الئاس يقولون لبعضهم البعض . . «٠.‏ آه لو أن الدوتشى 
يعرف هذا !! » . فقد كان الدويّثى لا يزال إلا عندهم » ولم يكن ليسأل عن 
أخحطاء أتباعه من البشر . لكن هذا الموقف لم يعد إلا نادر الوجود الآن . ققد 3 
مع الإيطاليين فى نباية عام 1447 © يفترضون أن الدوتئى يتحمل شطراً من 
المسثولية فى كل ظلم وكل هزيمة » وكل مسغبة يعانوها » بل وكل كارثة تظهر 
أن النظام الفاشى الذى خلقه ل يعد قادرا على معابة الأوضاع الطارثة الى ورط 
نفسه فيرا :لحر طال آثر الحرب أكثر من اللزوم . 


" 
المتآمرون , . 4 
من نوقبر 198417 ؟75 يوليو 19847 
وم م يلق قيصى تظرة على قائمة أسماء المتآمرين عند ما وضعت 


القائمة فى يده ؟ من المحصمل أن يكون قد سمح لهم بأن يقتلن » 
شعوراً منه بأنه قد وصل مباية المطاف » . 


١ 


احتلت وحدات من الخيش البريطاى فى الثالث والعشرين من يناير 
عام 1447 ء مدينة طرابلس . و بدا للكثيرين من الإيطاليين » أنهم قذ مخسروا 
الحرب وأن أمل إيطاليا الوحيد » هو فى تخلصها من الحلف مع ألمانيا . لكن قلة 
مهم فقط » اعتقدت بأن الور أن ينفهم طالما أن موسولرى قائثم على الحكم . 
وكان الألمان أتفسهم يحملون مثل هذا الرأى أيضاً . فقد أكد جوباز وهو يكتب 
بعد سقوط طرايلس » وبعد أن تبين بأن تونس لابد وأن تسقط قريباً » هذا 
الاعتقفاد كذلك » إذ كتب يقول . , . ١‏ أكد الدوتشى للفوهرر من -جديد » 
بصورة قاطعة » أنه سبواصل السير معنا فى سرائنا وضراثنا » وإنه سيظل على وفائه 
للمحور . ولاريب فى أنه كان صادقاً فى وعدة ؛ فى وسعنا أن نشعر بالطمأنينة 2 
طالما أن الدوتشى قاثم على الحكم فى إيطاليا » إذ أن ولاء الفاشية مؤكد ومضمون 4 . 

لكن جوبلز راح يتساءل عن المدة البى سيتمكن فيها موسولينى من البقاء 
7 ا حكم ؛ وعن مدى السلطان الفعلى الذى ظل له فى إيطاليا . فهو واثق من أن 
النبلاء والبلاط الملكى » يخربان كل ما يتخذه من قرارات » وكان القادة العسكريون 
الآن عللى شخلاف دائم معه . 

لكن المعارضة:' كانت ف الواقعم قد أوغلت عميقاً أكثر ما عرف جوباز وتوقع . 
فنذ نوقير عام ه2٠‏ عندما صور النصر الذى حققه الخرال مونتجومرى 

ايفرف ش 


وق 
فى العالمين » الهزيمة اللهائية للجيوش الإيطالية فى أفريقية الشمالية » بدأ التآمر 
على عهد موسوليى . وكان هذا التآمر محصوراً فى البداية فى اقتراحات وإشارات 
غامضة ومتقطعة » وى محادثات واجماعات سرية تعقد بين رجال البلاط الملكى 

وبعض ضباط هيئة أركان الحرب . لكن المؤامرات ما لبثت أن تضاعفت وانتشرت» 
وأصبح الملك نفسه متورطاً إلى حد كبير فيها » بِيًا كان وزير خاصة الملكية 
الدوق بييئرو داكوارون » والأميرة ماريا جوزيه زوجة ولده » وولى عهده الأمير 
أومبرتو » على انصال "كما هو معروف بأولئنك ابحنرالات الذين أرادوا أن يروا نهاية 
لديكتاتورية موسوليينى . ول يكن | كوارون فى الواقع قد جدد اتصالاته باحترالات » 
إذ كان قبل ثلاثة أعوام » أى فى يناير عام ١44٠‏ + قد اتصل يتشيانو فى ملعب 
و الخولف » » وأبلغه بآن املك يرى أن « من الضصرورى إضفاء وجهة أخرى على 
الأمور ؛ . وخيل إلى تشيانو أن الدوق أراد التعمق فى الحديث » ولكنه لم جد 
الفرصة مواتية لذلك على أى حال . 

ودون الماريشال كافيليا » وهو رجل عجوز ومحثرم من أعداء الفاشية 
يومياته فى شتاء عام ١547‏ يقول . . . « أسمع من ممتلف المصادر » أن 0 
يتصور العثور على حل أسرع اه أى إنسان » وأن الملك يدرس بإمعان 
ما يجب علية عمله ؛ . 

لكن الخترالات من زملاء كافيليا » الذين أخذوا يدرسون أيضاً » ما يحب 
7 متا يا ؛ على أن موسولييى هو الوحيد الذى يجب أن يستبدل . 

فقد اعتقد الحنرال فيتوريو امبروزيو » مثلا » ودو رجل قدر له أن يلعب فيا بعد 
دوراً بارزاً فى الأحداث المسرحية الى أدت إلى اعتقال موسولينى » بأن من الواجب 
الإطاحة بالك أيضا » » إذ أنه و ارتبط أشد الارتباط بالفاشية » . وقد دون فى 
يوعية كتبها فى فبراير عام 194 مليئة بالألغاز » ولكبها تلى الكثير من الأضراء . 
ما بلى . . . 9 زوت بونو - اقاراح بادوليو ‏ تنازل الملك - الأمير ‏ الحدلة ‏ 
كافاليرو 4 . 

وكان ايغانو بونوى » الذى كان اسمه أول ما ذكر فى هذه اليومية رئيساً للوزراء 
قبل مج الفاشيين إلى الحكم » ورئيسا لم ء بعد الإطاحة بالفاشية » وكان أحد 


ايف 
الاشتراكيين القلائل الذين يثق الملك فيهم . لكن ولاءه المفترض للتاج » كان عن 
انهازية » لا عن ثبات وإيمان . وكذلاك كان الوضع بالنسبة إلى بادوليو » اللى 
كان اقتراحه بتنازل الملك موضوع الحديث الذى أشار إليه الترال اميروزيو . 
واعتقد الماريشال كافيليا : أن بادوليو يطمع فى و خلافة موسولينى ٠‏ » بالرغم من 
إتكاره الحلم بمثل هذا المطمح الضحم » ولكئه ما لبث أن اعترف لصديق له ى 
أبريل عام "144 ٠‏ بأنه اتفق مع ابلترال امبروزيو » على أن لا تضيع إيطاليا 
الوقت قبل خحروجها على ألمانيا مع الملكية أو بدونها ؛ » وإن هذا ينطوى على 
الإطاحة بالدوتنشى قبل كل ثىء 4 . 


وبيها كان بادوليو وأمبروزيو » بالاتفاق مع جترالين آخرين هما جيوسيبى 
كاستيلانو وبوسيو كارب » يبحثون خططهم ويقومون فرصهم فى النجاح »كان 
هناك عدد آخر من وزراء موسوليى الفاشيين يتآمرون للإطاحة بالدوتئى . 
وكان أكثر هزلاء تأثيراً » وجرأة فى الكلام جيوسيى بوتاى » وزير التربية . 
والكونت دينو جراندى » وزير العدل . وكان الآخير » يتميز كالماريشال بادوليو 
بالطموح والمكر والدهاء . وكان أيضاً غاية فى الذكاء والغرور واللحاذبية » وعلى 
التقيض من معظٍ القادة الفاشيين » كان إنساناً مثقفاً إلى حدما » وساحر الشخصية. 
فابتسامته رائعة » وسلوكه غاية فى الحخالط بين الانبساط والإيبام . وقد كان 
ولا يزال » صاحب شخصية مغلفة » لا يستطيع لا أصدقائه ولا أعداؤه معرفة 
خفاياها . وكان بين هؤلاء الأعداء » جيدو بوفارينى جيدى » وكيل وزارة 
الداحلية الضخم ابأسم . والعائش على غرائزه » وهو يأمل ى أن يؤدى اطلاعه 
الدوتشى على نشاطات جراندى التامرية » إلى تقربه منه . وقد تمكن من تحقيق 
ذلك بطريقة غاية فى الانحراف . إذ لما كان المسثول عن المخصصات السرية الى 
كات تشيانو قد أشار إليها . فقد أصبحت كلاريتا بيثائى معتمدة عليه كل 
الفهاد . وقد حرص أيضاً كل الحرص حلى التقرب من الدونا راشيل مرسوايبى : 
و بالرغم من بها غدت تحتقره فيا بعدء إلا أنها كانت فى هله الإونة قد أخلنت 
يما يبديه لها من تملق وود . وكانت هناك امرأة ثالثة حرض بوفاريى - بجيدى . 
على التقرب إليبا » وهى انجيلا كو رنى ء إحدى عشيقات الدوتذى السابقات » 


7 
وامحتفظة بثقته رغم انقطاع علاقته مها . وادعى القلق على سلامة موسولررى » فأقنع 
أنجيلا ع بأن تكتب إلى الدوتشى عن المؤامرات الثى يوكها جراندى وبوتاى . 
وأسر إليها أيضا بأن الكونت تشيانو ورويرتو فاريئائشى » أخذا يظهران علاثم 
جدية على عدم ولاثبما . 

لكن موسوليى لم يقلق كثيراً » ولم يمض يومان على تسلمه رسالة انجيلا 
كور » حبى كان قد قرر إحداث « تبدل جديد فى حرسه » »؛ وهو الأمر الذى 
كان يطلقه على التعديلات الوزارية ثى العريف الفائئى . وكان كل ما حدث هو 
إجراء تبدل فى الوظائف الحامة » بحيث لم يستثن منها أينّا من الوزراء » الذين تلقى 
التحذير بصددم وم يبعد أينا متهم من ملرينة رومة :1 وبالركر من أن الكونت 
جراندى قد أقصى عن وزارة العدل إلا أنه احتفظ برئاسة مجلس النواب . وأقصى 
جيوسيى بوتاى عن وزارة الث بية ولكنه احتفظ كالاخرين بعضوية المجلس الفاثى 
الأعلى . وأبعد الكونت تشيانو عن وزارة الخارجية ليخلفه فيها الدرتثى نفسه : 
بعد أن أتى بجيوسيى باستيانيبى » الذى كان سفيراً فى لندن لعدة أشهر قبل الحرب 
ليقيل وكالة الوزارة . ولكنه سمح لتشيانو بأن يختار المنصب الذى يريد » فعين 
بناء على طلبه سفيراً لدى الفا تيكان . ويروى تشيانو أن موسولينى كان حائراً وهو 
يبلغه قراره هذا قائلا . . . « عليلك أن تعتبر نفسك فى فثرة استراحة » وسيأنى دورك 
من -جديد ثاذية » . وأضاف تشيانو أن ساعة التسلم والوداع كانت ودية « وإ 
لسعيد لذلك » إذ أنى أحب موسوليى غاية الحب »؛ وكل ما آسف له » هو أننى 
سأفقد اتصالى المباشر به » . 

وبدا أن الغاية من التعديل الوزارى » إقناع الألمان بأن شركاءهم فى انحور » 
عازمون كل العزم على متابعة الحرب بمزيد من الحيوية والنشاط . وكان موسوليبى 
قبل ستة أيام من إجراء تعديله الوزارى » أى ف الواحد والثلاثين من يناير » قد 
أقال الكونت أوجو كافاليرو » من رئاسة أركان اليش » على إثر اغزائم العسكرية 
فى أفريقبا الشمالية » وكان من الطبيعى أن يعقب ذلك تعديل وزاقف . 

وكان اختيار موسوليى خحليفة ابلسرال كافاليرو » المؤيد المخلص الحلف مع 
ألمانيا » عملا ينطوى على الغباء » تماماً كرفضه أن يحمل الأنباء التى وصلته عن ثآمر 


1 
وزراته عليه على محم لالد . فقد اختار الحترال أمبروزيو رئيساً لأركان الحرب» 
وهو أحد الرجال المتورطين فى المؤامرات للإطاحة به » والقائد الذى يكرهه وحتقره 
الماريشال كيسلرنج القائد الآلمانى العام فى إيطاليا » 5 يزدريه هتلر الذى يرى فيه 
أنه سيسر ( بالع السرور لو أن إيطاليا أصبحت اليوم مستعمرة بريطانية » . 
وتوسعت المؤامرات مع مجئ الربيع وتشعبت . فقد كانت هناك مؤامرات 
ضد الملكية » وأخترى ضد الفاشية . وثالثة ضد الأللان . ووجد فيليبو انفوسو الذى 
أمار ومة فى هذه الآيام قادماً من سفارته فى بودابست » الكونت تشيانو» وهو يعمل 
فى منصبه الحديد » غارقاً إلى أم رأسه ى هذه المؤامرات » "15 وجد أن هناك كثير ين 
آخرين إلى جانبه لا يقاون عنه تورطأ . وقد ذكر انفوسو أنه كان من العسير 
اكتشاف « من يتآمر » وف أية مؤامرة يشترك » وأكن الشىء الثابت أن كل وأحد 
من المتآمرين » كان يسعى لأسباب تختلف عن أسباب زميله إلى الإطاحة 
بالدوتثى ؛ . 
لكن موسوليى ظل على أى حال » يتجاهل التقارير الى كانت تصله عنهم . 
فقد أوصلت إليه راشيل التحذيرات الى كانت قد ثلقنها » ولكنه طلب إليبا أن 
لا تكترث . وقامت أنخته ايدفيج بنفس المهمة ؛ ولكنه أبلغها بأنها تكسب الوضع 
صفة دراماتية » مهولة فيها . ومضت انجيلا كور إليه فى شمر أبريل وقد استبد بها 
القلق » تبلغه أن الملك » لا يتلق الزيارات المستمرة من اللترالات المتمردين 
فحسب »© بل ومن الساسة من أعداء الفاشية أيفياً » فرد مرسوليبى وهو الوائق 
من أن البلاط الملكى مبتوت الصلة بالأوساط الليبرالية » بأنه لا يشلك ملظة واحدة 
ف إخلاص الملك له » وجاءه سكرتير الحزب بعد بضعة أسابيع يحمل تحليراً 
ممائلا ويقول إن ابن بادوليو » صرح ق مراكش بأن والده سييخلف موسوليى 
جما قريب » و«أن هناك أنباء من جميع أرجاء إيطاليا »ع تقول إن الفاشيين 
أنفسهم يعدون العدة لتحطيمه » ولكنه لم يحمل كل هذه التحذيرات على محمل 
الحد . ويقال إن البابا نفسه » عرض عن طريق وسيط له » أن يستقبله سرًا وأن 
يزوده ببعض المعلومات الى يثق الفاتيكان من أن الدوتشى على جهل بها » ولكن 
موسوليى رفض العرض أيف] . وقد قال إنه اجتمع إلى الملك مؤخراً » وأن جلالته 


وف 
قد أكد له صداقته وإخلاصه . 

وأخى فى منتبى الحرص ما أحس به من قلق تجاه هذه التحذيرات المتكررة 
الى توالت عليه » وتجاهل الأنباء المزعجة للغاية النى -حملها إليه وزير تجارته » 
ووصم الإضرابات الضخمة التى وقعت فى مناطق الشمال الصناعية بأنها من حيل 
البورجوازية ودسائسها » وظل على تجاهله نخصومه » كل التجاهل . وكانت 
الحرب هى كل ما يشغله ء وكان يؤكد أن أحداسا تسرفه عن الاهّام بكل 
ما عداها . وكان على ثقة من أن الوضع السياسى . . « يعتمد كل الاعهّاد على 
الوضع العسكرى » ٠‏ وأن نصراً يتحقق فى الميدان يسكت كل معارضة وكان 
لا يزال يصر على أن التصر العسكرى أمر محتمل » إذا استطاع الحيش لم شعئه 
وتوحيد صفوفه . ولا ريب فى أن تراجع روميل سيطيل أمد الحرب ء ولكنه 
لا يشك ف تتيجهبا النبائية . وقد يكون الوضع فى تونس حرجا وفى منهى الخطورة ؛ 
ولكن فى الإمكان إصلاحه . وكان يرى أن الضسرورة الفورية تفضى بعقد صلح 
عن طريق التفاوض مع روسيا » لتتمكن ألمانيا من صرف جهودها إلى الخطر 
المائل فى البحر الأبيض المتوسط . وكتب ق السادس والعشرين من مارس إلى هتلر 
مهنثاً إياه على تمكنه من إعادة تثبيت الوضع ف احرة الشرقية بعد معركة ستالينجراد » 
واقترح عليه بعد أن تم اضعاف روسيا إلى الحد الذى لا تستطيع فيه ولدة طويلة » 
أن تأمل ق أن تشكل خطراً خطيرآ أن ينهبى « القصة الروسية » . واكن هتلر 
لم يكن ميالا إلى هذه الخطوة » فقد أعمته رغبة جنونية متعصبة » على حد تعبير 
دينالفييرى سفير إيطاليا فى برلين « فى أن يهزم روسيا» . وأحس الفرهرر بالقاق 
من موقف الدوتشى ومن الأنباء الى تصله عن تزايد المشاعر المعادية للألان فى 
إيطاليا » ومن استبدال الحنرال كافاليرو » « مجترال سياسى غير موثوق » كامي روزيو 
ومن الأنباء المتواترة عن أن تشيانو قد ذهب إلى الفاتيكان كسفير ليقاوض على عقد 
صلح منفرد » فراح يستدعى الدوتشى للمجئ إلى ألمانيا لبحث الوضم بكامله . 
وتم الاتغاق أخيراً على عقد اجماع بينهما فى السابع من أبريل ى قصر كليشام 
على مقربة من ساازبرج . 

ولم يكن موسوليى راغباً ف اللهاب » فلم يكن قد أبل بعد مام الإبلال من 


غرف 
ثوبة المرض العنيفة الى أصابته » وكان مخشي أن يحتقره الألمان إذا ما استصحب 
معه طبيبه ليتولى عراقبته وإعطاءه الحقن » وطباخخه لإعداد طعامه االخاص . وكان 
قد قرر أنه وقد مل من استدعائه بالهاتف وسم 1 » وإنه كان قد قبل الذهاب 
فى المرة الأخيرة إل ألمانيا شريطة أن يسمح له بتناول طعامه وحردآ» رافضاً أن يسمح 
«للألان المرحين » بأن يشبدوا بأنه مرغم على أن يعيش على حمية من الأرز 
والحليب . وعاوده المرض ق طريقه هذه المرة عدة مرات ووصل وقد بدا كا قال 
جوباز «عجوزاً محطماً ) . وقد نسى الآن إصراره السابق على ضرورة الصلخ 
مع روسيا » ومطالبته بعودة القوات الإيطالية من ابلبهات الأخرى للدفاع عن 
الوطن » وإبلاغ الآلمان بأن من واجبهم تزويد ألمانيا بالمزيد من المساعدات 
الاقتصادية والعسكرية » ول يذكر إبان زيارئه هذه » مرة واحدة » الحاجة إلى نوع 
جديد من الميثاق الأورى بالنسبة إلى الصليح فى الغرب » والذدى سيق له أن تحدث 
مطولا عنه فى رومة . وكانت أحاديثه هذه المرة مفتقرة إلى الحماسة » وسرعان 
ما تخلى عن محاولانه القيام بالحديث مسلماً » أمره إلى الله » فى الإصغاء ساعات 
طويلة للفوهرر وهو يعرض فى حديث لا يتهى تصويره اوضع . وكان يفكر كما 
اعتقد الفييرى فيا يعنيه تصمم هتلر على شن هجوم عام جديد فى رسيا لمصبر 
الحيش الإيطالى فى تونس . ورأى نفسه مضطراً فى اليوم الناق من اازيارة إلى 
مغادرة قاعة الاجماع بسبب تعرضه لنوية عئيفة من « المكهن؛ فى معدته وبيها 
كان يتعاطى فى غرفة ثانية العلاج الذى أعده له طبيبه لتخفيف الأنم » قال وقد 
بان الأبى على وجهه . . . « يريد الفوهرر أن يقوم طبيبه بفحصى . لكنتى 
رفضت . فقد شخصت مرضى حتى الآن . إنه هذه ١‏ القوافل البحرية؛ . وبدا 
عليه اليأس والقلق حتى أن هتلر لم ينف قلقه » كما قال للمرة الأول » لدونيتر 
عندما انتهت الزيارة من أن لايكون الدوتشى ما زال مصراً على المضى فى الحرب 
حى الهاية ) . 
ولكنه بدأ يشعر وهو فى طريق العودة إلى إيطاليا » بتحسن فى معنوياته » 
وراح يتصرف فى الأيام الأولى الى انقضت على عودته » كا كان يتصرف دائماً 
فور عودته من كل زيارة لألمانيا كما يتوقع من الديكتاتور أن يتصرف . فقد هدد 


14 
عزيد من الاعتقالات الختلفة » وأصدر أوامره بإعداد معتقل جديد لمناهضى 
الفاشية . وراح يفصل كارمين سينيز من منصبه كرئيس لاشرطة ٠‏ لأنه لم يعالج 
الإضرابات البى وقعت ف تورين وميلان بقسوة » كالم يحسن التصرف ف موبوع 
الصحف السرية أو السوق السوداء المنتشرة » واختار عوضاً عنه ريينرو شييريكى 
المعروف بغلظته . وقام أيضاً بفصل الدوفيدوسرنى من سكرتارية الحزب واستعاض 
عنه بكارلو سكورزا » وهو من أكثر شباب الحزب إخلاصاً » وكان قد انهم ى 
حادث قتل العصايات الفاشية ى عام 6 بلحيوفانى اميندولا . ورأح يدرس 
الخطط الموضوعة لإعداد مهرجانات إقليمية لشباب الحزب يتحدث فيها القادة إلى 
الشعب » ويشجعونه على القئال حبى الموت ٠‏ وناح يقول لبوتاى فى طجة تنطوى 
على العاطفة واللهديد اللحى ... 9 1نهم ينشر ون الشائعات أننى سأموث » وأنى أذبل » 
وخرج ف الذكرى السنوية لسقوط مدينة أديس أبابا فى شرفة قصر البندقية 
ليتحدث إلى اللماهير المحتشدة فى الميدان . . . فقال . . . وقد علا صوته معيداً 
ذكريات أيام شبابه . . . 3 إنى أحس ى أصواتكم خفق الإعان الذى لا يتطرق 
إليه شك . . . لا تخشوا شيثاً فالنصر الْنْبانٌ لنا . ولس ثمة من ريب لدى فى أن 
تضحياتكم ستجازى . وأنا لا أشك فى هذا كا لا أشلك فى أن الله عادل وإن 

إيطاليا تمالدة » , 

وعاد إلى داخل القصر وهتافات الماهير تبعث ف نفسه الحيوية والشجاعة . 
وأغلق الياب وراءه » وكانت المرة الأخيرة الى يفتح فيها هذا الباب له » وإن كان 
أحد لم يقدر فى رومة فى تلك الأيام ؛ أن موسولدى يخطب اللتماهير فيبا لآخر 
مرة فى حياته . 

ول بمض يومان حتّى كانت حماسته المؤقتة فد بت . وبعد زهاء أسبوعين 
كانت جميع قوات المحونر فى أفريقيا قد استسلمت » وأصبح الترول فى الحانب 
الآخر من البحر الأبيض اتوسط » متوقعاً فى كل لحظة . واعتقد هتلر أن هجوم 
الحلفاء سيسهدف جزيرة سردينيا » أما موسولينى فقد اعتقد أن صقلية هى 
الهدف ء وراح يقول لحنرالاته فى اجماع عقده معهدم فى دارة تورلونيا » بأن علييم 


41" 
أن يقاوموا مثل هذا اهجوم مقاومة عنيفة » إذ ليس ثمة احهال لتسوية سياسية 
أو صلح منفرد . وبدأ الحجوم فى العاشر من يولِبو بعد قصف مدفعى عنيف 
للساحل . ولم تمض أيام حى كانت جيوش الحلفاء تندفق عبر سبل كاتانيا » 
وكان موسوليى قد صرم أسبوعه الأخيرة متردداً بين فترات من المدوء المدروس 
وأخرى من الغضب الصريح على القوات الإيطالية الماراجعة . 
وكان الملك فى هذه الاونة قد حزم أمره على أنه لم يعد فى وسعه أن يصير » 
وذلك بعد فيرات طويلة من التردد والإحجام دعت المتآمرين إلى الشك فى أنه 
سيقف فى يوم ما موقفآً صلبأ صامداً . وقرر بصورة مستقلة عن الفاشيين الذين 
كان على اتصال بهم » وبناء على نصيحة الحترال كاستيلانو والدوق دا كويرون 
اعتقال موسولبى فى أحد أيام الإثنين أو الحميس التى كان يذهب فيها إلى قصر 
الكير ينال أو فيلاسافويا » للمقابلة الملكية العادية . وسأل الماريشال بادوايو إذا 
كان على استعداد لآن يحلف الدوتشى كرئيس للحكومة » وأبلغه هذا مرافقته ع 
مقترحاً تأليف حكومة من غير الفاشيين تضم أشخاصاً من أمثال الاشتراكى 
ايفانو بونوى وفيتوريو ايمانيوى أورلاندو » أحد رئساء الوزارات السابقين . وسرعان 
ما اجتمع كاستيلانو وداكويرون لالبحث فى تفاصيل الاعتقال » والإجراءات 
الى يجب أن تتسخل لضمان عدم قيام معارضة يستعصى أمرها من جانب أعوان 
موسولبى ولا سيا من الترال جاليباق » الذى أصبح الآن ء وبتوصية من أسرة 
بيتاتثى » قائداً للحرس الفاشى . ش 
وكان المتآمرون الفاشيون قد قرروا فى غضرن ذلك أن ليس فى وسعهم الانتظار 
مدة أطول . وبالرثم مما كان بيهم من خلافات صادرة عن الشكولك والحزازات 
المتيادلة والغيرة ؛ وعن مطامحهم المتضاربة » فقد كانوا على اتفاق » أنه بالنسبة إلى 
الحالة الطارئة الى فرضها علييم غزو جزيرة صقلية » فإن من الواجب دعوة الجلس 
الفافى الأعلى » وهو أعلى سلطة دستورية فى الدولة » إلى الاجماع ؛ إذ أله لم 
مجتمع بالرغم من أن موسوليى هو الذى ألفه منذ نشوب الحرب . واجتمع نفر من 
كبار قادة الحزب فى السادس عشر من يوليو فى مدينة رومة » إذ كان من المقرر 
أن يتحدثوا فى مهرجانات الحزب الإقليمية التى كانت قد صممت قبل غزو 


١ 
صقلية ؛ وأصروا على ضرورة اجماع المجلس الأعلى ليستمع إلى تقرير من موسولييى‎ 
. عن الأوضاع العامة » الى أخذت تسوء يوماً بعد يوم » إلى الحد الذى أثار الفزع‎ 
ورفض موسولينى ف البداية » الإذعان لهذا الطلب » ولكنه اضطر أخيراً إلى الموافقة»‎ 
وحدد موعد الاجتاع فى الأسبوع التالى أى يوم السبت فى الرابع والعشرين‎ 

من يوليو . 


وتلى موسوليى يوم الاثنين من ذلك الأسبوع دعوة من هتار للاجماع به ثانية 
مؤفر عاجل يعقدانه فى إيطاليا . فقد فزع هتلر أكثر من أى يوم مضى ء 
من الأنباء الى وصلته عن تفاق, المشاعر المعادية لألمانيا عند الإيطالوين » وعن 
استسلام وحدات الحيش الإيطالى بالحملة فى صقلية . ورفضها التعاون مع ابلبيش 
الألمانى . وأمل فى تقوية المقاومة الإيطاليةعن طريق إقناع الدوتشى بالموافقة على 
أن يضع ايوش الإيطالية تحت اهرة القيادة الألمانية العليا . وقاد موسولييى طائرته 
بنفسه من ريعيى إكى تريفيزو » حيث اجتمع يهتلر على أرض المطار » ثم 
استصحبه إلى دارة عضو مجلس الشيوخ اخيل جاجيا فى فيلارى » على السفوح 
المنوبية لحبال الدولولاميت . وكانت الدارة كنا وصفها موسولينى « بناء محياراً كثير 
التعاريج لا يحد فيه بعض الناس أى فن هندمى . أجل اله أشبه بلغز الكلمات 
المتقاطعة » الذى اتخذ صورة منزل » . وكان جو المقابلة فى مننهى الرسمية والتوتر . 

كان هذا اللقاء هو الثالث عشر بِيئْهما » وقد سار على الغرار المألوف فى 
لقاءامما . فقد ظل هتلر يتحدث زهاء ثلاث ساعات بين الحادية عشرة والثانية , 
وكان ما قاله فى منتهى البساطة والصراحة . فليس أمامهما سوى ثبى ء واحد » وهو 
المضى فى القتال » لا فى إيطاليا وحدها » بل وق روسيا أيضاً » حبى يتحقق النصر 
المحور ء وقد لا يكون من المجدى » الاعتقاد بأن هذا قد يتحقق بلا تضخيات . 
فى ألانيا يقاتل فتيان اللخامسة عشرة فى البطاريات المضادة للطائرات . أما فى 
إيطاليا فيبدو الوضع جد ممتلف . فلم يقائل ابلتنود كما كان يتحم عليهم أن يقائلوا ؛ 
و يعد للإدارة المدنية احترام "كاف ف نفوس اللحنود . وقد استسلم الشعب للامبزامية )» 
وبات لزاماً اتخاذ إجراءات أكر صرامة وحيوية » إذ يجب إعدام الحبناء والحونة 
والمفتقرين إلى الكفاية » وعلى اللحيوش الإيطالية أن تضع نفسها تحت قيادة 


ع 
الألمان . وكان مسوليبى يصغى صامتاً وقد ضم ساقيه ى وضع متقاطع . وهو 
مجلس على حافة مقعده الكبير » وقد أرى ذراعيه على ركيثيه . وبدا أن الْأم قد 
عاوده » إذ كثيراً ما استلى على ظهره وقد ضغط بيديه على خاصرتيه » صادراً عن أنة 
تنطق بالألم . وكثيراً ما فرك شفتيه بمؤخرة أصابعه » ليروح بعدها بمسح العرق 
المتصبب على جببته بمنديله . لكنه لم يتكلم الامرتين » الأولى عندما تدخل ليصحح 
'رقماً عن حقيقة سكان كورسيكا » والثانية عندما جاءه سكرتيره ليسلم إليه ورقة 
صغيرة » راح يعلن بعد أن قرأها بشكل مسرحى » وبالألمانية إن ١‏ العدو يقوم 
فى هذه اللحظة بالذات » بغارة جوية ثقيلة على مديئة رومة » . 

وبعد أن تحدث الإيطاليون حديثاً قصيراً عن الغارة الحوية » راح هتلر يواصل 
خطبته العنيفة . لكن موسوليى لم يعد يصفى لا يقوله . وعندما انفض الاجماع . 
لتناول الغداء قال . . . ١‏ إن ما يقلقى أشد القلق . هو أن أكون بعيداً عن رومة 
فى مثل هذه اللحظة . ترى ما الذى سيقوله أهل رومة عبى؟ ؛ 

ولم يكن الإيطاليون الثلاثة الذين يرافقونه » وهم باستيانيى وكيل وزارة 
الخارجية » والفييرى » سغيره فى برلين » «امبروزيو » قائد جيشه مكيرثين 
بما سيقوله أهل رومة عنه » بل انصرف همهم » إلى الإلمداف عليهم » ليرد على 
اهامات الفوهرر » وليبلغه أن إيطاليا » وصلث تباية المطاف . ول يعد فى وسعها 
أن تستمر مدة أطول » دون مساعدات ضحمة . وكان الحترال امبروزيو » قد 
سأل الماريشال كايتل وهم فى طريقهم إلى فيلتريه » عن المساعدات الى يمكن 
لإيطاليا أن تتوقعها من ألمانيا قبل أن يفوت الأوان . وكان الفييرى» مجلس فى نفس 
السيارة إلى جانب السفير الألمانى . مصغياً إلى أسئلة امبروزيو الصريحة والمباشرة 
يكثير من الإعجاب . وراح يقول لنفسه . . . ؛ وأخيراً هنا رجل » لا يخشى أن 
يستعمل اللغة البى انتظرت طويلا سماعها ؛ . لكن محاولات امبر وزيولم تجد فتيلا . 
فقد رد كايتل بشىء من البرود » وهو يرفض أن يجر الفائد الإيطالى قدمه » 
قائلا . . . د سيبحث الزعهان فى هذه القضايا » كا تعرف ولا شلك ؛ . 

ولم يكن امبروزيو» أكثر نجاحاً مع الدوتشى منه مع كايتل . فقد أصغى 
موسولينى إلى نصائحه وهو صامت » ثم انفجر فجأة يقول . . . « أو نظن أن 


1 
نفس الأفكار الى تساورك لا تعذبى ولا تؤرقنى ؟ فوراء هذا القناع من اللحمود الذى 
أحمله » روح معذبة . ولكن لو فرضنا أننا انسحبنا من جائب الألمان » فا هى 
النتيجة ؟ ولو رحنا ذات يوم » وق ساعة معيئة » نذيع رسالة نوجهها إلى العدو » 
فا الذى سيحدث؟ إن ما سيطلبه أعداؤنا ولم الحق فى ذلك » استسلامنا بلا قيد 
أو شرط '. ولكن أنستطيع على هذا النحو من السهولة ء أن نسلم يجهود عشرين 
عاماً » وأن نتخل عن تحقيق آمالنا ؟ وما الذى سيفعله هتلر كا نظن ؟ أو نظن 

أنه سيب ركنا أحراراً نفعل كا نشاء ؟ » 

وكان يتحدث بصوت وصفه الفييرى بأنه كان يندج بتأثير العاطفة . وبدأ 
أكثر قلقاً من أى يوم مغى ؛ وعندما أبدى أمبزوزيو » أثناء النقاش ملاحظة 
أخرى ذكر فيها أن الحرب لا تحظى بالتأييد الشعبى ف إيطاليا » استدار إأيه 
موسوليى ثائراً يقول . . . « أرجو أن تتخلى عن تفاهاتك يحق الإله . أهناك حرب 
حظيت ف التاريخ أو تحظى ف المستقبل بالتأييد الشعبى . إن الحرب لا ثنال هذا 
التأييد إلا عندما تنتهى إلى النصر » . 

وسرعان ما تبخر غضبه » وشرع بعد توقف حظة واحدة يتحدث بهدوء ملقياً 
خطاباً سياسياً وتارينياً مطولا . كان لابد أن يكون كا قال السفير الفييرى » 
ف منهى الطرافة والأهمية لو ألى فى مكان وزمان آآخرين : . 

وقل قطم عليه خطابه اللامناسب هذا » عحى؛ سكرتيره دى سيزارى » يبلغه أن 
الفوهرر فى انتظاره لتناول الغداء . ومضى موسوليى يقطع الممر الطويل إلى قاعة 
الطعام » وهو يبدو آنا لاحظ الفييرى فما بعد شارد الذهن إلى حد غريب 8 . 

وكان أعضاء الوفد الإيطالى ٠)‏ وعم ف طريق العودة فى القطار إلى تريفرزو 
يتساءلون مما دار بين موسوليى وهتلر من حديث » عندما اختليا وحيدين فى قاعة 
الطعام » وقال ماكنزن السفير الألمالى مؤكدا لم . . . 9 أعتقد أنهما توصلا ى هذا 
الوقت إلى بعض القرارات البالغة الأهمية . وظل الجميع يرقبون الزعيمين » 
وا يغادران عخطة تريفيزيو فى السيارة » ليستقلاها إلى المطار . وقد بدا الرجلان 
كا قال الفييرى فيا بعد فى منتهى الحدرء والرضى ٠‏ » ولعل الدرتنى قد فاتح 
حليفه بكل ما يريد فوله على أى حال . لكن ايركول بوراتو ؛ سائق السيارة التى 


4 

أقلهما » كان يعرف أحسن من غيره . فقد ذكر أن موسولييى « وجد صعوية فى 
[خفاء قلقه . وقد ظهر التوئر بينهما أثناء الطريق ى ثورات مقاجئة من جانب 
الزعم الآلمانى ؛ وردود فعل مكيوتة من جانب حليفه الإيطالى » . 

وعندما حلقت الطائرة « الكوندور » حاملة هتلر فى طريق العودة إلى ألمائيا » 
وقف موسولينى وحيداً فى أرض المطار . وقد اتخذ شكل الاستعداد العسكرى » 
ورفع يده بالتحية التقليدية . وسرعان ما استدار فجأة يعثى فى طريقه إلى 
طائرته . وأسرع امبروزيو والفييرى وباستياننى الحطو وراءه لاحاق به . وتظاهر 
بأنه لا يراهم » ثم ارئدى معطف الطيران » وأحذ يتحدث بكثير من الاههّام إلى 
الحرال الإيطالى الذى يتل قيادة القوات المرابطة فى تريفيزيو . وخشى 
أن يسافر الدونشى دون أن يفصم بشى ما اتفق عليه مع هتلر . فتغلب عب تردده» 
وتقدم إليه » يسأله تحت ستار رغبته فى الحصول على تعلماته المنديدة » قبل أن 
يعود إلى سفارته فى برلين » ولكن موسوليى نحاه جانباً » وقال وسط الهدير الذى 
أحدثه صوت عركات الطائرة وهى تدور . . . الم أجد ضرورة اتحدث إلى هتلر 
بما اقترحته » فقد وعد هله المرة بمننهى الصدق » بأن يبعث إلينا بكل ما نطليه 
من مساعدات 4 ء وراح يضيف وهو يلتفت إلى امبروزيو . . . « ومن الضرورى 
بالطيع » أن تكون طلباتنا معقولة » . ظ 

كان هذا هو الصورة الهائية للبيبة الأمل . فقد عرف أمبروزيو من الحديث 
القصير الذى دار بينه وبين كابتل » أن الألمان لن يستجيبوا حتى إلى الطلبات 
المعقولة » إلا إذا وافق الإيطاليون على شروطهم الى اعترف موسولرتى بأنها غير 
مقبولة كلياً . وكان الخئرال على ثقة من أن موسولينى يرفض مواجهة مشاكله 
برجولة . وشك فى أن يكون قد أبلغ هتلر » أن إيطاليا ستكون عاجزة كل العجز 
ما قريب عن المفى فى القتال . وعرف الآن أن موسوليى لم يبععث إلى هتلر 
بالرسالة الى قال إنه سيبعث بها إليه » ليبلغه فيها اضطرار إيطاليا إلى عقد الصلح » 
كنا عرف أن هذه الرسالة لن ترسل أبداً . وعاد إلى رومة وهو مقتنع كل الاقتئاع » 
من أن الحترالات الآخرين كانوا على حق » وأن من المستحيل اقناع الدونشى 
بالانتقاض على ألمانيا » وأن إزاحته عن الحكم »هو الأمل الوحيد المتيق لإيطاليا . 


51 


ومضى موسوليى بعد عودته من فيلترى إلى الملك » يقدم إليه تقريراً عن 
الاجماع . وكان قبل ذهابه إلى القصر قد أبلغ عضو مجلس الشيوخ مانليومورجاجى 
بوصفه رئيس مجلس إدارة وكالة استيفانى للأنباء » بأن الألمان ما زالوا أقوياء إلى حد 
. يكى « لصد التيار » » وحل الوضع بكامله فى إيطاليا » . ولكهم يحتاجون لتتحقيق 
ذلك » إلى 3 القيادة الفعلية لاللجبهة الإيطالية وحدهاء بل وللميدان الداخلى أيضاً . 
ولكن هذا شرط أن يقبل به الشعب » ولن يرتضيه الملك ؛ ولن يكون قى سعى 
الرضى به ) . 

ويقول موسولييى فيا كتبه فها بعد إنه وجد الملك مقطباً وى حالة عصبية . 
وكان الحو فى منتهى التوتر. وقال الملك . . . ١‏ لا يمكن للأمورأن تستمر على هذا 
النحو . فها هى صقلية قد ضاعت منا . وسيقوم الألمان مخديعتنا . أما نظام الخنود 
وانضباطهم فقد انبارا كل الابيارة . كان هذا هو لباب الحديث . ويبدو أن 
الك عارض منهى العنف شروط الألمان . فقد أبلغه امبروزيو صورة عن موقف 
هتلر فى فيائرى » كا أوضح له أن موسوليى بدا عاجزاً من الناحية الصحية 
والمعنوية عن عرض الأساة الإيطالية ى ضوئها الصحيح . وأشار الملك أثناء 
القابلة إلى تزايد مشاعر الكره فى إيطاليا للدوتشى » كا تحدث إليه عن الأنباء 
الى وصلته عن ممختلف المؤامرات الى تحاك ضده . لكنه طمأن مرسولينى على 
وضعه » وغادر موسوليى القصر وهو مطمكن إلى سلامته كنا كان دائماءولم تمض 
ساعات حبى كان روبررو فارينائشى يحذره من أن لدى الحثرال كافاليرو أدلة 
ثثبت أن القصر والكونت جراندى بتآمران للإطاحة به » وإن ما هو أهم من هذا 
بالنسبة إليه » أن التآمر يشمل أيض] موضوع الانتقاض على ألمانيا . ورد موسولييى 
بأن هذا مستحيل » وإنه لا يصدق هذا القول . فقد ممع الملاك ى ذلك الصباجح . 
وهو يقول له . . . دلا ريب فى أنها أيام مخيفة بالنسبة إليك » ولككن فى وسعك 
أن تثق وأن تطمئن » إلى أنك ستجد فى دانماً » صديقاً لك . فن السخف كل 


حك 

السخف أن تفترض أن جميع الناس سيتخاون عنك بعد كل ما فعلته لإيطاليا . 
على أى حال » سأكون آخر من يتخلى عنك ؛ . وعندما جاءه سكورزا يحمل 
تحذيرأً آخر » وإن محادئة هاتفية قد الحقطت بين بادوليو والدوق داكويرون » 
لم يبد اهماما حبى فى معرفة ما دار فى هذا الحديث الات . وكان الحديث يدوو 
حول « اعتقاله » ذات يوم وهو يغادر قصر الملك بعد مقابلته » وهذا ما أصر 
سكورزا على إبلاغه إياه . . . فكان تعليق موسوليى الوحيد على هذا القول . . . 
وأنا أكره الحبناء » . . 

ومضى فى ذلك المساء » لتفقد ما أحدثته غارة التاسع عشر من يوليو ابلنوية 
من أضرار فى مديئة رومة . وكانت أنقاض الأبئية لا تزال عابقة بالدخان » 
وتطلع إليها الدوتشى . وقد ظهرت على أساريره كنا قال سائقه فها يعد» علائثم 
الأبى واليأس . 

واستخدم فيليبو انفوسو تعبيرا ممائلا فى وصعل مشاعره » عندما تطلع من نافذة 
غرفة جلوس تشيانو فى شارع انجيلو سيئى ٠‏ فرأى سحب الغبار وهى تصعد 
ببطء متجهة إلى الشرق . وقال فها بعد » إن هذه القنابل » كانت المنيع الذى 
استمدت منه مؤامرات رومة وحيها . 

ولم يعد أحد يفكر الآن بشىء آخحر » سوى هذه المؤامرات » فَحجّى ذلك 
الحشد من الأميرات والنبيلات » اللاثى كن يستعرضن داضيلات ارجات من 
بيت تشيانو » مبهامسات بالتجارب التى مررن بها أثناء الغارة » ضاحكات من 
انفوسو » ذلك الشاب الصقلى العاطى » وهو يؤكد ضرورة الدفاع عن جزيرته 
ومسقط رأسه ع مهما كان العمن . واللاثى كن لا يتحدثن فى العادة إلا عن 
أنفسون » وكأنهن « الحوارى اللاثى يقمن فى حرم القصور » بن ينصّن الآن 
إل كل نيا نسمعته عن حل تلك المشكلة البى اسمها إحداهن و بلغر سقوط الدوتشى 
الوشيك الوقوع ؛ . إذ لم يكن يعرف ألحد ماذا سيقع عقا كا لم يكن هناك 
اتفاق على ما يحب أن يقع . فقد ذى باستيانبى أن موسواريى حط. إيطاليا » 
بيما خيل بحيتانو بولفيريى وزير الثقافة الشعبية الحديد » بأن موسولرى هو الوحيد 
الذى يستطيع إنقاذها . وقال فيتوريو سهبى » وزير المواصلات إن ١‏ موسوليى قد 


8" 
جن وإنه يجب الحلاص هنه 6 بيها تصور ايرمانو اميكوكى أن أولئك الذين يريدون 
الإطاحة به هم اجنين . ومضى يقول . . . « وأنا لاأعرف ما الذى يريدون عمله » 
ولكن من السبل على أن أرى أنهم سيقودوننا إلى الخراب  .‏ أما تشيانو الذنى كان 
معظمهم يعتقد بأنه الخليفة الشرعى للدوتشى فقد ظل صامتاً مخلقاً » حتفظاً بسره 
لنفسه . ولم يكن نمة أدلى ربب فى أن تشيانو لم يعد قريباً من موسولينى كا كان 
من قبل اقصائه عن وزارة الخارجية بل وقبل نشوب الحرب فى الواقع . فى 
يناير عام 194١‏ ء وكان كغيره من الوزراء » قد صدر إليه أمر الدوتشى بأن 
بمضى إلى الحرب ليكون قدوة للأمة . جاء إلى قصر البندقية » ليودع حماه » قبل 
مغادرته ليتولى قيادة أحد أسراب القوة ابدوية فى بارى » فوجد الدوتشى فى متهى 
البرود والتأى غنة . وانتزعت منه أثناء غيبته 6 جمييح قضايا السياسة الحارجية 3 
ولم يعد يعرف شيئاً عن حقيقة ما يدور . وعاش ف بارى فى فندق «أوربا» ء 
حيث كان يقضى أوقات فراغه بين المهمات اللحوية الى توكل إليه » وتعرضت 
حياته هناك . بالرغم من أنها لم تكن أكثر صخبآ من حياة أى ضابط فى السلاح 
الخوى » لموجة عارمة من النقد المؤذى » وخيل إلى تشيانو » وقد رفض موسولينى 
ساعدته قى الخلاص من إحدى فضائحه » أنه بات ضحية حقد الدوتشى 
وكراهيته . وكثيراً ما تحدث بذلك إلى أصدقائه » فإذا ما جرؤ أحدهم على توجيه 
النقد إلى الدوتشى ؛ نظر إليه تشيانو نظرة ساخطة . وكثيراً ما سمع بوتاى يقول . 
« كر أود أن أعرف الطريق الى سيقفز فيها ذلك القط » . ولكن تشيانو ظل مغلقاً » 
وم يعرف أحد حقيقة نواياه » "كا اعترف أنفوسوء نفسه بشىء من خيبة الأمل 
( كان أنفوسو مديراً لمكتب تشيانو ) . وكل ما كان أكيداً » هو أن الدوتئى 
أذ يقرب من الكارثة » وإن مدينة رومة » وقد انتشرت سحب الغبار من الغارات 
فوقها » واشتد لحر فيها إلى حد الاختناق » كانت تنتظر » كا قال موسوليبى 

نفسه » ١‏ تثبل مسرحية كبرى » على مسرحها ‏ . 


ب 
اجماع الس الأعلى 


من 54 إلى 76 يوليو ١947‏ 
هجتت إلى روبة لأظل فى الحكر فيها أطول مدة مكنة » . 


مضى ديئو جراندي بعد ظهر الواحد والعشرين من يوليو إلى شارع فرديناندو 
دى سافويا » ليزور فيديرزى ؛ رئيس المع العلمى الإيطالى فى تللك الأيام . 
فقد كان فيديرزونى » مواطتا من أبناء بولونا الى ينتمى إليا جراندى » وكان ف 
وسع هذا أن يثق به » ويطمأن إليه . وعرض عليه سجراندى » مسودة مشروع 
القرار الذى كان يعتزم تقديمه إلى اسجماع المجلس الأعلى . وكان المشروع يبدو 
ف ظاهره ء وللوهلة الأول » فى متبى البراءة . لكن حقيقة الغاية منه » كانت 
تبدو فى عباراته الأخيرة القليلة . فبعد المقدمة الطويلة . البليغة العبارات » والناقلة 
لعدد من اللحقائق الثابتة المقررة » والامال البراقة » يعلن المشروع : ضصرورة عودة 
الدولة فوراً إلى أعمالها السابقة » عل أن يستعيد الملك والنجلس الأعلى والحكيمة 
والبرلان والاتحادات المهنية » سجميع واجبامها ومسثولياتها ؛ المقررة للها بميجب الدستور 
والقوانين الأساسبة » . وأعلن المشروع أيضا أن من الضرورى دعرة ١‏ رئيس 
الحكومة إلى أن يطلب من جلالة الملك ٠‏ الذى تنجه إليه قلوب أفراد الأمة بجميعاً 
بالثقة والإعان » أن يتولى إذا شاء حفاظا على كرامة الآمة ورغبة فى إنقاذها » 
بالإضافة إلى القيادة الفعلية للقوات المسلحة . الحق الأعلى فى انخاذ القرارات » وهو 
الحق الذى تضفيه عليه نظمنا » وكان طيلة تاريمنا القرى . التراث امجيد لأسرة 
سافوى العظيمة » . وبعبارة أخرى كان على ممرسولينى بموجبه هذا المشروع أن 
يتخل عن جميع سلطاته . 

وقِرأ فيديرزيثى هله الورقة بصت بعناية . وعندما كان يقرأ المشروع بمثل 
هذا :الإمعان » كان بجراندى يراقبه » وخيل إليه أنه قد أحطأ فى اطلاعه عليه . 

11 


1" 


ولكن سرعان ما هدأت خواطره » واطمأنت نفسه . فقد قال رئيس المجمع العلمى 
وهو يعيد إلبه ورقته .. . وعلينا أن نجرب كل شىء » وكل سيلة » حتى 
المستحيل منها » لإنقاذ الأمة من الدمار الكامل » ولو قدر لنا أن نفشل فى محاولتنا 
فإن تضحيتنا ستكون الشعلة الى تلهب الثورة » وتوقظ الشعب من حالة اللحمود 
الى يعيشها ) . 


وعندما لى جراندى هذا التشجيم من فيديرزيوى راح يعرض مشروعه على 
جيوسيى بوتاى » وجيوسيى باستيانيى وأومبرتو البيى » وهم من الأعضاء المهميين 
فى مجلس الفائبى الأعلى . وقد وافقوا جميعآ على تأييد مشروعه فى الانجماع . 

وكان بوثاى أفع الثلائة منزلة وأكثرم تجلة . فقد كان من أقدم أنصار 
الفاشية » وكان من القادة القلائل الذين يتموزون بالثقافة العالية . أجل كان 
كاتباً فذاً » ومفاوضا من الدرجة الأولى » وإداريا قديراً . وكان عند توليه وزارة 
الاتحاداث المهنية مسثولا عن ميثاق العمل الفائى » كا كان عند توليه وزارة 
الثربية مسؤولا عن قانون المعارف وهو القانون الذى استعيض به عن قانون 
«جنتيل » لعام “1998 » الذى اعتبر مغرقاً فى الليبرالية والعداء للكنيسة » وكان 
القصد منه أن يفرض الإشراف الفائبى على النظام التعليمى فى إيطاليا . 
المعروف عنه أنه كان من الأذكياء ٠‏ والماكرين والصريحين فى آرائهم .الى يفن 
قط أن إخلاصه الصادق السابق لوسوليى قد تحول إلى خيبة أمل » كما لم يخف 
أيضاً كراهيته للحرب . وكان قد أبلغ تشيانو فى ملعب اللحولف ٠‏ وقبل إعلان 
موسوليى الحرب بأسبوع على فرنسا وبريطانيا » بأن الواجب يقضى بإنشاء حزب 
بنافس الحزب الفائى . على أن يطلق على نفسه اسم 9 حزب المتدخلين فى الحرب 
لقاصد سيئة » . وازداد عنف نقده بعد عامين . فقد ذكر أن الطريقة البحيدة 
للنجاح فى إيطاليا اليوم » باتت التعرف على أسرة بيتاتشى » وإنه هذا قرر أن 
يعين لنفسه سفيراً لدى بلاط هذه الأسرة ٠‏ وقام صيف عام 45 بزيارة 
تشيانو . ودون هذا فى يرميائه عن هله الزيارة فيا بعد قوله ٠‏ يكن ليه 
ما يقوله لى سوى أن عداءه للوسوليى قد زاد اليوم عن أى يوم مضى . وإذا كان 
يعرف بثل هذا لى أنا » فى وسع المرء أن يتصور ما يقوله إلى أصدقائه فى مجالسه 


"١ 
الخاصة » . وقام بزيارة تشيانو ثانية فى الشهر التالى » وراح يتحدث إليه من .جديد‎ 
. عن ( الهم الى لا نفع فيها » . فقد تحدث عن مسوليى بغضب متزج بالسخط‎ 
وقال إن الحرب غير مشروعة » لأن المجلس الأعلى لم يستشر فى أمرها . ول يكن‎ 
الدوتشى فى نظره إلا « رجلا على نفسه » وكان معلمه من أسوأ المعلمين + وكان‎ 
'ٌ ّ ) تلميذه سر الطلاب طراً‎ 
وأحس جراندى أن فى إمكانه أن يعتمد على رجال من أمثال بوناى » فق‎ 
. العون الضحخم الذى يحتاج إليه لمواجهة موسولينى نفسه فى ابلس الفائى الأعلى‎ 
. أما بالنسبة إلى باستياننى «البينى ؛ فلم يكن على ثقة من صمودهما أمام الدونشى‎ 
ولى يكن باستيانيبى الذدى اختاره موسوليى نفسه خليفة لتشيانو فق وزارة‎ 
الخارجية ى فصر شيجى ء يشترك مع بوتاى فى مشاعر الكره العميق للدوتشى ؛‎ 
ولكنه كان يعرف مهام المعرفة » أن الحرب تقود إيطاليا إلى كارثها » وأن إخراج‎ 
» موسوليى من رئاسة الحكومة . قد يساعد على عقد صلح منفرد مع الكلفاء . وكان‎ 
وقد وضع هذا المدف نصب عينه » قد شرع فى جس نبض الحلفاء عن طريق‎ 
بعض السفارات المحايدة . ولا كان رجلا يقتصف بالحدذر واادقة والسير ى خط‎ 
معين » بطبيعته » فلم يكن من الطراز الدى يوجه التقد العنيف إلى الدوتشى عند‎ 
ولكن ل يكن نمة شك فى أنه سيقترع إلى جانب مشروع بجرائدى‎ ٠ اجباع المجلس‎ 
. إذا تبين له أنه سيفوز فى نتيجة الاقتراع‎ 
وكات الببى قد خلف بوفارنى بجيدى » فى وكالة وزارة الداخعلية أثناء‎ 
لتعديل الوزارى الأخير » وكان يعرف معرفة صميحة ومن مصادرها الأولية مدي‎ 
الوضع المفجع والواقعى الذى وصات إليه الخبرة الداساية . وآى آمن كباسئيانى‎ 
ولكنه كزميله » لم يكن من المتوقع منه أن يتخذ نفس‎ ٠» بيجوب استيدال موسولينى‎ 
. الموقف اهجو الذى كان سبقفه بوتاى‎ 
وقد اتخذ عدد آخر من _أعضاء المجلس الأعلى الذين اتصل بهم 'جراندى‎ 
. وفيدير زيوى وبوثاى نفس الموقف الحذر والمردد اللى اتخذه باستيانيى «الببى‎ 
وكان دى بوزو ودى فيشى العضوين الوحبدين الباقيين بعد مصرع بالبو ى حادث‎ 
الطائرة من مجلس الأربعة الذى قاد النحف على رومة فى عام 1977 » وقد وافقا‎ 


1" 
مع آنيى بيجناردى رئيس الاتحاد الفاثنى القوبى للعمال الزراعيين والكونت -جيأكومو 
سواردو » رئيس مجلس الشيوخ » وجيانيى وزير الاتحادات العمالية ودى ستيفانى 
الوزير السابق للمالية على تأيبد مشروع جراندى » ولكن أَينا مهم لم يعرب عن 
استعداده لتحمل مستولية إظهار موقفه أثناء الانجتاع » إلا إذا تبين له أن النقاش 
سير سيراً مواتباً المشروع نفسه . 

ودهش جراندى كل الدهشة من أن كارلو سكورزا ء السكرتير العام للحزب » 
أبلدى استعداده لتأييد المشروع عندما عرضه عليه يوم الأربعاء فى الواحد والعشرين 
من يوليو فى مقر قيادة الحزب . لكنه احتاط لنفسه ء قبل أن يتعهد بشىء» فأخل 
صورة عن المشروع إلى مرسوليى الى مضى لمقابلته ظهر ذا اليوم ليعرض عليه 
تقريره . وقرأ موسولينى المسودة بسرعة » ول يبد عليه أى ذعر . وأعادها إلى صاحبها 
مكتفياً بقول مقتضب بأنها « غير مقبولة ٠‏ وتثير الاشمئزاز » . وذكر موسولييى 
فيا بعد » أن سكورزا و طوي الورقة وأعادها إلى محفظته ولم يعد إلى إثارة الموضوع . 
ثانية » . وراح سكورزا يعد بعد أن غادر قصر البندقية مسودة المشروع الذى 
اعتزم تقديمه إلى امجلس الأعلى » كبديل عن مشروع جراندى ٠.‏ 0 


5 


وبعد أن تأكد جراندى من أنه قد حصل على تأبيد فيديرزيق وبوتاى 
وباستيانيى والبيى » وكذلك سكورنا » كما أمل » راح يطلب مقابلة الدوتئى . 
وقد ذكر هو أنه لم يكن راغباً فى أن « يظهر بصورة المتآمر ه » وكان لا يزال 
يأمل فى أن يتمكن من إقناع الدوتئى بالقيام تلقائيآ بإيماءة تجعل الانجمّاع 
أمراً لا ضرورة له . وف الساعة الخامسة من بعد ظهر الثانى والعشرين من يوليو » 
استقبل. موسوليبى جراندى فى صالة (الكرة الأرضية » فى قصر البندقية , وكان 
الدونئى يف وراء مكتبه الضخم » يرقب زاثره بنظرة باردة: جامدة وهو يتقدم 
إليه . ونم يدعه مرسوليى إلى التلوس » وإثما راح هذا يتلو مشروع القرار على 
مسامع الدونئى مشفعا إياه بخطبة قصيرة أبده فيها » ولم يقاطعه موسولينى ؛ وإنما ظل 


ا" 
يرقبه بنظره فيها كل معانى الازدراء المرفع » وعندما الى هذا من خطابه » راح 
موسولينى يقول . . . «فارقنى الآن » وستلتى ثانية فى مجلس الأعلى ؛ . 

وعندما خرج جراندي . ماراً بقاعة الااجماع » كان خدم القصر » يعدون 
المقاعد للانجماع . وكان الماريشال كيسلرنج يجلس على أحد هله المقاعد منتظراً 
مقابلة الدوتثى . وذكر جراندى فما بعد » أن هذا الحادث لم يكن « دليل خير » . 
وكانت أعصابه قد شد"ت باعترافه » إذ أن جمود الدوتشى وثتنته المتعالية لم يكونا 
من التوع المقلق فحسب بل وكانا مثيرين للفزع أيضا . وقرر أن يطلب إلى 
البينى أن يعد العدة لإخفاء مائتين من ريجال الشرطة فى أماكن متفرقة من القصر . 
وقرر أيضاآ الإذعان لبوئاى الذى اقرح ضم الكونت تشيانو إلى المؤامرة . وبالرغم 
من أن جراندى » ما كان ليثق بتشيانو على الإطلاق » فقد وجد نفسه مضطراً إلى 
موافقة بوتاى على رأيه » فى أنه إذا تمكن من إقناع تشيانو بتأييد الثورة » فإن عدداً 
من الأصوات الأرددة لابد وأن ينحاز إلى المشروع 1 . 

ودعا بوتاى بعد ظهر اليوم الذى سبق الاجماع كلا من جراندى وتشيانو 

إلى الاجماع فى منزله . ولم ينسجر ضيفاه مع بعضبما ولم يستطيعا الاتفاق على 
سياسة مشثركة . وبدا أن تشيانو كان يشك فى أن جراندى يريد الإطاحة بموسولرى 
ليكتسب هو وفيدير زونى مزيدا من السلطان والنفوذ . وأحس جراندى » أن تشيانو 
بالرغم من أية وعود قد يعطيها فى البداية ظ قد يلنى فى الاحظة الأخيرة وبكل ثقله 
ونفوذه إلى جانب حميه . وكان بوثاى بعتقد أن السلطة السياسية اأبى ستنتزع من 
موسولينى يجب أن تعطى إلى المللك مع القيادة العليا للقوات المسلحة ٠»‏ وأككن الرجاين 
الآخرين لم وافقاه على رأيه » على اعتبار أنه رأى غير عملى . وطال الحديث بين 
اليجال الثلائة وتشعب » وعندما غادر تشيائو المكان » لم يكن جراندى وبوتاي 

ثقة مما إذا كان سيؤيدهما أو سيعارضهما . 

(1 لا تختلف رواية الكوفت جرائدى عن هلا الاجتّاع اختلافاً كبيرا من رواية موسوليى . لكن 
لماريشال كيسلرنج وهو يحدد تاريخ المقابلة فى الرايع والعشرين من يوليو لا فى الثاى والعشرين . يؤكد 
أن موسولينى كان فى منهى الانشراج عند ما دخل إلى القاعة بعد أن كان جرالدى قد غادرها . وقد بادره 
مسوليى قائلا . . . « فارقى جرائلى قبل لات . وكان بيئنا حديث صريح من القلب إلى القلب . 
وآرائنا ماثلة . فهر. مخلس لى كل الإخلاص » . 


1 

ولكنه, كان قد حزم أمره ى صبيحة اليوم التالى كنا يبدو . فى ظهر ذاك 
اليوم وصل إلى وزارة الحارجية دينوالفييرى ٠‏ الذى استدعى من سفارنه فى برلين 
لحضور اجماع انملس الذى سيعقّد فى ساعة متأخرة من ذلك اليوم ووسحك 
باستيانييى » « صامتاً ودام التفكير » . ولم يكن قد انقضى على وجوده هناك بضع 
دقائق حى جاء الكونت تشيانو» ليرتفع ذلك الوجوم الذى كان عخيماً على الاجماع . 
ودون الفييرى فيا بعد . . . « وكان تشيانو فى منتبى الود والدمائة » ولكن بدا ثاثر 
الأعصاب . ولست أشك فى أنه سر رآ » 

وراح يقول . . . « سرنى مجيئك . وقد اتفقنا «جميعاً على أن من واجبنا أن 
نخطو إلى أبعد نقطة ممكنة لإنقاذ إيطاليا . فهوء صاحب رأس الحتزيرء يرفض 
فهم الموقف وعندما مجتمع المجلس الأعلى اليو م » سنتحدث كنا قررنا عما نرأه 
بوضوح » وسنحمله على أن يفهم ؛ . 

وأبلغ تشيانو الفييرى » إنه فى طريقه إلى جراندى ليعده بتأبيده » وطلب من 
السفير مرافقته . وقد وجدا -جراندى يرتدى قميصاً رياضياً فى مكتبه فى مجلس 
النواب . وقد رحب بهما كل الترحاب » وأطلعهما على مسودة المشروع » فقرأها 
الفييربى بسرعة » ثم قال »ع إنه بالرغم من سلامها كما تبدو له ء لابد من أن 
يستوضح عن نقطة واحذة أو تقطتين فيها . 

ورد تشيانو » مقاطعاً إياه يفروغ صبر . . . 9لا حاجة إلى الشكولك والريب . 
فالمشروح جرد مذكرة . ولا ريب ق اننا اثناء المناقشة سئوالى معاملة الدوئشئى 
بمنبى الاحبرام والتوقير . 

وهكذا استسام الفييرى بعد لأى وتردد ودون -جراندي اسمه بقل أزرق » فى 
ذيل قائمة أنصاره . 

وإذا ما امنا فبديرزوف » لم يكن فى وبع جائدى على أى حال لآ ياكد 

من أن فى وسعه أن يثق بأى من أصماب هله الأسماء المدونة فى قائمته تمام الثقة 
حى بوتاى نفسه , 

وراح يقول فها بعد .. . ١‏ وكان فيديرزونى هو الوحيد الذى كان ى 


وسعى . ومن صم فؤادى : أن أثق فبه كل الثقة؛ . وبدأ يفكر أنه كان من 


هه" 
الأفضل له لو فكر فى القيام بانقلاب مفاجئ . أما وقد عرف موسوليى الآن 
المدى الذى مفى إليه فى محاولائه تحطم سلطته »ع فقد خشى الان أن يعتقل » 
وأصبح على ثقة » من أنه إذا اعتقل » فإن معظ أنصاره ؛ سيتخلون عنه 
وبنضمون إلى تلك المجموعة القوية من الأنصار المخلصين فى النجلس الأعلى الذين 
لابد وأن يقفوا إلى جانب الدوئشى مهما حدث . 5 

وعندما ارتدى ذلك القميص الخاص المعروف باسم « ساهارئيانا ع » والذى 
كان موسوليى قد أمر جميع أعضاء المجلس الأعلى بارئدائه » راح يضع مسدسه ى 
جيبه » ويمحشو حقيبة يده بالقنابل اليدوية . وغادر منزله فى الساعة الرابعة والنصف 
متجهاً إلى قصر البندقية حيث وجد مجموعات عدة من الحرس الفاثى فى باحة 
القصر الداخلية وكان. فى القصر أيضاً عدد من رجال الحرس . ووجه بوتاى حديثه 
إليه غاضباً . . . و أحست صنعا بتحدثك إليه . فقد حانت ساعتنا مجميعاً » . 
وخيل إلى جراندى أن بايتهم قد دنت حقاً . وشرع يفكر بأنه لن يخرج من 
القصر حقا . 

وكان موسولينى قد دحل مكتبه . فقد تناول غداءه فى دارة تورلونيا » حيث 
سار و كل شىء حسب العتاد ٠‏ كما دونت راشيل فى يومياها فى ذلك المساء . 
وبدا غير متأئر بالأنباء الى وصلته عن هله المزامرات البى تحاك ضده . وقبل 
أربعة أيام من هذا التاريخ » وكان خادمه ؛ يثبت له ياقة قميصه قبل مضيه إلى 
حفلة عشاء رسمية . بادرته راشيل بقوها إن البعض قدم إليها قائمة. بأسماء الأشخاص 
٠‏ الذين زودم باستيانيبى بجوازات السفر . وإن (الموقف قد حان للقيام بإجراء ضد 
تشيانو وجراندى وبادوليو وشركائهم ؛ . لكنه لم ينتتصح ول يقبل التحذير . وقال لا 
إن الديابات الأمريكية هى البى تشغله لا دسائس قلة من الإيطاليين . وعندما 
مضى الآن إلى اجتاع مجلس الأعلى زودته راشيل بنصائحها قائلة . . . : اقبض 
علييم جميعاً قبل بداية الاجماع » . فقبلها فى مدخحل الدارة دون أن يرد على 
نصيحها » ومضى إلى السيارة الى تنتظره » وقد حمل حفيبة منتفخة نحت إبطه . 
وراحث زوجته تدون فى يوميائها بعد أن فارقها قائلة . . . « إنه يؤمن إيماناً صادقاً 
بأن كل شىء سيسير على ما يرام ١‏ . 


لمك 

ونخطا إلى قاعة الاجماع يثقته الألوفة بنفسه » دون أن ينظر إلى أحد الأعضاء 
الذيئ هبوا وقوفاً عند دخوله » رداً على أمر سكورزا الذى ألقاه بأعلى صوته . 
وحيوا الدوتشى » . ليردوا بصوث وإحد . . . 9 إننا نحييه » . ولم تبد عليه علاتم 
السرور »©. وهم حيونه التحية التقليدية ازعم الفاشية » وراح يجلس إلى منضدته 
محملقاً فهم . وبرعان ما انتابته نوبة من الألم » بعد أن اقتعد مقعده . إذ كانت 
آلام القرحة قد عاودته منذ الليلة الماضية عندما هتفت له كلاريتا بيتاتشى تقول ... 
ووماذا سيحدث او أنك أحسست بالألم فى هذا اليوم الك الأهمية والخطورة ؟ » 

ورد علبها بذلك التصمم المتعالى الذى عرف عنه» والذى لم تؤثر عليه الأحداث» 
يقول . . . وسأكون قويًا » وسأسيطر على الوضع: بطريقى الألوفة » . 

وعندما جلس إلى مقعده » مصغياً إلى سكورزا وهو يتلى أسماء الحاضرين » 
عيبا بعض الأوراق من محفظته النى كان نافارا رئيس فراشيه » قد وضعها أمامه 
على منضدته مقطباً جبيئه وقد دقع ذقنه إلى الأمام » وبدا » قا وصفته 
إحدى عشيقاته ذات يوم مضى » وكأن وجهه بكامله قد اندفع إلى الأمام بعيداً 
عن أذنيه » قادراً على السيطرة على الانجماع . وكان يرتدي البزة الحضراء الفائحة 
الى يرتديها الحرس الفاشى ء خلافاً للآخرين الذين كانوا فى قمصابم السوداء » 
مدللا بذلك على ترفعه عنبم » بوصفه الدوتشى المتفوق والمسيطر . وكانث المنضدة 
الى جلس إليها » ترتفع على منصة فتظهر أعلى من أماكن الآخرين » مما أضى 
عليه تفوقآً معنوياً وروحياً علبهم . وكانت هناك بالإضافة إلى كل ذلك » عادات 
وبواقف وذكريات وخاوف عاشت عمر النظام الفاشى ٠‏ الذي انبئق قبل حقبتين 
من الزمن . وم يستطع بوتاى نفسه كبح جماح أفكاره ء بأن هذا الرجل الذى 
يطل عليهم من عل » وبمثل هذه القسوة » إنما يجسد العقيدة الفاشية كلها . 

فقد كات عند الكثيرين مهم » بل عند معظمهم على الغالب ؛ ورتم كل 
شىء 2 أعظم من أنجبته إيطاليا من أبناء . ولم يكن هناك بيهم حى ولا قلة ؛ 
من لم يعرف بهذه الحقيقة ذات بوم » كالم يكن بيهم حتى فى تلك اللحظة عدد 
مهما قل » لبس على استعداد للاعئراف بها لو أتيحت له الفرصة . وكان «جراندى 
نفسه » قد اعتّرف بها » قبل مدة قصيرة وبحماسة » ما كانت لتصدر حى 


باه ؟ 

عن أكثر أنصار موسولينى تعصباً » إذ قال له قبل نحو من شهرين ليس إلا ... 
د إن حياتى ؛ وإيمانى » وروحى ٠‏ ملك يديك 6 . 

ويبدو أن مرسوليى بات كأتباعه الخلصين أيضاً متأثراً بعادات الماضى . 
فهو لايقبل الطاعة والعبادة والثقة الى لا تتزعزع منل سنوات طويلة » كالاستتجابات 
المفيحة من شعب راض و«مستجيب فحسب » وإثما يريدها » نوعاً من الإجلال 
الذي تستحقه عبقريته . ولم يكن شعار « موسولينى على حق دام » يظهر على 
جدران إيطاليا » كإطراء لقائد عظم يحس شعبه نحوه بإعجاب واعتراف 
بابلحميل عميقين » وإنما كان تعبيراً عن حقيقة لا يمكن إنكارها . وليس ثمة من 
شك فى أن هله الثقة المطلقة فى عظمته الذائية » وعصمته من اللخخطأ » وتفوقه 
الذى لا يتحدى على الإيطاليين طراً » قد جعلت من العسير عليه أن يتبين ما فى 
أولثك الذين ما كانوا ليضنون عليه بالمساعدة » من مزايا » ولا ما فى ذلك العدد 
متزايد من الناقدين والثاقمين الذين آمنوا بخروجه على كل عقل ومنطق من خطر . 
ولا ريب أيضاً فى أن هذه الثقة العمياء هى الى ححملته على استبعاد كل فكرة ى 
مؤامرة نالجحة ضده » ووصفها بالحيال » وعلى رفض أى اقتراح بوجوب الحرص 
فى معابفة هذا الانجهاع الذى لم يكن يتوقع فيه أكثر من مجرد ١‏ مناقشة حامية ‏ . 
ونم يكن كذلك قد احتمل عناء إعداد خطابه الذى جرت العادة على أن تسهل به ؛ 
مثل هذه الامجّاعات » إِذ كان وائقاً من أن فى وسعه ؛ أن يسكت كل معارضة » 
بمجرد ارتفاع صونه . ٠‏ 

وبدأ مرسوليى حديئه بالطريقة المهذبة الألوفة الى يشرع فيها مرب كبير 
ف إلقاء عاضيته العادية ء قائلا ... « دخلت الحرب فى الواقع مرحلة فى 
منتبى الخطورة . فقد تحقق ما كان يبدو مستحيلا . بل حى مجرد فرض سخيف » 
بالرغم من دخول الولايات المتخدة الحرب فى البحر الأبيض المتوسط . وف وسع 
المرء أن يقول » إن الحرب اللقيقية بدأت بسقوط بانتيلاريا . وكان القصد من 
الحرب الحامشية على الساحل الإفريى » تجنب مثل هذا الاحهال أو إحباطه . 
وف مثل هله الأوضاع ٠‏ كان من الطبيعى أن تتحد جميع الثيارات الفكرية 
من رسمعية وغير رسمية » فى عدائها لنا ولعهدنا سراً أو علانية ؛ . 


مه" 

كانت هذه هى البداية للحطاب طويل وهادر . تميز بكثير من الغموض 
الملهل . وهكذا تحدث مستسلماً . وخالياً من الإبداع حيئاً » ومغروراً وق منبى 
الصلافة التى تبلغ حدود الانهام حينآ آخر » مبرراً أخخطاءه إلى حد التضليل » 
وبطريقة رثيبة تخلو من الإبمان حبى ومن اعتبار الحقيقة واحترامها »ع ضاغطا 
براحة بده أحياناً على معدته » وكأنه يخفف من ألم القرحة الى يشكو مها . 

وراح يعلن فى تدوينه ذكرياته عن هذا اللحطاب الذى رأى فيه سامعوه افتقاراً 
إلى التصمم والدقة . . . 9 وليكن معلوماً ؛ الآن ودائماً . أننى لم أكن فى يوماً ما راغباً 
ف تسلم القيادة العليا للقوات العاملة فى الميدان ٠‏ وهى المهمة الملقاة على عاتى 4 
بإيعاز من الماريشال بادوليو. . . فعندما مرضت فى أكتوبر عام 1447 »2 فكرت ٠‏ 
فى التخلى عن القيادة السكرية » ولكننى تراجعت عن ذلك » لأنى تصورت 
أن من الحطأ التخلى عن السفينة وهى تامبة وسط العاصفة . وقررت تأجبل ذلك 
انتظاراً لظهور الشمس من بجديد ء وهو مالم يقع حرى يومنا هذا . وأظن أن ليس 
ة لدى ما أضيفه على موضوع الفيادة » . 

وبعد أن تخلص من المسئولية بمثل هذه الفتوى الغريبة والإيضاحات غير 
المقبولة » راح يشير بأصابع الاتهام إلى الملنيين الحقيقيين » فوجدهم فى كل 
مكان . [نهم فى أعلى مرائب القيادة العامة الجيش » حيث بفتقرون إلى الثفة من 
ناحية وإلى المعلومات من الناحية الأخري وهم فى أقل هذه المراتب فى القوات 
البريةرشأناً إذ يسسلمون فى صقلية فى قطعان ضخمة ء تماما "كا فعلوا فى أفريقيا.. 
وقد تحدث علهم وكأنهم «جنوده فى جيش هزم منل أمد بعيد فى حرب أصبحث ‏ 
جزء؟ من التاريخ اللى انقفمى . ووجد المبررات ٠‏ وألقى الوم ذات الوين وذات 
الثمال » وعثر على أسباب المزيمة » ولكنه لم يقترح أى علاج . وأقر بأن عواطيف 
الشعب ليست مع الحرب » ولكنه ل بأت بعلاج لهذا الوضع ثم قال .. . ١‏ إن 
عواطف الشعب بعيدة دائماً عن الحرب . فالحرب هى حرب الحزب » لأن المتزب 
هو الذى أرادها . إنها دائما حرب رجل واحد » ولو قيل اليوم إن الحرب الى 
نخوضها هى حرب موسولينى . فقد كانت تسمى فى عام ١869‏ بحرب كافور أيضاً . 

ومضى بعد ذلك يقول ... وق العشرين من أكتوبر » كنت أتوقع أن . 


؟ 
يهاجمنا البريطانين فى العلمين » . وقطع حديئه فجأة ليطلع بعد فرة صمت قصيرة 
بملاحظة غريبة شاذة » جعلت بوتاى يتساءل » عبا إذا كان يعتز م الخروج 
بنكتة مغرقة فى سخريها . فقال إنه توقع يوم الحجوم » لآنه عرف أن. الإنجليز 
يريدون أن يعكروا صفؤنا ونحن نحتفل بالذكرى السنوية العشرين للثورة الفاشية 
ىُْ الأسبوع التالى . 

وتحول بعد ذلك إل الألمان فقال .. . «علينا أن تعترف يمنتبى الإاخلاص 
للحقيقة © بأن الألمان عاملونا بمنتبى الكرم والاحترام » . وراح يسرد تفاصيل 
القوينات الألمانية من المواد الأولية والأسلحة وإلقوات ع ولكنه لم يذكر المّن الذى 
دفعته إيطاليا مقابل هذه المساعدات . ولم يشر فى قليل أو فى كثير إلى المساعدات 
الجديدة الى تحتاج إليها إيطاليا ى محنبا الحقيفية الراهنة . وحرص على تجنب 
الإشارة بشىء إلى اجماع فيلئريه الذى كان قد عاد منه قبل آونة قصيرة . 

وراح يقول بشىء من الإسباب . . . 9 إن المعضلة الكبيرة الى تواجهنا الآن 
هى التقرير بين الحرب والصلح أو بين الاستسلام والمقاومة حتى الباية » . وبدلا 
من أن يرد على هذا السؤال الحوهرى ٠‏ بإحدى حملاته الحماسية الشعرية والمسرحية 
الؤثرة الى كانت كافية حيّى فى ذلك الحين » لحمل املس على الوقوف إلى 
جائبه » راح ينزلق إلى هوة اللحدل اليائس الممل ٠‏ ويقول فى الهاية . . . على أى 
حال ؛ تتطلع بريطانيا ماثة سنة إلى الأمام لنضمن خمس وجبات فى اليوم لشعبها . 
فهى تريد أن تحتل إبطاليا وأن تبق على احتلالها لها » . ش 

وكان هذا الأداء مفجعا . وتطلع أعضاء انجلس إلى الدوتشى بشىء من 
الصمت المشوب بالفزع . ودون الفييرى فما بعد ذكرياته » فأعرب عن شعور 
الحيبة المرعب الذى سيطر على بجميع الأعضاء . كان الحطاب من أضعف 
الحطب البى سمعوه يلقيها فى حياته » وأكترها حسماً من ناحية أخرى . وعندما 
انهى الدوتشى من خطابه » كانت زعامته قد انبت » وهوى هو إلى الخضيض . 

وانقضت لحظات قليلة » دون أن بحر و أحدهم على الكلام . وسرعان ما انمى 
. هذا الصمت المطبق » بأصوات أقدام تتحرك » وامس يعلو » ومحافظ تغلق . 
وأخيراً مبض الماريشال دى بونو . ولم يكن خطابه القصير » إلا هجومآ مقنعاً على 


6 
الساسة الذين يلقن بالمسئولية على, قادة اميش » بيها هم الملومون لهم هم الذين 
اتاروم . وكانت هذه وجهة نظر » سرعان ما هب زميله الملكى العجوز دى فيثثى 
لمساندتها ‏ ولكنه وجه فى -حديئه بعض الملاحظات الناقدة إلى -حلفاء إيطاليا مما أثار 
روبرتو فاريناتشى الميال للألان » فسارع إلى الاعتراض عليها . وراح هذا يناقفى 
ما قاله دى فيشى ٠‏ ويْهال بالإطراء المتعصب عل الألمان مقرظاً قوم وعصمتهم 
من المزيمة . وتأم دى فيشى من ملاحظاته هذه » فراح ينّبمه بالتهرب من الخدمة 
العسكرية فى الحرب العالمية الأولى . وبالزيف فى ادعاء البطولة فى الحرب التبشية » 

بعد إصابته فى حادث أثناء اصطياده للسمك . 

وأدرك يوتاى ٠‏ أن الحطر يبدد الاجمّاع بالفض من جراء هذه المهاترات 
الوضيعة التافهة » فقاطم دى فيشى » ليلق أول خطاب قرى فى ذلك المساء . 
وأصغى الأعضاء لكلماته »ء وأدركوا أن النقد يرجه لأول مرة بصورة علئية إلى 
موسوليبى وبحضوره . واستمد الأعضاء الاتحرون الشجاعة من الشرارة التى أطلقها 
بوتاى فى خطابه » فأعربوا عن رغبتهم فى الكلام . ولكن جراندى » كان هو الذى 
هب واقفاً ليتكلم » وعاد الخرون إلى مقاعدهم ليصغوا إلى كلماته . 

وشرع جراندى يتحدث بصوت خفيض يحمل طابع الخد . مما فرض الاحترام 
فوراً على الأعضاء الحاضرين وقال: ‏ أود أن أكررهنا أمام المجلس الأعلى » ما كنت 
قد قلته للدوتشئى يوم أمس الأول » وإنى لأقترح أن يكون الأمر اليو التالى » : 

وراح يتلو مشروع اقبراحه ببدوء ووضوح . ولم يكد ينتهى منه » »حى اتنبدلت 
هجة حديثه » وراح يلى خطاباً فى منتبى البلاغة والحماسة » مهما إياه الامبامات 
القاسية . وتحدث بشىء من المرارة « عن الشكل الأحمق والمقيّد الحرب الفاشية 6 
يعن ١‏ الإصرار المفرط التزمت فى مراعاة الشكليات التافهة » وعن ١‏ الاستمرار 
فى وضع الأنظمة الحديدة والكبح المتدرج للحريات الشخصية ؛ . ثم قال بصوت 
مهدج تغلبه العاطفة « إنلك فرضت ديكاتوريتك على إيطاليا » وهى ديكتاتورية 
لا أخلاقية من الناحية التاريخية . وقد احتفظت لسنوات طويلة بين يدياك بمقاليد 
الأمور فى الوزارات الثلاث المتعلقة بالقواث المسلحة . وأكن ما الذى حققته ؟ 
إنك حطمت روح قواتنا المسلحة . وقد خنقت سنئوات طويلة شخصياتنا فى هذه 


١ 

الملابس السوداء الى يلبسونها حداداً . وانقضت سنوات طويلة » وأنت تختار 
للمناصب الهامة » أسوا المرشحين لها من بين عدد كبير من المرشحين الصالحين » . 

ول تج ر نت وتيف كر ادق مناضة وال مزلت بطع عبان الس 
الحطبة البى أسماها فها بعد « بالخطبة الفليبية 0 العنيفة » خطبة الرجل الى 
بعد كرا القرسة اقيين عن «نطنه التديق النقين .وكات بك ميم ةغل 
المنضدة فى وضع المتأم الذى يشكو من المخص الشديد » راسما'بين: الحين والحينٌ » 
على ورقة أمامه بعض الأشكال والرموز » مغطيا عينيه بيده + هنع عنهما الضوه 
الشديد الصادر عن 3 الثريام الكهربية المعلقة فى سقف القاعة ء وقد اعتروف 
فيا بعد لمارينيق ١‏ بأن هذا الضوء الساطع الخيف » أتعب عينى إلى حد مرعب . 
وقد وجدت نفسى مضطرً! إلى أن أحجبه طيلة الوقت بيدى عن عينى المجهدتين د . . 
وكنت قد تعرضت قبل ساعتين من الانجماع إلى ذوابة قاسية من الألم الذى أعانيه 
مئل أمد بعيد . وكنت لا أزال أشكو من الألم فى القاعة ء ولكن عقلى كان صافياً . 
وكنت أصتى إلى خطاب جراندى الذى مثل الاتهام العام بوضوح » ولكن حيويتى 
قد فارقتتى . وهذا أثر من آثار المرض » إنه زوال الحيوية مع وضوح الفكر 
واستشفافه ٠»‏ . 

ورأى بوتاى أن الدوتشى قد هزم » أنه يبدو يائسا وى منتهى القنوط . 
وروى فيا بعد أنه ١م‏ يعد رجلا وإتما ظل رجل » بانت أقدامه على عتبة الآآخرة ». 
ووصفه بوفارينى ‏ جيدى » بأنه كان أشبه بالإنسان الشارد الفكر و وكأنه يعيش 
فى عالم آخخر . وبدا يحجب رأسه بيده + كنا فعل قيصر عندما أراد أن يحجب 
بعباءته » جسده عن ضربات بروتس وامتآمرين الآخرين » . 

وعندما انّبى جراندي من خطابه » عدل جلسته وألى بجسده إلى الوراء فى 
معده بعد أن أرخى ياقته » وبدا العرق يتصبب على وجهه الشاحب . 

وقرر تشيانو فى هذه البحظة أن يتكلم . وشرع فى حديثه أمام نظرة حميه 
اليائسة » بلهجة ناعمة لطيفة . وحصر كلامه فق سرد تاريخى للتحالف الإيطالى 
الألمانى » الذى مثل فى وجهة نظر فاريناتشى الساخطة » حملة تنكر على الألمان 


(1) أطلق على خطب ديمو ستنبس الحطيب اليوثافى المفوه المشبور امم الفليبيات .2 «المعرب» 


"١ 
أى فضل . ولكن تشيائى لم بنرك مجالا للشث على الإطلاق 6 أنه سيؤيد مشروع‎ 
» جراندى . وعند ما انهى من كلامه » انبرى فارينا ثانية للرد على جل" ما قاله‎ 
» وللدفاع بقوة عن الألمان . وعرض حل المجلس مشروعاً بديلا عن مشروع بجراندى‎ 
بعلن تضامن إيطاليا الفاشية مع المانيا الاشتراكية الوطنية » ويدعو رئيس الحكومة‎ 
إلى أن يطلب من الملك تولى قيادة القوات المسلحة كلها « ليظهر للعالم بأسره‎ 
أن الشعب الإيطالى يقاتل بأسره متحدا تحت قيادئه » لإنقاذ إيطائيا ودفاعآ عن‎ 
كرامها » . وكانت أهداف فارينائئى من الاستعاضة عن الدوتثى بالملك فى‎ 
قيادة القوات المسلحة » هى غير أهداف جراندى » إذ كان يتوقع أن يكون الملك‎ 
1 أكثر استعداداً للاقتناح من موسوليى بالتخل عن صلاحياته تلماريشال كيسلرنج‎ 

لكن الرجلين اتفقا على وجوبف ذهاب موسوليبى . 

وتبين بعد انقضاء هزيع من اللبل» أن غالبية أعضاء المجلس ترى هذا الرأى » 
وإن كان أولئلك لأعضاء اللين ما كانوا ليترددوا فى الاقتراع إلى جانب مشروع 
بسيط بتوجيه اللوم ؛ قد أصبحوا الآن على استعداد لتأبيد أى مشروع أقل عنفا 
من ذلك » وأخحف ضرراً . وراح عدد من الأعضاء يشكون فى حقيقة دوافع 
جراندى . وتكلم جيثانو بولفيريللى © وزير الثقافة الشعبية » وأنطونيو ترينجالى ‏ 
كازانوفا. » رئيس المحكمة الفاشية الخاصة ؛ وكارلو البرتو بيجبى وزير الربية » 
وإيترو جالبياق » رئيس أركان الحرس الفاشى ضد مشريعه . ولكن دون إبمان ع 
ودون تأثير . فكان معظم هؤلاء متأثرين بالمنازعات الشخصية أكثر من تأثرهم 
بالحجج المنطقية » فجاءت خطبهم تضيف إلى متاعب ‏ موسوليى بدلا من إسهامها 
ف إنقاذه . 

وكان الايل قد انتصف وكان قد مضى على بداية الااجماع زهاء سبع 
ساعات » وانطلق صوت مسوليى الذي وصفه بوتاى بأنه كان و خفيضاً » 
ومتواضعاً » ومستدرً للإشفاق ” يتساءل “ ولكن ما بجدوى هنا الاوم » وقد غدونا 
الآن وحدنا وجها لوجه أمام ثلاث إمبراطوريات عظيمة ؟ 4 . واقترح على سكورزا 
تأجيل الاجماع حى اليوم التالى » ذاكراً أنه مريض وأن عليه ألا يجهد نفسه . 

وانطلق صوت جراندي بثبيات مجدداً -حملته . . . و كثيراً ما أبقيئنا هنا فى 


ع 
الماضى حبى الخامسة صباحا لمناقشة بعض القضايا التافهة . ون نغادر هذه القاعة 
حى نفرغ من مناقشة مشروع قرارى والاقتراع سن 2 
التأجيل لمدة عشر دقائق ليس إلا . 

ووافق موسوليى . ولاحظ بوتاى بشىء من السرور :انهى صلف 
عنه الجميع . وعندما مر بسفيره إلى ألانيا قال له . . . ٠‏ تعال معى يا الفييرى ) . 

وروىفى الفيبرئ: فما بعد . . . « كانت الغرفة 'الفسبحة شبه مظلمة . لا يثيرها 
إلا ضوء شاحب ينبعث من مصباح صغير يستخدم للقراءة . ومضى الدوتئيى 
بهدوه وببطء إلى منضدته » ثم أشعل ” البريا “ الكبيرة الموجودة فى وسط المكتب 
وراح يلق نظره بشىء من شرود الفكر على بعض البرقبات التى وجدها أمامه . 


وظل على صمته بضع دقائق ؛ ثم راح يسألى » وكأنه أحس بوجودى لأول مرة .. 
ماذا هناك فى ألانيا 9 ) . 


ران لعن عن ارش سق ل ا ل 
تقاريره » عن وجود إشارات واضحة ثبين ما أصاب الشعب الألانى من إجهاد » 
وعن شدة انضباطه بالرغم من ذلك ء وتعصبه الأعمى » وخوفه من المستابق ء 
وإعانه بدعاية جوباز ١‏ ثم' أضاف قائلا . . . ٠‏ ويتابع الناس هناك فى برلين 
نتيجة التطورات العسكرية الأخيرة » . 

وانطلق صوت مورسولبى يسأله . . . و ولكن من قال ناك ذللك ؟ . وكانتث 
شجته ثم عن الانزعاج الشديد » وكأنه بالرغى مما حدث. ء وثما اضطر إلى سماعه 
فى غضرن الساعات القليلة الماضية ؛ لا يكاد يصدق أن الوضع الداخلى فى منهى 
الحرج واللحطورة . ش 

ورد الفيرى قائلا . . . 3إنه الرأى الذى يسود برلين »ع وقد أيد لى ذلك 
مدراء الشرطة الذين تحدثت إليهم » فى طريق قدو إلى هنا » . 

لكن موسوليى يرفض أن يصدق . إنه يرفض تصديق الحقائق الى تقبلها 
الآخرون منذ أمد بعيد : وعندما أخذ يحتسى قلحا من الحليب الحلو وضعه الاذن 
'أمامه » راح يقول لإلفييرى إن معلومات الألمان خاطثة » مضيفاً أن قصف الحلفاء 
لمدينة رومة وغيرها من المدن الكبيرة » لابد أن يترك أثراً نافع لدى الشعب الإيطالى 


لف 
بوحى له بشىء « من البطولة الصرفية الى تجعل الناس لا يكترثون باللحطر » 
وتمكنهم من احهال الأ » وفقد من نحبون » ودمار بيوتهم 6 . 

وأضاف يقول . . . و صدقنى » إن ما وصلك من ألباء يفتر إلى الصحة . 
فالوضع على أى حال » لم يصل إلى تلك الدريجة من الحرج التى تصورتها . وما زال 
عامل الزمن إلى بجائبنا» . وراح يحمل بملعقته بقايا السكر المذاب فى قدحه » 
ثم مسح شفتيه بمنديله » وهب واقفاً » وقد استعاد شيثاً من ثفته » فى هذه الدقائق 
القلبلة الى خلص فيها من ذلك الو المعادى الذى أحاط به فى القاعة المجاورة » 
بعد أن احتسبى قدح الحليب » وأنيحث له فرصة الحديث على الفراد . واستمرت 
هذه الحيوية المتبعئة » بعض الوقت بعد استئناف الاجماع . وعندما ألى جاليباق : 
خحطاباً يتقد بالحماسة دفاعاً عنه » منهيآ إياه بصيحة عالية بأن الإيطاليين متحدون 
جميعاً فى التفافهم حول الدوتشى » قرر موسوليى أن يلى خخطبة ثانية . 

وانطلق صوته ينبدج مشحيناً بالغضب المفاجئ . . . « ينسى الناس فى غمرة 
هذه الاتهامات البى توجه إلى العهد » الّهمة الشائعة على شفاه الكثيرين من أبناء 
الشعب ؛ وأعهى مبا الثروات الخيالية البى -جمعها الكثيرون ملكي ؛ . وأضاف وهو 
يضرب بيده على حفيبته ويشير إلى تشيانو . . . ١‏ ولدى هنا عن الوثائق ها يكنى 
لإرسالكم جميعاً إلى المقصلة » وأنت فى مقدمتهم 17). 

ووجد سكورزا الشجاعة فى انتعاش موسولينى » فهب يقول فى خطاب طويل 
يفتشر إلى التلاحم والانسجام » إن الحطيئة الوحيدة فى الدوتثتى أنه لم يتصرف 
كديكتاتور صحيح ؛ وإن عليه ليجد الوقت الكاى لتصريف واجباته الكثيرة ؛ 
أن يتخلى الحرازيئى عن بيادة القوات المسلحة . وبالرغم من مقاطعات باستيانيى 
المثمرة له » فقد حاول التقدم باقتراحه » وهو أن تطبق ديكتاتورية الحزب الفاثى 
بصورة أكثر صرامة رشدة . 

وكان الاجماع قد فقد عند هذا الحد » كل مظهر من مظاهر النظام . ' 
ويقول بوتاى إن « الجميع كانوا يتكلمون فى وقت واحد . ويكيلون الشتاتم والإهانات 
)١( 0‏ ل يبد مسوليى عل أى حال فى سنوات سكه اهئام بالمسليات المالية الفتقرة إلى الثزاهة 
ألى يقوم بها قادة الحزب الفاشى كا لم يبد أى اهام بتلاعب .الآخرين . وعند ما تورط اشيل سترائى فى 


فضيحة مالية من هذا الطراز » لم يبد أى اهام » مشيراً إلى أن غطيثة الرجل الكبرى هى حمله وساما من 
أوسمة اللحدمة العسكرية الممتالة بدون ترخيص . الؤلف » 


ايف 


' لبعضهم البعض : . وقال موسوليى إنه حمل ق يده مقتاح الوضع الحرى © ولكنه 
لن يفضى إليبم بشىء عله . وراح يقول (٠.٠‏ وإذا تخلصم مى . فلن أبوح 
بالسلاح السرى الذى يستطيع إنباء الحرب . وستفقدون قى وقت واحد ع الجرب 
ووسوليى ورؤوسكم ؛ . وبيما كان فاريناتشى يتطلع إليه بشىء من الدهشة الذاهلة » 
تتم جراندي قائلا ... . دإنه التهديد . إنها البلطجة » , ْ 

ووقف الكونت جياكومو سواردو » رئيس مجلس الشيوخ » الذى كان قد 
احتسى قلحا كبيراً من ١‏ الكونياك » أثناء الاستراحة القصيرة © ليثير دهشة 
الحاضرين جميعآ » عندما أعلن أنه قرر سحب تأييده لمشروع جراندى » معرباً 
عن أمله فى أن ينضم إليه الآخرون فى تأبيد مشروع سكورزا . وى نوليو شيالرنى 
وزير الاتحاداث العمالية بأن مثل هذه الحطوة » هى الفضلى والمثلى . وشرع تشيانو 
فى التردد والفبعف أيضاً » إذ اقترح تعيين حنة تتولى درس اقتراحى جراندي 
وسكورزا » وتعد مشروعآ ثالثاً مجمع بين المشروعين . وعارض بوتاى هذا الاقتراح 6. 
وتحدث من جديد عن ضرورة العمل السريع الفوري . لكن كلماته هذه امرة 
كانت أقل حزما من كلماته السابقة : وكان الأعضاء يستمعون إليه بكثير من 
نفاد الصبر الواضح. وهب بولفير يللى ء ليقاطعه قبل أن ينبى كلامه » وليقول بصوت 
يغلبه التأثر إنه كان دائماً وسيظل: حبى يموت + رجل موسوليى . وتحدث جراندى 
ثالثة ليقاطعه بيجيبى . وأيد كارلو باريشى وزير الزراعة جراندى » فهاجمه 
لتأبيده هذا » بفاريى - بجيدى . وهكذا اضطرب حبل النقاش » وأصبح 
عفتقراً إلى الانسجام والعاسك . 


5 


واعترف جراندى فيا يعد » أنه أحس قى هذه الاحظة بأنه قد خسر المعركة . 
فقد بدا أن مؤيدى سكورزا فى مشروعه بالحرب حتّى اللباية وبالإخلاص المطلق 
لعهد القائم » ومؤيدى فارينائغى فى مشروعه باستمرار الولاء لألمانيا » أخحذوا 
يزدادون عدداً . وكانت الساعة قد بلغت الثانية والربع صباحا » عندما قاطع 
مسولينى النقاش فجأة قائلا بصوت صارم جاف .. «دطال أمر النقاش 
وأصبح مجهدا مملا . فهناك ثلاثة اقتراحات ولاقتراح جراندى الأولوية . ولذا 
ضشسأطرحه على التصويت أولا . هيا يا سكورزا اذكر الأسماء ! 6 


1 

وبيها كان سكرئير الحزب يتلو الأسماء » اتكأ موسوليى إلى الأمام فى مقعده 
ووضع كيعيه على المائدة » متفرساً فى كل عضو وهو يدلى بصوته وقال إلفيبرى 
فيا بعد ... «وكانلت عيناه النافذئان تسيطران على عقولنا «جميعاً » وكأنهما 
تريدان أن تمليا علينا القرار اللى ستتخذهغ . 

كان عدد الحاضرين ثمانية وعشرين من أعضاء الجلس الأعلى . وكان 
الكونت سواردو هو الوحيد الذى امتنع عن التصويت . واقترع سكورزا ضد 
مشروع جراندى » وكذلك فعل بولفيريالى وبوفاريى بجيدى وجاليباق » 
مع تأبيد ثلاثة آآحرين » بها أيد المشروع تسعة عشر عضراً . 

وجمع موسوليى أوراقه بسرعة ٠»‏ ونبض من مكانه . وعندما أصبح واقفاً . 
صرخ سكورنا بتسوته العالى و حيوا الدوتئى » . ودارت همهمة » دلت على حيرة 
الحاضرين فقطع موسوليى هذا التردد بصوث غاضب . . . ( أنا أعفيكم من 
أداء التحية ع , 

وعندما وصل إلى مدخل القاعة » استدار إليبم » وقال بصوت هادئ لا مخلو 
من مرارة . . . ١‏ لقد أثرتم أزمة العهد ؛ . ْ 

وى إلى قاعة « الكرة الأرضية » حيث انضم إليه فيها بعد لحظات بولفيريالى 
هجاليبائى وبوفاريى - جيدى وسكورنا . واقترح مجاليباتى اعتقال المتآمرين اللدونة 
على الفور » ولكّن موسوليى بدا وكأن الهزيمة قد أذهلته ؛ فلم ينبس ببنت شفة . 
وعندما شرع الآخرون فى التحدث إلى بعضهم البعض » قاطعهم والتفت إلى 
سكورزا قائلا . . . و بدا هؤلاء السادة هناله » تواقين إلى الحديث عن الصلح . 
ولكن الثبىء الذى لا يدركونه أن تشرشل وروزفلت لا يريدان مجرد الإطاحة بى » 
بل يريدان القضاء على إيطاليا كلدولة فى البحر الأبيض المتوسط » . . . وراح 
يضيف » بومضة فجائية من ومضات الغرور « وبدف لن يكون هناك صلح ء 
بل هرعة وعبودية ٠‏ . ' 

وقرر فى الخامسة صباحا أن يعود إلى بيته » وقال لسكورزا . . . « تعال 
معى إلى البيت » فأنا بجد منيك ؛ . ٠١‏ 

وكتب فبا بعد يفول .. . ١‏ وكانت الشوارع خالية . ولكن تباشير الفجر 


يض 
كانت قد لاحت فى الأفق . وكان ثمة إحساس بالحتمية ؛ . وعندما مضى ى 
شارع نومتيانا » وسكورزا إلى جانبه ؛ راح يتمم قائلا : و حى البيى وباستيانبى . 
وحتى تشيانو الطفل ذى الأربعين عاماً : . 

وفهمت راشبل من أسارير وجهه العايسة عندما وصل إلى دارة تورلونيا » أن 
عخاوفها السابقة كان لها كل ما يبر رها . وكانت لا تزال تنتظره ؛ وعندما هت لها أحدهر 
من قصر البندقية يقول إنه غادر القصر فى طريقه إلى البيت » مضت إلى الحديقة 
للقائه . 

وقالت له بشىء من الغضب الذى لا يمخلو من احئان . . . د حسن ٠‏ أظئك 
قد أصدرت الأمر باعتقالم جميعاً . . . » فرد بصوت يغلبه التهد والضعف . . . 
ولا . ولكنى سأعتقلهم » . 

لكن هذا القول لم يكن أكثر من مجرد احتجاج تقليدى . وبدا وكأن عزمه على 
القاومة قد أنمار . ويغنى إلى الداخل » وتطلع إلى زوجته صامتاً ثم قال ... 
لم يعد فى وسعى أن أعمل شيثاً . فقد حزموا أمرهم على تحطيمنا . ولم تعد لأوامرى 
أية قيمة ) , 

وخلع ثيابه » ثم مضى إلى فراشه » ولكن النوم لم يطرق جفنيه . وعندما جاءه 
الدكتور بوزى فى الثامنة صباحاً » ليعطيه حقنة ادر الى تعود على أخذها 
كل صباح » رفض الحقنة وهو يقول . . . ١لا‏ أريد حقنة اليوم . فالدم يسرى 
فى عروق بسرعة هائلة ؛» . 


ب 


ودهش باستيانيبى ؛ عندما رآه بعد ساعة يجلس إلى مكتبه فى قصر البندفية ع 
وكأن شيئاً لى يحدث على الإطلاق . ولم يبد عليه أى دليل على القلق أو الإجهاد 
وطلب أن يوصلره يجراندى ليتحدث إليه هاتفينًا » وعندما قيل له إنهم لم يستطيعوا 
العثور علبه . وأن من المحتمل أن بككون قد مضى إلى دارته الريفية » اقترح على 
موظفيه أن يحاولوا الاتصال به هناك فى وقت لاحق . ١‏ 

وحمل إليه ألبيبى ف التاسعة والنصف صباحاً كالعادة بريده الصباحى ع 


4" 
فقرأه بعناية » مظهراً الاهّام كله بالأنباء التى وردت عن الغارة العنيفة الى قامبها 
العدو على مدينة بولونا . وعندما اننبى من قراءة هذه التقارير » قاللألبيبى بلهعجة 
عادية هادثة . . . ول اقترعت إلى جانب اقتراح جراندى ليلة أمس؟ لقد كنت 
زائراً فى النجلس ليس إلا » فأنت لست من أعضائه » , 

واحمر وجه ألبيى خجلا » وكم معتذراً . ولم يبد حرجا فحسب » وإتما بدا 
آسفاً على اقتراعه فى الليلة الماضية . وقال للدوتشى . . . قد أكون أخطأت » 
ولكن ليس نمة من يستطيع الشك فى مدى إخلاصى لك » لا الآن فحسب بل 
دائماً» . وأصيب آخرون بالذعر ما فعلوه . وهتف سكورزا إلبه يقول . . . 3 يبدو 
أن الليل قد أعاد الصواب إلى الرؤوس » ويبدو أن نوبات تبكيت الضمير قد 
بدأت ٠‏ . 

فعلق موسوليى بنوع من ذلك التهديد المغلق الذى أصبح الآن جزم ؟لينًا من 
حديثه .. . دفات الوقت ». وبدا فى غاية الانشراح » وطلب إلى ' سكورزا 
أن يوافيه إلى قصر البندقية حيث وجده سكرتير الحزب » فى حالة من الثقة المطلقة . 
وأصغى بشىء من عدم الاكثراث الواضح إلى اقتراحات سكورزا القلقة بأن يعمل 
يسرعة ضد أعدائه . فرد عليه بأن ليس ثمة ما يدعو إلى الفزع والذعر . فسيصدر 
تعليانه بعد أن يقابل الملك . وعندما تلى رسالة من شيانيى يقول فيها إنه يسحب 
اقتراعه ؛ ويعرض استقالته من منصبه كوزير للاتحادات العمالية » قرأ الرسالة 
دون أيه دهشة ظاهرة أو سرور » وكأنه كان يتوقعها » بل كأن الثائرين 
الآخرين سيحذون حذوه عما قريب . 

ووصل باستيانيى قبيل الغداء مستصحياً سفير اليابان الحديد . وكان موسولييى 
كا قال باستيانيبى د فى منتهى الود والصداقة » » عارضاً وجهات نظره فى السياسات 
الحارجية والأوضاع العسكرية يكثير من التفصيل . وكان يتحدث عن غلم » 
وبكثير من التزلف عن اليابان وشعبها » بِيما كان السفير يحى رأسه مبتسماً ) 
وقد بانت عليه علاثم السرور الطاغى . 

وظل باستيانيى مع موسوليى بعد مغادرة السفير اليابانى هيداكا » لبحث 
القضايا الروتينية العادية » و«الترتيبات اللازمة لزيارة ماريشال الرايخ جورنج 


14 
المقبلة . ولم يتناول الحديث موضوع اجماع المجلس بالأمس . ويدا مرسولييى 
وكأنه قد نسى هذا الموضوع تماماً . وعندما أبلغه سكرتيره دى سيزارى » أنه حصل 
على موعد له لمقابلة الملك فى الساعة الحامسة مساء قى قصر سافويا فى ذلك اليوم » 
أشار إشارة غامضة. إلى ذلك الموقف بقوله . . . «ق الساعة الحامسة » إنه رق 
مشثوم ‏ . ولكنه كان قد عاد إلى طبيعته » وزابله قلقه » عندما راح يغادر مكتبه 
قاصداً دارته لتناول الغداء . واصطحب معه المترال جاليبالى » ومضيا عن طريق 
حى تيبورتينو اللى كان قد أصيب بأضرار فادحة إبان الغارة الأخيرة الى 
وقعت فى التاسع عشر من يوليو . وعندما هبط من سيارته بمئى بين الأنقاض » 
هتفت له جماهير غفيرة من الناس . فرفع ذراعه يحييهم » وقد طغى عليه شعور 
من الفرح لبهم له » طالباً إلى جاليباق أن يوزع علبهم كل ما يحمله من مال » 
إذ أن جيوبه هو » كانت خخالية كعادتها من كل مال . وعندما عاد إلى السيارة » 
كرر عليه رفيقه نصبحة سكورزا » بأن يعتقل الأعضاء النسعة عشر المنشقين على 
الفور . ولكنه رفض الاستجابة من جديد لهذه النصيحة . 

وتناول غداءه فى وقت متأخر فى دارة توراونيا . وكان مؤافاً من طبق من الحساء 
ليس إلا » ثم ارتدى بدلة داكنة » ليقابل بها الملك . وكان سكرتيره قد أبلغه بأن 
رجال القصر الملكى » اشترطوا أن تكون المقابلة بالملابس المدنية » وكان هذا 
الاشتراط كافيا لإثارة ماف زوجته راشيل الى استيد بها القاق . . . 

وقالت تتوسل إليه . . . ولا تذهب يا بنيتو . فليس فى وسعك أن تطمان 
إليه ). ْ 

وكانت كلاريتا قد رجته مثل هذا الرجاء وهو فى مكتبه فى الصباح » فقد 
ذكرت لنافارا أنها توسلت إليه ألا يذهب » واكنه ألى أن يستمع إليها . ْ 

ولم يصغ لتوسل زوجته أيضاً . فلم يكن يحس بأى خطر . وقد يأخحل الملك منه 
صلاحياته كقائد عام للقوات المسلحة » ولكن شيا أسوأ من هذا لن يحدث على 
الإطلاق وم يخطر فى باله أن يقترح على ارال -جاليباق تحرك بعض الوحدات 
الدرعة من ذوى القمصان السوداء إلى رومة إلا فى الساعة الثالثة بعد الظهر » ولكن 
الوقت كان قد فات عندما دار فى رأسه هذا الحاطر , وكان الخترال كاستيلانو . 


ف 
قد أصدر أمره قبل بضع ساعات بتحرك فرقة من اليش من (رماة القنابل ) 
إلى العاصمة » كنا التقط أمر جاليباقى بتحرك ذوى القمصان السوداء وأوقفه . 
وعندما غادر جاليباتى دارة تورلونيا فى الساعة الثالثة والنتصيف كان +وسوليى 
لا يزالك فى منتبى الثقفة . وكان آخر ما قاله للجنرال ٠‏ إنه سيحمل الماك 
على الموافقة على تعيين ثلاثة من الوزراء الحدد . وهتف فق الساعة الرابعة والربع 
إلى سكورزا » الذى كان قد هتف إلى دارة موسوليى من قبل » مبلغآً رسالة بأن 
الماريشال جرازيانى وعد بعواصلة تأبيده لموسولينى . وقال هذا لسكرتير حزبه . 
«أبلغ جرازيانى أنى سأراه بعد مقابتى انملك » . ووصل دى سيزارى إلى الدارة فى 
اللحظة الى كان لا يزال يتحدث فيها هاتفيا إلى سكورزا . فالوصول إلى مكان الموعد 
لا يستغرق أكثر من ربع ساعة » ولذا فقد قرر مرسوليى أن يتحرك من بيته فى 
الساعة الرابعة والدقيقة الخامسة والأربعين . فحركة المرور فى الشوارع خفيفة 
حتى فى أيام الأسبوع » نظراً لأزمة الوقود » أما فى أيام الالحاد » فالحركة تكاد 
ولتقط موسوليى ق الرابعة والدقيقة الخامسة والأربعين نمام قبعته السوداء » 
وخرج مع سيزاري إلى السيارة الى تنتظره . ولم حمل معه هذه المرة حقيبة ملأى 
بالأوراق » كا نعود أن يفعل » عندما كان يذهب لمقابلة الماك ع وإنما حمل 
وثيقة واحدة تتحدد القائين الأسابى للمجلس الأعلى وصلاحياته ونسحذة من مشروع 
جراندى » ورسالة شيائينى الى استقال فيها من الوزارة . 


5 


وبيها كان مرسوليى يستعد للمقابلة الملكية فى قصر سافويا » كان الملك 
بدوره بأخذ أهبته لاستقباله ى القصر . 

وكان جرانلدى قد نقل ق ساعة مبكرة من ذلك الصباح إل الدوق دا كوارون 
نتائج اجماع ابلس الأعلى »ع واقبرح على الملك أن يعين الماريشال كافيليا 
الحندى الممتاز والمعروف بعدائه للفاشية » رئيساً الحكومة » وأن يبعث ببعض 


ف 


الممثلين الدبلوماتيين على الفور إلى مدريد للشروع فى مفاوضات الصلح مع 
الحلفاء . وأحس جراندى بالاستياء عندما أبلغه داكوارون أن الملك قرر تعيين 
الماريشال بادوليو رئيساً للحكومة 0 وم ينبس البجل ببنت شفة وإنما غادر الغرفة 6 
ليختى إلى الأبد من الحياة العامة١١).‏ وأيقظ داكوارون الملك فى الساعة السادسة 
صباحاً » لينقل إليه تفربر جراندى عن جلسة امجلس الأعلى . وراح بعد ساعة 
يزور الحئرال امبروزيؤ » ثم مضيا مع إلى بادوليو » ليبلغاه ما قرر الملك أن 
يفعله . وبالرغ من أن بادوليو فقد فيا بعد كثيراً من ثقته بنفسه » إلا أنه اتقد تللك 
اللحظة بالحماسة . وارتدى بزة الماريشالية » وبعث بأحد خدمه إلى القبى ليأنيه 
بنجاجة من الشمبانيا . وراح عزح بعد قليل مع أسرته قائلا إنه قرر على ضوء 
الصلاحيات الى ستمنح له عما قريب اعتقاهم جميعاً . 

أما امبروزيو وقد عهد إليه بواجب الاعتقال » فلم يشترك مع بادوليو فى 
معنوياته العالية . وكان الخترال كاستيلانو قد زاره ى ذلك الصباح » وأبلغه أن 
الملك لم يصدر بعد أوامر محددة باعتقال موسوليى . وقال امبروزيو . . . ( إذا قبل 
موسوليى . إقائته دون اعتراض » فسندعه وشأنه . أما إذا اعترض فستجد أنفسنا 
مرغمين على اعتقاله » . 

واعترض كاستيلائو قائلا <. . و ولكن هذا مستحيل . فلملك لا يريد أن 
يكون أحد حاضراً معه حديثه إلى موسوليى . وأن يكون فى وسعنا أن نعرفم حقيقة 
موقفه 6 . ولو سمحنا له بالخروج هن قصر سافويا » فلن يكون فى إمكاننا اعتقاله 
ثانية ). ْ 

)١(‏ قفى جراندى جزاً من صباح اليوم فى مكتبه فى موتتيسيتوريو » ححيث زاره تشيانو 
مستصحباً معه فيليبو انفوسو . وتقيم رواية انفوسو عن أحداث ذلك الصباح الاليل على أن أي من 
المتآمرين م يكن يعرف شيئاً عن خطط القصر . وأن الثقة كانت مفقودة بين الهانبين . ويقول انفسو إن 
جرائدى وتشيانو أنتحيا جانباً من الغرفة وراحا يتحدثان ما يشبه الهمس . وسرعان ما علا جدالها . 
د واتضح أن جرائدى كان ل الكثير عن تشيانو » . وعند ما غادر هذا ويمه انفوسو المكان بعد قليل » 
فى طريقهما إلى بيت الأخير » أظهر تشيائو أن معرفته بنوايا القصر مضطربة كعرفة جراندى . وقال 
بشىء من الحمس « لقد ترئب كل شىء . وسترى ذلك بنفسك . فقد تم تشكمل الوئارة . سيكون 
بيد يلل وزيراً للخارجية . أما فيتيى فسيكون "كما أعتقد وكيلا الوزارة . وسيتوك الخترال كار بوف وزارة 


الدعاية . سأظل بعيداً فى الوقت الحامر . ولكن سترى ذما بعد , أما بالنسبة إليك فلا أريد الحديث كبيراآ 
متك . فأنت معروف بمميلك إلى الألمان . ولكننى سأتحدث عنك إلى أمدقان » . « امإف » 


1 

فرد أمبروزيو بقوله . . . و حسن . . إذن فعلينا أن نعتقله على أى حال ؛ . 

وبرح كاستيلانو مكتب امبروزيو فى الساعة الحادية عشرة » ماضية 
إلى مكتب قائد شرطة « الكارينييرى » . وكان عليه قبل أسبوع أن يتصارع مع 
ارال هازون قائد الشرطة » إذ بالرغم من تأبيده للمؤامرة » لم يكن موافقاً على 
اقتراح امبروزيو . لكن هازون قتل إبان غارة الناسع عشر من يوليق » وخلفه فى 
القيادة مساعده ارال بيشى ؛ وهو فائئى مخلص » تتخطوه فى الترقية نتيجة جهود 
الخترال أنطونيو سوريس وكيل وزارة الدولة فى وزارة الحربية الذى أقنع كلارينا 
بيتائشى بتأييد ترشيح الحرال سيريكا للمنصب . وقد وافق سيريكا هذا على أن 
ينفل لامبروزيو وكاستيلانو ما أراداه . ووصل إلى قصر سافوى يرافقه ضابط 
برئبة عقيد » وخمسون من ضباط ١‏ الكاربنييرى 6 وجنودها » قبل نصف ساعة من 
موعد صولٍ مرسولييى . 

ووجه [كوارون حديئه إليه عندما وصل .. . ١‏ أتريد الأمر من الملك 
شخصياً ؟ : . 0 

هلا بأس » إذا كنتت تصدر الأمر باسم الملك . ولكنى أريده أمراً 
خطيا ؛ . 

سضى 1 كوارون إلى الملك الذى كان يسير فى حديقة القصر مع مرافقه 
الجرال بوت وقال له . . . 9 يريد ارال سيريكا قائد الكار بنييرى » من جلالتك » 
أن تؤكد عن طريى الأمر باعتقال الشيفالييه بنيتو موسوليى » . 
وكان صوت اللملك فى متتهى المدوء والنعومة » بحيث لم يستطع الرجلان أن 
يسمعاه وهو يقول . . . ١‏ حسن 4 . . . وعئدما مضى ليواصل سيره مع اللكترال 
يَف » كان وجهه شاحباً للغاية . ْ 

وَلنى الخترال سيريكا بعد ظهر ذلك اليوم أمراً خطيئًا وقعه امبروزيو 
وإكوارون . وطوى سيريكا الأمر بعناية » ووضعه فى جيبه . وقال : إنه ظل 
حى لك اللحظة يشك فى أن الفرصة ستتاح له لتنفيذ الأمر . 


ع 
يوليو “19447 


و ليس فى بسع المره أن حك هذه المدة الطويلة وأن يتطلب من , 
الشمب تضحيات بالنة دون أن يسعفز لديه شيعا من السخط م 


سارت سيارة موسولينى عبر شارع سالاريا اللحالى من الحركة بعد ظهر ذاك 
اليوم القائظ من أيام الاحاد الحادئة » لتدخل عبر الباب الحديدى إلى ساحات 
قصر سافوى . ووقفت السيارة أمام رواق القصر . ولاحظ السائق ايركول بوراتو » 
وهو مندهش » أن الملك ع مصحوبآ عمرافقه » كان يقف ف أعلى السلم » وقد 
ارتدى بزة ماريشال إيطاليا . وهيط الملك سل القصر ليستقبل زائره مبتسماً وعارضاً 
بده » وهو أمر لم يسيق للسائق أن رآه من قبل . ؤمضى الملك وموسوليى إلى داخخل 
القصر معآ» وخلفهما المرافق ودى سيزارى» بيها مضى السائق بالسيارة إلى زاوية السلم 
كعادته . وشهد الرجال الأربعة وهم يدخلون القصر » ثم جلس فى مكانه يننظر . 
وكان الحر لا يطاق فى السيارة » ولكن هذه اللمقابلات لم تكن تطول فى العادة 
أكثر من ربع ساعة » وراح يسلى نفسه بالتفكير فى أنه سيعود إلى منزله عما فريب . 
وم يكن قد طال انتظاره » عندما جاءه ضابط من ضباط الشرطة »لم يكن وجهه 
غريباً عليه ء لمد رأسه عبر النافذة قائلا ... 13نم يريدونك على الهاتف 
يا.ابركول » فهيا أسرع » وسأمضى معلك » إذ ألنى أريد التحدث فى الماتف 
أيضاً ) . 

ودلف بوراتو من السيارة » ومغبى مع الضابط » وهو مستغرب من هذا 
الطلب غير المتوقع . ولم تكن هله هى المرة الأولى الى يستدعى فيبا' للهاتف 
فى قصرسافوى » ولكنه أحس هذه المرة بشىء من القلق الغامض . ورأى فى القصر 
وساحاته عدداً من رجال ١‏ الكاربنييرى 6 بفوق ما ألف أن يراه فى المرات السابقة . 

؟؟ 


1 
كانت علاثم التجهم والحيطة تبدو على وجوه اللجميع باستثناء الدوتشى . فقد بدا 
موسوليى وكأنه لايأبه بثبىء » إذ ظل هادثا غاية المدوه طيلة المدة الى قضباها 

فى السيارة . 


وكان لا يزال على هدوئه حى تلك اللحظة . وبالرغم من أنه ل يرد على تحية 
الملك مكتفياً بز رأسه وكأنه يقول . . . دلا أنا لست يمخير . أشكرك » » إلا أن 
أحد الخدم سمعه يقول » وهو يدخخل مع الملك إلى غرفة الاستقبال » مجيبآ بلهجة 
فبها الكثير من الرقة والكياسة . . . على سؤال الملك »؛ عما إذا كان الطقس حار » 
« أجل إنه حار ؛ . وراح يروى على مسامع الملك عندما وصلا غرفة الاستقبال » 
بهديه ودون أى إفراط فى التأكيد » ما وقع, فى مجلس الفاشى الأعلى فى الليلة 
السابقة . وأضاف أن هذه الحوادث ليست مهمة على أى حال » ولا سيا أن فى 
وسعه أن يقم الدليل استناد على عدد من القوانين والنظم » أن الاقتراع ضدهلم يكن 
قانوننًا . وكان على ثقة مطلقة من عدالة قضيته . 


وقاطعه الملك قائلا كنا روى فيا بعد . ٠‏ . 3 وسرعان ما حملته على الفهم بأنى 
لا أشاطره الرأى » مشيراً إلى أن املس الأعلى جهاز من أجهزة الدولة » كان هو 
خالقه » وقد نال موافقة مجلسى البرلان على إيجاده . وغهذا فكل قرار يتسخذه المجلس 
الأعلى لايد أن يحتل مكانة عالية من الأهمية » . 


وواصل الملك حديئه قائلا . .. «على أى حال. لم تعد هناك جدوىيا عزيزى 
الدوؤشى. . فالأوضاع فى منتهى السوء والخطورة . وقد أصبحت إيطاليا أرض؟ 
خربة . وانحلت معنويات اليش .انحلالا كاملا . ولم تعد للجنود رغبة فى مواصلة 
الحرب . وتنشد الكتائب الألبية نشيدا مضمونه أن رجالا لن يواصلوا القتال من أجل 
موسوليى 6 . ثم تلا باللهيجة البيدموئتية » » مقطعا من الأغنية ينبى بالعبارة 
التالية « ليسقط موسوليى قائل الحنود الألبيين » . 


وظل موسوليى يصغى صامتا . ا ا 0 «٠‏ واقراع 


1 

الجلس الأعى شىء مرعب مخيف . فهناك تسعة عشر صوتاً إلى جانب مشروع 
جرائدى وين أصحابها أربعة يحملون وسام « انوتزيانا » . وعليك أن لا نشك الحظة 
واحدة فى حقيقة مشاعر إيطاليا تجاهك . فأنت فى هذه اللحظة أكثر رجل تكرهه 
إيطاليا . وأنا يحدى صديقك الذى ما زلت على صداقتك . ولذا فأنا أقول لك » 
إن عليك أن لا تخشى شيثاً على سلامتك . وسأضمن للك الحماية ؛ . 

وم يرد موسولينى حتى هذه اللحظة حرف واحد » وعندما أمبى الملك حديئه 
قائلا إن الماريشال بادولير سيخلفه فى اللحكم » جلس مرسوليى فجأة دون أن يقول 
شيثاً . وكأنه بحس بالإغماء ؛ بعد أن شحب وجهه إلى حد مهيف . ويدا وكأله 
لم يعد يسمع شيئاً » وعندما قال الملك إن بادوليو يتمتع بثقة الحيش الكاملة » 
وبثقة الشرطة أيضاً » ردد موسوليى العبارة الأخيرة ١‏ وبثقة الشرطة أيضاً » وكأنه 
قد سمغ العبارة دون أن يفهم معناها . 

وم كنا روى الملك فما بعد قائلا : «إذن فقد انبى كل شىء ؛ . وكرر 
العبارة ثلاث مرات . 

ثم بض أخيراً وأقفاً على قدميه . وقال بصوت أقرى . . . ٠‏ إذا كنت جلالئنك 
على حق فها قلته » فسأقدم استقاللى » . 

و أجل ٠»‏ بأنا أقول لك إننى أقبل استقالتلك من رئاسة الحكومة دون قيد 
أو شرط » . 

فقال موسولينى : «إذك تتخذ قراراً مشحرناً بالنتائج . فالأزمة فى هذه اللحظة 
ستحمل الشعب على الاعتقاد بأن الصلح بات وشيك الوقوع ٠‏ لأن الرجل الذى أعلن 
الحرب ٠‏ قل أزيح من منصبه . وستكون الصدمة الى ستلحق بمعنويات الحيش 
مرعبة ومفجعة ... وستعتبر الأزمة نصراً دلف تشرشل وستالين ٠»‏ ولا سها 
الأعون الذى سافنا . اسحاب هدو كازيه بغزات مدة :مشرين :هاما .اوقد 
تبينت كراهية الشعب . ولم يكن من الصعب على أن أتبينها ليلة أمس أثناء اجاح 
مجلس الأعلى . فليس فى وسع لمر أن يحكم هله المدة الطويلة » وأن يتطلب 
من الشعب تضحيات بالغة » دون أن يستفز لديه شيثاً من السخط . وإنى لأرجو 
حفًا سعيداً للرجل الذى سيتسلم مقاليد احكي فى هذه المرحلة » . 


/؟ 

واذبت المقابلة . ومضى الرجلان إلى الباب . . وروى موسوليى فيا بعد أن وجه ٠‏ 
املك كان وشاحياً » ويبدا الملك أقصر من حقيقته » بل بدا وكأن ظهره قد 
انحبى مرتين » . . . وكان قد قاد الحديث « بشىء من اياج غير العادى » بل 
فى شىء من العتمة المؤلة المهزوزة » ء قاضمآً أظافره بأسنانه » وصادراً بأقوال 
تفتقر إلى العاسك أحيانا . لكن المرافق الذى رأى الملك وهو يغادر الغرفة » البى 
جرث فيها المقابلة » لم يستطع أن يتبين تبدلا فى مظهره أو فى تصرفاته » "ما أن 
بادوليو الذى اجتمع إليه بعد لحظات » وضفه بأنه كان ق: منتهى الهدوه . 

وبالرغى من أن الملك قد رأى فى موسولييى ما رآه هذا فيه ؛ وقال إن رئيس 
حكومته بدا أصغر مما كان عليه . و كأنه قد انكمش » فإن موسولييى ظل فى الواقم 
فى منتهى الهدوء . وعندما أصبحا خارج غرفة الاستقبال» مد يده إلى الملك مصافحاً 
فتنارها هذا بين يديه » وهزها بحرارة . وعادا إلى الحديث ثانية عن الحر الذى 
لا بطاق . وطلب الملك أن يتعرف إلى دى سيزارى الذى كان ينتظر فى الغرفة 
الخارجية مع العقيد توريلا دى رومانو » من أركان حرب الملك الشخصيين . 
وقدم موسوليبى سكرتيره بمنتهى الحدوه » فقد قبل تنحيته عن الحكم بنفس الهدوء 
الذى كان قد رفض فيه تقبل التحذير عن لوايا الملك . 

ولم يبد على موسوليى أى فزع على الإطلاق » رغم كل ما كان قد تلقاه من 
تحذير . فالزة العنيفة الفورية البى أصيب بها بعد اجماع الجلس الأعلى » مضت 
لتحل محلها حالة من الثقة العمياء . ورويت الكونتيسة تشيانو تقول . . . ه وكان 
سلوك والدى فى تالكا الأيام من النوع الذى لا يكن فهمه على الإطلاق . فقد 
كان يعرف أن انقلاباً حاك ضده » منذ أكثر من خسة عشر يوماً قبل وقوعه . 
ولكنه لم يعالج الموضوع معابحة جدية على' الإطلاق . وكان يظن أن الأمر لا يتطلب 
أكثر من استبدال عدد من الوزراء . وعندما حذرته زوجته » ثار عليها » 
وقال إنها هى صالئعة الأذى الذى سيصيبه . وعندما ألذرئة كلاريتا ». تجاهل 
إنذارها ولم يأبه به . وعندما حذره سكورزا وجاليباق » تجاهل تحذيرهما » دون أن 
يطلب منهما المزيد من التفاصيل . وعندما وصل فى هله اللحظة إلى سلم قصر 
سافويا خارجاً منه » لم يكن قد أحس بالحطر بعد . ورأى أن سيارته لا تقف فى 


ابا 

مكامها المعهود عند زاوية السلم » وإئما تقف فى مكان بعيد » فى الطرف الآخخر 
من الطريق » وتضايق » وبدت على ملامحه علاثم الضيق ؛ ؛ ثم مغهى ماشيآً 
يقصد السيارة . وتقدم منه النقيب فيجنيرى من ضباط « الكاربنييرى 4 وأدى التحية 
العسكرية برشاقة وقال . . . « سمعنا أنلك فى خخطر ياسيدى الدوتّئى . وقد تلقيت 
الأوامر حمايتك ٠‏ . 

ورد مسوليبى بشىء من الدهشة أو الغضب . . . دلا حاجة لى إلى ذلك . 
فلدى حرامى » . ْ 

وقال التقيب . . . ( ولككن الأوامر أن أتولى حراستك ‏ . 

وكان موسوليى قد وصل بباية السلى ى هذه اللحظة ومضى يعبر الطريق باتجاه 
سيارته . . . ثم قال و حسن . إذا كانت هذه أوامرك . والأفضل أن تأنى معى فى 
سيارق» . 

فرد الثقيب . . . ولا يا دوتشى . عليك أن تأ معى, . 

- ولكن هذا ثىء مضحك » ل يسبق لى أن سمعت ثله . 

إنه أمر يا دونشى . ْ 

وأشار الثقيب فيجنيرى إلى سيارة إسعاف . ولم يحاول موسوليى الاحتجاج 
أو المقاومة وإتما مضى إليها . وكان بابها الدلى مفتوحاً . وعندما وصل إليه ع 
تردد لحظة واحدة » فقد رأى فى داخخلها عدداً من الحنود المسلحين . وأمسلك النقيب 
بذراعه بلطف . وتقبل موسوليى الإيماءة على أنها مساعدة لا إرغام » وصعد إلى 
السيارة . وجلس موسوليى وقد أسدل قبعته على عينيه » وصعد دى سيزارى وراءه 
إلبها . واستقلها يعد ذلك ضابط آحر وثلاثة جنود من الكارنبييرى .وضابطان من 
رجال الشرطة بملابسهم الواضحة » يحملان مسدسين رشاشين . وأغلقت أبواب 
السيارة بعنف . ولم يدر فى خاطره حبى هذه اللحظة أنه قد اعتقل . 


من 76 يوليو 1447 حى 78 أغسطس ١941‏ 


د التاريخ غير الأسائذة » ولكن طلابه عن 
أسوأ العلاميل ‏ . 


خم الصمت على سيارة الإسعاف . وظل موسولينى جالساً فى هدوء نصف 
ساعة » والسيارة تقطع الشوارع » وهو مصدق لا قاله الثقيب ١‏ الكار بنييرىة من 
أمهم يتولون حمايته من مخطر الدهماء . وعندما توقفت السيارة فى الساعة السادسة فى 
باحة كنات ١‏ الكارنبييرى ٠»‏ ف و شارع كونيتينو سيلا :؛ نزل من السيارة وكأنه 
قل جاء إلى معسكر بودجورا فى جولة استكشافية متطلع؟ حوله » وقد اندفع فكد 
الأسفل . وانفرجت قدماه بعض الثىء ج ملقياً يجنحه إلى الأمام ؛ وواضعاً يديه 
على خاصنيه » فى نفس الوقفة الى اشتهر بها وأصبحت معروفة عند الناس 
كيجهه تماما . ْ 

عضو به إلى مطعم الضباط الذى لاحظ أن امنود يحيطون به مشرعى اللخراب . 
ثم خلفره وحيداً هناك . 

وكان أحد الضباط يجلس ف الغرفة انجاورة ؛ وهو يرقبه من شق الباب نصيف 
المفتوح » دون أن يحدثه . وانقضت ثلاثة أر باع الساعة ٠‏ وعادوا بعدها بموسولررى 
إلى سيارة الإسعاف ٠‏ الى سارت بسرعة هائلة حتى إن دى سيزارى احتج بأن 
أهتازها انخيف » سيضايق معدة الدوتشى المصابة . لكن موسولينى ظل هادتا : 
ومندما وصلت السيارة إلى كنات مرشحى ضباط « الكاربثديرى ؛: ى شارع 
ليجئانو » خخرج من السيارة ثانية دون أى احتجاج . وعمس دى سيزارى فى أذنه 
٠‏ بأن هذا العدد الضخم من الحنود المسلحين » ف الباحة » لم يكن إلا بقصد سحمابته 
ليس إلا » ولكنه رفض أن يصدقه . وعندما نحوا عنه دى سيزارى » ووضعوه فى 

لديف 


4 ؟ 
غرفة أخرى . تاركيه وحده فى مكتب القائد » كان لد يزال يؤمن بأن هذه الصفوف 
الطويلة من الخنود المدججين بالسلاح » فى أروقة البناءء إنما وضعت هناك لحمايته , 
لكن الدهشة مالبثت أن استبدت به » عندما رافقه أأحد الضباط وعدد من انود » 
إلى دورة المياه » محبث :ولو حراسة الباب » م عادوا يتبعونه إلى مكتب القائد . 

وقدموا إليه وجبة من الطعام » فرفضها » وكأنه يكاد يتقيأ من جرد رؤيئها . 
وبالرغم من أنه لم يشك من شىء ء [إد أنه بدا مريضا لاغاية » »حتى إن القائد ؛ 
. رأى أن من الخير استدعاء الطبيب للعناية به . ووصل الدكتور سانتيلو على الفور 
ووجده «فى منهى الشحوب الذى يشبه صفرة الموت » وقد انخفض نبضه إلى 
حد كبير 6 . وطلب حلاقاً » فجاءوا به . وبعد إن محلق له ذقنه » اعتذر بكثير 
من الخيرة غير المتوقعة » بأنه لا حمل مالا معه ليدفع له أجره » ولكنه سيذكره » 
سيجزيه ذات يوم على ما فعله . 

وأطفأ النور فى الحادية عشرة » وحاول أن ينام على السرير العسكرى الذي 
أمّنوه له . لكن النورالمنبعث من الغرفة المجاورة ضايقه . فقد كان ثمة ضابط يتولى 
مراقبته بدقة » دون أن يزعج نفسه سحبى بالرد على الحاتف الذى ظل -جرسه يرن 
بإصرار جنوى . 


. 


وتجمهر الناس فى شوارع رومة منذ الغسق فى جماعات صغيرة » يتناقلون 
آحر الشائعات . وامتلأت الشوارع والساحات العامة فى الساعة الحامسة بابلخنود 
المسلحين بالمدافع الرشاشة والمدفعية الحفيفة » ولم يصدق الناس التفسير شبه الرجمى 
بأن هؤلاء الحنود يستعدون لمقاومة عملية نزول لقوات الحلفاء من الحو » قد تقع فى 
أى لحظة ويقوم بها المظلون فى ضواسى العاصمة . ولم تكن أية أنباء عما دار ف 
اجماع المجلس الأعلى قد وصلت إلى ابلحماهير ولا إلى الصحافة + وكان كل ما عرفه 
الناس أن الاجماع قد طال سحبى الساعات المبكرة من الصباح . وأن قراراً فى منتهى 
الأعمية قد اتخذْ . وتوسعث الشائعات عندما جن الليل » وقد تكرت كلها “حول 


ا 
الدويّئئى . وقال بعض الئاس إنه قد مات . وقال آحرون إنه طار إلى ألانيا » 
بيها قال بعض ثالث إنه استتّال » ومضى إلى مسقبط رأسه فى رومانا . وعندما حلت 
الساعة الحادية عشرة إلا ربعا » وهو الموعد العادى لنشرة الأخبار » ووقفت 
الألوف من الناس حول أجهزة الراديو يصغون إلى البيانات المنتظرة » ظلت الإذاعة 
صامتة . وظل الناس ينتظرون بكثير من اللهفة . وكانت العادة أن تعزف الإذاعة 
بعض الاسطوانات فى حالة تأخر نشرة الأخبار عن موعدها » أما اليوم » فلا شىء 
إلا صرير الأأجهزة نفسها ء وأخيراً » سمعوا » بكثير من الإثارة » صوت المذيع 
الذى يعرفونه وهو يقول . . . 

١‏ قبل جلالة الملك الإمبراطور » استقالة » فخامة الشيفالييه بنيتو موسولرنى 
من رئاسة الحكومة ء ومن السكرتيرية العامة للدولة » واختار .جلالته خلفا له فى هذين 
المنصبين ماريشال إيطاليا » الشيفالييه بيئرو بادوليو . . . ؛ 


وكان هذا البيان كافيآً لكثيرين من المستمعين » ولم يعودوا تواقين إلى سماع 
المزيد . وانطلقت اللجماهير فى الشوارع تهت وترقص ويغتى . فقد سقط موسولينى : 
وأصبحت الحرب على وشلك اللهاية . وتبادل الئاس القبلات » وتشايكت أيلييم 2 
وهم يبرعون الشوارح جيثة وذهاباً » راكضين «هاتفين بالوجوه الى تطل علييم 
من النوافذ . . . بأن الفاشية قد انتبت . وانطلقت اللعنات تنصب على موسولينى » 
وكأن الناس قد تحولوا إلى أطفال يغلبهم الحماس» بعد أن سمح لم بالزعيق بعد 
صمت طويل فرض علهم . وهرع الكثيرون إلى قصر الكيرينالى » يحون الملك » 
بها مضت حشود أخرى إلى شارع 7١١‏ سبتمبر ٠»‏ تحب بادوليو . واقتحمت 
الجماهير الى أبها الحماس مكاتب ضيفة و المساجيرو 6» فقلب أفرادها ما فييا» 
رأساً على عقب » محطمين الأثاث » ومزقين الملفات ٠‏ يقذفون بأجهزة الماتف » 
رصور موسولينى من النوافذ . وراح الناس ينزعون الشارات الفاشية عن الأبنية 
الى يصلون إليها » وبمزقون شعاراتها عن صدور الحم الذين كانوا لا يزالون 
يحملونها . لكن بعضآ مهم ظل يحمل هذه الشعارات . وانطلق الأشرار يبحثون 
عن ضحايا للم » فلا يجدون أحدا . وبدا أن الناس قد تحولوا «جميعاً وسرعة 
البرق * إلى أعداء للفاشية . وكان سكورزا لا يزال ينتظر عبئاً رسالة من موسولينى » 


1مك 

لكن هذه الرسالة لم تصله ء فضى يائسا إلى مقر قيادة الحزب فى شارع كولونا . 
محيث أصدر الآمر بتعيثة جميع الفاشيين فى رومه . وراح يقول لسكرتيره المساعل : 
« هناك شىء يحدث . بأنا لا أعرفه بالضبط ع ولكن يساورثى إصاس داخلى 
بأن ما يحدث فى منتبى الحطورة 6 . ولكنه خاب فى مساعيه » كما خاب جاليبائى 
فى تعبثة الحرس الفاشى » إذ لم يلب النداء إلى أداء الواجب إلا خسون فاشياً » 
م يجدوا شيئاً يعملونه . 

وحطمت الحماهير منازل عدد من الفاشيين المعروفين » ولكلها لم تجد أحداً 
فها . وأشعلت النيران ى عدد من مكاتب المنظمات الفاشية » ولكها سرعان 
ما أخدت . واندفعت زمرة من المتظاهرين إلى قصر البندقية » يصرحون مطالبين 
بالرجل الذى ظل كابوساً متسلطاً عليهم عشرين عاماً » ولكلهم لم يحاولوا نحطم 
أقفال « قاعة الكرة الأرضية المغلقة 0 واكتفوا برفع علم أحمر . 

لكن .حوادث العنف ظلت محدودة » ولم يقتل فرد واحد بها » فقد كانث 
الحالة النفسية ناطقة بالفرح كد بالرغبة فى الانتقام . ورقصت الجماهير وكأنما فى 
عيد فى شارع ديل تريتوي وميدان كولونا وشارع تاسيونالى وبيدان « الشعب » » 
وكان الناس يتبادلون الهانى قائلين . . . « لقد مانت الفاشية» . وكان قولم 
صادقاً » فلم يضح إنسان واحد فى رومة فى تلك الليلة بروحه دفاعا عنها . 

لكن معفم الناس ٠‏ ظلوا قابعين فى بوهم » وقد نحم علييم «جوم حزين 
من خيبة الأمل . فبعد إذاعة تبأ استقالة موسولييى » سجاء بيان بادوليو يعلن أن 
الحرب ستستمر » وأن إيطاليا ستظل عخلصة إلى جانب حلفائها . لقد تعلقت 
آمالم بأكثر من هذا . وكان الألمان لا يزالون فى رومه . فقد تكون الحرب حرب 
موسولينى . ولكن لم يكن فى الإمكان إنهاؤها بعد . فالحيش الألمانى ما زال مسيطراً 
على معظ أرجاء إيطاليا » وكانت الأوامر قد صدرت عن القيادة الألمانية بتشديد 
هذه السيطرة وهكذا ل يعد هناك أمل يعد فى الصلح . 

وكان هناك أيضياً كثيرون لا يزالون يذكرون أن غالبية هؤلاء الناس الذين 
برقصون وييزجون فى الشوارع. متغلين بسقوط مرسولينى بمثل هذا الفرح الطاغى ؛ 
كانوا بملأون الأجواء » من قبل ببتافاهم المجنونة 9 دوتشى » دوتشى > دوتشى 4 » 


بذك 
وكانوا بهتفون معلنين ولاعهم له حى الموت . وبدا أن هناك شخصاً واحداً فقط 
من مجميع أولتك الذين كانو يتظاهرون لموسولينى بالولاء والإخلاص ٠‏ يريد أن 
يظهر صدق ولاثه وثباته على مبدئه . 

لقد استقال الدوتشى ؛ . .. هذا ما كتبه مانيليو مورجاجى عضو مجلس 
الشووخ فى ورقة صغيرة خلفها على مكتبه . . . ٠‏ وقد اننبت حياق . عاش الدوتشى » 
ثم أطلق النار على رأسه منتحراً ه 


0 


وكان المللك يذرع ممرات حدائق قصره » بجيثه وذهابآً » متحدثاً بكثير من 
لمرح إلى أحد ضباط أركانه عن اجمّاع اللجلس الأعلى وعن اعتقال موسولينى . 
لكن الملكة لم تكن راضية » وكانت تقول متلعرة . . . و كان فى وسعهم أن 
يعتقلره مبى شاءوا وأنى أرادوا » ولكن كان عليبم ألا يفعلوا ذلك هنا » فقد كان 
ضيفنا . إن قوانين الضيافة تعرضت لأبشع اننباك . وهذا شى ء محجل ومعيب 1(6). 
وكانت الملكة قد رأت فى موسولينى عندما التقت به أول مرة إنساناً سرقبنًا ومتبذلاء 
ولكها سرعان ما بدأت تعجب به » ولذا فقد أصيت فى صمم فؤادها بالأمى 
والأسف على سقوطه الفجائى العنيف . 


5 


دخل المقدم شيريكو فى الساعة الواحدة صباحا مكتب قائد معسكر فيكتور 
مانوئيل الثانى » وبادر موسولييى قائلا . . . «وصل ارال فيرونى » حمل 
إليك رسالة سس الماريشال بادول ]. 


(1) أعرب الأمرد أوببرتو ولى العهد أيضاً عن استيائه من الطريقة الى اتبمها المسكريون من 


اجخثر الات الآين تطرف بعضهم فيا بعد فاقترح إعدام الدوتشى فوراً » وادعى الأمير أنه عارض هذا الاقتراج 
يمتبى الشدة والإصرار . م المؤلف ه 


14 


وبض موسوليى من السرير العسكرى » ومضى إلى الغرفة المجاورة » حيث 
وعد المبرال فيرو يضع على وجهه كما وصفه « قناع أنيقً غريباً » . وسلم إليه 
الخترال وهو ضابط ركن فى وزارة الحربية رسالة من الماريشال بادوليو . وتطلع 
موسوليى إل ذائره قبل أن يقرأ الرسالة وقال . . . 0 أظن أنتا التقينا من قبل يا مجئرال » 
ألبس كذلك ؟, 

وكان فيروى قد قاد بالفعل فرقة فى ألبانيا »ء حيث قدام إلى موسولينى ذات 
يوم . لكن القابلة كانت عاجلة . وبدا الدوتشى ٠»‏ الدى ظن اللترال أنه ننهى 
هله المقابلة » غير مكثرث به على الإطلاق يوم المقابلة . . . 

ورد فيرو قائلا ببرود . . . أجل » تقابلنا فى ألبانيا . ٠‏ 

وقال موسوليى : وقد فتح عينيه متظاهراً بالدهشة من أن يكون فيرونى قد تلكر 
المقابلة » مرحي له ٠‏ قا كان نابوليون يود أن يفعل دائماً » بأن ذاكرته قوية فى 
مثل هذه الأمور . . . ه صدقت يا جرال ؛ صدقت . ولا تنس ألنى كنت دائماً 
أقدرك كل التقدير ؛ . 

وعاد بأنظاره إلى الرسالة فقرأ فيها . . . 

١‏ إلى فخامة الشيفالبيه بنيتو موسولينى . يود رئيس ال حكومة الموقم على هذه 
الرسالة أن يؤكد لفخامتك » أن ما اتخذ من إجراءات إنما كان بقصد ضهان 
سلامتك ليس إلا » بعد توارد المعلومات الموثوقة من جهات عدة + بأن هنااه 
مؤامرات خطيرة تدبر على حيائك . وهو يود أن يؤكد لك » أله سيصدر أوامنن » 
بأن نصحبك حراسة كافية وأمينة » مع فائق الاحترام » إلى المكان الدى تريد . 

التوقيع . رئيس الحكومة ‏ الماريشال بيترو بادوليو ؛ . 

ورفع مسوليى عينيه إلى فيروثى » الذى سأله عن المكان الذى يرد أن 
قصلم . 

ورد موسولبى بشىء من الازدراء المتكبر » أن ليس من شأنه أن يختار . 
فلبس له بيت يملكه » وسيكون ضيقاً فى كل مكان يذهب إليه . 

واقترح فيرنى عليه أن يذهب إلى روكاديل كاميئاق » وبدا أن هذا 
الاقتراح قد أفرح موسولينى . وقال إنه لم يقْرح المكان بنفسه لأنه لم يكن يعتبر 
هذا القصرالريى ملكا شخصيا له ء بل ملكا لرئيس الحكومة . وطلب إلى فيرو 


4 
أن ينقل رغبته هذه إلى اماريشال بادولبو فى رسالة أملاها عليه ببطء » هذا 
نصها . 

95 يوليو 1447 . الساعة الواحدة صباحا . (وبدأ بلهجة فيها الكثير 
من الرقار المدروس » أراد منها أن يضنى على ملاحظاته العادية إحساساً من الإخام 
السماوى والمصيز ) . أولا > . . أشكر للماريشال بادوليى اههامه بسلامبى الشخصية . 
ثانيا . . . إن المسكن الوحيد الموجود تحت تصق هو روكاديل كاميئاق ٠»‏ وإفى 
لعلى استعداد للذهاب إليه فى أى وقت . ثالث ... أود أن أؤكد للماريشال 
بادوليى ء متذكراً عملنا معآ فى الأيام الماضية » أنه لن يجد متاعب من ناحيى » 
إذ سأتعائ معه فى كل صورة من الصور . رابعاً . . . إفى سعيد بالقرار الذى 
اتخذتموه بمواصلة الحرب مع حلفائنا . لآن شرف البلاد ومصلحتها يتطابان ذلك . 
وإف لأرجو من صمم القلب ؛ أن يكلل الله بالنجاح العمل الخطير الذى تحمل 
الماريشال بادوليو أعباءه » باسم صاحب الخلالة الملك » وبأمره » وهو من كنت 
خادمه الأمين طيلة عشرين عا ؛ وسأظل كذلك ما بى من حياق » . 

وانبى من إملاء هذا الكئاب الذليل » ثم طلب أن يقرأه . وراح يوقع ى ذيل 
الصفحة بقلم أزرق . . . ١‏ عاشت إيطاليا . موسوليى 7" 4 . 

وغادر الحترال فيرونى المكان » وعاد مرسوليى إلى سريره فى الغرفة الصغيرة 
الغارية . وظل النوم بعيداً عن جفنيه مدة طويلة » ولكنه أغى إغفاءة عميقة 
قبيل الفجر . ْ 

وانقضى اليوم التالى بطوله تقريباً وهو فى هذه الغرفة مستلقيآ معظم الوقت على 
السرير » مع فيرات يقف فيها إلى النافلة » ليتطلع إلى السيارات وهى تدخخل 
وتخرج إلى ساحة التكنة تحته » وإلى مرشحى الضباط وهم يسيرون أمام السور 
الذى كتبت عليه نحروف بيضاء كبيرة العبارات الى كانت تؤلف الشعار الرمزى 
لعهده وهى . .  .‏ الإعمان والطاعة والنضال » . 

وكان فى منهى الدماثة مع ( سجائيه ) ؛ (راغياً» ما تصور أحدم 6 

. هند ها نشرت الرسالة قال عطر إِمْا مزورة » وإن ترويرها يبدى من صيغبا الضعيفة‎ )١( 
' » كن تلت أنيعها ل ابه تس ه. ْ د المؤلف‎ 


1 
فى «تحبيب نفسه إليبم عن طريق إطاعة كل طلب يوجه إليه . وقد أقل' من 
الأكل » ولى يدعن أبدا ؛ . وعندما جاءه الدكتور سانيياو ثائية ليسأله إذا كان 
فى حاجة إلى أى شىء » رد عليه بمنهى الإجلال قائلا .. . ١‏ بعض معجون 
الأسنان . ونعلا أرتاح إليه » . وقال الضابط الذى أوكلت إليه حراسته إنه كان 
ذ مستسلماً وهادثاً » . وقد اعترف فيا بعد لراشيل » أنه أدرك أخيراً أنه سجين » 
أنه بعد واحد وعشرين عام من السلطان » فقد كل شىء فى يوم واحد . 
وراح يقول للدكنور سانييلو . . . د إن الديكتاتورين لا مببطون عمحض اختيارهم . 
بل علبهم أن يسقطوا مرة واحدة . لكن سقوطهم لا يسعد أحداً : 5 

سمح له فى اليوم التالى بزيارة دى سيزارى فى غرفة مجاورة . وجلس الرجلان 
على السرنر يتحدثان » ويحتسيان أقداحاً متتابعة من الشاى الذى حملته إليهما 
زوجة القائد . وق الساعة السابعة » كان موسوليى يتطلع من النافلة » فرأى 
فصيلتين [حداهما من جنود « الكاربنييرى ؛ والأخرى من شرطة المدينة» يدخلان 
ساحة اللكنة »ء ويقفان إلى جانب مجموعة من السيارات الشاحنة . ولم تمش 
ساعة » حتى كانت سيارات أخرى تفد إلى الساحة » وفيبا عدد من الضباط . 
وأثارت هذه الحركة اللاعادية فضنول الضباط المرشحين فراحوا يطلون من النوافل ع 
ومن الشرفات: ., وقد أستبدت بهم الإثارة . 

وهتف أحد الضباط صارخاً ... ٠‏ إلى الداخل جميعاً . . . إلى الداخخل ! 
وأغلقوا نوافذ كم نز . 

ولمى يمض طويل وقت حبى جاءه الضابط يقول . . . « صدر الآمر 
بالحركة 4 . ومضى معه يببطان الدرج إلى سيارة واقفة فى الانتظار . ودخل موسوليق 
إلى المقعد الى يتبعه رجل قدم نفسه باسم العميد ( البريجادير ) » بوليتى ٠‏ رئيس 
الشرطة العسكرية . وحرجث السيارة مسرعة من الذكنة تسبقها دراجة نارية يستقلها 
أحد الحنود » لإعطاء الأمر لحنود « الكارنببيرى 6 اللين يتولون حراسة منافذ 
الطرق » للسماح للسيارة بالمرور دون توقف . وكافت ستائر السيارة مسدلة » ولكن 
موسوليى رأى من شقوقها مستشى « الروح المقدسة » » فأدرك أنهم لا بمضون به 
فى الطريق إلى روكاديل كامنياق » عبر شارح فلامينيا » وإثما يتجهون به 


25 
جنوياً نحو شارع آبيا . وعندما وصلت السيارة » البانو » تحققت مخاوفه . 

وراح يسأل مرافقه . . . إلى أين نحن ذاهبون ؟ 

جنوباً . 

إذن نحن لا نقصد روكاديل 'كامنياق . 

جاءنا أمر آخر . 

ومن أنت © كنت أعرف مفتشاً فى البولبس يدعى بوليتو . 

إنه أنا . 

- وكيف أصبحت جترالا ؟ 

أعطونى رتبة عسكرية ممائلة . 

وكان سافيريو بوليتى على حد قول موسوليى «قد قام بعمليات رائعة فى ٠‏ 
سنوات حكمه ؛ . وراح يتحدث عنها الآن » وعن إلقائه القبض على سيزارى 
روسى الرئيس السابق للدائرة الصحفية الفاشية الذى اعتقل بعد مصرع ماتيوق . 
وعن قضائه على عصابة بنيتور فى سردينيا . وظل بوليتى » والسيارة تنبب الأرض 
فى الطريق و الابيى 6 عبر فيليترى وسيستيرنا وتيراسينا » يدخن باستمرار » ويسلى 
موسوليى بحديث حماسى » عن تفاصيل مغامراته ء وعن أسماء الجرمين الذين 
عرفهم . وبعد انتصاف الليل يقليل ء خففت السيارة من سرعها » وفتح ارال 
بوليتو الحاجز الزجاجى الذى يففصلهما عن السائق وقال . . « أين وصلنا ؟ » 

على مقربة من جاييتا . 

وأحس موسوليى لدى سماعه بالاسم باعتزاز مؤلم . فقد بدأت الصورة تبدو 
أمامه » وكأنه شخصية ١‏ تراجيدية ) من شخصيات التاريخ . وأصيحت هذه 
الصورة الى 'ابندعها ليعوض بها لنفسه عن سقوطه من عليائه » كابوساً يتسلط 
عليه » وبات يرى فى مصيره » العكاساً لمصائر أولئك العظماء الذين انهوا 
كهايته ‏ ورأى فى نباية يوليوس قيصر ونابوليون بل ى تهاية السيد المسيح ما يشبه 
مهايته هو. وسرعان ما رأى صورة تلك القلعة الضخمة البى تشرف على ميناء جاييتا » 
فعرى نفسه بأن البابا لويس الناسع كان قد بحا إلى هذه القلعة فى عام 1848 » 
وأن مازيى نفسه » سجن فيها فى عام 187١‏ . وقال لصحى سويسرى قابله فى 


1م" 


العام التالى . . . « وخيل إلى » أن نفس المصير ينتظرفى . وقد اقتنعت بهذه 
الفكرة » حتى إفى رحت أسأل حارسى المفتش بوليتؤ » عما إذا كنت. سأحظى 
بشرف الترولك ف نفس الزنزانة الى ضمت يطل بعثنا العظم مازيى ؛ , 

فرد بوليتو باقتضاب ؛ (لا .لم نقرر بعد . 

وتوقفت السيارة » وافرب مها ضابط بحرى يلوح بمصباح فى يده . وقد بددت 
التعلمات الى أصدرها أمل موسولينى فى أن يشترك مع مازيى فى مسرح 
استشباده . فقد أشار الضابط إلى الأرصفة » مولنآ بمنبى السخرية المقر 5 
الى سبقم فيه السجين وهو « رصيف تشيانو » . ا 


6 


كان أميرال المفخرة فرانكو موجيرى » رئيس الخابرات البحرية » قد تللى 
فى الساعة الحامسة من بعد ظهر ذلك اليوم رسالة عاجلة من مدير مكتب وزير 
البحرية ٠‏ يأمره فيها بأن يكون على استعداد للقيام ؛ بواجب صغير من واجبات 
الحراسة » . فقد كان عليه أن يمضى بسيارته إلى جابيتا حيث تقف السفينة الخربية 
الصغيرة. « بير سيفو 6 منتظرة على رصيف كونستانزو تشيانو . ولم تمض ساعتان 
حبى كان يتلق الأمر التفصيل من ابلترال سيريكا . فسيغادر موسوليى مصحوباً 
بالحترال بوليتو والعقيد بيلاجى وبعض الحرس مدينة رومة فى تلك الليلة إلى جابيتا . 
وكان الأمر الذى تلقاه موجيرى أن يقابله هناك » وأن يحمله “على ظهر السفينة 
« بير سيفينى ؛ ثم يصدر أوامره إلى قبطانمها تازارى بالإيحار إلى فينتوتييى » . الحزيرة 
الثى تقع على بعد ثلاثين ميلا إلى الحنوب . وعلى الأميرال أن خرص كل الترص 
على ألا يعرف أحد هوية السجين حتى تكون السفيئة قد أصبحته فى عرض البحر . 
وكان عليه أن يذكر لتازارى وضباطه فى مقر قيادة جاييتا البحرية أنه ذشخصية 
مهمة » مهم فى قضية خطيرة من قضايا الحاسوسية » . 

ووصل موجيرى إلى جايينا فى الساعة الحادية عشرة إلا ربعاً » وظل أكار 
من ثلاث ساعات يتنظر وصول السجين من رومة » من غرفة القيطان فى السفينة 


18 
أولا . ثم على الرصيف حيث ظل يسير جيثة وذهابا » يدخخن السيجارة تلو السبيجارة» 
متحدثا إلى الضباط البحريين الأخرين الذين اعتقد أحدم أن الأمبرال على موعد 
فى البحر للتحدث إلى المبعوثين الإنجليز والأمريكيين فى احيّال إعلان الهدنة , 
وبعد الساعة الثانية من الصباح بقليل » شاهد موجيرو أضواء ثلاث سيارات 
بط الطريق مسرعة من فورميا . 

وقد وصف موجيرى فق كتابه « موسوليى قال لى 4ه ء كيف أن السيارة 
الأمامية اقتر بت منه لتقف على بعد بضع ياردات من السام المؤدى إلى السفينة 
الحربية . يخرج المقدم بيلاجى من رجالك «الكارنبييرى » من السيارة » ثم 
مئى عبر الرصيف » متقدما من الأمبرال . ونزل الخارال بوليتو من السيارة الثانية 
ثم هبط موسوليى أيضاً على الرصيف . وأدى موجيرى التحية » والتقت عيناه بعينى 
موسوليبى الكبيرتين وهما تدنوان منه « وتيرقان فى هذه الظلمة المللهمة » , 

وقاد الأميرال موجيرى الموكب نحو السفيئة » يتبعه بوليتو فالمقدم بيلاجى . 
ثم ضابط من الكاربنييري ٠‏ أوصل مموسولينى حبى باب جناح القبطان تازارى . 
وعندما توقف موسوليى أمام مرسمة الضغط يقرؤها » عاد موجيرى إلى الرصيف » 
حيث وجد الضابط البحرى المساعد فى السفينة يصدر تعلمانه إلى حراس موسوليى 
وم ستة من جنود « الكاربنييرى ؛ المدججين بالأسلحة الرشاشة . 

ورفعت السفينة مراسيها وأقلعت مخلفة جابيتا وراءها . وكان هناك عطل فى 
محرك اللحانب الأيعن من السفينة » ولكنه دار على أى حال ٠‏ قاذفاً بسحابة كبيرة من 
الدخان استمرت طيلة البحلة . ْ 

كانت الرؤية سيئة » وكان نمة ربح حمسينية ضعيفة . وكان الحو حارًا 
للغاية والرطوبة شديدة . والسحب خفيضة . وقد سر موجيرى من العودة إلى البحر 
ثانية » ولكنه تذكر أنه فكر آثذاك » فى أنه لو تعرضت السفينة لمجوم من الطائرات 
أو الغواصات » فإن القضية لن تكون سبلة أو مزاحا . 

وخفف القبطان تازارى من سرعة السفينة قبل وصوها إلى فينتوتيبى ٠‏ وعكس 
انجاهها انتظاراً لطلوع الفجر . وعندما بلغت الساعة الخامسة والريع » ألقى ' 
بمراسيها على بعد بضع مثئات من الياردات من الساحل . ْ 


14 

وظل البحارة فى مراكزه, » بيما نزل الحرال بوليتو إلى الساحل » ليكتشف 
إذا كانت الخزيرة صالحة لإقامة موسولييى فى منفاه . وراقبه الأميرال موجيرى وهو 
يصعد إلى الزورق البخارى التابع للسفيئة » ثم نزل ثانية » ليتأكد من « أن كل 
شىء على 5 يرام ) : 

وعضى موجيرى قائلا « ودفعبى أيضاً إحساس من الفضول » فدخلت القمرة » 
ورفع موسولينى عينيه الكبيرتين يتطلع إلى عينى ,أنا أقول » يا صاحب الفخامة 
- وهل يمكن للمرء أن بدعوه بلقب آخر أتريد شيثاً » مشروباً ساخناً » أو قددحاً 
من القهوة » . 

ورفض موسوليى القهوة » وقال إن كل ما يبغيه هو بعض المعلومات . إنه 
يريد أن يعرف مساحة فيذتوتييى . 

وأبلغه الأميرال كل ما تعيه ذاكرته » ثم طلب كتاب الخرائط . . . 

وقال موسوليى مبتسماً . . . آه » إنها جزيرة صغيرة . 

وأدرك موجيرى أنه يفكر بإلبا وسنت هيلاله . وعادت أفكار الأميرال نفسه 
إلى نابوليون . وتطلع إلى موسوليى بشىء من الإشفاق ثم لاحظ وكأنه يراه لأول 
مرة . . . (إنه يبدو كجثة . فقد نحل كثيراً » . 

وقطع عليه موسوليبى حبل أفكاره يقول . . . ١‏ أهذه السفينة * فرقيطة "4 ؟ . 
وشرعا يتحدثان عن الحرب فى البحر » وعن التفوق التقنى للأسطول البريطانى » 
والمعارك الى شبدها موجيرى . وسار الحديث بِينهما سبلا رضيًا على حد تعبير 
الأميرال . فقد تحدثا عن الأمريكان والفرنسيين «البابانيين وأساطيلهم البحرية » 
وعن طريقة ال حياة فى كل من أمريكا واليابان . 

وقال موسوليى إنه رأى مؤخراً شريطا سيئائياً عن مدرسة طيران بابانية . وقد 
لاحظ أن اليابانيين أطول بكثير مما يعتقده الناس » وراح يسأل موجيرى عما إذا 
كان يعرف السبب . 

وقال الأميرال إنه يظن أن هذا نائى” عن ولعهم بالرياضة وعن تزاوجهم مع 
الروس والكوريين . 

وعلق موسوليى قائلا . . . أطفالم فى منتهى الحمال » فقد أبلغته هذا ابنته 
الى زارت اليابان . 


ل 

وعاد الحديث إلى أمربكا و إلى قدرتها على استيعاب هذا العدد الضحُم من 
الأجناس البشرية وامتصاصها . وعادت الحياة إلى وجه موسولبى وهو يتحدث » 
وعاد الألق إلى محياه » محيث بدا فى غاية المرح عندما عاد بوليتو , 

وقال بوليتو إن فينتوتيى لا تصلح مكاناً لاعتقال موسولينى » إذ أن قائد 
الشرطة فى اللحزيرة عزوف عن التعاون + "كما أن فى الحزيرة حامية ألمانية . وأصدر 
الأميرال موجيرى على الفور أوامره بأن تقلع السفيئة بيرسيفونى إلى بونزا الى تيعد 
خسة وعشرين ميلا إلى الشمال الغربى » حيث رست إلى مرفئها بعد الظهر . 

وكتب موسوليى ٠‏ خالطا كعادته بين الفضول الطبيعى عند سكان الحزيرة 
وهم يرون سفيئة حربية تصل إلى جزيرهم وبين إحساسهم البالغ فيه يتمييز 
أهمية الشخصية الى تحملها السفينة يقول . . . ١‏ ويحافز لا يمكن إيضاحه » امتلأت 
النوافذ والشرفات فجأة برجال ونساء مسلحين بالمناظير يرقبون السفينة وهمى تدنو من 
الشاطئ . وعرفت الحخزيرة كلها بوصولى فى سرعة البرق الحاطيف» . 

وكان بيترو لينى أحد الرجال الذين كانوا يطلون على السفينة ار بية وهى 
تدخل اليناء . وقد عاد نيى بذاكرته إلى ثلائين عاماً مضت عندما كان مع 
مولن ستعنا ق. فورل .. انا صديقين فى. تلك الآيام + .عننها لكر تي 
ذلك أحس فجأة بموجة من العطف تساوره . وقد وقف إلى جائبه رجل آخخر من 
أعداء الفاشية هو زانيبفى » وقد اشيرك مع رفيقه فى إشفاقه على المنى الحديد . 

وقال زانيبوي وهو يرى وجه موسوليى الشاحب فى القارب.. . . ة لن أمضى 
بعد البوم فى نزهبى المعتادة سائراً على أقدائى » فأنا لا أريد أن أجازف بالتشاجر مع 
رجل طم 1 

وأحس موسوليى بالرهبة وهو يرى عشرات الناس فى الميناء وعلى الرصيف 
يتطلعون إلى الزورق البخارى الذى سيستقله وهو يدنو من الشاطى . وأحس كما ذكر 
فيا بعد بشىء من القلق والفزع عمافة أن يروه يببط الشاطئ“ كسجين فطلب مقابلة 
الأميرال موجيرى . 

وكان الأميرال يدخن سيجارته على ظهر السفيئة » فتزل تلبية لطلب موسوليقى 
ووجده « هائجا إلغاية » » وإن كان يبذل جهده للتظاهر بالهدوء . 


"4 

وقال موسولييبى ...دلا أريد التزول فى وضح الهار . . . أجل لا أريد أن 
يراف الناس ... لم كل هذا الإزعاج الذى لا داعى له أيها الأميرال ؛؟ فنذ 
يوم الأحد الماضى وهو معزول عن الناس تماماً . إنه لم يتلق أنباء عن أسرته . 
ولم تكن لديه إلا الملابس الى يرتديها . وأشار إلى الرسالة الى بعث بها إليه بادوليو 
وابى تحدثت عن مؤامرة خطيرة تحالك ضده . 

وذكر مرجيرى أن الأوامر قد صدرت إليه بمرافقته لأن البحرية اعتبرت أن 
من الواجب أن يكون مصحوياً بضابط ذى رتبة عالية فى رحلته . ولكنه لا يملك 
صلاحيات للرد على ما يشكو منه . 

' وأصر موسولينى بصوت أكثر هدوءاً بل حمل طابع التوسل على أن المعاملة “كانت 
على أى حال غير كريمة . وقد تترك آثاراً فى منتبى الحطورة . بل لعلها تسبب آثاراً 
سيئة » إذ أن هتلر وى لأصدقائه . 

وواصل حديئه على هذه الصورةٍ بعض الوقت . وكلما طال حديثه هدأت 
حدته وف قلقه . وسرعان ما عاد الحديث بينهما إلى الحرب و إلى ما خلفه سقوطه 
من انطباعات فى ألمانيا وإنجلترا . . . 

وأراد موسوليى أن يعرف إذا كان تشرشل قد قسا علبه » وأعرب عن رأيه فى 
أن المشاعر ضده شخصيًا فى إنجلرا فى منتهى العنف . 

ولم يرد مرجيرى على السؤال مباشرة ٠‏ وإنما تحدث بصورة عامة عن 
١‏ التعليقات الألمانية الحالية من العاطفة ؛ وعن ١‏ اتجاهات الدعاية الإنجليزية » الى 
كانت تنصح الإيطاليين بطرد الآلمان من بلاددم إذا أرادوا صلحاً شريفاً . واقترح 
أخيراً أن يصعد إلى ظهر السفينة » عندما يحين وقت نزوله إلى الشاطئ؛ . وكات 
بوليتو قد عاد إلى السفينة بعد جولة استطلاعية قام بها فى الحزيرة حيث أصدر 
أوامره بإعداد منزل فى قرية ا سانتا ماريا» لإقامة و شخصية عظيمة ») . 

ومضى موسوليى إلى سور السفينة » وقد أسدل قبعته كعاذته فى هذه الأيام 
على عينيه . وتطلع بأنظاره إلى الحزيرة » وسأل عن البيت الذى سيحل فيه . 
ودلوه على بيت منعزل أصفر اللون » قاتم الهيثة يتألف من ثلاث طبقات . ودرفات 


4 
نوإفذه خضراء يطل على خليج صغير يقوم بين حكرتين كبيرتين . وقد اصطفت 
أمام المنزل عدة قوارب شراعية . وعند ما شرح أحدهم فى وصف المتزل له » 
قاطعه بثبىء من الغضب قائلا . . . : فهمت . إنه ذلك البيث الصغير أمام القوارب 
الشراعية وذو النوافذ الحضراء 4 . 

ولم يذكر له أحد » أن هذا البيت كان السجن الذى أقام فيه الرأس [إيمرو 
الزعم الوطرى الحيثى . 

وغلبه اليأس ؛ لكنه أخنى وجهه وراء قبعته » قبل أن يرتى سلم الحبال ليببط 
عليه إلى الزورق . وانفجر فجأة محتجنًا بصورة بدا فبها كالطفل الغاضب . وقد 
استدار لعسك بسور السفينة .. . ولا أريد الذهاب » لا أريد أن يعرف اللجميع 
ماذا حدث ) . ولكن غضبه مرعان ما زال كنا جاء » وراح يودع الأميرال موجيرى 
ببدوه وهو يقول له بصوت عال » لا ضرورة له » ثما حمل البحار الواقف على 
عقربة على الظن بأن هذه الكلمات موجهة إليه . . . : أرجو أن تنقل إليهم ما قلته 
لك و . 

ولاحظ موجيرى ٠‏ أنه ابتسم ابتسامة حزيئة » وهو يحبى الجميع بالتحية 
الرومانية . واقتعد مكانه فى الزورق وإلى جانبه حراسه من الكارنبييرى . وابتعد 
الزورق به عن السفيئة بيها ظل البحارة واجمين فى أماكهم . 

وكانت الساعة العاشرة عندما نزل موسوليى إلى ساحل سائتا ماريا فى جزيرة 
بونزا . وقبل أن يصعد الطريق إلى البيت استدار إلى البحر » وظل يتطلع إلى الأفق 

وقال فجأة . . . أنا منبك القوى » وأريد سريراً أستريح عليه . 

وكانت غرفة النوم حديثة عهد بالطراشة » وقد بدت بجدراما الغريبة الشكل » 
والمغسلة « العادية » فى داخخلها توحى بالا نطباع الحتمى بأمها زنزانة فى سجن . 
وكان الأثاث الوحيد سريراً من الحديد » ومنضدة خشبية قذرة » خدشتها المدى » 
ومقعداً مهلهلا خرجث حشيته من قاعدته . وعاوده الغضب الناشى” عن اليأس 
الذى أحس به وهو على ظهر السفينة الحربية عندما رأى هله الغرفة المهجورة 
الحالية من كل مسائل الراحة » وقال وهو يضم قبضته » مستديراً إلى النافذة ليحمل 


لف 

المقعد الموجود فى وسط الغرفة . . . و شبعت من "كل هذا . وجلس إلى المقعد» 
“م أغرق وجهه فى راحتيه . 

ودخل الغرفة الرقيب مارينى من قوة جزيرة بوئزا » وكان واقفاً فى مدسخلها 
يشبد هذا المظهر بشىء من الارتباك » ثم أدى التحية الرومانية وظل واففاً وقفة 
استعداد . وأراد أن يقول شيئاً » ولكن الكلمات وقفت فى حلقه . وكان بادى 
العصبية ومفتقراً إلى الثقة بنفسه مما أدى إلى أن يغير موسولينى حالته النفسية فوراً . 
ونبض من مقعده . وأمسك بالرقيب من منكبيه » ثم قال له بلهجة مسرحية : . 
١‏ تشجع » فأنا أعرف مشاعرك » . 

وقال الرقيب : لم نكن نعرف يا صاحب الفخامة أنك قادم إلى بوثزا » 
إذ لم يبلغينى ذلك إلا قبل نصف ساعة . 

لا بأس »ء لا تنزعج . 

- كي كنت أرغب فى أن أراك فى الماضى ٠‏ لأحدثك عن أشياء كثيرة . 

والآن وقد قابلتتى » فلم يعد يمك هذا كثيراً . 

ومغى الرقيب من الغرفة ليبحث عن الفراش وبعض الأغطية » وعندما عاد 
كانت ثرافقه زوجة أحد رجاله » وقد حملت وعاء من الحساء » وبيضة وبعض 
البازلاء . وكان موسولينى مستلقيآ على حديد السرير » وقد وضع جاكيتته كوسادة 
تحترأسه . وبدا مجهداً نعباً . ولكنه أحس بشىء من التحسن بعد أن تناول الطعام » 
واستطاع بعد ذلك أن يتحدث بشىء من الحيوية المعروفة عنه إلى بعض الصيادين 
الذين جاءوا لزيارته وقد حملوا إليه هدية من السرطان الببحرى ( أبو جلمبو) . 

وكان اليوم التالى » التاسع والعشرون من يوليو» عيد ميلاده . وكان يجلس » 
مرئدياً بدلته الزرقاء الى فقدت هندامها » إلى النافذة » عندما دحل عليه الرقيب 
ماريبى حاملا أربع خونحات . 

وقال موسوليبى ... إنك فى منبى اللطف يا رقيب ٠»‏ وإف لآمل ٠‏ أن 
لا يعبى هذا أن الناس سيفتقرون إلى الفاكهة . 

لا الا. 

إذن فسا كلها اليوم وغداً . 


نا 
وجاءه ق الصباح » عدد من الصيادين وبعض جنود الكارنبيبرى يتمنون 
أ4 عيدا سعيداً 6 وحمل إليه أحد الضباط بعد الظهر برقية هذا نصبها ... 


دأبها الدوتئى . 

أبعث إليك أنا وزوجى بأحر تمنياتنا وأصدقها فى عيد ميلادك . وبالرغثم من 
أن الظروف قد حالت بينى وبين النجىء إلى رومة » "كما كان مقرراً لأقدم إليك 
تمثالا لفريدريك الكبير » وأحر تبانثى » فإن المشاعر الى أعرب لك عنها اليوم » 
مؤكداً صداقتنا الأخوية وتضامننا هى فى منهى الصدق والودء أما عملك كريجل 
دولة » فسيعيش فى تاربيخ أمتينا » وقد شاء هما القدر أن تسيرا جنا إلى جنب نحو 
مصير مشترله . وأود أن أقول لك » إن أفكارنا معك دائماً 2 كما أود أن أشكرك على 
حسن وفادتك وكريم ضيافتك إلى فى الماضى » وأعود فأقول وأنا أنهى برقيى إليك » 
بزعان صادق بأننى المخلص لك . 


وكانت هذه هى الرسالة الوحيدة الى تلقاها من البر الإيطالى . 

وروي ماكتزن لالفييرى أن هتلر كان ١‏ يغلى من الغضب على الملك وعلى 
بادوليو » لأنه لم يستطع أن يعرف المكان الذي يوجد فيه موسوليى » . وحاول أن 
يكتشف مكانه » فأوعز إليه كسفير له » أن يطلب مقايلة الملك وأن يطلب إذناً 
بزيارة موسوليى . ولكن بادوليو رد متأسفاً بأنه ٠‏ لا يستطيع أن ينفذ له هذه الرغبة 
لمصلحة موسوليى نه عسمه وأن يسمح له بزيارته ٠‏ وأضاف أنه على أى حال 9 مستعد 
لأن ينقل إليه الرسائل الى يريد سعادة السفير إرسالها إليه » وأن يحمل إليه » 
ردوده عليها ؛ . وقرر هتلر على الأثر أن يبعث إلى موسوليى بطبعة رائعة -جميلة 
ومجلدة من مؤلفات نيتشه!!! , 


(1) فريدريك ويلهلم نيتشه ( 1844 )١400-‏ - فيلسوف أمافى» يمت إى أسرة بوونية. 
عريقة ء أصبح أستاذا فى جامعة بال وهو فى الرابعة والعشرين . أصيب بالهنون فى أخريات أيامه . 
تقوم فلسفته على اعتبار الإنسانية مؤلفة من طرازين يمختلف أحدهها عن الآخعر » هما طراز الأقوياء 
والشعفاء » أو السادة والعبيد أو النيلاء والدهماء . و يقوم السراع بِينهما على أساس الأخلاق الى يؤيد قوتهاء 
إذ حمل عل المسيسية لأنها تدعو كما قال - لأخلاق العبيد . المعرب » 


1 
ولكن الكتب لم تصل إلى موسوليى وهو فى بونزا » ولذا فقد قضى وقته فى 
المزيرة يرجم « أغنية البرابرة » لكاردوثى :عمدةعون0١)‏ إلى الألمانية وى قراءة 
كتاب جيوسيى ريكيوق 00 موده قنك 5١‏ ) عن -حياة السيد المسيح ؛ وهو 
الكتاب الذى أعطاه فها بعد إلى كاهن الحزيرة بعد أن وشناه بتعليقاته التى تشير 
إلى الراحة الى أحس بها من وجه التشابه المدهش بين مصبره ومصير السيد المسيح . 
وكان قد شرع ف التعليق على الكتاب قبل اعتقاله » ويتضح من تعليقاته الى 
كتبها فى بونزا بقلم تلف » أن هذه الصفحات الى نصف ما لقيه المسبح من 
خيانة أدث إلى اعتقاله » أصبحت مهمة للغاية فى نظره . وقد رآه مارينى يقرأ 
فى الكتاب ذات يوم » فأشار إلى أوجه الشبه بين خيانة الأتحرين لميسس المسيحية 
وبين خيانهم اؤسس الفاشية . 
وقال موسوليى بشىء من الرضى الذى لم يستطع إخفاءه . . . « ولكن يجب 
أن لا تقرنى بالسيد المسيح » . 
وكان يعزى نفسه كثيراً ٠‏ بالتفكير بأن بونزا » كانت موطتا للمبعدين 
الآخرين . وقد كتب فيا بعد يقول . . . « كانت بونزا منذ أقدم العصور المنقى 
الذى يبعد إليه المشاهير »من أمثال أسجريبينا والدة الإمبراطور بيرون وجوليا ابنة 
الإمبراطور أغسطس » ومن ثم القديسة فلافيا دوميتيلا » وكذناك البابا القديس 
سيلفيستر الشهيد » فى عام "اه بعد الميلاد . لكن هذه القدرة على أن يفيس نفسه 
برجال التاريخ لم تكن إلا تعزية تفتقر إلى اخرارة . ى تلك الرتابة من الحياة الى 
كان بعيش فيها . 
وكان يستيقظ كل صباح فى السابعة والنصف فيتناول إفطاره المؤلف من قدح 
من اليب وبيضة واحدة . ويتناول عند الغداء بيضة أخرى » وبعض « الطماطم » 
وقطعة من اللحبز وبعض الفاكهة . وكان يشرب قدحاً آخر من الحليب قبل مضيه 
إلى النوم بعد لول الظلام فوراً . وكان يجلس الساعات الطوال يقرأ ويكتب 


)1١(‏ جبسوى كاردوشى  )١ 400 - ١885(‏ شاعر إيطال مشبور . ال جائزة وبل ى 
الآدب لعام ١4١5‏ 98 


(؟) باتيستا ريكيوق (8ةه١‏ - 10191 ) - فيلسوف إيطالى من فيرارا » كان من اليسوعيين . 
وحاضر فى جامعة بولويًا . و المعرب » 


4 
أو يتطلعم من النافذة عبر الخليج » مفكراً كا اعترف فيا بعد » بثلك ١‏ المؤامرة 
الحفيرة الى تخلصت مى والجى ستؤدى إلى الاستسلام وإلى تسليمى إلى العدو » . 
وم يكن يسمحله بأية صحف » ولا باستقبال أى زوار» كالم يسمح له كا قال 
لراشيل ؛ بحضور الحناز الدى طلب من راعى أبرشية بونزا أن يقيمه فى الذكرى 
السئوية لمصرع ولده برونو . وكان رفاقه الوحيدون من «جنود « الكار بنييرى ؛ الذين 
كانا يستمعون إلى أحاديثه بالدهشة والارتباك ء إذ لم يكن مسموحا لم بالرد على 
أسئلته » وكذلك الرقيب ماريى وراعى الأبرشية لويجى ماريا داييز الذي ذكر 

فها بعد أن حياته فى المنى قد حوات وهذا البجل العظيم إلى مسيحى صادق » . 
وم يكن بغادر المنزل إلا لامآ . وعندما وصل ضابطان جدايدن هما المقدم ميرلى 
والملازم ايليو دى لوريتزو إلى الحزيرة ومعهما الرقيب انيتشى » لتعزيز حراسته » 
سمح له بالذهاب إلى البحر للسباحة » ومضى ذات يوم بحراسة ثلاثئة من رجال 
الكاربنييرى ء مشاهدة الأثار الرومانية القدبمة فى اللتزيرة » والكهرف التى كان 
الكهنة يربون فيبا بعض أسماك « الموريئة ؛ . لكنه كان عززوفاً عن أن يراه القرويون 

ولذا فقد آثر البقاء فى المنزل معظ, الوقت . 

ووصل ف الأول من أغسطس من البر الإيطالى أحد صيادى السرطان 
البحرى » فى زويقه البخارى ١ماريا‏ بيسى ٠‏ يبحمل له صندوقاً من الفاكهة 
وحقيبتين » كانت السلطات قد سمحث لأسرئه بإرسالهما إليه . وووقف الرقيب 
موريى يشهده وهو يفتح الحقيبتين . وكانت فيبما ثلاث رسائل ٠‏ تضم أولاهما 
رسالة من راشيل وصورة لبرونو » ونضم الثانية عشرة لاف ليرة إيطالية . برها 
تضم الثالثة رسالة من ابنته إيدا قرأها بسرعة » ثم قلف بها نحت حشية سريره . 
وسأله ماريى . .  .‏ أتريد الرد على هذه الرسائل ؟ » فقال . . . ولا » فأنا لست 
فى عجلة من أمرى ؛ . 

وفرح بعض الوفث بوصول اللابس » وسرعان ما أستبدل بملابسه السابقة 
قميصاً أبيض نظيفاً . وم تمض لحظات حتى شوهد وهو يخلع القميص ويسير إلى 
النافذة عارى الصدر » وقد وضع قبعة من الى يرتديها سائقو اليخوت على رؤوسهم » 
ولكنه ما لبث أن شلعها فجأة » وعاد فارتدى قميصه الأبيض من جديد . 


4 ' 

كان الملل قد أخذ منه كل مأخذ » وكان بحس بوطأته . وكانت حنفية الحوض 
فى غرفته غير صالحة . وكان هذا وحده كافيا لآن يدفعه إلى البأس . وف 
ذات يوم راحيقول لمارينى بشىء من النكد القاسى . . . « قل لى أبها الرقيب .. 
لم لا أجد الماء فى هذه الحنفية ؟ أنفقت كثيراً من المال » لإصلاح الأثاييب 
ف بونزا هذا ما أعرفه م 

فرد الرقيب .. . حقاً أنفقت الكثير من المال على مد الأثابيب فى الحزيرة 
ولكن الماء ما زال يجرى فى اليتبوع إلى البحر . 

أتقول الحقيقة يا يجل ؟ 

أجل يا صاحب الفخامة . 

آه من هؤلاء الموظفين الإداريين . آه مهم ؟ 

وبدأ اليجلان فى حديث طويل . 

ولم بمض أسبوع من هذه الحياة الحزينة الى تتلف الروح» حتى سقط 
مريضاً » وجاءه الدكتور سيلفيريو مارتينيالى » طبيب الخزيرة يعوده . 

وقال مارتينيللى دون أن يفحصه . . . « أنا أعرف مرضك . وقد بجثتك ببعض 
الدواء ؛ . وعندما سلم إليه الدواء » قال إنه لا يكفيه . وطلب نجرعة مضضاعفة . 
وم يكن حى فى تلك اللحظات يقاوم الرغبة في التحدث . وراح يلى على مسامع 
. الطبيب قصة مرضه الطويل . وعندما انبى من حديثه » قال بدون وعى ‏ . 
و وهذه هى الالام البدنية للدوتشى » . 

ورأى الدوتشى بعد ستة أيام بعيد الغسق » نوراً غريباً يضىء وينطى* باستمرار 
على التلال الواقعة وراء الميناء . وظل يرقب النور بعض الوقت » ولكنه ما لبث, 
الل الكر ا تايل جد الام وا 

من الخزيرة فوراً . 

ودون فها بعد يقول ...9 وجمعت حوائجى بسرعة » ومضيت مع حرامى 
أنزل إلى الساحل . وظهر أمامنا على مسافة بعيدة هيكل سغينة حربية تقف عند 
مدخل الرصيف » . ونقلوه إلى ظهر ١‏ بانتيرى ؛» وهى سفيئة حر بية كانت فها مضى 
فى الأسطول الفرنسى . وهناك رأى الأميرال موجيرى ثانية 


ل 

ورآه الأميرال فى حالة نفضل تلك الى رآه فبيا من قبل . : وكان يبدو أكثر 
صلابة» وأحسن لونآء وأقل شحوباً ... وكان يرتدى نفس البدلة» ونفس القبعة » . 

وقال يسأل موجيرى بشىء من المرح ٠...‏ وإلى أين سنمضى هذه المرة 
با موجيرى ؟ ) 

-( إلى قاعدة مادالينا » . 

لعلها أقل سهولة على الوصول . 

وبدت له الفكرة مفرحة له . واعترف الأميرال أنه فى الحديث الطويل 
الذى دار بينه وبين مرسوليى ىق قمرة القبطانت » وقعم تحت الانطباع 
المزعج الذى أخذ ينمو فى عقله » وهو أن موسوليى يعتبر نفسه الآن و شخصاً 
ثالثاً » لا الممثل الرئيسبى فى اللمأساة الضخمة الى عاشها شعبئا » . وكان مرسولييى 
يتحدث وبدا لموجيرى أنه لا يتحدث عن نفسه » وأن لا شأن له على الإطلاق 
بالأحداث التى كان يصفها . 

وبالرغى من تعاليه »ع ومن هذه العزلة المجيدة الى اختار تصويرها لنفسه » 
إلا أنه كان متلهنآ كل اللهفة على أن يعرط: ما هو راقع فى .ذلك العلم الى بات 
معزولا عنه منذ.عشرة أيام . وكان قد سمع من أحد الضباط البحريين على ظهر 
السفيئة أن بادوليو قد حل الحزب الفائبى . وسمع الآن بشىء من الاههام الواضح 
أن فاريناتشى » ذهب إلى ألانيا » وتتحدث من إذاعة مونيخ » وأن تشيانو فصل 
من سفارته » وعلق موسوليى على ذلك بصوت حزين ولكنه ثابت . . . و آه » إذن 
فهناك شخص شى » يلعب الحولف كل يوم مع صديقاته» . وعندما أبلغه 
موجبرى أن السلطات خشيت من أن يككون الفدائيون الألمان قد أعدوا ععاولة مخطفه 
من بونزا » أظهر شيئاً من الاههام الحقيق والطبيعى . وخيل إليه أن مثل هذا التطور 
سكين أكبر إذلال يصيبه ق حياته . أوَيظن الناس حقنًا أنه سيذهب إلى ألانيا 
ونحاول تسلم المحكم ثانية ممساعدة الآلمان ؟ كان هذا هو السؤال الذى وجهه والذى 
0 القاطع طبعاً . 

وأحس بالغضب البالغ من جراء الفكرة الى ساورته » وهى أنه لم يعد بعد 
شخصية تاريخية لا تؤثر عليبا الأحداث المعاصرة : ومن جراء إدراكه ما تعنيه 


اف 
غارة يقوم بها الفدائيون الألمان . واعتقد مرجيرى أن غضبه هذا كان صادقاً كل 
الصمدق . وين المؤكد أنه لم يكن قد فكر فى ما يعنيه إنقاذه على أيدى القوات 
الألمانية » وإن كان قد بحث مع الرقيب مارينى فى بونزا احهال وقوع غارة 
بربطانية على الحزيرة . 

وعاد الهدوه إلى موسولينى فى الصباح التالى » عندما كانت السفينة الحربية 
تبحر بسرعة (17) عقدة فى الساعة ومع ربح غربية قوية» لتصل إلى منتتنصف 
الطريق إلى مادالينا . وقد أطلقت صافرات الإنذار مرتين تلك الليلة عندما حلقت 
طائرة معادية على ارتفاع منخفض فوق السفينة » لكلها لم تتعرض لأية غارة . 
وراح يغط فى سبات عحميق استغرق بضع ساعات . وعندما جاء موجيرى إليه » 
كان قد استراح » وهدأت ثائرته . 

وكان البحر هائجاً » وكانت أمواءجه تلط مقدمة الباخرة وجوانبها ٠‏ بها 
حمل الربح الغربية القوية الرذاذ حبى جسر السفينة . وكان مدى الرؤية ى 
متبى السوء . وأصبحت جبال كورسيكا ظاهرة للعيان ورإء الضبا ب أمام قوس 
السفيئة الأماتى. أما سردينيا فكانت مجرد نقطة غير واضحة . ومضت السفينة إلىأن 
غدت ف النطقة البى تصلها بطاريات اللميناء » وذلك ليتمكن القبطان من تحديد 
طريقه . ولكن لم يظهر فى الأفق شىء سوى رأس فيجارى ٠»‏ ولم يكن القبطان 
ولا الأميرال مرجيرى على يقين مطلق من ذلك . ومضت السفينة تسير ببطء نحو 
الجنوب بعيدة عن حدود حقول الألغام » حبى أصبحت نافولارا على مرب النظر » 
وبات ق الإمكان تمييز مدخل المصب . وانطلق زورق يخارى أمام السفينة يرشدها 
يما سارت هى عبر القناة بسرعة أربع عقد . وعاود الحدوه الأميرال موجيرى 
بعد أن اننبت متاعب الملاحة ؛ لكن منظر موسولينى وهو يقف على ظهر السفينة 
مع ضباط الكاربنييرى » ضايقه . وقد كان على المقدم ميولى أن يجتنب هذا 
إذ خشى أن يقوم بحارة السفيئة الحربية بمظاهرة ممائلة . لكهم لم يفعلوا ذلك 
على أى حال . فقد ظلوا ينظرون إليه بالطبع » ولكنهم ظلوا صامتين » ولم تتحول 
نظراتهم إلى تفرس . 

ووصل زورق مخارى فى الساعة الثانية بعد الظهر » وعلى ظهره الأميرال 


٠‏ لوا 
بريفونيزى » فوقف إلى جانب السفيئة الحربية » وهبط إليه موسوليى . وكان 
يعرف الأميرال ولا حبه . وكان قد أمر بمحاكته عسكريًا بعد معركة بحرية فقد 
'فيها ثلاثاً من سفته دون أن ينزل بالطرادات البريطانية الى هاجمته أية خسارة . 
ورأى فى الحكر الذى أصدرته المحكمة عقوبة غير كافية واعتبر تعيينه اللاحق 
كقائد لقاعدة مادالينا البحرية » أمراً مخزياً . وكان موسوليى يعلق بثبىء من 

الكراهية الواضحة بأن اليجل متزوج من إنجليزية . 

يعتدما أصبح موسوليى فى مادالينا استفزت مشاعره أكثر فأكثر عن طريق 
تذكيره بالإنجليز . فقد نقل إلى منزل تحيط به حديقة كبيرة ملأى بأشجار 
الصنوبر » وهو يطل على البحر » وكان البيت حسن الأثاث . وكان يستخدم 
حبى الليلة الماضية مطعماآً لضباط زوارق الطوربيد . وقيل لوسوليى إن صاحب 
البيت إنجليزى يدعى ويبر . اكتشف موسوليى وراء رغبته فى العزلة فى هذا البيت 
النائى حافزاً شريراً . وراح يتساءل . . . ترىلم اختار ويبر هذا المكان من العالم الملى ء 
بالأماكن الحميلة لإقامته فى و مكل هذه الزيرة المنعزلة القائمة اللى تعتبر أكثر زر 
الواقعة إلى الشمال من سردينيا وحشة ؟ لابد أن هناك سبباً ؟ لعله التجسس ؟ 
ربما |6 

وكانت ماداليئا أشد وحشة فى هذه الأيام » فقد أخليت من «جميع سكانما 
المدنيين بعد غارة جوية عنيفة تعرضت لا » تصور موسوليى بثىء عن الإصرار 
الممنونى ألما لابد أن تكون ثمرة اللحيانة والخديعة » نظراً د لغموضما » . إذ أن العدو 
د كان يعرف بالدقة بجميع الأهداف الى أغار علبها » . ولم يبق على ظهر الجزيرة 
إلا عدد من البحارة وبعض الصيادين وقرة من رجال الكارنبييرى ضوعف عددهم 
مؤعراً فزاد على المائة نجل . 

وتركت وحشة الحزيرة أثراً فورب فى معنويات موسوليى وتحرج إلى شرفة المنزل 
فرأى منْبا عبر الضباب المستيد الذى ينتشر فى الأمسيات هياكل البواخر الكبيرة 
الغارقة فى الميناء ووراءها » «جبال جالورا المظلمة السوداء . ووجد الحو الذى بحيط 
بد 0 معادياً ومنذراً بالحطر » » فدخل النزل » ولدظ موجيرى ما بدا عليه من 
تجهم وأحى رأسه للأميرال مودعاً » م مضى إلى غرفته مغلقاً الباب وراءه , 


ا 

وظل موسولينى فى الخزيرة ثلاثة أسابيع كانت من أشى أيام حياته . وكان قد 
شكا من أيامه فى بوفزا بأنها كانت طويلة » تسودها الوحدة » أما هنا فالأيام أطول .. 
والوحدة أشد قسوة وصرامة . وكان شهر أغسطس من ذلك العام شديد الحرارة 
بيجه خخاص » وتميز البحر بالهدوء واللدلو من الريح . وكتب موسوليى فها بعد 
يقول . . . د وكان كل شىء يبدو وقد سمرته الشمس فى مكانه » . ولم يكن يبدى 
رغبة ى مغادرة الدارة الباردة نوع ماء فلا بغادرها إلا لماما ى جولة فى غابة الصنوبر 
مصحوياً بعريف من الكار بنييرى . وانقطع مرة ثائية عن العالم الحارجى ولم يتلق 
شيئاً سوى هدية هتلر . وهى أربعة وعشرون جلداً من عؤلفات نيتشه » الى شرع 
فى قراءتها بعناية من أونها » مكتشفآ أن قصائد الفيلسوف الأولى كانت وق 
منتبى ابلدمال » . وبدأ يدون يوميانه » حاشيا إياها « بملاحظات يومية ذات طابع 
فلسنى وسياسى وأدنى » . تكن أحدا لم ير هذه اليوميات سواه » ولم يعبر عليها قط 
فيا بعد(!! . وكان بقضى معظر أوقاته متطلعا بشىء من الكابة » إلى البحر البعيد 
الآفاق » وهو قابع فى ظلال شرفته . 

وجاء الحثرال بوليتو ذات يوم إلى الخزيرة » وسأله موسوليبى ما حدث بوعد 
بادوليو بأن يسمح له بالذهاب إلى دارته فى روكاديل كاميناتى . فرد بوليتو بأن 
القرار اتخد بأن ذهابه إلى هناك ى منتبى المحطورة » لا سما أن محافظ فورلى 
أعرب عن شكه ق قدرته على ضمان سلامته هناك . | 

ورد موسوليى متجهماً . . . يا له من سخف ! 

فرد بوليتو : لا إنه ليس بالسخف . إذ يبدو أن الفاشيين قد اختفوا . 


(1ع نشرت ترجبة ألمانية لقال لموسوليى بمنوان « أفكارى فى مادالينا و بوثزا فى حصيفة سالز برجر 
ناخرنحجين الألمانية » ويعتقد أنه كان ثلك اليوبيات الى كتنبا . وذكرت الصحيفة أن ضابطاً من 
الحرس الناززى سلبها دفتراً صغيراً تضمن ذلك المقال قبل بضعة أيام من استسلام آلمانيا . وحدثى العقيد 
سكورزينى أنه عند مازار مرسوليى بدعرة منه فى صيف عام ١444‏ » طلب إيه مسوليى أن يأئيه من 
ألمائيا بيوميات كان الألمان قد أخذوها المه بمد إنقاذه ٠ن‏ «متقل « الصشرة الكبيرة ع ( جران ساسو) . 
وقد تمكن سكورريى من إقناع مكتب الابرات الألمائية بأن يسمسوا له بحمل اليوبيات بمد أن يأخذوا 
سور نوتوجرافية لها . وهو يعتقد أن إحدى هذه الصور د التزصت من الملفات وبيعت إى الصحيفة 
المأ كورة . م المؤلف » 


1 
وهناك دلائل على وجود رد فعل عنيف ضدهم وضدك فى كل مكان . وقد هاجمت 
المماهير صحيفة « البوبولو ديثاليا ه فى ميلان . وقد رأيت بنفسى مثالا نصفيا لك 

على أرض أحد المراحيض العامة ى أنكونا . 

وماذا سحل بالحرب ؟ 

كل إنسان يتمبى أن ننتهى . وقد أصبحت الآن عبئاآ على السكان المدنيين 
بقدر ما هى عبء على الذين يحاربون ولا سما من الشيوخ والنساء والأطفال . ولعل 
هذا هو السبب فق عنف المشاعر المعادية لك . 

ولكن بالرغم من أن الإيطاليين كانوا يتلهفون حتنًا على اتتهاء الحرب » 
إلا أن بادوليو وجد نفسه مضطراً إلى السير ى طريق الحدئة بمنهى الحذر . لكن 
سياسته لم تكن نلجحة . فقد أعلن ء وما زال يصر على أن يعلن بأن الحكوعة 
الحديدة ستظل عخلصة لحلفاء إيطاليا . ولكن الألمان كانوا يشكون صراحة ى 
صدق قوله » وظلوا يتدفقون بقوا-هم عبر ممر برنر » بيما غضب الحلفاء على إعلانه 
أنه سيواصل القتال فشددوا من تصميمهم على هزم إيطاليا وإخراجها من الحرب . 
وتقايل امبروزيو ووزير خارجية إيطاليا الحديد رافائيل جوار يليا ى السادس 
من آب عند محطة تافيسيو الواقعة على الحدود : مع ريبنتروب وكايتل » وقدما 
إليهما لحتتجاجا رسميًا على ما أصبح الآن فى الواقع احتلالا عسكريًا لإيطاليا . 
وقال امبر وزيو لكابتل ٠‏ من حقنا أن تعطونا مقدماً بعض المعلومات عن تحركات 
القوات الألمانية » . لكن هذا الاعتراض ل يتعد الناحية الشكلية . فقد كان 
مندوبو ابدانبين يدركون أن المحور قد الى . وكان كيسارنج أحد الألمان القلائل ؛ 
بل لعله الألمانى الوحيد الذى ظل يعتقد بأن بادوليو سيظل ثابتاً على وعوده . ولم 
يخف ريبتروب فىهذا الانجماع ‏ وكان محاطاً جماعة مرعبة من ربجال ارس النازى 
عدم ثقته بحلفائه » وراح يسأل بجوار يجيليا » عن المدة البى انصرءتث منذ شرعت 
الحكومة الحديدة ق مفاوضة الحلفاء لعقد صلح منفرد . وتطلع -جوار يجيليا الذى 
تمبز بالمكر والدهاء » إلى زيبنتروب بشىء من البراءة البى أحست بالإساءة وقال 
بلهجة أهل نابول القوية . . . ١‏ ولكننا حلفاء كر المخلصون ٠‏ . 

وبعد أقل من أسبوع كان ابلترال كاستيلانو فى طريقه إلى لشبوته ليبلغ 


.م 
السفير البريطانى فيها أن الحكومة الإبطالية على استعداد للاستسلام . وكان الحو 
فى رومة مكهرباً منذ أيام طويلة . وكان الدبلوماتيون ينظرون إلى بعضهم نظرات 
العداء » وكان الاضطراب فى قصر شيجى ( مقر وزارةٍ الحارجية ) باعثاً على الرعب » 
إذ كان الموظفون والأذنة يبرعون من مكتب إلى آخر ٠‏ محاولين أن يعرفوا ما هو 
دائر هناك . وقال الفييرى . . . : وكانت البرقيات تتوالى من سفاراتنا ملحفة يطلب 
التعليات العااجلة . وكانت أنجراس الحائتف تقرع باستمران والحاح فى بجميع 
المكاتب : . بها ظل الرعب مائلا من أن يقوم الألمان برد فعل وحشى ومفاجئ . 
قد يصل إلى حد إعلان الحرب . وسمع السرال كاستيلانو الموظفين » يتتحدثون 
المرة تلو المرة عن « ليلة جديدة كليلة عيد القديس بارثلوميى''! ؛ . 

وف الثالث من سبتمبر وبعد ثلاثة أسابيع من المفاوضات السرية الختلسة ف 
خيمة عسكرية ى كاسيبيل القريبة من سراقوسة فى صقلية » ثم التوقيع على اتفاق 
الاستسلام . وكان بادوليو قد أكد فى نفس اليوم للسفير الألمانى فى رومة » أن 
إيطاليا ستواصل القتال إلى سجانب « حليفتها ألمانيا حبى الهاية » . ولم يعلن عن توقيع 
الحدئة للألمان ولعال إلا فى الساعة الثامئة من مساء الثامن من سبتمير » أى عندما 
هبطت قوات الحلفاء على البر الإيطالى عند ساليرنو . 

ولم يعرف موسوليى بالطبع شيئاً عن المفاوضات الى أدت إلى إمباء حلف 
القولاذ . وظل طيلة أيام شبر أغسطس الحارة » يتطلع عبر البحر الادئ ) 
المنبسط كالكف أمامه » مما أعاد إلى ذاكرته صور البسحيرة الألبية » مرثقباً يكثير 
من الأسى » ورود الأنباء من إبطاليا . وكان يجلس على شرفة دارة ويبر كعادنه 
مساء السادس والعشرين من أغسطس عندما حلقت طائرة ألمانية "على ارتفاع 
منخفض فوق رأسه ».حتى إنه رأى وجه الطيار تمامآ . وجاءه أحد ضباط 
الكاربنييرى فى اليوم التالى » ليبلغه أنه سيئقل من ابلتزيرة فى الصباح التالى . وكان 
ارال باسو » القائد العسكرى فى سردينيا » قد نصح الحكومة بأن -جزيرة مادالينا 
لم تعد مكاناً أمينً الشخصية الرفيعة « المبعدة إلبها » . فقد كانت الغواصات الألمانية 
)١( 0‏ إشارة إل مذيحة ليلة عيد القديس بارتلوبير فى فرنسا فى عام ١١#‏ » عند ما قام الكاثوليك 
بأمر من الملكة كاترين دى مديشى أم الملك شارل التاسع بذبيج البر وّستانت ( الهوجونوت ) عن يكرة أبهم 
بعد مكيلة مدبرة . و المسرب » 


0 
تبحر دائاً على مقربة من ا1زيرة » ولا بد أن عحاولة إنقاذه بانت وشيكة الوقوع . 

ونقل موسولينى فى الساعات المبكرة من صباح الثامن والعشرين من أغسطس 
من دارة ويبر إلى الميناء » حيث كانت تقف طائرة بحرية من طائرات الصليب 
الأحمر منذ بضع ساعات . واستقل موسوليى الطائرة ومعه الملازم فايولا والرقيب 
اتسقي » ثم طارت ببم مدة ساعة ونصف الساعة لنبيط على سطح بحيرة براسيانو . 
وعند فينا دى فالى » قابله أحد مفتشى البوايس ويدعى جويل » إذ كان قد عين 
كبيراً لسجانيه خلفآ لبوليتو الذى كان قد أصيب فى حادث سيارة » رمعه ضابط 
من الكارنبييرى برتبة « رائد 0 . ونقل هناك إلى سيارة إسعاف » راحت تدرع 
الأرض به باتجاه رومة . 


5 
على الصخرة العظيمة , . . 
من 18 أغسطس عام 1947 حتى 17 سبتمير 1947 
برآه 2 إذه أعلى من فى العالم » 


١ 


عندما وصلت السيارة إلى مدخخل رومه » انجهت ثمالا باتجاه شارع فلامينيا » 
حيث عبرت ابلسر الحديدى فوق لبر التيير » ثم اتجهت نحو طريق سابين . 
وتستدير الطريق بانحناءة قاسية عند ريى إلى العين عبر الواأدي الذى يفصل 
جبال سابين عن جبال ابروز ٠‏ وأدرك موسوليى بشىء من الارتياح عند ما رأى 
سيارة الإسعاف تصعد طريق اكويلا نحو الصخرة العظيمة « جران ساسوديتاليا ه » 
لبى تعنبر أعلى قمة فى تلك المنطقة » أمهم بأخذونه إلى الحزء الذى يحبه من [يطاليا 
كل الحب . 

وقد كتب فى « قصة عام » يقول . . . 

١‏ ولا يستطيع الإنسان أن يسبى بسهولة صورة ذلك اللحبل الوعر المغير المرتفع 
نحو من عشرة آلاف قدم ى وسط إيطاليا . وهناك صورة لا يمكن للإنسان 
وصفها تحيط بسكان جبال الابروز وجو بلادهم ٠‏ وتستآثر بفؤاد الإنسان . 
وف بداية شبر سبتمبر » تأخذ قطعان الأغنام الى جاءت فى الربيع من السبول») 
لترعى ف الحضبة المرتفعة » تستعد للعودة » هابطة من الأراضى المرتفعة بصورة 
بطيئة . وكثيراً ما يظهر الرعاة على صبوات جيادم » ثم يختفون وراء تعاريج 
الحبل » ليعودوا فيظهروا فى الآفق البعيد وكأنهم شخصيات بجاءت من عصر 
آخر؛ . 

وعلى بعد خمسة عشر ميلا من اكويلا صعودا مع الطريق الملتوية المؤدية إلى 
الصخرة العظيمة (جران ساسو ) » تنتهبى هذه الطريق عند مرتفع مودي » يعلو 


و 


الكل 
مسافة ثلاثة لاف قدم أخرى ليصل إلى الحضبة الى يطلق عليها أسم. ‏ المعسكر 
الإمبراطورى : . وتمتد هذه الحضبة الى ترتفع مسافة ( 568٠٠‏ ) قدم فوق سطح 
البحر » مسافة عشرة أميال تحت قمة جبل كورنو » أعلى قمة فى جبال الأبنين . 
وهكذا تقرر أن ينقل موسوليى إلى فندق منعزل يقع على هذه الحضبة العالية . 
وقبل وصوله بأيام » كانت الأنباء قد التشرت بأن « شخصية مهمة الغاية ستزور 
الفندق عما قريب ه » وهو فندق البييجى - ريفوجيو » وعندما وصل إليه فى 
الثامن والعشرين من أغسطس » الحندى فرانسيسكو جريفيتو . الذى عرف أنه 
كان فى نخدمة مرسوليى قبل اعتقاله . لم يثرك وصوله أثراً للشك فى هوية ذلك الزائر 
المنتظر . وما كان الفندق لا يزال حاشداً بالنزلاء » فقد أعد نزل فيليتا الواقع فى أسفل 
المرتفع لاستقبال موسولييى إلى أن يكون الفندق قد أخلى من نزلائه . 
وكانت فلافيا اروراتو » مدبرة الفندق » وااتى استدعيت إلى التزل الأسفل 
للإشراف على الإعدادات لاستقبال مرسوليى » موجودة فى ساحة القرية » عندما 
وصلت إليها سيارة الإسعاف التابعة للصليب الأسحمر . وقد ذكرث فها يعد 
«أن رجلا بدينً ؛ خرج من السيارة » وكان يرتدى بدلة داكثة ومعطفاً » وقبعة 
سوداء » هو موسولربى . ولم يعد فيه ما يشبه الديكتاتور الوائق هن نفسه » الذى 
تبدو عليه دلائل الرفاه والغذاء ابكيد . وكان يتطلع بقلق إلى كل ما حوله . وكأنه 
يمخْشى الوفوع فى ١‏ مصيدة » » يدور بعينيه البارزتين من ممجريبما فى كلى مكان » 
وقد بان الشحوب على وجهه ٠‏ 
وكانت صافرات الإنذار بالغارة اللدوية قد أطلقت فى الطريق الصاعد من 
سيتادوكالى . وكتب موسوليى فها بعد بشىء من الازدراء الواضيح. . . ١‏ وكنا نرق 
جماعات اللحنود » يفرون بقمصامهم ( التحتانية ) فى كل اتجاه » يصرخوث 
فزعين . فيحدو المدئيون حذوهم » وهذا ما فعله الضباط أيضاً » . لكن أنحد الضباط 
لاحظ أيضا بأن موسولرى لم يكن يقل خفة عن الهميع فى الرغبة فى الوصول إلى 
حفرة يحتى” فيها . 
وكانت أيام الوحدة الى صرمها فى بونزا وعادالينا ع وصمته المتدهورة » 
قد امتصت كل ما لديه من روح سمعنوية » واستافلت من بدنه كل قوة . وبدا الآن 


ا 


لكل من رآه رجلا مهزوماً ودر يضاً فى وقت واحد . ولم تكن شجاعته موضع الشلك 
فى يوم ما فها مضى » ولم تكن فيا تلا من أيام ؛ لكنه فى بلاث الاحظات بدا خمائفاً 
وجلا" . 

وجلس موسولينى فى غرفته الى تقع فى الطبقة الثانية هن المنزل . ساك هادئاً » 
وعيناه تتطلعان إلى عل » تجوب الحبال السامقة الشاهقة . وسعمم له الآن لأول مرة 
بالاسواع إلى الإذاعة » ولكنه كا يبدو لم يرحب ببذا الامتياز الحديد . وقد بدا 
فى منهى اليأس » ف عيون سجانيه فيولا وجويلى » حت إنهما كانا يسارعان بعد 
كل وجبة إلى رفع السكين والأشواك من أمامه مخافة استخدامها فى الحاق الأذى 

ونقل فى مستهل سبتمبر إلى غخطة ١‏ المرتفع ) استعداداً للمرحلة الأخيرة من 
رحلته . واحتج على نقله من جديد » ولكن احتجاجه ذهب أدراج الرياح . 

وراح يسأل ناظر المحطة وقد بدا عصى المزاج . . . ثرى هل القطار اأكهر بانى 
مأمون الحانب ؟ » وسرعان ما أضاف وكأنه يصحح نفسه » وقد عاد إليه شى ء 
من كبريائه . . . 9لا بالنسبة إلى ء فلعلاك تعرف أن حيانى قل انتبت » بل بالنسبة 
إلى مرافق 6 . ْ 

وخ يعزى نفسه بالفكرة » بأن هذا المصعد » قد أقم كا أقيم الفندق نفسه » 
وف عهد الفاشية الذى استطال عشرين عاماً » . | 

وسأل عن ارتفاع الفندق فرد أحدهم بأنه 9117 متراً عن المكان الذى كانوا فيه 

وكان تعليقه متوقعآً » ومؤثراً 
أعلى سجن فى العام » . 


بما فيه من سراطة الطفولة ... 9آأم ء إنْه 


إذا تطلع الإنسان إلى فندق البرجو - ريفوجيو » هن سطح محطة المرتفع . 
بدا أشبه ما يكون بالسجن نحقاً . فقد كانت جدرانه المتعرجة الملتوية » وثوافذه 
الصغيرة » أشبه ما تكون #دران السجون وزوافذها ., وإكن. حارسه 'جويلى تصور 


لل 
أن موسوليى قد سر كرأى الفتدق » وكأنه قد رأى فى منظره المهيب القاتم ء نباية 
صالحة للأساة إبعاده . لكن هذا السرور ما ليث أن زايله عندما أصبح فى داخخل 
الفندق . وقادوه إلى جئاح فى الطبقة الأرضية كان فاخخر الآثاث ؛ وفيه غرفة حتى 
لحادمه جريفيئو . وسرعان ما ركع على أرض غرفة الخلوس ء وأخل بطوى ما فيها 
من سجاد وهو يدول جموعة من بجنود الكارينييرى » وموظى الفندق ٠»‏ الذين 
أراذوا أن بعاملوه باحترام يتعارض مع هذا المنظر الذى وضع نفسه فيه . . . « إذا 
كنث مسجوفاً » فيجب أن تعاملرنى كسجين . أما إذا ل أكن ء فلكم أن تأخذوف 
إلى منزل فى روكاديل كامينالى : . 

لكنه كان يعامل كنزيل لا كسجين . وتقول مدبرة الفندق إن « أيامه 
أصبحث كأى أيام يقضيها مواطن ودبع » يقضى عطلته فى المكان . . . وكان 
يتناول وجبات طعامه » تلبية اطلبه ى غرفة جلوسه . وكان يعيش على حمية قاسية 
بسبب مرضه » فلا يتناول إلا الأرز والبيض والبصل المسلوق وبع الاحى والحليب 
وكثيراً من الفاكهة . وكان يحب العنب كثيراً إذ كان يأكل سبعة أرطال مما 
فى اليوم (أى حواى ثلاثة كيلوات ) . وكان يمذى فى كل يوم بعد الظهيرة » 
ف مسيرة يرافقه فيا الرقيب انترشى » فإذا ما عاد » مذبى إايه جويلى فى غرفة 
جلسه » ليحدثه . وقد ذكر جويلى « أن أحاديثه “مع رجل يمل مثل هذا 
العقل الكبير » كانت أسعد ساعاث حياته » .7702© 

وكان يتناول عشاءه فى السابعة عساء » ثم ببط إلى صالة طعام الفندق ع 
حيث يلعب الورق مع التيشى وجويل وجااولا . وكان يسام اه بالكاوس إلى 
( الراديو 6 قبل المخى إلى فراشه . وكان يستمع إلى نشرات الأخيار الإيطالية 
والألمانية والإنجليزية » وعندما كان الليع يذكر اسمه » مطرياً إراه سينا وقخ:] 
أناة أحياناً أخرى » كان الحاضرون يتطلعون إليه » ليروا رد فعله » وأكان كان من 
العسير تبين علام الرضى أو الألم وراء هذا القناع الصارم من ابحمود الذى كان 
يتببعه عل أساريره . 

وكان يصغى دون أى تأثر واضح إلى أنباء م يسميه « بالحرب الصورية » ؛ 
وثى -حرب تزداد الخطورة والفجرعة فبها يوم بعد آخر . واستمع إلى أنياء الغارات 


ان 
الحوية المتزايدة والمفزعة على المدن الإيطالية » وما بهم فيها هن عديد الضححايا » 
وإى أنباء الحوش المتراجعة » و.مرعة احتلال صقلية » ووجود مئات الألوف من 
اللاجثينالذرن يتضور ون -جوعاً ولا يحدون مأوى » وتدمير الل#اصيل ٠‏ ونقص الخنطة » 
وتوقف شحن الفحم فجأة من ألانيا » وإلى أنباء الحيرش الإيطالية الخائرة فى 
كرواتيا والرونان وفرفسا . وى تلى بسلاحها وتسلمه إلى الألمان ٠‏ وأنباء الاستسلام 
والهدنة » وتدفق القوات الألمانية من الشمال » وفرار الملاث وحكومة بادول.و هن رومة 
إلى بسكارا ومنها إلى برنديزى . أجل كان يصغى إلى كل هذه الأثباء » بنفس 
التعبير من الحمود الحالى من كل تأثر وعاطفة . وبدا وكأن سير التاريخ كله 
قد تقرر فى عرنيه » أو كأنه لا يكترث بالأحداث المعاصرة : إذ لا معبى لها » 
إذا لم يكن هو الموجه لها . 
وراح يسأل جويلى ذات يوم ... 9 ترى ما اسذكر الذى سيصدره التاريخ على؟ » 
أجل كان هذا هو السؤال الوحيد الذى يبمه . وبدا وكأنه لا يكترث بأى شبىء 
سوى ذلك . وكانت هذه السلبية فى موقفه من الأحداث قد باتت عادة مألوفة 
لديه . ول بظهر اكتراثاً بزيادة تدابير الأمن ااتخذة فى المكان ولا بالخرس المسلح 
الذى بات الآن بقف على باب جناحه » ولا بالحنود تحملون الأساحة الرشاشة وقد 
انتشروا على الشرفة . وذكرت مديرة الفندق . . . أنه لم يبد «شعوراً بالحزن 
أو بالذلة »٠‏ . . . ولكنه كان أحياناً يبدو وهو إراهم يراقيونه أشد مراقبة » ساهم 
النظرات شارد الفكر . . . ولَم يعد يقغى وقته فى القراءة أو الكتابة . . . وكثيراً 
ما شوهد » وهو يقف إلى النافذة »ع متطلعاً إلى منظر : الصخره العظيمة » الرائع » 
بماظاره المقرب ٠»‏ أو نجالساً إلى سور فيض فى ساحة الفندق » ,تفرس بشىء هن 
شرود الذهن » فى المسافات البعيدة أمامه » #ثلا صورة نابوايرن التقلردية المعروفة 
فى جزيرة سانت هلالة . 
وكثيراً ما خرج على طوره » فجفا اللطف والدماثة » واكان سلوكاه كان يحمل 
دائماً شرا من حنان الأبوة 6 مع الشعور بالحااجة إلى عقارنة النكرة البى يعيشما 
بتكبات غيره , فعندما شكث الوصيفة ليزا ميسكوردى » التى كانت تتول غسيل 
ثيابه أيضاً من ألم فى معصمها » راح يببحث لطا على الفور عن بعض ١‏ الدهون ؛ 


1م 

وراح يقول لها بمنبى الحنان . . . ٠‏ كرف شجاعة يا طفاتى ؛ واذكرى أنى 
ما زلت أعانى الآلام منذ ثمانية عشر ربيعاً ؛ . 

ونع ذات يوم ألحد الحنود يحاور راعياً جاء إلى الفندق يطاب شراء نجاجة 
من النبيذ . وكان النئدى يقول » إنه لا يسمح لأسحد من المدنيين بدخول الفندق »ع 
واكن الراعى يرفض الانصراف قبل أن يمحصل على بغيته . وطلب موسوليبى من 
الحندى أن يسمح للراعى بالدخول » وأذه إلى إحدى الموائد حوث جلس » 
دون أن يكترث لحظة واحدة » بأنه يحد نفسه فجأة فى رفقة زعيمه السابق . 

وراح موسولرى يسأله عن الإصلاحات الى حققتها الفاشية فى رعاية الماشية . 

ولم يستطع الراعى تذكر أى إصلاح » وقال رأيه بصراحة» وفجأة مال الراعى 
إلى الأمام.» ووضع يده » بود على كتف موسوليى مخاطباً إياه » بطريقة تخلو من 
جمرم الشكليات . . . 9إنك كنت على خطأ » فقد فرضت علينا ضرائب ثقيلة » 
وكنت تسمح ل بأن يبتزوا منا الكثير من الصوف وابحبن » لمؤسسات الدولة ) . 

وراح موسوليى يغير الموضوع فسأله عن الحرب » مما رأيه فيها وقد انتبت 
الآن هذه النهاية السيئة . 

ورد الراعى » بشىء من التعالم الواعى الذى يتميز به أمثاله . . . ١‏ انتشر 
اللصوص قى كل مكان . وكان على الخبز أن يسمن الكثيرين قبل أن يصل إلى 
أفواه الحنود المساكين » . 

وأخيراً انتهى الراعى من احتساء نبيذه ع فهب من مكانه وزبت على كتيف 
موسوليى وصافحه وهو يقول . . . وكأله يعرقه منل أمد طويل » دون أ كلفة . . . 
( اعنن بنفسك يا موسولنى . وشكراً اك على النبيذ ؛ . 

وحشى المتفريجون أن بغضب موسوليبى من معاملة الراعى . وإككن هذه المقابلة 
الغريبة أدخلت فى نفسه الكثير من المرح . وعندما انتبى من عشائه فى ثلاث الليلة 
ونزل إلى القاعة ليلعب الورق كعادته » راح يسأل بحماس عن.موعد هروط الثلج . 
فرد عليه بعضهم بأن الثلج .هبط أحياناً فى مستهل شور أكتوبر . وقال وهو يبدو 
مريحا . . . و عسى أن ينزل الثلج هذا العام مبكراً . فكم أود التزحلق من جديد » . 

لكن هذا امزاح المرح لم يعمر طويلا . وبعد نحو من الساعة » نقلت الإذاعة 


"1 


والرباط لير بط لها معصمها . 
شروط الحدنة الى وقعها بادوليو مع الحلفاء . وكان المذيع من محطة برلين » ينقل 
إذاعته عن نبأ أذاعئه محطة اللدزائر . 
وسمع موسوليى المذيع يقول . .. «أذيع رسمينًا » أن أحد شروط الحدنة » ينص 

على تسلم موسوليى إلى الحلقاء ) . 

فش الساعة الثالثة من صباح الروم التالى » سلم خادمه جريفيةو إلى الملازم 
فيولا » رسالة طلب إليه موسولبى نقلها إليه » وهذا نصها . . . 

« وجدث فيك فى غضون الأيام القليلة الى عشناها مع » صديتاً حقنًا , 
ولا ريب فى أنك كجندى تدرك تمام الإدراك ؛ ما يعنيه وقوعى ى يد العدو. 
رلقذ نيت عن إذاقة يرلين > أن اد خريط الدنة يعدت عن لين عا 
إلى الإنجليز . وبالطبع لن أرضى على الإطلاق ببذا الإذلال » ولذا أرجو 
آنه تسلمى مسنسلك و .. 

وقفز فبولا من فراشه مسرعاً إلى غرفة موسولرنى » حيث وجد أسيره » جالساً 
إلى سريره ٠‏ يعسك بشفرة جيليت حادة » وكأنه يريد أن يقطع بها شرايين يده» . 

وروى موسواييى فما بعد أن فيولا بعد أن رفع من الغرقة كل ما فيها من أدؤات 
معدنية وآلاات حادة ٠‏ بما فيها شفرات الخلاقة » عاد يكرر على مسامعه ما سبق 
له أن وعده به . . . و أحذت أسيراً فى طبرق » عندما كنت مصاباً يجراح 
بالغة . وقد شبدت فظاعة البريطانيين ى معاملة الإيطاليين . وثق أفى لن أسلم 
إيطاليا إلى الإنجليز . وسرعان ما تفجر الدمع من عينيه . لكن ما أبكاه » لى يكن 
كنا اعترف للوسوليتى فها بعد » خبوفه من أن يصدر الآمر إليه بتسلم مرسوليى إلى 
الإنجليز » وإتما الذى أبكاه هو اللدوف الملحمن أن لا »كنه الألمان من أن يفعل 
ذلك » إذ أن التعليات التى لديه فى مثل هذه الحالة قاطعة وهى أن 9 لا يسمح 
للأمان بأخذ موسولييى وهوعلى قيد الحياة ؛ . 


١/ 


الإنقاذ من الصخرة العظيمة 
١١‏ سستمبر 1١9517“‏ 


و كنت أعرف أن صديق أدولف هتلر لن يسخل عى » . 


١ 


كان أوتو سكورزيى النقيب الشاب فى وحدة ١‏ فريدنيتال » الخحاصة من 
وحدات الحرس النازى ؛ مجلس بعد ظهر السادس والعشرين من يوأرو » فى فندق 
إيدن فى برلين يحتسبى القهرة مع صديق قدم له عن فرينا . وكان بحس فى قرارة 
نفسه » بشعور حى وغامض من القلق دون أن يدرى لهذا الشعور سيبا . 

وقرر أن يتصل هاتف بمكتبه ؛ وكم كانت سعادته » عندما نفل ثعلا قراره . 
فقد كان سكرتيره يبحث عنه منذ نحو من ساعتين » إذ أنهم يريدونه على عجل 
فى هقر قيادة الفوهرر » وستكون طائرة فى انتظاره فى «طار تمرلهوف فى الساعة 
الحامسة مساء . 

وقال سكورزيى ..٠‏ يحض رادل فوراً إلى غرفتي » وليحزم بدلة عسكرية 
من ملابسى وبعض الملابس الداخطية فى حقربة » ثم مس فوراً إلى المطار . 

وكان مساعده كارل رادل فى الانتظار هناك عندها وصل سكوززينى سأله 
عن القضية وأكن رادل لم يكن يعرف شونا أيضا . 

وبرما كانا يسيران على أرض المطار هبطت طائرة من طراز يوؤكرز 9؟ه) 
على المدرج » ولم نمض دقائق معدودات . حتى كان سكورزينى يطير فوق 
برلين وقد سحمل قلسياً من ١‏ البراندى ؛ يده . وبعد ثلاث ساعات هرعطلت الطائرة 
فى مطار يقوم على طرف بحيرة قرب أوتزين ف بروسيا الشرقية . وكانت سرارة 
هرسيدس »؛ فى الانتظار ؛ وسرعان مأ -حملته عبر غابة قطعها عندما جن الداجى . 

1 1 


5 

وخففت السيارة من سيرها عند حاجز عسكرى ٠‏ وفحص المراقبون أوراق 
سكورزينى . وارتفع الحاجز » سمح لاسيارة بالمرور عبر أجمة من أشجار 
التامول ء حي وصلت إلى .حاجز آنعر ء حيث فحصت أوراقه من «جديد ٠‏ 
ودخلت السيارة الآن معسكراً تحيط به الأسلاك الشائكة » وتقوم على طرق طرقائه 
أكواخ وأعشاش مغطاة بالأعشاب وشبكات التعمية . 

ومضوا به إلى بثاية من الخشب . ثم دخلوا به إلى غرفة خارجية -حسنة الأثاث . 
وقد غطيت أرضها بالسجاد . وكان هناك +سة من الضباط الاخرين » فقدمه نقيب 
من اللدرس التازى إلى كل وااحد منهم . وكان سكورزيى متوتر الأعصاب فلم 
يسمع أسماءم جيداً » فلما مضى التقيب راح يشعل سيجارته . وم مض بضع 
لحظات » حتى عاد النقيب يقول . . . ١‏ سأمضى بكر إلى الفوهرر يا سادة » 
سأقدمكم إليه » على أن يتحدث كل واحد منكم عن تاريخ حيائه فى اخيش . 
وقد بوجه الفوهرر [ليكم بعض الأسئلة . . . أرجوآن تلحقوا ى من هذا الطريق » . 

وأطفا سكورزيى سيجارته » ثم بدأ يرتتجف » وهو يسير خلف الآخرين » 
عبر غرفة خخارجة أخرى أكبر من الأولى » إلى أن دلوا غرفة كانت فيبا منضدة 
كبيرة انتشرت فوقها الخرائط . وبالرغم من ارتباكه فقد التقطت عيناه بعص 
التفاصيل الواضحة إذ رأى صورة من رسم و دورر؛ داخل إطار من الفضة ء وستائر 
فاتحة اللون على النوافذ » وصفا من أقلام الرصاص المارئة » تقف متوازية على 
مائدة تستعمل لالكثابة 

وفتح باب دلف منه الفوهرر . . . وأدى الضباط التحية العسكرية » فرد 
الفوهرر عليهم بااتحية النازية » ثم تقدم ببطء متهم . كان يرتدى قميصا أبيض 
ورابطة عنق سوداء » وسام الصلرب الحديدى من الطبقة الأولى » يتديل على 
سترة بزة الميدان العسكرية البِى يرئليها . وقدم إليه الضباط واحداً بعد آشثر . 
فراح يوجه إلى كل متهم سؤالا ينتقل «نه إلى الضابط الذى يليه وبعد أن تحدث 
إلى سكورزيى » الذى وقف فى آخير الخط يوصفه أدناهم رتبة » عاد الفوهرر 
خطرة إلى الوراء » ثم قال بصورة مفاجئة . . . ٠‏ ومن منكم يعرف إيطاليا ؟ » 

وكان سكورزيى الوحيد الذى أجاب » فقد ذكر أنه كان فى نابول مرتين. 


4 

- وما رأيكم ف إيطاليا ؟ 

وتردد الضباط » قبل أن يردوا الردود التقليدية التى قد يثيرها مثل هذا السؤال . 
وارتفع صوت سكورزيى بين الهمهمة من الأصوات المرتجفة التى تتحدث عن 
انحور والفاشية » يقول » بلهجة قاطعة معدودة . . . وفيها بعض المسرحية . 
إنى كسوى با زعيمى . : 

وتطلع هتلر إليه » بِنْا صمتت الأصوات الأخرى . ثم قال بعد فترة 
طوبلة . . .فى وسع السادة الاتحرين أن يذهبوا . أما أنت يا نقرب سكورزيى » 
فأريدك أن تبى . 

وعندما أصبحا وحيدين » بدأ الفوهرر يتحدث بتلاك الحروية المتزايدة التى 
تصل حدود الحماسة » نتيجة اسيّاعه إلى صوته . 

وشرع الفوهرر يتحدث . . . ١‏ لدى مهمة خطيرة للك . فقد تعرض موسولربى » 
صديق وزميلنا المخلص فى السلاح إلى خيانة الماث بالأمس ٠‏ واعتقله مراطنوه . 
وإن أتتخلى عن أعظ من أنجبته إيطاليا من أبنائها فى ساعة محنته . فالدوتشى عثل لى 
عظمة روعة العريقة مجسدة . وستتحلى عدا إيطاليا فى ظل محكومتها الخديدة : 
ولكنى سأحافظ على عهدى لخليفنا القدم وصديقنا العزيز . ولذا يجب إنقاذه 
على الفور؛ . 

وذكر سكورزيى فيا بعد » أن هجة هتلر » كانت تنبضى بالحرارة والعطلف 
الصادق » مما أثار عواطفه وأهاجها . وعندما شرع الفوهرر يصدر توجيراته إليه ؛ 
وجد فى الرجل صدقا فى عباراته وطريقته فى الحديث » بحيث لم يشلك لليظة واحدة فى 
أله سينجح فى مهمته . 

وقال سكورزيى عنتبى الحدية والحماسة كجدية هتلر وحماسته ... لقد 
فهمت تماماً يا فوهر رى . وسأعمل كل ما فى وسعى . 

ونم تنتقل عينا الفوهرر -لدظة واحدة عن وجهه طيلة المقابلة . وعندما أوشلك 
أن يغادر الغرفة » استدار عند الباب ليؤدى التحبة » وكان هتلر لا يزال ينظر 
إليه . وأحس.سكورزيى بالدوار . وانقضى وقت طويل قبل أن يجمع شتات 
أفكاره من «جديد . 


ام 
ول يكن قد أفاق من تأثير هتلر المغناطيسيى » عندما استدعى إلى مكتب 
آخخر ليببحث ف التفاصيل مع الحثرال ستودينت وقملر . وكان الأخير ثائر الأعصاب 
إلى درجة قصوى . فقد كان على ثقة من أن حيانة حكومة بادوارو ستظهر خما قريب 
فالممثلون الإيطاليون وصاوا إلى البرتغال » بحاوإون التفاوض على عقد صلح منفرد . 
وسرعان ما سرد أسماء عدد من الإيطاليين أيدوا وجهة نظره . وعندما تناول سكورزبى 
قلمه ليدون هذه الأسماء الى لم يكن قد سمع بمعظمها من قبل » استدار إليه هملر 
وقال غاضبا ... ولا ريب فق أنك جننتحتى إنك تدون الأسماء على الورق. هذه أمور 
فى منتهى السرية . وعليك أن تعى الأسماء فى ذاكرتك » . فلا يعرف بخطط الفوهرر 
حى الماريشال كيسلرنج القائد العام فى إيطاليا وحتى السفير الأكانى فيها . 
وعاد هملر فاستدار إليه غاضباً عندما رآه يشعل سيجارته » وقال وهى يكاد 
ينفذ بناظريه عبر علسى نظارته الكثيفتين . . . و هذه الحشائش الملعونة . 
ألا تستطيع أن تفعل شيئاً دون أن تددخن ؟ فى وسعى أن أرى أنك لست طراز اليجل 
الذى نحتاج إليه ى هذه المهمة » . 
أما الحترال ستودينت فكان أكثر ودًا . وعندما مفبى هملر 6 راحا يعدان معاً 
الحطة . وتقرر أن يطير سكورزيى إلى رومة » “رافق لستوديدت فى الساعة 
الثانية من صباح اليوم التالى . وكان على نحو من خمسين رجلا من وحدة 
سكورزيى أن يسيروا فى الوقت نفسه من برلين إلى جنوب فرنسا » وين هناك 
إلى رومة لينضموا إلى فرقة المظليون الأولى التى تقرر إرساها إلى إيطاليا أيضاً . 
وكانت الساعة قد بلغت منتصف الليل . وقضى سكورزيى الساعات القليلة 
الباقية يعد قواتم المعدات والمتفجرات والأسلحة ء» وأجهزة الإرسال » والمواد الطبرة » 
وملابس التنكر المدنية وبينها قلنسوات الكهنة والشعر الأسود المصبوغ » ويمتار 
الضياط الذين سيرافقونه » متحدثا بالهاتف إلى برلين . وموجها الرسائل إلى الآلة 
الطابعة اللاسلكية . ( تليبرينقر ) . وحاول بعد ذلك أن ينام » فلم يغمض له جفن . 
وراح ق الساعة السادسة صباحاً يعد وصيته . ش 
وفى مساء ذلك اليوم » كان يرتدى بزة ضابط فى فيلق المظليين ويتناول العشاء 
فى دارة الماريشال كيسلرنج قى فراسكاتى . واقتصر الحديث على اعتقال الدوتشى . 


1 
وذكر أحد الضباط » أنه سأل ضابطاً إيطالينًا كبيراً إن كان يعرف مكان اعتقال 
الدويّشى فرد الإيطالى بأنه لا يعرف » وأن أنّا من ابلثرالات لا يعرف مكانه أيضاً . 
وقال سكورزينى » وهويأمل فىاستغزاز أحد الضباط » فلعله يفشى سير ... 
«أنا أشك فى صمة هذ القول ») . 

ورد كيسلرنج بسرعة » وقد أزعجه هذا المساس بشرف ضباط محترفين كانوا 
زملاءه ووحلفاءه . . . ولا ء أنا أصدقه تماماً . ويس لدى ما يدعو إلى الشك 
فى كلمة شرف تصدر عن ضابط إيطالى » وقد يكون من الخير » يا نقيب أن 
تتحمل نفس الشعورة . 

وقال كيسارتج إنه سأل ولى العهد الأمير أومبرتى عن مكان موسولييى فرد 
الأمير يأنه لا يعرف . وكل ما يعرفه أن الدوتّشى قد اختى . 

وسرعان ما اكتشف سكورزيى أن هناك شائعات كثيرة بالطبع . وكان 
الثمال تحت حراسة قوية . وقيل عنه أيضاً إنه انتحر » وهناك من قال إنه فر 
ليقاتل مع ذوى القمصان السوداء ى الحببة . ويجد هناك من يقول ٠‏ إنه نقل 
بالطائرة إلى إسبائيا . وكانت كل شائعة نناقض سابقمّا » وظل سكورزيى أياماً 
لايعرط الحقيقة : إلى أن بدأ يشك فى قدرته على اكتشاف وجوده . واستشير 
المنجمون فى برلين عن مكان وجود الدوتئى ٠»‏ كما صدرت التعلمات إلى عملاء 
المخابرات الألمانية فى رومة » للبحث عنه » بكل طريقة ممكنة , ورغ بصيص 
من الأمل » عندما تلق الملحق البوليسى فى السفارة الألمازة تقريراً من ضابط 
ف الكاربنييرى » يقول إن موسوليى نقل من قصر سافوى فى عربة إسعاف وإنه 
كان فى الخامس والعشرين من يوليو فى إحدى ثكنات الكاربنييرى . واكن أياماً 
كثيرة كانت قد انقضت على ذلك التاريخ » وكان الوقت الآن ى شهر أغسطس » 
واكتشف سكورزينى أن مرسولينى قد فارق تلاك الثكئة , 

وتلى سكورزيى أخيراً » وى مطعم فى رسمة » أول دليل حقيقى يرشده إلى 
ضالته . فقد أبلغه أحد زبائن المطعم » وهو تاجر يتردد كثيراً على. تيراسينا الواقعة 
على خليج جابيتا » قصة طريفة . فلقد كان لخادمة نلى يعرفه هناك » حريب 
يعمل فى الكار بتييرى » فى بجزيرة بونزا . وكان هذا الحبرب يكتب أحياناً لعشيقته 


1م 
إذا طال غيابه عنها فى الخزيرة . وقد ذكر فى إحدى رسائله إليبا » أن هناك 
٠‏ شخصية مهمة سجيئة ؛ فى الحزيرة . 
سرعان ما أيد ضابط بحرى إيطالى أن السجين هو مسوايى . واكن 
موسولبى كان قد نقل فى هذا الوقت من الحزيرة . ومع ذلك فلم نمض بضعة أيام 
حبى كان سكورزيى قد اكتشف الحأ الحديد . فقد روى ضابط ارتباط ألمانى 
مض الأسطول الإيطالى فى سردينيا » فى أحد تقاريره » نبأ عن وجود سجين غامض 
فى جزيرة مادالينا . وقرر سكورزيتى أن بمضى إلى اللحزيرة على الفور مستصحباً 
معه أحد ضباطه وهو الملازم وارجر الذى يتحدث الإيطالية بطلاقة . وصدر الأمر 
إلى وابجرء بأن يرئاد حانات الساحل » متنكراً فى زي بحار ألمانى مفرط فى السكر » 
فإذا ما ذكر اسم الدوتشى أمامه . فعليه أن يقول إن الدوتشى قد مات » وإذا 
ما ممعالفه أحدهم اللأى » فإن عليه أن يراهنه . 
وذكر بسئافى يبيع منتمجاته من الحضار والفاكهة ذات مساء : اسم موسوليى » 
ثم قبل الرهان » ثم أخل وارجر معه ليقم الدايل على أنه كسب الرهان إلى منزل 
ملاصق لدارة ويبر » وأشار بشىء من الرذى إلى صورة إنسان وحيد يجلس على 
الشرفة . لكن القيادة الألمانية لم تقتنع بأن الرجل الذى رآه وارجر ٠»‏ ليس 
إلا مرسوليى » إلا بعد أن قام سكورزيى يزيارة أخرى إلى مقر قيادة الفودرر . 
وكان الأميرال كاناريس قد أبلغ القيادة أن الدوتشئى سجين فى جزيرة صغيرة 
قريبة من جزيرة إلبا » وكانت الأوامر قد صبرت إلى المظليين بالهجوم على 
المزيرة » عندما جاء سكورزيى يقنع هتلر بأن السجين موجود فى جزيرة تبعد 
نحواً من مائة ميل إلى الحنوب . 
وقال هتلرء وقد وقف فجأة ليصافح سكورزيى عندما أنهى من حديثه . . . 
«أنا أصدقك يا نقيب سكورزيى . فأنت على حق » وسأسحب أمرى بالهجوم على 
الحزيرة . ألديك خطة بعملية ماثلة على مادالينا ؟ إذا كانت لديك خطة ٠‏ فأرجو 
أن تبلغنا إياها ٠»‏ . 
وأعد سكورزينى خطة » مرعان ما قبات على الفور . 
وقال هتلر وهو يصرفه من حضرته . . , « ستنجح با سكورزيى © . وأحس 


81 
هذا من -جديد بما فى ثَة الفوهرر من قوة مغناطيسية . 

ولم مض أسبوع حى كانت خطة العملية بكل دقائقها وتفاصيلها قد وضعت» 
وبيمبا استخدام عمارة من زوارق الطوربيد وعدد من القطع البحرية الصغيرة 
الأخرى » وسرية من اللمتطوعين من لواء المرس النازى ى كورسيكا » ووحدة 
سكورزيى الخاصة . وتقرر أن تبدأ العملية فجر اليوم السابع والعشرين من 
أغسطس . ولكن ف صبيحة اليوم الذى سبق الموعد المقرر ؛ وبيما كانت القوات 
الألمانية تستعد للإبحار فعلا » نقل موسوليى بالطائرة إلى البر الإيطالى » وبدأت 
عملية البحث من جديد . لكن البحث هذه امرة عن اخبأ المديد » كان أقل 
صعوبة من الرتين السابقتين . فقد شوهدت طائرة الصليب الأحمر البحرية وهى 
نببط عند بحيرة براسيانو » كا ثلى سكورزيى بعد بضعة أيام » رسالة ملتقطة 
بالرموز » كانت مرسلة إلى وزارة الداخلية وهذا نصبا . . ١‏ تمت إبجراءات الآمن 
حول الصحخرة العظيمة (.جران ساسو) ؛ . وقد حملت الرسالة توقيع جويل . 

وبدأ الإعداد لعملية الإنقاذ من -جديد . وأخذت صور من اللنو للمكان » 
وأراد سكورزيى أن يتأكد من تقريز الخابرات الذى تلقاه عن أوضاع الفندق 
هناك » فتمكن من إيفاد طبيب ألماق عسكرى كبير » لمعاينة الفندق » والاستعلام 
عن صلاحه ليكون مستشى لأمراض الملاريا . ومضى الطبب وهو لا يعرف الهدف 
الفعلى من زيارته » فوصل إلى اكويلا دون أية صعوبة » ولكنه وجد الطريق مغلمًا 
تحت البيرجور ريفو بجيو » ما وجد حراسة قوية على محطة القطار الكهربانى يقوم 
بها فصيل من الكارنبييرى . وأقنعهم بأن يسمحوا له بالاتصال بالفندق هاتفينًا » 
فرد عليه ضابط أبلغه بأن المعسكر الإمبراطورى منطقة تدريب عسكرية » وحظورة 
على جميع الزائرين » وأن الفندق نفسه قد أخلى من نزلائه وأعد ليكون مسكنة 
لماثتين من الخحنود . 

ولاحظ الطبيب وجود سيارة لاسلكى فى الوادى » كا لاحظ نشاطا فوق 
العادة على سكة الخديد الكهربية . وأبلغه بعض الإيطاليين الذين تحدث الهم 
فيا بعد » أنهم يعتقدون أن سبب هذا النشاط : هو أن موسولييبى سجين ى 
الفتدق اي ع أن هذا القول » لا يعدو مجرد شائعة » وأنه لا يعتقد 


حفن 

أن هذه الشائعة سميحة على الإطلاق . 

وخيل إلى سكورزيى أنه إذا لم يسرع إلى تنفيذ خطته » فإن وجود موسولبيى 
هناك سيصبح حقنًا من الشائعات . ولم يكن الخطر ناشئاً الآن عن احهال نقل 
الدوئشى ثانية فحسب » بل كان هناك خطر أكبر من هذا » اميا يعد تراج 
المهدئة » وهو أن يسلم إلى الخلفاء فيفقده الألان إلى الأبد . 

وكانت هناك ثلائة سبل أمام سككورزيى . فإما القيام بجوم من الأرض » 
أو بإنزال المظليين » أو بإنزال طائرة بلا محرك » وقد استبعد فكرة اهجوم من 
الأرض . بالنظر إلى الحاجة إلى عدد كبير من الحنود . واستبعد أيضاً ١‏ فكرة 
الهجوم بالمظليين ؛ بسبب ما يتعرض له الحابطون من خخعطر فى مثل هذه المرتفعات 
الأرضية العالية » نظرا لقصر مدى اليوط » وصعوبة إئزالم على أرض الحضبة 
بأعداد معاسكة وقادرة على اهجوم والمناورة . وبدا له أن النزول عن طريق طائرة 
بلا محرك » هو السبيل العملى الأمثل . لكن هذا السبيل لم يكن يخاو من الخطورة 
أيضاً » إذ أن المكان الوحيد الصالح للهبوط » هو قطعة أرض صغيرة مثلثة الشكل 
تقع .خلف الفندق . وتصور رئيس أركان -حرب فيلق المظليين ف الواقع ومعه عدد 
كبير من ضباط أركانه أن الازول على مثل هذه الأرض الصغيرة وغير المعدة ‏ 
سيؤدى إلى ضياع أكثر من ثلاثة أرباع القوة الحابطة » وأن ما يتبق مها من ريجال 
لن يكونوا كافين لإتمام العملية . وعندما طلب إلبهم على أى حال » أن يقترحوا 
خطة بديلة » لم يستطيعوا » ما أجبرهم فى الذهاية على الموافقة على استعمال الطائرات 
بلا محركات . وقرر الخحترال ستودينت استدعاء اثنبى عشرة طائرة من هذا الطراز 
من جنوب فرنسا إلى رومة ء وأنه فى الوقت الذى هبط فيه قوة سكورزيى 
بواسطتها » يقوم فوج من المظليين باحتلال قاعدة المرتفع . وتقرر أن تجرى العملية 
فجر السادس من سيتمير . 

وعندما كان يناقش تفاصيل العملية مع سكورزيى تقدم مساعده كارل 
رادل ؛ باقتواح كان يأمل أت بؤدى إلى مضاعفة أثر المماغتة الى 7 تعتدر عنصراً 
لا بد منه فى نجاح الحطة . فقد اقترح أن يحملوا معهم ضابطا إيطالينًا يؤدى وجوده 
إلى تضليل الكارينييرى ٠‏ وول بينهم وبين تنفيذ أية أوامر قد تكون صادرة إلهم 


رفن 
بقتل موسوليى بدلا من وقوعه ى أيدى الألمان . ووقع الاختيار على الخئرال 
سوليق » الذى أبلغه الحترال ستودينت أن هتلر يطلب شخصيًا اشتراكه فى 
العملية ليحول دون وقوع سفلك لا ضرورة له فى الدماء . وقد قبل الخترال سولييى 
الدعوة على الفور ؛ إذ رأى فيها كما قال سكورزيى ؛ ما يرضى غروره إلى 
حد كبير . 

وكان لابد من تأجيل الموعد نظراً لتأخر وصول الطائرات إلى إيطاليا . وتقرر 
أخيراً أن تم العملية فى الساعة الثانية بعد ظهر الأحد فى الثالى عشر من سبتمبر . 
وبدأت الطائرات الى تحمل قوة سكورزينى فى الساعة الواحدة من بعد ظهر ذلك 
اليوم تحم فوق مطار رايكا دى مارى ٠‏ لترتفع فى ابلدو شيئاً فشيثاً . وكان الطقس 
رائعاً . وكانت هناك سحب بيضاء اللون فى السماء على ارتفاع عشرة لاف قدم ‏ 
وعئدما ارئفعت الطائرات فوقها » سطعت عليها أشعة الشمس . وكان ادو سحارًا 
بشكللا بطاق داخل الطائرات . وأصيب عريف فى طائرة سكورزيبى عرض 
طارئ » وبدا ارال سوليى الحالس إلى جانبه على اللوح الضيق الذى يقطع 
الطائرة ى وسطها المغطى بالأشرعة » مريضاً ولكن فى منتهى القلق . وقبل حلول 
الساعة الثانية بقليل رأى سكورزيى من ثقب » شقه فى الشراع » سحابة بطل 
وراءها سقف الفندق . 

وهتف بأعلى صوته . . . ضعوا خوذكم » وأنزلوا حبال ابر . 

وهبطت الطائرات على الأرض فى صمت فجالثى . وكان الطيار وسكورزيى 
يشاهدان الأرض الثلثة وراء البيريجور ريفوجيو ؛ واكنهما ما لبثا أن أدركا أنما لم 
تكن أرضاً مسطحة كا افترضاء وإنما سفحتل شديد الانحدار . وكان النزول هناك 
مستحيلا . وتحم عليهما أن يببطا بقوة على الأرض الصلبة القائمة أمام الفندق . 


. 17 


دوى الطائرة » فشخص بيصره إلى السماء الى تملؤها السحب » ورأى الطائرة وهى 


الام 

هبط مسرعة على الصخرة أمام الفندق مباشرة » ووراءها عدد من الطائرات 
بلا مخركات . وعندما هبطت الأول فى شبه اصطدام » مزق أشرعتها » وطير قطع 
الأحشاب مها » رأى عددا من الرجال خريجون من هيكلها اخطم فيجمعولٌ 
صفوفهم ويتجهون إليه راكضين . ولم يستطع ف البداية » بالرغم من أنهم لم يكونوا 
يبعدون عن مدشبل الفندق أكثر من ثلاثين ياردة » تمييز هويمهم ٠‏ ولكنه سرعان 
ما رأى أن أحدهم ضابط إيطالى ٠‏ كان يبتف بأعلى صونه إلى رجال الكارثييرى 
الذين أذهلهم المفاجأة قائلا . . . « لا تطلةوا النار ء لا تطلقوا النار ؛ . 

وهتف مرسوليى بدوره من النافذة المفتوحة ... و لا تطلقوا النار فهناك جترال 
إيطالى . وكل شىء على ما يرام 9 . 

وصرخ الملادم فيولا » وهو يصعد الدرج متقطع الأنفاس إلى غرفة موسولبى 
ويا صاحب الفخامة » يا صاحب الفخامة . . . إنهم الآلمان ؛ . 

واندقع إلى الغرفة » وعندما رأى سجينه مطلا من النافلة المفتوحة » زعق بأعلى 
صوئه » وكأن نوبة جئونية قد انتابته وهو يقول . . . ١‏ اغلق النافلة ولا تتحرله 6. 

وكانت طائرة سكورزينى قد هبطث على الأرض الصلبة خارج الفندق » 
واندفع من أول باب مفتوح أمامه إلى داخل الفندق . ورأى أمامه أحد أجهزة 
اللاسلكى » فحطمه على الفور ؛ كا قلف بالمقعد الذى كان مجلس إليه العامل 
على الحهاز . وبحث عن منفل من الغرفة الى دخخلها إلى الفندق فلم ير أى باب . 
فعاد يركض خارجا ليسير بحذاء ابخدار حتى وصل إلى شرفة ترتفع تسع أقدام 
عن الأرض .:. وقفز على ظهر أحد رجاله » ثم صعد إلى الشرفة متطلعا بلهفة إلى 
الحدار الملتوى فوقه . وقد امتدت عليه صفوف من النواقل المر بعة الصغيرة ورأى 
فى إيحدى هذه الثوافذ فى الطبقة الأول وجه موسولى وهو يتطلع إليه محملقاً . . 

وصرخ سكورزيى بأعلى صوته » وهو يركض متجهاً إلى باب قاعة الفندق .. 
أبعد عن النافذة » . وذكر أحد موظى الفندق فما بعد » أن الاضطراب ساد المكان 
و فكر أحلعن «اطراين فى اسار أب ان المكان يع يجنود الكارنبييرى 
اللين هجروا مواقع مدافعهم الرشاشة » وهرعوا بحثاً من ملجأ بعد أن رأوا الفدائيين 
الآلمان » وبعد أن قذفوا بما يحملونه من بنادق وقنابل على الأرض فى طريق فرارهم . 


فض 
واندفع رجال سكورزيى » وهم يصرخون « لا تطلقوا النار» دون حاجة إلى هذا 
الصراخ + إذلم يكن هناك من يطلقها » إلى داخل الفندق ؛ بيها شق سكورزيى 
طريقه عبر رجال الكاربثييرى » بمقدمة مسدسه الرشاش حى وصل الدرج ١‏ 
فارتقاه راكشياً وهو يصعد كل ثلاث درجاث معا وعندما وصل تهايقه » استدار 
شهالا وركض فى رواق طويل ٠»‏ وفتح باب غرفة كان يأمل فى أن تكون الغرفة 
البى يقصدها . 
ووجد أمامه موسوليى يقف ف وسط الغرفة » ومعه الملازم فيولا » وضابط 
إيطالى آخر . وسرعان ما قاد أحد صغار الضباط الألمان » الضابطين خارجاً إلى 
الرواق . وكانت الطائراث قد هبطت الآن واحدة إثر الأخرى . ليخرج منها 
المزيد من رجال الحرس النازنى » عابرين الباحة باتجاه الفندق . ولم تكن طلقة 
واحدة فد أطلقت حتى نلك اللحظة . 
وأطل سكورزيى برأسه إلى الرواق » وهتف طالباً الضابط المسؤول عن 
قيادة القوات الإيطالية فى الفندق . وظهر ضابط إبطالى برئبة عقيد فدعاه سكورزيى 
إلى الاستسلام ؛ ولكنه طلب مهلة للتفكير فأمهله هذا دقيقة واحدة . ولَم تكن 
الدقيقة قد انقض.ت عندما عاد العقيد يحمل كأساً من النبيذ الأحمر » قلمه وهو 
ينحنى منتهى الكياسة إلى سكور زينى وهو يقول بلهجة جدية . . . : إل المنتصر» . 
وفى هذا امو من الرسمية إلى حدماء استدار سكورزين إلى موسوليى ليقدم 
نفسه إليه . ' 
وقال وهو يقف وقفة التحبة الصلبة , . . « يا دوتشى . . . لقد بعثى الفوهرر 
إليك » وأنت حر الآن و . 
ورأى ممسولدى العرق يتصبب من الضابط » الذى بدا التأثر واضحاً 
فى قسماته , ْ 
وفتح الدوتشى ذراعيه وأخذ سكورزيى بِينهما معائقاً إياه لحظة طويلة وهو 
يقول . . . و كنت أعرف أن صديى أدولف هتلر لن يتخل عبى » . 
كان حديثه واضحاً » ولكن سكورزيى ذعر من مظهره . فقد كان برتدى 
بدلة وثّة » سيئة الكى » ويبدو المرض واضحاً فى وجهه الذى لم يحلق ٠‏ والذى 


فض 
ظهرت عليه علاثم الشيخوخة وكأنه كبر عدة سنوات مذ رآه سكورزيى لاخر مرة 
يقف منتصب القامة . على شرفة قصر البندقية . وتطلغ الضابط العسوى إلى شعره 
المجذوذ الآن ء وعادت به الذاكرة إليه مسبلا جميلا يعلو هامته . ونم يبق من 
مظاهر العظمة والسلطان فيه إلا عيناه الكبيرتان السوداوان . وذكر الحئرال سبوليى 
فيا بعد » أن الدوتشى بدا مجهدا . وأن الرغبة الوحيدة البى أعرب عنها » هى العودة 
إلى منزله فى روكاديل كامينانى . 

وواجهت سكورزيى الان المشكلة الأولى » وهى كيفية الخروج بالدوتثى 
من هذا المكان . وكان الاتفاق قد ثم على أن يطير فى طائرة هينيكيل » 
من مطار اكويلا » الذى كان من المقرر أن يحتله المظليون . لكن عامل اللاسلكى 
لم يسئطع الاتصال بمطار رومة » أو بسلاح الحو الألمانى لاستدعاء الطائرة من 
هناك . وكانت هناك خطة بديلة » وهى استخدام طائرة أصغر » تستطيع الهبوط 
والطيران من الوادى . وقد تمكنت هذه الطائرة من المبوط » ولكن عقودها تعطل 
أثناء اطبوط بحيث لم تعد صالحة للاستعمال . وكان الحل الأخير إذا فشل الخلان 
الأولان هو أن تببط طائرة صخيرة من طراز ستورش على أرض الحضبة . وقد تمكن 
جيرلاخ » الطيار الشخصى البارع للجترال ستودينت من الهبوط بطائرته سليمة 
على الحضبة » ولكنه كان فى شلك من أمر تمكنه من الصعود ببا من هناك إلى 
الحو ثائية . 

ولم يكن موسوليى قد عرف بمخاوف جيرلاخ ؛ فخرج إلى اطواء الطلق » 
وقد وضع فى قدميه حذاءين ثقيلين من أحذبة التزلج . وبدا كعادته دائماً أمام 
الألمان قوى العزيمة والشكيمة . وروى دوميئكو انطونالى ؛ المدير الحديد للفندق » 
إذ كان قد تسم إدارته فى اليوم السابق ء أن موسولى استعاد فى تلك اللحظات 
مظهره كديكتاتور » و فقد أخل يتحرك بعزيد من الصلاءة » ويتحدث بكثير 
من الثقة ويدفع فكه الأسفل إلى الأمام كعادته » . 

وطلب إلى جويل «فايولا أن يرافقاه . فوافقا ف البداية » ولكن عندما حان 
موعد الرحيل » طلب فايولا وهو مردد » أن يسمح له بكلمة على انفراد مع 
الدوئثى . 


تفش 

وقال موسوليى بفروغ صبر . . . ؛ هيا قل ما تريد . قل ما تربد» . 

وقال فايولا' بشىء من العصبية الواضحة . . . و لدى زوجة وطفل ياسيدى 
الدوتشى . فإذا كنت لا تجد مائعاً » فسأبى هنا إلى جانبهما » . 

تإذن ١‏ قلق حيث أننا , 

ولاحظ أنطونيللى أن لحجته كانث فى منتهى الغلظة . 

وأصطف موظفو الفندق فى الحارج ع كا كان الخدم يصطفون ف الماضى 
فى أى بيت ريق ء لوداع ضيف كبير . وصافح موسولربى كل فرد ميم ء 
متحدثاً إليهم ببضع كلمات بدا فيها تنازل الديكتاتور الذى لا بخرج على لطفه 
ودمائته . وكانوا يتوقعون منه هذا اللطف المتكبر الأنوف مند البداية » ولكنه لم 


يكن يظهره لم أبدا . 
وقال أخيراً وهو يبتعد” عنهم . . . شكراً لكم جميعآ » وتأكدوا من أنى لن 
أنساكم أبد؟ . 1 


وقصد إلى الطائرة » بيها وقعف اللحنود الألمان ورجال الكار بنييرى وقفة التأهب » 
:دون له التحية بالطريقة الفاشية » ويبتفون بصوت عال « دوتئشى » دونشى » 
دوتشى ) . 

وتحدث هموسوليبى فيا بعد يصف هذه اللحؤلة الدراماتية . . . ٠‏ وتقدم الطيار 
الذى سيقود طائرق. وكان شابدًا صغيراً من أبطال الطيران الألماى بدعى جيرلاخ » 
واستدرت بوجهى قبل أن أدخل الطائرة لألوح بيدى إلى حراسى السابقين » 
كانوا جميعاً بصعقهم الذهول . وكان بعضهم قد اضطرب اضطراباً صادقاً متأثراً 
لفراق إذ سالت العبرات من عون الكثيرين منهم » . 

أما جيرلاخ فكان مضطرباً حتى إنه لم يلحظ المسرحية . وقال إنه ممكن من 
الهبوط بصعوبة بالغة على مثل هذه الأرض الوعرة والضرقة المدى ٠‏ وإله يعتقد 
أنه لا بستطيم الإقلاع ؛ حاملا راكب واحداً . وعندما ذكر سكورزبى أنه 
سيستقل الطائرة أيضاً » أصيب الطيار بما يشبه الرعب » موؤكداً استحالة ذلك . 
فالطائرة لا تستطيع أن تحتمل راكب واحداً فكيف بائنين . نما كارثة . ولو قدر 
لها أن ترتفع عن الأرض » فان تستطيع الصمود . لكن سكورزينى أصر على 


ام 
رأيه » وكتب فها بعد يقول » معترفاً بأنه كان مهتماً بنفسه . . . ٠‏ ولو حدئثت 
هناك كارئة فكل ما سيبى مبى » طلقّة من مسدس أطلقها على نفسى . ولن يخفر 
لى أدولف هتلر مثل هذه الهاية لمغامرتنا . ولا كان من المستحيل العثور على طريقة 
أخرى » للوصول بالدوتشى سليماً إلى رومة ء فإن من الحير أن أقاسمه الخطر » 
حى ولو كان وجودى على الطائرة سيضاعف هذا الخطر . فاو لم ننجح ء فإن 
نفس المصير سبنتظرنا جميعاً » . : 
واعترف موسولرى فها بعد بأنه شارك جيرلاخ عخاوفه » ولكنه لم يفه ببنت شفة . 
وشهده أحد رجال الكاربنييرى وهو ينحنى ليدخل الطائرة الصغيرة .. كان يبدو 
عجوزاً ناحلا فى معطفه الشتوى الواسع عليه » وفى قبعته السوداء الواسعة الماشية اللى 
ضغطها فوق رأسه لتغطى عينيه . وأحس هذا الرجل بشىء هن الإشفاق الفجاق 
عليه ومن الإعجاب بشجاعته. ولاحظ سكورزيى بأنه تردد قليلا قب لأن يجلس 
على المقعد اللخلنى واحترمه كل الاحترام » لأنه لم ينطق بكلمة احتجاج واحدة . 
وهدر مرك الطائرة الصغيرة إلى أقصى قوته عندما اشترك اثنا عشر رجلا فى 
تحريكه مرة واحدة » وعند ما أنزل جيرلاخ يده » مطلقا الطائرة » لتسير فوق 
صخور الهضبة . عبأت الطائرة السرعة اللازمة للانطلاق قبل وصرها إلى آآخر 
الأرض الصا حة للطبران » ولكن العجلات لم ترتفع عن الأرض . واقتر بت الطائرة 
من حافة الحضبة » وخيل للجميع أنها ستهبوى إلى منعرجات الماوية القريبة » 
عندما ارتفعت فجأة عن الأرض . لكلها ما لبشت أن هوت بعد لحظة ثانية ع 
وأصابت إحدى عجلاتها صخرة بارزة » دفعث الطائرة متدحرجة إلى الشهال فوق 
الحافة لتهوى نحو الوادى . وبدأت الطائرة تسقط مترنحة عبر الهواء » وزأرت 
الريح فى أذفى موسوليى بيها كان جيرلاخ يحاول أن يسحب الطائرة من انقضاضباء 
ليسير بها ى طيران مستو . واعدرف موسوليبى لصحى سويسرى فى العام التالى 
قائلا : « كانت لحظة من الرعب الحقرى أصابتبى ؛ . 
وهرع رجال الكاربنييرى والحرس النازى باتجاه حدود الحضبة ٠‏ ورأوا الطائرة 
وهى تبهو يائسة باتجاه صخور الوادى الداكتة السوداء . وفجأة انطلقت الطائرة » 
وكان طيارها كان قد تعمد منل البداية هذا الإقلاع الغريب » من انقضاضها » 


ام 
وراحت تطير باتجاه احئوب الغرلى نحو وادى افيزانو » مرتفعة مسافة تقل 
عن ماثة قدم عن سطح الأرض . 

وانقضى بعض الوقت دون أن ينبس أى هن الذبن فى الطائرة ببنت شفة . 
وظل موسوليى مقعياً إلى جانب سكورزيى » دون أن يبدو عليه حوف » بقدر 
ما بدا عليه من حزن وانزعاج . ووضع سكورزيى يده على كتفه وكأنه يريد أن 
يطمئنه » وعندما أدار الدوتشى وجهه إليه كان أشد شحوباً من أى وقت مضى . 
ول تمض للحظات على أى حال » حبى شرع فى الحديث مشيراً إلى التضاريس 
الأرضية تحته » سارداً على مسامع سكورزيى ما حدث له ف المدن والقرى الى 
فوقها . وعندما وصلت الطائرة إلى مطار براتيكا دى مارى » نقل ركابها إلى طائرة 
لينيكل » كان هدير محركاتها مرتفعآ إلى الحد الذى لم يستطع مرسولرى معه أن 
يسمع صوته . فاسترنى فق مقعده وقد أغمض عينيه ؛ ثم بدا وكأنه راح قى 
سبات سميق . 

وكان الظلام قد حينم على الكون عندما هبطث الطائرة فى مطار اسبيرن ف 
فيينا » ودلف مها موسوليبى وقد بان عليه الإجهاد . وعندما وصل إلى فلدق 
الكوئتيننتال حيث أعد له جناح خاص » هتف له هتلر مهنثاً بالنجاة » ولكنه 
لم يكن قادراً على الحديث مطولا » فشكر للفوهرر اهتامه باقتضاب وقال ١‏ أنا 
منبلث . منبلث للغاية » وفى حاجة إلى الراحة ) . 

لكن اهام هتلر الواضح به وبراحته » وسروره البالغ بنجاته » وقد ظهر ى 
حديثه إليه » أعادا له قواه الضائعة » وعندما حمل إليه سكورزيى » ١‏ بيجامة » 
جديدة » كان قد أعدها له كويرمر » قائد الحرس النازى فى فيرنا ء رفضها ٠‏ 
موسوليى عرح وهو يقول . . . ( جما يخالف قواعد الصحة أن ينام الإنسان بملابس 
الليل ؛ » وأشفع قوله هذا بابتسامة نابضة بالتروات » اعتبرها سكورزينى دليلا 
على 9 تجارب الدوتشى الواسعة فى الحياة » . سمع الدوتئى يقول له . . . « أنا 
لا أرتدى شيئا فى الليل » وإفى لأنصحك بأن تفعل ذات أيضاً » . 

وبدا موسوليى وقد استعاد قواه فى الصباح التالمى . وجاء الحلاق » فحلق له 
ذقنه وهندم شعره » ثم شرع يستقبل عدداً من الزائرين . تأثر بالغ التأثر بما شهده 


يفف 
عند زائريه من تبانى' متحمسة » واحترام يبلغ -حدود الإجلال » وحماسة طاغية . 
ولم بعد يتحدث عن الانطواء فى روكاديل كاميناق » وإنما شرع يتحدث من 
جديد عن مستقبل الفاشية » وعن ضرورة تحويلها إلى حزب جمهورى . 
وسمعه الناس يقول . . . « اقترفت نخطأ كبيراً واحداً » وكان على أن 
أدفع تمن هذا الحطأ . فلم أعرف قط أن البيت الإيطالى المالك هو عدوى » رأنه 
سيظل على عدائى . وكان على أن أحول إيطاليا إلى الحكم ابلحمهورى فور 
انتهاء الحرب الحبشية » . ورأى قبه سكورزيى من جديد صورة مشرقة للأمل 
والتصمم . 
وغادر فيينا ظهر الثالث عشر من سبتمبر إلى مونيخ حرث استقبلته راشيل 
والأرلاد فى مطار ريم . وأصيبت راشيل بالفزع من « شحوبه اليف » . ولكنه 
تقدم منها ٠‏ بطريقته المألوفة بسير قفزاً ع » وعندما سألته عما يعتزم فعله الان ؛ باح 
بحدمها على الفورعن خططه المقبلة» قائلا . . . « عزمت على أن لا أنخل عن خطنى 
فى الحباة » وأن أعمل جهد طاقبى لإنقاذ الشعب الإيطالى؛ . وكان يتحدث 
بسرعة بالغة » وكأنه يمخشى » كما ظنت راشيل ٠‏ أن تقاطعه ٠‏ أو تجادله . 
وغادرا المطار مع متجهين بالسيارة إلى فندق « كارل يلائز » » حيث أعد له 
جناح خاص . لكن هذا الحناح كان من التوف بحيث رفض موسوليى التوم فى 
غرفة نومه © وآثر قضاء الليل فى الغرفة الأكثر تواضعا والبى أعدث لراشيل . 
ووافق بعد لأى على أن يستحم » فقد كان » كا قالت زوجته » فى أشد الماجة 
إلى الاستحمام »؛ وكان ( جور باه ملتصمّين بقدميه من العرق 4 . 
وجاءت إيدا فى الصباح التالى لرؤيته . وكانت المقابلة عسيرة الغاية إذ أن 
زوجها جاليازو كان فى مونبخ أيضا . فقد غادر رومة خلاقا لأوامر الماريشال 
بادوليو و بمساعدة الآلمان ف الثالث والعشرين من أغسطس مستصحباً إيد! وأطفالهما. 
وحاول اللحصول من الألمان على تأشيرة للسفر إلى أسبانيا أو إلى أهريكا الحذوبية » 
فأعطوه إياها بعد لأى وتسويف طويلين شريطة أن يسافر عن طريق مونييخ . 
ولكن الألمان ولا سها ريبنتروب » وقد تحول عدم استلطافهم له إلى كراهية » 
لم يرغبوا فى أن ينجو من سلطانهم . ويبدو أن تشيانو نفسه لم يكن يعرف مدى 


كرفا 
مشاعر العداء ضده فى ألمانيا ء إذ أنه سافر إليها دون وجل أو قلق . ووصف 
فيليبو انفوسو » كبير سكرتيريه اللحاصين سابقاً » الاولات الى بذها لتحذيره 
من الذهاب إلى ألمانيا » وابار تشيانو وراح يبككى ويقول . . . إن موسواببى 
رجل عظم ؛ بل هو عبقرى حقنًا» . ولم يكن الصبر ليشك فى أله سيغفر له . 
ولكنه وقد وطأت قدماه أرض مونيخ » وجد المصاعب ثثار فى طريقه لتحول بينه 
وبين مواصلة سفره . وظل هو وإبدا تحت رقابة ابلستابو الشديدة الصارمة . 
فلما جاءت إيدا نزيارة أبيبا » وقف رجال الحستابو ف. الرواق حارج جناح 
موسوليى » ينتظرون انهاء المقابلة . 

وتوسلت إيدا إلى أبيبا أن يقابل جاليازو » وقالت إن لديه ميررات كاملة 
السلوك الذى سلكه ويود أن يبسطها على مسامع الدوتشى . لكن «وسولينى متأثراً 
برأى راشيل » رفض مقابلة صهره . ومع ذللث فسرعان ما ندم على موقفه » وذ كر 
بأنه سيتيح خاليازو مقابلة قصيرة بعد بضعة أيام . ولكن زوجته ظلت مصرة على 
رأيها ؛ وظلتتقول ما عرف عن أهل رومانا من عناد وإصرار وتأثر بالعواطف . .. 
و أنا أكرهه دم أود لو قتلته :بيدى ؛ . 

وقبل حلول موعد المقابلة بين الرجلين » نقل موسوليى بالطائرة من موتيخ 
إلى بروسيا الشرقبة ليجتمع إلى الفوهرر فى مقر قيادته . وقد قرر الحديث الذى 
دار يما هناك مصير تشيانو إلى الأبد . 


م 
مقابلة فى مقر قيادة الفوهرر 
© سبتمبر ١987‏ 


م جنت أتلق تعلماق » . 


هبطت طائرة اليونكرز (؟ه) ف المطار الخاص بمقر قيادة الفوهرر ؛ فى جو 
مشمس رائع . وعندما. خرج مرسوليى من الطائرة . وتقدم منه هتلر والدموع ى 
مقلتيه» وتصافح الصديقان » والواحد مهما ينظر إلى الآخر صامتاً » وظلا واقفين 
على هذا النحو وقد أمسكا بيدى بعضبما » مثل داود ويوناثان0' فى الصحراء . 
وبدا هتلر » متأثرآ من امقابلة تأثر ميقا . 

لكن الحو ما لبث أن اختلف كل الاختلاف » عنلما اجتمع الرجلان بعد 
قليل وحدهها . فالمطامح الى بعثت قن صدر موسوليى يعدما سمعه فى فيينا 
ومونيخ من تقدير وإجلال » ما لبت أن خبت » وانطوت » إذ رأى فيه هتلر 
رجلا قلقآ ويائسا . وذكر موسولينى فيا بعد أن « المقابلة » بدأت » بحديث من 
هتلر أعاده إلى واقعه ماما كما فعل الملك فى شبر يوليو . 

وراح هتلر يسأل ضيفه بصرامة عما يعتزم أن يفعله الآن . وعندما اقترح 
موسولينى أن من الأفضل أن ينسحب من الحياة العامة » ليجنب إيطاليا نيران 
الخرب الأهلية » رد هتلر قائلا . . . : إنه سخ » . فاعتزاله الحياة العامة أمر 
خارج عن الموضوع إطلاقاً » إذ أنه يظهر للعالم أن الدوتشى لم يعد مؤمناً بانتصار 
أمانيا . وعلى الدوتشبى أن يعيد نظره فى الموضوع . وما لم تم حكومة فاشية قوية 
فى-شمال إيطاليا-» فلا يعرف أحد ما سيحل بالشعب الإيطالى . وستجد ايوش 
الآلمانية نفسها مضطرة إلى الحكم فى ظل الحكر العف الذى لا يرحم ولا يشفق » 
- كا ستضطر إلى الانسحاب إلى حوض اليو أو حتى إلى جبال الألب . مدمرة كل 
احرف 


اران 
شىء قبل انسحابها . وقرر هتلر أن «الإجراءات البربرية المتوحشة هى القادرة 
وحدها على إنقاذ إيطاليا » . وكانت هناك اقتراحات بقيام حكومة فاشية فى إيطاليا 
بقيادة أحد الإيطاليين الذين فروا إلى ألانيا من أمثال بافوليى وفاريناتشى 
وريناتوريكى وبريزيوسى أو حى بزعامة فيتوريو موسوليى (ابن موسولبى ) » 
ولكن الفوهور لم يرض عن أى منبم . ول تكن الحكومة الفاشية الوطنية الى أعلنت 
الإذاعة الألمانية من غابة واستنبرج قيامها فى التاسع من سبتمبر » أأكثر منمرحلة 
انتقالية ؛ وهى أن تجدى شيئاً دون زعامة الدوتشى لما . وعلى الدوتشى نفسه أن 
يعود » وأن يحا كم خحولة الخامس والعشرين من بوليو » وأن يعدمهم . وعليه أن 
يسمح لألمانيا باحتلال الأقالم الشمالية الشرقية من إيطاليا » كالادبيج وشبه جزيرة 
البندقية وترنتينو » كتأمين لألمانيا ضد هجوم قد يشن عن طريق يوجوسلافيا . 
وعلى العالم أن يسمع من جديد تأكيداً بتضامن المحور . وظل هتار يتحدث على 
هذا النحو زهاء ساعة » وكان موسولينى أكثر ضعفاً وإجهاداً من أن يستطيع 
اعتراض إرادته . وعندما انبى هتلر من خطابه ٠‏ التف تإلى السفير الألمانى المعين 
حديثاً وهو رودولف إن الذى كان يشهد المقابلة » وأمره بصرامة بأن يساعد فى 
إعداد دستور الحمهورية اللحديدة » وغادر موسوليى غرفة الفوهرر وهو 
يكاد يكون ذاهلا . ووصفته الكونتيسة تشيانو ابتته إيدا) : البى رأته بعد أيام 
من هذه المقابلة » بأنه كان أشبه برجل فقد إرادئه . وعندما تحدث هللر إلى 
جوبلز عن المقابلة » لم يخف خيبة أمله فى موسولييى هذا الذى حمله سكورزينى 
من إيطاليا » مضيفاً إلى ذلك قوله إنه بدا فى عيتيه أصغر مما كان يراه من قبل . 
وكان من رأى جوبلز » أن السبب الرئيسى فى خيبة أمل هتلر فى موسولينى » 
هو افتقاره الواضح إلى التصمم ٠»‏ لعاقبة خونة الحامس والعشرين من يوليو 
: وإعدامهم . وكتب جوباز يقول . . : ؛ لكن عقاب الحونة الفاشيين أمر لا بد منه 
لأى بعث للفاشية ؛ . ولكن الدوتغى وهو ؛ الشديد الارتباط بأسرته » بدا عازف 
عن معاقبة أى إنسان . وبدا أنه يحمل الملك وحده مسثولية الكارثة البى حلت به » 
وأن مسئوليته فيها أكثر حتماً من مسثولية تشيائو » الإنسان الذى تكرهه القيادة 
العليا الألمانءة أشد الكراهية . وعندما أشار موسوليى إلى الحقيقة الوافعة وهى أن 


قيض 
تشيانو » زوج كرعته على أى حال ؛ انقض عليه هتلر قاثلا . . . ٠‏ وهذه الحقيقة 
تجعل خبانته أدهى رأمر . وهنا لا بد من من أن أكون واضحاً كل الوضوح » 
فالغفران الواضح لادخيانة فى إيطاليا » سييرك آثاراً عمرقة فى كل مكان ؛ . وهذا 
ما لن تسمح به ألمانيا على الإطلاق . وعلى موسولينى أن يضرب المثل للعالم كله 
بالعقاب ا الى رزله لخر . 

وكان موسولينى قد وعد بمقابلة تشيانو بعد رجوعه إلى مونيخ . وعلق جوباز 
على ذلك بشىء من الاحتقار قائلا . . . ٠‏ وهذا يعبى أن هذا الفطر السام ) 
سيزرع من جديد وسط الحزب الحمهورى الفائى الخديد ؛ . ومضى جوباز 
يقول . . . « ويعترم تشيانو كتابة مل كراته . ويشلك الفوهرر وهو على حق ق 
شكه » فى أن مثل هذه المذكرات ستكتب بصورة تحط من قدرنا » إذ لو لم يفعل 
ذلك » الا استطاع تصريفها فى سوق النشر الدولية . ولهذا فليست ثمة فكرة فى 
السهاح. لتشيانو بمغادرة الرايخ بل إنه سيظل تحت تصرفنا ٠‏ . 

ودون جوباز فى مكان آخر من يومياته . . . 9 يبدو أن الدوتشى لم لمن 
من كارثة إيطانيا النتائج التى كان الفوهرر يتوقع اذ يستخلصها . وليس نمة من 
شلك فى أنه فرح فرحا زائداً بطلوعه إلى أجواء الحرية من جديد © زمن رؤيته 
للفوهرر . ولكن الفوهرر كان يتوقع أن يكون أول ما يفعله الدوتشى 
الانتقام انتقاماً صارماً من الذين خانوه » لكنه لم يوح على أى حال يأنه سيفعل 
هذا ء مظهراً ضعفه الحقيى . فهو لا يضاهى فى ثوريته الفوهرر أو ستالين . 
ودو مرتبط إلى شعبه الإيطالى كل الارتباط » حيث يفتقر إلى المزأيا المخمة الى 
يحب أن نوجد فى الإنسان الثورى على الصعيد العالمى ؛ . 

وقد عارب جوبلز .اوقف الفوهرر فكتب فى يومياته يقول . . . : وق وسعنا 
أن تعتبره خائب الأمل إلى حد كبير فى شخصية موسولينى » وإذ لم يقع بين 
الرجلين خلاف حقيق » . وكان جوبلز » كا يبدو يغار من صداقة الفوهرر 
السابقة للدوتشى > ولذا فإنه لم يشعر نحوه بعل قط ء وكان قد سر سر ورأواضضحا 
عندما تحدث الإيطاليون الذين فروا إلى ألمانيا من قل » إلى هتلر ءعن ضعفه وعن 
افتقاره إلى الشدة فى لاساميته . ورأى جوبلز فق سقوط الدوتشى ضر بة قاصمة 
للدعاية الألمانية » ولكنه سرعان ما عزى نفسه بقوله » إنه لم يشارك الفوهرر قط 


ام 
إعجابه الخاطئ به . ويل إايه أن آمال هتلر خابت الآن فى الدوتشى » فراح 
مجلس على مقعده فى مكتبه وهو يردد بشى ء من السخرية . . ٠١‏ درتشى ؛ دونثى 2 . 
ومضبى جوبلز . بعد ذلك يقول . . . « على أى حال » فهو لا يعدو أن يكون 
إيطاليًا » وليس ف وسعه الخلاص من هذا التراث » . 

واعثرف موسولينى فها يعد بأن إيطاليته هى النى دفعته إلى قبول شروط هتلر . 
فباارغ من ليمانه بقسوتها » فقد اعتقد بأن رفضما يعنى اسشكم على إيطاليا بالدمار. 
وها هو كيسلونج قد أعلن أن إيطالها كلها وراء خخطوط الحبية الألمائية أصبحت 
منطقة حربية تخضع للأحكام العرفية » وأن جميع الأعمال الى يقصد منها عرقلة 
سير الحرب » بما فيبا تنظمم الإإضراباتالصناعية تعتبر جراثم كبرى عقوبتها الإعدام . 
وذكر موسوليى. فيا بعد » أنه رغبة منه فى حماية إيطاليا من مزيد من الاستعباد 
للأوامر الأمائية التى هى عن هذا الطراز » ورغبة مته فى التأنكد من أن أولتك 
الإيطاليين الفاشيين المغالين فى انحوازيهم لألمانيا والذين هربوا إلببا من إيطاليا بعد 
اعتقاله » لن يرثوه فى سلطانه » ذهب إلى الفوهرر من جديد ليبلغه قراره بالءودة 
إلى الحياة السياسية العملية . وراح يقول للفوهرر بشىء من المرارة . . . ١‏ وقد جشت 
الآن لأنلتى تعلماق ؛ . 

وتظاهر هتلر بأنه لم يسمع احتجاج الدوتشى الضمى والصامت ٠»‏ فراح 
يصدر على الفور تعلماته إليه . فعلى الدوتشى أن يدرك بالطبع '» أنه فى مقابل 
السماح بإعادة الفاشية » تحتاج ألانيا إلى ١‏ ضمانات إقليمية للحيلولة دون وقوع 
أزمات جديدة » . فأمن أمانيا يتطاب إعادة تنظم منطقة « الأديج ؛ كلها » 
على أن سي لرايخ منها مقاطعة بولزانو يصورة خاصة . وأن تسلم إليه بعد استفتاء 
يشرف عليه الألمان مقاطعتا تورنتو وبيلونو . وستؤلف هذه الأراضى جزءاً من 
المسا الخديدة الموسعة الى تصبح إحدى إمارات ألانيا الكبرى المشتركة فى اتحاد 
فيدرالى مثلها » مثل تشيكوسلوفاكيا واخخر وبولنده . وقد تضطر إيطاليا فيا بعد 
إلى الدخل عن داماتيا ونريستا وأستيريا . وا كانت المانيا » تقائل الآن وحدها 
فيابة عن إبطاليا » فلا بد أيض من إعادة التنظم ف الحقوق الاقتصادية والصناعية 
أيضاً . ويجب نقل المصانع والالات الصناعية إلى شهال الألب » وتزويد المزارع 


| معام 
والمصانع الألمانية بعدد آخر من العمال الإيطاليين » ودفع بعض التعويضات 
فى الهاية إلى ألمانيا . ويب فوراً إقصاء بعض العناصر الفاشية عن المناصب 
النى يشغلونها . كنا جب محا قة خحونة الخامس والعشرين «ن يولرو وإعدامهم . 
وكان هتلر » كدأبه دائاً عندما يتحدث عن مشار يعه المقبلة ق تغيير سير 
التاريخ » وصورة أوربا » قد تحمس وأخل يتحدث بهياج مجنون » وكأنه يريد 
أن يبعث فى الكلمات التى تصدر عنه » صورة ثقوقه فى الأهمية على محدثه . 
وظل موسوليى يصفى » إذ ألف ف الاونة الأخيرة الإصغاء » دون أن يعلق يشىء 
سواء بالرضى أو الرفض . وعندما توقف هتلر عن الحديث »© كانت أسغلة موسوليى , 
فى منتبى الضعف إلى حدود التخاذل . 
وقال متسائلا . . د أليس من الأفضل الدحول فى مفاوضات مع روسيا لتحطم 
جببة الخحلفاء ؟ 0 . وكانث الرد سلبيًا . وقال متسائلا” من سجديد . . , ومأ مصير 
كورسيكا ؟ وكان رد هتلر أن محادئات قد تدور بصدد تونس . أما فها عدا ذلاث 
فإن إيطاليا » بعملها » قد تنازلت عن مطالبها من فرنسا . زتشنافل الفا م 
أوّليس من الأفضل أن تعطى تشيكرسلوفاكيا وبواندة نفس الاستقلال » الذى 
سيسمح به إلى الدول الأخرى فى الكثلة الأوربية ؟ . وكان الرد بالق لخ . 
وكان التنازل الوحيد الذى استطاع موسولينى التصول عليه » هو أن يكون حرا 
فى عحمله ى شؤون إيطاليا الداخلية » وإن كانت هذه الحرية ستظل أيضاً تحت 
رقابة دقيقة . 
وبدا بل كان فى الواقع رجلا عهزوماً . وكانت ثيابه مهلهلة حول جسده » 
إذ انحل رباط عنقه متدلياً . وبعد أن كان ختلر ما أراده نه » عاد يظهر له 
عطفة وحبه » وأصر على أن يقوم الأستاذ موريل بفحصه » وهو طبيب قذر كان 
تخصبا فى يوم ما فى الأمراض التناسلية . وقام موريل الذى كان يتولى إعطاء 
هثلر حقناً بومبة وجرعات منظمة من العقاقير التى تضم أنواع] مختلفة من اطفدرات » 
والسموم الخففة » والمهيجاث و«الباهيات » بفحص مسولينى » فوجده معاق 
باستثناء بعض الزيادة فى الضغط : و«الإجهاد العصبى. » وضعف الأمعاء . 
وعلق جوبلز بشىء من نفاد الصبر. . . ١‏ إنها فى الواقم عين الأمراض الى نشكو 


0 
مها جميعاً . ولكن هتلر » ل يكن يثق كل الثقة فى طب *وريل » 
اعياده عليه » فأظهر عدم اقتناعه بتشخيصه » واقترح على موسوليى أن يأخذ 
معه إلى إيطاليا » الأستاذ زاخارى » وهو طبيب ألمانى آخر . 

وعاد موسوليى إلى مونيخ فى السابع عشر من سبتمبر . . ودونت زوجته قى 
يومياتها تقول . . ٠.‏ يبدو أنه فى حالة صحية أفضل. ولكن فى عينيه تعبيراً غريباً 
عن الألم يفضح ما ا 5 معضاته » 
مكتفياً بالقول بأنه قضى « ثلاثة أيام من العمل المستمر مع هتلر » . وحبس نفسه 
بعد ظهراليوم التالى ‏ غرفته ليعد اللخحطاب الذى سيوجهه فى ذلك المساء عن طر يق 
إذاعة مونيخ إلى الشعب اللإيطالى . 

وكتبت راشيل تقول ... ؛ ومضيت معه إلى غرفة الث الصنيرة فى الفندق 
وقد يكون ما أقوله غريبآ . ولكنها كانت هذه المرة . هى الثائية الى يديع فيها . 
فى الماضى كان يلى خطبه على الجماهير » وإن كانت الإذاءة تتولى نقلها . ونم 
يكن فى حالة طيبة . وقبل الشروع فى إذاعة رسالته . القت عيئاه بعيى . وانلقضدت 
فترة طويلة خيل إلى أنها لن تنتهى قبل أن يشرع فى الكلام 1 . 

وبذا صويه محموماً . وكاننتعباراته مدغومة ببعضها . حيث بدث سيئة اللفظ 
غير مفهومة . وتحدث إلى ساءعيه عن فترة سجنه ». وعن فراره المسرحى ع بطريقة 
وجد أحد المعجبين اللحدد بالفاشية نفسه مضطرًا إلى وصفها «بالطريقة الصحفية 
وراح بعد ذللث بحاول استعادة سيطرته الماضية على الكام ؛ فراحيذ كرشعبه بواجبه » 
ويدعوه إلى السير وراءه فى الطريق إلى النصر . 

ولكن جو باز وهتلرلم يتوقعا من الشعب الإيطالى أن يتبعه . فقدكتب جوباز 
يقول . . . « انتيت إيطالياكشعب وكأمة, . وبالرغم من أنه » على النقيض من ' 
الأخخر ين الذين استمعوا إلى الطاب » رأى فى خخطاب الدوتشى ١‏ هدوعاً ووافعية 
وتحلواً من الإفراط فى العواطف ؛ » إلا أنه اعترف بفشله فى “ثيل دور ١‏ العودة 
العظيمة » . ومضى جويلز يقول . . ٠.‏ « وعلى أى حال : فقد كان هندنبورج 
العجوز على حق عندما قال : إن أئ إنسان حتى .موسوليى لا يستطيع أن مخلق 
من الإيطاليين إلا الإيطاليين 0 


9 
رئيس المهورية فى جرجنانو 


السنة الأولى 
من لالا سبتمبر 1457 إلى لا سبتمير 1١9454‏ 


ه أسلمنا أنا وحار ننسينا إلى أحلامنا كزوج من المجانين وم يبق 
أمامنا إلا أمل واحد ء وهو أن تخلق أسطورة » , 


١ 


ظل موسوايى فى ألمانيا عشرة أيام أخرى » قضى بدايتها فى مونيخ » ثم نقل 
بعدها » بعد أن اشتدت الغارات اخوية المعادية على المدينة إلى قصر يدعى 
( شلوس هيرشبرج » يقع على بعد خسين ميلا مها من سفوح جبال الآلب البافارية 
عند بأرميش . وراح يعيد هناك تنظيم حكومته الخديدة . ويقيم البناء االحديد 
للفاشية . 
وأعلن فى المذة الواقعة بين اللخامس عشر والسابع عشر من سبتمبر من راستذبررج 
وف ستة أوامر يومية» مواد الخمهورية الإيطالية الاشتراكية . 
ْ وقد نصدت هذه الأوامر على أن يستأنف الدوتشى ‏ السلطة العليا فى توجيه 
الفاشية فى إيطاليا » وأن يقولى إعادة تنظيم الحزب الفاشى تحت اسمه العديد 3 الخزب 
الفائى الحمهورى » وأن يقوم بإعداد تشكيل الحرس الفاشى . وإعادة التعاون مع 
الآلمان ومعاقبة اللحونة.ولم يلكر فى هذه الأوامر من الأسماء إلا اسم اثنين من الفاشيين 
العديددين الذين فر وا من إيطاليا بعد تولى بادوليو الحكم . وعم اليساندرو بافوليى وهو 
متعصم.ب سياسى وسكرتير سابق للدؤتشى وقد عين الآن سكرتيراً الحزب اللحديد الذى 


صم على أن يكون حزبآ للأقلية البسيطة القوية والمتعصبة؛ وريناتوريكى » الذى 
ع 


سام 
عين قائداً للحرس الفاشى » الذى لم يستطع أن يجند فيه رغم جهوده الفائقة أكبر من 
عدد قليل من الرجال . أما روبرتو فارينائشى المعروف بعنف ميوله إلى الألمان 
وجووفانى بريزيوسى » المشوور بصلابته فى عقيدته اللاساميةء واللذان كانا بحاولان 
التقوب إلى الألمان والتودد إلييم على حساب موسوليى فقد نابت آمالهما ى تولى 
منصبين هامين ف الإدارة الحديدة١١).‏ وكان فيتوريوموسوايى قد أبلغ والده » أن 
اليجلين » نقلا إلى هتلر صورتبما عن ضعف الذوتشى وفشلهء وأبلغاه أنه كان 
كثيراً ما ينفجر حاملا على الألمان ٠‏ وأنه كان بتسامح تسامحاً سخيفاً مع أعدائه 
السياسيين » وكان لا ي:ردد فى الحملة على الاشتراكية الوطئية . بالإضافة إلى نظر يانه 
اللامسئولة والضعيفة فى موضوع اللاسامية » وكانا قد حدثا الألمان أيضاً عن 
افتقاره المتزايد إلى الحيوية وعن ته الاأحذة فى التدهور . 

وكان من الواضح أن لانتقادامهما ما يبررها . وكان من الواضح للألان الآن 
أيضا أن أحاديث موسوليى الراهنة عن طريقة جديدة » وأفكار جديدة . وفرصة 
التعلم من أخطاء الماضى » وتنظيف الفاشية » تصدر عن ظاهرية فى تفكيره ») 
وأن ليس فى معتقداته العميقة ما يدعمها . فهو إنسان مهد ويائس . وكان لايزال 
بالرغم من تحسن حالته الصحية عماكان عليه عند ما وصل إلى فييناء مر يضاً للغاية. 
فهوإنسان عصى المزاج » وتثير أقل حركة أعصابه . وكان يفد إلى العمل فى ' 
الصباح ؛ وقد بان عليه نفس الإجهاد الذى كان يعانية فى الليلة السابقة . وهو لا 
يستطيع النوم لأول مرة فى حياته ؛ وكان إذا ما استطاع الإغفاء فى نوم قلق فى بعض 
اللياللى هب فجأة مذعوراً من وهه على حد وصف الممرضة التى كانت تسهبر عليه 
خوفاً من معاودة نوباتالألم له . وبع ثالدكتور زخارى بتقرير إلى برلينقالء فيه ... 
«إنه لا يأكل إلا القليل . وتحول زو بات المغص الَتى تنتابه فى معدته بينه وبين النوم 
وقد انخفض ضغطه كثيراً » وجفت عروقه » وضمر بطنه إلى ح د كبير » بِيهًا تورم 
كيلية 4, وأعرب الدكةور بعد فدص دقيق له و#ليل الىمه . أله ليس متأثراً من 





)١(‏ كان هذان الرجلان وأمثالياء قد أزعجوا هتلر عند ما طاروا إلى ألمانيا بعد اعتقال موسولييى 
بدلا من البقاء والقيام بثورة مضادة ترثم الملك على تسليم قيادة القوات المسلحة الإيطالية إفى الألمان . 
وقد صرخ هثلر عند ما سمع بمجيثيهم . . . 7 لايمكن حمل ثىء مع هؤلاء الأوغاد » . 


لاا 
الأمراض الزهرية » وإن كان فار يناتشى قد أبلغ ريبنتروب بأنه وصل ٠‏ ف مرضه 
هذا الدرجة الثالثة هو : 
ومن السهل على المرء أن يفهم السبب ف هذا اليكم الذنى صدر عن فاريناتثشى 
فكثيراً ما شوهد الدوتشى يصاب بحالة قصيرة من الحياج الشديد يعقبها انميار غجائى 
وتحول إلى فترة من اليأس ااقانط , وكان مفاعه بكارئة خطيرة تقع فى ابلبة 
الإيطالية لا يؤثر عليه مطلقاً » بها تؤدى إثارته بمسألة تافهة إلى تحوله إلى حالة 
هياج عنيف للغاية . وقد يبدر منشرح المزاج مؤقتاً وهو يتحدث عن بعث الفاشية . 
عم لا تلبث رؤية جندى أمانى ف بزبه العسكرية » أن تفقده كل حماسته , 
فكان تأثير الألمان حتمينًا ومسيطراً عليه » وكان يعرف فى صميم فؤاده 
ما يعنيه بعث الفاشية محفنًا. وعاد فى السابع والعشرين من سيتمبر » مصحويا بالحنرال 
كارل وولف قائد الحرس النازى فى إيطاليا إلى دارته فى روكاديل كاميناق » حيرث 
وفد عليه عدد من أعضاء حكرمته المبديدة' ٠‏ يؤدون له يمن الولاء كرئيس للجمهورية 
ويبدوآن الألمان أرادوا أن يؤكدوا لؤلاء الوزراء طبيعة السلطان الذى يستمدون منه 
سلطتهم ١‏ فحملهم ميعوث #ملر الموثوق فى إيطاليا والعقيد فى الحرس النازى يوجين 
دولات » إلى بيت موسوليى . و بالرغم من أن الحكومة الخديدة لم تضم المتطرفين 
من أمثال ر وبرتو فاريناتشى . الذى عاد إلى كريونا ليضى على سميفته فيها ١‏ العهد 
الفاشى 6 » صيغة معادية لموسوليى » وجيوفانى بريزيوبى » فإن أعضاءها كانوا من 
الرجال المستعدين لدعم الف مع ألمانيا ومل لوائه . وكان جيدو بوفاريى جيدى » 
الذى عين وزيراً للداخلية فى الوزارة الحديدة » معروفاً فى الأوساط الفاشية بمكره 


وبراعته فى حبلك النسائس . لكن الألمان هر الذين زكوه » وأصروا عل إدخحاله ى' 
برا نس هو لدرين رز ذوة » وأصر 


0 


الوزارة»إذ أنه حرص كل الخرص على أن يبدى دا ما إعجابه الشديد بهم . وعهد إلى ' 


رجل آخر شديد الإعجاب بالروح الألمانية » وهو فيرنائدو ميزاسوما . بورّارة الثقافة 
الشعبية المهمة كل الأهمية . وكان هذا الشاب الضثيل الحسم » والشاحب اللون » 
والشاحب الونجه ٠‏ ذو العيئين الواسعتين للغاية والاتان تخفيبما نظارئان سميكتان ع 
آخحر الأكفياء الذين تمكدت الفاشية من تجنيدهم ق صفوفها . وكان يتحدث دائماً 
عن بعث امتزب ودوره الحدي د كحزب ثورى يجمع بين الجماعية والتطرف الاجتاعى 


اس 
والاشتراكى » محماسة متقدة » كانت تتعب موسولينى » الذى مل أيضاً تفجرات 
بأفولبى المسرحية » ومطالب بوفاريى ‏ جيدى المدروسة بإيقاع عقوبات صارمة. 
بأعداء احور . وكان هؤلاء الثلاثة » أى بافولينى وميزاسوما وبوفارييى - جيدى » 
م الذين اعتمد عليهم الألمانلضمان سير اخمهورية الاشتراكيةفى الطريق اذى رموه 
ها . وكان هناك عضو رابع فى الحكومة ؛ لا يشك فى ولاثه للحلف الألمانى وهو 
الاريشال رودولفوجرازيانى. وقد تحدث إلى ضابط ألمانى فقال . . . هلم أكن فى 
يوم من الأيام فاشيا » وإنما كنت دائها جنديًا يطيع الأوامر 6 . وباارغم من أنه 
اعترف خيبة أمله فى عودة موسولييى إلى الحكم » إلا أن كراهيته لبادوليو » واحتقاره 
للدسائس السياسية الى كان يوم ببا ضياط القيادة العامة » كانا كبيرين » بحيث 
حملتا الألمان على تجاهل عيوبه السياسية وعدم فاشيته » ولا ريب فى أن 
الحكومة قد اكتسبت مظهراً ترما بتعيينه وز يرأ للدفاع .أما الوزارات الأخرى فقد 
أسندث إلى رجال لم يتميز را بالشهرة ولا بالمواهب الفائقة » فقد أصبح ترينجالى - 
كازانوفا وزيراً العدل ودومنيكو ببليجرينى وزيراً للمالية سيلفيوجاى وزيراً 
للاقتصاد وإدوار دو موروف وزيراً للزراعة » وكالوالبرتربيجيى وزيراً للتربية » 
وجيسيى بيفريل وزيراً للمواصلات . واختير فرانسيسكو ماريا باراكو سكرتيراً 
عامًا لرئاسة مجلس الوزراء . وخل'موسولينى نفسه من أعياء وزارة. اللخارجية 
ما سمح له عزاولهاء بيها عهد بوكالتها إلى الكونت سيرافينو مازوليى . وكان هذا 
رغم جسده الضعيف الذى أنبكه السل والسكر» يتميز بالحماسة والعتف والحنون » 
وكات صال حا كل الصلاح لإجراء الدسائس و«للاواقعية التى صبغت الحمهورية 
يطابعها . 
وكان موسوليى طيلة حياة جمهوريته يبذل أقصى اللهد لتجنب صحبة الوزراء 
الذين يؤلفون حكودته » مؤثراً التحدث إلى رجال من الحوارج السياسيين . وكان 
من أبرز هؤلاء كارلو سبليفيسترى » الصحى الاشراكى ونبقولو بومباكى الشيوعى 
السابق ونائب السكرتير العام للحزب الاشاراكى الإيطالى» وكان يعرفهما منذ عام 
1 ععندما كانا يعملان معه كمعلمين فى مدرسة واحدة فى جوالتبيرى .و بالرغ من 
أن بومباكى ٠‏ صديق شبابه » كان قد تحول إلى عدو سياسى له فإن موسولينى 


وام 
تطرف ف عام 1917 فى مساعدته ومساعدة أسرته » عندما أخرج منعمله . وكان 
هذا العمل فضلا لم يستطع بومباكى السريع التأثر أن ينساه أبداً . وعندما سأله 
أحدم عما يعتزم أن يعمله » إذا امبارت الحيوش الألمانية قال . . . 9 سأشاطره 
مصيره . فأنا أن أنمى ما عمله لأسرثتى » عندما كانت تتضور جوعاً ؛ . 
وكان يقول إن موسوليى نفسه الآن فى حاجة إلى المساعدة والعطف . ولذا فقد 
مفى للإقامة معه ق روكاديل كاءيناى. وكان يصغى بطويل صبر وتفهم لشكاواه 
الطويلة من الأأان وتذمره وحملاته عليهم ولاسها أن نفوذهم عليه هنا كان كبيراًكما 
كان فى ألانيا نفسها . ْ 
وكان جنود الحرس النازى يحرسون حدائق دارته باستمرار . و بقفون مراقبين له ؛ 
وهو حاول استعادة قواه الضدائعة ء ولياقته البدنية » بتحطيب الأشجارق الحديقة , 
وعند ما تقرر بناء على نصيحة الألمان إقامة عاصمة الحكرمة الحديدة فى بلدة سالو 
على نحيرة جاردا بدلا من رومة » البى قد يتسحب منبها الألمانعما قريب أمام 
الحلفاء . انتقل عوسوايى إلى دارة فيلار ينيل » فى بلدة جرجنانو الصغيرة والواقعة 
على بعد بضعة أميال إلى الشمال من سالوعلى شاطئ البحيرة . وراح انود الألمان 
يتولون حراسته ق مقره الحديد أيضاً!١)‏ . وقد اتير هؤلاء الخراس من دهماء الآلمان 
الذين لا يجيدون الألمانية بله الإيطالية » وكان منظرهم يثير من البأس مالايطاق فى 
نفس موسولييى . وكثيراً ما مع يشكو غاضيا . . . وأنا لا أريد من الناس 
أن يظنوا أنى سجين : . ولكنه كان سجيئآ سمقنًا . فقدكتب ضابط ألمانى شاب إلى 
أسرته يقول . . . « إن الخراسة عليه مشددة . وأنا لا أخمطوف الحديقة إلا إذا غنيت 
أو صفرت . إذ أن هناك رجلا من الحرس النازى ووسلسه فى يده »ء وراء كل 
شجرة ..وهناك عدد من الإيطاليين أيضآً من ذوى القمصان السوداء لتغطية المظهر 
ليس إلا ) . ْ 
وكان انود الألمان يتبعونه بسياراتهم العسكرية » إذا ما تحرج يسيارته » 
كا كان المواسيس الألمان يصغون إلى مكالماته الهاتفية الى كانت تم عن طريق 
60 كان من أ مظاهر الضعف فى جمهورية سالو » أمها أقيمث فى ذلك المكان الناق فى الغيال 
لغرورات عسكرية ملحة » ولا ريب ف أن الحكوية الفاشية بتسليها عن رومة . عاصمة البلاد التاريخية » 
قد فقدت كل ما كانت تطمع فيه من مكانة ضثيلة » فى الظروف الى شلقت فيها » ما أوحى يحقيقة 
وضعها الغريب . « المؤلف » 


م 
مقسم الحيش الألانى . وكان يتلنى زيارات منتظمة من ارال وولف »والسغير 
ران » «الدكتور زاخارى والعقيد دولان »ع فقد تلقرا شخصيا تعلمات من «ملر 
بأن لا يغيب الدوتشى عن أنظارهم . وكان كثيراً ما يتذءر قائلا . . . « إن وولف 
ودواان "ما سجاناى 6 . وعنده!ا كان يطل برأسه من النافذة » فيرى خحوؤة ألمانية ... 
كان يقول « [مبم هناك كاليقم ف جلد الحرباء ؛ . 
وكان يكير من التذمر على هذا النحو لزائريه من الإيطاليين » ولكنه لم يشلك 

مرة واحدة إلى هتلر . وقد كتب إليه ذات يوم شاكياً من السلوك المتعسف المستيد 
للجنود الألمان » ومن احتلاطم المتغطرس للأقسام الشمالءة الشرقية من إيطاليا الذى 
شابة الهم" تقريباً » ومن موقف الحكومة الأمانية » الى تعتبر موقفه موقف التابع 
ها . لكنه لم بتلق رد مرضياً . ولذالم يعد إلى مثل هذا الاحتجاج المطلق» «ستمد”ًا 
شيثاً من العزاء من معرفته يأنه قد احتج مرة واحدة على الآقل » ومعيداً ثلاوة 
الصورة الى احتفظ بها أحد سكرتيريه ى درج مكتبه بكثير من الرضى . 

ول محتج موسوليى على ا كمة خحونة الحامس والعشرين من يوليو » وهى 
امخااكمة الى فرضها عليه هتلر . فقد قبل شروط هتلر » وأصدر أوامره باعتقال 
هزلاء اللدونة وتقدريمهم إلى انحا كة . وكان يقول إن على العالم أن يعرف أن مؤامرة 
خفية قد حيكت ضده وأن الملك قد اشترك فيها » وأن يعرف أيضاً أنه ما زال 
صاحي السلطان » وأن دوتشى الفاشية أقوى من كل شى ء . ووصف سكرثير وه » 
أنه عندما كانت أسماء الدوئة تتلى على: مسامعه » كان وجهه يتخذ تعبيراً جامدآ 
كالرخام » كوجه الإمبراطور كراكلا الذى عرف بالغلظة والبعد عن الرحمة 
والعاطفة . وكان ق فقط أن يحلسوا بما كان يفكر فيه . ترى هل كان 
يحنى وراء تلاك الصورة من الحمود الثلجى شعوره بالحجل لضعفه وعجزه عن «قاودة 
مطالب هتلر ؟ أو هل كان يحى قلقا إنسانينًا على أطفال ابنته إيدا » الذين ظل 
الألمان حتى بداية شهر ديسمبر يحتجز ونهم فى مونبخ وكأنهم رهائن ؟ أو هل كان 
يأمل فى استعادة شهرته بالعدالة الصارمة وعدم النحاباة ! أو هل كان يؤمن -قنًا 
بما قاله ذات يوم لسيرفينو مازوليى » من أن هذه امحاكمات ضرورية لأسياب 
تتعلق بالدولة ؟ وهل كان صادقاً عندما قال فيا بعد للصحق إيفانو فوساق » 
بأنه لم يكن راغبا فى المحاكة شخصيئًا » ولكن الحزب والألمان كانوا مصممين, 


م 

على إجراتها و لإعادة الإعان بالحلف الألمانى ‏ الإيطالى » ؟ . 

ومهما كانت الدوافع الى دفعته » فإن الذى لا شلك فيه هو أنه قد أصدر 
فى الرابع والعشرين من نوفبر عام 19448 » مرسوماً بزقامة المحكمة اللخناصة ء وأنه 
لم ياردد لدظة واحدة فى عزمه على الوفاء بوعوده إلى هتلر . وقد نص المرسوم على أن 
تستلهم المحكمة « العدالة فى حكمها ؛ : وأن تستوحيه أيضاً « من المصالح: العليا 
للبلاد الى تخوض غمار الحرب 6 » ونص الميسوم أيضاً على أن من واجب رئيسسها 
أن يسير فى إجراءاته و دون اكتراث بأى إنسان مهما يكن ؛ » ولم يكن ثمة شلث 
فى هوية المعى بهذا التعبير الغامض . ُ 

وكانت إيدا قد جاءت لرؤية أبيها بعيد عودته إلى إيطالي! . وعندما وصلت 
وكان الإعياء قد أخذ منها كل مأخل بعد رحلة طويلة ى قطارحرنى بطىء . راحت 
تتوسل إلى أبيها » بما يشبه د الحستيريا » بأن ينقذ زوجها جاليازو هن قبضة الألمان . 
فرد عليها موسوليى بنفاد صبر . . . ٠‏ لا تضطرفى إلى هذا الحد ؛ . ونصحها بأن 
' تمفبى إلى دار للتمريض » فليس فى استطاعته أن يعينها بشىء . فقد زوده 
ريبينتروب « بوثائق مادية » » تثبت بصورة تقطع ألشلك ‏ خيانة جاليازو » 
ولا سيا مع الإنجليز» » وأنه لا يستطيع أن يغفر له ذلك لأن إيطاليا لا تغفر له . 

وكان تشيانو قد اجتمع بموسولينى تحقيقاً لوعده فى مونيخ وذللث قبل 'عودته إلى 
إيطاليا » وكانت المقابلة قصيرة ومؤلة . وحاول ١‏ الفطر السام » كما كان جوباز 
بدعوه » أن يشرح للدوتشى سلوكه فى املس الفائى الأعلى » بيما ظل وجه 
الدوتشى جامداً كالصخر » وخالياً من كل تعبير . وبدا وكأنه لا يستمع إلى 
صوت جاليازو » وهو يتطلع إليه باشمئزاز جامد » لا يصفح ولا يغفر . وظل 
واقفآ » أمام المدفأة » عندما فارقه تشيانو » دون أن يسمحله بوداعه . و بدا وكأن 
الدوتشى قد قرر أنه لا تلف أيضاً عن الرجل الذى بات الآن سيده » وأن الشفقة 
لا تعيف طريقا إلى قلبه » وأن خيانة زعم الفاشية خيانة عظمى ٠‏ «أن عقوبتها 
الوحيدة هى اأوت . وكان يقول قبل سنوات طويلة . . . ١‏ أشعر بشبه كبير 
بدانى » فى وطنيته » وصلابته » فقد كان لا يغفر لأعدائه حبى بعد أن يصل 


بهم إلى المحم © . 


8 

وحاول تشيانو بعد هذه المقابلة مرة ثانية » الرحيل إلى أسبانيا ولككن الألمان 
حالوا بينه وبين تحقيق بغيته من جديد . لكوم سمصوا له بالعودة إلى إيطاليا » 
فاعتقد أنه سيستعيد حريته » ولذا طار من مونيخ إلى فيرونا حيث اعتقلته على الفور 
قوة من تود الألمان ورجال الشرطة الإيطاليين . 

ولا فشلت إيدا ى نحطيم تصمم والدها المتحجر » مضت إلى هتار ثقابله » 
ولكنه رفض أيضاً التدخل لإنقاذ حياة زوجها . وراحت تتوعد بأنها ستحسر 
الثقاب عن أمرر “بز العالم بأسره » وأصيب هتلر » كا قال موسوارى لمازوليى 
١‏ بشىء من الفزع » » ولاسما أنها قد أعادت تبديدها ق رسالة بعثت بها إليه . وليس 
ئمة من ريب فى أن هتار طلب عن طريق السفارة الألمانية تأجيل الحاكة . 
لكن موسوليبى مسكا منه بالدور الذى أخذ على عاتقه القيام به » كان أصلب 
من الصخر . وأعلن أنه و لن يؤجل امحاكة يوماً واحداً » . وعندما نصحه ريجل 
القانون رولاندو ريثشى الذى ساعده قى إعداد دستور الحمهورية الاشتراكية 
الديدة : بالعدول عن احااكة ء رفض النصيحة بنفس العناد . وعندما توسلت 
إليه إيدا توسلا عاطفينًا بوصفه والدها » وجد أطفالها . رد قائلا . . . الم يكن . 
أسلافنا الرومان يترددون -لحظة واحدة + إذا تطلبت مصلحة رومة العليا » فى 
النضحية بأبنائهم فى سبيلها . وليسث القضية هنا قضية والد أو جد ؛ بل قضية 
دوتشى الفاشية ؛ . . وانفجرت إبدا باكية ثم خخرجت من الغرفة مهرولة . 

وباتت إيدا على وشلث الامبيار العصى » فاستمعت إلى نصيحة والدها ومضث 
إلى دار للتمريض «الرعاية ى راميولا قرب بارما » حيث دخلته تحث اسم مستعار 
هو إيلزا سانئوس . ووصف جيوفانى دولفين » أحد سكرتيرى مرسوليى » زيارتها 
لبيت أبيها . ولم يكن هذا قد رآها من قبل ٠‏ فتأثر بالشبه الكبير بينها وبين 
أبيها » وكتب فى يومياته يقول . . ١‏ إنبا تختلف كثيراً عن صورها الفوتوجرافية » بل 
إنها صورة طبق الأصل عن أبيها ) . وكانت لما نفس العيون ونفس التقاطيع » 
ونفس الحركات ؛ ونفس الوضوح ف الحديث . وكانا يتشابهان أيضاً فى نفس 
العادة العصبية وهى الرجوع فجأة بالرأس إلى الوراء وسط المعديث » ونفس التطلع 
بنظرات مغناطيسية إلى الشخص الذى يتحدثان إليه . وبالرضم من ألها حاوات 


م 
إخفاء هياجها » إلا آنا كانت قريبة من الحنون . وبدت غير مهندمة وشاحية 
الوجه ء ونحيلة الحسم » وكأنها مريضة تمامآ كا كان والدها قبل بضعة أسابيع . 
وعندما غادرت الدار بعد أن فشلت ق مهمتها » لاحظ أحد الخدم » العبرات 
وى تنساب من مآفيها على وجتتيبا . ولم مض يومان على هذه الزيارة حى كان 
الضابط الألالى الذى يتولى قيادة حرس الدارة » يستدعى إلى فيرونا » ليوضح 
الأسباب الى دعته للسماح للكونتيسة تشيانو » ابنة موسوليى المقربة » بدخول 
الدارة . 

وم يكن لقلق الأللان عا يبرره . واستمرت الإعدادات حاكة تشيانو . 
واخقار موسوليبى لرئاسة الحكمة اميا قدبماً يدعى الدو فيشيى ٠‏ كان يشارك 
رولاندو ريثى شكوكه فى صلاح الأدلة التى تقود المهمين إلى الحاكة » ولكنه 
اضطر إلى استبعاد هذه الشكوك . أما الأعضاء المانية الباقون فلم تكن لديم 
شكوك أبداً » وكان خمسة منهم » من أشد الئاس إخلاصا للفاشية . ولم يمثل أمام 
امحكمة من التسعة عشر متهم إلا ستة فقط © أما الباقون وبينهم زعيمهم جراندى 
الذى فر إلى أسبائيا فور اعتقال موسولينى » فقد تمكنوا إما من الفرار إلى الخارج » 
أو الاختفاء فى إيطاليا. وكان الحاضرون هم اميليو دى بونو وتوليو شيائيى وجيوفائى 
ماريتيللى وإوشبانو جوتاردى وكارلو باريشى وتشيانو . 

وبدأت اغاكة ق الساعة التاسعة من صباح السبت فى الثامن من يناير 
عام 4؟! فى قاعة كاستيلفيشيو فى فيرونا . وجلس أعضاء المحكمة » وكانوا 
جميعا يرتدون القمصان السوداء » على منضدة تقوم على منصة ترتفع وراعها » 
قطعة كبيرة من القماش الأسود نقش عليها شعار الفاشية . وتلى كل متهم ى الليلة 
الى سبقت امحاقة » هدية عن مجهول » هى : كفن مصغر ؛ . 

وكان إلى الشمال مقعد يجلس عليه المنهمون الستة . وإى بيعم منضدة » 
جلس عليبا الصحفيون والمصورون السيئائيون . وأمام القفهاة مقعد يجلس عليه 
محامو الدفاع » ووراءهم مقاعد النظارة . وكان المطر فى الخارج قد تسدول إلى ثلج 
يتساقط . وجاء النظارة من الخارج صامتين يرتجفون من البرد . 

وتلا كاتب الحكمة نص الامهام بصوت جهورى بشع . وقد امهم المسجونون 


845 
بأنهم ‏ انتبروا فرصة الاقتراع أ الغجلس الأعلى للفاشية فى الخامس والعشرين من 
بوليو عام "1441 فى مدينة رومة » فتآمروا مع بعضهم وحاولوا تحطم استقلال 
الدولة » وأنهم لم بحبطوا بتشجيعهم الأوهام بشروط صلح هينة » روح المقاومة 
المعنوية عند الأمة فحسب » وإنما أحبطوا العمليات الخربية أيضاً » وعملوا بذلك 
على مساعدة العدو وتخفيف الأعباء عله ) , 

وكان الماريشال العجوز دى بونو البالغ من العمر ثمانية وسيعين عاماً هو 
أول ا نبمين » الذين دعوا للرد على هذه المهمة . ووقض أمام امحكمة ببزته العسكرية 
وقد زينها مجميع الأسعة الى الها قبل الزحف على رومة وبعده. وكان قد 
رفض فى البداية أن يعتبر نفسه مهددا بالمحطر . وقد يككون من حق الملك وبادوليو 
أن يرتحلا جنوباً إلى برنديزى » ولكنه هو قد خدم مرسولينى بإخلاص أكثر 
من عشرين عاماً » وكان على ثقة من أنه لن يصيبه ضير . ورفض يثبى ء من الترفع 
اقتراحات أصدقائه » بأن يختى وأن يحلق ذقنه الشبيرة المميزة . وعندما اعتقل ع 
خيل إليه أن موضوع براءته سبظهر ى غضون أيام » ولم يحاول انتباز الفرصة الى 
أتبحت له عندما أصيب بالمهاب السحايا » وسمح له بالعودة إلى دارته الريفية مقابل 
وعد بشرفه بأن لا يفر . فقد عاد إلى فيرونا فى سيارته ؛ وأمر سائقه بأن ينتظره 
إذ أن غيابه لن يطول . ولكن شيا ما فى جو المحكمة » سرعان ما أوحى له بأنه 
كان على خطأ فى تقديره . وكانت لديه حاسة الرجل العجوز بالموت . وبين 
كان استجوابه يسير فى الطريق المعتاد » قاطع إجراءات المحكمة فجأة » وقال 
بفروغ صيبر ٠‏ لل هذا عبث . يبدو أن هناك من قرر أننى يجب أن 
أموت . أنا رجل عجوز . عجوز لغاية . إذن ٠‏ فأنتم لا تسلبون مبى شيثاً . ولكن 
أرجو أن تسرعوا ؛ . ومضى إلى مقعده وسط همهمة من العطف » صدرت عن 
جماهير النظارة » وجلس ى مكانه . وبالرغم من أن استجوابه لم يكن قد اننهى » 
فإِن رئيس المحكمة » شثل الاسبام » لم ير وا على استدعائه من جديد . 

وقد أخفقت جهرد المحكمة فى إقامة البينة على وجود '«مؤامرة مسبقة» » 
عندما استدعى انهم الثاتى وهو كارلو باريشى لاستجوابه . وكان باريشبى هذا 
وزيراً للزراعة » وكانت جلسة المجلس تلك » أول جلسة يحضرها للمجلس 


ان 


الأعلى . وكان شابًا يفتفر إلى التجربة . وقد بدا كا قال أحد الصحفيين 0 ذاهلا 
من البهامه 6 ء ولكنه ود بمننهى الهدوء على أسئلة تمثل الاتهام » نافيا ماولائه إقامة 
الدليل على وجود مؤامرة للإطاحة بالدوتيى تمهيداً للصلح مع العدو . وأمى 
استجوابه قائلا بشجاعة « كان جميع الإيطاليين المسثولين ضد موسوليى وضد 
الحرب . ولكن لم يكن هناك اتفاق بين أعضاء المنجلس الأعلى كما تقول » ولم 
تكن ثمة مؤامرة . وكل ما فى الأمر أن الكأس كانت قد امتلأت حتى نبايتهاء فجاء 
جراندى وصب النقطة الأخيرة الى جعلتها تطفح ؛ . 

وكان جيانيبى امهم الثالث الذى استدعى للاستجواب . وقد قال إنه سحب 
تأبيده لاقتراحجراندى فور إعطائه له . وإن إيمانه بالدوتشى لم خب حظة واحدة . 
ولم يشر بقليل أو كثير إلى وجود مؤامرة مديرة . وكذلك فعل جوتاردى الرئيس 
السابق للاتحاد الفاثى لعمال الصناعة » الذى قال إنه اقترع إلى جانب مشروع 
جرائدى . لأنه "كان يأمل ى أن يؤدى « إلى تحرير الدونشى من مسثوليات القيادة 
العسكرية اتخطيرة فى ذلك الوقت الذى سارت فيه الحرب سيراً سيثا » . ولم يعتروف 
مارنييللى أيضاً بوجود المؤامرة . وكان هذا الرجل الأصم الذى يلغ اللحامسة والستين 
من العمر » خازنا لأموال الخزب سنوات طويلة . وقد ذكر أن صممه لم يمكنه 
إلا من التقاط عبارات عابرة من اللحطب الى ألقيت فى اجمّاع المجلس » وكان 
قد وقع تحت الانطباع بأن القرار لا يحتوى على شى ء يسى ء إلى الدوتشى أو الفاشية » 
وأنه افترض أن القرار حظى بتأبيد موسولييى نفسه . وعندما استدعى تشياذو أخيراً » 
لم يوبئ بشى ء إلى وجود مؤامرة للإطاحة بالفاشية والدوتشى ٠»‏ وقال . . . الم يتقدم 
جراندى باقتراح من هذا النوع ٠‏ ولم أكن لأتصور لحظة واحدة » بأن القرار 
سيؤدى إلى سقوط العهد ٠»‏ 

وقال ممثل الاغهام . . . « ولكنتك وقعت أمر جراندى البوبى قبل ساعات من 
عرضه كاقتراح على الاجماع ؛ . 

- أجل قبل بضع ساعات . ولكننى عرفت من جراندى أن سكور زا حمل نسخة 
هنه إلى الدوتئى . وعندما تكون هناك مؤامرة للإطاحة بإنسان عن طريق الخيائة» 
فإن المتآمر » لا يحذر عادة من يتآمر عليه © ولا يبلغه بالوسيلة الى سيستخدمها . 


1 

- ولكنك لم تق شخصيئًا بإبلاغ حمييك . وكان من الطبيعى أن تفعل هذا 
بالنسية إلى العلاقة الشخصية الى تربطك به . 

لم يكن فى وسعى ححتى أنا أن أرى موسولينى » وقد انقضت على ستة 
هن دون أن أنمكن من ر ؤيته : 

وانقضى ذلك اليوم بطوله بين استجواب المهمين ومناقشهم وتلاوة إفاداتهم » 
ولكن ممثل الاتبام لم يستطع » مطلقآ الكشف عن إشارة واحدة إلى وجود مؤامرة » 
وهو ما كان يفئرض منه أن يقي الدئيل على حعة وجودها . ولكن عندما انعقدت 
امحكمة فى الصباح التالى » لتستأنف عملها » عرضت على المحكمة وثيقة » أظهرت 
إلى حد كبير » أن الأعمال الى يهم بها المسجونون » لم تككن على ذلك النحو من 
البراءة » الى حاولوا تصوير أنفسهم بها فى اليوم السابق . وكانت الوثيقة الى تلاها 
رئيس الحكمة بكثير من الأناة والتأكيد » ورقة كتبها الحترال الكونت أوجو 
كافاليرو ؛ الرئيس السابق لأركان الخرب . وقد عثر على كافاليرو ميا على مقعد 
فى حديقة عامة ق الساعات المبكرة من صباح الرابع عشر من سبتمير وبعد بضع 
ساعات من تناوله طعام العشاء على مائدة الماريشال كيسلرنج ق مقر قيادته ى 
فراسكاق . وكان شمة مسدس إلى جانبه . وبالرغم من أن ثقوب العيارات النارية 
فى الخائب الأيسر من رأسه » كانت فى وضع غريب بالنسبة إلى رجل منتحر » 
فلم يكن الآن مة ما ببرر الشك فى تقرير السفارة الألمانية بأن كافاليرو قد انتحر 
بإطلاق الرصاص على رأسه . وكان بادوليو قد أمر باعتقاله فى نفس اليوم الذى 
عقد فيه اجهاع النجلس الأعلى » وكان موسوليى قد نحاه عن منصبه 
من قبل ليخلفه فيه امبروزيو . وهكذا لم يكن ليثق فيه أحد انانبين » وكان 
يعرف أنه إذا عمل مع أحدهما » فإن الخانب الاخر سيصمه بالحيانة . وكان قد 
اشئْرك إلى حدما وبصورة مترددة فى بعض المثامرات للإطاحة بموسوليى ٠‏ وقد ٠‏ 
ذكر كيسلرنج أن فكرة لقائه من جديد بالدوتشى قد تكون هى الى دفعته إلى 
الانتحار . وقال رئيس انحكمة إن الوثيقة التى كتيبا » وجدت فى مكتب بادوليو 
بعد فرار الحكومة إلى برنديزى , ولا ريب فى أنها بالتفصيلات الوافية الى أوردتما 
عن المؤامرات ضد الدوتئى ابتداء” من نوفبر عام 14417 ء هى عين ماكانت تطلبه 


1 


النبابة من دليل . وكان ثمة شك فى صحعنها » ولا سما أن تقديمها .هذه الصورة 
المتأخرة إلى المحكمة يجعل الشك فيها أمراً طبيعينًا 1ن كانت الأحداث فيا يعد 
قد أقامث الدليل على صمة جميع الوقائع البى وردت فيها . وقد حسرت الوثيقة 
النقاب عن أن رئاسة الأركان العامة بالاتفاق مع المللك » كانت تبحث جديا 
فى الإطاحة كوسولييى قبل تسعة أشهر من انعقاد المجلس الأعلى » وأن امبروزيو 
وبادوليو قد اتفقا على أن يكون المنجلس الأعلى هو الأداة فى تحقيق مشاريعهما » 
لإكساب هده المشاريع الصفة الدستورية . 

وقبل أعضاء المحكمة بوثيقة كافاليرو كدليل مادى » واعتبروا أن الامهام 
قد أقام قضيته على أساس صميح . وانصرمت الحاسة المسائية فى ذلك الووم » 
وجلسة اليوم الثالى فى الاسمّاع إلى الحجج الحذرة الى تقدم مها محامو الدفاع 
عن المهمين » وإن كانت نتيجة الحا كمة قد غدت الآن واضحة كل الوضوح » 
إن كان نمة شلك فيبا مئذ البداية . وعاد رئيس المحكمة فى الساعة الواحدة والنتصف 
من بعد ظهر الاثنين ليعلن أن الحكمة فقررت الحكم على جميع المهمين بالإعدام 
باستثناء شيانيى اللى قضت عليه بالسجن ثلاثين عام . 

وهتف شيانيى . . . شكراً » شكراً . أما مارنييللى فقد أغمى عليه . وهتف 
دى بونو بأعلى صرنه «اعاشت إيطاليا ؛ وردد باريشى وجوتاردى وتشيانو المتاف . 

وجاء الكاهن الذى استمع إلى اعترافات المحكومين فى سجن ديجيل سكانوى » 
إلى السجن ثانية فى الساعة العاشرة من ذلك المساء » ليراهي من جديد . ورفض 
الحراس الألمان السماح له » ف البداية بدحول زئزانة تشيانو » ولكنه راح هتف إلى 
قيادة المستابو مؤكداً طلبه ء فأمرت هذه رجاها هاتفيثًا بالسماح له بالدخول » 
ليؤدى الحكوم واجبائه الديئية الأخيرة . 

وقبل بضع ليال » وجد تشيانو فى زنزانته ؛ رفيقاً من طراز آخر . كان هذا 
الرفيق فتاة رائعة امال ٠»‏ شقراء الشعر » دفع مها الحستابو إلى زنزائته فلعلها 
تستطيع إقناعه ء وهو الكثير الشكوك » فى حظة من لحظات العاطفة أو الشهوة 3 
بأن يكشف غا عن المكان الذى أخنى فيه يومياته الى كتبها . لكن هذه الخيلة 
القدبعة خلفت نتيجة غير متوقعة » فقد فشلت هذه السيدة » الدونا فيليسيا » فى 


84 
إقناع تشيانو » بأن يدها على ثيئنء » وروى العقيد دولان » أنها وقعت فى هواه ؛ 
وبكت بكاء مرا عندما حكم عليه بالإعدام » ثم تحولت أخيراً إلى جاسوسة 
ووجد تشيانو بعض العزاء فى ساعاتئه الأخيرة . فقد تلبى رسالة فى السجن 
هربت إليه من الخارج » تقول إن زوجته تمكنت بمساعدة عشيقها المركيز 
أميليو بوشى من الفرار عبر الحدود إلى سويسرا » تحمل بعض : الدفائر » الصغيرة . 
التى تضم يومياته الأخيرة » بعد أن أخفتها فى « حزام » منطقت به » مخلفة يومياته 
الأولى مع بعض الوثائق المهمة الى تتناول العلاقات الألمانية ‏ الإيطالية والى كان 
تشيانو قد أخذها من ملفات وزارة اللتارجية ؛ مع أحد الأطباء فى دار الُريض 
الى كانت تقم فيها . وكانت إيدا قد جمعت هذه الأوراق والدفاتر من عخبئها فى 
رومة » وأملت ذات يوم فى أن تساوم الألمان عليبا » مقابل إنقاذ زوجها من 
الموت . ويدأات المفاوضات بالفعل مع الحستابو فى إيطاليا » ولكن عندما تمى 
نبئها إلى هملر » راح يقنع هتلر » بوضع نباية لها . ولم يككن تشيانو » على أى 
حال ٠»‏ مؤمئاً باحيّال نجاحها ٠‏ وقد ذكر للكاهن الذى زاره فى الليلة الى 
سبقت إعدامه » بأنه واثق حتى فى ححالة نجاسحها » من أن الألمان سيديرون له 
طريقة يموت فيها . ْ 
وبعد أن أدى تشيانو واجياته الدينية الأخيرة » استحصل له الكاهن على 
إذن بأن ينضم إلى امحكومين الآحرين بالإعدام ف زئزائة دى بونو. وكان مارينبللى 
قد أصيب بنوبة قلبية » فاستلق على الفراش بيهًا ظل الآخحرون يتحدثون إلى 
الكاهن . وقد تحدث هذا فوا بعد فقال . . . الم نتتحدث عن الحياة الى القضت ٠»‏ 
وإنما تحدثنا عن الحياة المقبلة » وعن الله » وخلود الروح . حقًا كانت ليلة ممتعة » 
أشبه بليالى سقراط » . وراح باريشى يقرأ مقتطفات من أفلاطون ؛ أنيذ الاخجرون 
يلاقشوله فيبا . وذاكر أحدهم ام موسوليبى ٠‏ وسرعان ما تحول الحديث لفيرة 
قصيرة إلى محا هنهم . وقال جوتاردى » إن إعدامهم كنخونة سيم بإطلاق النار على 
أقفيهم . وهنا صرخ دى بونو غاضباً بصورة مفاجئة » وقد تجمعت الدموع فى 
عينيه . . . 0 هذا كثير . فقد أرتديت بزة الحندية اثنين وستين عاماً على التوالى » 


م 
دون أن ألوتها بلوية واحدة ع . ' 
وجاءت الأنباء عند الفجر بأن موعد التنفيذ قد تأجل . وكانوا جميعاً فد وقعوا 
فى الليلة الفاثئة طلبا بالاسترحام » وعد بافولينى بتسليمه إلى موسولينى وكان من 
المتوقع أن يصدر عفوه عن دى بونو على الأقل . وساور الأمل أفئدة المسجونين 
بعض الوقت » ولكن دى يونو مه رأسه قائلا . . . : إنه أمل لا جدوى منه . 
واذكروا أن جاليازو بيننا» . وقد حرص بافولينى فى الواقع على عدم تقدم 
الاسترحام إلى مرسوليبى » ليجنب الدوتشى كا قال «مشفة تصديق حكم 
الإعدام ) : 
وجاء ضابط ألانى فق الساعة الثامنة صباحاً إلى السجن يقول إِنْ ١‏ المصاعب 
الفنية » قد ذللت » وأن التنفيذ تم فى غضون ساعة على بعد بضعة أميال خخارج 
فيرونا فى قلعة بروكواو . ونقل امحكومون فى سيارة إلى هناك تحت حراسة الحنود 
الألمان . وفقد تشيانو فى نوبة هياج زمام السيطرة على أعصابه » وراح يشت موسوليى 
ويلعنه أقذع اللعنات » إلى أن وضع دى بونو يده على كتفه قائلا له بأن عليه 
أن يستقبل ربه وقد غفر للمسيئين إليه . 
وكان الصباح قر شديد البرودة » مما دعا دى بونو إلى أن يفرك يديه بعنف 
وهو يمخطو من السيارة إلى صل من المقاعد المدرسية » كان المحكومون سيشدون إليها 
وقد أعطوا ظهورهم لاثلة الى ستطلق النار . وكان نشبانو قد عاوده هدوؤه من جديد 
فأشار إلى المقعد الأعن وقال . . . ٠‏ هذا مقعدك يا ماريشال » فهو من حقلك » . 
ورد دى بونو قائلا . . . ولا أعتقد أن ثمة أهمية للأسبقية فى الرحلة الى 
سنمضى إإيها بعد لحظات » . 
وطلب الرجلان من ضصابط الشرطة الذدى يقود ثلة إطلاق النار » أن يواجها 
البنادق بصدريهماء ولكنه رفض طلبهما . وأغمى على ماريةيللى من جديدء وحمل 
إلى مقعده حملا . وخلع باريثبى معطف الفراء الذى كان يرتديه وقدمه إلى اللمندى 
الذى كان يشد وثاقه إلى المقعد . ويم جوتاردى بضع كلمات لم يسمعها أحد » 
ولعله كان يصلى . وكانتالسماء متليدة بالغيوم ؛ وشلك مولر » المصور الألمانى » 
فى أن الصور الى سيلتقطها ستكون واضحة . وبيهًا كان يضبط عدسته » هتف 


دومع 
دى بونزو «عاشت إيطاليا » . 
"ورد كيائو هاا ... :.عاشت إبطاليا: 
وصدر الأمر بإطلاق النار » وأعدم الرجال الخمسة . وتمكن تشيانو فى اللحظة 
الأخيرة من الإفلات من وثاقه ؛ وواجه جلاديه . ولم تكن إصابهم له دقيقة فلم 
يمت » وتقدم إليه ضابط الحرس » فأفرغ رصاص مسدسه فى رأسه . وظهر ى 
صنورة موطلر » وجه نشيانو بمنمبى الوضوح » وقد علاه الهدوء ورباطة الخأش . 
وكان تشيانو قد قال لكاهنه . . . ١‏ لققد جرفتا نفس العاصفة . وكل ما أرجوه 
أن يعرف أولادى أننى مث لا أحمل حقداً على أى إنسان » . 


5 


ورأس موسوليى بعد ساعتين جلسة مجلس الوزراء » وبادر وزراءه قائلا 
بتجهم . . . : أحذت العدالة مجراها » . | 

وكان قد قضى كعادته فى هذه الأيام ليلة قلقة لم يذق جفنيه فيها طعم 
الكرى . وروى سكرثيره جيوفانى دوفين » أنه تحدث بالهاتف فى الساعة الواحدة 
صباحا » طالباً أنباء ابنته إيدا » والرجال المحكومين فى فيرونا . وتحدث فى الساعة 
السادسة بالحاتف إلى الحترال وولف . ويبدو أنه كان متلهفاً على أن يظهر عظهر 
الإنسان الحادئ الذى لا يتأثر بعواطفه » إذ ظل يتتحدث إلى النرال الأللانى ساعة 
كاملة بمننهى اللطف والود . وروى كل من العقيد دوئان والهر مولهاوزن رئيس الة 
السيابى فى السفارة الألمانية أنهلم يلكر طيلة الحديث شيئاً عن « المأساة الوشيكة 
الوقوح ؛ . وذكر وولف ارهاوزن » أله يعتقد بأن موسولبنى أجرى هذا الحديث الهاتق 
الطويل . . كيسيلة يقغى بها تلك الساعات الحرجة » وتحول دون ضعفه وابياره.» . 

وعندما جاءه دولفين يبلغه أن التنفيذ قد تأجل » هز رأسه » متمتما بعبارة 
أو عبارتين ٠‏ ثم مضى يكتب على مكتبه . وأدرك السكرتير أن الدوتشى يبذل 
جهدا بالغا ؛ للحفاظ على تظاهره بعدم الاههام . ونقلوا إليه بعد ساعة أن الكونة 


اهم 
قد أعدموا » فاستقبل التبأ بصمت هع عواطفه العميقة » النى خيل 
لدولفين أنها سيطرت عليه . وكان قد قال فى الليلة السابقة وكأنه يعتذثر . 
ول أكن فى يوم ما متعطشا للدماء . أما تشيانو فقد مات بالنسبة إلى منذ أمد 
طويل ؛ . وراح يعلق الآن باقنضاب وبشىء من التجهم » على ما نقلوه إثيه عن 
استقبال المحكومين للموت » فأعرب عن سعادته لأن يعرف يأن صهره والاتخرين 
قد ماتوا كإيطاليين شجعان وكفاشيين . ولكنه عندما مضى إلى مكتبه » دون أن 
يتناول من الطعام شيثاً » كان يبكى بحرفة » كما روت زوجته راشيل . ورا 
يقول بشى ء من اليأس لسكرتيره دولفين » وقل تحط .منتار الجمود الذى فرضه على 
نفسه أخيراً . . . «ستفقد عطن الشعب الإيطالى » وإن يفهم هذا الشعب أبداً 
ا م 


وتحولت تلك التقلبات ف المزاج الى طبعت حياة موسولييى فى السنوات 
الأخيرة » والى تمينت بعدم الثبات والدوام » بعد محاكة فيرونا » إلى حالات 
أكثر ظهوراً » وأكثر تكراراً . وراح موسوليى يقول فى اليوم الذى تلا تنفيذ 
الإعدام » لوكيل وزارة خارجيته . . . : أما وقد بدأنا دحرجة الرؤوس على الرغام » 
فسنمضى ق طريقنا هذا حتى الباية: . وراح يصدر أوامره إلى رئيس شرطته 
تامبموريى باعتقال كافة الفاشيين غير الموثوقين الذين ضمن أسماءهم قائحة 
سلمها إليه . ولكن لم تمض أيام على هذا الأمر » حتى كان قد غير فكره 1 
فراح يلغى أوامره السابقة إلى تامبموريى » متحدثا عن الصفح والغفران . وكان 
فى هذه الآونة » كثيراً ما يبدو وقد فقد كل رغية له فى الحكر » حاصراً تفكيره 
فى ماضيه وى مكانه ف التاريخ . وكان المصو رون والصحفيون الذين يفدون لقايلته 
لبقيموا الدليل للشعب على أنه ما زال حينًا يرزق » يحاولون أن يظهروه ء وكأنه لم 
ينقد شيثاً من حماسه الروحى السايق ولمتقد » ولكنهم كانوا يعترفن فى أحاديتهم 
الخاصة » بأنه كان يبدو قلقاً » مغلوباً على أمره . وكان مظهره الصحى + 5 
تحسن كثيراً عما كان عليه عندما أنقذ من سجنه فى فندق « الصكرة العظيمة » . 
وكان يرد جرأة على أسثلة الصحفيين » وينظر بقوة وثبات إلى عدسات المصورين » 
ولكن العدسات لا تكاد تختى ؛ وأوراق الصحفيين لا تكاد تبعد عنه» حبى يعود إلى 


م 
حالة التبلد الى أصبحت ترافقه فى هذه الأيام . وسأل ذات يوم العقيد دولان ؛ 
عما إذا كان صحيحاً » ما يقال » من أن أصبعاً واحدة ل ترتفع فى رومة لنصرته 
بعد اعتقاله » فلما رد عليه هذا بالإمجاب معترفاً بالحقيقة » قال ء وقل استيد به 
الغضب » إنه يستطيع أن يغفر للشعب مثل هذا النكران للجميل . ومضى يقول . . . 
هلم يفعل إنسان لرومة مندذ أيام يوليوس قيصر ما فعلته لها . وان أعود إلى قصر 
البندقية إلا كا يعود الفائحون 6 . ولكنه نسى فى الوم التالى غضبه وزهوه » وعاد 
يغوص ق حالة السبات الى تنتابه فى يقظته . 

وكان بقضى الساعات الطوال فق قراءة الصحف » متظلعاً بلهفة » إلى خخير 
ينشر عنه »© ومقتطعاً منها المقالات الى تخصه مباشرة ء حتّى ثلك الى تشرتها 
من روبة فى أوقات أسره » والنى تضمنت قصصاً مثيرة ملفقة عن حياته 
الخاصة » وعن خليلاته المزعومات . وكان يضع رقم من هذه المقالات » ويؤشر 
عليبا بقلمه الأزرق . وكان يكثر من اختلاق الأعذار لفشله » وإضاعته 
للإمبراطورية الى أقامها . وكان ينحى بالملامة على ابلميع ؛ لا يستثى أحداً » 
فلومه ينصب على قدم المساواة على البريطانيين والأمريكيين والألمان والإيطاليين 
والماسونيين والبورجوازيين «البهود ومتامرى الحامس و«العشرين من يوليو » وإن كان 
الوم فى رأيه يقع أول ما يقع على الملك . وراح ذات يوم يلى خطابً ى عرض 
للجنود الفاشيست فجوادريا ويقول . . . « لول يقع الانقلاب لما كنت اليوم ى 
ضاحية من ضواحى بريسكيا ؛ بل لكنت فى أحد ميادين القاهرة ع3 , 

وكتب وزيره للثقافة الشعبية فبرناندو ميزاسوما يقول ذات يوم ... (إنه 
لا يفكر إلا فى التاريخ » وق الصورة الى سيحملها له » . ْ 

وكان يقضى الساعات الطويلة أيضاً ؛ محاضر وزراءه وزائريه ويدوئحهم 
بأفكاره التاريمية والسياسية » مستخدما الإشارات والتعبيرات .الضخمة النى كان 
يستعملها فى شبابه . وكان يشهد ذات يوم مؤثمراً للحزب فى مقره الرئيسى فى 
دارة كافاليرو » فأحس بالملل » وهب من مقعده » ثم أل يذرع الغرفة جيثة 
وذهاباً » إلى أن توقف فجأة ؛ وقد ضم ذراعبه إلى صدره وقال بشىء من احد . . . 

ووما هى الفاشية ؟ ) . 


, حلم استمارى - عاش عليه موبولي ولكنه م يتحقق‎ )١( 


م 
وكان من الواضح أنه سؤال بيانى » إذ أنه راح يرد على السؤال قائلا . . . 
٠‏ إنه سؤال لا يرد عليه إلا بطريقّة واحدة وهى أن الفاشية هى الموسولينية . علينا 
ألا نخدع أنفسنا . فليس فى الفاشية كعقيدة أى جديد » وإنما هى ثمرة الأزمة 
الحديثة » أزمة الإنسان الذى لا يستطيع أن يظل محصوراً ضمن القيود العادية 
للقوانين الراهنة . وى وسع الإنسان أن يطلق عليها اسم اللاعقلانية ٠‏ . وقال 
فى يوم آخحر ء إنهلم يمخلق الفاشية »ء وإتما كل ما فعله هو أنه استغل الميول 
الفاشية الكامنة قى نفوس الإيطالبين . ومضى بعد ذلك يقول . . . « ولو لم تكن 
هذه هى الحقيقة » لا تبعى الناس عشرين عاماً . فالشعب الإيطالى شعب ضعيف 
قلب . وعندما أمضى عن هذه الحياة » سيتساءل المؤرخون وعلماء النفس » بكل 
تأكيد ؛ عن الطريقة الثى تمكن فيها رجل واحد » من قيادة مثل هذا الشعب 
مدة طويلة . ولو لم أفعل شيئآً سوى هذا » فإن هذه اللأئرة يحب أن تكون 
كافية نثلا يبتلعنى النسيان فى أعماقه . وقد يتمكن البعض من الانتصار بالسيف 
والنار . ولكنهم لا ينتصرون بموافقة شعوبهم » هما انتصرت أنا . . . وعندما يقول 
البعض إننا كنا الحرس الأييض الذى يدافع عن البورجوازية » فإنهم يكذبون 
دون أن بحسوا باللحجل والعار . وقد عملت » وأنا أقول هذا بضمير مسر يح 3 
على الهوض بالعمال » أكثر مما عمل أى إنسان آنر . . . وجعلت من الديكتانورية 
شيثاً نبيلا . ولكنى لم أكن ف الواقع ديكتاتوراً » لأن سلطى لم تكن أكثر من 
تنجسيد لإرادة الشعب الإيطالى ؛ . 
وسضى على هذا النحو ى حديثه . يزداد غموتباً والثواء » ويلف معانيه 
بتعابير غير واضحة ٠‏ إلى أن أصبح سامعوه » لا يستطيعون فهم ما كان يقوله » 
وكانوا بشكون فى أنه يفهم حقنًا ما يقوله . وفى مرة أخرى » وكان يتحدث عن 
الدفاع عن رومة ؛ راح يلقى خطاباً مطولا عن ١‏ انيار فرنسا عضوي وحياتينًا » . 
وكان فى هرات أخرى »؛ يعود فى أحاديثه إلى ما كان يقوله قبل سنوات طويلة 
كاشتراكى » مستبعدا ما طرأ على الفاشية من تطورات أخيرة وصفها بأنها و مصيبة 
سياسية ؛ . وقال ذات يوم لنيقولا بومباكى . . . إننا خسرنا كل شىء » دون 
أن يكون لدينا مجال للاستثناف . وسيحكم علينا التاريخ فى يوم ما قائلا إننا شيدنا 


م 
أبنية عدة » وأقمنا جسوراً كثيرة عبر عدد من الأخمر ؛ ولكنه سيجد نفسه مضطرًا 
إلى الوصول ف النباية » إلى أننا كنا من ناحية الرومم : بيادق 6 عادية على لوحة 
شطرنج الأزمة الأخيرة للضمير الإنسانى» وأننا ظللنا تمثل هذا الدور ححى الهاية . 

أصبح هذا هو التقر.م الألوف الذى بات بردده دام . وقد اعترف. ذات 
دوم فى إحدى هذه اللحظات الى كان يعكف فيها على التحليل والنقد الذاتيين 
بقوله . . . « سلمنا أنا وهتلر أنفسنا إلى لأوهامنا كزوج من اجنين . ولم يبق 
أمامنا إلا أمل واحد ء وهو أن تخلق الأسطورة ؛ . لكن الآخرين ل يكونوا فى 
حاجة إلى خلق الأسطورة » إذ أن أعماهم خلدها التاريخ . وكثيراً ما تحدث عن 
هؤلاء الناس من أمثال فردريك الكبير ونابوليون وجورج واشنطن وبسمارك . وعن 
أبناء جلدته من الإيطاليين من أمثال جاريبالدى ١‏ ء ومازيى . وجيوليى ") 
وكريسيى 7" » الذين تتشابه ظروف حياهم مع حياته . وكثيراً ما تحدث أيضاً 
عل معاضرين من أمثال بيبترونينى © الذى ظل رثم كل ما قيل وكل ما وق 
إبطالينا صاكا » ودينوجراندى » الذى ١‏ كان بالرغم من كل شىء خير من أنجبته 
الفاشية من أبنائها » » وبريان!4؟ ١‏ السيابى الوحيد الذى رغب صادقاً فى إقامة 
اتحاد اثتلانى ( فيدرالى) أورلى دون اللجرء إلى القوة المسلحة ٠‏ وأنطونى إيدن 
الذى كان يكرهه : وروزفلت الذى كان يحتقره » ولانز بور وهو ولويد جورج 
من الذين كان عيل الهم » وستالين اللى كان حسده وتشرشل الذى كان يعجب به 
كل الإعجاب . ولم يكن يستطيع على أى حال ٠‏ إشخفاء غيرته من انتصارات 

)١(‏ جيسيى جار يبالدى وطق إيطالى وقائد عسكرى ( )١888 - 12٠007‏ - لول قيادة الحملة 
المشبورة بام -مملة الألف ولعب دوراً كبيراً فى وحدة إيطاليا . 

(؟) جيوفاف جيوليق ( )١ 498-١447‏ - شغل الوزارة عدة مراث » وكان ريسا للوزداء . 
أدخل إصلاحات عدة لمصلحة العلبقات الدنيا وتّناولت إصلاحاته الئواسمى الاجماعية والاقتصادية والسياسية . 

(؟) فرانسيسكو كريسرى (19خ١ )١4+١-‏ سياس إيطالى وين الذين لعبوا دوراً كبيراً ف 
الوحدة الإيطالية » ألف الوزارة عدة مرات » وكان له نفوؤٍ سم في السياسات الإيطالية . 

(؟) اسعيد بريان (؟8١1 )1١585-‏ - سياسى فرئمى مشبور . ألف الوزارة عدة مرات 
واشتهر بميثاق بريان - كيلوج الذى لعب دوراً بار زاف السياساث الأوربية . 


(0) جورج لالزبورى ( ١405‏ -1540) - زعي حزب المال البريطاف قبل كليست أتلى . 
و المعرب ع 


وه 


تشرشل فى كثير من الأحايين . وقد قال عنه ذات يوم . ٠.‏ إلنه لا يفهم الروح 
الأوربية » ولا يفهم شيئاً حتنًا » إلا ما يحتاج إليه هؤلاء الإنجليز . لكنه يجل 
الساعة » لأنه يكره الآلمان » . وكانت مز بته العظمى قُّ نظره بالطبع » أنه لم يكن 
سياسيا يقدر ما كان قرصاناً من قراصنة البحر . ١‏ فهو رجل عجوز عنيد ) 
حرود لا يتنحرح عن رأيه 4 » وكثيراً ما قال عنه لميزاسوما يشىء من الاحيرام 
الذى يكاد يشبه الحب . . . 3 إنه يشبه والدى إلى حد كبير » . 

ولم يكن يتحدث دائما بمثل هذه الصورة البعيدة عن الحزازات والمغرقة ى 
التسامح » فقد كان جرد ذكر اسم إنسان أمامه , يستفز لديه شعوراً طاغياً 
من الغضب . وكان امم فاريناتشى أحد تلك الأسماء الى لم يكن يطيق تجرد 
ذكرها أمامه . وقال ذات يوم لدولان غاضباً . ولا تذكرة بلا > الفضية 
أن خلفى 6 . وقال مرة ثانية عندما تناول الحديث رجلا فاشينًا آخر لم يكن 

نيه . . . ولا تذكر اسمه » . واستطرد وهو يعض بعصبية على ذواجذه . . . 3 إن 
سماعى باسجمة » يميج أعصاق ؛. وكان يغلى ذات يوم بالغضب والهياج ؛ فأراد 
ميزاسوما أن يصرف اهوامه إلى موضوع سحبويه » وقال . . . «وأنت با دوتشى ؟ 
ما رأيك فى نفسلق ؟» 

وقال وظو إبتسم تلك الابتسامة الى كان يتعمد أن تبدو مغاقة » والى كان 
يلجأ إلبها داعا عندما يريد الإفضاء بإحدى تعبيرائه الحديدة . . . وأنا ؟ أنا ست 
بالسياسى » وإنْها أنا أقرب إلى الشاعر الجنون » . 

وكان يود لو كان شاعراً » كا كان هتلر بود أن يكون رساماً عظيماً » وكا 
كان يبدو أن بوم الديكتاتورين يتظاهرون بالمواهب الفنية . وكان يود أن تكون 
لديه مواهب دانونريو الحبالية أو مواهب يودلير (1) أو ا 6 وكان يتحدث 

. شارل ب 0” كبير . توق والده بعد ولادته‎ )١( 
وتزوجت أمه من الكولوزيل أو بليك الذى أمن للفتى دراسة عالية فى أرق المعاهد . قشى سياة بوهيمية‎ 
وباث متائراً من الشلل اللى أصيب به , له عدد من دوادين الشعر © ويعتبر نعيم الفيرة‎ ٠ فى باريس‎ 
, الأخيرة من اخحقبة الرومائطيقية ف الشعر الفرنسى‎ 

50 جان أرثْر رعبو ( 18814 )١1841-‏ - شاعو فرنسى . أبرز 'مواهب رائعة ميل حداثة سنه . 
عاش حياة بوهيمية وزاول عدداً من المهن . يعتبر من رواد السير يالية والرمزية فى الشمر الفرنسى . 
شلى عدداً من دوارين الشير . المعرب » 


وس 
عن هؤلاء الرجال يكثير من الاحترام » إن لى يكن دائماً بكثير من القبيز والإبراز . 
ولكنه لم يكن شاعراً ولا حنى من الطراز الذى ظن نفسه فيه . وكان يكتب الكثير 
الآن» كما كان يفعل داعا . وقد أنشأ وكالة أنباء أسماها و وكالة الأنياء الجمهورية » 
ثتولى نشر مقتطفات من كتاباته الحدلية » كنا كتب سلسلة من المقالات عن 
تاريخ حياته لصحيفة « كورييرى ديلاسيرا » » ما لبثت أن توسعت فأصبحث 
كتاباً » وترجم إلى الألمانية ترجمة إيطالية لأغنية شعبية ألمانية ليقارن بين ترجمته 
وبين الأصل الألمانى » كما كتب بعض المقالات نجلة مدرسية . لكن أي من هذه 
الكتابات لم يكن من إنتاج شاعر مجنون كا وصف نفسه . 


وكان يحس بأنه يدنو من هذا المثل الأعلى الذى أراده لنفسه . عندما كان 
يعزف على قيثارته . وكثيراً ما سمع يقول ٠‏ . . د إن العزف يقرببى من لهات الخلود . 
فعندما أعزف » أحس وكأن العالم » قد فر منى » . وكان يعزف دون روعة ع 
ولكن بفوة » وأحياناً بشى ء من الخنون المتوحش الذى يوحى بما بحس به هذا العقل 
العظم المضطرب من ألم . وتقول مرجريتا سارفائى . . . ٠‏ كان دبكتاتوراً حتى فى 
موسيقاه . فلم يكن حيرم الأسلوب أو الشكل . وكانت له تعابيره وطريقته » فهو 
يعزف بالأسلوب الذى اختاره لنفسه » . وكثيراً ما أغلق باب غرفته على نفسه فى 
دارة فيلار نييل ؛ ليعزف المقطوعات الى يحبها لبيهوقن . وواجتر وشوبير وفيردى » 
وكثيراً ما وقف وحيداً فى حديقة الدارة إلى جوار أسوارها الرخامية الررقاء » يعرف 
على قيثارنه بقوة وعنف كان حراسه الآلمان يعتبر ونهما دليل عبقريته . وف ذات 
وم راح يعزف لبعض الضباط الألمان فى أنقاض منزل دمرته غارة جوية مقتطفات 
من ١‏ كونشيرتو 1 بيمبوفن » وعندما أننهى من عزفه ودوت أكفهم بالتصفرق أغمض 
عينيه فى نشوة ظاهرة . 


وكان نخس بحاجة خاصة إلى ذلك الطراز من الهروب العاطى الذى يومنه 
له العوف فى الحو الخائق الذى تحبطه به أسرته . وقد كانوا جميعاً تقرييا فى 
الدارة طيلة الوفت ابتداء من يناير عام 1444 ء وى مقدمهم فيتوريو المتغطرس 
وغير ابوب مع زوجته وأطفاله » وجينا أرملة بروثو وأطفالها » ورومائو ولده 


: بان 
الثالث والطالب فى المدرسة » وآنا ماريا صغرى بناته 2١‏ . وكان الأستاذ زاخارى 
يعيش فى المنزل أيضاً مع الملازم ديشيروف وهو ضابط فى الثانية والعشرين كان 
يعمل كضابط ارتباط بأمر من هتلر شخصيًا . وقد وصفت راشيل فى كتابها عن 
تاريخ حياتها » الحو ف المنزل » بأنه كان فى مننهى السعادة » ولكن الألمان لم 
يكونوا يشتركون معها فى هذا الرأى . فقّد كان رومانو يتعلم العف على 
١‏ الأكورديون» » وكان بلا البيت بأنغامه النشاز . وكانث « الكنتان 1 كثر 
ما تتشاجران . وأقنع فيتوريو والده بأن يستخدم اثنين من أصدقائه معه ومع 
ابن مه فيتو فى أعمال السكرتارية ع كسكرتيرين إضافبين يفتقرون إلى الكفاية . 
وكان الأحفاد يصرخون ويتشاجرون ويملأون البيت صراخيا منادين حدم الدوتشى ء 
بيها كانت راشيل تقتل سخطها ومللها » بالحلوس صامتة أحياناً » والانفيجار 
أحياناً فى عواصف من التذمر والاحتجاج . وكانت مشكلتها أنها تلقت رسائل 
غفلا من التوقيع ٠‏ تقول إن كلاريتا بيتاتثى الى كانت قد أملت فى أن تكون 
قد اختفت من حياة زوجها إلى الأبد . قد عادت إليه الآن » وأمها تعيش فى دارة 
قريبة من البحيرة . ولم تكن قد سمعت عن كلاريتا » إلا ليلة الخامس والعشرين 
من يوليو عندما غادرت دارة تورلونيا فى رومة نحوفاً منهجوم الدهماء » وبلدأت 
إلى كوخ بواب الدارة » حيث تحدث إليها أحد الخدم عن خيانة زوجها القديمة 
العهد لما مع كلاريتا . وقد قال هذا الحادم فيا بعد . . . « كم أود لولم أبلغها » 
فقد أذهلى أنمالم تكن تعرف شيئاً عن موضوع كلاريتا » . 


وكانت كلاريتا قد خرجت مع أسرتها من رومة بعد أن سمعث باعتقال 
موسولينى » ولكها اعتقلت فى الثاني عشر من أغسطس عندما كانت فى منزل 
زوج شقيقسا ميريام » المركيز بوجياتو » الواقع على بحيرة ماجيورى . وسجنت 
مع والديها وشقيقها ميريام فى سجن قلعة فيسكونى فى نوفارا »ء حيث كانت 


. كان فيتوريو مشغولا فى السنوات الأخيرة فى صناعة السيًا الى ل يحقق فيها نجاحاً يذكر‎ )1١( 
وهو يعيش الآن فى أمريكا الحنوبية . أما آنا ماريا فقد تزوجت مؤخراً فى إيطاليا . ويدير روبائى فرقة‎ 
. لموسيق « الحاز م الراقصة‎ 


ره 
تقضى وقنها تكتب يوميانها مسجلة أحزانها لفراق ١‏ بين » وحبها العظم له . وكتبت 
ذات يوم نى [حدى هله اليوميات الى تعتبر تموذجاً لما كانت تكتبه فى تلك الأيام 
تقول . . . و أحس كأنبى عصفور » وقع خطأ فى طريق مسدود » فهو يضرب 
رأسه بالحدار أمامه فزع خائفا» . ويبدو أنها لم تقنع بمثل هذه اليوسيات 
الرومانطيقية » إذ راحت تبعث فى كل يوم برسالة إلى قصر البندقية آملة فى أن 
تصل رسائلها بطريق أو بآخر إلى موسولينى . وق إحدى هذه الرسائل . . . 
كتبت تقول ولا أدرى إن كانت رسالنى هذه ستصل إليلك » أو إن كانوا 
سيقرأتها . أجل لا أدرى » ولا يبمى إذا قرأوها . وقد كنت فى الماضى أجل 
من أن أحدئك عن حبى » أما اليوم » فأنا أريد أن يسمع العام كله » منى يأعلى 
صوق » أنبى أحبك » بل أحبك أكثر من أى وقت مضى ؛ . 

وكانت لا تزال فى سجها تكتب يمثل هذا اوس الذى لا يشبع من الكتابة 
عندما طار حبيبها عائداً إلى إيطاليا من مونيخ . وقررت أن تعود إليه . ونقلت 
الراهبات اللا كن يتولين حراسمّا » رسالة منها إلى أخيها مارسيلو الذى مضى 
بدوره إلى مقر القيادة الألمانية فى نوفارا . وسرعان ما أطلق سراح أفراد الأسرة 
جميعاً » وبعد أيام » حملا سيارة عسكرية ألمانية من الفندق الذى نزلت فيه 
ف ميلانو للاجماع عوسوليبى . وعندما عادت إلى الفندق » كانت تكاد تطير 
من السعادة والفرح . وقالت لأهلها » إنه سمح لها بالعودة إليه » وأمها ستجتمع 
إليه ى كل يوم » بعد أن يعثروا لها على بيت مناسب على بحيرة جاردا . وسرعان 
ما أعد بوفاريى ‏ جيدى» العدة لنقل أسرثما إلى دارة فيور داليزو ف أراضى إقطاعية 
دانونزيو » وكانت الدارة بيثاً واسعاً كثيباً » كانت السلطات قد أحالته إلى 
متحف . وأعطوها غرفة جلوس فق برج دارة دانوتزيو نفسها المسماة يغيتوريالى » 
وخخصصوا لها ضمابطا ألانيا يقوم على حراسئها خوفا من رجال المقاومة السرية . 
وبالرغي من أنها كتبت إلى أخنها تعرب عن شكرها لحرص الأمان عليها » لتعيينهم 
مثل هذا الحارس الشاب اميل ٠‏ الذى مالت إليه » ليتول حراسها » إلا أن 
الرائد فرائز سبوجلر » كان جاسوساً عايها أكثر منه حارساً . وكانت مهمته 
الأساسية أن يبعث إلى رئاسة اللستابو فى فيينا بتقرير أسبوعى عن كلاريتا 


ا" 

بيتانشئى » إذ كان يظن أن تأثيرها على الدوتشى قد لا يكون نافعا . 

ولم يكن موسوليبى برى عشيقته فى الواقع إلا لمامآ . فقد أصبحت غضبات 
راشيل النابعة عن الغيرة شيئآ لا يطاق » ما دعا إلى التقليل من زيارة كلاريتا . 
وكان لا بذهب إلى الفيتوريالى » حيث تقم إلا نادراً فى الأمسيات وبعذ أن يجن 
الليل » حيث لا يقفى إلا وقتاً قصيراً . وكان بمضى إل المكان فى سيارة ٠‏ فيات 6 
صغيرة » عخلفاً سيارته الرسمية « الالفاروميو : أمام المدخل الرئيسى لمكتبه فى 
فيلا ديل أوسولينى . وكانت اجماعانهما حزينة وقصيرة على حد تعبير كلاريتا . 
فالمكان رطب وبارد » والغاباث المحيطة به ملأى بالحنود الألمان . وهكذا ضاعت 
السعادة » ونم يعودا يذوقان طعماً للعزلة . وقد أبلغها مرتين أنه لن يعود إلى زيارتها » 
ولكنبا كانت تبكى بين أحضانه » متوسلة إليه أن لا يبجرها » فكان بضعف 
أمامها » ويعدها بالعودة . 

وعجزت راشيل ذات يوم عن السيطرة على عواطفها وكيث غيرتها . فعزمت 
على أن نضاعف من شقاء كلاريتا » وأصرت على أن يأخذها بوفارينى - جيدى » 
لنرى خليلة زوجها . ووصلت راشيل إلى الفيتوريالى » وهى ترتعد من الغضب . 
وأطالت كلاريتا عليها الانتظار؛ ثم هبطت إليها ترتدى ثوباً فضفاضا» وبرفقتها 
الرائد سبوجلر . وكانت تبدو شاحية وفى منمهى الإعياء » وجلست إلى مقعد » تلوى 
منديلا بين أصابعها » ولم ترد على راشيل وهى تطلب إليها أن ترك زوجها وشأنه . 
وثارت راشيل لصمها » فتقدمت مها وهى تكاد نجن من الغضب وأمسكت 
بكم ثوببا . وهنا انفجرت كلاريتا باكبة تقول . . . « إن الدوتشى يحبلك يا سيد . 
ولم يسمح لى قط أن أذكرك بكلمة سوء أمامه » . 

وأصيبت راشيل بما يشبه الذهول ٠‏ ولكن عندما عرضت عليها كلا ريتاصوراً 
مطبوعة من الرسائل الى كان موسوليى قد بعث بها إليها » عاودها الغضب وقالت 
صارحة . . . «أنا لا أريد رسائل مطبوعة » فلم أجئ لهذا . . . ) 

وقالت كلاريتا . . . ولكن لم جئت يا سيدق ؟ 

وظلت راشيل صامتة لحظة طويلة . . . وروت كلاريتا فها بعد تقول .. . 
وظلت تنظر إلى » وقد وضعت يديها في خصرها . وسرعان ما الهالت على 


1 
بالسباب والشتائم » ووجهها يزداد حمرة لحظة بعد أخرى ؛ . 

وقررت كلاريتا أن تتحدث بالهائف إلى موسوليى . . . 

وقالت له . . . « اسمع يا بين'. إن زوجتك هنا . ماذا تريدنى أن أعمل ؟ 

وحطفت راشيل منها السماعة » وأجبرت زوجها على الاعتّراف بأنه كان يعرف 
أمر زبارتها . واشتد غضبها الآن إلى درجة الحنون » وقالت لكلاربتاء إن الفاشيين 
بكرهينها أكثر من كراهية رجال المقاومة السرية » وأغمى على كلاريتا مرتين » 
واضطر بوفاريى - جيدى ؛ إلى الإسراع بحثاً عن ١‏ النشادر » لتستفيق من 
إغمائها . وعندما أفاقت » راحت تجلس إلى مقعدها وهى تبككى بحرقة . ويل إلى 
سبوجلر أن راشيل كانت تبكى أيضاً عندما غادرت المكان . 

وهكيذا وجد موسوليى نفسه ء وقد ضايقه الشجار بين زوجته وخليلته » ومل” 
من المعارك بين زوجى ولديه؛ وسم وزراءه الذين يضجرونه بتفاصيل لم تعد همه 
فى قليل أو كثير ؛ رأغباً فى الوحدة متلهفاً عليها . وكان لا يغادر فراشه فى 
الأسابيع القليلة الأولى من إقامته فى جرجنانو قبل الساعة العاشرة صباحاً » ولا يترله 
منزله إلى مكتبه فى دارة أورسوليى قبل الحادية عشرة والنصف أو الثائية عشرة . 
ولكن لم يحل ربيع عام 19444 » حبى كان قد أصبح يبكر شيا فشيثاً فى موعد 
استيقاظه » وكثيراً ها وصل إلى مكتبه قبل الساعة الثامئة حيث يظل حبى الثانية 
.ظهراً ؛ ليعود بعدها إلى منزله » حيث يتناول غداء خحفيفاً يفرخ منه كوجباته 
الأخرى بسرعة هائلة » مغادراً قاعة الطعام قبل أن يكون الآخرون قد شرعوا فى 
تناول طعامهم . وكان يعود ثانية إلى مكتبه أو مجلس فى غرفة الاستقبال السيكئة 
الأثاث ٠‏ والزخرفة » حيث يستقبل زائريه » فلا يعود إلى منزله قبل الثامنة أو التاسعة 
مساء . 

وبالرغم من أله كان يقضى الساعات الطوال وهو جالس إلى مكتبه » فإن 
القضايا الى كانت نشغل تفكيره حقنًا كانت ذات طابع فلسى أو شخصى » 
ولم تكن من القضايا العملية أبداً . ولم تكن مشاكل الحكر تشغله إلا ماما » فيغرق 
فها مفكراً » ولكن هذه القضايا لم تكن فى الواقع من النوع الذى يستحق منه 
كل هذا الاههام الفجاق . 


لضن 
فقد كان منصرفاً بالغ الانصراف فى امهامه وتصميمه » إلى المحصول على 
اعتراف الفاتيكان الى بعهده ونظام حكمه . وقد ذكر ذات يوم إلى بعض 
أصدقائه بشبىء من الإجهاد أله لا يستطيع المضى فى اللحكم دون هذا الاعئراف » 
وإن كان يعرف أن عمل حكومته لن يحظى بمزيد من النجاح من جراء اعتراف 
الفاتيكان بعهده . كانت القضية موضوع كبرياء شخصية » إذ بدأ يمس بالمهانة 
من جراء تردد البابا فى الاعتراف يحكومته وأصبحت القضية تؤلف لديه كابوسا » 
نما حمله على أن يعلن أن صبره قد نفد » وأنه قد يعلن إلغاء الاتفاقات السابقة مع 
اليابوية » ويقم كنيسة منفصلة عن الفاتيكان . وتطرف فى اتجاهه هذا » إلى حد 
الشروع ف دراسة مؤهلات بعض القسس على أسس سياسية » لاحتلال مراكز 
المطارنة » ول يثنه عن عزمه المبور هذا إلا الألمان الذين ل يكونوا راغبين فى أن 
تزداد علاقامم السيئة مع البابوية تركنا سي هذا الوقف . 
وكانت الفضية الأخرى الى تثير اهيّامه فى هذه الأيام وتلهب حماسته » 
هى أنه كان يرى ف نفسه رجلا لم يفقد فى قرارة فؤاده قط تلك المبادئ الاشتراكية 
الى آمن بها فى شبابه . وبالرغ, من أن معظ, وزرائه » كانوا يستنكرون فى 
مجالسهم الخاصة هذا الإمان المتجدد فى الاشتراكية الصحيحة » ويعتير ونه اتجاهاً 
خخاطتا إلا أنهم ما كائوا ليشكوا قط فى إخلاص هذا الإيمان وصدقه . ولم يكن 
هذا الإعان بالطبع مجرد نزوة طارثة يتحمس لها » وإنما ظل حيدًا معه حتى النهاية . 
وكان يغرم بالقول دائماً . . . : إن الاشتراكية هى حجر الزاوية فى الجمهورية ؛ . 
وكانت مثل هذه الأقوال تثير الفزع عند الألمان وعند الصفوة الفاشية ابدديدة وعند 
كل التتخوف من عحاولة موسولبى فى توسيعه الصورة الفاشية ابتمهورية الى ير“ها 
عن طريق التثنازل ؛ تقدم تنازلات خاضعة لليسار » وهى تتنازلاات تصل حدود 
إزالة المثل الفاشية » وبينها بالطبع » بل لعله أكثرها فجيعة ٠‏ المثل الذى يقول 
بأسطورة الدوتبى كرجل أسمى ( سوبرمان) . 
وكان التركيب المذهبى للجمهورية الاشتراكية قد وضع فى فيرونا فى الرابع 
عشر من نوير عندما العقد المؤتمر الأول للحزب الحمهورى الفاشى لتحديد 
المبادئ الى سيحكم الحزب عن طريقها . وقد بدأت أعمال المؤتمر بتلاوة رسالة من 


لض 
الدويّثى أكد فيها أهمية العردة إلى ١‏ النوايا الأصلية للثورة الفاشية » . وكان 
« بيان فيرونا » الذى صدر فى الهاية عن المؤتمر تكراراً إلى حد بعيد لتطلعات 
عام 1919 © مع إضافة إشارات كثيرة أصيحت تحمل طابع الإلزام فى المحافل 
الفاشية إلى و انحلال الملكية وامهيارها ه . وكانت أهر نقاط هذا البيان بالنسبة إلى 
موسوليى تلك الى تتعلق بالترفيه عن العمال » وقد رفض تقبل الرأى القائل بأن 
هذا المنحى الاشتراكى كان أهحاماً جديداً اكتشفه فى تفكيره . 

وكان يقابل كل اتهام » ولا سما تلك الامهامات الى يقر ؤها أحياناً فى 
الصحف » من أن الفاشية ع م تكن تبثم فى الماضى اهيّامً جديا بخير الطبقة 
العاملة » وأن الرأسمالية البورجوازية هى الى أبقئّها فى الحكر » بغضب شديد 
وازدراء » لا يضاهيه إلا الازدراء الذى يحتفظ به لكل من روزفلت والملك وأنطرنى 
إيدن . وعندما قرأ ذات يوم » نبأ صحفينًا عن اجّاع عقده الاتحاد العام للعمال 
فى نابول » حيث ادعى أحد الحخطباء أن القوانين الاشتراكية الى وضعت فق العهد 
الفاشى لم تكن ذات نفع للعمال » رح يديج على الفور مقالا عاطفينًا نشرته وكالة 
الأنياء الدمهورية رد فيه على ادعاءات الحطيب معدداً القوانين التى أصدرها لمنفعة 
العمال » وعدد المستشفيات الى أقامها لم » والرواتب التقاعدية والمكافآت الى 
أمنها لم ؛ ومقاييس اللحد الأدنى من الأجورالى طبقها فى البلاد . وراح يقول بعد 
ذلك . . ولا ريب ق أن هله الاتهامات ليست صادرة إلا عن الشيوعيين وغيرهر 
من أعداء البلاد الذين يستخدمون العمال ( بيادق ) ف ( لعبة الشطرنج) الشيطانية 
البى يلعبوتها , ولكن العمال أنفسهم يعرفون زيف هذه الاتهامات وكذبها ؛ . 

وفال فى مناقشة تالية حول نفس الموضوع . . . 9 يستحيل على المرء إفساد 
الطبقة البروليتارية العاملة . فالعمال لا يعرفون اللحيانات الى يعرفها البورجوازيون . 
فالبورجوازيون بعقلياهم المادية وأطماعهم » هم خراب إيطاليا . وكنت أومن 
بالاشتراكية فى صمم فؤادى منذ عهد بعيد ؛ . 

ومن الصحيح القول » إنه بالرشم من أنه لم يكن يول النواحجى الأخرى من 
أعمال حكرمته مزيداً من اهوّامه » إلا أنه كان مصمماً على أن يظهر أن جمهوريثه 
الاشتراكية تستحق هذا الاسم بالرضم من ضياآلة ما لديبا من سلطان وموارد . 


0 
وفى الشهر الآخير من -حياته » أى بعد أن امار خط الدفاع « القوطى 4 » وأصبح 
مهيار بناء احور المتداعى » وحكومته بالذات أمراً مؤكدا » كان لا يزال يول عنايته 
لقضابا لم يعد لها محل بعد هذه التطورات الأخيرة » كاحمال إدخال الزراعة 
اجماعية إلى إيطاليا » وإعادة تنظم المستشفيات لإيواء المصابين بالسل هن الفقراء . 
ولقد تحدث « موغاوزن » إلى « ران » بأن موسولينى كان حبى فى تللك اللحظات 
الى نأى فيبا عن الناس » وأخخل ينادى بأن عمله أصبح جزءاً من التاريخ واقعاً 
تحت سيطرة فكرة أصيلة فى أن يخلف وراءه فى إيطاليا » إطاراً يمكن من بناء دولة 
الرفاه ى المستقبل ضمنه + 

لكن عدد القضايا من هذا الطراز فى إثارا لاهمامه » كان ضثيلا للغاية » 
وكان يصرف جل أوقاته فى مكتبه ف القراءة والكتابة » وكان يطلب أن لا يضايقه 
أحد » فأصبح ينأى شيا فشيثاً عن طبيعة الديكتاتور ويدنو كل يوم هن طبيعة 
« الأستاذ التامعى 6 » الذى كان يشببه إلى حد' كبير على ححد تعبير الد كتور 
زاخارى . وكان سكتبه غرفة صغيرة مزدحمة » فيها مدفثة رائعة وكبيرة من الرخحام » 
ومكتب فى زاوية الغرفة حيث كان يجلس الساعات الطوال » وحيداً ؛ يقرأ ويكتب 
ويتطلع من النافذة إلى الحديقة . وكان إذا ما دل أحد سكرتير يه الغرفة » رفع 
رأسه ببطء إليه » دون أن يزبح نظارته عن عينيه . وهى النظارة الى أصبيح بمحتاج 
إليها كل الحاجة » وإن ظل حبى عام مفى » ينكر ذلك بثبىء من الكبرياء . 
وكثيراً ما تورّم جفناه » والتهبا » وكان يعترف طائعآ بأن نظره آنل فى السوء يوماً 
بعد أآخخر . ْ 


ولم يعد يهم بالتظاهر » وبإيحاء الانطباع للاخرين » بأنه صاحب عقل 
عظم يعمل » "كنا كان يفعل فى قصر البندقية » حيث كان مكتبه » يبدو أحياناً 
خالياً من كل ملف أو كتاب ليوحى ازائريه » بأنه يستوعب فى عقله كل ما يزيد 
أن يعرفه » وأحيانا مثقلا بالملفات والأوراق والوثائق ليظهر أنه إنسان مشغول جد , 
أما مكتبه هنا فى دارة أورسوليى فكان يفتقر إلى الغرتيب . فالصحف لا قصاصائها » 
والأوراق والكتب »؛ والأقلام الملونة والصور منتشرة فوقه بلا نظام أو ترتيب١‏ » 
وبلا فائدة أيضاً . ونطلع أحد الصحفيين أذات يوم إلى مجموعة الكتب المنتشرة 


فق 
فوق المكتب ليعرف ما الذى يقر ره الدوتثبى » فوجد أنها مجمرعة لا اختبار فيها ؛ 
ولا انتقاء » إذ بها كتب دوستويفسكى وتولستوى » «امننجوأى وأفلاطون وسافو 
وكانت وكتاب شولوئدوف ١‏ هادثاً ينساب الدون » وكتب نيتشه وكتاب إميل لودفيج 
عن نابوليون »وكتاب سوريل ١‏ نظرات ق العنف : وكتب جوته وشو بماور وبعفن 
الكتب عن السيد المسيح وعن فريدريك الكبير وبيتجوفن » وكلها ثتضدن قصاصات 
من الورق منتشرة بين صفحاتها لتشير إلى فقرة مهمة أو تطوطاً متنائرة هنا 
أو هناك بالأقلام الملونة على الهوامش . وكات يبدو منبمكا أحياناً إلى الحد الذى 
يدعوه » إلى صرف زائريه أو الموظفين الذين يقصدونه » ولا سما إذا كانوا هن 
الألان بإحالتيُم بشىء من نفاد الصبر إلى جرازيانى أو إلى وزير الثقافة الشعبية » 
أو كبير سكرتيريه الخاصين . وكتب ضابط ألمانى شاب يدعى فورست أوراخ 
إلى بعض أصنقائه فى ألائيا يقول . . . ٠‏ يميل الدونشى إلى الانححاب من جميع 
شؤون الحكم . فِذًا ما زاره أحد الخترالات الألمان يطلب شيئاً » رد عليه قائلا . . . 
وآ . . . راجع جرازيانى 4 . وإذا ما زاره ليبرز أو غيره من الخبراء الاقتصاديين 
قال له . . . و تحدث فى الموضوع إلى وزير الاقتصاد» . وإذا ما أصرأحد 
الزائرين على أن القضية التى جاء من أجلها فى منهى الأهنية وأمها نتطلب قراراً 
من الدوتشى شخصيئًا » رد موسولينى » بأنه لا يستطيع اتتخاذ مثل هذا القرار» 
وأن على الألمان أن يتسخذوه » إذ أنه لا يعدو أن يكون رئيس بلدية جارجنانو . 


ولكن مهما كان تشنيعه على الألمان وحقده علبهم . إذ كان يسميهم أحياناً 
١‏ بانجرمين بطبعهم » ويشير إليهم أحياناً ببؤلاء « الأوغاد البرابرة » القساة الظاليين » 
الذين يتميزون بالعنف «الطغيان ؛ . فإنه لم يكن قادراً على الإفلات من تأثير 
زعيمهم السحرى عليه . 

وقد مضى فى الواحد والعشرين من أبريل عام 1544 » إلى ألمانيا لمقابلته . 
وتلقاه هتلر فى سالزبرج فى أحضانه » وراح هو يؤكد للفوهرر من «جديد 
مانه الذى لا يتزعزع بانتصار ألمانيا اللهاى . وكان جو الاسجماع وديا ومريحا » 
ثما شجعه . ولا سها أنه قد وجد إلى «جانبه كلا من جراز يانى ومازوليى اللذين رافقاه فى 
زيارته » وفيليبو الفوسو » سفيره الحديد فى برلين » على أن يحتج للى هتلر » 


م 
على احتلال الألمان لمنطقة الأديج وتريستا » وهو الاحتجاج اللى سبق له أن 
ضمنه رسائله إلى هتلر » وعلى أن يلغت نظر صديقه إلى ما يلقاه العمال 
الإيطاليون من سوء معاملة ى ألمانيا . وتجاوب هتلر معه » ووعده بأن يعيد النظر 
فى ا موضوع ليرى ما يستطيع أن يفعله فيه . لكن هتار لم يفعل شيثاً » وعندها مضى 
موسوليى للقائه ثانية بعد ثلأثة أشبر » كان جو الااجهاع عختلفآً كل الاختلاف » 
إذ تميز بالتوثر الشديد منذ البداية » فقد تقدم إليه هتلر على رصيف المحطة » وهو 
يعرج بعض الثبىء » و بدا الشحوب على وجهه . وضم الفوهرر يده الإبى بقوة إلى 
صليره » وقدم إلى هوسولينى يسراه » معتذراً بأنه أصيب فى حادث بسيط . 
وسار به بعد قليل إلى بقايا الكوخ الذى تفجرت فيه قنبلة العقيد جراف كلاوز 
فون شتوفينبرج قبل برهة قصيرة » إذ كان الدحان لا يزال يتصاعد من الركام ) 
وكانت بجثث القتى الأربعة الذين أصيبوا فى الحادث قد نقلت من مكاما قبل 
لحظات . وكان شتوفينبرج قد حمل القنيلة إلى غرفة الامجماع فى -حقيبته اليدوية 
الى وضعها تحت المنضدة البى انتشرت فوقها الخرائط أمام الفوهرر » وكان أحد 
الضباط قد تعير فيبا نحت المنضدة ٠»‏ فأزاحها بقدمه بعيداً عن هتلر . وقال 
الفوهرر لصديقه إن العناية الإية قد أنقذته ثانية » وبينت له أن القدر شاء له 
أن ينتصر على أعدائه . ورد موسوليى بكثير من الكياسة . . ولا ريب ف ألنى 
أشاطرك الرأى تمام المشاطرة » وإن نجاتك علامة من السماء» . وبدا الفوهرر 
فى منثهى الحدوء » كما خيل لوسولينى » لكن هدوءه كان أكثر من المعتاد ع 
إذ جلس بعد اننهاء الامجماع مع موسوليى إلى «جالب ريبئتروب وجورئج ٠‏ يتناول 
الشاى مع ضيفه دون أن ينبس ببنت شفة » مراصلا التطلع إلى اللعدار المائل 
أمامه ع ومبتلعاً بين الفيئة والفينة إحدى -حبات الدواء الملونة . وانقضت ساعة 
كاملة » وموسوليى وجراز ياى » يصغيان إلى القادة الألمان وهم يتثاقشون ىق الأساب 
الى أدت إلى عدم الفوز فى الحرب » وإلى 'جورنج وهو حمل كايتل المسولية 
حيناً » ويشير متوعداً بعصا الماريشالية اابى يحملها إلى ريبنتروب حيناً آخر. 
وذ كر حدم اسم روه!'! 3 وملية تطهير عام :194 2 وهنا قفز هتلر من 
مكانه » فجأة » وبدأ خطب » مصرا على أن العناية الإطية بتدخلها لإنقاذه من 


الف 

المت » قد أظهرت من مجديد أنها اختارته ليكوت « ررجل القدر » » وليكون 
الرجل الدى ينقذ أوربا والعلم بأسره . وقال إن الواجب يدعوه إلى أن لا يستئنى 
أحدا من انتقامه . وظل يتتحدث على هذا النحوأكثر من نص ساعة » يما خم 
الصمت على القادة الألمان » وظل موسولينى يتطلع إليه وقد سمرت نظراته فيه » 
مذعوراً من صرنخاته الحاشدة بالتهديد والوعيد المحمومين . وأخيراً جاء الخدم يحملون 
الشاى ؛ وعاد الفوهرر إلى مقعده ء وقد عاوده الصمت الذى زايله عندما ذ كر اسم 
روم أمامه : 


وبدا مموشولينى مذعوراً من سلوك هتار » وعندما توادعا فى المطار قبل 
عودئه إلى إيطاليا » م يتجاوب مع كلمات هتلر العاطفية على النحو الذى كان 
يفعله فى الماضى . لكن هتلر ل يتأثر ببرود الدوتشى وجموده » فأطال لنظة 
الوداع » وظل بمسلك بيده ء وهو يتطلع إلى عينيه » وذكر راهن لميغاوزن عندما 
عاد إلى نحيرة جاردا » أبْهما ظهرا كعشيقين » وقال هتلر ؛ بادى التأثر والانفعال ... 
وأنا أعرف أن فى وسعى الاعيّاد عليك . وق وسعك أن تصدق بأنك أحسن 
صديق ‏ بل لعلك الصديق الوحيد لى فى هذا العالى » . ولم يكد الدوتشبى يسافر » 
حتى أصدر هتلر أوامره » بإقامة ملجأ من الغارات الحوية فى دازة موسوليى ف 
فيلت نييللى » لكن موسوليى لم يزر الملجأ إلا مرة واحدة » عند ما مضى لمنثة 
العمال الذين تولوا بناءه .. 


وهكذا لم تكن للاجماع الذى عقده الرجلان أية فائدة . فلم يعد موسوليى 
إبائه إلى تكرار الشكاوى الى كان قد وجد الشجاعة في نفسه لذكرها ى ااجهاع 
أبريل المانمى »ء ولذا فقد آب إلى إيطاايا هذه المرة واجما حزيئاً . وكان الناس 
قد ألفوا منه أن يعود من زياراته إلى ألمانيا » مليثا بالثقة » وبالمعنويات العالية + 
لكنهم وجدوا أن تبدله هذه المرة كان بائجاه الأسوأ . وكان أحد موظى سفارته 


)00 إرنست روم » كان قائد جيش الصساعقة النازى , وقد اشترك فى مؤامرة لاغتيال هثلر وكانت 
نتيجها مصرع روه وعدد من رجاله فى عمليات تطهير عام 1484 . و المعرب ) 


م 
فى برلين قد زوده ببعض الإحصاءات عن الإبطاليين فى ألمانيا » وقد أفزعئه هذه 
الإحصاءات أشا الفزع (') . ْ 


وعاد إلى عمله الرقيب التافه وقد هيطت ححيوبته . وتدنّت حماسته عن ذى قبل. 
وكان فى مطلع ذلك الصيف كثيراً ما يلعب كرة المضرب « التنس ٠»‏ » فيسمح له 
خصمه بأن يغلبه » ولكنه » سرعان ما مل هذه اللعبة أيضآ » وأخحذ بحصر تمريثاته 
الرياضية فى ركوب الدرابية حول شاطئ البحيرة » وق المسير فى الغابات وحيداً 
أو بصحبة ولده رممائو » يتبعه -حراسه الألمان . وسرعان ما توقف عن تل اللروس 
الألمانية البى كان قد شرع فيبا بمعدل ثلاث مرات فى الأسبوع » فهو قادر 
على أن حمل الاخحرين على فهم ما يقول » ول يعد ى حاجة إلى الطلاقة ى هذه 
اللغة . ودأب فى هذه الفترة على الذهاب إلى مكتبه مبكراً » وكثيراً ما وصل إليه 
قبل الثامنة » هروباً من الضجيج فى منزله ء ولا يعود إليه إلا متأخراً » لبقضى 
المساء حيما استطاع وحيداً فى غرفته بقرأ » أو جالسآ إلى مقعد مربح وقد ضم يديه 
راء رأسه » متطلعا إلى الأفق البعيد وراء البحيرة » 'حيى تغطس الشمس فق 


وكان يكره شفق المغيب . فكان إذا ما غابت الشمس » سارع إلى الدخول » 
ليضيىء النور فى غرفته . وتعطل التيارالكهر باتى ذات يوم وحمل إليه كونيتو نافارا » 
الذى عاد إلى خدمته فى هذه الآونة » مصباحا عاديا . وذكر نافارا هذا » أنهلم 
يستطع احهال ضوء المصباح الحافت « فغى إلى الحديقة » حبى عاد النور إلى 
المنزل » وظل نلك الفترة يقف إلى شاط ' البحيرة» يقذف بالحصى ف ماثها ه. 

وكان طبيبه الإيطالى والأستاذ زاخارى يتناويان عيادته كل صباح ؛ ليطمئنا 
على أن الحمية البى فرضاها عليه » قد تركت أثرها النافع ى صعته . وكان شحوبه 
قد اشتد إلى حد كبير » كا لاحظ زاخارى » وكثيراً ما ظهرت عيناه محمومتين 
وهما يبر زان من حجر همأ » فى رأسه الضامر ازيل . وكان فطوره يتألف فى العادة 


)١(‏ يقول سالفاتوريل وبيرا » إن نسواً من سبمائة ألف إيطالى قد أرسلرا إلى ألمانيا إبان الحرب 
إلقيام بأعمال عادية غير القعال » و إن ثلاثين ألغاً مهم لقوا حتفهم . 


مر 

من قدح من الشاى ليس إلا » أما غداؤه وعشائه » فخفيفان للغاية . ولم يعد 
يتثاول الخليب مع أنه كان ف الماضى يأخذ ستة أقداح كبيرة منه فى اليوم . 
وأصبحت البزة العادية البسيطة لرجال اهرس الفائبى الى ألف ارتداءها فى هذه 
الآزنة » تبدو مهلهلة عليه » بالرغ, من كيبا دائماً كينا دقيقً . وانسعت ياقات 
قمصائه حول عنقه الذى أصبح ضامراً » بعد أن كان يتميز بالخلظلة » وبدت 
التجاعيد عليه وكأثه جلد سلحفاة كثير الخضون . وكان حرص كل احرص 
على حلق شعر رأسه » بيها كانت تجىء إليه فناة من جاردون همرتين فى الشهر 
لتقلم أظافره » وتزبيئها . وكانت هذه هى البقية الباقية من المظاهر الى كانت 
ترضى غروره الشخصى ف الماضى » والى كانت تستبد بتصرفاته . وذاكر شحادمه 
نافارا عن هذه الأيام » قائلا . . . ٠‏ ولم يكن مزاجه ريق فى هذه الأيام إلا ماما » 
وكثيراً ما أعقبت هذه اللحظات النادرة » ساعات طويلة سوداء من الزن العميق ؛ . 


وقرر بعد شبر من زيارته لهتلر فى بروسيا » أن يقوم بزيارة للجببة . وشجعته 
المتافات الموعز بها البى تلقاها عند وصوله إلبها » على البقاء خمسة أيام يطوف سخطوط 
القعال » مسديآ نصاتحه إلى المنرالات الذين م يأببوا بها ؛ ومقترحاً هجمات مضادة 
لم تكن ممكنة من الناحية العملية . وكان كيسلرنج يصغى إلى ما يقوله بمتبى 
الكياسة » لكن موسولينى أحس بالانزعاج البالغ » وهو يرى أن افتراحاته لا تجد 
أذناً صاغية أو اههاماً عند القائد الآلمانى . وبع موسوليى ذات يوم وهو يقول . . . 
:إن كيسلرنج هذا » لا يساوى قلامة ظفر ؛ . 

لكن الحتافات الثى سمعها من انود الإيطاليين والألمان فى الحيبة » تركت 
نفسه أثراً منعشاً للغاية . فقد عاد إلى جارجنانو » وقد عاودته الثفة والأمل » 
وراح يعيد على مسامع راشيل المرة تلو المرة » كيف أن انود قد أظهروا له 
منبى الب والولاء . وراح يقول لا . . . « وكان الألمان .جد متحمسين بصورة 
خاصة إلى حد ابدنون » وقد وقفوا ى خنادقهم الضيقة » وقفة التأهب لاستقبالى » 
لكن أمر هذه الحالة النفسية المنتعشة لم يطل . فلم يحض أسبوع واحد » حتى 
كان يعود إلى يأسه السابق . 


ومضى منقذه أوتو سكورزيى لزيارته قى شهر يونيو؛ فوجده فى منتهى التشا ؤم 


5 
والتبلد . ويقول العقيد سكورزينى . . . دكان موسولينبى هادا تلغاية » وبدا 
لى وكأنه فد استسل وفقد كل رغبة فى المقاومة . ولى يعد ذلك الرئيس القوى الذى 
يوجه وزراءه » ولا بات يدعهم يتصرفون كما يشاءون . .. وكان فى هذه الأيام 
أقرب إلى الفيلسوف منه » إلى رئيس المكومة . وراح يحدثى عن التاريخ الألمانى ؛ 
الذى كان واسع الاطلاع فيه » وعن الأسس الفلسفية للفاشية » وعن ضرورة 
تغبيرها فى المستقبل . وكان يحاول إشفاء نشافمه عن أفراد أسرته » » واكنه لم يفلح . 

وكتبت راشي ل تقول . . ١‏ ومع مغى الأيام » كان يزداد ومجوماً و إمعاناً فى التفكير . 
وبات ف وسعى من الطريقة الى كان يتحدث إلى فيها بين الحين والآآخر » 
أن أحس بما يعانيه من عذاب دام » من هذا الصراع المميت بين الإيطاليين 
وراء نجببة القعال . وكان يظل عبلى وجومه وسحيرته وشرود ذهئهء -حبى وهو يتئاول 
طعامه . وكثيراً ما أصغى إلى صامتاً » ثم سبعته فجأة يقول . . . عم كنت 
تتحدثين ؟ ) 

ول يكن ثمة من شك ى أن هذا الصراع الدى أشارت إليه راشيل مصدر 
عذاب دام للدوتشى » كان قد تحول فى نهاية عام 1444 إلى صورة حرب 
أهلية . 


١ 
الحرب الأهلية‎ 
19454 من نوقبر 1944 إلى دسمير‎ 


د قررت أن لا يظل الحزب منظمة سياسية بل يتسولٍ إلى 
منظية عسكرية ليس إلا » . 


كانت الحطط قد أعدت لتنظم المقاومة السرية ضد الألمان فى إيطاليا » 
قبل بروز الحمهورية الاششراكية إلى حيز الوجود بأمد طويل . ولم تكن نهاية 
عام 1447 قد حلت » حتى كانت بلحان الثحرير الوطى السرية قد أقيمت ى 

نلم المدن الكبيرة ى شمال إيطاليا » وتم تأليف عصابات «١‏ الأنصار» 
من رجال المقاومة السرية . وقد تألفت هذه العصابات من اللحنود الذين فروا 
من اليش الإيطالى » الذى انحل تقريباً بعد توقيع المحدنة » ومن الجرمين 
انترفين والمغامرين » ومن الأشخاص الذين جعلوا من أنفسهم سحصوماً للفاشية 
دون مذهبية أو تنظم ؛ وكان مهم ؛ الثأر لقضاياهم الشخصية » أكثر من العمل 
على طرد الآللان من البلاد . ولذا لم تكن هذه العصابات فى البداية أفضل من 
( مجموعات من الأوباش : » كا كان موسوليى يسمهه'!! . لكن طبيعتهم هذه 
ما لبثت أن تبدلت فى وقت قصير . فقد الضم إليهم عدد من المخلصين فى عدائهم 
الفاشية » ومن الوطنيين الصادقين » الذين روا فى هزعة ألمانيا » الأمل الوحيد 
فى مستقبل بلادهم + ومن الضباط النظاميين الذين اعتيروا أن جيش ابلدمهورية 
الاشراكية الذى يحاول جرازيانى ما وسعه من -جهد » إعادة خلقه » إن يكون 
أكثر من تابع لألمانيا أو قوة شرطة + الغاية منْها فرض الإجراءات التعسفية الفاشية.: 

(01 أعتقد أن فى هذه الصورة حطآ من شأن حركات المقاوبة السرية فى إيطاليا وغيرها ف البلاد التى 
استعيدها الألمان لى أوربا » يخالف الحقيقة والواقع » وإن كان المره لا يستطيم أن يثكر أن مغل هذه 
الحركات السرية » لا بد وأن تهم البعض من هذا الطراز . لكن الغالبية تظل من أولئك الدين لام لهم إلا 


تحرير وطهم . 
ويا" 


الام 
والمناهضة للملكية!2 . وقد أضبى هؤلاء الضباط على رمجال حركة المقاومة إحساساً 
بالمسثولية وصورة مخرمة ٠‏ وأصبح أحدهم وهو امحبرال رافائيل كادورنا نجل 
الماريشال الكونت لوجى كادورنا أحد القادة العاملين السابقين للجيش الإيطالى : 
قائدهم . لكن هؤلاء الضياط م يكونها فى الواقع القادة الفعليين احركة» إذ ظلت 
منذ البداية تحت سيطرة أيه أقل اهياماً بموضوع التحرر . 

2 ف نوقير من عام ١845“‏ . جماع في بلدة مونشيير وق مقاطعة 
بيدمونت » كان نموذجا للاجماعات الكثيرة الى عقدت فى ذلات الشتاء . وكشف 
عن الاتجاه الغالب على حركات المقاومة السرية ٠‏ تشرر ق هذا الأجماع الذى 
أداره لويجى لونجو ء الذى غدا فيا بعد نائب زعم الحزب الشروعى الإيطالى!؟) 
أن الطريقة الفعالة لتفوية منظمهم » وهى منظمة ١‏ فيلق متطوعى البحرية» . 
وزيادة نفوذهاء هى استفزاز الألمان والإيطاليين للقيام بأعمال انتقامية ضد الشعب 
الإيطالى . وهكد! نقرر اغتيال انود الألمان والموظفين الفاشيين لاستفزاز عمليات 
الثأر الى تؤدى بدورها إلى زيادة الكراهية . وتقرر لنفس الغاية نسل المسور 
وخحطوط السكة الحديدية وأسلاك الحاتف والكهرباء سواء أكانت ذات أهمية 
عسكرية أم لا . : 

وكان نفوذ الشيوعيين فى حركة الماومة ب منل البداية . وسرعان ما أصبدوا 
المسيطر ين عليها . وتألفت عصابات لا تضم إلا الشيوعيين يقودها أعضساء الحزب » 
ومعهم مفوضون سياسيون: على غرار التنظم السوفياتي» ليتأكدوا من أنهم ان ينحرفوا 
عن اللحط المرسوم لي . وكانت هناك عصابات أنعرى » اضطرت إلى قول المفوضين 
السياسيين بالرخم من أن الشيوعيين م يكونوا يمثلون إلا قلة من أعضائها . وقد ذكر 
لويجى لونجو فيا بعد أن « الشيوعيين هر الذين كانوا يقترحون هؤلاء المفوضين 
ويختاروهم » وكاذوا يجدون معارضة فى البداية من الباقين . ونم يكن الناس يفهمونهم 
)١(‏ نادت متاعب جرازياق من جراء محاولات الألمان وضع المراقيل ىق طريق خلق جيش 
إيطالى مسعقل ٠‏ لا يستطيعون إقناع أنفسهم بالثقة فيه » وتشجيعهم تشكيل وبحدات عديدة ستقلة ع 
لا تكون خاضعة خضوعاً مباشراً لسيطرتهم » و إقامة قوات بوليسية مسلحة مستقلة » تؤبى غرشهم الممئل ى 
و فرق تسق » . وعند ما تقرر تشكيل أربع فرق إيطالية » اتخلث الترتيبات لتدريهم وتزويده, بالمعدات 
في ألمائيا » ول يكن حتلر يخى اللقيقة الواقعة » وهى أنه يربى أن جل ما تستطيع إيطاليا الإسبام فيه فى 
المحور » هو تقد المال » لا امنود . 


)0 أصبح لويجى زيم الحزب الشيوعى » بعد وفاة زعيمه السابق السئيور تولياق . 
' المعرب و 


راسم 
إلا على النحو اللى تصورم فيه أكاذيب الفاشية وإدعاءاتها . وكان الضباط 
العسكريون يرون فمهم شيئاً لا يطاق بمس بكرامسهم ومكاننهم » وكان السياسيون 
يرون فيهم وسيلة شيوعية ميتكرة تيدف إلى ضمان السيطرة على العصابات واستغلاها 
لأهدافهم ايز بية ... ولكننا ناضلنا حتى النهاية للإبقاء على نظام المنوضين 
السياسيين . وثم تطبيق هذا النظام بصورة متدريجة فى جميع التشكيلات » حى 
ولو نحت ستار أسماء أخرى كتلقيب المفوضين عمثلى لحنة التحرير ااوطبى » 
أو بالمندوبين المدنيين » إذ كنا نحن الذين نحدد لم واجباتهم » : وهكذا بمكن 
الشبوعيون من فرض سيطرتهم حتى على ثلك العصابات الى كانت تسمى نفسها 
بالاشتراكية : و: يألوبة ماتروق ؛ أو تلك التى كانت تعتير نفسها ماكبة والى 
أطلقت على نفسها اسم « اللهب الأخضر » ٠‏ وذلك عن طريق لحان التحرير 
الوعلى الى بسيطر عليها الشيوعيون » الذين تطرف بعضهم إلى حد الدعوة السرية 
إلى إخفاء بعض الأسلحة والمعدات الى تلقيها طائرات الخحلفاء إليهم بالمظلات » 
وعدم استعمانها ضد الألمان . للإبقاء عليها حتى نباية الخرب » واستعماها عندما 
تبدأ ثورة العمال , 

وشرع رجال المقاومة السرية فى شتاء عام ١948‏ 1444 ء ف أعمال إثارة 
الاغطراب . ووقعت عدة محوادث فى البداية . وجرت بعض الاغتيالات الفردية 
أعمال التخريب «الانتقام » واكن العهد الفاشى فى الأقسام الى يحتلها الألمان 
من إيطاليا » لم يغد ى خخطر حقيى من أعدائه السياسيين . ولكن لم يحل الثالث 
والعشرون من مارس » وهو موعد الذكرى السنوية لقيام الفاشية ء» حهى كانت 
لحنة التحرير الوطنى فى رودة قد أعدث العدة للقيام بمليحة عامة تكئون عثابة 
إيحاء الجان الثمال . وانفجرت بعد ظهر ذلك اليوم إحدى عربات و أأزبالة 0 
وكانت محدلة بالمتفجرات ق شارع واسيلا إلى جانب صيارة شاحنة كانت ملأى 
بالمنود الألمان لتقلهم إلى معدكرهم . وقئل فى هذا الحادثثلاثة وؤلاثون أمانيًا . 
وعدد من عابرى السبيل من الإيطاليين . وقام الألمان كإجراء انتقااى فى اليوم الثالى 
بإعدام دسم من الرهائن الإيطاليين على طريق أرديا » ودفنوا فى المغاور القريبة . 

وسرعان ما انتشرت أنباء هذا الحادث الفظيع فى إيطاليا كلها » وتوسع نشاط 


ليام 
يجال المقاومة ىَُ ربيع ذلك العام ومطلم صيقه 2 الشيال َ 5 أزدادت حوادث 
الانتقام من بجانب الألمان قسوةٍ ووحشية .وأعدم الآللان نحواً من هائة من ربجال 
المنالجم ف شهر مايو فى قرية صغيرة واحدة » ول تمض بضعة أسابيع ؛ حهى كاذوا 
يعدهون أر بعمائة من المسجونين ومائة وعشرة من الفارين من اليش . وأرغم 0 
من ألى رجل بعد فترة قصيرة على الرحيل إلى ألمانيا » وذاك بعد نسف جمير على 
بر فى مقاطعة بيدمونت . وانسع نطاق أعمال التخريب بعد امبيار خط جوسةاف 
وسقوط كاسينو » وعندهما عدان موعد بحر در رومة ف دوليو عام 44 . كانت 
هذه الحوادث تقع فى كل يوم تقريباً » وأعلن موسوليى فى الواحد والعشرين من 
بوزيو أن الحزب الفاثى لم يعد قادراً على البقاء كحزب سيامى » وأن عليه أن 
يتحول إلى « منظمة عسكرية كاملة ؛ . وصدر الأمر بأن يصبح جميع الأعضاء 
الذين تتراوح أمارهم بين التاسعة عشرة والستين اعقباراً من اليوم الأول من يوليو » 
والذين لا ينتدون إلى قوات الحمهورية المسلحة » جنوداً فى وحدات ذوى القمصان 
السوداء المسلحين ليقوموا على « صيائة الأمن والحياة السلمية للمواطنين ضد القتلة 
وضد أولئاث الذين يتعاونون مع العدو » . 


وكات هذا الآمر بمثابة إعلان الحرب الأهلية . وكانت الفظائع التى تقوم بها 
هذه الوحدات السوداء » وأعمال الانتقام الى تطبقها ضد رجال المقاومة » لا تقل 
عنفاً عن الأعمال الى بقوم بها الألمان وإن لم تعادها فى الاتساع . وبالرشم من 
أن الحرس النازى هو الذى كان بوم بالأعمال الانتقامية الضخمة » وأنه هو الذى 
ذببح جميع سكان قرية سانتا أنا دى ستازيا فى شبر أغسطس عام 1144 ع 
وقتل بين الثامن والعشر ين والثلائين من شهر سبتمبر » نحواً من سبعمائة شخص فى 
مارزابوثو إلى ادنوب من بوأونا ء فإن الكتائب السوداء » كانت مسئولة عن 
عدد آخخر من الأحداث الوحشية أيضاً » ونم يذع أمرها . وكانت هذه الكتائب 
تضم عناصر تفوق فى سوئها أسوأ العناصر الموجودة فى وحدات المقاومة السرية » 
ونؤدى واجباتها بكثير من الغلظة والوحشية والغطرسة . وتعذب المسجونين دون رحمة 
أو إشفاق » ماما على النحو الذى كاذوا يتعرضون هم فيه لتعذيب وحدات المقاومة 
الشيوعية إذا ماوقعوا فى أيديها . وحبى عندما تمكن الأللان من تجميع قواتهم إلى 


4م 
الشهال من فلورنسا » وراحوا يقضون الشتاء على طول نط الدفاع القوطى الممتد 
من ريميى إلى سبيزيا » لم تخض حدة العنف وراء اللبطوط الألمانية . 

وكان موسوليى يرقب هذه الوحشية المتزايدة من جاتب الفاشيين أو أعدائهم 
بكثير من القلق الحزين » متفجراً أحياناً نى ثورات غاضبة بعلن فيها أن ١‏ أيام 
الزحمة قد انقضت » . ولكن بالرغم هن هذه الومضات من الغضب والثورة 
وبالرغم من دعوته إلى المزيد من تجنيد الكتائب السوداء : فإنه وجد نفسه مضطرا 
فى الهاية إلى الاعتقاد بأن موقف التساميح والتوفيق » هو الأمل الوحيد الباق 
للجمهورية . وقد أصدر أوامره إلى محافظ تورين بأن يجتمع إلى الحترال أو بيرق » 
مدير القوين السابق فى الحيش الإيطالى الرايع » وأحد زعماء المقاومة السرية البارزين 
الآن » وأن يتفاوضا على مننح عفو عام : وقد طال أمر المفاوضات» وأخيراً وافق 
سبعة وخسون من ضياط المقاومة ليس إلا » وكان الغاشيون قد اعتقاوم على شروط 
الاستسلام . وكان بافوليى وفاريناتشى وبوفارينى ‏ جيدى ؛ داتمى الشكوى 
والتلمر من اعتقاد موسولينى اللاوافعى بإمكان التفاهم بين الفاشيين وأعدائهم » 
سن رفضهء عندما حان الوقت لاتتخاذ قرار حاسم » التصديق على الإجراءات 
الصارمة الى أقترحوها » والى كان هو قد أقرها فى البداية . وكان قد أصدر 
فى الحامس والعشرين من أبريل عام 1444 ؛ مرسوبا بقضى بعقوبة المت على كل 
عضو من أعضاء المقاومة السزية يعتقل بعد ذلك التاريخ » وإكنه منحهم فى الوقت 
نفسه مهلة شور للاستسلا م مقابل العفو » كا راح بمنح بعد ذلك ٠‏ » إعفاءاك» 
مائلة فى عدد من القضايا . وقد يتتخذ موقض القسوة والصرامة فى يوم ما ؛ واكنه 
لا يلبث بعد أربع -وعشرين ساعة » أن يندم » وأن يعود إلى صفحه وغفرانه . 
وسجل جووفانى دولفين فى يومياته حالات كثيرة » تدخل فيها مرسوارى لإنقاذ 
أرواح وجاك حم عليهم بالإعدام . ولم يكن يصفح عن المعروقين بشموعيتهم » 
ولا سها. أوننك الذين يعملون تحث إمرة تيتو فى «فينسيا جويليا؛ » وقد أعدم 
كثيرين منهم بهمة الحيائة » ولكن عندما عرضت عليه رسالة تضم أسماء قادة 
الأحزاب السياسية غير الشيوعية واللامشروعة » لم يفعل أكثر من الانطلاق 
بالهديد والوعيد » وهو ما لم يحمله أحد على محمل الحد » وما نسسيه هو نفسه فى 
صباح اليوم التالى . وكان بين هذه الأسماء اسم فيروشيو بارى. زعبم حزب العمل 


ا 
اليسارى » والذى كان وزير عدل موسولييى قد -حذر منه المرة تلو المرة . ولكن 
موسولينى رفض إصدار الأمر باعتقال بارى » إذ كان يعتقد أنه «رجل شريف 
ف قرارة فؤاده » . وراح وزير العدل ؛ يصرخ بيأس قائلا لكارلو سيلفيسرى. . 
وكم مرة عملت كل ما فى وسعى من -جهد لإنقاذه» . وقال فاريناتشى فى مناسبة 
أخرى « ولكنه يرفض إنقاذ نفسه . فهو لا يستطيع النجاح إلا عن طريق القسوة 
لا عن طريق اللرضية والتفاهم » . 

ولم يكن مرسولييى أكثر نجاحاً فى عاولته اكتساب أهل الشمال إلى صفه 
عن طريق تأمم الصناعة . وكان يعتقد أن القوانين الى ربى من ورائها إلى تطبيق 
سياسته الاشبراكية محاولا بواسطها حل مشاكل الحمهورية الاقتصادية » ستحظى 
بتأبيد عمال الشهال . وعندما أصدرت بلخنة التحرير الوطبى فى مدينة رومة فى مطلع 
شهر مارس أمراً بالإضراب العام فى -جميع أنحاء الحمهورية الاشتراكية » اعتقد 
أنه لن يواجه خطراً كبيراً . ولم يكن الإضراب بالطبع عامًا على النحو الذى 
أراده شيوعيو رومة » وحاولوا تنفيذه » واكن وزارة ميزاسوما اضطرت إلى 
الاعئراف بأن عدداً من المصانع قد توقفت عن العمل ؛ وأن نحواً من ربع مليون 
عامل قد خرجوا من أعمالم » بيما ادعى الشيوعيون أَنْ عدد المضربين زاد على 
المليون . ورفض ممسوليى تلبية طلب الآلمان باتخاذ إجراءات صارمة ضد 
المضربين » وقال إنه مل" من رؤية الإيطاليين يحاربون بعضهم البعض » وإنه 
لا يريد المزيد من ذلك على الإطلاق!'' . 

ولم يؤد وجود الحكومة الفاشية وتجزئة إبطاليا إلى مثول خخطر واحد فى قيام 
حرب أهلية واسعة النطاق ليس إلا » إذ كان هناك خخطر آخر» فى أن يحجد 
الإيطاليون أنفسهم يقاتلون أبناء جلدتهم فى الميدان أيضاً . ويبدو أن هذا الخطر 
)١( 0‏ أعربت السفارة الألمانية فى تلك الأيام عن اعتقادها » بأن الأمل الذى يساور الحلفاء 
.دائما هو نشوب الحرب الأهلية على نطاق واسع فى شمال إيطاليا . وذكر رئيس القسم السياسى فى السفارة » 
أن هذا الأمل كان السبب ف امتناع الخلفاء عن الإغارة من أبفى على مكاتب الحكوبة الإيطالية على بحيرة 
جاردا . وكان الأمريكيوب يعرفون موقعم كل مكتب وكل وزارة » لكن الغارات لا تعجه إلا إلى البيوت الى 
يقيم قبا رجال السفارة الألمانية » والمئود الأبلان ؛ ومضى هذا الدبلوياق الألمانى يقول إن بقاء حكوية فاشية 
ححيز الوجود كان يضمن السلفاء الانتفاع من اشتداد المعارضة لهذه الحكومة « المؤليت » 


إن 
كان مصدر قلق دام لموسوليى . وكان يحدد على الخريطة تحركات الوحدات 
الإيطالية الى تقاتل إلى جانب الألمان » بها يطلب بإصرار المعلومات الدقيقة عن 
الوحدات الإيطالية الى -جندها بادوليو للقتال إلى سجانب الحلفاء . وكانت هناك 
ثلاث وحدات إيطالية لاتزال تقاتل الحلفاء فى إيطاليا » وهى فوج بارباريجو على 
جببة انزيو » وفوج من رجال القمصان السوداء يقائل تيتو فى كرواتيا ٠‏ وقوج 
من الرماة يقاتل رجال المقاومة السرية السلافية فى كارسو . وكان هناك فوج آخخر 
من الرماة يقائل الألمان » وروى مازوليى أنه مع موسوليبى يعرب ذاث يوم عن 
سروره لأنه سمع من إذاعة بارى بلاغ يميا الحلفاء يتحدث فيه عن شجاعة 
هذا الفوج الإيطالى . . 

وص رح مازولييى مندهشاً . . . ولكنها قوات بادوليو » وهى تحارب الألمان ! 

فرد مرسوليى ببدوء ... ولكهم إيطاليون » وهم يقائلون ببسالة . وهذا, 
ا ' 

وروى مازولييى أن موسوليى قضى بقبة ذلاك اليوم » بادى المرح وعندما جن 
الليل » كان يعتقد صادقاً أن احور سيكسب الحرب » ولكن لم يمض دومان » 
حتى كان يعود إلى طبيعته »فى تلك الأيام ء حزيناً يائساً . . . . 


١١ 
رئيس الحمهورية فى جرجنانو‎ 
الأشهر الأخيرة‎ 
١9148 من ديسمير 1444 إلى أبريل‎ 
و أنا أشبه ما أكون بقبطان سفينة هاجمها الماصفة . وقد تحطمت‎ 
السفيئة » ووجدث نفسى وسط حيط متلاط الأمواج » على فظلهر لويج‎ 
. من الللشب لا أستطيع توجيه ولا التحكي فيه ه‎ 


ارتفعت معنويات موسولينى فى ديسمبر عام 1944 » إلى الذروة » ودام هذا 
الوضع بضعة أيام . فقد مهى إلى مدينة مبلان مع وولف وران » فى زيارة 
قصيرة . وتوقفت سيارته لسبب أو لآخخر » وسرعان ما التفث حوها الحماهير مبتف له 
بصورة عالية مستبشرة » وكأنه قد أعلن لها قبل حظات أن الحرب قد اننبت . 
ولا ينكر أحد أن الحماهير كانت تبتفله أحياناً فى جرجنانو » ولكلبها لم 
تستقبله قط يمثل هذه الحماسة الى قوبل بها هنا فى ميلان . وأخذت 
الجماهير تتزايد شيئاً فشيعاً » و«السبارة تشق طريقها ببطء ف الشوارع » 
واضطر حى خخصوم الفاشية إلى الاعتراف بأن ما يربو على الأربعين ألف إنسان ») 
كانرا يبتفون بأعلى أصوامهم متحمسين . . . 9 دوتشى © دوتشى . دوتثى 6. 
وتحدثت راشيل عن نفس الموضوع بقوها . .. ولو لم أسمع الحتاف الحماسى 
بنفسى من المذياع » لما صدقت موسوليى وهو يروى لى ما حدث له عند عودته . 
ويتضح من هذا أن لا صعة لما يقال من أن البلاد كلها » تعادى الفاشية » وأن كل 
إنسان يكره بثيتو ٠‏ . 

ورا حيقول لها بشىء من الاعتزاز. . . «لم يسبق لى طيلة العشرين عام الماضية 
من عمر الفاشية أن قوبلت عثل هذا الترحاب . ولسبب غريب لا أعرفه » لم يكن 
أبكترال مونتانا رئيس الشرطة » قد علم بزيارف » إلا فى اليوم السابق لها . وقد 


ابام 


أذيعث وقائع الزيارة فى ليريكو » بحيث فوجئت إيطاليا كلها » بأمر وجودى 
هناك ء ولم أكد أنهى من خطابى حبى كانت الحتافات تملا عنان السماء » وكان 
والحق يقال » نصراً كاملا مطلقا » أما بالنسية إلى الحماهير فكالت أشبه بأمواج 
البحر الصاخبة . وكان من الرائع أن أقف بين جماهير الشعب فى سبارق » 
وأن أسمع هتافامهم تتادى بالولاء لى» . 


وظل يتحدث عن استقباله هذا أكثر من أسبوع كامل » وتظاهر الألمان 
بذهوهم من هذا الاستقبال . وذكر ران » أن ليس نمة من شلك فى أن كل إنسان 
قد ذهل من هله المفاجأة » فقد كانت واللحق يقال ١‏ مظاهرة حماسية رائعة ) . 
وكان ثما يثير المزيد من الاستغراب » أن الطاب الذى ألقاه الدوتئى قي مس رح 
لبريكو ؛ لم يكن قويًا على الإطلاق . فقد شرع يقرأ من ملاحظات دونها فى 
ورقته » وكان من العسير عليه أن يقرأها » دون نظارتيه » واعداً الشعب بالزيد 
من الإصلاح ىحقلى السياسة والصناعة . وقد ذكر بأنه قد لا يصبح من الضرورى 
عما قريب بالنسبة إلى العمال ؛ أن محملوا بطاقات العضوية ىق الحزب الفاثى » 
وأن الأحزاب السياسية الأخرى » ستنال الاعتراف الرسمى بها . ولم تظهر على صوته 
ملامح القوة السابقة التى عرفها الناس فيه » إلا عندما أخذ يتحدث عن حتمية 
النصر الألمالى » مشيراً إلى وجود أسلحة سرية ذات قرة هائلة . 


وكان هتلر قد حدثه بعض الى ء عن هذه الأسلحة عندما زاره فى شهر 
يوليو » ولم يكد يشبى من هذه الزيارة الظافرة الى قام بها لميلان » حى سارع 
إلى ألانيا من جديد » ليعرف من الفوهرر المزيد عن هذه الأسلحة السرية ) 
فحصل على معلومات دفعته إلى أقصى درجات الحماسة والإثارة . وقد توقف به 
القطار الذى كان يستقله فى خارج مونيخ ٠‏ وراح ينتظر ق محطة جانبية وصول 
قطار هتلرالقادم من الشهال . وتبادل الرجلان التحية بنفس الخرارة الى عرفت عن 
مقابلامبما فى الأيام السعيدة الحوالى » ثم راحا يستقلان معاً سيارة » مضت ببما 
لرؤية الأسلحة الحديدة الى وصفها موسولرى فيا بعد بأمها وآلات دقيقة الصنع 
للغاية طورتما البحوث الكتبرية تطوي أ عظيماً » . وصدق دون أى ناش كل ما قاله 


5 
له الألمان عبْها ('2. وراح يقول للرائد فورتوناتو البونينى » قائد حرسه الخاص . . . 
و ستدهش هذه الأسلحة العام وتذهله » كا ستغير مجرى الحرب ق غضرك 
بضعة أيام ؛ . واستمرت موجة الحماسة هذه عند موسولينى طيلة طريق العودة إلى 
جرجنانى » وروى موفاوزين + أنه هتف بمجماعة من رجال الحرس الفائى » 
مر ببيم وهو يقود سيارته على الطريق انحاذى لساحل البحيرة إلى دارته فى فيظرنيياى ؛ 
بقوله . . . 2 اصمدوا أيها الشباب . فقد كسبنا الحرب » . ش 
لكنبا كانت المرة الأخيرة البى يظهر فبها ثقته . هع مغبى أشهر الشتاء القاسية » 
ودنو الربيع » راح يغوص شبئاً فشيئا فى أعماق يأسه » ويعود ثانية إلى نلك الحالة من 
د الاتبيار المعنوى والبدنى ٠‏ بعد أن زايله كل نشاط وكل حبوية ؛ » على حك تعبير 
الأستاذ زاخارى قبل زيارته الأخيرة لهتلر . ولم تعد مهام الحكم وتفاصيلها تعنيه 
لاى قليل ولا فى كثير » ولم نعد المحاولات والمناقشات حول المستقبل القريب للفاشية » 
تثير لديه أى اههام . وكان يحتج فى الماضى أحيانآً على المطالب الألمانية ويفلح 
ف رفضها » أما اليوم فلم يعد يحتج إلا نادراً . وكات فى السنة الأولى من رئاسته 
للجمهورية قد قاوم الضغط الألانى الشديد لاستبدال الليرة الإيطالية ء بالماوك 
الأمانى كنقد للجمهورية » كا قاوم فما بعد » وبنجاح ؛مطالب أمانية عدة » 
تتعلق بتفكيك المصائع الإيطالية ونقلها إلى ما وراء جبال الألب . أما اليوم فيانت 
مقاومته » ضعيفة خائرة » ونادرة » ولا يمكن أن يعزى الفضل فى بقَاء المصائع 
الايطائية بعيدة عن متناول الألمان وسيطرتبم إلا إلى المهود المشتركة الى بذها 
العمال وأصعاب المعامل أنفسهم . وظل يرفض مدة طويلة استبدال تامبوريى رئيس 
الشرطة الذى كان الألمان قد استاءوا منه ء ولكنه لم يستطع الاستمرار ى هذا 
الرفض الآن » وسمح لبوفارينى - جيدى » بأن يقنعه بالتسلم للألمان بما يريدون . 
وعندما توق الكونت ماز وليى متأئراً بتسمم الدم بعد حقنة من الأنسولين » وحاول 
)١(‏ لا ريب فى أنهكان مصنقاً إلى حد عجيب موضوع الأسلحة السرية ؛ كا صدق أموراً 
عديدة أخرى . وعند ما قيل له إن مخترعا إيطالياً يممل فى اكتشاف « أشعة اموت ن الى ستسقق النصر 
للفاشية » سارع إلى الاقتناع بمساعدته يالمال ) فى مشر وعه . وكان مئل مطللع فبراير عام ١989‏ » يتحدث 
عن سلاح سرى و يؤثر على سيرالحرب تأثيراً كاملا ه . د المؤلف 0 


ان 
بريريسى الخصول على تأريد السفارة الألمانية » من وراء ظهر الدوتشى لتعيينه 
فى المنصب الذى خلا بوفاة الكونت ف وزارة الخارجية » وعلق موسوليى بشىء من 
الانزعاج على هذه الدسيسة عندما وصل تبؤها إلى أسماعه بقوله . . . « ولكن 
ما الى يريده بريز يوسى من هذا المنصب ؟ إنه لن يحد ما يعمله إذا توصل إليه ؛ . 
وكتب إلى هتار فى الرسالة الى بعث بها مهنثآ برأس السنة الحديدة يقول . . . 
د هناك شىء واحد » أنا على ثقة منه كل الثقة » وهو أن الديمقراطية لن تحل 
فى أوربا محل الفاشية أو الاشتراكية الوطنية ؛ . لكن مرسولرى لم يعد قادراً على أن 
يصبر على مثل هذه الادعاءات المتيجحة أو على قائليها . ووصلت إلى مسامعه أنياء 
النشاط الذى يقوم به المتمردون عليه من الفاشيين ٠‏ والذين نحاوإون الحصول على 
مساعدة الأللان فى الإطاحة به » واستبداله » بزعم فائبى جديد يككون صارم 
العزيمة فى نظراته الى لا تخالطها الأفكار الاشتراكية . سمع أن هناك آخرين 
ينادون بالسرعة فى التحول إلى الدبمقراطية . وقيل له إن فاريناتشى وبوفاريى جيدى 
يواصلان القول للألمان بأن مرسوليى أصبح من التعومة بمكان بحيث لم يعد صاحاً 
حى للبقاء كرأس اسمى الدولة . ولكنه ظل يستمع إلى كل هذه الأمور ,بدو 
يقرب من حدود التجاهل وعدم الاكتراث . وملت صحيفة ١‏ العهد الفاشى 6 الى 
يصدرها فاريئاتشى ذات يوم عنواناً كبيراً يقول . . . و لط الدوتشى المفرط مع 
زانييوف » » ثم راحت تماجم موسولرى لسماحه ببقاء هذا الرجل الذى حاول اغتياله 
ق عام 8؟14 على قيد الحياة . وتقول رأشيل إنه حمل هذه الصحيفة معه من مكتبه 
إلى منزله » وقذف بها على المائدة بحركة ملول » ما كانت لتصدر عنه فى أيام 
سلطانه وقوته أبداً . وقال معلقاً . . . 9لا يمكن للطف أن يكون مفرطاً » . واضطر 
أخيراً تحت إلحاف راشيل التى كانت قد تحولت إلى كراهية بوفاريهى - جيدى 
بسبب اتصاله بآل بيتاتشى » للموافقة على إبعاده عن وزارة الداخلية » وقد أبلغ 
موسولرى أحد سكرتيريه بأنه قد أقال الرجل لإرضاء راشيل » وإثارة الألمان » 
لا لآنه يعتقد أن إبعاده سيؤدى إلى تقوية مركز الحكومة أو إلى تثبيت موقفه هو . 
وبدا وكأنه قد فد كل أمل ٠‏ فلم تعد الأوهام تساوره . وكان يحتفظ بهذه 
الأوهام فى الماضى عن طريق تصديق دعاياته القائلة بأن أسلحة الألمان السرية 


مم 
وجيشهم السرى اللحديد . سيقلبان موازين الحرب عما قريب ٠‏ وأن خسائر الحلفاء 
أكبر مما يستطيعون احهّلها » وأن الدلاف بين الروس «الأمريكيين سيؤدى إلى 
الحرب بين الدولئين © أو أنه سيتيح له الفرصة على الأقل لعقد صلح منفرد 
مع إحداهما » مؤثراً إذا لم يكن "مة مناص من ذلك » أن تتحول إيطاليا كا قال 
لوزير ماليته ولبريزيوسى ٠‏ إلى جمهورية سوفياتية على أن تكون مستعمرة 
أنجلو ‏ أمريكية . ولكنه أخد الآن يستمد عزاءه من التفكير » بأن بريطانيا إذا 
ريحت العرب ٠‏ فستفقد إمبراطورينها بعد اننبائها » تماماً كما فقد هو إمبراطوريته . 
وكان إذا ما حاول وزراقه تشجيعه ٠‏ يقابل تشجيعهم هذا باطزء والسخرية , 
وعندما حدثه جرازيانى » عن مشاجرته الأخيرة مع كيسلرينج» راح يرز كتفيه » 
مبدياً عدم ١‏ كترائه . وعندما اقتدحم ميزاسوما عليه مكتبه ذات يوم » هائفاً بأن هناك 
د أنباء رائعة 6 » وأن الألمان شنوا هجوماً مضاد”ً! ناجحاً على مر اموز » كان تعليقه 
الوحيد ؛ يعكس عدم الأخيام 3 وكأنه لم يفهم ما قاله الوزير الشاب المتحمس . 
إذ قال د هذا حسن » ثم أومأ إليه بيده » صارفاً إياه من حضرته » ودون أن يكلف 
نفسه عناء سؤاله عن التفاصيل . 

ومضى فى الذكرى السنوية لرفاة دانونزيو إلى قصر الفيتوريالى » حيث وقف 
إلى جانب قبر الشاعر ؛ ثم ألى شطاباً حزيناً طافحاً باليأس » وصفه أحد سامعيه 
( بالاقتضاب والغموض و«الكابة » والإحساس بالمأساة » . وكان وجهه حزينا 
شاحباً ؛ ويبدو « كالرخام » » بيها كانت السماء ملبدة بالغيوم » ولحو فى مندبى 
السوه ٠‏ وراح موسوليى يقول . . . ١‏ إناك مم تيا صدبى ؛ وأن موت + طالما 
أن هناك جزيرة باقية فى البحر الماوسط تسمى إيطاليا ٠‏ إنلك لم نمث وإن تموت 
طالما أن هناك فى وسط إيطاليا مديئة لابد من أن نعود إلمها » هى مديئنة رومة ) , 

ووصف ميزاسوهما حالته فى تلك الأيام بقوله . . . ١‏ إنه بعيش على أجلامه » 
وبأحلامه . وم يعد له أى اتصال بالواقع . فهو يعيش ويعمل فى عام بناه لتفسه » 
عام فى منهى الغراية والشذوذ . فقد تعدى نطاق الزمن . و تعد لأردود فعله 3 
مجالات حماسته أو انبياراته أية صلة بالحياة . فهىتفد إليه فى أية لحظة » ودون 
أى سبي نحدد ) . 


مم 

وكان يتحدث أحياناً ويتصرف كا يتحدث ويتصرف أى شاعر مجنون ىف 
الواقع » وهو الوصف الذى كان قد ادعاه لنفسه قبل نحو من عام . 

ووصف الصحى إيفانو فوسانى مقابلة جرت له مع مرسولينى فى تلك الأيام . 
وقد جرت هذه المقابلة فى جزيرة ثر بميلون الواقعة فى وسط بحيرة جاردا » وف العراء 
تحت سماء تسطع فيبا النجوم . وكان ئمة كلب بوليسى ينبح بشدة ووحشية ؛ 
ومضى مرسوليى إليه فأمسك بفكه الأسفل بإحدى يديه » ليربت عليه باليد 
الأخرى . وراح موسولينى بتطلع ف عينى الكلب » قوصفهما بأنهما هادثتان » 
وتوقف الكلب عن النباح بعد لحظات ٠»‏ وأقعى عند قدميه لاء ثم مفى ف إغفاءة 
طويلة + بيما شرع موسوئيى ى الحديث إلى الصحى . وكان يتحدث بسرعة 
وبصورة تحمل طابع الإسباب » حتى إله عندما انْنّبى من حديثه وعاد فى 
زورقه البخارى إلى جرجنانو » ظل فوساق يكتب باستمرار ثلاث ساعات 
متوالية » محاولا تسجيل كل عبارة قالها . ولم يفه الصحى طيلة المقابلة 
إلا بكلمة واحدة هى ( تيل » » وهى اسم الكلب البوليسى . وراح يعلق على 
ما كتبه قائلا . . . ( ونفت منذ البداية أن يقطع ماع صوق انسياب هذا الرجل » 
الذى كان قد قرر الاعثراف للنجوم » . 

فقد أحس مرسوليى بالحرية بعيداً عن حراسه وعن الألمان » «نائياً عن 
ثورات زوجته الغاضبة » ودموع عشيقته » وراح ينطاق متعبداً لها » وكأنه أصيب 
بالهذيان ثم قال . . . ولو كان هذا اليوم من أيام الصيف . لنزعت معط 
وأخذت أتدحرج على العشب » وكأنى طفل شى سعيد » . وراح يحدث الصحى 
عن النجوم وعن القوة الحفية للروح وعن ولده الصريع وأخحيه أرنالدو » وعن تفاهة 
الحياة الإنسانية . وروعة حياة الروح . كان يتكلم كنى محموم + ينسج بأقواله 
بين الحقيقة والخيال اللذين لا رابط بينهما » متنقلا من فكرة إلى أخرى بعيدة عنها 
كل البعد » خائضاً فجأة فى سلسلة طويلة من التناقضات والاستعارات الكثيرة 
والأفكار نصف الواضحة » لينطلق بملاحظة .تجمع بين الصدق والوضوح » 
أو نبوءة تنطق بالاستشفاف العميق للغيب . وحاول تحليل أسباب نجاحه وفشله » 
فقال إله غير معتصيو م ؛ وإنه قد أخطأ كثيراً » وإ ق وسعه أن يرىالان أخحطاءه 


عيرم 
ويتبيئها . ولم يكن من السبل عليه أن يفعل ذلك فى الماضى إذ أنه ظل سنوات 
طوالا محخاطاً بالمنافقين من عبدة الأشخاص . . . » وراح يقول بعد ذلك فى شىء 
من التفزز الحزين ٠...‏ كنت أسمع تعبير العبقرى » أكثر من مائة مرة ى 
اليوم 6 . ولكن غيره اقترف أخطاء أكبر » وكان ى وسع الناس أن ينسوا أخخطاءه 
كلها » لو أن الحرب الى فرضتها عليه السياسة الحارجية البريطانية الشيطانية » 
قد سارت من جانب الأمان بطريقة أكثر تحفظاً وأدق قيود؟ . فلقد وقع اهجوم 
على روسيا خلافآً لنصائحه وضد رغباته ع وهاهى أمانيا نقف على عتبة 
الدمار » وسيصبح الروس عما قريب فى وضع فى أوربا الوسطى » يستحيل 
إخراجهم منه . ولو اقترفت هذه الأخطاء عينها فى الشرق » لكان فى إمكان الصين 
أيضاً أن تطيح بالعالم كله . . . ٠‏ ترى كيف يمكن لإنجلرا وأمريكا التغافل عن 
مثل هذا النطر الماثل ؟ » 
وقادئه هذه الإشارة إلى الإنجليز ٠»‏ إلى موجة جديدة من اليقد الغاضب 
علييم . وراح يباجمهم ويهاجم الفرنسيين لأنهم لم ينصروه, ىق مطالبته بتعديل 
معاهدة فرساى ؛ وإلغاء ديون الحرب وتعويضاتها » وفى موقفه ضد ألمانيا فى مستبل 
الثلاثينات . وحمل على الملك وعلى الحاشية الرجعية الى أحاطت به » كما هاجم 
البورجوازية الى تسللت بروح كاذبة إلى عقيدة الفاشية . وهاجم القيادة العامة 
لأنبا خخانت الحنود » كما حمل على الخماعات الصناعية والمالية الدنيئة » لأنها 
( أساءت معاملة العمال الذين كان ولا يزال يحبهم باستمرار » لهم طيبين 
وصامدون » ولأمهم يتفوقون على جميع الأدعياء الكاذيين الذين يزعمون مثيلهم 4. 
وحمله التفكير فييم إلى الإغراق فى حالة نفسية كثيبة إذ قال « ما زلت سجيناً » 
منذ اعتقلت أول مرة فى قصر الملك » ولم يعد نمة مفر . فأعدازنا يطلبون منا 
لتسنلم دون قيد أو شرط ... أما بالنسبة إلى الآخرين » فنحن خحونة » ولم تعد 
لدى أوهام موضوع مصيرى . وليست الحياة إلا مرحلة قصيرة من مراحل 
الخاود . وعندما تننبى الحرب » سييصق الئاس على » ولكنهم قد يجيئون فى يوم 
آخر » فيمسحون عى بصاقهم ٠‏ وآنذاك سأيتسم » إذ ألبى أكون قد تصالحت 
0 


8 

وهب من مكائه بعد كل هذا الحديث » وودع فوسانى مصافحا إياه . 
وروى الصحى » أنه أحس ء وقد رأى مرسولينى يمضى إلى زورقه » بالتأثر 
العميق لحله الكبرياء الحادئة الى تيدو عند هذا « الرجل العظم الشى فى ساعة 
مأساته » » واتطلق الكلب الضخم يقفز إلى صحرة قريبة » ليصدر عن تباح طويل 
حزين . 

ولكن إذا كان فى مكنة هذا الصحى أن يتميز العظمة فى هذه الشخصية 
الحزنة فى ساعة من ساعات الإشفاق الذاهل ؛ تحت السماء الصافية الى ترصعها 
النجوم » فإن مثل هذا العييز كان صعب على الصحفيين الذين كانوا بلقونه دائماً 
فى مكتبه الصغير المكتظ فى دارة أورسولينى . ورد"دث الصحفية ماديلين موليير » 
بأنها وجدت فيه رجلا لم تستطع التعرف إليه » إذ بدا جرم مدان بوجهه الشاحب 
ورأسه الحليق . وعبنيه السوداوين اللتين ينقههما البريق . وكان أكير استسلاماً 
منه تواضعاً . وكان استسلامه هذا » وتقبله المادئ لمصيره ء يحمل طابع الاعتذار » 
واستثارة الإشفاق . 

وراح يسأنها . . . وما الذى تريدين أن تعرفيه . إفى أذكر أنك جثتنا ف 
رومة قبل سبع سنوات . كنت آلذاك رجلا يهم به الئاس ويثير اههامك . 
أما الآن فأنا بجل عاجز . ولكن لم بعد يخيفنى شىء . فالموت شكر لله الذى 
احتمل منى الكثير . وقد صمادوا صباح البوم عصفوراً صغيرا فى غرف . كان يطير 
بيأس ف الغرفة يبحث عن منقل » إلى أن أعيام الحهد فسقط على السرير . 
وحملته بحنان عافة أن أفزعه . ثم فتحت له النافذة وأطلقته إلى السماء . ويبدو أنه 
ذهل ف البداية » وراح يتطلع حوله » قبل أن ينشر جناحيه ليطير » مزقزقاً 
زقزقة الفرح ء منطلقا إلى الحرية . لن أنسى ما حييت هذه الزفزقة . ولكن 
هذه النافلة لن تفتح لى أنا » إلا لتقودنى إلى الموت . وهذا جزاء استحقه . فقد 
أخطأت كثيراً » ومن حى أن أكفر عن أخخطانى محياق » إذا كانت ثوازى هذه 
الأخطاء » وأود أن أقرل إنى لم أخطئ“ قط عندما كنت أسير على هدى 
غرائزى » وإتما أخطأت عندما أصخت السمع لنداء العقل . . . 

و أجل يا سيدثى : فقد انتبيت . وقد أفل نجمى . وأنا لا أزال أعمل » ولكننى 


نا 
أعرف أن ما أعمله ليس إلا تضليلا . وأنا أننظر نباية المأساة . وقد نأيت عنها إلى حد 
غريب . وأنا مريض . وقد انقضئ على عام كامل لم أتناول فيه من الطعام إلا 
السوائل . وأنا لا أشرب » ولا أدخن . . . وقد يكين القدر قد شاء لى أن أبين 
الطربق إلى شعبى » ولكن هل سبق لك أن سمعت بديكتانور متأن » يحسب 
لكل شىء ما ان 
وقال ازائرته إنه لا يعزى نفسه الآن إلا بكتبه » وهى من خير ما ألفه كبار 
الفلاسفة . وهو لا يريد وهو ينتظر نبايته » إلا أن يقرأ » وأن يواصل القراءة . 
وعندما سألته عن تشيانو قال .. . ومت أنا منذ ذاك الصباح من 
بناير » عندما لى هو حتفه . والعذاب طويل ولا يطاق . فأنا كقبطان سفينة 
هاجمها العاصفة . وقد تحطمث السفينة . ووجدت نفسى وسط محيط متلاطم 
الأمواج » وعلى ظهر لوح من اللتشب لا أستطيع توجيبه ولا التحكم فيه . ولم يعد 
هناك من يسمع صونى . ولكن العالم بأسره » قد يصيخ السمع لى ذات يوم »؛ . 
وكان يتتحدث على هذا النحو لكل من بأ ازيارته فى هذه الأيام . فهو دائماً 
يتحدث حديث الذى بحس بالمأساة » بل حديث الصوق الغامض أحياناً » 
والشاعر فى أغلب الأحايين . وقال ذات يوم للكاتب الفرنمى الشاب ببير 
باسكال » الذى ترجم إلى الفرنسية كتابه ؛ حديث مع برونو » . . . ١‏ أرأيت هذا 
الصباح وأنت ى طريقك إلى هنا » ألوان البحيرة الفاقعة ؟ أرأيت زرقتها الشديدة ؟ 
أنا أنظر إليها عندما تكون حمراء عند المغيب أو ببضاء عند برودة الفجر » وأراها ؛ 
وكأى أبصرها لأول مرة . إن الحمال فى إيطاليا ثبىء لا يوصض » . وفجأة راح 
يغير موضوعه » دون أن ينتظر جواباً ويسأل باسكال إذا كان يؤمن بالله . وقال 
إنه لا يعرف حتنًا أن كان يؤمن بالله » ويود لوآهن به . وقفز فى نحديثه من الله 
إلى نابوليون فإلى شارل مورا('' ومنه إلى المصورين الإيطاليين فداننى فدانوتزيو ؛ 
مبتعداً عن كل -حديث عن السياسة » إلى أن ذكر باسكال حاجة أوربا إلى 
0 (١غ‏ شارل موا » ١458‏ - .... ) كاتب ملكى فرنسى من أهل اممين . ترك أثراً ملحوفاً 
على الفاشية وكان من أشد خصوم الشيوعية . وقد أدين بالسسجن فى عام ه44١‏ مدى الحياة بنهمة التعاونا مع 


الألمان أثناء الاستلال , ألف عدداً من الكتب منها « تقدم العقل ه د ع ثلاث أفكار سياسية , . 
« المعرب » 


ا 
الوحدة للدفاع عن نفسها ضد تدخل الإنجليز . . . فقال موسوليى وكأنه يبعد 
كل فكرة عن الإنجليز الذين لا يحبهم والذين أسبموا كثيراً فى الدمار الذى 
حل به . . . ١‏ هذا هو الواجب الملى على أيئاء جيلك » والخيل الذى يليه ) . 
ولم يكن فق وضع يرغب فيه با حديث عن السياسة » وبعد أن أبدى باسكال بعض 
الملاحظات عن رجال المقاومة السرية فى إيطاليا » ورجالها فى فرنسا » أوقف 
موسوليى الحديث فجأة ُ 

ووجده كاتب آخر هو بيار ريجيدورى كور ء عازفاً كل العروف أيضاً » 
عن التحدث عن الأحداث الراهنة . وآثر أن يتحدث عن مازينى رجاريبالدى » 
وعن الفلسفة والحب الحنسى . وقال إن كل حب لايد أن يموت سريعاً ؛ نتيجة 
عجز العاشقين عن فهم بعضهما . وعندما علق كور بأن خيبة الأمل تقع عندما 
تؤخل الشبوة على محمل الب » أشار موسولينى إلى أفلاطون وأبى المقابلة قائلا 
بأنه يعتقد من ناحيته أن الحياة تعنى الألم . 

وكثيراً ما قاطع اجماعا مهما يعقده مع وزرائه أو مع الألمان » ليتحدث عن 
الفلسفة أو التاريخ أو الدين . وق السادس من أبريل ء وكان الحلفاء قد شنوا 
هجومهم الأخير » واحتاوا ماسًا » وشرعت ابلبيوش الألمانية فى التراجع السريع 
عبر تسكائيا » أذهل العقيد دولان » الذى كان لا يشغله شىء سوى مشا كل 
الانسحاب والتسلم ٠‏ عندما قال له » وسط مناقشة فى متهى الأهمية . . . 
دقل لى يا عقيد . . . أتؤمن بالله ؟ إن ابلترال وولف يؤمن به . 


؟ ١‏ 
من فبراير إلى أبريل ه05 


« من -حق أن أعرف عل الأقل » سقيقة ما يدور » . 


كان العقيد دولان والحنرال وولف من قادة الحرس الثازى بتفاوضان منل مدة 
دون علم مرسوليى مع الحلفاء » حول استسلام الحيوش الألمانية فى إيطاليا . 
وكان الوسيط الكردينال ايدلفونسو شوستر » رئيس أساقفة ميلان » الذى ذاع 
أمر حكمته فى العالم بأسره » والذى كان على اتصال بهما منذ مطلع شبر فبراير » 
عندما اقرح عليهما » رغبة منه قى إنقاذ إيطاليا والحيلولة دون المريد من التضحية 
بأرواح الألوف من الناس » أن يسمحا له بالتفاهم نيابة عنهما مع قادة المقاومة 
السرية . وقال الكرديئال إن رجال المقاومة يزدادون عدداً فى كل يوم » ويحسن 
تنظيمهم » وهم يتلقون المزيد من الأسلحة والمعدات الى يبعنها الحلفاء إلههم . 
وقد بحث العقيد دوئان فى اقتراح الكردينال مع الخترال وولف ٠‏ واتفق القائدان 
الألمافيان » على أن يبعث الكردينال بممثل عنه إلى مقر قيادة المتقاومة السرية لمقابلة 
الخئرال كادورنا . وقد اختار هذا قسيساً ذكيًا » يدعى الدون جيوسيى بيشييراى 
كان يعمل كاهنا مع الحيش من قبل . ٌْ 

وتمكن العقيد دولان ى غضون ذلك من الحصول على تأشيرة تسمح بالسفر 
إلى سويسرا » للبارون لويجى باريللى » الممثل السابى لإحدى الشركات التجارية 
الأمريكية فى إيطاليا » نحت ستار الاستشفاء . وأقام هذا فى زيوريخ » فى 
بيت صديق له يدعى الأستاذ هوسمان ؛ مدير معهد زوجر برج . 

وجاء إلى البيت ذات مساء بعد وصول باريللى إلى زوريخ » رجل لا يعرفه 
الأستاذ » قال إنه جاء لقراءة عداد الغاز . وصعق الأستاذ هيسان دهشة عندما 
قدمه باريللى إليه على أنه العقيد دولان من قادة الحرس النازى » وطلب إليه أن 
يتصل فوراً بالسفارة الأمريكية » وأن يطلب إلى المسثر لان دالاس » انهىء 


امم 


م 
لقابلقه . ول برغب دالاس فى أن بقم نفسه فى المفاوضات وهى قى هذه المرحلة » 
فأوفد مساعده الدكتور جيفرئيتز . واجتجع اليجلان ق مقهى بيانثى ؛: حيث 
اعتّرف الألمانى بأن اسمه لابد أن يكرن على قائمة مجربى الحرب عند الحلفاء ٠‏ وأنه 
مقابل رفع اسمه » على استعداد للمساعدة فى إنباء الحرب فى إيطاليا"'! . لكن 
جيفرنيتر ظل متشككاً فى الموضوع ٠‏ ومار كان ليصدق بأن دولان يعتزم 0 
ترئيب موضوع النسلم أو أنه قادر عليه » وطلب منه للتدثيل على قدرته وحسن 
نواياه » أن يأنى إلى الحدود السويسرية بأحد الزعماء البارزين فى عدائم للفاشية ؛ 
والمعنقل فى أحد السجون الإيطالية . وسرعان ما وافق الألمانى على تنفيذ الاقتراح » 
وطلب منه أن يسمى له الرجل . وقال جيفرنيتز إن عليه أولا أن يستشير رئيسه ؛ 
ثم عاد مسرعاً إلى دالاس 
وقال دالاس . . . : اطلب منه فيروشيو بارى 6 : معتقداً أن دولان لن 
يلبث أن يختلق الأعذار » لاستحالة إطلاق سراح مثل هذا السجين البارز 
ولم يمض أسبوع حتى كان فيروشيو بارى وزوجته » وشحخص يدعى أوسيميى » 
من القادة البارزين الآخرين فى مناهضة الفاشية واحكومعلرهم بالإعدام فى سجن 
فيرونا قد وصلوا إلى سويسرا . 
ووصل ارال وولف نفسه فى الثامن من مارس إلى سويسرا . والتى بالأستاذ 
همان ى إحدى عربات القطار السريع بين شياسو وزوريخ . وسرعان ما اجتمع 
بآلان دالاس » الذىلم يعده بشىء » وإن كان قد ألمح إلى أنه سيضمن له 
مستقبله إذا انهت المفاوضات نباية ناجحة . وعندما عاد إلى إيطاليا ٠‏ فوجئ 
الاترال » بأن الماريشال كيسلرنج ٠‏ الذى كان يعتمد ى مشروعه كثيراً على 
سلامة منطقه ؛ قد نقل أثناء غيابه من إيطاليا إلى الشهال » ليخلف الماريشال 
)١(‏ كان اسم دونان على قائمة يجرربى الحرب حقاً , فقد كان المسكول عن إقامة غرف تعيب 
المستابو فى شارع تاسو وى سحن جاكاريئو فى رربة . وعن أعمال الحرس النازى فى فندق ريجينا 
ا وكان المستول أيضاً عن قتل الرهائن على طريق أوربا . وكان هذا الشاب جميل الصورة وى 
متبى الذكاء » وقد ألحق بالسفارة الألمانية فى رومة منل عام 5م4١ ٠»‏ إذ كان يعيش فى العاصمة 
الإيطالية قبل هذا التاريج » وكانت كانت أمه يهى ابئة طبيب فى موفيخ » تدير مزلا م بنسيوفاً وى رومة . 
8 المؤليف ( 


م8 
رونشتادت فق القيادة العامة للقوات الألمانية فى الحببة الغربية » ليحاول منع الحببة 
الألمانية هناك من الانبيار . ولم يكن فى وسع وولف أن يتأكد من مدى الثقة 
الى يستطيع إيلاءها ؛ للجبرال فيتينجهوف خليفة كيسارنج » ولكنه استمر ى 
مفاوضائه أملا منه فى أن يقبل فيتينجهوف وغيره من ضباط الحيش الألمانى الشروط 
الى سيتمكن من الحتصول عليها إبان مفاوضاته . واجتمع قى التاسع عشر من مارس 
مع الحترال الإنجليزى ايرى والخرال الأمريكى ايمنتيزر على مقربة من الحدود 
الإيطالية . السويسرية ق اسكونا على بحيرة ماجوورى » وبحث معهما فى شروط 
الاستسلام . ولكنه عندما عاد إلى مقر قيادته فى إيطاليا » فوجئ من جديد بأنباء 
غير سارة . فقد تحدث إليه هملر هاتفينًا من برلين يقول إن الحستابى قد فرضت 
رقابها على أسرة الحترال وزوجة دولان ٠‏ ومن الخترال وولف من مغادرة إيطاليا 
ثانية » ودأب هعملر » على التحدث إليه هاتفينًا بين آونة وأخرى » لينقل إليه أنباء 
أسرته . وقال وولف لابارون باريللى » إنه يجد نفسه مضطرً! إلى وقف المفاوضات 
ولكن هذا أقنعه بأن الحطر الذى يبدده ؟جرم حرب أكثر من اللحطر الذى 
قد يبدده إذا ما أصبح الألمان يشتببون مخيانته . وهكذا وافق وولف على الاستمرار 
ف الاتصال بال حلفاء عن طريق جهاز إرسال وضعه فى غرفة نوم مرافقه . وحصل 
فى اليوم الأخير من شبر مارس على موافقة القائد العام فيتينجهوف على شروط 
الاستسلام . وفى الثالث عشر من أبريل » استدعى إلى يرلين » فودع أصدقاءه 
وكتب وصيته . 


ولكنه عاد إلى إيطاليا قبل انقضاء أقل من أسبوع . واستمع هتلر فى الساعة 
الرابعة والنصف من صباح الثامن عشر من أبريل » وكان لا يزال فى ملجأ دار 
المستشارية إلى تقرير وولف »الذىأراد منه همل رأن يقدمه إلى الفوهرر حول الوضع 
ف إيطاليا . وروى وولف فما بعد أن الفوهرر ظلصامتاً » شبه ذاهل »وهو يصغى 
إلى تقريره »ثم تحدث أخيرا لا عن إيطاليا بل عن الفرصة التى كان لا يزال يحم فيها 
فى التغريق بين روسيا وبين البريطانيين والأمريكان . وكان وولف نفسه يعرف 
أن لا صعة لهذا الأعل الواهم إذ أن ممثلى الحلفاء » رفضوا بسرعة وإصرار وثبات » 
اقبراحاً كان قد لمح إليه قى مستبل مفاوضاته معهم حول استسلام اليش الألمالى 


وم 
ف إيطاليا » وهو أن يسمح لا تببى من قوات احور فى إيطاليا » بعبور الألب 
دون مضايقة لتكون حرة ق اربة الروس» وأكدوا أن حلفهم مع الروس قوى 
لا يمكن أن يحل أو يضعف . ولكنه أحس وهو يغادر الملجأ » أن الأمل الوحيد 
الذى بى لتار » هو أن يقع الخصام بين أعدائه . أما إبطاليا » فكان قد أسقطها 
من حسابه منل زمن بعيد . 

وم بمض أسبوع على عودته إلى إيطاليا » حتى كان وولف يقابل مثلى الحلفاء 
للمرة الأخيرة عند الحدود السويسرية » ويتفق معهم -<ول التفاصيل النهائية 
لاستسلام الحيوش الألمانية استسلاما غير مشروط » والعمل الذى يجب أن يقوم به 
ضد كل من تسول له نفسه من جترالات اللحيش الألمانى » معارضة هذا 
الاستسلام . فمضى وولف مع العقيد دولان قى اليوم الذى تلا عودته من شياسو 
إلى قصر الكردينال شوستر فق ميلان ؛ ليجتمع هناك إلى ممثلى حركة المقاومة » 
الذين أبدوا قبونى لشروط الاستسلام البى اتفق عليها مع الخلفاء » وراحوا يعلنون له 
أن الحنة التحرير الوطنى لشمال إيطاليا قد أصدرت أوامرها بإعلان الثورة العامة على 
حكومة موسولينى ى انامس والعشرين من أبريل . وتأيد فى هذا الاجماع أيضاً 
أنه قبل صدور الأوامر بالشروع ق الثورة ببضع ساعات : سيصدر الحترال وولف 
أمره إلى العقيد راوف رئيس المستابو ى ميلان ء بمنع قوات الحرس النازى من 
التدخحل فق أية قضية إيطالية صرف . 

وم ينقل إلى موسوليى بالطبع ىء عن كل ما وقع . لكن الشائعات وصلت 
إلى جرجنانو . وكان الحترال وولف نفسه قد المح إلى وجود شىء من الاتصال مع 
الحلفاء قى سويسرا » وذلك إبان مقابلة عاصفة مع موسولينى ذى الوجه اللخامد 
كالصخر فى السابع والعشرين هن فبراير . واعترف موسولينى فى حديث له مع 
ألبرتو ميليبى » من موظ وزارة الخارجية بشكوكه فى أن شيئاً يدور وراء الستار . 
وقد اعتقد أن ( شوستر ع يقوم بعمل ما . وأن الألمان على اتصال بلجنة التحرير 
الوطى قى ميلان . وبيها كان يعترف بأن هناك نوعاً من الاتصال بين الحرس النازى 
والمقاومة الإيطالية » إلا أله تحجج بأن المواضيع الى يجرى ينها لا تتعدى -حدود 
بعض القضايا المحددة للغاية » ون أن يكون هو أو أى ألمانى آخر » قد أجرئ 


1م 
مفاوضات مع الكردينال شوستر . وزعموا لموسوليى أن إطلاق سراح بارى ء قد 
جرى لمصلحة الشعب الإيطالى الذى سيفيد من نخفيف التوتر الذى لا بد أن ينتج 
عن مثل هذه البادرة الطيبة » وقد قبل موسوليى هذا التعليل » وأبلغ ميللينى أنه 
لا يعترض على إطلاق سراح الرجل ٠»‏ ولكنه لا يستطيع أن يصدق أن الشائعات 
الى سمعها عن الاتصالات الألمانية » لا أساس لها من الصحة . وقال لمحدثه . 
«وإلى لعلى ثقة بأمهم يتعاملون مع بلحنة التحرير الوطى . وقد بحسن ران ووولف 
الصنع لو أخبرانى ماذا يدور فى خلدهما » . ثم قال بشىء من الغضب . « فن حت 
أن أعرف على الأقل » حقيقة عا يدور » . 
وقرر ف الثالث عشر من مارس » أن يخطو خحطوة من جانيه » فأوفد ولده 
فيتوريو إلى الكردينال شوستر » حاملا رسالة يقترح فيها شكلا من أشكال الضمان 
اسكان المدنيين ى حالة وقوع انسحاب ألمانى عام من إيطاليا » وانسحاب القوات 
الإيطالية إلى مراكز دفاعية ى جبال الألب . ولكن خطوة موسولينى لم تكن 
كافية ى نظر الكردينال ء وإن كان القاصد الرسول ى بيرن قد أمر بنقلها إلى 
قيادة الحلفاء العليا ى كاسيرتا » حيث رفضت على الفور رفضاً قاطعاً » لأن 
الخلفاء لا يقبلون بغير الاستسلام اللامشروط . ورفض موسوليى بدوره التفكير 
هذا الاستسلام ؛ إذ كان متردداً حتى تلك الاحظة فى الاعتقاد يأن الأللان 
قد أقر . وتلبى فى السادس من أبريل تقريراً يقول إن الأوامر قد صدرث إلى 
بعض الوحدات الألانية بإعداد العدة للجلاء عن إيطاليا » ولكن لم يعض يوم 
1 يومان حى كان يسمح للجترال فيتينجهوف ٠»‏ بإقناعه » بأن حلفاءه الألمان 
سيقاتلون حتى الهاية . وأكد له المثرال أن كل ما يسمعه من شائعات عن 
استسلام الآلمان و عمل من أعمال الدعاية المعادية » . 


1١ 
الانتقال إلى ميلان‎ 


من ١4‏ إلى 5؟ أبريل ه94١‏ 
و ظللت أقامر حى النباية » وكنت المغلوب فى جاية المغامرة » . 


استقبل موسولينى ف الثالث عشر من أبريل » وكيل وزارة الداخلية , 

وراح يسأله بكل وضوح. . . « قل لى ! ما رأيك فى الحرب الآن ؟ ؛ 

ورد وكيل الوزارة . . . « ليس همة من شلك ق أننا قد خسرناها ٠‏ . 

واحتج مرسولينى على ذلك » قائلا إن المقاومة تشتد فى أمانيا » ولنهم يقاتلون 
دفاعاً عن كل شبر من الأرض . 

ورد وكيل الوزارة . . . ١‏ لكن اللحلجات الأخيرة لا تؤثر على النتيجة . . . ؛ 

وصمت موسولينى . . . ثم قال بشى ء من النعومة . . . 9 أجل إنك على حق . 
هذه هى الحقيقة » ول يعد فى وسعنا أن نعمل شيثاً » . 

وقد قدر لهذه القدرية البّى تخالا دفقة واحدة من الأمل » أن تعيش مع 
مرسولينى حى اللباية . فقد قبل الأمر الواقع ٠‏ وأن النصر يات مستحيلا » 
وتركزت أفكاره الآن على الطريقة الى سيؤلّه فيها ويمجد . واقترح بعض وزرائه » 
أن يصمدوا لل ة الأخيرة فى تريستا » بيهًا اقترح البعض الآخر » يؤيده المسرال 
وينينبيج » قائد الحامية الألمانية فى ميلان » الدفاع عن المدينة وتحويلها إلى 
ستالينجراد إيطالية . ورأى البعض الثالث » أن خيير خدمة لأسطورة الفاشية » 
أن يظل الفاشيون بقاتلون حتى الموت فى جبال الألب . وجاء بافولينى فى الرابع ٠‏ 
عشر من أبريل إلى اجمّاع عقد فى دارة أورسوليى ؛ ليعرض خطته فى إظهار 
هذه الإبماءة الأخيرة من الإبعان والتحدى فى فالتيلينا إلى الشهال من برجامو . ونم 

1 





يوم 

يعترض أى من الألمان الذين شهدوا الاجماع ٠‏ وبينهم ارال وولف » على خطة 
بافولينى » كالم يذكروا شيثاً عن احهال استسلام الألمان . 

ولم يتحدث مرسوليى بالكثير فى هذا الاجمّاع » وبدا راضياً باقتراحات 
بافولينى دون مثاقشة » سارحا بفكره قى أماكن أخرى » وكأنه يعد نفسه للموت . 
وعندما اعترض جرازيانى على هذا المشروع وهاجم بافوليى لآنه لم يعد تفاصيل وافية 
عن مخططه » راح موسولينى يقول بمنتهى الهدوء . . . 9 ليس ثمة من إرغام على 
أحدكر بالمضى إلى فاليتاينا . وعلى كل منكم أن يقرر لنفسه ما يشاء » . 

وعندما وفد عليه الأب يرسيبيو » كاهن اليش الذى سبق له أن تحدث إليه 
عدة هرات فى جرجنانو » كان حديثه الأخير إليه » أشبه بوصية الرجل المشرف 
على الموت واعثرافه . فقد بات مقتنعآمن المزيمة. وخيل للأب أنه أتد يتوقع المرتة 
العنيفة الى كانت تنتظره(!؟ . وقال لكاهن آخر هو الدون بانسينو » جاء يزوره 
بعد يومين . . . « ودعنى الآن أيها الأب . وشكراً اك على الصلاة الى أديتها من 
أجل . وكل ما أرجوه أن تواصل الصلاة من أجلى » إذ أثنى فى -حاجة . إليها . فأنا 
أعرف أعهم سيقتلوفى » . وأوحى بنفس الانطباع من اليأس والاستسلام إل 
دينالى » الثورى العجوز الذى عرفه منل أيام شبابه ى سويسرا . . . عندما قال . . . 
« هناك إشارات مرة عن المصائب » عالقة فى الحو : . . . ثم راح يدعى نفس 
الإحساس المسبق بالتكبة الذى أحس به فى رممه فى اليوم الذى سبق اعتقاله ) 
وقال . . . (١‏ يشاء القدر لى أن أصلب . لقد استيرت الحظ ضدى فانقلب 
على . ولا ريب فى أن المؤمنين الذين لم أحسدم قط كنا أحسدهم اليوم ؛ سيشير ون 
إلى يد العدالة الإلهية . وقد أصبحت الحوادث بالنسبة إلى جزءاً من التاريخ . 
فقد ظللت أقامر حبى الهاية » وكنث المغلوب ق نباية المقامرة . وإ لأودع 
الحياة دون أحقاد ودون كراهية ودون كبرياء . الوداع ؛ . 

ورد ديئالى . . . 3 إلى اللقاء ) . 





000 قال لشتيقته عتحدثاً عن رفاة مازوليى وكيل وزارة الحارجية ... ومسكين مازوليى . 
ولكنه ماث فى فراشه كما أراد أن بمويت » وين يدرى أين سئموت لحن 2 وما سيلسق بعظامنا بعد موثنا ه . 
المؤلف ع 


م 

لا . لا . لم تعد هنالك أوهام . الوداع . 

واجتمع وزراء الحمهورية الاشيراكبة للمرة الأخيرة ق السادس عشر هن 
أبريل . وقال موسوليى إن الاجماع المقبل ء سيعقد فى ميلان . قال هذا بشىء هن 
التحدى الساغر اللاواعى » راجعا بفكره إلى انتصاره الأخير فى تلاك المدينة قبل 
نحو من خخمسة أشهر فى ديسمبر . . . وكان قد أسر لميلليى قبيل الاجماع . . . 
و أحب قط هذه العزلة » حيث أجد نفسى مبتوت الصلة بالشعب . فقد ضاعت 
رومة وبانت ميلان هى العاصمة الوحيدة الجمهورية الإيطالية ؛('" , 





وأعد عدته ى الساعات المبكرة من مساء التاسع عشر من أبريل © بالرغم 
من نصائح وولف وران ء للرحيل إلى ميلان » مصحوباً بحرس من القوات الألمانية 
يقوده الثقيب أوتو كيسنان من اللحيش الألمانى والملازم فريتر بيرزير من رجال 
الحرس النازى » وهو ضصابط شاب يبدو الحزن على محياه » وقد صدرت إليه الأوامر 
بأن لا يدع الدوتشى يغيب عن اظريه لحظة واحدة , 

7١(‏ كان يريد فى السابق قل عاصمة الحكي إلى الحنهب إلى مركز مترسط عند مونزا * ولكن 
الألمان نم يسمصوا له يلك + وقد نسسوء الآن بعدم الرحيل إل ميلان » على اعتبار أن يحيرة جاردا تقع 
على الطريق الرئيسى لتراجم الحيش الألمانى © أما فى ميلاث فسيكوون عاجزين عن تأمين الحماية الكافية 
تلفاشيين ضسد رجال المقاوبة السرية . « المؤلت ه 


تم 

وكانت الشمس تشرف على المغيب عندما ودع راشيل' فى حديقة الدار » 
قائلا لها إنه سيعود إليها فيا بعد . وذ كرت راشيل فيا بعد « وقد تحدث أيضاً عن 
احمال الصمود الأخير فى فيلتيلينا . ولم أجد سبيلا ؛ لمناقشته » . وكان أكثر 
وضوحاً مع شقيقته ايدفيج . فقد ذكر أن أمانيا شارفت على انها ومنت" 
بعد الحرب بين الروس والحلفاء الغربيين . أما بالنسبة إليه . فقد ذكر ء ويبدو 
أن حبه فى البلاغة لم يزايله لحظة واحدة » بأنه بات على استعداد ٠‏ لولوج صمت 
الموت الرهيب 4 . 

وأقام موسوليى مكتبه فى ميلان فى الطبقة الأول من دار المحافظة فى قصر 
مونفورنى » حيث ظل لمدة خسة أيام متوالية . يتلق سيلا لا ينقطع من الزائرين , 
وخلفت الأحاديث المتواصلة » وجو الإثارة المحمومة ؛ فى نفسه بعض الارتياح . 
نخد وصل إلى ميلان عصبى المزاج » بادى اليأس + لا يكترث بشىء . أما اليوم : 
أى فى العشرين من أبريل » فقد عاوده هدوؤه » وأصبح أكثر ثقة بنفسه . ورا 
يتحدث عن مقاومة تستمر شهراً ى فيلتيلينا » بما يتيح له الفرصة لإقامة حكومة 
مستقرة تتولى القيام بصلح شريف . وأخل يبحث جاددً! فى احيّال إقامة جبهة جديدة 
مع الاشتراكيين ضد الملكية . ووجده الصحى كابيلا » عندما قابله فى العشرين 
من أبريل ه فى حالة صمية طيبة على العكس مما كان يقوله الناس » . ويدا أ6ثر 
بدا من الرة الأخيرة الى لقيه كابيلا فيها » وأكثر مرح » وهو يسأله عما يستطيع 
أن يفعله من أجله . . . وقال الصحى « أريد صورة لك موقعة » , فأعطاه موسولينى 
صورته وقد وقعها بشيى ء من الاعتزاز على النحو الذى ألفه فى السابق . . . 9 السئة 
الثالثة والعشرون للعهد الفاثى » » وكأن هذا العهد » لا يزالك فى بدايته » ولم يصل 
مبابته . وكان يقول » إن حياته قد شارفت على النهاية لكن إيطاليا والفاشية لن 
تموتا أبداً . ْ 

وقال كابيلا يسأله . . . أثثق حقنًا ى شوستر ؟ 

وسرح موسوليى بنظره من الثافذة ؛ ونشر يديه بالصورة المعروفة عنه وقد رفع 
راحتيه إلى السقف يقول . . . « إنه ماكر إلى حدما ؛ ولككن على الإنسان أن يصدق 
رجال الله . 


إة» 
سكرتير يه والدكتور زاخارى أن يطير إلى أسبانيا » أو عندما اقرح تامبوريى 
عليه الفرار إلى بولينيزيا . وكان قد حزم أمره على الموت فى فالتيلينا . فقد انهت 
حياته » لكن الفاشية ى نظره لم ثنته . وفى اللعطاب الأخير الذى ألقاه على عدد 
من الضباط جاءوا لرؤيته »ء تحدث بشى + من قوئه السابقة عن ١‏ نخلود الخرب 
الفائى » . 

لكن أسرئه يجب أن تكون فى مأمن . وتحدث إلى زوجته راشيل هاتفينًا فى 
الثالث والعشرين من أبريل ء قائلا إنه سيعود إلى جرجناذو » ليعد العدة لفرارها 
إلى سويسرا . ولكنه اضطر بعد ساعات إلى التحدث إليبا ثانية قائلا إن مانتوا 
سقطت وأن بريسكيا مهددة » وإنه لن يستطيع الوصول إلى جرجثانو . وأمرها 
بالمضى إلى مونزاء حيث ستجد براسو ق انتظارها فى الدارة الملكية . وسيعود إلى ' 
الاتصال بها هناك ثانبة . وحاول إقناع كلاريتا أيضاً بالفرار » ومضى 'زياربما 
فى البيت الذى نقلها إليه مع أسرما فى ميلانو » الرائد سبوجلر . وكان بقفية أفراد 
أسرّها يعدون العدة للطيران إلى أسبانيا » ولكن كلاريتا ترفض الذهاب معهم . 
وكتبت إلى صديقة ا » تقول وقد استعارت تعابير حبيبها المحبوبة لديه . 
«سأسير وراء قدرى » وأنا لا أعرف ما سيحل لى » ولكنى لا أستطيع مناقشة 
القدر ؛ . 

وقضى موسولينى سحابة الحامس والعشرين من أبريل فى ميلان . وظل يرفض 
بإصرار كل الاقتراحات المنصبة عليه بمغادرة البلاد » وبدا هادثاً » ومتيلداً أحياناً . 
وكان ينفجر أحياناً ملاحظة غاضية عن الألمان » أو عن الملك والإنجليز » ولكنه 
ظل يعمل طيلة البار » دون تذمر » أو سرعة ء جامعاً أوراقه » متحدثاً إلى 
زائريه » متأهبآ للشروع فق رحلته نحو الشمال . وانتشرت الشائعات بأنه سيغادر 
ميلان ق ذلك اليوم » فجاءه الملازم بيرزير ؛ مذكراً إياه بشىء من الحدة بوعده . 
بأن لا يغادر المديئة حتى يعود التقيب كيسنان من جرجنانو » حيث كان قد مضى 
لجمع متاع رجاله . ورد موسولينى » وهو يصدر إليه أمره بأن يمضى إلى كنات 
د موق لإعداد بعض السيارات الشاحنة والوقود » استعدادا لرحلة الشهال . . . 
١‏ ولكن الوضع قد تبدل الآن» . وبدا منزعجا من أن بيرزير » اعتبره مخلفاً 


48 


لوعده لكيسنان » و إن لم ينزعج للوضع الذى بات فيه . 

وجاء الحترال مونتانا رئيس الشرطة فق ميلان واماريشال جرازيانى إلى دار 
امحافظة فق الساعات المتأخرة من بعد ظهر ذللك اليوم للبحث فى انسحاب القوات 
االجمهورية من المدينة » لإعادة تنظيمها فى الشهال . ولكن موسوليى أبلغهما أنه 
سيقصد إلى الكردينال شوسّر . ليطلب إليه إعداد اجماع مع زجماء لحنة التحرير 
الوطى ليعرف شروطهم للاستسلام . وقال إنه قرر 5 أن يوفر على اللحيش المزيد 
من التضحيات 4 . 

وبغى مرسوليى بعيد الخامسة إلى قصر الكردينال » على أن يلحق يه 
جرازيانى فما بعد . كانت الشوارع هادئة هدوءا غريباً » وكانت الأماكن العامة 
مغلقة » ومعظم الحوانيت والمكاتب مقفلة . وكانت صافرات المصانع قد انطلقت 
قبل بضع ساعات تعلن بداية الإضراب العام . 

وروى الكرديئال شوستر فها بعد . . . ١‏ ودخل موسوليى غرفة استقبالى ف 
حالة كثيبة » فثل أماى صورة الرجل الذى أذهلته الكارثة الرهيبة . واستقيلته » 
بحنان أبوى كشسى » وحاولت ونحن ننتظر وصول الرجال الذين أراد مقابلهم » 
العرويحعن نفسه » بشىء من الحديث 4 . 

وكان الحديث عسياً ويؤلمآ . وبدا موسوليى فى غابة الإجهاد » عازفاً عن 
الحديث . وأصمر الكردينال على أن يتناول بعض المرطبات » لينتعش بعض الثى * » 
فقيل مدفبعا بالكياسة قدساً من الشراب » وقطعة من البسكويت ؛ . وكان أشيه 
بالرجل الذى زايلته إرادته » وتقبل مصيره دون حراك » . 

2 يستعد مرسولينى قرة عز يمته وبصورة مؤقته » إلا عندما رجاه الكردينال 
أن يوفر على إيطاليا المزيد من الاضطراب الذى لا طائل تحته » وأن يقبل بشروط 
الاستسلام الشريف . وقال إن مشكلته ذات شقين » وتعالج فى مرحلتين . وأضاف 
أنه سيحل الحيش والحرس الفائى » ولكنه سيتسحب مع ثلاثة آلاف من ذوى 
القمصان السوداء إلى فالتيلينا » ليواصل الحرب ق الحبال . 

وقال له الكردينال . . . « لا تجر وراء الأوهام يا دوتشى . فأنا أعرف أن من 
سيتبعك إلى هناك من ذوى القمصان السوداء » لن يزيدوا على الثلائمائة » لا ثلاثة 


ا 

آلاف كما نحاول البعض أن يرشموك و . 

واعدرف موسوليى بشىء من الاستسلام الكثيب . . . ؛ وقد يزيد هذا العدد 
بعض الثبىء » لكن الزيادة لن تكون كبيرة . فأنا لا أعيش فى الأوهام » . 

واعتقد شوستر » أن موسولينى مصم على أن يمضى إلى قبره ى الخبال » حتى 
ولو كان العدد ثلا مائة ليس إلا . وخيل إلى الكردينال أنه لن يتحول عن رأيه » 
ولذا فقد توقف عن الحديث »فى هذا الموضوع . وتكلما ى أمور أخرى » لكن 
النار القصيرة الى اشتعلت ق نفس موسوليتى ما لبث أن خبت » وكان الكرديئال 
هو المتحدث معظم الوقت . وتناول الحديث موضوع ١‏ التكفير : و ١‏ الغفران » » 
والسجن والإبعاد » وبدا وكأن مرسوليى لا يصغى إلى محدئه » وإن ظهر بريق 
السرور ق عينيه الجهدتين فى ومغبة خخاطفة عندما أشار الكردينال بصورة عارضة 
إلى نابوليون . وامتلاً ناظراه بالدموع عندما تطرق الحديث إلى مغفرة الله . وأهداه 
الكردينال نسخة من « قصة القديس بنيديكت» ٠‏ فتقبلها موسولينى شاكراً ؛ 
ووضعها بعناية قى مغلف بى اللون . 

ووصل فق الساعة السادسة الخترال كادورنا » مصحوياً عمثلين آخرين عن 
الحنة التحرير الوطبى » هما أخخيل مارازا » المحاى الديمقراطى الاشتراكى : والمهندس 
ريكاردوا لومباردى ) أسود أعضاء حزب العمل . وسرعان ما قادهي الدون جحيوسيى 
بيشبيرى إلى غرفة الكردينال . وقدم إليبم الكردينال يده ليقبلوا الخاتم الذى ييحمله . 
وعندما انهوا من ذلك » عرفهم على موسولينى الذى اتجه مسرعاً إلبيم ؛ وقد 
ظهرت على وجهه ابتسامة صورها مارازا يأمبا كانث تنطق بشوء من التنازل . ومد 
يده إلى كل مهم مصافحاً . وراح يجلس إلى جانب الكردينال على الأريكة » 
بها ظل الرجال الثلاثة واقفين . 

وخم على المكان جو من التحفظ والحيرة » ولا سيا بعد أن وفد إليه مندوبو 
الجمهورية الاشيرا كيش ور جرازيانى وبارّاكو وباولو زيربينو وزير الداخلية . 
وكان موسولدى يؤدى دوراً لم يسبق له أن مثله » فراح ينظر بإصرار إلى الستائر 
القرمزية المدلاة على ابحدران» مبتعدا ببصره عن عيون الآخرين . وكان الشارع 
الذى تطل عليه النافذة المفتوحة فى مشهى الحدوء . 


00 

وقال أحدهم . . . هل يسمح لنا بالحلوس هناك ؟ 

وأشار الكردينال شوستر » إلى مائدة كروية ضلخمة تقوم قى وسط الغرفة 
وعليها عدد من الكؤوس » وجرة من نبيذ مارسالا » ووعاء من البسكويت . وجلس 
الكرديئال إلى طرف الائدة إلى جانب مرسولينى » وإلى شإالهما جلس كادورنا 
وعاراذا ولومباردى ؛ بيها جلس إلى العين جرازيالى وزيربينو وباراكو » وذكر 
كادورنا أن جرازياتى كان بادى الغضب . 

وراح موسوليى يبدأ الحديث بصوت حاد نافد الصبر » وكأن المبادرة ما زالت 
حقا له . . . «حسن . . . ما هى اقتراحاتكم ؟ 6 

وجه كلامه إلى كادورنا الذى بدا غير راغب فى الرد عليه » فتطلع إلى 
مارانا . 

وقال مارازا ': « إن التعليات لدى محددة ودقيقة . فعلى أن أطلب منكم 
الاستسلام وأن أقبله ليس إلا ؛ , 

وقاطعه موسوليى نخاطفاً وقد استدار غاضبآ إلى الكردينال شوستر . . . « أنالم 
آت إلى هنا لحذا . فقد قيل لى إثنا سنجتمع وسنبحث اق الشروط . وهذا هو 
سبب ميق . حماية رجالى وأسرهم ؛ والحرس الفاشى . أريد أن أعرف ما سيحدث 
هم . فن الواجب إضفاء الحماية على عائلات أعضاء حكومتى . وقد أكدوا لى 
أيضاً » أن رجال الحرس الفاشى سيسلمون إلى العدو كأسرى حرب » . 

وكان غضب مرسوليى قد اشتد وهو يتحدث . وكان من المتوقع أن يقول 
المزيد لو لم يقاطعه لومباردى قائلا . . . « طبعاً هذه تفاصيل » وأعتقد أن لدينا 
الصلاحية لبحها وتسويها » . 

فرد موسوليى بلهجة الرجل الذى استثير ثم أرضى بعد لأى » وكأئه قد كسب 
نقطة فى النقاش . . . و حسن إذن » فى وسعنا أن نصل إلى شىء من الاتفاق » . 
وسرعان ما بدأ التقاش المدى »؛ وقد يشر فى مسهله بالنجاح . ووافق ممثلو حنة 
التحرير الوطى » على أن يعامل الخنود الفاشيون عندما يؤحذون كأسرى طبقا 
ميئاق لاهاى . وأن لا تتعرض أسر الفاشيين للأذى » وأن يلق الدبلوماتيون المعتمدون 
لدى الحمهورية الاشتراكية حماية القانون الدولى . ولكن نيما بدا أن موسولييى 


4 
بصمته غير الألوف كان يقر شروط مندوبى اللجنة » راح الماريشال جرازيا 
يهب فجأة على قدميه عندما أثير موضوع مجرى الحرب قاثلا . . . لا . لا يادوتشى 
أرى لزامآ على أن أذكرك بأن علينا التزامات بالولاء لحلفائنا . فليس فى وسعنا أن 
نتخلى عن الألمان وأن نتفاوض على هذا النحو المستقل . فليس ف وسعنا أن نوقع 
اتفاقاً بدون الألمان . وليس فى وسعنا أن ننسى قوانين الشرف والواجب » . 

ورد كادورنا ببطء وهو يؤكد كل كلمة يقوها » متطلعاً إلى موسوليى ... 
: أحشى أن لا بكرن الألمان قد أحسوا بمثل هذا الواجب . فقد كنا نبحث معهم 
فى شروط الاستسلام طيلة الأيام الأربعة الماضية . وقد اثفقنا على «جميع 
التفاصيل » ونحن نننظر أنباء توقيعهم على الاتفاق فى أية لحظة » . ولم يشك 
مارازا الحظة واحدة فى أن هذه الأنباء كانت مفاجأة مذهلة لموسولينى وبدا الألم 
على وجهه واضحاً كل الوضوح . وقال مارازا وقد تظاهر بالدهشة . . . 3 أُوَم 
يكلفوا أنفسهم عناء إبلاغ .حكويتك ؟ 0 

فقال موسوليبى غاضباً : هذا مستحيل ؛ أرف المعاهدة . 

وتدخل زيربينو قائلا : إن الأمر ليس مستحيلا » وذلك لأن الدون بيشيراى 
قد حدثه به ى الخرفة الحارجية . والتفت موسوليبى إلى الكردينال شوسير ؛ الذى 
اعترف فيا بعد بأنه قد تضايق لأن الدون بيشيراى قد أفشى سرًا ديلوماتينًا. وقال 
الكردينال أخيراً . . . «ليس من الجدى الآن على أى حال » الاحتفاظ 
بسرية أمر أصبح معروفاً الجميع . . . أجل كان الحترال وولف رئيس اللترس 
النانى فى إيطاليا يتفاوض معى فعلا عن طريق السفير الألمانى والعقيد راوف» . 
واستسلم موسولينى إلى حافز مفااجي* من السخط » وأعلن أن الألمان قد خانه » 
وأنهم كانوا يعاملون الإيطاليين دائماً كالعبيد . وتوعد بأن يستعيد لنفسه حرية 
العمل » طالما أنْم «عملوا من وراء ظهورا ؛ . 

وحاول الكردينال شوستر وال ماريشال بجرازيانى بهدثة ثائرته دون «جدوى إيان 
الوقت الذى استؤنف فيه النقاش . ولكنه بددا غير قادر على التفاوض وسرعان ما قام 
من مكانه » قائلا إنه لن يقر شيثاً إلى أن تتاح له الفرصة للتحدث إلى القنصل 
الألمى ثم قال . . . « وق وسعنا أن نقول هله المرة إن ألمانيا خانت إيطاليا» . 
وطلب مهلة ساعة لدراسة شروط اللجنة للاستسلام » فوافق المندوبون على منحه 


4 
هذه المهلة . وروى مجرازيانى أنه غادر الغرفة متوعداً بإذاعة الحيانة الألمانية عن 
طريق الإذاعة . وودعه الكردينال إلى الغرفة الخارجية متمنياً له سلامة العودة فى 
غضون ساعة . . . ورد عليه موسوليبى قائلا . . . ه هذا لا يهمنى ؛ . 

ووصل القنصل الألمانى بعد نحو من نصف ساعة متسائلا عما حدث . 
وسرعان ما حمى وطيس الحدال بينه وبين عدد من الإيطاليين . وكان هناك في 
إحدى الزوايا ٠»‏ وقد وقف صامتاً » كارلو تينيجو » محافظ تورين السابق ٠»‏ الذى 
كان الخحترال ديامانييى قائد الحرس الفاشى » قد طلب إليه أن بحاول معرفة 
ما حددث . وقبل ريع ساعة من انقضاء المهلة المعطاة لموسوليبى اندفع إلى الغرفة 
اليساندرو بيرتيى سكرتير الحزب الاشتراكى » وكان قادمآ لتوه من اجماع فى 
مصنع للسيارات » حيث نشب عراك بين العمال المسلحين . . . 

وصرخ اليساندرو . . . أين مرسوليى ؟ لم كل هذا الحديث ؟ إذا سلمتم 
موسوليى إلينا » فإذنا سنقم ىغضون يومين محكمة للشعب . إن ما نطلبه هوالعدالة 
السربعة . وقد مللنا من هذا الحديث الذى لا فائدة منه ؛ . 

وببها كان مارازا يعترض على مناداة بيرتيى بالعنف ٠»‏ تسلل تيئيجو من الغرفة 
راكضاً لتحذير موسوليبى هن الخطر الذى يهدده . ووجد ساحة المحافظة ملذى 
بالسيارات واليجال المتحمسين يصعدون الدرج ويببطونه . وكان الضجيح ى 
الداخل مرعيا . 

وصرخ تينيجو مردداً عبارة بيرتيى التى قالها عندما اندفع إلى قصر الكردينال .. 
«أين موسولييى ؟ ؛ 

وقال له أحدم إن الدوتئى مضى إلى مكتبه » وطرد كل إنسان من سحضرته » 
ثم أغلق الباب عليه . ومن انتمل أنه يعترم أن يطلق النار على نفسه . فلديه 
مسدس فق المكتب » وهو فى حالة «جنونية . ولاحظ الدكتور زاخارى ما كان عليه 
من شحوب وما بدا ى تقاطيعه من عبوس . وعندما عرض عليه الخترال وينينج 
قائد الحامية الألمانية فى ميلان » حراسة ألمانية مسلحة » صرخ فى وجهه قائلا إن 
الآلمان خونة وجبناء » وإنه يؤثر الموت على طلب حمايتهم . 

وعندما عاد موسوليى إلى القصر » مضى فوراً إلى خريطة منشورة على المائدة » 
وأشار إليها بأصبع مرتجفة وقال . .. « سنغادر ميلان فوراً باتجاه كرمو» . 


م 
ولم يكن هذا يمثل الطريق المباشر إلى فالتيلينا » ولكن الأنباء كانت قد وصلت 
بأن الأمريكان يتقدمون بسرعة على طريق بيرجامو » وأن رجال الخقاومة قطعوا 
الطريق إلى ليكو . ولم يعرف أحد ما كان الدوتئى يعتزم عمله » بعد الوصول 
إلى كومو . وخيل إلى البعض أنه قد يمضى عنها إلى شياسو حاولا عبور الحدود 
إلى سويسرا » وهذا ما اعتقده الكثيرون فى الواقع فيا بعد » إذ تصوروا أن موسوليى 
قد سر من حيانة الآلمان إذ أناحت له الفرصة للفرار دون أن ينهم بالحيانة . 

ولكن فيتوريو لم يكن يعتقد كغيره من الذين كانوا قريبين منه ى هذا 
الوقت ٠»‏ بأنه يعتزم الفرار . فلقد كان قبل بضع ساعات قد أبلغ أباه بأن هناك 
بعض الطائرات ما زالت فى مطار «جيدى ٠»‏ وأن الوقت ما زال متسعاً للنجاة . 
لكن هذا الاقتراح أثار غضبه » فقد تطلع إلى ولده بنظرة غاضبة ثائرة « جمدت 
العبارات ى ف فيتوريو » نا اعارف هذا في| بعد . وصرخ فى ولده بمنهى القسوة .. 
لم يطلب منك أحد أن تدلى على ما يجب أن أفعله . فقد قرررت أن ألبى حتى فى 
إيطاليا » . ووجد فيتوريو قى نفسه الحرأة ليكرر نصيحته الآن ع ولكن هذه 
النتصيحة رفضت من جديد » بخغضب شديد . 


واندفع موسوليى من مكتبه » ولقيه تينيجو فى الرواق » ونصحه بأن لا يعود 
إلى قصر الكردينال ء إذ أن أعداءه سيقتلونه . وتوسل إليه كارلو بورسانى أحد 
أعوانه الخلّتص» وكان قد أصيب بالعمى فى معارك ألبانيا » أن لا يغادر ميلان ‏ 
مادا إليه يديه » وقد سالت العبرات من عينيه اللتين لا تبصران . وطلب إليه 
بوفاريى ‏ جيدى وريئاتو ريكى » أن يقبل بنصيحة ولده فيتوريو » وأن يطير 
إلى أسبانيا » بيها هنف آخرون . . . ولا لا تذهب يا دوتشى » لا تذهب » . 
وهر إليه أحد سكرتيريه يحمل أوراقاً يطلب توقيعه عليها » قدفعه عنه بيده » 
دون أن ينظر [إلها . ونصحه البعض بأن يحاول الوصول إلى حراسه الذين كانوا 
لا يزالون ينعظرونه فى بجادرون . وقال بومباكى ١‏ وكان يرتدى قميصاً أسود » 
وسروال ركوب أسود أيضاً إن المنظر ذكره بمديئة بيئروجراد » حيث وقف يرقب 
مع ليئين فرار قوات يادبينيك . وقال .. . « كان قصف المدافع آنذاك ييز 
النوافذ . وكان الوضع ممائلا لما هو واقع البوم » وإن كانت حالة اليوم أكثر سوعاً » . 


14 

وهتف موسوليى قائلا دون أن يكثترث يمن حوله ء وقد سرت إليه عدوى 
م أصابيم جميعاً من جنول . . . « يبريدون أن يكرروا اللامس والعشرين من 
يوليو » ولكهم لن ينجحوا هذه المرة . أجل لن ينجحوا ٠‏ . 

وكان يرتدى لباس الحرس الفائى » وقد وضع مدفعاً رشاشاً على كتفه . 
وكان حمل حقييتين جلديتين وقد حشيتا بالوثائق السرية » فسلمهما مع بعض 
المال إلى كاردورى » وهو من رجال القمصان السوداء الذين يثق بهم . واتجه نحو 
سيلفيسترى وبورسالى فعانقهما صامتاً . وفجأة رجع بضع خطوات إلى الوراء » 
وصرخ بصصوت دراماق . . . « إلى فاليتلينا » . ثم هبط السلم متجهاً إلى سيارقه . . 

شقت سرية من ذوى القمصان السوداء طريقها عبر الجماهير » ثم سارت 
القافلة متجهة إلى شارع مونفور . ومنه إلى شارع ليتوريوء فى الطريق إلى كومو . 
وكان أويجى جانى . سكرتير موسوليى الشاب يتولى القيادة » جالساً ى مقدمة 
السيارة وقد ارتدى «جاكيتة من اتلد الأسود و وضع مدفعاً رشاشاً بين ركبتيه . 
ووراءه كانت سيارة مرسولييى « الالفاروميو ) المككشوفة » وقد جلس فيها 531 
جانبه بوباكى » ووراءها نحو من ثلاثين سيارة أخرى بين صغيرة وكبيرة . وكانت 
فى إحدى السيارات وهى من طراز ١‏ الفاروميو 6 وتحمل رقم أسبانياً : "كلاريتا 
بيتانشى ٠‏ ومعها أخوها مارسيلو وزوجته وطفلاه . ووراء هذه السيارة » شاحتتان 
وقد ملثتا مجنود حرس النازى بقيادة الملازم بيرزير » الذى أمره الحترال وينينج » 
بالرغم من احتجااجات مرسوليى المسرحية » بأن يواصل القيام بواجبه فى حراسة 
موسوليى » وكان فيتوريو فى السيارة الأخيرة . 

وكان عدد من وزراء الحكومة ابأدمهورية قد قرروا البقاء فى ميلان » لكن 
معظمهم ؛ لحقوا بالدونشى . 

وراح أحدهم يسأل ميزاسوما . . . ٠‏ إلى أين نحن ذاهبون » . 

فرد هذا بوجوم يحمل طابع التنبؤ . . . لا يعرف ذلك إلا الله . وربما كنا 
ماضين إلى حتوفنا ٠‏ . ش 


١ 
الفرار من ميلان‎ 
١5146 من 78 إلى /” أبريل‎ 


و مأمهى إلى المبال ؛ وبن المستحيل بالتأكيد أن لا يكرن ممة 
خسمائة على استعداد الساق نين . 


١ 


وصل موسوليى إلى كومو حوالى الساعة العاشرة مساء . وراح يصعد سلم 
الحافظة مسرعاً حيث قرر أن ينتظر وصول بافوليى » الذى وعده بأن يأنى يثلاثة 
"لاف من الفاشيين الخلصين » للصمود معه فى وقفته الأخخيرة فى الخبال . 
لكن الأثباء الى وجدها فى كومو لم تكن مشجعة على الإطلاق » فخطوط الحائف 
ما زالت سليمة » وكان الحرس يقرع فى رواق المحافظة بين لحظة وأخرى . حاملا 
صوتاً مرتعداً يعلن وقوع كارثة جديدة . فلقد احتل العمال المملحون ضواحى 
ميلان كلها . والأمريكان لا يزالون يتقدمون ٠‏ «الألمان يتراجعون تراجنا عام . 
ومنعث مجماعات المقاومة السرية انود التمهوريين هن دخول ميلان » بعد أن 
أغلقت طريق ميلنجانو وتريفيليو . ونحدث ميزاسوها هاتفيًا إلى مكاتب صميفة 
كو ريبرى ديلاسيرا فقيل له إن رجال المقاومة السرية قد احتلوا البناء . وم يسمع 
أحد بأية أنباء عن بافوليى . 

وأعدت زوجة المحافظ العشاء حوالى الساعة العاشرة والنصف . وقدمته فى 
مكتب زوجها » لكن مسوليى لم يستطع أن يأكل شيئاً . وظل يصغى صامتاً 
إلى وزدائه » وهم أقرب ما يكونون إلى الذعر : يواصلون تقد النصائح المتناقضة 
إليه . فقال باولوبورتا » مفتش الحزب الفاشى فى لومبارديا : إن عليه أن لا ينتظر 
وصول بافولينى وأن ينسحب إلى كادينابيا . وحثه بوفاريى - جبدى » على أن 
تشع اميد لوو اللتلية إن متو مرا لسك اتاو ٠‏ حيث لابد أن يسمح لم 
حرس الحدود بعبورها . وقال نجرازيانى الذدى استشار قائد الحامية الألمانية ف كومو 


؛ة؛ 


4 
إنه يرى أن الفرار إلى سويسرا » أمر مستحيل . وهئف اللترال ميشى من قادة 
اليش الحمهورى » يقول إنه ينتظر الدوتشى ق سوندريو . 

وقال أخيراً . . . « سأمفى إلى الحبال » ومن المستحيل بالتأكيد أن لا يكون 
ثمة خخمسوائة رجل على استعداد الحاق فى ١‏ . 

وبدا شديد القلق على ملفاته . فبالإضافة إلى الحقيبتين الحلديتين اللتين 
سلمهما فى ميلان إلى كارادورى » كانت هناك وثائق أخرى ٠‏ وضعها فى سيارة 


ليحاولا البحث عما ثم بالوثائق » بِيمًا راح يقرأ بمنتبى العناية والدقة مجموعة أخرى 
من الوثائق كان قد وضعها قى حقيبى بد كبيرتين كانتا لاا تفارقان نظره خحؤلة واحدة . 
ولم يعرف أحد أبداً ما الذى تضمنته هذه الأوراق » "كنا لم يستطع أحد فيا بعد 
اكتشاف ما كان فيا » بالرغ, من المحاولات الكثيرة الى بذلت وستبذل فى هذا 
السبيل . وأعرب كارلو سيلفيسترى ٠‏ الذى أعانه فى حشو حقيبتين كبيرتين بها 
فى ميلان » عن اعتقاده ٠‏ بأن هذه الوثائق كانت تضم الأوراق الى ظن الدوتشى 
أنها ستعينه فى الدفاع عن نفسه ى أية ممااكة قد يتعرض لا بعد الحرب . وتضمنت 
كما قال » الأآدلة الوافرة على اللمهود الكبيرة الى بذلها الجمهورية الاشتراكية 
لإنقاذ شهال إيطاليا من ويلات الحرب وتدمير الألمان وأخطار الحرب الآهلية » 
والأدلة على سيطرة الشيوعيين على ألشطة حركة المقاومة السرية » وأورافاً دبلوماتية 
تتعلق بمسثولية إنجلترا عن إشعال الحرب ء بأوراقاً أخرى عن ولده أومبرتو » 
وعن هتلر » ومحاكة فيرونا . ولا ريب فى أله بذل عناية كبيرة » فى اختيارها » 
إذ ظل موسوليى طيلة أسابيع عدة قبل مغادرته جرجنانو » مجمع أكثر الوثائق 
سربة ‏ ثم مضى أحد سكرتيريه فى الليلة الى سبقت رحيله إلى مبلان ببقية الوثائق 
الى حملها على ظهر زورق يخارى » ليقذف بها فى أعماق بحيرة جاردا » ٠‏ بعد 
أن قرر الدوتشى عدم الاحتفاظ بها . 

وعندما عاد -جاى وكاسالينوفو إلى كومو ليعلنا أن رجال المقاومة السرية ضبطوا 
السبارة الشاحنة الى تقل الوثائن وهى فى طريقها خارجة من ميلان » بدا موسولييى 
وكأن هذه الكارثة قد أنرلت به من الهم ما ل تنزله أية كارثة أخرى . فبالإضافة إلى 


اع 
الوائق » كانت السيارة تحمل بجزعاً مما سمى فيا بعد « يكنز دونجو ؛ ؛ وهو يضم 
سبائك ذهبية وتحفاً فنية وأموالا كلها ملك لحكومة الحمهورية الاشتراكية ووزرائباء 
وتبلغ قيمته ما يعادل عدة ألوف الملابين من الليرات١2‏ . وأظهر موسولينى أنه 
لا يكترث بضياع هذا الكنر » وإن كان قد ظل يذكر الوثائق باستمرار طيلة 
اليومين اللذين بقيا من حياته . 


وراح يكتب وهو ينتظر عودة سجاتى وكاسالينوفى ء رسالته الأخيرة إلى راشيل » 
الى كانت قد غادرت الدارة الملكية فى مونزا » ووصلت مع رومانو وآنا ماريا إلى 
دارة مونتير وق سيرنوبيو » حيث حاول الاتصال ببا عن طريق الحاتف غددة مرات 
دون -جدوى . وكانت الساعة فق الثانية صباحاً عندما ثلقت راشبل رسالة زوجها . 
كانت مستلقية على مرير فى الدارة » غحرسبا بعض ذوى القمصان السوداء الذين 
كان زوجها قد بعث يهم إليبا فى سيرنوبيو ؛ لحمايئها » عندما و سمعت أصوات 
أقدام وبعض الضجيج عند بابها » . وطرق أحد اراس باب الغرفة وقال . . . 
« هناك رسالة لك من الدوتشى يا سيدلى ؛ . 


وقالت متذاكرة فما بعد ... ١‏ وقفزت هن سريرى © وحطقت الرسالة » 
بعد أن عرفت خط بنيتو » والقلم الأزرق والأحمر الذى كان يستخدمه فى كتابة 
رسائله الخاصة فى الأونة الأخيرة » . 


ومضت فأبقظت ولديها وتلت عليهما الرسالة . وحملهما على أن يحفظا ما قاله 
والدهما عن ظهر قلب قبل أن تحرق الرسالة . وكانت الرسالة تقول سما تذكرا 
فيا بعد . 


)١(‏ يقول خازن فى ونارة مالية الحسهورية الاشتراكية » إن هذا الكنز تفسمن مقادير ضضمة 
عن المملة الأجنبية نقلت إلى مكتب موسوليئي فى شبر فبراير . وقد احتوت خزائة مكتب موسولينى 8.0 
جديا إسترلينياً و 5١٠٠‏ ليرة ذهبية] إنجليزية و ( 48 )١‏ ألف دولار و (978؟) ألف فرنك سويسرى 
و ١8‏ مليوثاً من الفرنكات الفرنسية . والممتقد أن الشطر الأكير من هله الأموال » ذهب إلى صناديق 
الحزب الشيرعى ‏ وكان أهل روبة قد أطلقوا على مقر قيادة الحزب اسم 0 قصر دونجو » نسبة إلى البلدة 
الصغيرة الى اعتقل فيها موسوليى والواقعة على ساسل البحيرة: . د الؤلف ه 


218 


عزيزق راشيل : 

وها أنا » وقد وصلت آخر مرحلة من حيّاق » أكتب آخر صفحة فى 
كتالى . قد لا نلتى ثانية فى هذه الدنيا . ولذا فأنا أبعث إليك بهذه الرسالة ؛ 
أسألك الغفران عن كل ما سببته لك من ألم وأذى » عن غير قصد ... خذى 
الأطفال معلك ء وامفى إلى الحدود السويسرية . فى وسعلث هناك أن تبدى حياة 
جديدة . لا أعتقد أنهم سيضنونٍ عليك بالدخول إلى سويسرا » فلقد طالما 
ساعلتهم ؛ وليس لك أنت شأن بالسياسة » وإذا رفضوا السماح لاك يدخول 
سويسرا » فسلمى نفسك إلى الحلفاء » فلعلهم أكثر كرما من الإيطاليين . أرجو 
أن تعبى بآنا ورومانو» ول سما بآنا » فهى فى أشد الحاجة إلى عنابتك . ولا ريب 
ف أنك تعرفين كم أحبهما » وأن برونو سيساعدك من سمائه . | 

مع عظم حبى لاك وللأطفال 

الخلص 
4نيةو؟ 

كومو فى 0؟ أبريل 1446 الموافق السنة الثالثة والعشرين من العهد الفائى 

وطلبت إلى الطفلين أن يعيدا قراءة الرسالة المرة تلو المرة » بيهًا رااحت تسأل 
أحد رجال الحرس » أن يحاول الاتصال ثانبة عن طريق الهاتف بدار المحافظة فى 
كومو . وقد أفلح هذه المرة فى تحقيق اله تصال . ورد جانى على الطرف الآخر » 
ولكن سرعان ما أخذ موسوليى منه السماعة » وتععت صونه يقول . . . « راشيل . . . 
هذا أنتث أخيراً» . 

كان صيته هادثاً متزناً . رجاها أن لا تفكر فيه » بل ى سلامة نفسها 
وأو دها . ولم يسبق لها أن معت منه مثل هذا انان . . . 

واحتجت تقول ... «ولكن سلامتك أنت 9 . فقال مستخدماً مرة 
أخرى ذلك التعبير الذى يتعمد أن يكون درامائينًا . . . وأنا أسير وراء قدرى . . 
ولكن عليك أن تنقلى الآطفال إلى مكان أمين . ليس عندى ما أضيفه على 


4 
رسانى . اغفرى لى كل ما أسأت به إليك . ولربما كانت حياتك أكبر هدبوعاً 
وسعادة لو لم تلتى لى ) . 

وراحت تبذل احاولة الأخيرة اليائسة لتشجيعه . . . ١‏ ولكن هناك الكثير ين 
على استعداد للموت فى سبيلك ومن أجل إيطاليا . فلك أتباع كثر » ولايد أن من 
حولك على استعداد لاتضحية بكل ثىء من أجلاك ؛ . 

فرد عليها قائلا . . . ١‏ لقد مضوا جميعاآً . وبت كيدا يا راشيل . وها أنا أريى 
أن كل شىء قد الهى ؛ . 

وطلب منها أن يتحدث إلى الطفلين » فتوسل إليه رومانو أن لا يفارقهم . 

وتناوت راشيل سماعة الهاتف من ولدها ثانية لتودع زوجها . ولم تكد نفعل 
ذلك . حتى قرريت أن لا تمضى قدماً إلى سويسرا » وأن تحاول رؤيته مرة أخرى 
ف كومو . وعندما وصلت إلى هناك أسلمها أوراقآ كثيرة من المجموعة الى 
حرص كل الحرص عليها » وبينها بعض الرسائل الى كان قد تلقاها من ونستون 
تشرشل ٠‏ والنى كان يأمل فى أنها ستساعدها على اجتياز الحدود . 

وقال لما أخيراً . . . «ولى سحاولوا منعك أو إلحاق الأذى بلك ٠‏ فاطلى 
تسليملك إلى الإنجليز » . 


1 


وق الساعة الرابعة والنصف صباحا » رأى حارس ألمانى ؛ كان يتطلع إلى 
دار. الحافظة قى. ضو الفجر الشاحب. ©. موسوليى وهو .يبط السلم متجهاً إلى 
سيارته » ومعه بومباكى والماريشال جرازيانى » وبعض الإيطاليين الآخرين الذين 

وكان موسوليى » وقد مل انتظار بافولييى » قد قرر الاتجاه نحو الشمال على 
شاطئ البحيرة ؛ إلى ميناجيو » عخلفاً تعلياته لبافولنى للحاق به . وكان الملازم 
بيرزير قد حزم أمره » على أن لا يسمح للدوتثى بالتحرك بدون ارس الذى 
أمر هو بتأمينه له . وعندما سمح صوت الإندار من الحارس» هرع إلى 


46 
سيارته » وقادها ليقف بها فى وسط الطريق» قاطعاً على سيارة موسوليى سبيلها . 
وهبط بعد ذلك من السيارة » ومضى إلى الدوتشى فأخذ التحية وقال ... ٠‏ يجب 
أن نا تخرج يا دونثى ء دون -حراسة » . 

فرد موسوليى باقتضاب « أرجوك . دعى وشأنى . فى وسعى أن أفعل ما أريد ء 
وأمضى أنى أشاء . أبعد عن طريق ؛ . 

ورد ببرزير » وهولا يزال واقفاً وقفة الاستعداد . . . « ولكنك لن تمضى 
دون «حاسة » . 

فقال جرازيانى . . . « أبعد من الطريق » ف وسع الدوتشئى أن بمضى .حيث 
يشاء ) . 

-لا . لا يمكن أن عضى دون حراسة يا سيدى الماريشال . هذه أوامرى . 

ووقفت جماعة من الإيطاليين بين الدوتشى وبين الضابط الألمانى الصامد 
كالصخر »؛ ولكن عندما هرمع الحنود الألمان ليقغوا وراء ضابطهم » وقد وضعوا 
أصابعهم على أزندة بنادقهم » اضطر الإيطاليون إلى التسليم . 

وعاد ببرزير » فدق قدميه » وأدى التحية وقال . . . : لن تمضى بدون حراسة 
يا سيدى الدوتشى » . 

واضطر موسوليى أخيراً » إلى التسلم للضابط بما أراد . 

ووصل إلى ميناجيو : وسط زخة من المطر » حوالى الساعة الخامسة والنصف 
صياحاً . وهبط من السيارة محاملا مدفعه الرشاش إلى ظهره » ثم خخطا ء وقد أنحنى 
رأسه بين كتفيه ؛ بيضع دقائق » جيئة وذهاباً أمام المدرسة الى كانت قد تحولت 
إلى ثكنة للوى القمعمان السوداء » ثم مضى بعد ذلك إلى دارة إميليو كاستيالى » 
سكرثير فرع الحزب الفائى فى البلدة » حيث استلق على سربر حاولا النوم . 
وبيما كان يستريح على سريره » وصلت السيارات والشاحنات الأخرى الى لحقت 
به من كومو إلى ميناجيو » تحرمها عدة فصائل من اليش الحمهورى ٠‏ وسيارتان 
مدرعثان مجهزتان بالمدافع الرشاشة من عيار 7٠١‏ مليمثراً . وتوقفت القافلة الطويلة 
وراء سيارة بيدزير . وكانت كلاريتا بيتاتى فى إحدى هذه السيارات ٠‏ ففى ببا 
العقيد كاسالينوفو إلى موسولينى داخل الدارة . 


4.1١ 
وخشى لويجى جاقى » أن يؤدى تجمع مثل هذا العدد الكبير من السهارات‎ 
فأمر القسم الأكبر مها » بالعودة‎ ٠ إلى اسئارة اهام رجال المقاومة السرية‎ 
مسافة قصيرة » فى طريق كادينابيا . وقد أطاع الرجال هذا الأمر بكثير من اللردد‎ 
سعع صوت رجل‎ . ٠ والتبرع وهتف أحدهم . . . و جثنا وت مع الدوّئبى‎ 
آخر » يبتف صارخاً وهو يستدير بالشاحنة الى يقودها إلى طريق ضيق » بأن‎ 
. الدوشى قد تخلى عنهم » بأله يريد الفرار وحده عبر الحدود إلى سويسرا‎ 
» وكانت لحظة من القلق المتزايد . وأيقن بير زير أن هذا ما انتوى الدوتشى أن يفعله‎ 
 هرماوأ عندما خرج بعد راحة ثلاث ساعات ؛ من دارة كاستيللى مصدراً‎ 
للسيارات الباقية » بأن تسير بحذاء شاطئ البحيرة إلى قرية جراندولا » حيث‎ 
يختفون عن العيون انتظاراً لوصول قوة بافوليى من الفاشيين اخلصين . ود تبعد هذه‎ 
القرية إلا أربعة عشير كياو مثراً عن الحدود السويسرية . وعندما أصدر مرسوليى‎ 
أمره هذا » للقافلة » مضى إليه بيرزير » وأدى التحية » وقال بدماثة مصدوية‎ 
١ إلى أين نحن ماضون يا دوتشى ؟‎ ١ . . . بالشك الواضح‎ 


فرد موسوليى . . . « اتبعى وستعرف ؛ . 

ويضت السيارات الإيطالية بسرعة هائلة عبر الطريق الملتوى والقام نحو 
الحبال » بيما وجد بيرزير ع صعوبة بالغة ى اللحاق بها . وخرجت سيارة 
إيطالية من طراز « الفاروميو » ى ضواحى القرية » من خط القافلة » وسارت 
بسرعة ى طريق ضيق » إلى دارة وحيدة منعزلة . ولم يستطع بيرزير التغبت مما إذا 
كانت هذه السيارة » هى سيارة موسولينى » واكنه شك فى أنها سيارته » وألحس 
فجأة بالحوف من أن يكون الدوتشى قد نجا من حراسته . وأصيب بما يشبه الذهول 
المصحوب بالراحة ؛ عندما رآه بعد دقيقة أو دقبقتين واقفاً فى قاعة فتدق ميرافال 
فى القرية . وكان يسير قى حديقة الفندق مع كلاريتا بيتائشى وثلاثة من وزرائه » 
عندما أصر حارس ألمانى على وجوب دخول الفندق . 

وكانت ساحات الفندق قد امتلأت فى ساعات بعد الظهيرة المبكرة بالسيارات» 
ينا احتشد جمع من الفاشيين الذين استبدت بهم العصبية » ف الفلدق ء 
يتساءلون عما أصاب بافوليبى . وكان موسوليى قد اجتمع إليه بضع دقائق فى 


1.23 
الصباح فى ميناجيو » ولم يدر أحد شيثاً عما دار بين الرجلين . وعرف أنه تمكن 
من جمع ما يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف من ذوى القمصان السوداء من -جميع 
أنحاء لوبارديا ومن مناطق تصل حدود تورين «اليساندريا » وأن هؤلاء الرجال » 
وكثيروت مهم استصحبوا زوجاتهم رأطفالمم » يحتشدون الآن فى محطة فيروفيا فى 
مال كومو . لكن ساعات طويلة قد انقضت منذ عاد إلهم ؛ ليجمعهم ع 

وبأى بهم . وها هى الساعات تمضى دون أن يعود . 

وانشغل موسوليى ٠‏ بيما كان الأخرون يتناولون وجبة سريعة » ى تجميع 
وثائقه وفحصبا بدقة » مستخرجا منها تلك الى تتناول المفاوضات الى جرت مع 
الحكومة السويسرية لضمان سلامة المرور عبر الحدود لأسر أعضاء حكومته 
وموظفيهم . 

وكان ذلك اليوم رطباً » كثيباً وقائماً . وظل المرجودون يديرون جهاز الإذاعة 
فى الفندق »؛ فيسمعون إذاعات تتسحدث عن ثورة عامة ى شمال إيطاليا » وعن 
اعبيار المقاومة فى جميع أرجاء الجبهة » وعن تقدم قوات العدو . وأراد موسولينى 
الخلاص من هذا الحو القام الذى يثبط العزاتم » فخرج إلى الحخديقة يسير حاسر 
الرأس ؛ والمطر يمهمر فوق رأسه » ومعه فتاة صغيرة انضمت إلى القافلة فى كومو . 
وكانت الفتاة إيلينا كورق كوكياتى الابنة اللحميلة الشقراء لأنجيلا كورق » 
عشيقته السابقة » الى م تنقطع لحظة واحدة من قبل و عنمهى الاهمام ؛ عن تحددره 
عبثاً من المؤامرات الى تحاك للإطاحة به » وأدى سروره بر ؤية إيلينا » وارئياحه 
إلى صحبتما » إلى نو بة من نويات الغيرة العاطفية العنيفة عند كلاريتا . وعندما عاد 
إلى الفندق » راحت تصيح به قائلة . . , : ما اللى تفعله هذه المرأة هنا ؟ عليك 
أن تتخلص مها فور . أجل تخلص منها على الفور » . 

وحاول أن يبدئ من, ثائربها » ولكمها مضت فق صراخها انون » مما أدى إلى 
احتشاد لفيف من الناس على نافذة قاعة الطعام . ورأى أحدهي وجد موسواينى 
وقد بدت فيه صورة العذاب » وهو يخطو إلى النافذة ليغاقها بعنف وهو يصرخ 
بصوت تجلى اليأس فيه أكثر من ألغضب « كنى » . واستدارت إليه » فائزلقت 
قلمها ؛ وهى تلتفت وسقطت على الأرض! ؛ وأصييث ركبا جرح سالت منه 


11 

الدماء . فتركها وهى تجهش بالبكاء دون أن تتمكن من السيطرة على نفسها : 
وعاد يخرج إلى الحديقة . 

وأرادت إيلينا كورنى أن تبعث الأمل فى نفسه » فعرضت عليه أن تعود على 
ظهر دراجة إلى كيمو ؛ لترى ما حل ببافولينى . وكان قد ذكر ا أنه إذالم يصل 
بافولييى فوراً » فسيتضلى عنه الحميم » ولا سما أن عددا كبيراً من الذين لحقوا به 
من كومو وميلان » قد أظهروا استعداده, للتخلى عنه . وكان لا يزالك يصر على 
وجوب إنقاذ الفاشية عن طريق وقفة أخيرة يصمد بها فى اللحبال » ولكن لم يبق معه 
كثيرون يرون معه هذا الرأى . وعندما قال بوفارينى - جيدى » الذى كان قد 
اشتغل بالهريب بعد إخراجه من الحكومة » والذى كان يعرف طريق جراندولا 
جيدا » إنه سيحاول عبور الحدود إلى سويسرا » عن طريق بورليزا » ادعى اثنان 
كانا قد وافقا على الذهاب إلى فالتيلينا » وسما إنجيلوتارشى وفابيانى » بأنهما 
لا يريدان التعرض تخحطر الوقوع قى أيدى رجال المقاومة السربة » وأنهما 
سيمضيان معه إلى سويسرا . وتزود الثلاثة يمجوازات سفر مزيفة » وغادروا المكان 
بعيد الساعة الثائية دون أن يودعوا موسوليى . ولم يودعه جرازياق كذلك ٠»‏ عندما 
مفى بعد الظهر لينغم إلى وحدة اللحيش الإيطالى المرابطة فى مانديلو . وراح 
موسوليى يقول لإيلينا . . . إن الجميع سيمضون » وسأبى وحيداً . 

واقترح أحد رجال القمصان السود » ق قاعة الطعام » أن يحذو الباقون حذو 
بوفارينى - جيدى ٠»‏ وأن يطلبوا إلى السلطات السويسرية حمايمهم حتى تصل 
قوات الحلفاء فتسلمهم إليها . لكن الحدود كانت مغلقة . وقد أعيدت منها راشيل 
وطفلاها إلى شياسو » حيث عادوا جميعاً إلى كومو . وعاد فابيانى هارعا الآن إلى 
الفندق ع ليقول إن السيارة التى كان يأمل ق أن تحمله مع بوفارينى ‏ جيدى 
وتاريشى إلى سويسرا » قد أوقفت ف بورايزا » بعد أن انضم حرس الحدود إلى 
رجال المقاومة السرية . وقد تمكن هو من الفرار ؛ بها اعتقل رفيقاه . 

وطلب مرسوليى من الملازم بيرزير © أن يمضى لمساعدتها » ولكنه رفض 
قائلا إن أوامره تقضى بحماية الدوتشى ليس إلاء وإنه لا همه أى إنسان آتخر . 
وتطايرت الاتهامات والمبديدات والشثام فى مماء الغرفة » بيها كان الموجودون فيها: 


41 
يناقشون ما يجب عليهم أن يفعلوه . ول يشئرك موسوليى فى هله المناقشات الحادة » 
وإن ظل يفرز وثائقه » وعندما أشرفت الدنيا على الدجى » استدعى الملازم 
بيرزير » وأبلغه أنه قرر ألا يتتظر بافوليى مدة أطول » وأن يعود إلى ميناجيو 
بعضى مها صعداً مع ساحل البحيرة إلى فالتيلينا . وأضاف أمهم سيتركون رسالة 
لرجال بافوليى للحاق بهم عند ميرانو . ولكن بيرزير لم يوافقه على رأيه » وقال 
بشى» من الاحترام الفاتر » إن رجاله قد أجهدوا ء وإنه لايستطيع أن يطلب منهم 
اختّراق الحصار الذى لا بد أن يكون رجال المقاوية قد فرضوه إلى الشمال من 
ميناجيو ؛ إلى أن يككونوا قد أخذوا قسطأ من الراحة . وأضطر موسوليى إلى التسللم » 
وأمره جميعا بقضاء الليلة ى جراندولا» على أن يتحركوا فى الخامسة صباحا إلى 
ميناجيو . وأضاف أن رجال بافوليى الذين يعدون ثلائة آلاف لا بد أن يكونوا 
قل وصلوا إلى هناك ق تلك الساعة . وقد صدر عته هذا القول » دون أن يصدقه 
الآخرون » أو يصدق نفسه . 

ووصل بافولرى فى الساعات المبكرة من صباح السابع والعشرين من أبريل ) 
فى سيازة مصفحة قادماً من كوهو . وكانت السماء لا تزال تمطر مدراراً » إذ ذكرت 
إيلينا كوكيانى فيا بعد ؛ أنه عندما دخل الفندق ( كان الماء يتصبب على وجهه 
الشاحب . وروى لم أن ذو القمصان السوداء فى كومو » قد وقعوا اتفاقة 
للاستسلام إلى رجال المقاومة السرية . ول يستطع أن محمل معه منبم إلا عددا 
5 8 0 يستطع أن يحمل معه منهم [ 

وهتف به موسوليى بلهفة . . . وكير عدد الذين جاءوا معلك . 

وتردد بافوليتى ولم محر جواباً . . . 

قل ل 2 3 عدم ؟5 

جاننا فقي 1 

وكانت هذه نباية الأمل , 

وسرعان ما مح موسوليى للملازم بيرزير » بأن يعد العدة له ولن بق معه ع 
بالانضمام إلى قافلة ألمانية نضم أ بعين سيارة شاحنة يقودها الملازم كرلاير » كانت 
تنراجع شمالا على ساحل الببحيرة باتتجناه اين بروله . 























موسوليى 


1 
7 
مه 


السثح 
عرو 


نحص 


أ 


قوا 


ته العاثد 


2 





موسوليى يسلم على الماك أثناء المناورات 
العسكر يه بى أغسطس ل8م” ١‏ 





موس وليى يتلى هدية من الكونت جرازدى أثناء الذ كر 
السئوية السابعة عشرة الزحض على رومة 











موسوليى مع ولديه بروذو وقبئود يو قبل الارب 


موسوليى مع الككوذت تشهانو والمسثر تشمبرلين 
واللورد عاليفاكبى فق أكتوبر عام ١54٠‏ 








موسوليى مع هتار وتشيانو فى أكتوبر ١44‏ 





4 
العسكرى ؛ أن ليس معهم أحد من الإيطاليين ء فوعده الكاهن بأن يبذل قصارى 
جهده . وعندما كان الكاهن يهم بالسير » تقدم منه جندى ألمانى آخر » وهو من؛ ' 
الكاثوليك العسويين » وكان قد تلى العلم فى بادوا » فهمس له بالإيطالية . . . 
و أجل معنا إيطاليون . لا تصدق الضابط . واطلبوا تفتيش السيارات ).700 

ومضى الكاهن يصعد الطريق اخبلى إلى مقر قيادة المقاومة المحلية . ولكنه عندما 
وصل إلى المقر » أبلغ بأن القضرة أصبحت ف يد القيادة العامة ى هو رييبجذو » 
وأنهم هنا لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً قبل أن يتلقوا أوامر جديدة . 

وكانت الساعة قد بلغت الثامنة عندما مضى فولاير إلى مور بيبجنو » الى لم يعد 
مها إلى موسو إلا بعد الثانية . واستبد القلق والفزع بالإيطاليين من رجال 
القافلة ق هذه الفيرة من الانتظار الى امتدث ست ساعات طوالا . واقارح 
بافولينى أن يقتحموا طريقهم عنوة . بيما اقترح آخخر أن يعودوا أدراجهم » 
وأن يحاولوا الالتفاف حول الحاجز من طريق أخرى » لكن معظمهم » رأى أن 
من اللحئون محاولة القيام بأى شىء قبل أن يعود فولاير . وعندما راحت ساعات 
الصباح تمر سراعاً » دون أن يعود الضابط الألمانى » قرر بعض الفاشبين ؛ اللجوء 
إلى مساعدة راعى الأبرشية وحمايته . وكان دون ميئين قد عاد من الخبال » 
ويوشلك أن يتناول غداءه » عندما جاءه ريجل إلى منزله يقول . . . « أنا بومباكى 
وإنى لعلى استعداد لتسلم نفسى إلى رجال المقاومة السرية . فهل تساعدنى يا أبى ؟, ' 
وقال بومباكى فما بعد لاسريه »ع إنه أضاع إانه بموسوليى فى ميناجيو ٠‏ إذ أنه 
اعتقد كما اعتقد الملازم بيرزير » أن موسولينى ٠‏ كان قد هيأ نفسه للفرار وحيداً 
إلى سويسرا مع كلاريتا وأنه لم يعدل عن خطته هله » إلا عندما تأكد من 
استحالة عبور الحدود ء فعاد نحاول الوصول إلى فاليثاينا . واعتقد كثير ون آخخرون 
من أتباع الدوتئثى يأن هناك ما يبرر شكوك بومباكى . وروى الكاهن لطرانه 
فها بعد » أن آخترين سرعان ما حذوا حذو بومباكى ؛ وأسلموا ألفسيم طحايته . 
ومضى ف تقريره يقول . .  .‏ وسرعان ما اجتمع فى غرفة الطعام فى الأبرشية عدد 
هن وزراء موسوليى منهم زيربينو وأوجستوليفيراى » وفيرناندو ميزاسوما وهو بمسح 
بعصبية نظارتيه » وروجيرو رممانو ومعه ولده قسطنطين البالغ الخامسة عشرة من 


1 
عمره . . . وكانت الساعة قد تجاو زت الآن الواححدة . وأعددث شيئاً من الحسا 
للفارين اللاجئين . ووصل رجال المقاومة إلى الأبرشية يقودهم النقيب 
باربييرى . وحاول الضابط أن يعرف إذا كان موسولينى فى إحدى السيارات .. فرد 
رومانو بأنه كان معهم فى ميناجيو » ولكنه اخحتنى منذ تلك اللحظة . لكن بومباكى 

أقترب من شقيقى وقال . . . « إنه معنا » وليس من العدل أن ينجو يجلده » . 

ولم يكن موسولينى يحاول النجاة بجلده أبداً . فقد ظل يجلس ف السيارة المصفحة 
يقرأ فى وثائقه » ويصغى إلى الإذاعات الدولية وهى تنقل الأثباء » مستمدً! شيا 
من الأمل » ف النبأ الذى أذيع بأنه اعتقل فى بلدة بعيدة عن موسو . وروت إيلينا 
كورنى كركيانى » كيف كان يجلس هادثاً ينتظر عودة فولاير » عندما ظهر 
شخص. قصير القامة يرتدى و عفريتة ؛ زرقاء اللون » وقد وضع خحوذة صلبة على 
رأسه » عند نافذة السيارة المدرعة . وخيل لإيلينيا أنه صبى صغير » وراحت 
نتساءل عما يفعله هذا الصبى ى هذا المكان . عندما ارتفعت الحوذة » وانسدل 
شعر أسود طويل » حول وجه نسوئ قلق تبينت فيه وجه كلاريتا بيتاتشى ٠‏ بعينيها 
الحميلتين البراقتين» . وتحدث إليها موسولييى برقة وحنان » وهو بحاول التسرية عنها . 

وعاد فولاير إلى السيارة المصفحة أثناء حديثه إلى كلاريتا » وأبلغه أنه فشل 
ف مهمته » وق إقناع رجال المقاومة بالسماح للإيطاليين بالمرور ء مع موافقاتهم . 
' على السماح للتميع السيارات الألمانية بالمرور بعد تفتيشها فى دونجو للبحث عما إذا 
كان بعض الفاشيين يختبئون فيها . واقترح بير زير أن يرئدى موسولينى معطت 
جندى ألمانى » وأن يختلط مع اللحنود الألمان فى إحدى السيارات الشاحنة . وترجم 
موسوليى للأنخرين ما قاله الضابط وأضاف . . . ١‏ إنه يقول » إن فى إمكافى المرور 
إذا تدكرت قف زى ألالى » . 

وهتفث كلاريتا على الفور. ٠‏ . ( هيا يا دوتثى » لا تتردد . انج بنفسك»... 
وكانت العبرات تسيل من مآقيها . 

لكنه كان عازفاً عن الحركة . وخيل إليه أن فولاير قد ساوم رجال المقاومة 
عليه » فحصل على موافقتهم بالسماح له ولرجاله ء بالذهاب إلى ألائيا » مقابل 
تسلم موسوليى إلبهم . 


4. 

وراح يقول لبيرزير . . . ١‏ أثم هناك رائحة خيانة أبها الملازم » . 

ولا يا دوتشى . هيا وارتد معطض أحد اللنود الألمان وتموذته واشت * 
فى إحدى سيارات فولاير . سيقوم رجال المقاومة بتفتيشها . ولكنها فرصتلك 
الوحيدة . 

حسن . ولكن تذكر أن أوامرك نقضى بالدفاع عبى . 

- طبعاً يا دوتشى . 

وابتعد بيرزير ؛ ليفصل الألمان عن الإيطاليين . وعندما عاد كان موسوليى 
لا يزال فى السيارة المصفحة » بيما جلست كلاريتا على سطحها ء تبكى حرقة . 

وقال موسوليى غاضباً لبيرزير عندما وصل إليه . . . ١‏ أبها الملازم » إذا 
م تؤين لوزرائى » نفس الحماية الى تعرضما على » فان أتحرك من «كالى » . 

ولكن هذا مستحيل يا دوتشى . فقد ثم توقيع الاتفاق . ويحب أن نخلف 
جميع الإيطاليين وراءنا , 

- ولكن صديقى على الآقل يحب أن تأنى معى . 

هذا مستحيل أيضاً 1 

وظل موسوليى فى مكانه ؛ يرفضض التحرك » وقد تجمد فكه فى عناد وإصرار . 
وعندما مفى بير زير لبأ بالسيارة الشاحنة اللى سيحختى* فيها » لتقف إلى جانب 
المصفحة » راح الآخرون يقنعونه بأن يغير رأيه . وعندما وصل بير زير بالسيارة » 
وقال . . . « هذه هى فرصتتك الأخيرة يا دوتشى ؛ ؛ راح يتسلق السيارة صامتاً وقد 
ساعده كاردورى » فارتدى عطقا اننا وحوذة » واندفع إلى السيارة . 

وعندما مضت السيارة » ركضت كلاريتا وراءها تحاول الاحاق يعشيقها » 
والقفز إلى سيارته أو أية سيارة أخرى » واضطر ببرزير إلى استخدام كل ما لديه 
من قوة لإبعادها . 

وهكذا مغضى مرسوليى وحيداً إلى دونجو . وكان رجال المقاومة قد عرفوا 
بوجوده مع القافلة ء من راكب دراجة كان قد رآه فى السيارة المصفحة ومن الكاهن 
مينيى » ولذا وقفوا ينتظرونه فى ساحة البلدة . 


١ 
. . . الاعتقال‎ 


١546 أبريل‎ ”/ 


ولا أريد أن أرى بزة ألمائية عسكرية مرة أخرى » . 
١‏ 


كانت الساعة قد أزفت على الثالئة » عندما مضت السيارة الشاحنة تحمل 
موسولينى وقد أقعى فيها إلى دونجو . وكانت سيارة مارسيلو بيتائشى » وهى تحمل 
اللوحة الدبلوماتية ؛ والعلم الأسبالى يرفرف فيبا » هى السيارة الإيطالية الوحيدة التى 
سمح لها بمتابعة السير مع القافلة . 

و يكد الألمان ببتعدون بسياراتهم » حى تقدم رجال المقاومة السرية » يحيطة 
وحذر » لاعتقال الوزراء والموظفين الاخرين » الذين كانوا لا يزالون يقفون إلى 
جانب السيارات الأخرى فى الطريق . وقد استسلم معظمهم دون أية مقاومة . 
واستسلم كذلك الوزراء الآخرون الجتمعون فى دار راعى الأبرشية ؛ بيعا صم 
أولئك الموجودون فق السيارة المصفحة على المقاومة . 

وعندما مر الألمان بباراكو ٠‏ وقف فى مقعد القيادة » وقد شحب وجهه 
إلى درجة عخيفة يبتف بأعلى صوته . . . أيبا الحبناء » أيها اللحونة ! وسرعان ما ات 
وراء دروع السيارة » وراحت السيارة تستدير بمنمهى الصعوبة فى الطريق الضيق . 
ولكنها ما كادت تفعل ذلك حتى أطلق رجال المقاومة الثار عليها ثالية » يها فذف 
أحدهم بقنبلة يدوية بين عجلانما . وبعد لحظات واصلت فيها المصفحة إطلاق 
الثار » ارتفع علم أبيض من برجها » بيبا قفز بافولييى منها متجهآ إلى البحيرة » 
وصاريحا بالآخرين أن يلحقوا به وأن يقذفوا بكل شىء فى مائها . وتبعه كارادورى 
وقد امتلأت يداه بالأوراق . وراحا يغطسان فى الماء ويسبحان تحث ستار شاطئها 
المطل » دون أن يراهما رجال المقاومة . 

2 


5 
ولكن الآخرين لم يفلحوا فى الابتعاد . فققد لق رجال المقاومة بكاسالينوفو 
وأوتيمبرجى قبل أن يخطوا بضع خطوات واعتقلا » بيها أصيب باراكو بعيار فى 
قدمه . وسحب بافوليى وكارادورى بعد نحو من ساعة من البحيرة » بعد معركة 
أصيب الرجلان فيها يجراح » ثم أرسلا مع رفاقهما إلى دونجو . 
وكان موسولرئى قد وصل إلى هناك ٠»‏ وبدأ تفتيش السيارات الشاحنة . 
وبدأ رجال المقاومة برافقهم فوماير » بالسيارة الأولى . ولكنهم لم يجدوا فيبا ولا فى الى 
تليها ما أثار اشتباههم . ولكن أحد هؤلاء الرجال ويدعى جيوسيى نيجرى » وكان 
يعمل بحاراً فى الماضى » وجد فى إحدى السيارات الدلفية » جندينًا لاني » كان 
إما ثملا أو نامآ . وكان نجلس القرفصاء إلى جانب صفيحتين من البترول © وقد 
ارتدى خوذة ألمانية من الفرلاذ » ومعطف عريف ق إحدى وحدات مقاومة 
الطائرات . وروى رجل آخر من رجال المقاومة السرية » وكان وأحداً من عشرة » 
ادعى كل واحد مهم فيا بعد لنفسه شرف اكتشاف مرسوليتى » أن هذا الأمانى » 
كان يضع على عبنيه نظارتين سوداوين كبيرتين . وم يكن نريجرى قد كلف نفسه 
عناء الصعود إلى السيارة الأولى الى كان قد فتشها »ء ولكنه وجد نفسه مدفوعا 
هذه المرة إلى الأمام من رقيب من حرس اللحمارك » فصعد إل السيارة » وأخذ 
يتفرس فى الرجل الحالس ف مقدمتها . ورأى مدفعاً رشاشاً بين ركيثيه » وعندما 
قال رفاقه من انود الألمان » إنه زميل سكير » تظاهر الإيطالى بأنه قد صدقهم . 
وقفز من السيارة » راكضاً لمقابلة نائب المفوض السياسى للكتيبة » أوربانو 


لازارو. | 
وراح يبتف بلازارو عندما عثر عليه أخيراً . . . و تعال هنا . أعتقد ألنى 
وجدته ع . 


وركض لازارو إلى السيارة وصعد إليها . وشق طريقه إلى مقدمها » حيث 
كان مجلس ذلك الألمانى فى بزة العريف . وراح يسأله . . . « هل أنت إيطالى ؟ ) 
وسادت لحظة من الصمت قبل أن يرفع موسولييى عينيه قائلا بشىء من الحزم . . . 
« أجل أنا إيطالى » . 

وصرح لازارو » وقد أذ بنظرة الدوتشى المفاجئة ... ذيا صاحب 


شف 
الفخامة 6 . . . فقد جعله هول المفاجأة »ع ينطق ببذه العبارة دون وعى .. . ثم 
قال . . . «وإذن فأنتث هنا » . 

ولاحظ لازارو أن وجه موسولينى كان أبيى كالرماد » وخالياً من كل تعبير . 
وكان شعر ذقنه أسود وكثيفاً ؛ بما يضاعف من إبراز شحوب وجئتيه . وكان بياض 
عينيه قد تحول إلى صفرة . وكان فق وسع المرء أن يقرأ فيهما معانى الإجهاد لا مععى 
الحوف ؛ فقد ماتت روحه منل أمد بعيد » ولم يعد له شأن بين الأحياء . 

وكان قد طلب إلى امنود الألمان عدم الجازفة بأر واحهم فى محاولة إنقاذه من 
الأس ؛ ولم يبد عليه أنه راغب فى محاولة استخدام مدفعه الرشاش . وراح ينزل 
بمساعدة لازارو من السيارة » ولم ينبس ببنت شفة عندما انتزعوا المدفعم منه » 
أو عندما رفعوا اللدوذة الألمانية عن هامته . وتعاثت هثافات الناس ف الميدان عندما 
تبينوا حقيقة الأسير . 

وباح لازارو يسأله . . . ألديك أسلحة أخرى ؟ ولكنه لم يحب + ففتش 
رجال المقاومة السرية جيوبه » وعتروا فيها على مسدس محشو . ول ينيس ببنث شفة 
أيض]ً عندما انتزعوا المسدس منه . ولكن عندما أراد أحد رجال المقاومة أن ينتزع 
منه الحقيبتين اللتين كان محملهما ؛ التفت إليه بعنف قائلا . . . «احذر ؛ 
إن هاتين المحفظتين نضهان وثائق سرية فى منتهى الأهمية : من الناحية التاريخية 
ولستقبل إيطاليا » . 

وكانت هذه الثورة مؤقتة . فقد بدا محطماً مستسلماً » وضعيفاً وفى منهى 
الإعياء والمرض ؛ وعندما راح مجتاز الميدان إلى مكتب رئيس البلدية» فى ذلك البناء 
الحميل رغ نداعيه الواقف عند سفوح جبل بر يجاجنو » بادره لازارو قائلا . . . 
د حافظ على هدوثئك » فلن نصيبك بضر 8 . 

وحاول رئيس البلدية الدكتور جيوسيى روبيى » أن يسرى عنه أيضاً » 
فقال . . . ٠لا‏ تتزعج “فلن نصيك و 4 

ورد موسوليى بثىء من التنازل المرضى . . . 3 أنا أعرف هذا فأهل البحيرة 
أناس طيبو القلب » . ْ 

وسمح له بالحلوس فى مكتب رئيس البلدية » وتحلقت دول جماعات من أهل 


وفك 

البلدة ومن رجال المقاومة الشعبية » يوجهون إليه الأسئلة التى يرد عليها بشىء من 
الغضب »ء أو الكبرياء المهانة » أو الرغبة الحاطئة التوجيه فى إرضاء الآخرين . . . 

وسأله أحدهم ... وما الذى دعاك إلى خيانة الاشتراكية ؟ 

أنا لم أخنها . وإتما الاشتراكية هى التى خحانت نفسها . 

-ولم قتلت ماتيوى ؟ 

-م يكن لى شأن فى قتل الرجل . 

هلم طعنت فرنسا من الف ؟ 

- يتطلب إيضاح الأسباب الى أجيرت إيطاليا على دخول الحرب » وقناً 
طويلا . 

-أكان الحطاب اللى ألقيته بعد إنقاذك من ٠‏ الصخرة العظيمة » بمحض 
إرادثك » أم كنت مرغماً على إِلقّائه : 

كنت مرغماً على إلقائه . 

ول سمحت باتدخاذ مثل تللك الإجراءات الصارمة ضد رجال المقاومة السرية ؟ 
فقد عذب بعضهم عذاباً شديداً . أكنت تعرف ذلك ؟ 

- كانت يداي مغلولتين . ولم تكن ثمة فرصة المعارضة كيسارنج وولف 
فيا يفعلانه . وقد تحدثت إلى اللسرال وولف المرة تاو المرة عن قصص الناس 
الذين يعذبون » وعن غير ذلك من الأعمال الوحشية البى وصلت إلى مسامعى . 
ورد وولف ذات يوم ء بأن هذه «هى الطريقة الوحيدة لاستخلاص التقائق 
وإن الموقى لابد أن يعترفوا بالحقيقة فى غرف تعذيبه ؛ . 

وانهالت عليه الأسئلة واحداً إثر آخر » ورد عليها كلها . وجف حلقه من 
كثرة الحديث » فطلب كأساً من الماء . وجاءوا له ببعض الماء وبقدح من القهوة . 
واحتساه بلهفة » ثم راح فى صمث تميق ؛ وقد وضع يديه على ركبتيه » محملقاً 
فى اللحدار . وكان قد نزع المعطف الألمانى وقذف به إلى الأرض » وجلس حاسر 
الرأس فى بزة الحرس الفاشى . 

وسمح فى الحارج للقافلة الألمانية بمواصلة سيرها بانجاه الشهال »وسرعان ما بععث 
أحد المفوضين السياسيين لحماعات المقاومة وبدعى فرانشيسكو تيرزى برسالة 


5 


إلى كومو فى الحنوب ء يذكر فيها وقوع موسولينى فى الآسر ؛ ويطلب من اللجنة 
امحلية للتحرير الوطنى فيها تعلماتها عما يجب أن يفعله بالمعتقل . 


١ 


كانت الساعة قد أزفت على الثامثة والنصف . وكان لابد من انقضاء يعض 
الوقت » قبل أن يعود الرسول الذى مغى إلى كومو للتزود بتعليات بحنة التحرير 
الوطنى . وقرر قائد المقاومة السرية الشاب فى دوتو » الكونت بيير لويجى بيلليى 
ديل ستيل . أن ينقل أسيره الحطير الشأن إلى مكان أمين » خوفاً من قيام محاولة 
لإنقاذه . ولمى تحل الساعة السابعة » حبى "كان قد عزم على نقل موسوليى إلى 
الحبال » إلى ثكنة حرس اللحدود فى جيرماسينو . 

وكان المطر يتساقط مدرارا . واشتدت البرودة . وراح أحد رجال المقاومة 
وكان يتولى حراسة موسولينى ؛ يسأله إذا كان يود أن يرتدى المعطف الأللانى ليتق 
البرد فقال . . . ولا أريد أن أرى بزة ألمانية عسكرية مرة أخرى » ؛ وراح يرتدى 
بدلا منه و عفريتة ؛ زرقاء وجدها ملقاة فى زاوية من الغرفة . واشتدت به الرجفة ى 
السيارة البى أقلته إلى جيرماسينو » فقد كانت الرحلة بطيثة » إذ كان المطر 
ينبمر بعنف على مقدمة السيارة بحيث ل يكن فى وسع السائق أن يتبين طريقه . 

وقال أحد الحراس » محاولا بعصبية ظاهرة » الشروع فى حديث مع السجين.. 
و هذه هى المرة الثانية الى تقع فيها أسيراً ؛ . 

فرد موسولينى بشبىء من المرح المتشام . . . د هذه هى الحياة يا ولدى العزيز . 
هذا هو قدرى » من الرغام إلى السلطان ٠»‏ ومن السلطان إلى الرغام ؛ , 

وعادت إلبه معنوياته الضائعة : وكأنه وجد العزاء فى فكرة الاستشباد . 
وبدا سعيداً عندما وصلوا به إلى جيرناماسينو . وعندما أشعل الحرس النار ليصطل 
عليبا » وأعدوا له وجبة ساخنة » راح يتحدث إإيهم وكأنه ضيفهم لا سجينهم . 
وعندما طلبوا إليه توقيع ورقة يعترف فيها بحسن معامهم له » وقعها طائعاً مختاراً . 
وكان نصبا على النحو التالى  :‏ اعتقلتى كتيبة جاريبالدى الثائية والحمسون اليوم 


اريك 

فى السابع والعشرين من أبريل » فى ميدان دونجو . وكانت معاملهم لى أثناء 
الاعتقال وبعده » حسنة للغاية 6 , 

وجلس مرسولينى إلى مائدة العشاء . كان جائعاً » ولذا فقد تناول الطعام 
بشهية . وظل يتحدث أثناء العشاء وبعده إلى رجال الحرس طويلا وكأنه أستاذ 
ثرئار يتحدث إلى مجموعة من طلابه الذين استبدت بم العصبية . وكان حديثه 
أقرب إلى المحاضرة منه إلى أى شىء آخر . فقد تحدث إلى الشبان عن زيارته 
لروسيا ؛ وعن طيرانه عبر المساحات الواسعة من السبول الروسية . ونحدث عن 
ستالين كأحد عظام الرجال الأحياء » ووصف روسيا بأنها المنتصرة الفعلية فى 
الحرب . وعرض آراءه فى البلشفية والاشتراكية الوطنية » وتنبا بامبيار الإمبراطورية 
البر يطانية . وكانوا يصغون إليه دون أن بقاطعوا حديثه . قهما حدث له الآن » 
فإنهم لم يستطيعوا أن ينسرا ؛ أنه ظل يحكمهم زهاء عشرين عاماً . وروى أحد 
ويدعى »ارين » أن ١‏ القلق كان يستحوذ عليه أحيانآ » ولكنه لم يبد خائفاً على 
الإطلاق . وبدا وكأنه لايم بمصيره . وقد قال لى ولأحد الرفاق . . . ” إن 
الشباب شىء جميل “ . وابتسم رفيق عندما سمع هذا » فاستأنف مرسولييى 
قائلا . . . ” أجل » أنا أعنى ما أقول . فالشباب شبىء جميل . وأنا أحب الشبان 
حبى ولو حملوا السلاح ضدى ” . ثم أخرج ساعة ذهبية من جيبه وقدمها إلينا 
قائلا . . . خخذاها لتذكر كا بى ؛ . 

وعندما بلغث الساعة الحادية عشرة » قال إنه منبك ٠‏ وسأل إذا كان فى 
استطاعته أن ينام . ونقله الحراس إلى غرفة صغيرة فى الطبقة العليا » حيث أعد له 
سرير وراء نافذة مغلقة » تحجزها القضبان . ورأى جيورجيو بوفيللى » وهو 
الشاب الذى كان قد تحدث إليه فى السيارة » شيثاً صغيراً أسود يطل من جيبه ؛ 
فأشار إليه باهّام . وكان قد رآه منذ مدة ء وخيل إليه أنه مقيض مسدس . 
فأخرج موسوليى ذلك الشىء طائعاً من جيبه وعرضه على حارسه » ولم يكن سوى 
( حافظة النظارات؛ . وأغلق بوفيللى الباب بالمزلاج . 

وعندما عاد الكونت بيلليى إلى دونجو » وجد كلاريتا بيتاتشى » ق غرفة 
فى دار البلدية ء حيث اعتقلت منفردة عن أخيباء إذ لم تكن تحمل جواز سفر 


13 
يقم الدليل على صحة ادعائها بأمها تحمل الخنسية الأسبانية . وكانت لا تزال تصر 
على أنها شفيقة السفير الأسبانى لدى جمهورية سالو » وراحت تسأل بعض 
فتيات القرية عما سيحل بكلاريتا بيتاتشى ٠»‏ إذا اعتقلها رجال المقاومة » وعندما 
أبلغها الكونت بيلليى » أن موسولبى سجين اديه » قالت [إنها لا تعرفه ولم تلقه 
أبداً . 

وقال الكونت بيلليى ... ولكتى أعرف من تكوئين . . . وأضاف أنهم 
اكتشفوا أيضاً أن الرجل المتنكر باسم السفير الأسبانى ليس إلا شقيقها مارسيلو . 
ولم يعد فى وسعها الاستمرار فى الادعاء . فسألت الكونث عن أحوال موسولييى » 
وأجابها بأنه وحيد ويخير . ونطلعت إليه كلارينا بنظرة عميقة فاحصة ثم قالت . . . 
من أنت ؟ أأنت صديق ؟ 

فرد بيللييى . . . لا , أنا عدو . 

وفالت تعض على ناجل من نواجذها » وكان قد انقفم إبان الرحلة . . . 
١‏ أنا أعرف أنكم جميع؟ تكرهونى . وكثتم نتصورون أننى أحب فيه ماله وسلطانه . 
ولكن هذا كذب . فلم يكن حبى له اننهازيًا على الإطلاق . فقد ضحيت بنفسى 
من أجله . وحاولت أن أكون طيبة معه » . . . ثم راحت تسأله بتوسل . . . أتسدى 
إلى منة ؟ 

هاذا تريدين ؟ 

-أريد أن تحبسبى معه فى نفس المكان . أريد أن أشاطره مصيره . وإذا 
قتلتموه ٠‏ فاقتليل معه . 

ونظر الكونت إلبها بإمعان » وقد استبدت به الدهشة . إذ لم يكن يتوقع منها 
هذا الوفاء . وراح بمضى مخلفاً إياها فى الغرفة . 


و 


وصل الشاب الذى أوفد من دونجو حاملا أنباء اعتقال موسولينى إلى كومو 
فى الساعة السادسة والنصف . ولا عجز عن مقابلة أى من أعضاء بكنة التحرير 


5 
الوطى النحلية فى البلدة » راح ينقل النبأ إلى جينو بيرتينيالى » الى الذى غدا 
منذ بضع ساعات ليس إلا » محافظا للمدينة . وقال المحافظ للرسول . . . « عد على 
الفورء:ا وأبلغ قائدك » أن ينقل موسولينى على التو إلى مكان أمين فى الحبال ع 
مخافة أن يحدوه وينقذوه ثانية . وسأحاول بدورى الاتصال بميلان » . وعاد الرسول 
مسرعاً إلى دونجو ٠‏ حمل هذه التعلهات إلى الكونت بيلليى ؛ الذي كان قد نقل 
موسولييى إلى جيرماسينو . 
ووصل نبأ نقل موسوليى إلى جيرماسينو » إلى صديق حمم الجغرال كادورثا ء 
هو العقيد البارون جروفانى ساردانا » الذى عين مؤخراً قائداً عسكر اق كينو نبائة 
عن بنة التحرير الوطبى . وسرعان ما هئف ساردانا للجترال ء فلم يستطع الاتصال 
به إلا بعد مضى وقت طويل . وكان الحط الخاتى غير واضح » ومع ذلك فقد 
تحدث إلى العقيد بالومبو » رئيس أركان <رب الحثرال كادورنا . 
وقال ساردانا لحدثه . . ٠.‏ اعتقل موسوليبى بعد ظهر اليوم على مقربة من 
دونجو » فهاذا نعمل ؟ إنهم يريدون مى التعلهات !! ماذا أقول لم ؟» 
نعي رس اد ات بعد . . فقد نقل إلينا نيأ الاعتقال منل 
لحظات . سأعود إلى الاتصال بك » ناقلا إلييك التعلمات . 
- حسن . ولكن علينا أن نسرع فى البت ق هذا الموضوع . 
-طبعاً . ولكن ليس فى وسعى أن أقول شيئاً محددا الآن . سأنصل بك 
هاتفيًا فما بعد . 
ورن ري الماتف عند ساردانا فى الساعة الحادية عشرة والنصف »ء لم يكن 
بالومبى هو المتحدث » وإنما كانت هناك برقية عاجلة من بلحنة التحرير الوطنى فى 
ميلان . وكان نصها كا يلى . . . « أحضروا موسوليى : ورجال عهده إلى ميلان 
ف أسرع وقت ممكن ع . 
وتحدث ساردانا قبل أن يسرع إلى تنفيذ هذه الأوامر : إلى بالومبو من جديد . 
0 له عند ما ثم الاتصال لحاتى بعد وقت طويل ...١اسمع‏ . فهمت 
. ولكننى أريد التأكد منه شفوينًا ؛ . وأضاف أن فل 00 إلى ميلان 
لي مس مر 0 


2 
الذين يمكن الوثوق .هم ٠‏ والركون إليهم . ولذا يحب أن تقوم بالتنفيذ جماعة 
صخيرة مختارة » وأن تتم عملية النقل » سر فى اليل . وعلى ناقليه أن يعرفوا أنهم 
سيجتازون عدداً من حواجز الطرق . وبالطبع ه, يستطيعون نقله عن طريق الببحيرة 
إلى كومو ؛ ولكن نيس من السهل العثور على قارب صالح . ثم قال بإصرار . . . 
و يجب أن أعترف بأن هناك مخاطرة بالغة فى العملية كلها » . 

فرد بالومبو بإصرار . . . ««حسن إذن . عليك أن تجد مكانا أمينآ يمكن 
إ[خفافه فيه بعض الوقت ؛ . 

وهكذا تقرر نقل موسوليبى من جيرماسيئو إلى قربة بليفيو » الى تبعد سبعة 
كياومترات إل الشمال من كومو » حيث يملك صديق لساردانا » هو من كبار 
رجال الصناعة » ويدعى ريمو كادعاتورى » دارة منعزلة واسعة » ا واجهة واسعة 
مطلة على البحيرة . وهتف ساردانا لصديقه كاديمانورى ء قائلا إنه فى حاجة إلى 
دارته 6 لإخفاء شخص فها 6 وإن هذا الشخص سينقل إليها فى الليل عن طريق 
البحيرة قي مولترازيو . وقال له » إنه إذا سئل عمن يككون هذا الشخص » فعليه أن 
يقول إنه ضابط إنجليزى أصيب براح . ولم يوجه كاديماتورى أية أسثلة » ولكنه 
عرف لتوه » أن هذا الشخص هو موسوليى بعينه . ورج فى تلك الليلة الشديدة 
البرودة » مجلس على سلم دارته المطل على البحيرة » منتظراً وصول الزائر » وقد رافقه 
بستانيه العجوز ء ينظران عبر اللبل البهم » إلى مياه البحيرة , 


ً 


وصل الأمر بنقل موسولينى من جيرماسينو إلى دارة كاديماتورى فى بليفيو ؛ 
إلى الكونت بيللينى » حولى الساعة الحادية عشرة والنصف » ولم نمض ساعتان 
حنى كان قد نقل أسيره من ثكنة جيرماسينو فى سيارة التقت بالسيارة الى نقلت 
كلارريتا بيئاتشى من دونجو حوالى الثانية والنصف صباحا على مقربة من ١‏ بونى 
ديلا فولاك » . وكانتث السماء لا تزال مطل مدرارا ٠»‏ ولكن موسوليى هبط من 


ليث 

السيارة . وقد التتف ١‏ ببطانية » من الصوف . واختى جزء من وجهه تحت الرباط ء 
ليبدو كرجل جريح فى طريقه إلى المستشى » ومشى نحو كلاريتا » وتبادلا 
التحية بشى ء من الاصطناع الذى جمع بين الحنان والسخف . 

وقالت ‏ كلارينا :. . . مساء اللين يا ضاخن الفحاعة . 

أنت يا سيدق 1 للاذا جلت ؟ 

أوثر أن أكون معلك . 

كانت هذه هى العبارات الوحيدة البى تبادلاها . وانطلقت السيارتان تتخوضان 
السيول الى تجمعت من مياه الأمطار المهمرة » باتتجاه مولترازيو . وكان إلى 
جانب الساتق فى السبارة الأول > :جل مق المقاونة السرية ينح لوغ اناق ع 
وكان يسمى نفسه ١‏ بالكابان نيرى ») ء بيها جلست كلاريتا فى المقعد الحلبى بين 
جنديين من جنود المقاومة هما جيوسيبى فرانجى وجوجليلمو كانتونى ؛ وكلاهما 
من الصيادين . وجلس موسوليى فى السيارة الثانية بين الكونت بيللبى وعشيقة 
كانالى . وتدعى جروسيبينا تويسى » متنكرة فى زى ممرضة . أما فى المقعد الأمانى 
إلى جانب السائق » فقد جلس ميشيل مورينى المعروف عند رفاقه من رجال المقاومة 
السرية باسم « بيئرو جاتى ؛ . 

وكانت الطريق تتعرج وتلتوى بين الصذور إلى جانب البحيرة . وكانت 
السيارتان تقفان أحياناً أمام حاجز من حواجز الطرق » فيخرج رجال من الظلام 
المدلم » بحملون المصابيح . الى تتأرجح فى أبديهم تحت امهمار المطر المتصب 
من السماء » بها تسطع أنوار القذائف المدفعية فى السهاء » وقد مع دويها من 
مسافات بعيدة . وانطلقت القذائف ى إحدى المرات من التلال الواقعة إلى العين » 
وقفز الكونت بيلليى من السيارة هائفاً وملوحاً بيديه . وعندما وصلت السيارتان 
إلى مولترازيو ء توقفتا على مقربة من ١‏ فندق أمبريالى » » وهبط الكونت ثانية 
من السيارة » لعشى بعيداً مع لويجى كانالى . 

وظل موسوليبى هادثاً لا ينبس ببنت شفة . كان الهدوء يخم على مولارازيو 
ولكن الصواريخ كانت تنطلق على بعد سبعة أميال إلى اللحنوب عبر السماء فوش 
كيمو » وكان دوى العيارات النارية فى شوارعها » يصلى إل الأسماع . فقد وصل 


6 
الأمريكيون الزاحفون بسرعة عبر سبل لومبارديا إلى جبال الألب عند بيرجامو . 

وعاد لويجى والكونت إلى السيارتين بعد نحو من ربع ساعة . وروى بيلابى 
فها بعد قائلا . . . : وكنت بالطبع لا أنوى المغامرة بتسلم موسوليبى إلى الأمريكان ) 
ولذا فقد عدل عن الخطة الأصلية فى نقله عبر البحيرة إلى دارة كاديماتورى . 
واقترح كانالى أن خير مكان أمين لإخفاء موسولينى وكلاريتا » هو مزرعة تقع على 
مقربة من بونزانيجو » حيث يعرف فلاحاً يدعى جيا كومو ؛ وزوجته ليادى ماريا ؛ 
كانا مخفيان رجال المقاومة » أثناء فرارهم من القوات الفاشية . وأضاف أن هذين 
الزوجين سيخفيان الأسيرين دون أى سؤال . وأقر الكونت بيللينى اقتراحه » 
وراحت السيارتات تستديراث عائدثين باتجاه الشهمال . 

ووصل الركب إلى ازانو فى الساعة الثالثة والريع صباحاً . وكان منزل 
الزوجين » يقع فى مكان مرتفع على الحبل » فطلب كانالى من الحميم » أن 
يجبطوا من السيارقين وأن يرتقوا وراءه الخبل . وسار أمامهم فى طريق ضيق » محيط 
به جداران من الصخر . وكان المطر لا يزال ينبمر بشدة » واندفعت الياه 
هايطة مع الطريق وكأنها سيل جارف والمهارت معنويات موسوليى © فقد نفذ 
الماء من ١‏ «البطانية » الى التحضف بها . وأمسكت كلاريتا بذراعه بعنف . وكان 
القمر مشرقآ رغم السحب الكثيفة الى تحجيه » مما أنار للم الطريق ومكنهم من 
رؤية جدران المزرعة » بعد وصولم إلى ضواحى بوتزانيجو . 

وصرخ كانالى منادياً الزوجين ء على الطر يقة الألوفة عند الفلاحين فى مناداة 

يواناهم . وكان هذا النداء هو العلامة المتفق عليها عند رجال المقاومة . وسرعان 

ما فتح الباب » وأطل منه جا كومو وزوجته وقد حملا مصباحاً جازينًا . وتعرفا إلى 
كانالى » وأسعا له طريق الدخول . وتبعه مرسولرنى الذى امار على مقعد فى 
المطبخ ؛ وقد جلست إلى جانبه كلاريئا ممسكة بذراعه . 

وقال كائالى...: إنبما سجيتان: , آرعو أن تحبا معام ينا > ون قسيها 
هما بالنوم . 

وخلف وراءه الصيادين الشابين كانتونى وفرانجى ليتوليا حراسة الأسيرين » 
ثم عاد إلى السيارتين مع الكونت بيلليبى وجيوسيبينا توي.ى وميشيل *وريى . 


اع 

وأوقد جياكومو الثار » وقدم للأسير ين بعض الطعام : وم يكن يعرف 

هويتهما وراح يسأل كلاريتا » عازفاً عن التحدث مباشرة إلى هذا الرجل الذى 
نعصب الأربطة رأسه . . . ١‏ ماذا أقدم للسيد ؟» 


فم مسد ى هارا رأسه ودون أن يرفع نظره عن النار المشتعلة أمامه » وقد 
وضع يدبه قى جيبيه 9 لاشىء1 . 

وقالت كلاريتا . . . أريد بعض القهوة من فضلك . . . 

فردت دى ماريا معنذرة . . . ليس لدينا بن حقيق » ولكن فى وسعى أن 
أصنع لك شيئاً من مسحوق القهوة . . . 

لا بأس . 

وراح جيا كومو يعد القهوة صامتاً . ولم ينبس أى من الموجودين ببنت شفة . 
وسرعان ما آبت زوجته من غرفة فى الطبقة العليا » بعد أن نقلت ولديبا من سريرهما 
المزدوج وبعثت بهما إلى 1 علية » فى أعلى المتزل . . . وقالت إن الغرفة معدة » 
إذا رغب السيد فى الصعود . ول بحر موسولييى جرابآ . كا لم يتحرك من مكانه . 

وقالت كلاريتا بنعومة . . . ١‏ الغرفة معدة » هل نصعد إليها ؟ » 

ونبض عن مكانه دون أن يقول شيئاً ثم سار وراء السبدة » صاعداً الدرج ١‏ 
إلى غرفة النوم البيضاء الخدران ى الطبقة العليا » حيث رأى سريراً كبيراً من 
العشب » يؤلف مع مقعدين من القش ومغسلة الآثاث الوحيد فيها . واتجه موسوليى 
إلى النافذة . وخيل لدى ماريا » الى كانت تتبعه أنه سيحاول الفرار » فسارعت 
إلى إغلاق النافذة . ومضت كلاريتا إلى السرير تحسه بيديها وكأنما فى فندق . 
ثم طلبت وسادة ثانية . . . وهى تقول . . . 9 إنه ألف النوم على وسادتين » . 

وخيل إلى اارأة أن كلاريا تحس باللحجل . وعندما أعطنها الوسادة الثانية » 
تطلعت إلى غطائها بإمعان . ثم وضعتها إلى جانبها على السرير . أما الوسادئان 
الأخريان فقد وضعبما إلى الحانب الآآخر القريب من النافذة حيث أراد مرسوليبى 
أن ينام . 

وجلس إلى سريره الآن » يفك رباط رأسه . ووقفت السيدة دى ماريا ترقيه , 


فو 


وعندما ارتفع الرباط الأبيض عن ابلببة » بدأث تتموز فيه وجه الدوتشى المعروف 
لدبها » فراحت تتفرس فيه بإمعان » مذعورة حائرة . وعندما معت صوت كلار يتا 
تسألها إذا كان ى وسعها أن تستحم » قفزت من ذهوها تقول بعصبية ظاهرة . 
« نحن "كما ترين من أهل الحبال . وعليك أن تسامحينا إذا طلبت إليك النزول إلى 
الطبقة السفل لتستحمى » . 

وسارت كلاريتا وراءها إلى الطبقة السفلى ومنها إل بيت صغير خارجى » 
حيث اغتسلت بيهًا كان أحد الصيادين الحارسين يسترق النظر إإيها من شق 
فى الياب . كان جسدها جميلا » وصدرها رائعاً » ولذا فل يستغرب أن يتدله 
موسوليى بمواها . وعندما انبت من اغتساذا » تبعها إلى الغرفة وطلب إليها أن تبق 
على الباب مفتوحاً . 

وانبت من خلع ملابسها على ضوء المصباح الكهربى اللحافت ثم انسلت إلى 
السرير مجانب حبيبها . وتمتمت بيضع كلمات » رد عليها باقنضاب » وحاول 
كانتوقى وفرانجى الإصغاء عبر الباب المفتوح جزثيما إلى ما قالاه » فلم يستطيعا . 
ويل إليهما أنهما سمعا اسمى ( بافولينى » وجرازيانى » وأن موسولينى قال « إفى على 
ثقة من ألهم لن يقتلوئى 6 . وأنه قال لا . . . « هل تغفرى لى » . وعندما ردت عليه 
يعبارة لم يسمعاهأ ؛ تناهى إلى مسامعهما قوله . . . لم يعد هذا بهمنى ؛ . وتوقف 
الحديث بين العاشقين » واشتدت عصبية الارسين » فقد نيل إليهما أن الأسير ين 
يخططان للهروب . وسرعان ما فتحا الباب فجأة واندفعا إلى الغرفة . فخطت كلاريثا 
وجهها علاءة السرير وأقعت بجانب موسوليى ؛ بينا هتف هذا بهما مؤنباً ... « اذهيا 
أيها الولدان . عليكما أن لا تسلكا على هذا النحو . ولا تكرنا مزعجين » . وقد 
لاحظا فق وجهه علاثم الإجهاد » وبدت الغضون وصور اليأس واضحة فيه . 

وغاهر الحارسان الغرفة » وأفعيا ثانية عند بابها . وأطفأ موسولينى النور » ولم 
نمض لحظات , حبى كانا يسمعان بالرغم من زثير الريح فى الخارج ؛ وصوت 
اعيمان المطر على النافذة » ننفس موسوليى العميق . ونام نوما عميقا طيلة الايل » 
وكانت درفات النافذة المغلقة قد حجبت عن أذليه إلى حدما هدير الرعد القاصف » 
وومضات البرق الحاطقة والمتواصلة . وأغنى الحارسان الشايان عند الفجر أيضا » 








5 
3 


ا 





5 
اك 
ع 
1 
1 








هتلر يرحب يعوب ولبى بعد إنقاذه ى بروسيا الشرقية قى سيعمير 194141 


موسوليى ف داره فالار ينيل فى عام :و١‏ 




















-جشث موسولوى و دفاقه معلقة ق 


5 


1 


0 


دى بوثو وبار 


يثى -- وجوا 


ردى وشيانو ومارد 


لى 


يننظر 


ون 


ع ٠‏ 
ثنابيد 


َك 


الإعدام قم 





15 


الكولوئيل فالير يو 
من 30 إلى 738 أبريل ١9446‏ 
« مهما كانت نغسى ومعتقداق تشمكز من قتل إلسان لإنسان آخير' 
فإنى أجد على أى حال » أن المنئف من القاعدة رداً على العنف من 
القمة » ا نمروري :6 بالرم من اسيطغارته للأسف , وعتدما 
تسد جميع الطرق» عل المره أن يفتح له متفذاً» حتى ولو كان الدم 
هو لمن ه . 


عندما انتشر نبأ اعتقال موسولرنى فى الليلة السابقة » تنادى تلش أعضاء 
لحنة التحرير الوطبى لشمال [يطاليا » والممثلون الرئيسيون لفيلق متطوعى اخرية إلى 
اجماع عقدوه فى ميلان . 

وتتضارب الروايات عن هذا الاجماع الذى عقد بعيد الساعة الحادية عشرة 
وتتناقض ‏ والشىء الثابت والمؤكد على أى حال » هو أن القرارات البى اتخذت ى 
حظات مختلفة من تللك الليلة » صدرت عن ستة رجال أو سبعة باسم بلبنة التحرير 
الوطى » ول تصدر عن الاجنة بكاملها . وكان ائئان من هؤلاء اليجال هما لويجى 
لونجو الشيوعى الصادق الذى بذل غاية الجهد » ليجعلى ٠ن‏ حركة المقاومة السرية » 
حركة سياسية : وولر اوديسيو وهو رجل طويل القامة» شاحب الوجه » فى السادسة 
ولثلاثين من عمره » كان يعمل محاسباً ثم تطوع فى الحرب الأسبانية ضد الفاشيين 
ولقب نفسه « جيوفان بائيسنتا دى سيزارى مانولى » » أو بالامم الأسبل على اللفظ 
وهو ١‏ الكولونيل فاليريو ) 

وكان قد تقرر بحضور عدد من الأعضاء.الأقل التزاماً من الناحية السياسية 
والأصنى ضميراً » العهدة إلى وولر أوديسيو بأن ينقل مرسولرى إلى ميلان . ولكن 
دقائق هله المهمة سرعان ما فت بعد ذهاب الأعضاء الآخرين . ونضمنت هذه 

4» 


هع 


د الدقائق » أن حمل موسوليى إلى ميلان ميتاً . وكان أمر الإعدام قد صدر فى 
الواقع عن بالميرو توجليانى » بموجب صلاحياته » "كا قال هو فها بعد » فى حديث 
لصحيفة ١‏ أونيتا » الشيوعية الى تصدر فى ميلان » كزعيم للحزب الشيرعى » 
ونائب لرئيس وزراء إيطاليا . واعترف توجلياتى بأن هذا الآمر قد نص على إعدام 
موسوليى وجميع وزرائه فور اعتقامم » وتمييز هوياممم » لكن سر هذا الأمر لم 
يكشف أبداً للأعضاء غير الشيوعيين فى بلنة التحرير الوطنى ٠‏ الذين اعتبروا 
أنتفسيم ملزمين بتنفيل نصوص الهدنة الى قضت بتسلم موسولرى إلى التلفاء . 
وذكر إيغانو بونويف » الذى خلف بادوليو فى رئاسة الوزراء » أنه لم يسمع بهذا 
الأمر قط . لكن الأعضاء الشيوعيين فى اللجنة كانوا أقوى الأعضاء على أى حال » 
وكان. بعضهم يعطف على آراء لحنة بيدمونث الى تطرفت فى قراراتا » فأعدت 
قانونآ خاصًا بها للعقوبات لا يقغى باعتبار جميع أعضاء حكومة مرسولينى فقط 
بل جميع الفاشيين الآخرين مجرمين بّهمة ١‏ القضاء على الحرية ؛ » وينص على 
إعدامهم دون محا قة إذا لم يسلموا أنفسهم قبل إعلان الثورة العامة فى شهال 
إيطاليا , 

وجرت ثلاث محارلات لتجنب مثل هذا الإعدام السريع لرسوئبى » قام 
الأمريكان باثنتين مها » وقامت حكرمة الحنوب بالثالثة » فى محاواة ناعثور على 
مكانه . لكن هذه المحاولات الثلاث منيث بالفشل » وإن كان أعضاء لحنة ميلان 
الذين قرروا قتله » قد عرفوا أن هناك محاولات أخترى فى طريق الإعداد . وطارت 
برقية فى الساعة الثالئة صباحاً من ميلان إلى مقر قيادة الحلفاء فى سبينا هذا نصبا ٠‏ 
١‏ تأسف لحنة التحرير الوطى لعجزها عن تسلمم موسوارى اللدى حوكم وأعدم أمام 
محكمة شعبية فى نفس المكان الذى فتل فيه الفاشيون خسة عشر وطنمًا إيطاليًا ؛ . 

ولم مض ساعة حبى كان احيرا كادورنا يسلم أوديسيو » جواز هر ور حصل عليه 
بمساعدة الدكتور جواستوى الذى يعمل وسيطأً بين المقاوءة السرية واللحيش الأمريكى » 
من النقيب ( الكبئن) إميليو داداريو من اليش الأمريكى والدى يعمل ضابط 
ارتباط مع اللجنة . وكان قد اشترك فى إحدى الحاواتين الفاشلتين للعثور على 
موسوليى . وكان نص الحواز الذى كتب بالإنجليزية على النحو الثالى : 


فد 
إن الكولوفيل فائيريو المسمى بمانولى جروفان باتيستا دى سيزارى » ضابط 
إيطالى » ملحق بالقيادة العامة لمتطوعى الحرية . وقد أوفدته الحنة التحرير الوطنى 
لشهال إيطاليا » ف مهمة إلى كومو ومقاطعتها » ولذا يجب الماح له بالتجول محرية 
مع حراسه المبلحين . ٠‏ . التوقيع اى . كيو . داداريو - القيب 6 . ش 
وغادر أوديسيو ميلان فى سيارة صغيرة فى الساعة السابعة من صباح الثامن 
والعشرين من أبريل متدرعاً بهذا الحواز » ويجواز آخر يحمل شعار النجر اذى 
ا لحمسة الرؤوس وهوشعار فيلق متطوعى الحرية . ورافقه فى سيارته الدولامبريدى » 
العامل الذى يحمل: أيضاً رتبة عفيد فى فيلق متطوعى الخرية © وخلفهما سيارة 
شاحنة تحمل اثى عشر رجلا من رجال المقاومة يقودم ريكاردو مورديى الذى 
كان ماربا أيضا فى اللواء الدول فى أسبائيا . وكان الخميع مسلحين بمدافع 
ستين أو بريثا. الرشاشة » ويرتدون ملابس الحاكى التى لا تحمل أية شعارات 
ميزة ») لأ ملابسهم العادية الى كانرا حضون بها فها سبق إلى مثل هذه المهمات . 
وكان أوديسيو يرتدى معطفاً طويلا واقياً من المطر » وبنى اللون » وقد لف عنقه 
بوشاح مثلث الألوات إذ يضم الأحمر والأخضر والأبيض . 5 
ووصل إلى كومو ف الساعة الثامنة » وراح يقفز بسرعة من سيارته » ويصعد 
الدرج براكضاً إلى دار المحافظة يرافقه الدو لامبريدى . وكان جينوبير تينيللى 
امحافظ الحديد » أول شخص رآه فى اليناء . ولاحظ المحافظ <الته العصبية 
المضطرية » وطلب منه أن يرى أوراقه ٠‏ وراح أوديسيو مخرج بشىه من الثورة » 
الحواز الموقع بحم فيلق متطوعى الحرية . ولكن بيرنيتيللى » وكان قد رأى العشرات 
من هذا ابحواز فى الأيام الأخيرة لمعم به . وأخترج أوديسيو الدواز الموقع هن 
داداريو » فكان له تأثير أكبر على ل . ولكنه قبل أن يعد بمعاونته » أراد أن 
يعرف بالضبط » حقيقة مهمته . وعندما قال له إن مهمته تنحصر فى نقل موسولينى 
والفاشيين الآخرين الدين اعتقلوا فى دونجو إلى ميلان » ازداد تحفظ بيرتينيللى 
وكان يعرف أن رجال المقاومة السرية المحليين فى كيمو » ما كانوا ليرغبها فى أن 
يحرمهم هذان ١‏ العقيدان : النجهرلان القادمان من ميلان من شرف اعتقال مثل 
هذا الأسير الثين . وكانوا قد أعدوا سجن سان دونينو فى كوبو لاستقبال موسولريى 


ف 
كنا أعدت الترتيبات اللازمة تثقله إليه . 

وثقول إحدى الروايات المتناقضة والمتعددة الى صدرت عن أوديسيو فيا بعد 
عن أحداث ذلك الوم » إن قلق بيرتينيللى ورفاقه وحرصبم الواضح على عدم 
التفريط بشىء قد -حسا النقاب « عن مظاهر الغيرة الوضيعة الى تعكسها الروح 
البورجوازية » . وبحول الحديث عند الساعة العاشرة إلى مناقشاث حادة . وعجز 
أوديسيو على أى حال عن إقناع ببرتينيللى أو أعضاء بحنة كودو للتحرير الوطى 
بالتساهل » وطلب أن يرى البارون ساردانا » ولكن البارون كان قد اختى ولم 
يستطع إنسان معرفة مكان وجوده . وطلب أن يتحدث هاتفينًا إلى ميلان » وراح 
رك مسلسه يغضب » وهو يطلب إليهم مغادرة الغرفة ليجرى مكالمته . وانطلق 
زميله العقيد الدولامبريدى » وريكاردو موردينى قائد الحرس الرافق له » أثناء 
حديثه مع ميلان باتجاه دونجو » دون أن يثركا له أية رسالة . 


تم الوصول أخيراً إلى حل وسط . واتفق على أن يتسلم أوديسيو الفاشيين مقابل 
وصل يوقعه »ع كما اتفق على أن يأخل معه ما يشاء من وسائط النقل الى يحئاج إليها 
إلى دونجو » شريطة أن يرافقه إلبها ممثلان عن بخنة كومو للتحرير الوطى . وهكذا 
تأهب أوديسيو أخبيرا وى الساعة الثانية عشرة والريع لمغادرة كومو . وانضم إلى 
الركب فى اللحظة الآخيرة على أى حال » المقدم جيوفانى ديس من ضباط ' 
الخابرات الإيطالية » وكان الأمريكان قد طلبوا منه أن يعبر لم على موسوليى » 
ومعه عميل آخر للأمريكان يسمى « كارليتو ؛ . وكان صبر أوديسيو قد نفد ى 
هذه اللحظة وقرر أن لا يسمح لآية عقبة جديدة بأن ثقف فى طريقه وعندما 
توقفت السيارة الى كانت تقل « العميلين » الأمريكيين فى ضواحى البلدة لتترود . 
بالوقود » راح يمر بجانبهما مسرعاً ويأمرهما والمدفع الرشاش فى يده » بالهبوط من 
السيارة » فانصاعا لأمره الصارم متذمرين . 

وعندما تخلص على هذا النحو من رفيقيه اللذين لا يرغب فى رفقنهما راح 
أوديسيو يتبعه ممثلا الحنة كومو » يسير بسرعة ى طريق دونجو » وحصل ف الطريق 
على عربة كبيرة مغطاة » وراح يدخخل بها فى الساعة الثانية والدقيقة العاشرة ومعه 
حراسه » ميدان دونجو . 


1 

وظهم رجال المقاومة فى دونجو من الفاشيين الفارين ٠‏ أو رجالا يقومون ؟حاواة 
لإنقاذ من لديهم من المسجونين » فأطلقوا عليهم الثار : 

وصرخ أودبسيو بأعلى صونه وسط ايدان » ملوحا بيديه فوق رأسه . 
أنا قادم من القيادة العامة . من القائد هنا ؟ أرجو أن تجمعوى به فور . 

وجاءته رسالة بعد لأى اعتبرها فى متبى الحماقة . فقد ذكرت أن قائد 
المقاومة موجود فى دار البلدية ء وأنه إذا أراد العقيد أن يراه » ففى وسعه أن بمفى 
لرؤيته هناك . وفقد أوديسيو زمام السبطرة على أعصابه . وراح يصرخ غاضبآً » 
بأنه أصدر أمراً » وأنه يريد منهم أن ينفذوه . وراح يقطع الميدان إلى دار البلدية » 
حيط به حراسه » ونزل الكونت بيلليى السلم للقائه » قائلا إن قى وسع العقيد أن 
يلسخل » أما الحراس فيجب أن يظلوا فى الحارج . 

ووجد أوديسيو زميله ألدو لامبريدى فى مكتب الكونت بيلليى فى دار البلدية . 
فأمره بمغادرة المكان لأنه يريد التحدث إلى الكونت على انفراد . وكان الحديث 
بين الرجلين فاتراً ومفتفراً إلى الود » وإن كان أوديسيو قد تمكن أشيراً من إقناع 
بيلليى بأن تمثلى حنة التحرير الوطى فى كوم هما من المشتبيين بالفاشية . وبالرتم 
من أنه وافق على اعتقالهما » إلا أن بيلليى لم يوح لأوديسيو بأنه سيكون أكثر 
تعاوناً من بيرتينيالى » محافظ كومو . وكان عازماً على أن لا يدفع دفعاً إلى القيام 
بعمل قد يأسف له فى المستقبل » وروى أوديسيو فما بعد » أنه اضطر إلى الحديث 
بمنتبى الصراحة فى النهاية إلى قائد المقاومة الشاب . وروى أحجد رجال المقاومة ويدعى 
سورى جنيسى » وكانت شقيقته خليلة لبيلليى » أنه رأى العقيد الميلانى » يقدم 
إلى الكونت مظروفا أصفر اللون » فيه ورفة واحدة موقعة من عضو وإحد من أعضاء 
لحنة التحرير الوطبى لشمال إيطاليا » وقد كتبت فيها العبارة التالية . . . 5 يحول 
العقيد فاليريو » بأن ينقل إلى ميلان » مجرم الحرب © بنيتو موسوليى » . 
وعندما سمح لرفاق بيلليبى من رجال المقاومة ع بالعودة إلى الغرفة الى كان النقاش 
دائراً فيها » تخلى أودبسيو عن كل ادعاء وتظاهر » بعلن لم عزمه الحقيق 
قائلا . . . و جعت لأفتل موسولينى » والقادة الفاشيين ) . 


وروى بيللبى فيا يعد » أنه أصيب ورفاقه مما يشبه الذهول . واحتج الكونت 


41 
أخيراً بأن خدطه أوديسيو « شاذة للغاية » . وأضاف أنه اتفق فى ذلك الضباح مع 
لحنة التحرير الوطى فى كومو على نقل موسوليى وجميع الفاشيين إلى هناك . 
ثم راح يتساءل ... فها الذى تعنيه هذه اللعطة الحديدة بقتلهم جميعاً فى دونجو . 
وهو بوصفه القائد الى للمقاومة السرية » لا يستطيع السماح بذاك أبداً . واستمر 
النفاش حبى الساعة الثالثة بعد الظهر عندما فكر الكونت بعذر قد يتيح له بعض 
الوقت . إذ 1ا كان بعض السجناء الفاشيين فى بجيرماسيئو » فهو يقترح أن يذهب 
إلى هناك لإحضارهم . وكان واثقآً من أنه هو وحده ورفيقيه مبشيل موريى 
ولويجى كاتالى يعرفون فقط مكان موسوليى » وكان يعتقد أن أوديسيى أن يستطيع 
اكتشاف عنبئه أثناء المددة الى سيقضيها بعيداً عن دونجو . 
لكنه كان مخطتا . فقد كان موريتى وكانالى فى دار البلدية عندما غادرها » 
وكانا من غلاة الشبوعيين . وكان موريتى أيضاً » يعرف العقيد الآخر القادم من 
ميلان » وهو ألدو لامبريدى تمام المعرفة » إذ سيق لما أن ناضلا معا فى المافى . 
و نمض عشر دقائق على رحيل الكونت بيلاينى » حتى كان العقيدان أوديسيو 
ولامبريدى » يقودان سيارتهما بسرعة خارجين من دونجو . وكان ميشيل +وريى ؛ 
يجلس قى المقعد الأماتى » إلى -جانب السائق 2١7‏ . 


(1) لا ريب فى أن التاريخ اللاحق لهؤلاء الرجال © يلق أضواء كثيرة . فوولتر اوديسيو المسمى 
بر بالكولوزيل فالير يو ٠‏ . من الأعضاء البارزين ف الحزب الشيوعى ؛ وهو عضو فى مجلس النواب الإيطال . 
أما ألدو لامير يدى المسمى « جيدو»م: فا زال حياً؛ ولكنه رففس أن يتحدث عن أسداث ذلك اليوم 
الى أسفرت عن مقتل موسوليى . أما ميشيل موريى ويسبى « بيترو جاق » » فقد تضاربت الأقوال 
عن مصيره وذكر بعض الككتاب أنه مات كا ذكر البعض الآغر أنه يعيش فى الخارج حياة مرفهة + 
على حصة من غنيمة دونجو » ولكنه لا يزال يعيش فى الواقع سياة البساطة والفاقة ى ضواحى سيرنو بيو . 
وما زال الرجل عضو فى الحزب الشيوعى » ولكنه يرفض الحديث عن الموضوع . وعناك جيسيى فرانجى 
المسمى « ليئو ن ؛ وقد تحدث إلى عدد من الناس » بعد موت موسوليى ثم مات هو ميتة غامضة فى الفاس 
من مايو عام ١504‏ . وباث مثل هله الميتة الغامفية كثير ون من الذين اشتركوا فى أحداث ذلك اليوم . 
و الولف » 


/ا 
الوفاة ى دارة بيدمونبى 
8 أبريل ه44١1‏ 
ه ليس ثمة من يستطيع تحلى القدر مرتين » ويمويت كل 
إنسان الميتة الى تتفق مم شخصيته » . 
١‏ 


كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة بقليل » عندما قطع حبل الصمت اهم 
على غرفة النوم ف مزرعة دى هاريا » صوت خطوات عجلى تذرع ساحة الدار 
فى الخارج. واقتح المنزل رجل طويل القامة » يرتدى معطفاً بنينًا واقياً من المطر ع 
ليصعد الدرج مسرعاً . وسرعان ما دفع باب غرفة النوم » واندفع الرجل إلى 
الداخل . 

وفوجئ موسوليى بالرجل يقول له . . . « هيا » جنث لإنقاذك ٠»‏ . 

ورد موسوليى بسخرية واضحة » مغتصباً لأول مرة فى ذلك اليوم ابتسامة 
هازئة » وهو يتطلع إلى الرجل الطويل النحيل » الذى يحمل المدفع الرشاش ى 
مه ون ]1 ! يا أك من رجل كر م !0 

وبنأله أوديسيو : هل أنت مسلح ! ؟ 

جه . 

وابتعد أوديسيو بنظره عنه » وتطلع إلى كلاريتا الى كانت لا تزال مستلقية 
على السرير » وقد أزاحث بوجهها إلى الحائط ... . وقال لها الرجل . . . ١‏ وهنا أنت 
أيضاً . أمرعى . أسرعى . . . ؛ ْ 

وخحرجت من السرير » وشرعت تبحث عن شىء بين الملابس . 

وسأهًا أوديسيو غاضباً : دعم تبحثين ؟ 0 

-ايحث عن لباسى . 

لا تضيعى الوقت بالبحث عنه . هيا , 

4 


44١ 
' التقفطت‎ ٠ وتركت الفراش . وبيها كان موسوليى يرتدى سيرته العسكرية‎ 
بيدها حقيبتها » وحفيبة أخرى على شكل دلو . وسأل موسولينى منقذه المزعوم عن‎ 
» ولده فيتوريو » فأجابه بأنه قد أنقل أيضاً . وسأل عن زيربيةو وميزاسوما ومكانهما‎ 
: فقال: آمويسيق + إلنا تبعث عنيها أنفيا‎ 
. ور أوديسيو » أن موسوليبى صدرت عنه تنهيدة تحمل طايع الارتياح‎ 
هيا ؛ وراح يدفعهما على السلم » فى طفته‎ ٠ وسمضى الرجل يقول ... هيا‎ 
للخلاص من المنزل . اه‎ 
ورأنجم ليا دى ماريا من النافذة » وه يبتعدون إلى الطريق » فرسمت إشارة‎ 
إذ أنها أحبت تلك المرأة » كما أحيها الصيادان الخارسان‎ ٠ الصليب على صدرها‎ 
» أيضاً » وأعجبت بشجاعتها . وعادت السيدة إلى الغرفة وراحث تعد السرير‎ 
فوجدت آثار الدموع على وسائده وعلى ملاءاته النظيفة الى كانت قد وضعها فى‎ 
. الليلة الفاثتة‎ 
) وم تكن كلاريتا تبكى الآن » ولكن عينيها كانتا حمراوين » وتورم جفناها‎ 
. وأمسكت بذراع مسوليى بقرة » وهى تتعثر فى خطاها » فى الطريق الضيق‎ 
أحدهما من‎ ٠ من جراء كعب حذائها العالى » حاملة حقيبتيها » مع معطفين‎ 
. الغراء ؛ والآخر من وبر الحمال على ذراعها . لكنه لم يكن قادراً الآن على إسنادها‎ 
وتعبر فى مشيته أيضا فى الدرب الضيق » ومد ذراعه إلى الخدار يستند إليه » وحاولت‎ 
. #إهى أن تساعده » فدفعها عنه غاضباً » كنا يقعل المشلول » إذا أراد أنحد مساعدته‎ 
. ولم ينبس أحدهما ببنت شفه‎ 
وبشى بهم دليلهم إلى القرية » وعندما كانوا بمرون ى ساحتّها » كانت هناك‎ 
ثلاث من النسوة يغسلن ملابسون ويضربها بعنف على صخرة الغسيل . فتطلعن إلى‎ 
الجماعة الصغيرة . وكان فلاح عجوز » يببط سفح الحبل وقد حمل سلة على‎ 
ظهره » بيها كانت هناك امرأة تدلف على الطريق » ومعها طفل صغير . كان‎ 
. وكان المطر قد القطع‎  ًاثداه‎ 
» واستذاروا نحو الشمال من الساحة » م ساروا تحت قوس إلى الشارع ا معيك‎ 
حيث كانت السيارة فى الانتظار . وكانت السيدة روزيتا بارباريتا » تقود كليبها‎ 


14:7 
فى مسيرة ٠»‏ وعندما وصلت إلى السيارة » مضت نحوها لتتحدث إلى سائقها 
المسمى جيميئازا . وكان الرجل حاد الطبع ؛ وغير راغب فى الحديث إذ صدرت 
إلبه الأوامر بأن يكون حذراً كل الحذر . وكانوا قد قالوا له . . . « سترى عما قريب 
أناساً لا بد أن تعرفهم وتتميزم . ولكن عليك أن تنساهم فوراً . أما إذا لم تنسهم » 

فإنلك لا تكون بذاك قد فقدت ذاكرتك فقط يل حيائلك أيضاً » . 

وعندما فارقته السيدة بارباريتا » صادفت ق طريقها -جماعة من الناس: 
متجهين إلبها . وقال الرجل ذو المعطف البى : « أبعدى . أبعدى» . وهكذا تراجعت 
بسرعة من طريقهم . وخيل إليها أمهم يتناقشون مناقشة حادة» وإن لم تستطع فهم 
ما يقولونه . ورأت امرأة تضم بذراعيها عنق رجل عجوز يدفعونه دفعآ وبخشونة 
إلى السيارة .. 

واتجهت السيارة فى طريق القرية لتستدير فى اتجاهها فى ساحها العامة » 
وعندما عادت السيارة ومرت بها » تبينت السيدة بارباريتا فى الرجل العجوز وجه 
موسوليى . وكان هو وكلاريتا وحيدين مع السائق فى داشخل السيارة » أما يجل 
المعطف فقد جلس فوق دولاب السيارة يما جلس الريجلان الآخران على عقدمها . 
وعندما تحركت السيارة ببطء صاعدة اخبل » راح الحارسان الصيادان » كانتوق 
وفرانجى يركضان خلفها . 

وكان فى وسع السائق جيمينازا أن يرى الأسيرين فى مراة سيارته . وكان فى 
وسعه أيضاً أن يرى الحارسين الراكضين خلف سيارته . . . وقال بعد سنوات . . 
كانت كلاريتا تلتصق بوسوليبى ٠»‏ ويكاد رأساهما يتلاصقان . وكان «وسوليى 
شاحب الوجه بها كانت كلاريتا هادئة كل الحدوء . وبدا لى أنه لم تظهر عليها 
أبة علام الحوف.. . . ووقفنا عند مدخل دارة بيدمونى 6 . 


5 


كانت دارة كبيرة 6 تقف وراء سور غال يفصلها عن الطريق . وكانت 
هناك عائلتان من الذين جلوا عن أماكهم الأصلية » تعيشان فيها » ففيها بيرناردو 


ل 

ا 

ٌ ا 
3 


01 


1 
بيللبى المهندس وزوجته ء ورينالدو أوبيزى وزوجته أمنيتا وطفلتاهما ليليا وبيانكا . 
وعندما وقفت سيارة أوديسيو نخارج بوابة الدارة الحديدية ء كانت السيدة بيلايى 
تجلس على شرفة الدارة متطلعة إلى البحيرة أمامها . وكان زوجها داخخل البيت 
يستمع إلى الإذاعة مع ربنالدو أوبيزى . وى الحديقة كانت ليليا تقرأ فى 'كتاب 
تحمله بها كانت خادمة بيلليى » جوسيبينا كوردازو » تعمل فى تعشيب أحد 
أحواض الزهور . وسرعان ما سمعتا صرتاً يصرخ .. . ادخلا . . . ادخلا إلى 
البيت . 

ورأت تيريزا بيللبى ؛ رجلا ضخ, المسم يحرج من السيارة وهو يضع عل 
رأسه ها تصورت طاقية سوداء » ويحمل طرف سثرته فى يده . وتقول إنه بدا لا 
فى صورة و أحد أبناء الحبال » بسك طرف نخرجه » . 

وأمر أوديسيو كلاريتا بأن تخرج من السيارة وراء موسوليى . ورآه السائق 
وهو يصوب مدفعه الرشاش إليهما ويتمتم ببضع كلمات . واعتقد السائق أنه 
كان يرد أمراً صدر إليه بإعدامهما » لكنه لم يتأكد من ذلك » لأن كل شىء 
حدث ف سرعة عجيبة . ووقف موسوليى سجامدا لا يتحرك » بها فقدت كلاريتا 
زمام السيطرة على أعصابها ولفت موسوليى بذراعيها : وهى تقفز هنا وهناك صارخة .. 
دلا . لا تفعل ذلك . عليك أن لا تفعله » . 

رقال العقيد بصبوت وصفه السائق بأنه كان وجافًا وشديد العصبية #: . 
دعبه وشأنه » وإلا قتلت معه » واكن كلاريتا لم تأبه بما قاله » وظلت تقفز بجذون 
وهى تتعلق بوسولينى . وأطلق أوديسيو الزناد » وهجمت كلاريتا عليه تمسلك بفوهة 
المدفع الرشاش بيديها وهى تصرخ . . 3 ليس فى وسعاث أن تقتلناعلى هذا النحوه . 

وأطلق أوديسيو النار مرة ثانية . ورأى السائق العرق يتصبب من جبينه . 

وأطلق الزناد للمرة الثالثة » ولكنه لم ينطلق ؛ فائتضى مسدسه من جربه » فلم ينطلق 
أيضاً فهتف بموريى صارخا . . . «أعطى مدفعلك ‏ . وأعطاه موريى مدقعه 
الرشاش الفرنسبى الصنع » وصوبه أوديسيو على موسولرى الذى واجهه بكل هدو 
بمسكا بطوف سترته وقال . . . «أطلق النار على صلارى © . وسمم السائق هذه 
العبارة بوضوح » فقد كانت آيخر عبارة صدرت. عن موسوليى . 


م 


قتلت الطلقة الأولى الى صدرت عن مدفع موريى كلاريتا » الى هوت 
إلى الأرض » لا تحير حرا كا . وأصابت الثانية موسوليى الذى تراجع إلى سور 
الدارة الحجرى » حيث هوى ببطء إلى الأرض بعد أن عجزت ساقاه عن حمله . 
ولم تقتله الإصابة » فقد ظل يتنفس ننفسا ثقيلا . وتقدم أودبسيو منه فأطلق النار 
من جديد على صدره » واختلجت الروح فى جسد موسوليى بعنف ثم هدأت . 
وتطلع إليه أوديسرو صامتا لحظة ثم قال اسائق ... «انظر إلى تعابير وجهه : 
ألا ترى أنْها تناسيه » . 


وتقدم موريى مهما وأشار إلى جيمينازا وكأنه يقول ... ولا يمكن دفعم 
محوادث القضاء والقدر » . وقدم أوديسيو إليبما سيجارتين » فتناول السائق إحداهماء 
وإن لم يكن قد ألف التدحين من قبل . كان يحس برعب شديد وتصور أن 
التدضين سبيدئٌ من ثائرته . مساعد الرجلين فى التقاط الحخراطيش الفارغة من 
الطريق » ثم استقل السيارة » ليقود العقيدين وميشيل موريى ف الطريق إلى دونجو. 
وظل الصبادان يحرسان الحثتين . وكانت الساعة الرابعة والدقيقة العشرين . 

وقد وقع كل هذا فى أقل من دقيقة . ولم تكد السيارة تمضى فى طريقها » 
حى دوى هزم الرعد » ثم امبمر المطر بشدة : 

ومع سكان الدارة أصوات الطلقات النارية » وعددها عشر طلقات » 
لكن السور المرتفع حال بيهم وبين رؤية ما وقع . ونظاهرت الخادمة جيوسيبينا ؛ 
برغيتها فى التقاط بعض الأزاهير » وراحث تختلس النظر » عبر الباب » ولكن | 
صوناً » صرخ بها قائلا . . . و أبعدى . أبعدى » » فابتعدت دون أن ترى شبثاً . 


وعاد جيمينازا بسيارته إلى المكان من دونجو : حيث كان أوديسيو ل أشرف 


ظ1ظ 


على إعدام خهمسة عشر رجلا من الذين اعتقلوا فى موسو( . وحمل جثى موسوليى 
وكلاريتا فى المقعد المحلى ثم مضى بسيارته تحت المطر المبمر إلى الطريق الرئيسى 
الممتد إلى أوزانو . وكانت السيارة الكبيرة تنتظر هناك لنقل ابلشتين إلى ميلان ؛ 
وسرعان ما قذف ببما فوق ابلشث الأخرى ٠‏ 


» كان اللمسة عشر الذين ثم إعدامهم .. . ماسيلو بيتاتثى » وفيرئائدو ميزاسوها‎ )١( 
ونيقولا بوبباكى »؛ واليساندرو بافوليى ©» وباولو زيربينو ( وزير الداخلية ) :ء وروجيرو رومائو‎ 
, وزير الأشغال المامة) واوجستو ليفيراف ( وزير المواصلات) وباولو بورتا ( مفعش المزب الفاثى فى‎ ( 
٠ لوببارديا) » ولويجى جاق ( سكرتير موسوليى) وألفريدو كوبولو ( رئيس معهد الثقافة الفاشية)‎ 
» وأيرنستو داكواثو ( مدير وكالة ستيفافى للأنباء) وماريو لودى ( رئيس اتساد المزارعين الفاشيين)‎ 
والعقيد فيتو "كاساليئوفو و بيترو سالوسرى ( ضايط برتبة ثقيب فى السلاج الحو ) وهينترماير ( من رجال‎ 
. الإعلام)‎ 

م المؤلف و 


18 


ميدان لوريتو 
9 أبريل ه94١‏ 


: أريد أن تكتبوا على قبرى . . . هنا يرقد واحد من أكثر 
الحيوانات الى ظهرث عل وجه البميطة ذكاء ع 


وقفت سيارة نقل الأو فى الساعات المبكرة من صباح التاسع والعشرين من 
أبريل عام 1948 » بعد أن اجتازت عدة حواجز طرق أمريكية » أمام مرأب 
( كاراج) » لم يكتمل بناؤه » فى ميدان لوريتو البحرى » -حيث كان الأللان قد 
أعدموا خمسة عشر من الرهائن قبل نحى من تسعة شهور . وكان اليوم من أيام 
الاحاد . وأرجت الحثث من السيارة ء وألقيت على الأرض فى شكل مضطرب 
حى الفجر ؛ عندما قام أحد المارة» بترتييها ى شكل منظى . وقد وضع هذا البجل 
جثة موسوليى على بعد من الحثث الأخرى وألى برأسه على صدر كلاريتا . وجاء 
شابان » فراحا يركلان موسولييى بأقدامهما بمننهى القسوة . وعندما خلفاه فى كانه » 
كان وجهه تقد تبدل ونبشم . وكان فه مفتوحاً وانفرجت شفته العليا عن أسنانه 
وكأنه يريد أن يخطب . ووضع أحد المارة عصى فى يده » لف أصابعه حيها . 

وعندما .حلت الساعة التاسعة » كان حشد غفير من الئاس » قد تحلق حول 
الحشث » وكان أفراده يصرخحون ويقفزون » لآن كل ميم يريك أن يرى المنظر 
أمامه . وكان بعضهم يشم ويلعن » والبعض الآخر يطلق النار من المسدسات 
والبنادق على الحشث » بيها كان البعض الثالث يتطلع واجماً » وقد ظهر على نفر 
مهم الرضى » وعلى البعض الآخر الاشمئزاز المصحوب بالإشفاق . ووقف بعض 
لناس يضحكون ضحكا هستيرينًا . وأطلقت منيدة خس طلقات من مسدمها على 
جثة موسولييى ١‏ لتثأر لأولادها الحمسة القتلى » . وارتفع عدد النظارة » وزكائر 
الازدحام والتدافع ع حبى إن الواقفين فى المقدمة » دفعوا دفعاً فرق الحدث » 
مما اضطر حراس الحثث من رجال المقاومة السرية إلى إطلاق اثثار قوق الرؤوس 


امال 


44/ 

إرهاباً » لإبعاد الناس عنها » وإلى تصويب خراطم المياه إليهم » لتفريقهم . 

وهئف رجل ضخ الحثة من رجال المقاومة » وقد انتشر الدم على ذراعيه 
العاريتين صارخا بالناس . . . « من الذى تريدون رؤيته » . 

ورد رجل من النظارة . . . بافوليبى . . . وقال آخير 3 بومباكى 8 » وارتفعت 
أصوات عدة . . . « موسولينى . بيتاتشى . . . بوفاريى -جيدى » . وكان الربجل 
يرفع كل واحد مهم بدوره » وقد وضع يديه تحت ذراعى الحثة رافعاً إياها فوق 
الرؤوس . 


وصرحت الجماهير . . . ارفعها أيضاً . . . ارفعها . . . فنحن لا نرى . . . 

وانطلق صوت يمول بلهجة آمرة . . . علقوا الحشث . 

وسرعان ما جىء بالخبال» وشددت حول معاصم الحثث . وارتفعت جثة موسولربى 
أولا من رجليها » وشدت إلى سقف المأب ؛ وقد تدلى رأسه إلى الأرض . كان 
رجهه ملطخاً بالدم » وفه لا يزال مفتوحا . وهتفت احماهير هتافات مجنونة » 
وبصق الواقفون فى الطليعة على احثة » كا أخذ بعضبم يقذفها بكل ما يصل إلى 
متناول بده من قاذورات . وقد - أخيل سترائى على الوقوف فى سيارة شاحنة 
يشهد هذا المنظر ء ثم جر جرًا إلى جدار .حيث أطلقت النار عليه » ورفعت جنته 
لتلى فوق كومة الحشث فى انتظار دورها لترفع وتعرض على النظارة . 

ورفعت جثة كلارينا بيتاتشئى » بعد جثة موسوليى . وزعقت بعض النسوة » 
وسرعان ما خم صمت غريب على الميدان » استمر بضع ثوان ؛ بعد ثعليق 
الحثث . أجل فقد توقف الصراخ والمتااف »: وهدأت الوجوه المتطلعة » وساد المكان » 
كا روى أحد المشاهدين» وجوم غريب » فيه جمود » وفيه توقع » وكأن الجميع 
يعيشون فى حلم لابد من إفاقتهم منه ليروا العالم وقد تبدل . وبدا وكأننا كلنا » 
قد اشتركنا لبضع ثوان فى إدراك حقبقة واحدة » وهى أن الدوتشى مات أخيراً ) 
وأنه ذبح دون محا كمة . ومرت بنا لحظات ٠‏ خيل إلينا فيها أن علينا أن نوفر جحمانه » 
مظاهر التكرم الى تليق بالأبطال » والصلوات الى ستحقها القديسون بدلا من 
الإهانات والشنائم . 

لكن هذه الخالة النفسية سرعان ما تبدلت . فقد هوى ثوب كلاريئا بعد 


1 
تعليقها من رجلبها » وتكشف فخذاها العاريان »: وتقدمت إحدى النساء وقد 
وقفت على صندوق من اللحشب تمزق ببديها لباسها ء فارتفع صراخ الجماهير 
وزثيرها . وتقدم رجل من الحثة ودس فيبا ببشاعة ء عصى يحملها فى يده » فراحت 
تتحرك وندور وتلتوهى ؛ وكأنها تضم عشيقاً . واكن وجه كلاريتا لم يكن جامداً » 
فقد أخل الرجال يجماها الذى لم تحجبه الدماء . وكانت عيئناها قد أغمضتا » 
وبدت هادثة , . . وناعمة . . . وكأن البسمة على وجهها . 

أما ملامح موسوليق المعذبة فلم تتكشف عن مثل هذا الرضى . وخيل إلى 
بعض الناس أنهم رأوا حول شفتيه المتورمتين ء وف عينيه الحامدتين نظرة يأس 
وقنوط . لكن الآخرين لم يروا فيه إلا صورة مرعية لوجه لطلخته الوحول والدعاء . 


المصادر 


مصادر عامة : 

تعتبر الدراسة الى أعدها جيورجيو بينى ودويليو سوسمبيل » تحت عنوان 
« موسولييى ٠‏ الرجل والعمل » والتى تقع فى أربعة يجلدات ٠‏ أكثر الدراسات 
شمولا عن حياة موسوليى » وقد عبرت فيها على معلومات قيمة عن حياته فى 
جرجنانو . 

وهناك دراسة حديثة أخرى تقع فى مجلدين أعدها مينوكاودانا تحت عنوان 
«ابن الحداد» » ولكنها لا تضيف شيئاً ذا أهمية على المؤلف السايق ٠‏ كما أنبا 
تفتفر إلى الدقة » وإن تضمنت تفصيلات لم أجدها ى مكان آآخر . 

وهنالك كتاب « موسوليبى ‏ حياته الشخصية » لباواومونيللى » ويعتبر أحسن 
تلخيص لحباته كتب حبى الآن . وقد روى المؤلف وهو صصق بير : ها سمعه 
من كثيرين قابلهم عن حياة موسوليبى . 

أما كتاب « موسوليى » لريشارد ويشترينج » فصورة معبرة للرجل كا يراها . 
رجل ألمانى . وهناك كتاب « موسولينى ؛ دورج رد » وهو أحدث ما كتب عن 
حياته » ويعتبر دراسة تفصيلية وإن تضمن نفسيرات غامضة لبعض الحقائق . 

ولا يعتبر كتاب « حيانى ) الذى وضعه موسولبى نفسه مهسا إلا كرثيقة نفسية . 
وهناك كتاب إميل لودفيج « أحاديث مع موسولينى 6 وقد سجل فيه عدة مقابلات 
وأحاديث مهمة أجراها معه . 

ومن أحسن الكتب الأولى الى وضعت عن موسولينى كتاب « حياة بنيتو 
موسوليى 6 لرجريتا سارفاق » الى عرفته معرفة وثيقة » وظلت تعجب به إعجاباً 
عرق حبى استأثرت كلاريتا بيتاتشى بكل اهيامه . 

ولعل خير: ما كتب كدراسة علمية عن الفاشية الكتاب الذى وضعه أويجى 
سالفاتوريللى وجروفانى ميرا بعنوان « تاريخ إيطاليا ى اللحقبة الفاشية ) . وهناك 'كتاب 
ذ إيطاليا ٠‏ للإلفه دنيس مالك سميث , 


145 


46١ 


مصادر القسى الأول 1 

١‏ كتاب ١‏ موسوليى فى طريق التكوين » لحودينز ميجارو » ويروى حياته 
فى سويسرا وترينتينو . . وقد دحض فيه بعناية ودقة كثيراً من الروايات الى 
أوردها مؤرخو حياته فى عهد الفاشية » كما ضمنه بعض الكتابات الى كان 
موسوليى يؤثر لو لم تنشر . 

؟ ‏ كتاب « ححياق كشائرة ؛ لإنجيليكا بالابانوف » وقد روت فيه الكثير عن 
حياة موسولبى وسلوكه فى ميلان . 

9 كتاب « حياى مع موسوليى » لراشيل موسوليى » وهو كتاب يفتقر إللى 
الدقة رغم طرافته . 

؛ -. كتاب « أحاديث مع راشيل موسوليى » لبروذو داجوستيى . 

كتاب « موبى يقتحم السلطان) حيلدو دورسو » وهو من أحمسن 
ما كتب عن الفثرة بين عانى 19418 و 19478 . 

5" كتب عدة منها 9 تاريخ الثورة الفاشية لشيروكوء و « حقبة موسوليى ») 
لسيزارى روبى و ١‏ موسولينى وعهده» لإدواردو سرسميل و «أصولٍ الفاشية ) 
لألتارى » وديرميات بالبو: . 

لا كتاب «هاتيوّي - وموسوليى والأساة الإيطالية » لكارلو سيلفسترى » 
وكتاب : الفاشية وأعداؤها » ليدوليتو . 

م كتاب « تطور إيطاليا الحديثة ؛ لسيسيل سبريج » وكتاب « الذواحى 
العاللية للفاشية » حى . اسى . بارنز » وكتاب «١‏ قصة الفاشية ؛ لفارينائشى ؛ وكتاب 
ذ مدرسة الديكتانورين » لايجنازيو سيلؤى . 


مصادر القسم الثالى : 
١‏ -يوميات تشيانو . 
؟ -وائق إيطاليا الدبلوماتية . 


461 


جو 


- 2 إيطاليا فى برلين » لماجيسرانى . 

4 - «سفارة إيطاليا فى برلين » لسيموتي . 

. بين قصر البندقية وبحيرة جاردا ) لانفوسو‎ ١ 
. و الديكتائوران وجهاً ليجه ؛ لالفيرى‎ 


رن 


ع 
ا وبين هتلر وموسوليى » لستار هيمبرج . 
م -«من فرساى إلى نورمبرج ؛ لبول شميدت . 
١ -‏ دبلومائية موسوليى »© حيتانو سالفيميى 

:. موسوليى وأوربا » لماريو دونوسى‎ « ٠ 

. و سياسة إيطاليا الحارجية فى عهد موسوليى » للويجى فيلارى‎ ١ 

2-5 محور برلين رومة  »‏ لإليزابيث وتسليات . 

. وهتلر ؛ لألان يولوك‎ - ١ 

5 -« تاريخ ألمانيا المتلرية ؛ لويليام شيرار . 

ها وجذور الحرب العالمية الثانية » لتيلور . 

. لأندريه فرانسوا بونسيه‎ ٠ ذكريات سفار فى برلين‎ ١ - ١ 

. كتب ونستون تشرشل واللورد فانسيتارت وداف كوير عن الحرب الثانية‎ - ١ 
2 2. تشمبرلين » حياته ؛ لكيث فيلنيبج‎ «١ 

3 ماذا تعمل بإيطاليا ٠‏ لحيتانو سالفيمينى وجورج لابيانا . 

. و محا قمة موسوليى 6 لمايكل فوت‎ ٠٠ 

. إيطاليا والحرب العالمية الثانية » لبادوليو‎ (5١ 

- 0 رجل واحد 4 لا كارت . 


مصادر القسم النالث : 

. -ويوميات عن الحرب » لكيرينوار ميللبى‎ ١ 
. (جرازيانى قال لى 4 لإميليو كانيفاريى‎  ؟‎ 
. ومذكرات سرية؛ لكارب‎ 8 
. «القيادة العليا ) لأوجو كافاليرو‎ 


6 

5 مذ كرات كيسارفج . 

5 - ف( حليفنا موسوليى »0 لفون رينيتيلين . 

لا وعدة ملايين من الحراب » لماريو رواثا . 

م ١‏ كسل الأسطول »؛ لأنطونيو تريزينق . 

5 حاوحقاق عن الرطن تت بلرازياق.: 

٠‏ 0 ذكريات رفاق موسولييى : لكونيتو نافار. 
١-يوميات‏ كلاريتا بيتاتثى . 

. قصة عامين لاتيليوتامارد‎ - ١١ 

. ف مهمة الحامس والعشرين من يولوو : لكاسينيالى‎ - ١ 
. ذكريات سرية ؛ لكاربى‎ ١ 14 

. «الملكية والفاشية ) لفيانا‎ ١ 

١5‏ « الشرفة الحالية » لبييرو سابورييى 

7 3 قصة سلة 4 الموسولينى . 

4- «ريمة ؛ لانيللى . 

4 - 3 موسولييى » - الشفق والمغيب لرومان دومبر ويسكى 
«٠٠‏ قصة الحمهورية الإيطالية » لايدمويدو سوق 

. جمهورية موسوليى لفيليس بيلوق‎ - ١ 

0٠١ 3-5‏ يوم من حكم موسوليى ؛ لايرماذى اميكوكى . 
!ا ومع موسوليى : فى مأساته » بليوفانى دولفين 
4 - ! اعيرافات موسوليى » حورج زاخاريا . 
(رممة النازية ٠‏ ليوحبن دوئان . 

سفير لطتلر فى فيشى وسالو » لرودلف ران . 
/1؟ ١‏ الحقيقة عن محا كمة فيرونا » لدومينكو ما ير . 
١-8‏ مرسولييى فى محاكة فيرونا » لرونز ومونتانو . 
148 قصة المقاومة السرية » للجنرال كادورنا . 


ءا 


٠ تحرير إبطاليا ؛ للويجى فيلارى‎ ١ ٠ 

(١‏ أخى موسوليى 6 لايدفبيج موسوليى 

؟" ‏ ف الحياة مع والدى» لفيتوريى موسوليى . 

سم # و الرحلة الأخيرة لبنيتو موسوليى وكلاريتا بيتاتثشى » لستوريكوس < 


فهرست الكتاب 


تقدمة المعرب 


مقدعة . ا 
القسم الأول - الصراع من أجل السلطان 1 

١بالثائر‏ الشاب (5؟ يوليو “188 - ديسمير )1١9117‏ . 
؟ - الداعية إلى التدخل ( أكتوبر 191 - ؟5؟ مايو 1918) . 
« الفاشى فى دو رالتكوين( أغسطس9415١-8؟‏ أكتوبر74؟9١)‏ 
رئيس الحكومة (78 أكتوبر ١9171‏ "1 يناير1974) 
ه -الديكتاتور ( 1 يولير 19574 - ٠١‏ يوليو .)1١9449‏ 


القسم الثانى ‏ الإمبراطورية والخور . 1 
١‏ بالدبلوماق ( ١8‏ أكتوير ١917‏ ب ٠١‏ رونيو +194) 
؟ #القائد الأعلى ٠١(‏ يونيو 1944٠‏ ” أكتوبر 1947) 

القسم الثالث ‏ سةوط العملاق 27 

الحرب تسير سيراً سيثاً ( 78 أكتوبر 447١لا‏ يناير "41 19) 

المتآمرون ( نرقبر 19141- 74 يوليو 1947) 

اجماع المجلس الأعلى ( 36-74 يوليو 1911) 

الاعتقال ىقصر سافويى ( 5؟ يوليو 194147) 

السجين ( 5؟ يولدو ”194 --8؟ أغسطس 1914) 

5 على الصخرة العظيمة ( 78 أغسطس ١944#‏ 

: : : ) 9414" سبتمر‎ ١١ 
. )194157 الإنقاذ من الصخرة العظيمة ( ؟١١ سبتمبر‎ - 


- هقابلة فى مقر قيادة الفوهرر ( ١5‏ سبتمير )١9517‏ 
غ4 


جرلا .- جحس ١‏ لجسا اليم 


اسن 


15١ 
١/ 
حل‎ 
ه:‎ 
لذن‎ 
5 
نذا‎ 
٠5 
م‎ 
لحل‎ 


1" 
16" 
وفرفا 
44" 
7 
8 


هءوب 


17" 
خض 


8 رئيس الحتمهورية فى جرجنانو ( لاا سبمتير “148517 ل 
لا" سبمتبر 195854) 

07 الحرب الأهلية ( توقين 1444 ديسمبر‎ ٠ 

١‏ رئيس الحمهورية فى جرجنانو - الأشهر د ( ديسمبر 
65 - أبريل 1948) . 

-الألمان يسسلمون ( من فبراير - 57 ) 

)1518 الانتقال إلى ميلان ( من 14 إلى «؟ أبريل‎ ١ 

ا ل ل 

الاعتقال ( ا؟ أبريل 1948) . 

5 الكولزيل فاليريو: (من ١‏ 78 أبريل 1448) 

1 الوفاة فى دارة بيدموننى (588 أبريل )1١914©‏ 

)1942 ميدان لوريتو ( 59 أبريل‎ - ١ 

المصادر 


فهرست الكتاب 


2 


دهم 


ا 


ابابا 
باجا 
دض 
هه 
١‏ 
نرف 
5 
4 
ان 


َم طبع هذا الكتاب 
على مطابع دار المعايف اللصر 





١ر15 فلس ى الكويت‎ 6١ 
سل 186 مليسات فى توس 0 م6‎ 
فرفكات فى الحزائر ارم‎ 17٠١ مليما ييا والسودان‎ ٠